شعار الموقع

العقل العامل في التاريخ : البعد الميتافيزيقي والمنطقي لفلسفة التاريخ عند هيجل

قسول ثابت 2019-05-18
عدد القراءات « 2431 »

العقل العامل في التاريخ

البعد الميتافيزيقي والمنطقي لفلسفة التاريخ عند هيجل

الدكتور قسول ثابت*

* جامعة سيدي بلعباس، الجزائر.

 

 

 

مدخل

ما نعلمه جميعًا أن فلسفة هيجل كانت فلسفة نسقيه، ومن ثم لا يمكن لنا أن نفهم فلسفته السياسية إلَّا إذا تطرقنا إلى فلسفة التاريخ عنده، ولا يمكن أيضًا أن نفهم فلسفته في التاريخ إلَّا إذا تطرقنا إلى الميتافيزيقيا والمنطق عنده، ذلك أن هذه الثنائية الميتافيزيقيا والمنطق مرتبطة بعضها ببعض، فالأولى تمثل الموضوع، والثانية تمثل المنهج.

وميتافيزيقيا هيجل تقوم وفق مقولة: «كل ما هو عقلي واقعي، وكل ما هو واقعي عقلي»، فهذه العبارة هي مصدر كبير من مصادر الخلط في فهم فلسفة هيجل، ومغزاها الحقيقي يكمن في أن «المعقول متحقق بالفعل، وما هو متحقق بالفعل معقول».

«ولقد ذكر هيجل هذه العبارة لأول مرة في كتابه فلسفة العقل، وهو يناقش وظيفة الفلسفة أو وضعها، على حدّ تعبيره في دراسة المجتمع البشري وتنظيماته السياسية، لا سيما الدولة، يقول: ما دامت الفلسفة هي ارتياد المعقول والكشف عنه، فإنها لهذا السبب تدرس العالم الواقعي الفعلي، أعني أنها دراسة الحاضر، فليس مهمتها أن تشيد عالمًا في الماوراء عالمًا مزعومًا»[1].

أمّا بخصوص التاريخ وعلاقته بالميتافيزيقيا، فنحن نعلم أن التاريخ يتألف من الزمان، والمكان والفرد، وهذه الثلاثية في نظر هيجل ليست مستقلة: فالزمان مثلًا ليس عبارة عن وحدات زمانية، بل هو كل مطلق، والمكان لا يعبر عن تعدد مجتمعات؛ لأن هذا قد يؤدي إلى فقدان معنى التاريخ عند هيجل، أمّا الفردية فإنها عبارة عن شخصيات تاريخية أثرت في مجتمعاتها، فهي شخصيات محركة ووسائل لخدمة التاريخ، بل «وسائل أو ذرائع لقوة أعظم وأعمق هي الروح التي تسري في هذا الوجود المطلق لتسوس الكون وتجعل مسار التاريخ معقولًا، وإن بدت أحداثه فوضى عابثة غير هادفة»[2].

وبالتالي فلا مجال للصدفة في التاريخ عند هيجل، أضف إلى ذلك أن وقائع التاريخ مرتبطة بعلل كلية، بعيدة عن العلل الجزئية، والأشياء الجزئية هي مجرد أسباب ظاهرية، فالنتيجة إذًا، هي اتحاد المطلق بالروح يشكّل لنا المعقول الكلي.

لكن اعترض طريقنا سؤال وهو: كيف يمكن الكشف عن سر الروح كما تجري في مجريات وقائع التاريخ، وأي منطق يفصح عن باطن الأحداث؟

إنه ليس منطق أرسطو القائم عن قوانين الفكر وأخصها الذاتية وعدم التناقض، فذلك منطق يعبر عن ستاتيكية العقل[3]، ومن ثم فهو قاصر عن كشف ديناميكية الوجود وحركة التاريخ، إن قوانين الفكر مرحلة أولية تشكّل جانبًا واحدًا للعقل بينما يتسع الجدل ليمثل تعدد جوانبه، إن التناقض أعمق من الذاتية وأعمق تعبيرًا عن حركة الوجود، فمثلًا تبدو الحياة والموت متعارضين، لكن الحياة بما هي حياة تحمل في طياتها جرثومة الموت، ومن ثم فإن معنى الحياة يتضمن معنى الموت[4].

ولكي نوضح أكثر إليكم المثال التالي: في مجال العلوم الإنسانية وتحديدًا علم النفس، فإن الإنسان أحيانًا من شدة الفرح يعبر عن ذلك بالدموع. إذًا كما لاحظنا فكل مظاهر الوجود تعبر عن التناقض، وهذا ما يعرف بمنطق الجدل أو الديالكتيك عند هيجل.

