شعار الموقع

فكر عبدالوهاب المسيري .. مشروع قراءة معرفية

احمد مرزاق 2019-05-26
عدد القراءات « 1237 »

فكر عبد الوهاب المسيري..

مشروع قراءة معرفية

أحمد مـرزاق*

* باحث من المغرب. البريد الالكتروني: merzaknajmi@maktoob.com

 

يستند مضمون هذه الدراسة أوّلاً إلى العلاقة المعرفية، وثانيًّا إلى العلاقة الشخصية اللتين تربطان الباحث بالمفكّر الراحل عبد الوهاب المسيري.

وقبل تقديم الخطوط العريضة لمشروع القراءة التي ندعو إليها سنحاول في توطئة علمية الحديث عن أمر نخاله ضروريًّا لما سيأتي من كلام.

أولاً: توطئـة علمية

اكتشفتُ المفكّر عبد الوهاب المسيري وأنا ألامس الطريق في قضية معرفية شغلتني كثيراً هي قضية المنهج والمرجعية.

أمّا علاقتي المعرفية به فتعود إلى تسعة عشرة عاماً تقريباً، أو أكثر؛ إذ كنت في بداية أمري -وأنا تلميذ في الثانوي ثم طالب في الجامعة- أتابع مقالاته ودراساته، وأقتني كتبه، وأحرص كل الحرص على قراءتها.

1- فـي عام 1996 دخلت الجامعة، ولمَّا كنت طالباً في السنة الثالثة قسم أدب عربي سنحت لي الفرصة فأنجزت رفقة بعض الطلبة عرضاً حول بعض أعمال المفكّر المسيري، وهنا لا بد أن أسجّل بعض ملابسات هذا العرض؛ لقد طلب منّا أحد الأساتذة إنجاز عروض في مادة تاريخ الفكر، فاقترحت أنا وأحد الزملاء أن ننجز بحثاً حول الأستاذ المسيري، فالتفّ حولنا ستة طلبة، لم يكن لهم عهد بفكر المسيري، فوفَّـرنا لهم الكتب والمقالات، وبدأنا العمل، وممّا أذكره أنني طلبت منهم أن يتخلصوا ممَّا قرؤوه وهم يلجون عالم هذا المفكر؛ لأننا سندخل إلى فكر جديد فلابد أن نفهمه من خلال كتب صاحبه ودراساته.

بعد ثلاثة أشهر من العمل طلبنا من الأستاذ أن نقدّم هذا العرض داخل المدرّج، فلَّما علم بعدد المشاركين رفض، بحجةٍ لم يصرح بها، ولكننا استخلصناها ممّا عهدناه من تعامل الأساتذة والطلبة مع العروض؛ إذ تجد طالباً، أو طالبين، متميزين ينجزان العرض، ثم يحشران باقي أسماء زملائهما.

فأقنعنا الأستاذ بطريقة ما أننا لسنا من هذا النوع، ووعدته أن كل طالب منَّا مستعد أن ينجز عرضاً آخر بعد هذا العمل المشترك، فوافق، ولكن بعد أن علم بالصفحات المحرّرة رفض بحجة أن هذا العدد قليل، ولا يعقل أن ثمانية طلبة ينجزون عرضاً من تسع صفحات.

فدخلنا في المفاوضات من جديد وشرحنا له أن ما نملكه من المسودات أكثر بكثير من هذه الصفحات التسع، ثم قلت له: إن العمل حول المفكر عبد الوهاب المسيري صعب، فردّ بشيء من التعالي -كنت قد عهدته فيه-: «وأنتم من طلب منكم أن تطلعوا هذا الجبل؟»[1].

بعد أخذ وردّ أقنعناه، فطلب منّـا إحضار العرض والمسودّات، فكان له ذلك.

يوم العرض كان مفاجئاً لهذا الأستاذ؛ إذ أحضرنا كل ما نملك من كتب المفكّر المسيري، ومقالاته وحواراته المنشورة في عدد كبير من المجلات العربية، وقدّمنا العرض في أحسن صورة، ممَّا اضطر هذا الأستاذ في الأخير إلى أن يشيد بعملنا، وينتقي بعض المقالات التي لم تكن في حوزته ويطلب منّا أن ننسخها له على حسابه الخاص.

2- ثـم جاءت مرحلة الدراسات العليا، فأنجزت رسالة تقدّمت بها لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة عام 2003 بجامعة محمد الأول كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة وجدة[2]، كان عنوانها: موقف النقد الأدبي العربي إزاء المنهج الغربي: المسيري نموذجاً[3].

وفي ظروف قاسية تعرضت لها من بعض أساتذة الجامعة لا سبيل إلى ذكرها هنا، مرّ هذا البحث وكأنه لا شيء، لكنني كنت مقتنعاً أنني أنجزت شيئاً مهمًّا، ممّا دفعتني إلى أن ألتجئ إلى المفكّر المسيري نفسه، فيمّمتُ وجهي شطر أرض الكنانة، وحبّرت رسالة إلى الأستاذ الفاضل الكريم عبد الوهاب المسيري، مصحوبةً بنص البحث.

ولـم أندم على شيء ندمي على ضياع نص هذه الرسالة[4]، أمّا ما أذكره منها فهو بعض الأشياء منها: طلبي من الأستاذ الكريم أن يقرأ هذا البحث بإنصاف، فإن كان يستحقّ النشر فليتكرم بكتابة مقدمة له، وإن لم يكن يستحق ذلك فليقلها لي بصراحة.

ثـم ذيّلت رسالتي ببعض الأسئلة منها:

- ما العلاقة بين مفهوم النموذج عندكم وعند (توماس كون)؟

- ما مفهومكم للمنهج وما طريقتكم في قراءة النصوص؟

- هل عندكم فرق بين المنهج والنموذج والنظرية والمفهوم؟

- ما مدى تأثركم بـ(ڤيبر)، و(دلتاي)...؟

بعد أن توصّل الأستاذ المسيري بالبحث اتّصل بالأخت الكريمة نعيمة عبد لاوي[5] يسألها عن شخص اسمه مرزاق من المغرب توصّل منه ببحث، فهل تعرفه، أهو ذلك الشخص الذي كانت تحدّثه عنه؟

لـم أكن أعرف بهذا الاتّصال، ولا باهتمام الأستاذ المسيري بطلبة البحث بهذا الشكل؛ لأن هذا الاتصال لم تحكِـه لي الأخت نعيمة إلاّ في صيف 2004.

أمّـا أول الغيث فكان ردّ الأستاذ المسيري عبر البريد العادي: وقد تسلّمته يوم الثلاثاء 22 يونيو 2004؛ وممَّا جاء فيه: «اسمح لي بدايةً أن أعبّر عن إعجابي الشديد بالبحث الذي أرسلتموه لنا عبر البريد الإلكتروني (...)»، ثم أجاب عن أسئلتي إجابة مقتضبة، كما أرسل إليّ بحث الأستاذ نصر محمد عارف: النماذج المعرفية عند المسيري وكون[6].

ثم انهمر مطر الرحمة فكان ردّه الثاني بلسماً أشفى الجراح، ومدّني بطاقة لا تتصوّر؛ لقد قال لي:

«عزيزي الأستاذ أحمد مرزاق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنت لا تعرف مدى سعادتي ببحثك عن النماذج فقد وضح لي جوانب من فكري وبلورها لي بطريقة تثير الدهشة والإعجاب.

