شعار الموقع

إبستيمولوجيا التاريخ ومدرسة الحوليات

احمد عطار 2019-05-18
عدد القراءات « 4292 »

إبستيمولوجيا التاريخ ومدرسة الحوليات

 

الدكتور أحمد عطار*

* مخبر الفينومينولوجيا - جامعة تلمسان، الجزائر.

 

 

تمهيد

يتوخّى هذا البحث عرضًا تعليميًّا لماهية مدرسة الحوليات والإبستمولوجيا التاريخية، مع تحليل لأهم المحطات التي مرت بها، والتيارات التي شكّلتها والأعلام المؤسسين لها، منذ تأسيسها العلمي سنة 1900 إلى اليوم. عرض عملنا أهم القضايا التي طرحتها بما في ذلك تصورها للتاريخ والكتابة التاريخية ومهمة المؤرخ (الإسطوغرافيا) (L’historiographie)[1].

مع عرض موجز للانتقادات الموجهة إليها، والتركيز على الانتفاع بالمكتسبات المنهجية لمدرسة التاريخ الجديد، «فمعروف أن الدراسات التاريخية في فرنسا مرت بثورتين منهجيتين: الاولى بعد هزيمة 1870 حيث تأسست سنة 1876م المجلة التاريخية، أما الثورة الثانية فقد قام بها لوسين فيفر ومارك بلوك»[2]، فكانت ثورة تتسم بانفتاح التاريخ على العلوم الاجتماعية التي كان لها الدور البارز في ظهور ما يسمى مدرسة الحوليات.

ويمكن تحديد هذه العلوم في المعارف التالية: الجغرافيا بالدرجة الأولى ثم علم الاقتصاد والديمغرافيا وعلم الاجتماع، والمبادرة الأبرز[3] لهذا التلاقح كانت مع الفيلسوف الفرنسي هنري بير[4] (Henri Berr) (1862-1954م) الذي أظهره في مجلة التركيب التاريخي[5] التي بقيت لمدة طويلة خارج الجامعة مما حتم في الأخير تحوير اسمها وإدخالها إلى حيز المجلات الأكاديمية الجامعية، لكنها لم تغير في منهجها القاضي بفتح المعرفة التاريخية على كل علوم الإنسان.

أصبحت المجلة تحمل اسم مجلة الحوليات، لكن قبل الاطلاع على فحوى هذه المجلة علينا أولًا طرح سؤال: ما هي مدرسة الحوليات، وما هي الكتابة التاريخية الجديدة التي أبدعتها؟

أولًا: مدرسة الحوليات.. مشهدان في التطور

لا يمكن التعمق في فهم ظاهرة الحوليات دون عرض مشهدين أساسيين هما مجلة الحوليات سليلة مجلة التركيب، ولقاءات أسابيع التركيب وسنعرضهما بالترتيب:

أ- من مجلة التركيب1900 إلى الحوليات 1929

الحديث عن الحوليات يتطلب العودة إلى تجربة سبقتها وكانت لها الأثر على تبلورها، إنها الفلسفة الوضعية الفرنسية وجدليتها مع منهجية الكتابة التاريخية في ألمانيا، الأمر الذي نتج عنه ظهور المجلة الألمانية سنة 1876م، وهذا الميراث سيبقى في مدينة ستراسبورغ (على الحدود الفرنسية الألمانية) بعد استرجاع الفرنسيين لها، فتهيَّأت بها أرضية خصبة لميلاد مجلة الحوليات سنة 1929، من طرف مارك بلوك ولوسين فيفر (L.FEBVRE-M.BLOCH) اللذين التقيا في جامعة ستراسبورغ سنة 1919 ولم يفرقهما إلَّا إعدام مارك بلوك من طرف الألمان سنة 1944.

من المنظور الإبستيمولوجي لا يمكن اعتبار مدرسة الحوليات امتدادًا لتقاليد الكتابة التاريخية الكلاسيكية، بل بالعكس هي ترنو إلى إحداث القطيعة مع التاريخ الكلاسيكي الحدثي (événementielle) الذي هيمنت عليه الفلسفة الوضعية، فالتقاليد المعرفية في فرنسا مع مطلع القرن التاسع عشر اتسمت بتغلغل الوضعية في أروقة الجامعات كجامعة السوربون، وتمسك المؤرخون بمفهوم التاريخ المتمحور على الوثيقة التاريخية بمفهومه الضيق، ومع التركيز على التاريخ السياسي والعسكري القصير المدى.

ففي الماضي لم يكن هناك أي قيمة للكثير من الوثائق كسجل الولادات أو الوفيات لكن مع التاريخ الجديد ستتحول إلى قيمة تاريخية هامة كالوثيقة الجبائية والتحقيق الشفوي من خلال الأنثروبولوجيا التاريخية، كما يحتل علم الآثار الصدارة في كونه مصدر الوثيقة بمعناها الواسع في محاولة تخطي صمت الوثائق وشحها.

سيتجه التاريخ الجديد[6] لهذه المدرسة إلى ميادين كانت تعد أقل أهمية هي: التاريخ اللساني والمعيش اليومي والديمغرافي والمتخيل، تاريخ المناخ، تاريخ الفن وتاريخ الذهنيات[7]، ونقصد بهذا الأخير تاريخ الأفكار[8] والمعارف والعقل، إضافة الى التاريخ الثقافي والديني (الأنثروبولوجي).