هذا من ناحية، و«من ناحية أخرى، أن الوجود هو ذلك الكل المطلق الذي يشمل كل شيء، ولكننا لو تمعنَّا قليلًا، لوجدنا أن هذا الوجود ليس شيئًا معيّنًا أو موجودًا، وبالتالي فهو لا موجود؛ لأن الوجود عبّر لنا عن اللاوجود، عندئذٍ فإن الإنسان موجود لكن الوجود يحمل في طياته فكرة اللاوجود»[5].

نصل إلى أن الإنسان لا موجود، إذًا فهو موجود، من حيث إن الوجود هو ذلك المطلق، ولا موجود من حيث إن هذا المطلق ليس معيّن. وعصارة ما يمكن استخراجه من الميتافيزيقيا والمنطق الهيجليين أنهما يعتبران أساسيين، لا يمكن الاستغناء عنهما لفهم بقية المشوار في فلسفة التاريخ عند هيجل.

وهما يقوداننا لمبدأين: «أولها أن التاريخ ظاهرة أحداث ووقائع تاريخية، تبدو وكأنها تسير وفق عشوائية، إلَّا أن التاريخ في واقع الأمر له مظهره الباطني، وهو تلك الروح التي تقود مسار التاريخ، بعقلانية وحكمة، وحقيقة الروح لا تكمن في دراسة الجزئيات في ذلك الكل المطلق، فالجزئيات ليست سوى وسائل لتحقيق الروح. ثانيًا، أن المنطق التاريخي يسير وفق صراع الأضداد، إذًا الديالكتيك هو الذي يحرك التاريخ، ويعبر عن تعاقب أحداثه»[6].

وسنناقش في العنصر الموالي كيف أدخل هيجل الجدل في جميع مشواره الفلسفي، وجعله مبدأ كل فكرة.

أولًا: الجدل التاريخي ومنطق الصراع

إننا كثيرًا ما نفهم الديالكتيك بسطحية كبيرة، أي على أنه الجدل أو المتناقضات، ولكن في الواقع هو أعمق من ذلك، بل هو جوهر مهم في فلسفة هيجل وفي تفسيره للتاريخ. وهذه الكلمة أي الديالكتيك كمنهج فلسفي، يبدأ بالفكرة ثم يتولد عنها نقيض الفكرة، لينتج المركب للنقيض، وهذا الديالكتيك قد اقتبس عن الثالوث المسيحي: (فكرة الأب، الابن، الروح القدس)، وبالتالي نلتمس أن فلسفة هيجل لا تنفصل عن الدين، حيث بدّل هيجل كلمة « العناية الإلهية»[7] «بالعناية الروحية».

«فالجدل لا يعني أن الأشياء في حالة انسجام وتصالح وتناغم، بل هي في حالة صراع قائمة، فلا يمكن أن نجد موضوعًا واحدًا يخلو من التناقض، فكل الظواهر تحمل في ذاتها وداخلها العناصر التي تؤدي إلى ضدها»[8].

مركب النقيض يحمل في طياته نقائض تتولد عنها فكرة مناقضة، ثم بعد ذلك يظهر نقيض آخر، ثم مركب النقيض حتى يتم الوصول إلى الحقيقة، وبالتالي فهذه المتناقضات هي التي ستحرك التاريخ، حيث يقول هيجل: «إن تحقق العقل في التاريخ كالبذرة التي تبدأ بوعي بسيط ثم تتحقق عبر مسار التاريخ لتكتمل في النهاية»[9].

ونهاية التاريخ عند هيجل ليست زمانية، وإنما هي باكتمال تحقق الحرية، الدولة، الليبرالية... «ومن هنا نجد أن الديالكتيك الهيجلي قائم على فكرة الأضداد، أي الانتقال من الفكرة إلى ضدها، أي نفيها ثم نفي نفيها من جديد، وهذا إن دلَّ فإنه يدل ويؤكد على أهمية الواقع بالنسبة لهيجل الذي يوصل إلى ما هو عقلي، ولا عجب في ذلك أن طوباويته بناها على ما هو واقعي للوصول إلى ما هو متعالٍ»[10].

وقد أكد هيجل أن التناقض وهو أساس لكل حياة وكل حركة، فكل مظاهر الوجود تقوم على التناقض، مثلًا معنى الحياة يتضمن معنى الموت كما سبق وأن أشرنا؛ لأن الحياة بما هي حياة تحمل في طياتها حتمية الموت.

«في ضوء ما تقدم فإن كل ظاهرة من ظواهر الطبيعة، وكل عمل من أعمال الفكر ينطوي على جانبين متناقضين، جانب سلبي وآخر إيجابي، وهما في حالة صراع من أجل المواءمة بين النقائض وتقديم ما هو أفضل. وهكذا يستمر التناقض لأنه القوة الدافعة للتطور، فالمشكلات لا تحل أبدًا بأي معنى مطلق، ولكن يجري حلها بمعنى نسبي، وتبدأ المناقشة مرة أخرى، حول نقطة جديدة تأخذ في الاعتبار كل ما سبق أن الحرية تسير على وفق هذا المنطلق إلى الأمام في دائرة حلزونية ترتفع إلى الأعلى دائمًا، دون أن تفلح في بلوغ الذروة الأخيرة»[11].