وسينشر الدكتور أحمد عبد الحليم عطية البحث في مجلد أوراق فلسفية في عدد خاص سيصدر عن أعمالي. وبالإجابة على أسئلتكم في الخطاب السابق أرسلت لكم مع الأخ سعيد الحسن نسخة من كتاب في عالم عبد الوهاب المسيري (من جزأين)، وأعتقد أنه قد أرسله لكم، أو لعله قد يقوم بذلك في المستقبل القريب بإذن الله.

هذا وسيسعدني اللقاء بكم في وجدة حينما أحضر في مارس إن شاء الله.

مع خالص مودتي وتقديري.

عبد الوهاب المسيري»[7].

جاء الموعد 17 مارس 2005، وقدم الأستاذ الفاضل المسيري إلى المغرب، فلمَّا وصل إلى الدار البيضاء اتصل بالأستاذ محمد أمزيان المدير المسؤول لمجلة المنعطف، وأحد منظمي مؤتمر وجدة، وطلب منه أن يحضر له هذا الطالب المسمى مرزاق أحمد بأيّ وجه.

التقيت بالأستاذ الفاضل في كلية الحقوق، فقبلته تقبيل الابن لوالده، وقضيت يومين بجانبه، وصحبته إلى الفندق ولم أتركه إلا بعد قيامه للنوم.

طلب مني أن ألخّص بحثي لأنه طويل ولا يمكن إنزاله كاملاً في المجلة، ففعلت ذلك وأرسلته له أكثر من مرة، آخرها في بدايات يناير 2006 مع الأخ الكريم سمير بودينار.

في صيف 2006 فاجأني شقيقي عبد القادر برسالة إلكترونية عنونها بـ«بشرى.. فابتهج»؛ لقد قُـبل موضوعه في المؤتمر الثاني لإشكالية التحيز، ومماّ جاء في رسالة الأستاذ الفاضل المسيري ويخصّني هذا المقطع: «بالمناسبة، لماذا لا يساهم ابننا الصغير أحمد مرزاق ببحث في إشكالية التحيز. مع العلم بأننا سندعوه للحضور إلى المؤتمر الذي سيعقد عن أعمالي. في الواقع يمكن أن يكتب بحثاً عن إشكالية التحيز في أعمالي، على أن يقرأ تلخيصاً لبحثه عن النموذج في المؤتمر الثاني وستنشر دار الشروق (القاهرة) أبحاث المؤتمر الأول، أما المؤتمر الثاني فستنشر أبحاثه في سوريا (دار الفكر) في أبريل 2007 حيث يتم تكريمي في يوم الكتاب العالمي»[8].

أعددت البحث، وعنونته بـ«مفهوم التحيز: دراسة في بعض تحيزات الأستاذ المسيري»[9]، وباختصار شديد: قُبل البحث، وحضرت المؤتمر[10]، وشاركت كما هو معلوم.

اتفق معي في القاهرة على أن يعهد إليّ، مع الأخ جواد شقوري، تحرير أعمال المؤتمر، ولأمر ما اعتذر الأخ شقوري، كما أخبرني بذلك المرحوم المسيري نفسه، فتسلّمت أعمال المؤتمر في أواسط أغسطس 2007 وحرّرت أنا وأخي عبد القادر هذه الأوراق مع كتابة مقدّمات المحاور، وأرسلتها له يوم الأحد 8 يونيو 2008 كاملةً.

أثناء هذه الفترة تلقّيت رسالة من الأستاذ فتحي ملكاوي المدير الإقليمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي بتاريخ 21 مارس 2008، ممّا ورد فيها إشارةُ الدكتور عبدالوهاب المسيري إلى أن كتابه «العالم من منظور غربي»[11] يصلح أن يكون مرجعاً منهجيًّا في مفهوم التحيّز وقضاياه، وأن «الباحثين المغربيين، أحمد مرزاق وعبد القادر مرزاق أو أحدهما يستطيع النظر في الكتاب المذكور وبيان مدى الحاجة إلى إجراء تعديلات على الكتاب ليصبح أكثر وفاءً للغرض المشار إليه»[12].

قبلت الدعوة وراجعت الكتاب في مدّة قاربت السنتين. ويمكن الإشارة، بإجمال، إلى الأمور التي أضفتها إلى هذا المؤلف في النقط الآتية[13]:

* إعادة فهرسة الكتاب فهرسة شاملة تسهّل التعامل معه.

* إعادة ترتيب مادة الكتاب في مواطن كثيرة يصعب حصرها؛ وذلك إمّا بتقديم فقرات أو تأخيرها، أو حذف بعض العبارات.

* إعادة تقسيم النص إلى فقرات مع الحرص على مراعاة علامات الترقيم.

* إعادة صياغة بعض العبارات والمفردات بالتقديم والتأخير والحذف مراعاة لوضوح الفكرة من جهة، وللأسلوب العربي من جهة ثانية.

* إثبات أسماء الأعلام الغربية كما هي في أصلها الفرنسي، أو الإنجليزي، مصحوبة بتاريخ الولادة والوفاة إن أمكن ذلك.

* ترقيم الأمثلة المضروبة بوضع أرقام، أو عوارض.

* كتابة مدخل عام[14] يؤرخ لإشكـالية التحيّز وتبلورها؛ لأن هذا التاريخ لا نجده في كتاب «العالم من منظور غربي»، بل نجده مركّزاً جدًّا في مقدمة كتاب «إشكالية التحيز»[15].

* هذا المدخل الموسّع فرض عليّ إعداد ببليوغرافيا مختصرة حول التحيّز ألحقتها بآخر الكتاب.

* إضافة مادة جديدة إلى الكتاب مأخوذة من كتب الأستاذ المسيري الأخرى، أو من دراساتي عنه.

* كتابة أكثر من ستين هامشاً؛ وذلك لتوضيح بعض الأفكار، أو لتقديم معلومات مختصرة عن بعض الأعلام الواردة في الكتاب.

إضافةً إلى هذا كله تلقّيت بتاريخ 20 أكتـوبر 2008 رسالةً من المعهد العالمي للفكر الإسلامي بتحكيم دراسة عن المسيري (جاءت الدراسة في ثلاث وعشرين صفحةً تقريباً) فراجعتها مراجعة دقيقةً وحرّرت عنها تسع صفحات، ثـم تلقّيت بتاريخ 10 أغسطس 2011 رسالة أخرى من المعهد نفسه بتحكيم مخطوطة عن المسيري (جاءت المخطوطة هذه المرة في ثلاث وستين ومائتين (263) صفحةً تقريباً) فراجعتها كذلك مراجعة دقيقةً وحرّرت عنها تسعاً وعشرين صفحةً، وأخيراً تلقّيت بتاريخ 10 ديسمبر 2011 رسالةً من المعهد فيها دعوة إلى تقديم قراءة نقدية لأحد أهم أسفار المسيري وهو كتاب «إشكالية التحيز»[16]، فقدّمت هذه القراءة، وقد نُشرت في مجلة إسلامية المعرفة العدد 68 ضمن عدد خاص بالمرحوم المسيري.

أتاحت لي هذه المعاشرة المعرفية الطويلة لنص المفكّر المسيري ولمجموعة من النصوص التي كتبت عنه، وكذلك المتابعة الحثيثة للفكر العربي والغربي حديثه وقديمه، التفكير في تقديم مشروع قراءة معرفية في فكر عبد الوهاب المسري.