ميزة أخرى ستفرضها حالة التغير في جامعة ستراسبورغ هي: الانفتاح على العلوم الإنسانية والاجتماعية[9]، فلأول مرة سيتصاعد أهمية اطلاع المؤرخ على الأركيولوجيا التي ستُضحي أكثر من علم مساعد، بل إلى علم موجه يمكنه تصديق أو تكذيب الفرضيات التاريخية، وعلوم أخرى مساعدة ستفرض نفسها في ساحة التاريخ كعلوم اللغات والفيلولوجيا، مما أجبر الكثيرين على تعلم اللغات القديمة وحتى البائدة، والاستناد إلى الأنثروبولوجيا التاريخية، مما حتم تعدد التخصصات La Pluridisciplinarité، يقول لوسين فيفر: «سيساهم في كتابة التاريخ اللغوي والأديب والجغرافي والقانوني والطبيب وعالم الأرض وعالم الأجناس والخبير بمنطق العلوم، إلخ. كل وأحد يشارك بعقليته الخاصة وبمنهجه المتميز، ولا يطلب منه أن يتخلى عما يميزه..»[10].

«لكن هذا التوجه نحو تعدد التخصصات لم يكن ممكن في بداية عمل مدرسة الحوليات، لانغلاق الفضاء الجامعي الفرنسي عن مثل تلك التوجهات، لذلك كانت البداية بولوج عالم الاقتصاد الأسعار والمشاكل النقدية، مواضيع ستمكنهم من الحصول حتى على دعم مالي من طرف مدير بنك بلدان أوروبا الوسطى، ومدير البنك الوطني السويسري»[11].

منذ انطلاق مجلة «التركيب التاريخي»[12] سنة 1900 على يد هنري بيير، ولمدة تزيد عن أربعين سنة حاولت التأسيس لنمط جديد للكتابة التاريخية ولغاية سنة 1931 عندما قام طاقم التحرير بتغيير اسمها إلى «مجلة التركيب»، بهدف توسيع أفقها وفتح المجال لتشخيص أشمل للظواهر الاجتماعية.

وبعد هذه المحطة تم الانتقال إلى عنوان ثالث شكّل طورًا جديدًا من أطوار تحول روح الفكر التاريخي الجديد[13]، فحملت المجلة اسم «الحوليات»، وأخذنا نلمس توجهًا قويًّا نحو العمل الميداني الجماعي خاصة، وتحولًا واضحًا من التاريخ الجغرافي والديمغرافي إلى التاريخ الأنثروبولوجي كالبحث في رموز الجسد والموت[14]، والعقليات وتاريخ الطب والأمراض.

ونلمس ذلك في عناوين الكتب والمقالات التي صدرت سنوات الستينات والسبعينات نعرض هنا أمثلة منها:

* تاريخ الولادات غير الشرعية في إنجلترا.

* طرق الدفن في شمال فرنسا خلال القرن 19.

* الأطباء بفرنسا خلال القرن 19، ج. ليونار، 1976.

* القضاة والسحرة بفرنسا خلال القرن 18، R.Mandrou.

* وضعيات الجماع في الريف الفرنسي من ق 16 / ق 19، فلاندران، 1975.

* الناس والطاعون بفرنسا وبلدان البحر الأبيض المتوسط، ج. بيرابين، 1975.

إن التحولات في المجلة يعتبرها لوسين فيفر «ضرورية؛ لأن كل شيء يتغير حولها: الناس والكلمات والأشياء»[15]، وفي صدد هذا التحول من مجلة التركيب إلى مجلة الحوليات يقول فرنان برودل: «لقد اتسعت الهوة بين الحوليات ومجلة التركيب، فبالنسبة لهنري بيير المجتمع يشمل الاقتصاد، أما الحوليات فقد عملت على إضاءة مظهر من حياة الناس، ظل في ظلام زمنًا طويلًا، والذي نادت الماركسية من أجل الانتباه إليه»[16].

لكن هذا لا يعني تناقضًا بين الأجيال بقدر ما يعتبر إثراء متزايدًا، فحلم هنري بيير كان في «الجمع بين التاريخ الفردي والجماعي، بين علم النفس التاريخي وتاريخ العقليات، جمعهما في مقاربة شاملة وهو نفس الطرح الذي وسّعه لوسين فيفر»[17].

ب- أسابيع التركيب

أسابيع التركيب هي سلسلة ملتقيات نشّطها أعضاء المجلة خاصة مديرها لوسين فيفر، وفتحت نقاشات على جميع التخصصات كبسيكولوجيا التاريخ[18]، و«التاريخ الاقتصادي والاجتماعي، والتاريخ غير المتمحور على الذات الأوروبية المركزية، وتاريخ البنى وتاريخ الأمد الطويل، وتاريخ الهامشيين، وتاريخ الجسد والجنس وخاصة تاريخ الذهنيات»[19].

احتدم النقاش حول إبستيمولوجيا التاريخ، وكان لهذه اللقاءات الفكرية الأثر البارز في تحديد المعالم الفكرية لمدرسة التاريخ الجديد، فنقاشات الفيلسوف ليون برانشفيك (Léon Brunschwig)، والسوسيولوجي الاقتصادي سيموند (François Simiand) والمؤرخان الشابان لوسين فيفر ومارك بلوك والمؤرخ الاقتصادي هنري هوسير (Henri Hausser)، وعالم الاجتماع موريس هالفاكس (Maurice Halbwachs)، كانت لحواراتهم البداية الجدية لتاريخ تخترقه العلوم الاجتماعية، وتعيد تشكيله من جديد وتخلصه نوعًا ما من شراك الأيديولوجيا.