لكن تجدر بنا الإشارة إلى أن الديالكتيك التاريخي بمراحله عند هيجل، ليس مجرد تكرار يترك العالم في حالته السكونية، بل إن فكرة المركب، أو إن صح القول مرحلة المركب في كل مرة هي خطوة من خطوات التقدم التاريخي، أي إننا نفهم من هذا أن هيجل يرى أن الصيرورة التاريخية تسير وفق مبدأ التناقض. أو بصيغة أخرى «اعتبر هيجل أن العالم في تطور دائم وتغير ديناميكي مستمر، وهذا التطور يشكل أمرًا طبيعيًّا وضروريًّا لعدم الوقوع في الجمود أو الفناء»[12].

«أما منطق الصراع الهيجلي في التاريخ الكوني للإنسانية، فيمثّله بقيام المدينة بفعل وردود فعل النزاعات الحضارية، فينشأ عصر سلطة لا يلبث أن يقوم على أنقاض عصر فوضى وإباحية هي نقيض له، أو رد فعل معاكس، ثم من اتِّحادهما تنشأ مرحلة متقدمة من الدستورية»[13].

ولا يسعنا القول ختامًا لهذا العنصر سوى أن هيجل كان بارعًا في استخدام الجدل في التاريخ استخدامًا مجديًا فعّالًا، حيث إن عملية الجدل المكونة من الموضوع، ونقيضه وحلها في إطار مركب الموضوع، عملت على إلقاء الضوء في مسار التاريخ الإنساني.

والفلسفة الديالكتيكية عند هيجل هي التي تؤدي إلى تحرر الفرد من سلطة الحس، وتحرر المجتمع من سيطرة الواقع الذي يعوق حركة التاريخ. «فالواقع الحقيقي للمجتمع هو الواقع الديالكتيكي، وهو الواقع الذي يقتضي تجسيده حمل الواقع الظرفي كي يتمشى مع ديالكتيكية التاريخ التي هي الوعي بالحرية»[14].

أي إن تاريخ العالم يكمن في الوعي بالحرية والدولة هي الحرية. إذًا «لقد طبق هيجل المنهج الجدلي على التاريخ، ذلك لأن فلسفة التاريخ أخذت أهمية بالغة بالنسبة له، حيث جمع بين الفلسفة وديالكتيكيتها وبين التاريخ داخل نسق فلسفي متكامل، فهو يكشف عن مفهوم التاريخ باعتباره مسار العقل الإنساني»[15].

ثانيًا: وحدة العقل والطبيعة عند هيجل

«إن الحديث عن الجدلية يجعلنا نبحث عن طبيعة هذا المفهوم، الذي سيحاول به هيجل الربط بين العقل والواقع دون إقصاء أي منهما»[16]، ففلسفة هيجل تتأسس باختصار شديد على أساس أن «كل ما هو عقلي واقعي، وكل ما هو واقعي عقلي»، أي إن هيجل لا يرجح العقل على الطبيعة، أو الطبيعة على العقل، حيث لا يمكن للعقل الكلي أن يوجد ما لم تكن هناك طبيعة، والعكس صحيح، «بعد هذا التشتت، يرجع المفهوم ثانية إلى ذاته في الفكرة، فالذات والموضوع هما الأنان اللذان توحد بينهما»[17].

ويعتبر هيجل أن فهم العالم ميسور أي ممكن، فالعقل يكمن في مواطن الأشياء، ومهما يكن من اختلاف المظهر الخارجي، أي كل شيء موجود في الطبيعة عندما يتحقق، فهو عقل يتحقق، فالظاهرة هي فقط تجلٍّ للعقل، إذ يرى هيجل أن الإنسان يستطيع أن يدرك أشياء لم ترد إليه.

«اعتبر هيجل العقل نوعان: العقل العملي والعقل المجرد، أما العقل العملي فهو مسؤول ومكلف بإدراك الأعمال اليومية التي تدور حولنا، والعقل المجرد فهو مسؤول عمَّا هو مجرد كالمجردات الكمية، وبهذا التصور يعارض هيجل الحسيين ويعارض الميتافزيقيين، فهو يختص بما هو مجرد عن العالم الحسي كالكم مثلًا. أما الوجود عند هيجل فهو وجودان، وجود حسي مقابل الوجود الاعتباري أي الميتافيزيقي، أما المسلمة الأساسية عنده هي العقل المجرد الوجودي»[18].

كما يرى هيجل أن العقل الإنساني ليس بمعزل عن الطبيعة، ذلك أن الطبيعة تشكل مجموعة الشروط الطبيعية للحياة البشرية، ولهذا فالطبيعة هي أساس التاريخ، لأن الإنسان كائن يعيش في الطبيعة، فهو إذًا يؤثر فيها ويتأثر بها.