ثانياً: مشروع قراءة معرفية في فكر عبد الوهاب المسري

يتشكّل هذا المشروع من عدّة مستويات متداخلة، ومتكاملة، وتحتاج إلى وقت، ويمكن في هذه الورقة أن نقدّم الخطوط العريضة لهذا المشروع على الشكل الآتـي:

1.2. صناعة ببليوغرافيـا تحليلية نقدية لمؤلفات المسيـري

معلوم أن المسيري قدّم في موقعه الإلكتروني، وضمن بعض كتبه، جرداً لمؤلفاته، لكن هذا الجرد، فيما أظنّ، غير تامّ؛ لأن المقصود هنا ليس إعداد قائمة ببليوغرافية لمؤلفات المسيري تكتفي بتسجيل معطيات هذه المؤلفات (دار النشر، وتاريخه، وعدد الصفحات، وغيرها من المعطيات المعروفة في فن الببليوغرافيا) فقط؛ بل وضع ببليوغرافيا تحليلية تاريخية نقدية وفق الشروط الآتية:

* إثبات معطيات المؤلَّف كاملةً، مع تصويب بعض الأخطاء التي وردت ضمن الببليوغرافيا الموجودة في موقع المسيري الإلكتروني أو ضمن بعض كتبه.

* مراعاة التسلسل التاريخي لكتابات المسيري.

* مراعاة العلاقات التي تقيمها المؤلفات فيما بينها من مثل: التّكرار وهو حاضر بشكل كبير في مؤلفات المسيري، والدمج بين مجموعة من الدراسات السابق نشرها ضمن كتب جديدة، وغير ذلك من العلاقات.

* مراعاة تطوّر الأفكار والقضايا والموضوعات في مسيرة المسيري التأليفية.

ويمكن أن نقدّم هنا بعض الأمثلة لتوضيح هذه الفكرة:

* مثـال أول: صدر للمفكّر المسيري عام 2001 كتاب «العالم من منظور غربي» ضمن سلسلة الهلال المصرية، وقد يعتبره بعض الدارسين كتاباً جديداً في موضوعه يُضاف إلى أعمال هذا الباحث، لكن إذا عُرض هذا المؤلَّف على المقدّمة المفصّلة لـ«إشكالية التحيّز» (ط1، 1995)، ثم على ما جاء في مجلة الإنسان بعدديها الثالث عشر والرابع عشر (1995)؛ فسيتوصّل الدارس إلى أن الكتاب في أصله إعادة كتابة ما ورد في هذين المرجعين، إضافةً إلى أن نص هذين المرجعين هـو مقدمة المؤتمر الذي عُقد بالقاهرة بتاريخ 15-17 شعبان 1412ﻫ، الموافق 19-21 شباط/فبراير 1992م، وأن فكرة التحيّز تعود في أصولها إلى «موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية» العمل العمدة في مشروع المسيري، والذي بدأه منذ السبعينيات (1975) ولم ينته منه عمليًّا على الأقل إلاّ بعد صدور الموسوعة عام 1999.

* مثال ثـانٍ: نشر الأستاذ المسيري عام 1992 دراسته المعنونة بـ«هاتان تفاحاتان حمراوان، دراسة في التحيز وعلاقة الدال بالمدلول» في مجلة منبر الشرق[17]، وهي مجلة فصلية كانت تصدر عن المركز العربي الإسلامي للدراسات بمصر، والدراسة في الحقيقة هي الورقة التي شارك بها في المؤتمر الأول لإشكالية التحيز الذي عقد بالقاهرة عام 1992، والتي ستنشر بعد ذلك ضمن أعمال المؤتمر «إشكالية التحيز» (ط1، 1995)، ثم يعيد نشرها عام 2002 ضمن كتابه «اللغة والمجاز بين التوحيد ووحدة الوجود».

* مثال ثالث: أثناء قراءتي لبعض الأعمال المنجزة حول المسيري وقفت على بعض الأخطاء التي وردت أصلاً ضمن الببليوغرافيا الموجودة في موقع المسيري الإلكتروني أو ضمن بعض كتبه، ولم ينتبه لها بعض الباحثين لأنهم في الغالب اعتمدوا على ما جاء في الموقع دون مراجعة ذلك في الكتب الورقية، من ذلك:

* جاء في الموقع الإلكتروني هذا العنوان «نهاية التاريخ: مقدمة لدراسة بنية الفكر الصهيوني»، لكن العنوان المطبوع في بيروت عام 1979 عن دار المؤسسة العربية للدراسات والنشر جاء بصيغة: نهاية التاريخ: دراسة في بنية الفكر الصهيوني، وهي النسخة التي نجد غلافها قي موقع المسيري.

* جاء في الموقع الإلكتروني هذا العنوان «افتتاحيات الهادي: تأليف ستيفين سوندايم وجون ويدمان، ترجمة بالاشتراك، صدر 1988»، لكن الصواب أن هذه الترجمة ظهرت في أول يونيو 1989، كما هو مثبت على الغلاف.

* جاء في الموقع الإلكتروني هذا العنوان «فكر حركة الاستنارة وتناقضاته، صدر سنة 1999»، لكن الصواب أن هذا الكتاب ظهر في ديسمبر 1998م.

2.2. صناعة ببليوغرافيا تحليلية نقدية للدراسات التي أنجزت حول المسيري

أغلب الدّراسات التي أنجزت حول فكر المسيري اتّسمت بمجموعة من الصّفات نجملها في العناصر الآتية:

* عـرْض نصوص المسيري وتلخيص مضامينها، دون تحليل أو نقـد؛ وذلك عبر إعادة كتابة كلامه بطرق أخرى دون الإحالة عليه مطلقاً أو بالإحالة على جزء يسير من كلامه.

* تبنّي الإطار العام الذي قدّمه المسيري في كتبه، وكذلك مواقفه من الفكر الغربي، وهذا الأمر قد لامسته عن كثب عند مراجعتي بعضَ ما كتب عنه، أو أثناء قراءة بعض الدراسات المنجزة عنه.

* غياب القراءة التحليلية النقدية لمشروع المسيري من خريطة القراءات العربية المعاصرة؛ إذ لـم نعثر على قراءة لفكر المسيري تنحو منحى الدراسات التي أنجزت حول فكر أركون، أو الجابري، أو العروي مثلاً، والاكتفاء بالاحتفاء بأفكار المسيري من طرف مجموعة من الباحثين الشباب أغلبهم ينتمي إلى أقسام الدراسات الإسلامية أو الدراسات الأدبية، أمّا تكوينهم الفكـري والفلسفي في مجال الفكر الغربي عامة، وفي مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية خاصة، فيعتمد في الغالب وسيط الترجمة العربية، أو كتب المسيري نفسه[18].

* هجوم بعض الدّعاة والوعّاظ[19] على أفكار الأستاذ المسيري، وعلى ما يتعلّق بمسألتي اليهودية والعلمانية وكتاب «بروتوكولات حكماء صهيون» خاصة.

وقد سبق لي صناعة ببليوغرافيا أوّلية عن الدراسات التي أنجزت عن المسيري، أقدّمها هنا مرتّبةً ترتيباً تاريخيًّا:

1- إبراهيم بيومي غانم: إشكالية التحيز في فكر أربعة مفكرين مصريين: د. جلال أمين - د. عبد الوهاب المسيري - أ. طارق البشري - د. سيد دسوقي، ضمن كتاب إشكالية التحيز، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ونقابة المهندسين، ط1، 1415ﻫ - 1995م، (ص889 - 899).

2- حسام الدين السيد: التحيّز للتفسيرات المادية: ورقة مستخلصة من كتابات الدكتور عبد الوهاب المسيري، ضمن كتاب إشكالية التحيز، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ونقابة المهندسين، ط1، 1415ﻫ - 1995م، (ص903-910).