ويمكن تفصيل تلاقح التاريخ مع العلوم الاجتماعية على النحو التالي:

1- علم الاقتصاد: في سنوات صعود مدرسة التاريخ الجديد، كانت الماركسية تعيش أزهى أيامها فكان لآرائها الاقتصادية الأثر البارز لتشكل التحليل التاريخي الجديد، خاصة الاستفادة من المفاهيم الأساسية في الاقتصاد (المادية التاريخية)، ونذكر على سبيل المثال كتاب: «حركة الأسعار والمداخيل في فرنسا خلال القرن الثامن عشر» للمؤرخ الاقتصادي لإرنستلابروس (Ernest Labrousse)، وكتاب: «فلاحو لانغدوك» لإيمانويل لوروا لادوري (Emmanuel Le Roy Ladurie)، ومقالات الاقتصادي سيمياند (F. SIMIAND) في مجلة التركيب «LA REVUE DE SYNTHESE» سنة 1900.

يجب الإشارة كذلك إلى أن التأثير الماركسي على أعمال التاريخ الجديد على فرنان برودل مثلًا، سايره تأثير شديد للتحليل البنيوي[20] في تحليل الظاهرة التاريخية.

2- علم الاجتماع: يشهد لابن خلدون ربط التاريخ بعلم العمران البشري، العلم الأقرب لما يسمى اليوم بعلم الاجتماع، إلَّا أن التاريخ الجديد عرف كيف يطور هذا التزاوج بين التاريخ وعلم الاجتماع، عقد قران بلوره أميل دوركهايم (Emile Durkheim) وموريس هالفاكس، ويعتقد المفكر المغربي عبد الله العروي أن فكرة التاريخ الكلي أو مفهوم الشمولية «مستوحى من عند الأنثروبولوجيين وبخاصة من عند الباحث الفرنسي مارسيل موس الذي تكلم على الفعل الاجتماعي الشمولي... وأن المجتمع وحدة عضوية، فلا يمكن تجزئته إلى قطع مستقلة تدرس كل واحدة منها على حدة، في قلب كل جزئية وظيفية يجب البحث عن مفعول الظاهرة الشمولية»[21].

3- الجغرافيا: ظهر كتاب لوسين فيفر «الأرض والتطور البشري.. مقدمة جغرافية للتاريخ» الصادر عام 1922، ليفتح التاريخ (الزمن) على الجغرافيا (المكان)، وأهمية التأثير الجغرافي على الإنسان، ولو أنه توجه قديم ذكره ابن خلدون إلَّا أن الجديد هو الاستفادة من ثورة علم الجغرافيا، ويمكن ذكر عناوين أخرى مثل[22]:

* إشبيلية والمحيط الأطلنتي: 1504-1650.

* Séville et l’atlantique 1504-1650 لـ Chaunue P 1956.

* البرتغال والمحيط الأطلنتي في القرن 17.

* Le Portugal et l’atlantique au 17 siècle 1570-1670 étude économique. F. Mauro 1960.

ثانيًا: المنظرين الأساسيين لمدرسة الحوليات

مثل أي مدرسة فإن تعريفها يرتبط بشخصيات محورية شكّلتها، ولا يمكن بأي حال الحديث عن مدرسة الحوليات دون ذكر أشهر أعمدتها لوسين فيفر، ومارك بلوك، فمن تكون هاتان الشخصيتان؟ وما وجه إسهاماتهما في هذه المدرسة؟

1- مارك بلوك (1886- 1944)

ولد في مدينة ليون جنوب فرنسا، من عائلة يهودية، تدرّج بتميّز في المؤسسات التعليمية، عرف عنه إجادته للكثير من اللغات، ليصبح أستاذًا للتاريخ في جامعة ستراسبورغ، حيث ناقش سنة 1920م أطروحة دكتوراه بعنوان: «الطوابع البريدية بباريس في العصور الوسطى: الملوك والأقنان»، ويعتبر هذا العمل وما بعده بداية لاستفادة التاريخ من اللسانيات و«التاريخ الجداولي»[23]، اعتلى كرسي التاريخ والاقتصاد بجامعة السوربون سنة 1936، بعد فشل محاولاته للالتحاق بالكوليج دو فرانس.

أسس بلوك رفقة زميله فيفر مجلة الحوليات التاريخية والاقتصادية والاجتماعية سنة 1929م، وإضافة إلى شهرته كمؤرخ كان أحد المقاومين للغزو النازي في فرنسا الأمر الذي عرّضه للإعدام رميًا بالرصاص سنة 1944.

أهم كتبه: «دفاع عن التاريخ أو مهنة المؤرخ» الصادر سنة 1941م، وهو مجموعة مقالات منهجية يمتد تاريخ صدورها بين 1906 إلى 1952، والذي لم يتمّمه بسبب وفاته أثناء الحرب العالمية الثانية، وله كتاب «المجتمع الاقطاعي» الصادر سنة 1936، والذي قارب فيه بين الأثنوجرافيا والاقتصاد والسوسيولوجيا.

في مشواره العلمي صارع بلوك وفيفر لنيل الاعتراف بمدرسة الحوليات «وإدخال الروح العلمية لعمل المؤرخ، ولم تكن مهمة التغيير ممكنة إلَّا داخل إطار المؤسسات الجامعية، المسألة التي سموها المعركة، لذلك كانت لهم رغبة ملحة للدخول إلى الكوليج دو فرانس أو جامعة السوربون، فباريس كانت الفضاء العلمي لكل فرنسا ولم تعد جامعة ستراسبورغ كافية لطموحاتهم»[24].