وقد أشار هيجل إلى أن الطبيعة هي وجهة النظر الأولى التي يستطيع منها الإنسان أن يظفر بحريته داخل ذاته، وينبغي أَلَّا تقف العقبات الطبيعية حائلًا في وجه هذا التحرر، إن الطبيعة في مقابل الروح هي كتلة كمية، ويلزم أَلَّا يكون لها من القوة ما يجعلها قادرة على كل شيء[19].

فوظيفة الفلسفة إذًا، هي فهم الحاضر؛ لأن الحاضر هو العقل، ومن هذه المقولة تبدأ الفلسفة دراستها لعالم الروح وعالم الطبيعة. «حيث يرى أن الطبيعة نفسها وجه من أوجه تطور الفكرة أو الله، تسعى الروح إلى أن تظهر فيه ظهورًا خارجيًّا، أي إن الروح تخرج على نفسها، أو تخرج نفسها إخراجًا في أحد أوجه الفكرة المتطورة... وهذا الوجه هو نفسه الطبيعة، فالطبيعة هي أحد أوجه الفكرة التي تظهر الروح نفسها فيه، أو تبدو الروح في صورته، وترجع أهمية هذه النقطة إلى أنها تعني شيئًا أراد هيجل أن يؤكّده، وهو أن العالم الطبيعي هو العالم الذي يصير فيه كل شيء خارج كل شيء آخر، غير أن الطبيعة لا تكتفي بأن تسعى لكي تبدو في الخارج وأن تظهر في صورة خارجية، إذ إنها تهتم أيضًا في الوقت نفسه بالاشتباك في عملية مضادة وهي عملية الانطواء في الباطن أو المحافظة على البقاء في الداخل، أي عملية التحول إلى عقل أو الصيرورة في شكل عقل»[20].

الوجود عند هيجل مطلق وبعيد عن التجزؤ، أي إنه لا ينقسم إلى وحدات، فالكل عند هيجل لا ينقسم ولا يتجزأ، بل هو المطلق، إذًا الذات والموضوع عبارة عن وحدة مطلقة. والذات تدخل في إطار العقل، أما الموضوع فيدخل في إطار الواقع، إذًا هذا صنع لنا مقولة تعبّر عن المنطق الهيجلي، وهي -كما قلنا- أن «كل ما هو معقول واقعي، وكل ما هو واقعي معقول»، إذًا الفكر والوجود شيء واحد يدخل في إطار المنطق.

«لهذا يقول هيجل: إن التحقق هو اتحاد الماهية والوجود، وقد أصبح الآن مباشرًا، أو هو وحدة الداخلي والخارجي... ومعنى ذلك أن المتحقق بالفعل أو الواقعي يفي ما يحقق طبيعته تمامًا أو ما يتفق وجوده مع فكرته الشاملة. ولهذا فإن الجسم المريض والدولة الفاسدة رغم أنها موجودات في العالم الخارجي، لكنها ليست متحققة بالفعل أو واقعية بالمعنى الهيجلي للكلمة؛ لأنها لا تتفق مع الفكرة الفعلية للجسم أو الدولة»[21].

وخلاصة قولنا هي: أن هيجل يرى أن كلًّا من الذات والموضوع، أي العقل والطبيعة لا يمكن أن يستقلَّا أو ينفصلا عن بعضهما، فلا العقل ولا العالم الخارجيان قائمان في ذاتهما، فكل «ما يسعى إليه التاريخ عند هيجل هو تقديم خلفية زمنية مكانية كديكور مسرحي، تنعكس على ضوئه كل صور الأفكار المجردة بحيث تتجسم أمام البصر»[22].

ومن هنا نصل في الأخير إلى أن هيجل أقحم الذات والموضوع في نظام جدلي، فالجدل الهيجلي ينتقل من الخارج إلى الداخل، من ما هو ظاهر إلى ما هو باطن، وبهذا فهو تقدم مطرد للمعرفة، كونه يعبر عن الحركة الباطنية للصيرورة الشاملة، فهو صورة لديالكتيك الأشياء، وفي كل مرحلة ينبثق التناقض من صميم الأشياء من أجل التصاعد وصولًا إلى وحدة تحقق في الواقع؛ لذا فالجدل هو قانون تطور الوجود والفكر.

ثالثًا: ماهية الروح أو العقل

إنّ الروح عند هيجل هو المطلق، وقد أصبح وعيًا وعقلًا في الوقت ذاته، فالروح تمثل حقيقة العقل، وتدرك ذاتها بذاتها، «وإنّ البحث عمَّا هو مطلق، لا يملك الإمكانية للوصول إليه من خلال تعريفات وتأملات خارجية، بل إننا سنترك المطلق حتى يتحدث ويترجم نفسه ويعرف نفسه بنفسه»[23].