3- أحمد عبد الحليم عطية (تحرير): في عالم عبد الوهاب المسيري: حوار نقدي حضاري، دار الشروق، مصر، ط1، 2004، في مجلدين؛ الأول في 501 ص، والثاني في 629 ص.

4- محمد أحمد البنكي بعنوان: دريدا عربيًّا: قراءة التفكيك في الفكر النقدي العربي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2005، (تناول موقف المسيري من دريدا، ص281-296).

5- بهاء الأمير: الوحي ونقيضه: بروتوكولات حكماء صهيون في القرآن حقيقتها وخفاياها وأدلة حقيقتها، مع نقد منهج الدكتور عبد الوهاب المسيري في دراسة المسألة اليهودية وقراءة أخرى لتاريخ بلاليص ستان، مكتبة مدبولي، مصر، ط1، 2006.

تضمّن هذا الكتاب فصلين في الرّد على فكر المسيري هما: «يهود القرآن ويهود العصر الحديث» (ص697-721)، و «اليهودية والصهيونية» (ص725-755).

وقد سبق أن نُشر الفصل الأول في مجلة «المنار الجديد»، العدد 25، يناير 2004م.

6- الكتاب الجماعي: عبد الوهاب المسيري في عيون أصدقائه ونقاده، سوريا، دار الفكر، ضمن سلسلة علماء مكرّمون، ط 1، 2007.

7- أحمد مرزاق: «مفهوم التحيّز: دراسة في بعض تحيّزات الأستاذ المسيري»، مجلة إسلامية المعرفة، مجلة فكرية فصلية محكمة يصدرها المعهد العالمي للفكر الإسلامي، واشنطن، السنة 14، العدد 53، صيف 1429ﻫ/ 2008م، (ص63-96).

8- حجاج أحمد علي: دراسة الخريطة المعرفية للحداثة وما بعد الحداثة: دراسة مقارنة لفكر زيجمونت باومان وعبد الوهاب المسيري[20]، عام 2008.

وهي رسالة دكتوراه عن عبد الوهاب المسيري وزيجمونت باومان أنجزها بالإنجليزية صديقنا حجّاج أحمد علي، وكان قد مدّني بفكرة عنها في مؤتمر التحيّز الثاني في القاهرة عام 2007.

9- ممدوح الشيخ: عبد الوهاب المسيري.. من الماديِّة إلى الإنسانيَّة الإسلاميَّة، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 2008.

10- مجموعة من الباحثين: عبد الوهاب المسيري، مجلة أوراق فلسفية، العددان 19، و20، 2009.

11- عبد الرزاق بلعقروز: تداخل المفهوم الفلسفي المركّب والعنصر الأدبي لدى عبد الوهاب المسيري (ص61-78)، ضمن كتاب تحولات الفكر الفلسفي المعاصر: أسئلة المفهوم والمعنى والتواصل، الدار العربية للعلوم، ومنشورات الاختلاف، ط1، 2009.

12- علي إبراهيم النملة: الموسوعات الفردية، المسيري أنموذجاً، سلسلة كتاب المجلة العربية، السعودية، العدد 174، 1432ﻫ- 2011م.

13- محمد إبراهيم مبروك: العلمانية: العدو الأكبر للإسلام من البداية إلى النهاية[21].

14- محمد إبراهيم مبروك: نقد مفهوم العلمانية الجزئية والشاملة عند الدكتور عبدالوهاب المسيري[22]، منشور في أحد أعداد مجلة البيان، ومنه نسخة إلكترونية.

15- سليمان بن صالح الخراشي: عودة إلى (عبد الوهاب المسيري).. وعلمانيته، منشور بأحد المواقع الإلكتروني[23]، وقد اعتمد فيه صاحبه على النقل من كتاب محمد إبراهيم مبروك السابق.

16- مرسي عبد العظيم الأسيوطي: خرافة الثقافة اللادينية دراسة مقارنة في أصول الثقافات الغربية الليبرالية – الاشتراكية بالمقارنة مع الثقافة الإسلامية بالتركيز على اليهودية[24].

خصّص الفصل الثاني للرّد على المسيري في موضوع علاقة اﻷيديولوجية الشيوعية باليهودية.

17- زاهر بشير: مسيرة المسيري في الدفاع عن اليهود، نشرة إلكترونية، 2009م.

18- مجموعة من الباحثين: عدد خاص عن المرحوم عبد الوهاب المسيري، مجلة إسلامية المعرفة، مجلة علمية عالمية فصلية محكمة يصدرها المعهد العالمي للفكر الإسلامي، واشنطن، السنة 17، العدد 68، ربيع 1433ﻫ/2012م.

19- توجد ضمن مجلة إسلامية المعرفة مجموعة من العروض لبعض مؤلفات المسيري، إمّا ضمن فقرة «قراءات ومراجعات»[25]، وإمّا ضمن «عروض مختصرة»[26].

3.2. صنـاعة معجم اصطلاحات المسيـري:

يقول الخوارزمي (ت387ﻫ) مبيّناً غرض تسمية كتابه: «وسمّيت هذا الكتاب مفاتيحَ العلوم إذ كان مدخلاً إليها ومفتاحاً لأكثرها»[27]، ويُضيف «حتى إن اللغوي المبرّز في الأدب، إذا تأمل كتاباً من الكتب التي صنّفت في أبواب العلوم والحكمة، ولم يكن شدا[28] صدراً من تلك الصناعة لم يفهم شيئاً منه، وكان كالأمّي الأغتم[29] عند نظره فيه»[30]، ويضرب لنا أمثلة نسوق منها واحداً لتأكيد الفكرة وزيادة الإيضاح، ولتكن لفظة الرّجعة، فهي عند أصحاب اللغة «المرة الواحدة من الرجوع، لا يكادون يعرفون غيرها»، وهي عند الفقهاء «الرجوع في الطلاق الذي ليس ببائن»، أما عند المتكلمين فهي: «ما يزعمه بعض الشيعة من رجوع الإمام بعد موته أو غيبته»[31].

والدراسة التحليلية لمجموع المصطلحات التي وظّفها المسيري، أو ولّدها، تتيح للباحث تعريف المصطلح وتحديد شبكة العلاقات التي تقيمها هذه المصطلحات فيما بينها كالتّرادف، أو التقارب المفهومي أو الدلالي.

ومعلوم أن المسيري استعمل جهازاً مفهوميًّا ضخماً يحتاج إلى دراسة مصطلحية تكشف عن مواطن ورود المصطلح، ومصادره، وتطوّره، ومفهومه.

وأضرب هنا مثالاً توضيحيًّا بمصطلح النموذج (Paradigme):

يردُ هذا المصطلح في جلّ كتابات المسيري إمّا مفرداً وإمّا مركّباً، وقد يحاول الدارس أن يفهمه من خلال دلالته اللغوية، أو من خلال الدلالة الاصطلاحية التي أعطاها له (Thomas Kuhn) في كتابه «بنية الثورات العلمية»، لكن المفهوم الذي صاغه المسيري لهذا المصطلح يختلف عن الدّلالتين معاً.

ولتحديده لا بد من دراسة تحليلية لكتب المسيري، وبعد ذلك تحليل الصفات (الغربي، الحضاري، الاختزالي، التركيبي، الفضفاض، وغيرها من الصفات) التي ترد غالباً مقروناً به، وبعد ذلك تحديد شبكة العلاقات التي يقيمها هذا المصطلح مع مصطلحات أخرى كـ«الصورة»، و«الخريطة»، و«البنية»، و«تاريخ النموذج المعرفي»، و«تاريخ المتتالية العلمانية الشاملة».