2- لوسين فيفر (1878-1956م)

رغم المعلومات الشحيحة عن طفولته، إلَّا أنه عرف عنه حب الأدب والجغرافيا التي برع فيها، واستطاع أن يناقش سنة 1911م أطروحته التي حملت عنوان: «فيلب الثاني والفرانش كونتي»[25]، كما أظهر في شبابه إلمامًا منقطع النظير بالتاريخ الزراعي والتاريخ الجماعي للعقليات، وظهر له في أحد أجزاء الموسوعة الضخمة التي أشرف عليها هنري بيير «تطور البشرية» تحليلًا لتطورات البنيات الزراعية بالمناطق القروية الفرنسية من القرن 11 إلى القرن 18.

دخول فيفر إلى الكوليج دو فرانس[26] بمثابة انتصار لمدرسة الحوليات ومجلتها بعد طول تهميش وازدراء، «وهي التي زعزعة وجه التاريخ في فرنسا، بجرأتها المنهجية والمفاهيمية»[27]، كما أضحى كتابه: «معارك من أجل التاريخ» الصادر سنة 1952م مصدرًا لفهم مدرسة الحوليات.

لا يمكن بأي حال من الأحوال فهم علاقة مارك بلوك ولوسين فيفر، إلَّا عبر التمعن في فترة الخمسة وعشرين سنة التي قضاها الصديقين في العمل معًا لإخراج مجلة الحوليات، وهي الفترة التي تمتد من لقائهما في ستراسبورغ سنة 1919 وصولًا إلى مقتل بلوك سنة 1944م، كما تظهر في الإهداء الذي كتبه فيفر في كتابه: «مهنة المؤرخ» والمنشور عام 1949م، يقول بغبطة: «طالما ناضلنا بانسجام من أجل تاريخ أكثر إنسانية»[28]، ولا يعني توافقهما تطابق فكرهما أو مواقفهم السياسية وطموحاتهما العلمية، بل كانت تفرّقهما الكثير من المواقف[29].

3- فيرناند برودل (1902-1985)

فيرناند برودل هو تلميذ ومساعد لوسين فيفر، من مواليد سنة 1902 ببلدة على الحدود الألمانية، بعد دراسته الجامعية سافر إلى الجزائر، اشتغل أستاذًا للتاريخ بقسنطينة[30]، وهناك اكتشف لأول مرة روعة البحر الأبيض المتوسط، ظل مشدودًا إليه في يومياته الجزائرية، أسر من طرف الألمان على خطّ ماجينيو عام 1940م، وفي سنوات السجن الخمسة أعوام بألمانيا أنجز أطروحة الدكتوراه، رغم الظروف القاهرة التي عايشها بسبب سجانيه النازيين، وبعد تحريره كان قد أكمل الأطروحة الضخمة حول البحر المتوسط، والتي ناقشها في السربون سنة 1947 وطبعها سنة 1949.

كانت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، بداية جديدة للأستوغرافيا الغربية عامة والفرنسية خاصة، والفضل يعود إلى ظهور كتابات فيرنان برودل، الذي ميّزها بخاصيتين أساسيتين هما: أولًا: انفتاح التاريخ على العلوم الإنسانية، ثانيًا: التركيز على التاريخ الاقتصادي خاصة ثم التاريخ الاجتماعي ثم تأتي أهمية الجغرافيا[31] والديموغرافيا، علمًا أن هذا التوجه يصطبغ بالدراسة البنيوية، واعتبار التاريخ يتشكل من بنيات متداخلة وسط سياق مكون نستطيع فهمه بشكل أكثر موضوعية وشمولية ووضوح من التصورات الكلاسيكية للتاريخ.

يظهر الكتاب العمدة لفيرناند برودل: «البحر المتوسط والعالم المتوسطي على عهد فيليب الثاني» الصادر سنة 1949م، الذي أنجزه تحت إشراف لوسين فيفر، لمدة عشرين سنة وناقشها كأطروحة سنة 1947م، وتجاوزت عدد صفحاتها الألف وثلاثمائة صفحة مع الخرائط والصور.

مع برودل ستتضح مفاهيم مدرسة التاريخ الجديد الفرنسية حيث «استعار الفكرة الماركسية التي تميّز ثلاثة مستويات في كل كيان اجتماعي، وقال: إن البني التحتية، أي البيئة، هي من اختصاص الجغرافيين والاقتصاديين، فيما أن البنية الفوقية، أي كل ما يتعلق بالروحيات والذهنيات والنفسيات، من اختصاص علوم المنطق واللغة والعقل والنفس، أما البنية التي تعني التنظيم القانوني والترتيب السياسي والسلوك، فهي من اختصاص المؤرخين التقليديين وكذلك الفقهاء والاجتماعيين والأنثروبولوجيين.... والمؤرخ هو الواصل المنظم المنسق المؤلف بين إنجازات هؤلاء جميعًا، ومن هنا جاءت أهمية مفهوم تعدد المستويات في كل ظاهرة تاريخية وكذلك تعدد الزمنيات، أي سرعة أو بطء تغيير هذا السطح أو ذاك»[32].

لذلك صنّف برودل ثلاث أزمنة هي:

1- الزمن الطويل الامد: ويعني به تاريخ بطيء التحول طويل الأمد يتركز على الجغرافيا ومحيط الإنسان، يرصد تفاعل الإنسان مع مجاله الجغرافي ويمتد لقرون، وبعبارة أخرى هو «التاريخ الضخم البنيوي المتطور ببطء على مسار المدة الطويلة»[33].