فغاية العقل ليست إلَّا الوصول إلى الغاية النهائية وهي المطلق، وهذا يتجلى من خلال كشف نفسه وتجليه في العالم، «فالعقل عنده هو الفكر الجدلي لأن المهمة الأساسية للتاريخ تتمثل في البحث عن العقل، هذا العقل الذي يتعين عليه أن يحكم العالم»[24].

وقد «اعتقد هيجل أن التاريخ الكلي للعالم ليس مسرحًا للصدفة العمياء، بل إن الفكرة -العقل أو الروح- تتحكم في مساره، باعتباره تاريخ الإنسان وتطوره، والدراسة الفلسفية للتاريخ هي دراسة التاريخ من خلال الفكر، أما دور الفيلسوف فيتجلى في تفسيره للأحداث، فالتاريخ هو التجلي الذاتي التدريجي للفكرة في الزمان، وهو ما يسمى لدى اللاهوتيين بالتدبير الإلهي، وعند اليونانيين -وخصوصًا أناكساغوراس- بالنوس[25] الذي يحكم العالم وعند هيراقليطس باللوغوس»[26][27].

ويرى هيجل أن «طبيعة العقل أو الروح عكس طبيعة المادة، فإذا كانت ماهية المادة هي الثقل، فإن ماهية الروح هي الحرية»[28]، هذه الظاهرة الطبيعية المادية نجد فيها ماهية (الثقل، الشكل، الجاذبية...) لكنّ عندما نقول العقل فإنّ ماهيته الحرية، أي بتحقق الوعي، فانطلاقًا من هذا نفهم أن التاريخ وسيلة للعقل لتحقيق الحرية، فنجد أن الروح لا توجد إلَّا بواسطة الحرية.

رابعًا: أساليب تحقيق العقل أو الروح في التاريخ

إنّ هيجل يرفض فكرة «التاريخ يعيد نفسه»؛ لأنّ الأحداث التاريخية هي استمرار لا يتوقف، «فتاريخ العالم هو مسار تكافح به الروح لكي تصل وعيها بذاتها، أي لتكون حرة؛ لأن التقدم في نظر هيجل لا يكون إلَّا من خلال الوعي بالحرية، فيكون المسار التاريخي بذلك في حركة بدون أن يدرك الإنسان ذلك، وكل مرحلة من مراحل سيره تمثل درجة معينة من درجات الحرية، وهي تستمر في ذلك إلى أن يتحقق الروح المطلق»[29].

وأول حضارة -عند هيجل- هي الحضارات الشرقية القديمة (الصينية، الهندية، البابلية، الفرعونية)، وإن كانت الشعوب الأخرى البدائية لا تدخل في إطار التاريخ لأنه ليس لها وعي بالتاريخ، على العكس من الشعوب الشرقية القديمة، فقد بدأ الوعي يتحقق عندها لكنها لم تعش الحرية بوعي، وإنما عاشتها انطلاقًا من الأهواء والميولات، لكنّها تمثل البدرة الأولى.

أما المرحلة الثانية، فهي الوعي بالحرية عند اليونان والرومان، حيث هناك طبقات حرة وأخرى غير حرة، فحتى كبار الفلاسفة اليونان أقرّوا بفكرة الرق، ففي هذه الحضارات انقسم المجتمع إلى طبقتين: طبقة الأحرار وطبقة العبيد، أي بدأ تحقق نوع من الحرية، «إذًا الحرية لا ترتبط بوعي الإنسان بذاته عند اليونان والرومان، لذلك جعلوا طبقة الأسياد والعبيد، لكن هيجل يرى أنه حتى العبيد أحرار، والعقل يتجلى في جزئيات المادة –الأحداث- هذه الأحداث هي تجليات الروح في تحقيق حرياتها، للتوضيح أكثر كيف يتحرك الروح؟»[30]. إليكم المثال التالي: خذ أنبوب ماء مرمي، افتح الحنفية، فيتحرك الأنبوب بصورة عشوائية، لكن في الحقيقة الماء هو الذي يتحرك، فهذه الحركة ليست هي الحقيقة بل هي تجلي لحقيقة أخرى، وقس هذا المثال على ما قلناه.

يرى هيجل أن الأفراد متساوون «فحدث صراع بين اثنين، فخُلق نقيض، فبدأ الصراع بين الفكرة ونقيضها، في النهاية ينتهي إلى العبد والسيد أي الإنسان المتغلب هو السيد، السيد كان يشعر بأنه حر، والعبد ليس حرًّا، يبدأ التناقض بين الفكرة ونقيضها، فيصبح العبد يخدم سيده في جميع الأعمال، وفي النهاية العبد يعي ذاته لأنه يعرف كل شيء، والسيد ضاع منه كل شيء، فيتحقق النقيض، فيصبح العبد سيدًا والسيد عبدًا»[31].

ومن ثَمَّ فالحرية هنا ليس على المستوى المادي وإنما في الوعي، هنا شعوب الشرق لم تعِ هذه الفكرة، أن العبد حر لأن الحرية هي وعي وبالتالي هذه الشعوب عرفت الحرية ولم تعشها.