4.2. تعميق البحث في مجموعة من القضايا التي تخصّ مرجعية المسيري

نميّز هنا، كما ميّز المسيري نفسه، بين المراجع والمرجعية يقول رحمه الله: «ويمكننا هنا أن نميِّز بين المراجع والمرجعية؛ فالمراجع تتناول الاقتباسات المباشرة أمّا المرجعية فتتناول جذور الفكر نفسه وتشكّل النموذج التفسيري والتحليلي. وأعتقد أنه لا بد أن يوجد ثبت بالمرجعية إلى جانب ثبت المراجع، تُدرج فيه أسماء الأساتذة والمؤلفين والشخصيات التي أثَّرت في الكاتب حتى لو لم يقتبس مباشرةً من كتاباتهم»[32].

ومن المرجعيات التي صرّح بها المسيري ما جاء في النص الآتي:

«من أهم مرجعياتي الأستاذ سعيد البسيوني (بالبنك الأهلي) صديقي منذ الصبا، الذي ساهم في تدريبي على التفكير وعلى التعمق في الأمور وتجاوز السطح؛ والدكتور إميل جورج، مدرس الفلسفة بدمنهور الثانوية، والدكتورة نور شريف، رئيس قسم اللغة الإنجليزية وآدابها بالإسكندرية؛ والدكتور محمد مصطفى بدوي، أستاذ بجامعة أوكسفورد، والأستاذ ديفيد وايمر، أستاذ الأدب الأمريكي بجامعة رتجرز؛ وليونيل تريلنج، الناقد الأمريكي المعروف والأستاذ بجامعة كولومبيا، والأستاذ كافين رايلى، المؤرخ الأمريكي وزميلي في جامعة رتجرز.

ومن أهم الكتابات التي ساعدت على تشكيل مرجعيتي والمنهج التحليلي الذي أتبناه كتابات كارل ماركس الإنسانية وجورج لوكاتش وروجيه جارودي وماكس فيبر وبازل ويلي وإرفنج بابيت. وقد ساهمت كتابات أبراهام ماير، مؤلف كتاب المرآة والمصباح، وزيجمونت باومان، عالم الاجتماع، في تشكيل كثير من أفكاري ومقولاتي التحليلية. وفي الآونة الأخيرة قرأت أعمال رئيس البوسنة علي عزت بيجوفيتش ووجدت فيها فكراً عميقاً ومنهجاً واضحاً ساعدني كثيراً على تعميق فكري ومنهجي.

أمّا فيما يتصل بالشأن الصهيوني فلعل كتابات الدكتور إسماعيل راجي الفاروقي عن اليهودية والصهيونية (وهو أستاذ ديانات مقارنة) هي التي بيَّنت لي الطريق لتجاوز السياسي وصولاً إلى المعرفي، وكان أسلوب معالجته للموضوعات مختلفاً تماماً عما كنت أقرؤه، فقد وضَّح لي كثيراً من الأبعاد الغامضة التي أخفقت كتب السرد التاريخي في توضيحها. وقد استفدت إلى حدٍّ كبير بكتابات حبيب قهوجي وبديعة أمين وأسعد رزوق، كما قرأت أعمال جمال حمدان وتأثرت بها بشكل عميق»[33].

وهذه مرجعيات مصرّح بها، وقد سبق للمسيري أن كتب دراسات عن بعض هؤلاء المفكرين، فجمال حمدان مثلاً قدّم له كتابه: اليهود أنثروبولوجيًّا[34]، وعلي عزت بيجوفيتش قدّم له كتابه: الإسلام بين الشرق والغرب، ورايلي ترجم له بالاشتراك كتابه: الغرب والعالم[35].

ولكن يمكن العمل على المرجعيات المسكوت عنها وذلك عبر التحليل والمقارنة، والمهمّ في الخطوتين معاً ليس الاكتفاء بإثبات التأثير، لكن دراسة المفاهيم والرؤى التي أخذها من مفكر معيّن أو مدرسة معيّنة، وما هي التحويرات التي أدخلها عليها، وهذا قد يساعد على رصد منهج التعامل مع المفاهيم المستورة أو المنقولة.

وفي هذا المستوى يمكن أن تنجز مجموعة من الدراسات المقارنة بين المسيري وهؤلاء المفكرين، كعلاقته مثلاً بالسوسيولوجي اليهودي البولندي بـ(Zygmunt Bauman)(1925-...)، فالتّقارب هنا كبير وعلى مستوى الرؤية والمصطلح خاصة[36]، ولم تنجز، حسب علمي، سوى دراسة واحدة شارك بها صديقنا علي أحمد حجّاج[37] في المؤتمر الثاني لإشكالية التحيز[38]، ولم يكن الغرض منها المقارنة.

5.2. تعميق البحث في المشاريع التي بدأها المسيري ولم يعمّق فيها الدراسة

هناك مشاريع بحثية، أو مخطّطات مبدئية قدّمها المسيري في موسوعته، أو في مقالاته، لتكون خطة عمل لمزيد من الدراسات، ومن هذه المشاريع البحثية التي تحتاج إلى تطوير نذكر على سبيل التمثيل لا الحصر:

الأصول اليهودية للفكر الغربي الحديث:

عالج المسيري هذا الموضوع أكثر من مرة، ولكن معالجات سريعة[39]، وهذا الموضوع مهـم جدًّا، وتزداد أهميته نظراً لندرة الكتابة العربية المتعمقة فيه، وقد أكـد المرحوم المسيري في مواطن كثيرة من كتبه، ومقالاته، أنه «لم تظهر دراسة واحدة باللغة العربية عن القبالاه [Kabbale]»، وأن عدد الدارسين للقبالة في الغرب نفسه عدد محدود، وأن هؤلاء الدارسين «محصورون داخل حقل الدراسات اليهودية، لا علاقة لهم بالحركات الفكرية الغربية الحديثة»، كما أكّد أن مؤرخـي الفكر الغربي الحديث أنفسهم «لا يعرفون الكثير عن القبالاه»، وأن (Jaques Derrida) تلقـى «تعليماً تلموديًّا (والتعليم التلمودي في الوقت الحاضر ينحـو منحًى قباليًّا)»، وأن الأمريكي (Harold Bloom) له كتاب يسمى «القبالاه والنقد».

ولهذا كان يدعو -رحمه الله- إلى دراسة منهجية لإبراز المكوّن اليهودي عامة، والقبّالي خاصة، في الفكر الغربي الحديث؛ لأن هذا المكون، حسب المسيري، «لم يتوفر أحد على دراسته بشكل منهجي مستفيض»[40].

وقد اقترح -رحمه الله- أن تتمّ هذه الدراسة على محورين:

- مدارس فكرية، ومنها «المدرسة التفكيكية: (ما بعد الحداثة)»[41]، والغنّوصية.

- أعلام، ومنها: سبينوزا، وفرويد، وكافكا.

لقد قدّم المسيري على هذا المستوى نظرات ثاقبة تحتاج إلى تطوير، وتعميق، ومراجعة، وقد وضعت يدي مؤخراً على ببليوغرافيا غربية، تجعل القول بأن عدد الدارسين للقبّالة في الغرب عدد محدود، وأن مؤرخي الفكر الغربي الحديث أنفسهم «لا يعرفون الكثير عن القبالاه» يحتاج إلى مراجعة[42].

6.2. فـي آليات القـراءة والتفسيـر والفهـم

جلّ الدراسات التي قرأت المسيري ركّزت على المضامين، وأغفلت الأدوات المنهجية وآليات القراءة، لهذا ندعو في هذا العنوان إلى تعميق النظر في مجموعة من العناصر المنهجية:

- مفهوم النماذج التحليلية والتفسيرية وكيفية بنائها.