ويعتبره برودل المركز الذي يحوم حوله التاريخ الدوري والتاريخ السريع، ولا يمكن فهمه دون العودة إلى مفهوم البنية التي يعني بها: مجموع العناصر الجغرافية والاقتصادية المكونة والمحركة للجماعات البشرية، وتتميز هذه البنية بالثبات والتغير البطيء جدًّا، وقد تكون حتمية تبقى جاثمة على صدور أجيال من الناس، مثال: الحتمية التي تفرضها موانع جغرافية على الشعوب، ومحددات وراثية جينية، أو أنماط إنتاج زراعي معينة تظل تفرض نفسها لقرون، «وعلى سبيل المثال التاريخ الاقتصادي وبالأخص تاريخ جداول الأسعار»[34].

ومثال ثانٍ: بقاء الإنسان سجين مناخات وغطاء نباتي، الذي يرسم ثباتًا حضاريًّا طويلًا، ويتّسم فيه التاريخ بالتكرار والنمطية، فتظهر فيه المسالك والطرقات والمدن والأسواق والموانئ التي قلَّما تتغير، والديموغرافية والمواسم الزراعية وحركة الرياح والتنقلات المنتظمة والمعدة للرعاة والحيوانات التي تتميز بوتيرة بطيئة التطور لدرجة الثبات.

2- الزمن الدوري المتوسط: هو زمن أسرع من الأول وأقل قصرًا، يقصد فيه بكلمة دوري بأنه مكون من حلقات يمر بها الاقتصاد من صعود وهبوط وتذبذبات السوق بين ارتفاع الأسعار وانخفاضها، ازدهار التجارة وكساد الأسواق.

كما ينظر فيه برودل لعامل ثروة الأمم على فترات خمسين سنة أو أقل بقليل، ويمكن جعل ارتفاع وهبوط الأسعار محطات هامة لرسمه، فيتراجع السرد التاريخي الكلاسيكي لصالح الأرقام والمنحنيات البيانية والجداول التكرارية، ويظهر هاهنا جليًّا علم الاقتصاد ودوره في الكتابة التاريخية الدورية.

3- الزمن القصير السريع الحدثي: ويقصد به التاريخ التقليدي المعروف عنه السرعة والتغير السياسي والعسكري خاصة، وهو تاريخ مثقل بالصراعات الأيديولوجية التي تجرف في الكثير من الأحيان المؤرخين، فلسرعته وتقلّبه يخدعهم[35] ويجرهم إلى تتبع أحداث درامية سريعة وصراعات الأفراد، ويحجب عنهم الأسباب الحقيقة والخلفيات بعيدة الأمد التي رسمت مشهد الزمن الحدثي. ولو أن حلم فرنان بوديل هو تلاقح الأزمنة الثلاث الطويل (البنية) والمتوسط (الظرفيات) والقصير (الحدث)، أي يتلاقى التاريخ الاقتصادي والتاريخ الاجتماعي وتاريخ الذهنيات، وهي أزمنة متفاوتة السرعة[36].

أراد بروديل تحجيم التاريخ السياسي لصالح مكانة أوسع للتاريخ الجغرافي والاقتصادي والاجتماعي، فرغم أن عنوان أطروحته في الدكتوراه: «البحر المتوسط في النصف الثاني من القرن السادس عشر، في عهد فيليب الثاني» فإنه لم يهتم كثيرًا لفيلب الثاني بقدر اهتمامه بالبحر المتوسط كساحة وفضاء للقاءات كثيرة.

إن مشروع بروديل يشابه إلى حدٍّ ما مشروع إميل دوركهايم بسعيه لفهم الظاهرة الإنسانية في كليتها وثباتها لبلوغ قدرة أوسع وأشمل وأعمق لتحليلها بطريقة كمية، ولعل أبرز خطوة عملية قام بها لتأكيد هذا الهدف هو: تأسيس دار علوم الإنسان سنة 1968م.

إن ثورة بروديل والتاريخ الجديد هي محاربته «الزمن القصير لينظر إلى التاريخ من خلال الأمد الطويل، فهو لم يعد يهتم بالسلالات وبعصر الشخصيات، إنما بتناول الظواهر الاجتماعية والذهنية منذ فترات انبلاجها»[37].

رابعًا: النقد الموجّه لمدرسة الحوليات

لا يمكن بأيِّ حال من الأحوال التقليل من شأن الثورة المعرفية التي أحدثها مارك بلوك ولوسين فيفر ومن بعدهما فرنان بروديل، لكن هذا لا يعني أنهما لم يجلبا عليهما نقدًا من حيث تخليهما عن الكثير من الأطر التي صنعت التاريخ التقليدي كالوثيقة[38] على سبيل المثال، أو المجالات الغريبة التي فتحت التاريخ الجديد كتاريخ الجنون والوسواس وغيرهما من القضايا التي طرحها التحليل النفسي.

لكن المؤرخ جاك لوغوف أبرز أعضاء مدرسة الحوليات دافع عنها بشدة في مقدمة كتابه «التاريخ الجديد» ويعتقد أنها لا تعاني من أزمة إلَّا الأزمة التي تمر بها كل العلوم الاجتماعية والإنسانية في عصرنا[39].

لقد عدد المفكر المغربي عبد الله العروي هذه المثالب، حيث رصد مأزق الحوليات بقوله: «السبب الأول والأهم هو إخفاق التناهج [تكامل أساليب البحث]، قد يتحول عالم الطبيعيات إلى مؤرخ، ولكن في حقله وميدانه دون أن ينجم عمله هذا أي تفاهم عملي مع المؤرخ المحترف»[40].