والمرحلة الأخيرة هي مرحلة النمو الجرماني، إذ يرى هيجل أن الأمم الجرمانية عرفت الحرية وعاشتها أي «هي وحدها التي ارتفعت لأول مرة إلى الشعور والوعي لهذه الحقيقة، ألا وهي أنّ الإنسان حر بما هو إنسان، وأن حرية الروح هي الطبيعة الخاصة الجوهرية بكلّ إنسان بما هو إنسان، ولكن النظم السياسية لم تخضع لهذا المبدأ في أول الأمر وطوال العصور الوسطى الأولى، إنما بدأت الفترات الحاسمة من أجل إيجاد هذا الوعي بالحرية لأول مرة بعد ذلك في عصر الاصطلاح الديني، وهذا يعد بمثابة الثورة الجرمانية في مقابل الثورة الفرنسية»[32].

ومن هنا كانت السمة الأولى لفلسفة التاريخ عند هيجل هي أن تجعل من التاريخ عرضًا للروح، فالروح من البداية تحصل على إمكانات كثيرة تقتضيها في مراحل التاريخ، المختلفة مكتسبة معرفة بما هي عليه في ذاتها[33].

إذًا لقد كان هيجل يرى «أن التاريخ يقوم على إظهار العقل عاملًا، بصورة متصاعدة في الأحداث، التي ليس فيها أي حادث عارض، ولا حتى ضائع، كل شيء مسترجع ومدموج في حياة فكر. وإذا كان منطق هيجل تاريخيًّا فيما هو مخصص لإدراك حياة الفكر، مقابل ذلك فإنّ تاريخه هو تاريخ للعقل. هذا الموقف اتجاه التاريخ يفسر أيضًا التي تصدم أحيانًا، والتي تلقى بها هيجل بعض أحداث عصره، ونظرًا لأن التاريخ الكوني هو كما يحب هيجل غالبًا أن يؤكد، المحكمة العليا فإن الفيلسوف يكتفي بالبحث عن سبب الأحداث، كل الواقع عقلاني»[34].

وفي نهاية هذا العنصر يجدر القول: إن العقل أصبح أساس كل شيء وكل حركة، «وجاءت هذه فيما بعد، هناك أصبح الإنسان يتخذ رأسه أساسًا، أي اتخذ الفكر والعقل الأساسي، وحاول أن يصوغ الواقع على صورة العقل، لقد كان ذلك مشرقًا رائعًا للشمس هناك ساد انفعال نبيل، وشاعت حماسة عقلية هذه الدنيا بأسرها، وكأن الإنسان لم يبلغ إلَّا آنذاك مرتبة التوفيق الفعلي بين ما هو إلهي وما هو دنيوي»[35].

خامسًا: التاريخ الشامل - الدولة المعقلنة - عند هيجل

لقد أعطى هيجل الدولة حقها الوافي في فلسفة التاريخ، وجعلها الهدف الذي عنده ينتهي صراع الأضداد في منطقه الديالكتيكي، لذا فمن الأجدر أن نوضح باختصار أهم ما جادت به قريحة هيجل بخصوص أهمية الدولة في حركة التاريخ.

يرى هيجل أن الدولة هي المؤسسة التي تتحقق فيها الحرية الأخلاقية نتيجة لاتحاد الدوافع الجزئية للأفراد كالرغبات والمصالح الخاصة، مع الغاية العامة للدولة بحيث يجد كل منهما في الآخر إشباعه وتحققه الفعلي، ويذهب إلى أن المصالح الخاصة للأفراد هي أقل أهمية من المصالح العامة للدولة، بل إنها ذات طابع سلبي وأقرب إلى الثورات، وذلك لأن القانون والأخلاق الموضوعية والحكومة هي وحدها الحقيقة الإيجابية التي تكتمل بها الحرية.

كما أنه «ما يعد مجرد غريزة وانفعال أعمى يتحول إلى عقل وإدارة في التاريخ، وهذان بدورهما –أعني العقل والإدارة- يؤديان إلى القانون والدولة أو ينهضان بالقانون والدولة»[36].

يرى هيجل أن تحقيق دولة في ظل النظام والقانون يحقق صيرورة التاريخ، والدولة عند هيجل هي النموذج العام الذي تتجلى فيه الروح المطلق، لأن كل الأفراد يعيشون داخل الدولة، هذه الأمم هي الحرة لأنها عرفت أن الإنسان حر بما هو إنسان، سواء كان فيلسوفًا، موظفًا، عاملًا، حاكمًا، لأن له وعي يحققه في إطاره.

والحرية هي أن يتحقق وعي بالذات «والوعي بالذات لا يكون في ذاته ولذاته إلَّا حين يكون، ومن حيث يكون في ذاته ولذاته لوعي آخر بالذات، أي من حيث هو ملاقٍ منه عرفانًا بكونه كذلك»[37].