- الصور المجازية باعتبارها أداة منهجية لإدراك الواقع.

- الحقول الدلالية.

- الاستقراء والتعميم.

- الخاص والعام في الظواهر.

- المتن المدروس المتمثّل في الحضارة الغربية وتجلّياتها العلمية والفكرية والأدبية والفنية والعمرانية.

7.2. تفكيك الإشكاليات «المسيرية»

ويتمّ ذلك في إطار المقارنة بالإشكاليات الأصلية، وإرجاع الإشكاليات الفرعية إلى الإشكالية الأمّ، ثم إلى المجال العلمي الذي عولجت فيه وتحديد الأعلام الذين عالجوها، ونمثّل هنا بإشكالية التحيـز:

فهي إشكالية ترتبط بوحدة العلوم، وبإشكالية المنهج في العلوم الإنسانية والاجتماعية، وقد عالجها جلّ الفلاسفة والعلماء الغربيين بالأصالة أمثال (كانت، وأوجست كونت، وكارل بوبر، ودلتاي، وغادامير، وغيرهم)، ومجموعة من الدارسين العرب بالتبعية، وذلك تحت مسميات كثيرة منها: إشكالية عالمية أو محلية العلوم، وإشكالية خصوصية العلوم، وفكرة تأصيل العلوم، وأسلمة (إسلامية) العلوم.

وفي هذا الإطار يمكن قراءة إشكالية التحيّز ضمن رؤية مغايرة يطرحها أبو يعرب المرزوقي؛ قد عالجها بعمق فلسفي في موطنَيْن على الأقل[43] هما: إسلامية المعرفة: رؤية مغايرة، مداخلة مع الدكتور لؤي صافي[44]، و«بين التعين والتحيز مقاصد المعرفة ومستويات الوجود»[45].

كما يمكن قراءة إشكالية التحيّز في إطار الفكر العربي الإسلامي القديم عند الغزالي، وابن تيمية، وابن خلدون تمثيلاً لا حصراً؛ فالغـزالي (505ﻫ) مثلاً أثناء تعداده أقسام علوم الفلسفة إلى رياضية، وطبيعية، وإلهية، وسياسية، وخلقية، يثبت كلاماً مهمًّا بشأن قضية التحيّز؛ فعلم الرياضيات[46]عنده «ليس يتعلّق فيه شيء بالأمور الدينية نفياً وإثباتاً، بل هي أمور برهانية لا سبيل إلى مجاحدتها بعد فهمها ومعرفتها»[47]، ثم «وليس في الشرع تعرّض لهذه العلوم بالنفي والإثبات، ولا في هذه العلوم تعرّض للأمور الدينية»[48]، أمّا الآفات التي تتولّد عن هذا العلم[49] فهي أمور عارضة لا علاقة لها بطبيعة الرياضيات، حتى وإن رتّب عنها الغزالي حكماً يبدو «غريباً»؛ وذلك حينما ذهب إلى «زجر كل من يخوض في تلك العلوم»[50].

والأمر نفسه نجده حاضراً عند ابن خلدون (808ﻫ)، لقد عقد صاحب المقدمة فصلاً في أن العلم والتعليم طبيعي في العمران البشري[51]، وتكرّرت فكرة «العلم والتعليم طبيعي في العمران البشري» في مواطن كثيرة من المقدمة يقول: «أمّا أهل الأندلس فذهب رسم التعليم من بينهم وذهبت عنايتهم بالعلوم لتناقص عمران المسلمين»[52]، و«أمّا أهل المشرق فلم ينقطع سند التعليم فيه بل أسواقه نافقة وبحوره زاخرة لاتصال العمران الموفور واتصال السند فيه»[53]، و«فأهل المشرق على الجملة أرسخ في صناعة تعليم العلم بل وفي سائر الصنائع، حتى إنه ليظن كثير من رحّالة أهل المغرب إلى المشرق في طلب العلم أن عقولهم على الجملة أكمل من عقول أهل المغرب، وأنهم أشد نباهة وأعظم كيساً بفطرتهم الأولى (...) ويعتقدون التفاوت بيننا وبينهم في حقيقة الإنسانية ويتشيعون لذلك (...) وليس كذلك (...) وإنما الذي فضل به أهل المشرق أهل المغرب، هو ما يحصل في النفوس من آثار الحضارة من العقل المزيد كما تقدم في الصنائع»[54].

وفي فصل أصناف العلوم الواقعة في العمران على عهد ابن خلدون يثبت صاحب المقدمة كلاماً بشأن قضية التحيّز شبيه برأي الغزالي؛ يقول: «اعلم أن العلوم التي يخوض فيها البشر ويتداولونها في الأمصار تحصيلاً وتعليماً هي على صنفين: صنف طبيعي للإنسان يهتدي إليه بفكره؛ وصنف نقلي يأخذه عمن وضعه»[55].

ثالثا: خاتمـة

قدّم بعضُ المشاركين في المؤتمر الدولي «المسيري: الرؤية والمنهج»[56] «نقداً» لبعض أفكار المسيري، ولكنه نقد سطحيّ فيه شيء من الادّعاء أكثر من العلمية، وأصحابُ هذا «النقد»، حسب متابعتي لمداخلتهم، يظهر أنهم لم يقرؤوا إلاّ ما جاء على أغلفة كتب المسيري.

وقد راجعت بعض المشاركين في «نقودهم» وقلت: إن نقد المسيري أمر مطلوب، ولكن شريطة أن تتمّ قراءة فكره؛ لأنه لا يمكن نقد فكر استغرق صاحبه في بنائه عمراً يُقارب الأربعين عاماً[57] في جلسة واحدة وبجرّة قلم، وقد دعوت لحظتها إلى «الفهـم» أوّلاً، وقلت: ربما سأنقد هذا الفكر بعد مرور وقت معيّن عشر سنوات مثلاً.

فالنقد مطلوب حتّى لا يتحوّل الفكر إلى أيقونة، وحتّى لا يتحوّل مشروع المسيري إلى صنم، ولا أظن أن المرحوم عبد الوهاب المسيري كان يرفض النقد، بل إن المحور الأساس لمشروعه يبتغي «نقـد» المشروع المعرفي الغربي؛ لأن الغرب في نظره تحوّل «من بقعة جغرافية وتشكيل حضاري له خصوصيته ومفاهيمه إلى البقعة التي يخرج منها الفكر العالمي والإنساني الحديث»[58]، وقد أنجز على هذا المستوى، مجموعة من الدراسات؛ يمكن اعتبار موسوعته: «اليهود واليهودية والصهيونية: نموذج تفسيري جديد» التي استغرقت ثلاثة عقود تقريباً، أهمّ عمل يجسد النقد الكلي للنماذج الإدراكية المعرفية الغربية من جهة، والإبداع لنماذج معرفية مغايرة من جهة ثانية، ورغم ذلك يقول عنها: «ومع أن الموسـوعة حاولت إنجاز الكثير، إلاّ أن ما تقدّمه هو أساساً برنامج بحثي وطرح لأسـئلة وإثارة لإشكاليات؛ أي أنها ورقة عمل بشأن الموضوعات التي تناولتها أكثر من كونها إجابات محدَّدة، وقد حاولنا أن نُحدِّد بعض معالم الإجابات وأن نوضح المنهج الذي استخدمناه في الوصول إلى هذه الإجابات، ومع هذا، تظل الموسوعة في نهاية الأمر جدول عمل؛ أي اجتهاداً أوّليًّا»[59].