إن هناك عودة إلى التاريخ الحدثي الكلاسيكي حتى عند المنتمين لتوجه المدرسة الحولية، وذلك بالعودة إلى موضوعات الدولة والأمة والتاريخ السياسي والعسكري بجزئياته الدقيقة، فلم يعد مجديًا اليوم التمسك الحرفي بمنهج بروديل القاضي بتقريب التخصصات التي صارت تأخذ منحى أكثر دقة وتعمّقًا وتفصيلًا لا تسمح للمؤرخ أن يلم بها أو على الأقل يمسحها بطريقة ولو سطحية لتباعدها وكثافة المعارف اليوم.

أمر أخير هو ربط المدرسة بسياقاتها السياسية، فلا يمكن اعتبارها معرفة صرفة لا تشوبها شائبة أيديولوجية، ذلك أن «الرياح الجمهورية كانت تهبُّ على المؤرخين منذ بداية العشرية الأولى للجمهورية الثالثة، وكانت مهمتها إعادة الحماس الوطني والروح الجمهورية القومية ومحو آثار هزائم فرنسا»[41].

خلاصة

إن الثورة الإبستيمولوجية الكبيرة التي قامت بها مدرسة الحوليات، مكّنتها من التطرق إلى مواضيع جديدة في التاريخ، «كالاهتمام بظواهر التغذية والجنس ومواقف الإنسان من الجسد ومن الموت والأمراض»[42]، وتاريخ الضرائب والأسواق وتاريخ السحر والشعوذة، وتاريخ الذهنيات الذي هو جزء من التاريخ الاجتماعي، و«إذا انتقلنا إلى تاريخ الذهنيات التي تنشط في مجال المواقف والسلوكات أو ما يسميه البعض باللاوعي الجمعي مثل فيلب أرياس، فإن الزمن الطويل يفرض نفسه بلا منازع»[43].

فنحن هنا أمام تعاقب بُنى شبه ثابته تحكم سلوكيات مجتمعات بأكملها لمدة طويلة، تحدد فيها أنماط السلوك، والمرور من مرحلة إلى أخرى يكون عبر أطر طويلة من التاريخ تتخللها تحولات غير محسوسة كالحركات البطيئة للذهنيات الاجتماعية.

إن أهم ما قدمه التاريخ البروديلي -نسبة لبروديل- هو التأكيد على التكرار والدورات (الثبات)، فاعتنى كثيرًا بالزمن الطويل كالجغرافيا وعلاقتها بالبنى الاجتماعية داخل الحقب الطويلة، كربط الجفاف بالأسعار، لقد كان القحط والجوع أكبر مهدد للإنسان إضافة إلى الأوبئة الكبرى كالطاعون، التي أثّرت في حركة الشعوب وهجراتها، لأن التاريخ الحقيقي هو تاريخ الشعوب وليس الملوك والعظماء، فعلى التاريخ العناية بالحياة العامة اليومية «ولم يكن تاريخ الحياة اليومية بالنسبة إلى مؤسسي الحوليات سوى مدخل لتناول التاريخ الاقتصادي والاجتماعي»[44]، وليس الحدث التاريخي المفرد.

الملاحظ في مثل هذا النوع من التواريخ الاهتمام بالنمطية والتكرار، ولا يعتبر ذلك التركيز اعتباطيًّا بل الهدف منه إيجاد القوانين من خلال دراسة التكرار في التاريخ؛ لأن التكرار مسألة تؤسس للقوانين، يقول جاك لوغوف أحد أعضاء المدرسة: «إن استقرار هذا الإطار هو الذي يصبغ أنشطته بطابع الرتابة والتكرار، إذ يمارس الناس على مر السنين النشاط نفسه، فهم يزرعون بالطريقة نفسها وفي الحقول نفسها التي لم تتغير ملامحها، يموت الأفراد وتنقرض العائلات، ولكن تظل المجموعة التي تتكون من البيوت في القرية والضيعة المقسمة تحتضن سكانًا جددًا تفرض عليهم نمط عيش مطابق تمامًا لنمط عيش السلف»[45].

إن أهم الدروس التي نتعلّمها من إبستيمولوجيا الكتابة التاريخية عند مدرسة الحوليات، هي ضرورة انفتاح التاريخ على العلوم الاجتماعية، فلا يمكن للمؤرخ اليوم التغاضي عن نتائج العلوم الأخرى، ولا يتصور أنه يستطيع العيش بمعزل عنها؛ لذلك قال فرنان بروديل: «لكي ينجح علم التاريخ ينبغي أن يتعاون مع العلوم الإنسانية الأخرى، ولكي تنجح العلوم الإنسانية الأخرى ينبغي أن تأخذ البعد التاريخي بعين الاعتبار، فلا توجد مشكلة فردية أو جماعية إلَّا ولها بعد تاريخي»[46].

بل إنه يحتاج إليها فيما يسمى التاريخ الكلي والكمي الذي يحمل في طياته علم الاجتماع والاقتصاد والديمغرافيا... إلخ، وأمام هذه الثورة الإبستيمولوجيا المعاصرة يحتاج الباحث المهتم بالتاريخ في والعالمين العربي والإسلامي إلى أن ينفتح على مدرسة التاريخ الجديد للاستفادة من فتوحاتها، والتخلص من الأسطورة التي قتلت في بلداننا المفهوم العلمي للتاريخ، وجعلت تقديسنا لأسلافنا أهم من الحقيقة التاريخية، فما نزال نتكلم عن البطولات والشخصيات الفذة، وهي في الحقيقة لا تعدو أن تكون شخصيات بشرية لها أخطاؤها وأطماعها وضعفها البشري، فكيف سنتعلم ونعتبر من التاريخ إذا كنا لا نرى فيه إلَّا الإيجابي ونتعامل معه بالعواطف لا التمحيص والنقد الخلدوني، لذلك كان التاريخ الجديد يهتم بالمغيبين والهامشيين من خلال دراسته المتروك من المصادر، والمغيب من الفئات الاجتماعية: تاريخ المجانين، تاريخ الرعاة، وتاريخ اللصوص[47].

