هذا العدد
ثمَّة قناعة راسخة لدينا، مفادها أن الطريق لنجاح العمل المؤسسي في أي مجتمع أو أمة، هو تعزيز مفهوم الفردية في هذا المجتمع، فالذوات المعرّفة هي أكثر قدرة وحيوية وديمومة للالتزام بالعمل المؤسسي وحمايته من المخاطر والتحديات؛ لذلك فإن الطريق القويم لبناء مؤسسات في كل الفضاء الاجتماعي، هو تعزيز نزعة الفردية لدى شرائح المجتمع المختلفة؛ لأن تعزيز الفردية هو الذي يوفّر الشروط الفورية للعمل المؤسسي والجماعي. وعليه فإن أي إخفاق يصيب العمل المؤسسي ينبغي أن يتوجّه تفكيرنا بالدرجة الأولى إلى حالة الأفراد في مجتمعنا. فقمع الأفراد بحيث يفتقدون القدرة والمواهب المطلوبة، هو المسؤول الأول عن غياب العمل المؤسسي؛ لذلك نرى وبعمق أن حماية العمل المؤسسي في مجتمعاتنا يتطلّب تعزيز مفهوم لا يساوي الأثرة والأنانية، وإنما يساوي القدرة والتميّز في حياة الأفراد.
والمشروع الثقافي الذي تعمل عليه مجلة الكلمة لا يلغي الجانب الفردي في عملية التغيير والتطوّر، بل نرى وبعمق أننا بحاجة أن نتّجه إلى العمل المؤسسي في كل جوانب حياتنا. وهذا العمل المؤسسي لا يتشكّل مع غياب النزعة الفردية، بل السبيل الوحيد المتاح هو تعزيز النزعة الفردية لدى آحاد الأمة، حتى نتمكّن من تعميق العمل المؤسسي في كل جوانب حياتنا.
ومواد هذا العدد تأتي في سياق اهتمامنا المعرفي بضرورة تطوير العمل المؤسسي في الأمة. والكلمة الأولى جاءت بعنوان «الدولة العربية المعاصرة وجدليات الاستقرار والإصلاح» لمدير التحرير، والأستاذ رئيس التحرير يشاركنا في هذا العدد بدراسة بعنوان «حركة الإمام الحسين.. قراءة تحليلية في المواقف المعارضة». ويشاركنا في هذا العدد الدكتور الشيخ حسن الربيعي من جامعة الكوفة بالعراق بدراسة عن الشيخ محمد رضا المظفر رحمه الله، وكذلك الشيخ ليث العتابي بدراسة عن علوم القرآن بعنوان «قواعد التفسير وأصولها المنهجية.. دراسة في الأصول المنهجية للقواعد التفسيرية». إضافة إلى الأبحاث والدراسات الأخرى التي توزّعت على أبواب المجلة الثابتة..
نأمل أن يكون في هذا العدد ما يضيف جديدًا.
والله الموفق..