 

 



[1] العبارة قالها لنا بالدارجة المغربية: «وانْتما واش دّاكم تطَّلع لْهاد جْبل؟».

[2] تشرفت هذه المدينة في مارس 2005 بزيارة المفكّر المسيري.

[3] نشر جزء منه ضمن الكتاب الجماعي: عبد الوهاب المسيري في عيون أصدقائه ونقاده، سوريا، دار الفكر، ضمن سلسلة علماء مكرمون، ط 1، 2007، تحت عنوان: «النموذج المعرفي، والنموذج المعرفي الغربي عند المسيري: مفهومه ومعالمه وتجلياته» (ص 168-213).

كما نشر جزء كبير منه في مجلة أوراق فلسفية تحت عنوان: «موقف النقد الأدبي المعاصر من المنهج الغربي: المسيري نموذجاً»، في العدد 20، 2009، (ص 243-303).

وأنـبِّـه هنا إلى أن العنوان الأول وقع فيه خطأ، فقد جاء على هذه الصيغة: النموذج المعرفي ونموذج المسيري الحضاري، والصحيح ما أثبته، كما وقع خطأ في إثبات تخصص الباحث في الدراسة الثانية، إذ جاءت هذه العبارة في الهامش: باحث مغربي في الدراسات الإسلامية.

[4] كنت لا أزال لا أفقه في الحاسوب والإنترنت شيئاً، فطلبت من صاحب مقهى الإنترنت أن يكتبها لي في حاسوبه ويرسلها إلى بريد الأستاذ المسيري الإلكتروني.

[5] باحثة مغربية في علوم الاتصال والتفاوض، مقيمة ببروكسل، تنظر شهادتها في: في عالم عبد الوهاب المسيري حوار نقدي وحضاري، تحرير أحمد عبد الحليم عطية، دار الشروق، ط 1، 2004، المجلد الثاني، ص: 456- 458.  

[6] هذا العمل منشور ضمن الكتاب الجماعي:  في عالم عبد الوهاب المسيري حوار نقدي وحضاري، المجلد الأول، ص: 184- 197، ولم أكن وقتها قد توصلت به.

[7] رسالة إلكترونية بتاريخ: الأحد 20 فبراير 2005.

[8] رسالة إلكترونية بتاريخ: 4 يوليو 2006.

[9] أعدت صياغة هذا البحث ونشرته في مجلة إسلامية المعرفة، مجلة فكرية فصلية محكمة يصدرها المعهد العالمي للفكر الإسلامي، واشنطن، السنة 14، العدد 53، صيف 1429ﻫ/2008م، (ص 63-96).

[10] عقد المؤتمر الثاني لإشكالية التحيّز تحت عنوان: «حوار الحضارات والمسارات المتنوعة للمعرفة»، بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، بين 10 و13 فبراير 2007.

[11] صدر هذا الكتاب ضمن سلسلة الهلال، مصر، العدد 602، عام 2001.

[12] كما جاء في رسالة الأستاذ فتحي ملكاوي.

[13] يمكن مراجعة تصدير الكتاب.

[14] نشير، للأمانة العلمية، إلى أن هذا المدخل ليس خالصاً للمحرر، بل تتداخل فيه عبارة المرحوم المسيري بعبارة المحرر.

[15] الطبعة الأولى، 1995، الجزء الأول: «تبلور الإشكالية»، ص 9-10.

[16] ممّا جاء في هذه الرسالة قول الدكتور رائد عكاشة مدير تحرير مجلة إسلامية المعرفة:«تنوي مجلة إسلامية المعرفة إصدار عدد خاص بالمرحوم المسيري؛ وفاءً لجهوده الاستثنائية في خدمة الفكر الإسلامي؛ إذ تجمع لديها عدد لا بأس به من الأبحاث التي تتناول المسيري في تجلياته المتنوعة. ويتضمن العدد إضافة إلى الأبحاث قراءات لبعض إنتاجات المرحوم المسيري. ونظراً لما تتمتعون به من كفاءة معرفية وعلمية بالفكر عامة ودراية وخبرة بالمسيري خاصة، فإن الأمل يحدونا في أن تقوموا بقراءة نقدية لأحد أهم أسفار المسيري وهو كتاب إشكالية التحيز، على أن تكون القراءة في أربعة آلاف كلمة».

وفي الملحوظة قوله: «هل بالإمكان تزويدنا باسم شخصين يتوليان قراءة العملين الآتيين للمرحوم المسيري:

1- السيرة الذاتية للمسيري: رحلتي الفكرية: في البذور والجذور والثمر.

2- موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية.

اقترحت باحثين أعرف مدى اهتمامهما بفكر المسيري، وحاولت أن أقدّم لهما بعض المعونة.

[17] السنة الأولى، العدد 2.

[18] هذه قائمة أولية ببعض المهتمّين من المغرب بفكر المسيري تتعدّد مشاربهم الأكاديمية، ومنهم من كتب عن المسيري بعض الدراسات أو حضر منتديات حول فكره: إبراهيم رضا، أحمد مرزاق، إدريس مقبول، جواد شقوري، سعيد شبار، سمير بودينار، عبد القادر مرزاق، عبد الكريم بوفرة، علي صديقي، عبد الله إدالكوس، سعيد خالد الحسن (فلسطيني مقيم في المغرب)، محمد مصباح، محمد همام، المقرئ أبو زيد ...، تحتاج دراسات هؤلاء الباحثين إلى تجميع وتحليل ونقد.

[19] في الحقيقة لم أجد التسمية الملائمة لهؤلاء، وكلامهم حول فكر المسيري يحتاج إلى تحليل ودراسة، أمّـا المشترك بين هؤلاء فهو دعوى الغيرة على الإسلام ودعوى حراسة الدين، والهجوم على المسيري فيما يخص موقفه من مسألتي اليهودية والعلمانية، ومؤلف «بروتوكولات حكماء صهيون».

ومن هؤلاء المهاجمين: محمد إبراهيم مبروك، سيلمان بن صالح الخراشي، مرسي عبد العظيم الأسيوطي، بهاء الأمير، أحمد بن إبراهيم خضر، زاهر بشير، تراجع عناوين دراسات بعضهم ضمن الببليوغرافيا.

[20] يراجع بعض المعطيات عنها في موقع المرحوم المسيري.

[21] نقل منه سليمان بن صالح الخراشي في مقاله الإلكتروني: عودة إلى (عبد الوهاب المسيري) .. وعلمانيته.

[22] يذكر الباحث في بداية دراسته أن «أغلب الخطوط العامة لهذه الدراسة قد تمّ ذكرها في محاضرة في صالون الدكتور المسيري نفسه، ولم يُبْدِ الدكتور نفسه استياءه مما جاء فيها من نقد. وإن كان قد قام بالنقد للنقد الذي تـمّ».

[23] www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/133.htm

[24] أشار إليه زاهر بشير.

[25] تراجع مجلة إسلامية المعرفة:

س 2، العدد 8، ذو الحجة 1417 ﻫ- أبريل1997م، (175-188).

س 4، العدد 13، ذو الحجة 1417 ﻫ- أبريل1997م، (167-181).

س 7، العدد 26، شتاء 1422 ﻫ -2001 م، (171-190).

س 8، العدد 30، خريف 2002، (157-170).

س 9، العد 37/ 38، صيف وخريف 1425ﻫ - 2004م، (241-254).

س 11، العدد 42-43، خريف2005 م، شتاء 2006 م، (161-170).