الحرية تؤلّف ماهية الروح، يقنعنا هيجل أن أفعال الناس تصدر من الدوافع والرغبات الشخصية لأفعال جزئية، وهو ما ينظر إليه هيجل نظرة احتقار ويسميه بالجانب الذاتي، ويرى أنه لو كانت هذه الرغبات الشخصية تتوافق مع النظم العامة لبُنيت الدولة بناء قويًّا، أي الفرد يحقق رغباته دون المساس بالقواعد العامة، وهذه الذاتية هي جزئيات في إطار الكل الذي يتحقق من خلاله الروح، إذًا «فالحرية هي قانون السياسة، وهي طريق مفتوحة للتغيير، والتاريخ هو نمو الحرية وتطورها، وتكون الدولة أو ينبغي أن تكون حرية منظمة»[38] بمثابة الحرية في صورتها الواقعية أي هي الفكرة الإلهية المتجسدة على الأرض، وكل نشاط بشري أو عمل فكري، إنما يتحقق من خلال الدولة وأنظمتها وبالتالي فهي الشكل النهائي الذي عنده تشكل موضوع التاريخ.

«فالصورة إذ تبرز إلى الخارج لا تصبح بالنسبة إلى الوعي شيئًا عداه، لأن هذه الصورة بالتحديد هي كونه الخلاص لذاته، إذ يرقى لناظره إلى مرتبة الحقيقة أو الموضوعية»[39].

الدولة في النهاية إذا حدث فيها انسجام معناه أنها وصلت إلى أوج قوتها، فتصبح قائمة، والأفراد يعيشون داخلها ويحققون حريتهم (انسجام بين متطلبات الفرد والدولة)، فتقوم بطبيعتها العادية، لكن حتى تتحقق هذه الدولة ستعيش في صراع.

ختامًا نجمل القول: كما قال هيجل: «دهاء الحكمة» التي تظهر موضوعية التاريخ هي التي تسمح لفلسفة التاريخ أن تصل أو تتوصل إلى الفلسفة السياسية والعكس صحيح، على أن الفلسفة السياسية تذوب في تفسير دولة كاملة التطور أي في منتهى التطور.

إذا كان هناك شيء صحيح في فلسفة هيجل للتاريخ، فإنما هو أن ارتقاء المدنية الإنسانية أثناء التاريخ ما زال يحصل بصورة الحرب بين الأضداد أولاً ثم التصالح بينهما بعده، إلَّا أن هيجل مزج هذه الفكرة الصحيحة بأفكار خاطئة كثيرة حتى أقام بناء نظرية لا تقوم أكثر أعمدتها إلَّا في الفضاء.

إذًا إن فهم التطور التاريخي حسب هيغل، هو فهم لحركة الفكر أو العقل الذي لا يكتسب قيمة إلَّا عندما تجسده الدولة، لهذا قال بأن التاريخ يتجسد في الدولة، وأن الدولة هي نابليون.

لا شك بأن النظرة المثالية للتاريخ وتطور الحضارات عند هيجل، تكمن أساسًا في تصور الكون أو بدقه أكثر في تحديد العلاقة بين الفكر والوجود، أسبقية الفكر على الوجود منطقيًّا. يرى هيجل أن الفكر هو الشرط الأساسي وهو المبدأ الأول للكون، وهو الماهية الخالصة للعالم الواقعي، ومن ثم فلا بد أن نبدأ من الفكر الخالص لنسير منه إلى الطبيعة، وأن التغيير ينطلق من العقل نحو المادة، في حين هناك رؤية أخرى تتجسد في التفسير المادي للتاريخ رائدها كارل ماركس مفادها أن التغيير ينطلق من المادة نحو العقل أو الفكر، ما يعني أن ماركس يرفض هذه النظرة المثالية ويرى أن الطبيعة والواقع المادي هما الأساس الأول وهما الشرط الأساسي أو البناء التحتي، لوجود الفكر والحياة الروحية أي البناء الفوقي للمجتمع بخلاف مثالية هيجل.

 

 



[1] إمام عبد الفتاح إمام، دراسات هيجلية، طرابلس - لبنان: دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1419هـ-1999م، ص29.

[2] أحمد محمود صبحي، في فلسفة التاريخ، بيروت: دار النهضة العربية للطباعة والنشر، ط3، 1994، المرجع السابق، ص206.

[3] ستاتيكية العقل: سكونية العقل.

[4] أحمد محمود صبحي، في فلسفة التاريخ، المرجع السابق، ص207.

[5] يُنظر: المرجع نفسه، ص 208.

[6] أحمد محمود صبحي، المرجع السابق، ص207.