وفي الأخير وعلى سبيل الاستشهاد بتأثيرات مدرسة الحوليات على المنطقة العربية يذكر المترجم محمد الطاهر المنصوري في تقديمه لكتاب «التاريخ الجديد» نماذج من الكتّاب العرب المتأثرين بمدرسة الحوليات فيشير إلى: عبد الحي شعبان، صاحب كتاب «التاريخ الإسلامي في تفسير جديد»، وصالح أحمد العلي، وهشام جعيط صاحب كتاب «الفتنة.. جدلية الدين والسياسة في الإسلام المبكر»، ومن الجزائر يذكر: مجلة إنسانيات، وفاطمة الزهراء قشي، وكمال فيلالي[48].

 


 



[1] الإستوغرافيا: تعرفها المدرسة الألمانية للتاريخ على أنها: علم كتابة التاريخ (علم التأريخ)، وبمعنى آخر: دراسة منهجية تطور الكتابة التاريخية، ويعرفها العروي: على أنها مجموعة ما قيل وكتب حول موضوع معين، وتسمى أحيانًا أدبيات الموضوع، انظر: عبد الله العروي، مفهوم التاريخ، بيروت – المغرب: المركز الثقافي العربي، ط 4، 2005، ص 97.

[2] عبد الله العروي، مفهوم التاريخ (الألفاظ والمذاهب)، بيروت: المركز الثقافي العربي، ط 4، 2005، ص 187.

[3] ينظر : ف. برودل، تكويني كمؤرخ، مجلة أمل، ترجمة: محمد حبيدة، العدد الثاني / السنة الثانية / 1992، ص 117.

[4] ولد الفيلسوف الفرنسي «هنري بيير» (Henri Fernand Berr) في 31 جانفي 1863 وتوفي في 19 نوفمبر 1954 بباريس، أسس مجلة (مجلة التركيب التاريخي) (La Revue de synthèse) سنة 1900، وتم تغيير اسمها بداية من 1931 إلى مجلة التركيب والتي ما تزال تصدر الى اليوم، وكان هدفه من المجلات هو فتح التاريخ على التخصصات الأخرى. وأشهر كتبه وهو أطروحته: مستقبل الفلسفة: خطاطة لتركيب المعارف المؤسسة على التاريخ سنة 1898. تنبيه: يجب الحذر من الخلط بين الفيلسوف الفرنسي هنري بيير والمؤرخ البلجيكي هنري بييرن Henri Pirenne (1862-1935).

[5] مجلة التركيب أو التوليف (La Revue de synthèse) هي دورية أسسها هنري بيير سنة 1900 واليوم يديرها إيريك بريون (Éric Brian) بباريس، وبداية من سنة 1924 سيجدد روحها مارك بلوك (Marc Bloch) وهنري لوفيفر (Febvre) تحت اسم الحوليات التاريخية والاقتصادية والاجتماعية سنة (Annales d›histoire économique et sociale.). انظر موقعها: http://www.revue-de-synthese.eu/.

[6] التاريخ الجديد: هو تيار أستوغرافي يقصد به كل مدرسة الحوليات، لكن البعض يربطه خاصة بالجيل الثالث من مدرسة الحوليات، الذي ظهر مع بداية 1970 في أعمال مجلة التركيب ومجلة الحوليات، وأشهر ممثليه في فرنسا: بيار نورة وجاك لوغوف (Jacques Le Goff/  Pierre Nora)، وفي بريطانيا ارتبطت بمجلة الماضي والحاضر (Past and Present)، إن التاريخ الجديد اهتم بتاريخ العقليات (histoire des mentalités) والهدف منه بناء تاريخ حلقي للعقليات (sérielle) الذي يعني التمثلات الجماعية وبنيات عقليات المجتمعات، مما جعل التاريخ الجديد يرتكز على الأنثروبولوجيا التاريخية ودراسة الحياة اليومية، ونذكر على سبيل المثال: أعمال ميشال دوسارتو (Michel de Certeau) والتاريخ المفهومي لبول فايين (Paul Veyne)، ولوروا لا ديري (Emmanuel Le Roy Ladurie) في عمله: المناخ، تاريخ المطر والصحو، ومن بين الانتقادات الموجهة للتاريخ الجديد أنه أضاع خط التاريخ الكلي الذي أسس له الجيل الأول لمدرسة الحوليات والسقوط في التاريخ الجزئي (micro-histoire). للتوسع انظر: جاك لوغوف، التاريخ الجديد، ترجمة: محمد الطاهر المنصوري، لبنان: مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، 2007.

[7] ف. برودل، تكويني كمؤرخ، مجلة أمل، ترجمة محمد حبيدة، العدد الثاني / السنة الثانية / 1992، ص 118.

[8] يجدر بنا الإشارة هنا إلى مجهود الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو الذي أبدع في عمله: «تاريخ الجنون».

[9] André Burguière , L›école des annales, Une histoire intellectuelle – Odile Jacob, Paris,  2006, p 26.

[10] عبد الله العروي، مفهوم التاريخ، ص 187.

[11] André Burguière , L›école des annales, Une histoire intellectuelle – op.cit., p 27.

[12] محمد حبيدة، مدرسة الحوليات مفاهيم التحليل البروديلي، مجلة أمل، العدد الثالث، السنة الأولى 1993م، ص 79.