[26] تراجع مجلة إسلامية المعرفة:

س 8، العدد 29، صيف 2002، ص173.

س 8، العدد 30، خريف 2002، ص 172-173.

س 9، العدد 33/ 34، صيف وخريف 2003، ص 282.

س11، العدد 41، صيف 1426 ﻫ-2005 م، ص 207.

س 11، العدد 44، ربيع1427 ﻫ-2006 م، ص 224.

س 12، العدد 46/ 47، خريف 2006م، شتاء 2007، ص 262-263.

س 14، العدد 53، صيف 1429ﻫ/ 2008م، ص 206-207.

[27] الخوارزمي: مفاتيح العلوم، تحقيق إبراهيم الأبياري، بيروت، دار الكتاب العربي، ط 2، 1989، ص: 15.

[28] يقال شدا العلم إذا حصل منه طرفاً.

[29] الأغتم: الذي لم يفصح لعجمته.

[30] المرجع نفسه، ص: 13-14.

[31] المرجع نفسه، ص: 14.

[32] الموسوعة الجزء الأول، طبعة إلكترونية.

[33] المرجع نفسه.

[34] كتاب الهلال، سلسلة شهرية تصدر عن دار الهلال، العدد 542، رمضان – فبراير 1996، صدر أول مرة عام 1967.

[35] سلسلة عالم المعرفة، الكويت، جزآن، 1985.

[36] أنجزت، كما سلف أن نوّهت، رسالة تقدّمت بها لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة عام 2003، كان عنوانها: موقف النقد الأدبي العربي إزاء المنهج الغربي: المسيري نموذجاً، فلما سمعت عام 2007 ورقة الباحث علي أحمد حجّاج: دور المجاز في كشف التحيز المعرفي للحداثة: زيجمونت باومان نموذجاً، تنبّهت إلى العلاقة الكبيرة والواضحة بين الباحثين المسيري و(Zygmunt Bauman)، فطلبت بعض كتب السوسيولوجي البولندي، وأنا الآن أعدّ دراسة مقارنة على مستوى رؤية (الحداثة وما بعد الحداثة) والمصطلح.

[37] يعود الفضل إليه في تنبيهي إلى الحضور الكبير لـ(Zygmunt Bauman) في فكر المسيري.

[38] عنوان الدراسة هو: دور المجاز في كشف التحيز المعرفي للحداثة: زيجمونت باومان نموذجاً. 

[39] يراجع العنوان الفرعي: الأصول اليهودية للفكر الغربي الحديث، في مقدمة إشكالية التحيز، وعبدالوهاب المسيري: اليهودية وما بعد الحداثة: رؤية معرفية، مجلة إسلامية المعرفة، العدد 10 (ص 93-121)، واليهودية وأعضاء الجماعات اليهودية وما بعد الحداثة، ضمن موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، بيروت، دار الشروق، ط 1، 1999، المجلد 5.

[40] تراجع دراسات المسيري الآتية:- مقدمة إشكالية التحيز، ص: 57- 59.

- الفكر الغربي: مشروع رؤية نقدية، مجلة إسلامية المعرفة، العدد 5، ص:  137- 138.

- التحيز للنموذج الحضاري الغربي الحديث، ج II، مجلة الإنسان، العدد 14، ص: 57-58.

[41] ترد هذه العبارة في مجلة إسلامية المعرفة، العدد 5،  أمّا في مقدمة إشكالية التحيز، ومجلة الإنسان، عدد 14، فترد عبارة «المدرسة التفكيكية» فقط.

[42] عام 1903 يكتب (Gérard Encausse = Papus) (1865-1916) في مدخله إلى القبالة قائلاً:Il n᾽existe pas, à notre connaissance du moins, de bibliographie spéciale de la kabbale en langue française. On trouve bien dans les manuels courants des listes d›ouvrages classés sous cette rubrique mais ces listes sont faites sans ordre et sans méthode et sont très incomplètes. Mêmes remarques à faire pour les articles des dictionnaires consacrés à la kabbale et les quelques volumes auxquels on renvoie, sauf pour l›étude consacrée à cette question dans le  Dictionnaire des sciences philosophiques [de Adolphe Franck (1809 - 1893)].

إن هذا الكلام قيل عام 1903 وهو لا ينفي وجود ببليوغرافيا عن القبّالة، بل وجود ببليوغرافيا متخصصة وفي الفرنسية، ويشير النص كذلك، رغم تحفظه، إلى وجود مظانّ للقبّالة، وينوّه بما كتب (Adolphe Franck)(1809-1893) (المتخصص في الفكر اليهودي بشكل عام والقبّالة بشكل خاص)، عن القبالة في موسوعته، والغريب أن المسيري لم يذكر هذا العلَم في موسوعته.

[43] ركّـزت على المواطن الصريحة، أما غير الصريحة فمتضمنة في جل كتاباته. 

[44] مجلة إسلامية المعرفة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، السنة الرابعة، العدد 14 شتاء 1998، (ص 139- 166)، ويمكن مراجعة تعليق الأستاذ فتحي ملكاوي على ما جاء في مداخلة الأستاذ المرزوقي ضمن الدراسة الشاملة التي عقدها لمناقشة المعترضين على فكرة «إسلامية المعرفة».

[45] دراسة شارك بها الأستاذ المرزوقي في مؤتمر التحيز الثاني المنعقد بالقاهرة بتاريخ 10 – 13/ 02/ 2007، وقد أعاد نشرها في كتابه: صوناً للفلسفة والدين، دمشق، دار الفرقد، ط 1، 2007، (ص 31- 88). 

[46] قد اخترت التمثيل بهذا العلم؛ لأن القول بالتحيّز لم يقتصر على العلوم الاجتماعية فحسب، بل تعداها إلى ما يسمى بالعلوم الدقيقة.

تراجع بعض أبحاث المحور الرابع من كتاب: إشكالية التحيز، ج II، (ص363- 514).

[47] أبو حامد الغزالي: المنقذ من الضلال والمفصح بالأحوال، تحقيق ودراسة سميح دغيم، بيروت، دار الفكر اللبناني، ط 1، 1993، ص: 65.

[48] المرجع نفسه، ص: 66.

[49] المرجع نفسه، ص: 65- 66.

[50] المرجع نفسه، ص: 66.

[51] ابن خلدون: المقدمة، تحقيق علي عبد الواحد وافي، دار نهضة مصر للطبع والنشر، ط 3، ج 3، ص: 1018.

[52] المرجع نفسه، ص: 1022.

[53] المرجع نفسه، ص: 1022.

[54] المرجع نفسه، ص: 1022-1023.

[55] المرجع نفسه، ص: 1025.

[56] عقد بالمجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، بتاريخ 14-16 فبراير 2007.

[57] ذكر لنا الأستاذ أبو يعرب المرزوقي، شفهيًّا أثناء زيارته لوجدة، أنه قرأ «فمونولوجيا الروح» لهيجل عشريناً مرّة في نصه الألماني، واستعان عليه بالنص الفرنسي والإنجليزي.ويقول المسيري: «الموسوعة «لم تُكتب» وإنما نمت من خلال الكتابة، ولذا فكل مدخل كُتب ما لا يقلّ عن عشرين مرة، وكلما تطوَّر النموذج التحليلي أُعيدت كتابة المدخل».

يراجع المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، النسخة الإلكترونية، المقدمة، شكر وتقدير. 

[58] المسيري: مقدمة إشكالية التحيز، ص: 28.

[59] يراجع المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، النسخة الإلكترونية، المقدمة، حدود الموسوعة.والتسويد من وضعي.