[7] تشير نظرية العناية الإلهية إلى أن التاريخ في نظر هيجل هو مسرحية ألفها الله ويمثلها الإنسان، أي إن وقائع التاريخ تخضع للمشيئة الإلهية بل هي التي شكلتها على نحو ما هي عليه، تنكر هذه النظرية القول بالمصادفة لأنها لا تعني إلَّا الفوضى أو العبث.أحمد محمود صبحي، المرجع السابق، ص148.

[8] عبد الله إبراهيم، المركزية الغربية إشكالية التكون والتمركز حول الذات، بيروت - لبنان: المركز الثقافي العربي، ط1، 1997، ص106.

[9] les grandes notions philosophiques 3-la justice, le droid, seuil, France, p32. -Denis Collin, 

[10] الرياشي جميل، رؤية النسق الهيجلي من خلال ظاهريات الروح، العرب والفكر العالمي، العددان 15-16، 1991، ص154.

[11] هاشم يحيى الملاح، المرجع السابق، ص327.

[12] مهدي محفوظ،، اتجاهات الفكر السياسي في العصر الحديث، بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط3، 2007م، ص224.

[13] علي حسين الجابري، الفلسفة الغربية من التنوير إلى العدمية، عمان - الأردن: دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، ط1، 1428هـ-2007م، ص188.

[14] فاروق سعد، تراث الفكر السياسي قبل الأمير وبعده، بيروت: منشورات دار الآفاق الجديدة، 1419هـ-1999م، ص279.

[15] عبد الله إبراهيم، المرجع السابق، ص107.

[16] Petite Encyclopédie politique, edition du seuil, Paris1969, p93.

[17] إميل بريهييه، تاريخ الفلسفة القرن التاسع عشر (1800-1850)، ترجمة: جورج طرابيشي، بيروت - لبنان: دار الطليعة للطباعة والنشر، ط1، 1985، ج6، ص214.

[18] Henri Gouhier, Hegel leçons sur la philosophie de l’histoire, Trad. J.Gibelin, 3ème édition remanie, librairie philosophique, J.Vrin, Paris,1963, P46.

[19] هاشم يحيى الملاح، المرجع السابق، ص324.

[20] إسماعيل زروخي، هيجل السلطة والدولة دراسات في الفلسفة السياسية، الجزائر: دار الفجر للنشر والتوزيع، ط1، 2001، ص28.

[21] أحمد محمود صبحي، في فلسفة التاريخ، المرجع السابق، ص206.

[22] إسماعيل زروخي، هيجل السلطة والدولة دراسات في الفلسفة السياسية، مرجع سابق، ص37.

[23] Hegel, S.jeankelivitch, Science de la logique –Logique  de l’essence-, tome 3,Paris, Aubain, 04/04/1969, p23.

[24] أبو النور حمدي أبو النور حسن، يورغين هابرماس الأخلاق والتواصل، بيروت - لبنان: دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع، 2008، ص29.

[25] النوس: يعني الفهم بصفة عامة أو العقل، أو ما ندعوه الآن القوانين التي تكمن وراء حركة الظواهر المختلفة. (هاشم يحيى الملاح، المرجع السابق، ص ص:319 - 318).

[26] اللوغس: هو في فلسفة هيراقليطس، قانون الكينونة وهو الضرورة الكلية، وعند أفلاطون الله من حيث إنه مصدر الأفكار، وهو عند الرواقيين المصير والعقل، وعند الأفلاطونيين المحدثين أحد مظاهر الألوهية، وفي مذهب هيجل الفلسفي هو المفهوم والعقل والروح المطلقة. (ديديه جوليا، قاموس الفلسفة، المرجع السابق، ص459).

[27] علي حسين الجابري، الفلسفة الغربية من التنوير إلى العدمية، عمان - الأردن: دار المجدلاوي للنشر والتوزيع، ط1، 1428هـ-2007م، ص183.

[28] Petite Encyclopédie politique, p95.

[29] Charles Raytor, Hegel, Cambridge University, Press, 1975, p382.

[30] فاروق سعد، المرجع السابق، ص 108.

[31] الرياشي جميل، المرجع السابق، ص 156.

[32] عبد الرحمن بدوي، الموسوعة السابقة، ص ص:574 - 575.

[33] Charles RAYTOR, p383.

[34] جان توشار، تاريخ الفكر السياسي، ترجمة: علي مقلد، بيروت - لبنان: الدار العالمية للطباعة والنشر، ط2، 1403هـ-1983م، ص 387.

[35] عبد الرحمن بدوي، الموسوعة السابقة، ص ص: 574 - 575.

[36] إسماعيل زروخي، مرجع سابق، ص29.

[37] هيجل، فينومينولوجيا الفكر، ترجمة: مصطفى صفوان، الجزائر: الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، 1981، ص 156.

[38] ول ديوارنت، قصة الفلسفة من أفلاطون إلى جون ديوي، ترجمة: فتح الله محمد المشعشع، بيروت: مكتبة المعارف، ط2، 1972،ص 381.

[39] المرجع نفسه، ص 166.