[13] في كتاب التاريخ الجديد: (Jacques Le Goff la Nouvelle Histoire, page 40) يقسم مراحل تطور مدرسة الحوليات الى أربع مراحل أو أجيال هي: الجيل الأول: يمثله لوسين فيفر ومارك بلوك، الجيل الثاني: يمثله فرنان برودل وآخرون (Pierre Goubert /  Ernest Labrousse)، الجيل الثالث: سنوات الخمسينات والستينات Jacques Le Goff / Pierre Nora, oublier Philippe Ariès / Michel، الجيل الرابع: Bernard Lepetit..

[14] André Burguière , L›école des annales, Une histoire intellectuelle – .op.cit., pp 201.202.

[15] Febvre Lucien, Combats pour l’histoire, FACE AU VENT Manifeste des Annales Nouvelles, Paris, Armand Colin, 1992, p63.

[16] ف. بروديل، تكويني كمؤرخ، مجلة أمل، ترجمة محمد حبيدة، العدد الثاني / السنة الثانية / 1992، ص 117. 

[17] André Burguière , L›école des annales, Une histoire intellectuelle – .op.cit., p 86.

[18] Ibid. p 71.

[19] جاك لوغوف، التاريخ الجديد، ترجمة: محمد الطاهر المنصوري، لبنان: مركز دراسات الوحدة، ط 1، 2007، ص 38.

[20] البنيوية: اشتق لفظ البنيوية من البنية إذ تقول: كل ظاهرة تشكّل بنية، ولدراسة هذه البنية يجب علينا أن نحللها أو نفككها إلى عناصرها المؤلفة منها، دون أن ننظر إلى أية عوامل خارجية عنها، كما أن البنيوية : أداة للتحليل، تقوم على فكرة الكلية أو المجموع المنتظم. اهتمت بجميع نواحي المعرفة الإنسانية، وإن كانت قد اشتهرت في مجال علم اللغة. نقلًا عن: محمد الحرز، جريدة الوطن السعودية، 13 مايو 2004م العدد (1322) السنة الرابعة.

[21] عبد الله العروي، مفهوم التاريخ، ص 189.

[22] محمد حبيدة، مدرسة الحوليات مفاهيم التحليل البروديلي، مجلة أمل، العدد الثالث، السنة الأولى 1993م، ص 79.

[23] التاريخ الجداولي: يقصد به التاريخ المعتمد على المنحنيات الديمغرافية، منحنيات الأسعار، منحنيات المناخ. وأراد فرنان بروديل استبدال التاريخ الكمي بالتاريخ الجداولي ليبتعد قليلًا عن المعنى الدقيق للتاريخ الاقتصادي. انظر: جاك لوغوف، التاريخ الجديد، ص 168.

[24] André Burguière , L›école des annales, Une histoire intellectuelle – op.cit., p 57.

[25] André Burguière, Dictionnaire des sciences historiques, Paris, PUF, 1986, p. 279-280.

[26] كلية فرنسا (Collège de France) هي مؤسسة علمية للتعليم والبحث في باريس، تم فتحها سنة 1530 من طرف الملك فرانسوا الأول، سمّيت في البداية بالكلية الملكية ثم كلية اللغات الثلاث، ثم الكلية الوطنية، ثم الكلية الإمبراطورية، ولم تحمل اسم الكوليج دو فرانس إلَّا سنة 1870.

[27] André Burguière, L›école des annales, Une histoire intellectuelle – .op.cit, p 19.

[28] ف. بروديل، تكويني كمؤرخ، مجلة أمل، ترجمة: محمد حبيدة، العدد الثاني، السنة الثانية 1992، ص 125.

[29] André Burguière, L›école des annales, Une histoire intellectuelle – Odile Jacob, Paris,  2006, pp 71-72

[30] ف. بروديل، تكويني كمؤرخ، مجلة أمل، مصدر سابق، ص 109.

[31] Febvre Lucien, Combats pour l›histoire, Paris, Armand Colin, 1992, p63.

[32]عبد الله العروي، مفهوم التاريخ، ص 188.

[33] فرناند بروديل، حركية الرأسمالية، ترجمة: محمد البكري ومحمد بولعيش، البيضاء: منشورات عيون، الطبعة الأولى، 1987، ص 8.

[34] جاك لوغوف، التاريخ الجديد، مقال: ميشيل فوفيل، التاريخ والأمد الطويل، ص 149.

[35]المرجع نفسه، ص 143.

[36]المرجع نفسه، ص 168.

[37]المرجع نفسه، ص 13.

[38] لقد وسع التاريخ الجديد أفق الوثيقة التاريخية، عكس التاريخ الكلاسيكي الذي جعل من المكتوب المصدر الرئيسي إن لم نقل الوحيد، فالتاريخ الجديد عاد إلى الشفهي والآثار وغيرها من المصادر، ينظر: جاك لوغوف، التاريخ الجديد، ص 82.

[39] جاك لوغوف، التاريخ الجديد، ص 49.

[40] عبد الله العروي، مفهوم التاريخ، ص 193.

[41] André Burguière, L›école des annales, Une histoire intellectuelle – op.cit., p 47.

[42]جاك لوغوف، التاريخ الجديد، ص 228.

[43]المرجع نفسه، ص 160.

[44]المرجع نفسه، ص243.

[45]المرجع نفسه، ص 198.

[46] هاشم صالح، النشأة والبدايات الأولى من هو بروديل؟ http://www.alawan.org/article7895.html

[47] جاك لوغوف، التاريخ الجديد، ص 12.

[48] من مقدمة كتاب: جاك لوغوف، إشراف على مجموعة من الباحثين، التاريخ الجديد، ترجمة: محمد الطاهر المنصوري، لبنان: مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، 2007.