لعلنا لا نجانب الصواب حين القول: إن القوى السياسية والثقافية في الأمة ليست نبتاً شيطانيًّا، حتى تتوجَّه كل الجهود لاستئصالها والقضاء عليها، وإنما هي تعبيرات مجتمعية متعددة تُعبِّر عن واقع الحال، وهي جزء أساسي من حركة التاريخ والمجتمع.
والانحراف في ممارسة السلطة، وتغوُّل إجراءاتها الاستبدادية، واستمرار سياسة إقصاء وتهميش المجتمع عن الشؤون العامة، هو قاعدة للكثير من الآثار السيئة التي يعيشها المجال الإسلامي في المجالات كافة، وسيبقى هذا الانحراف مستمراً وبعيداً عن الحياة النوعية. وهذا بطبيعة الحال يقودنا إلى القول: إن الخطوة الأولى لتحجيم انحراف السلطة وتغوُّلها، هو انطلاق المجتمع في بناء نفسه وتقوية بنيته التحتية وسد الثغرات في جسمه، حتى يتسنى له أن يتساوى مع السلطة في الوزن والقوة والمبادرة.
وفي هذا السياق تأتي الكلمة الأولى لهذا العدد، التي كتبها الأستاذ حسن حمادة بعنوان: (ثقافة الكراهية)، وهي تستهدف تنقية الفضاء الاجتماعي والثقافي من ثقافة الكراهية ومتوالياتها المختلفة؛ لأن الكراهية بكل مستوياتها تُدمِّر الاستقرار الاجتماعي، وتُفكِّك أواصر العلاقة الإيجابية بين مختلف المكونات والتعبيرات.
أما دراسات العدد فجاءت متنوعة، وتناقش تجارب فكرية لبعض الإعلام.. فيشاركنا في هذا العدد الأستاذ علي صديقي بدراسة عن المفكر الراحل المسيري بعنوان: (مفهوم التحيُّز عند عبد الوهاب المسيري)، وتشاركنا الأستاذة زهراء عاشور بدراسة بعنوان: (الإعلام العربي في ظل العولمة.. تحديات التكنولوجيا والاستشراق الجديد)، والأستاذة سعدية بن دنيا بدراسة بعنوان: (الحداثة وما بعد الحداثة والقيم السياسية الأخلاقية الإسلامية)، وغيرها من الدراسات والأبحاث، التي توزَّعت على أبواب المجلة المختلفة.
ونأمل أن تساهم مواد هذا العدد بإضافة معرفية جديدة..
والله الموفق