القلق في الحداثة وقِبْلَةُ الطُّرق الفكرية الجديدة
أو انْتِهالُ المعنى من الشرق الثقافي
الدكتور عبدالرزاق بلعقروز*
«إن الفلسفة الغربية يمُكنها أن تتعلّم من الهند والصّين كيفية إعادة اكتشاف العلاقة مع الوجود، وتوّعينا بما صِرنا إليه بعد أن سيّجنا أنفسنا بنموذج حضاري سمّينا النّموذج الغربي، وربّما تساعدنا على إعادة فتح هذا النّموذج».
الفيلسوف الفرنسي موريس ميرلوبونتي كتاب «علامات»
«إن كنت قد فهمت سوزوكي فهمًا صحيحًا، فإن هذا هو ما كنت أحاول أن أقوله في كل كتاباتي».
الفيلسوف الألماني هايدجر
* دكتوراه في الفلسفة، أستاذ محاضر، جامعة محمد لمين دباغين سطيف2 –الجزائر.
استهلال
نسعى في هذه المساءلة الفكرية إلى تَتبُّع وتفسير هذا التحوُّل الخطير فلسفيًّا، في طرق الفكر الغربية أثناء بناء علاقتها بالشرق الثقافي؛ لأن الخطاب الاستشراقي الذي تخلّق في رحم المركزية الغربية؛ كان يُبصر في الموروث الشَّرقي أعراضًا على طفولة بشرية وذهنية تجزيئية؛ وجرى التَّأصيل لهذه الفكرة فلسفيًّا مع هيجل في كتابته لتاريخ تطور الرُّوح؛ حيث عدَّ أرض الشرق أولى لحظات العقل وحرية الأقلية؛ إلى أن أضحت هذه الفكرة ثابتة وجوهرية وجرى البناء عليها في التّنظير لصلة الأنا الغربي بالآخر الشرقي.
إلَّا أن تراجع الفلسفة الذّاتية التي شكّلت الأساس الفلسفي لهذه الصورة عن الغرب في تمثله لذاته وفي تأويله للشرق[1]؛ بخاصة مع الاستشراق الجديد أو ما بعد الاستعماري ليس فقط العسكري، وإنما الاستعماري المقولاتي (الوعي، الأنا، الآخر...) هذا التراجع أورث قبلة جديدة للفكر وقيمة أخرى لهذا الشرق المنسي؛ حيث أضحى مصدرًا قويًّا من مصادر التنظير الفلسفي؛ والتعرُّف عليه هو أخطر مرحلة من مراحل العقلانية الغربية؛ ودشّن هذا التحوُّل الفيلسوف الألماني شوبنهاور (1788 - 1860) ومن خلفه نيتشه (1844 - 1900) في إعجابهم بالفكر والتَّجارب الروحية في الشرق.
إنه التنوير الآتي من الشرق الذي عرف تمظهراته في الخطابات الفلسفية واللّسانية على حد سواء؛ ويمكن رصد هذه التمظهرات التي تشهد على حضور الشرق في الغرب في مجالات مركزية ثلاثة: مجال المقولات اللّسانية ومدى تطابق الدّال مع المدلول، تمثُّلات الذّات بما هي مركز أم هامش، العدمية وأفول المعنى وعبثية الفعل الإنساني الغائي.
ضمن هذا الأفق الفلسفي فإننا نطرح السُّؤالات الآتية: ما السرُّ في الانقلاب على العقلانية والذّاتية الغربية في الفلسفة؟ لماذا هذا التحوّل من فلسفة العقل إلى فلسفة الإرادة؟ ما هي ملامح الحضور الفكري الشرقي في فلسفات ما بعد الحداثة؟ فيما مراكز الاتفاق والافتراق؟ ما دلالة هذا في مستوى الخطابات الاستشراقية؟ هل هو تحوّل معكوس وانتقام الشرق لنفسه؟ أم هو دخول في زمن التعددية الثقافية وانتهال الثقافات من بعضها البعض؟
أولًا: مبرّرات الموضوع
إن الذي دفع بنا إلى مقاربة هذه الرُّؤية، جملة من المسوّغات التي لا تنحصر فقط في المسوغات المعرفية؛ وإنّما تتَّصلُ بأفق الأزمة النّفسي الذي بلغه الغرب؛ بما هو أفق زلزل الثَّوابت الحداثية وعلّق الأحكام حولها، وهي أحكام ترتبط بالذّات وبالآخر؛ بالتَّاريخ والحقيقة، بالمعنى والقيمة؛ وهذا هو البعد الذي قصدنا به البعد النّفسي، وإلى رصد المسوغات نتّجه الآن:
أوّلًا: تصحيح الصّلة الحقيقية التي ربطت الغرب بالشّرق، وهي صلة لا تعد انقطاعية بالمعنى الجذري، وإنّما هي صلة تواصلية انتهالية، نرصدها في حقب الحداثة ومُثل التّنوير، وبلغت أوجَّها في عصر الاستشراق الراّهن الذي بلغ مبلغًا قويًّا في الانتهال من الشرق الثقافي، وهذا ما أسميناه بالطّرق الفكرية الجديدة.
ثانًيا: موت المقاربات المنهجية النّاظرة بعين الازدراء والتَّخييل إلى الترّاث الشّرقي، بخاصة تلك التي لا ترى فيه إلاَّ فكرًا عاكسًا للبنية التَّحتية للمُجْتَمعات ما قبل المجتمعات اللّيبرالية؛ أو تلك التي ترى فيه حقبة من حقب الفكر الميتافيزيقي اللاّعقلاني؛ الذي يعكس المرحلة الثانية من مراحل تطور الوعي الإنساني؛ أو تلك التّرسيمة التي جاء بها هيجل في كتابته للتَّاريخ الإنساني –الغربي- حين صوّر التراث الشّرقي في مرحلة الطفولة البشرية؛ ووثّن الروح الواعية في الحضارة الأوروبية؛ وأقصى التّواريخ المختلفة.
ثالثًا: التّداخل الحاصل في تغيير قبلة الغرب المعرفي، من تخييل الشرق إلى الانتهال منه عبر المصفاة العقلانية الغربية؛ حيث تم الانتقال من تصوير الشرق بالشهوانية والمكر والفضاضة؛ إلى حاجة العقل الغربي إلى تزويد ذاته الوضعية العملية؛ بمصدر آخر لتحقيق التّكامل مع الحياة الشّرقية بما هي الأميل إلى الحياة الباطنية والتّفكير الحدسي، من هنا فإن اهتمام العقل الغربي بالشّرق الثّقافي ليس من دافع الفضول المعرفي، والاستئناس الجمالي بها، وإنّما بقصد توسيع العقلانية؛ وعلاج حالة الأنوميا Anomie، التي تعدّ كارثة الغرب في انهيار المعايير؛ والافتقار إلى القيم العليا، والوهن الكارثي بمعايير السّلوك وفقدان هوية الانتماء.
رابعًا: تَبلُّد العقل العربي الأعمى عن هذا التَّداخل الحاصل والوحدة ما بين الاستشراق ما بعد الحداثوي و بين الأفكار الدّينية الشّرقية، التي تعدٌّ ركائز تأسيسية لنظريات النّقد الثَّقافي، وللبدائل الفلسفية لثقافة التّمركز العقلاني؛ فيما نراه مع فيلسوف التّشاؤم الألماني آرثر شوبنهاور الذي راهن على كتاب الأوبانيشاد البوذي للخروج من أقفاص الثقافة العقلانية؛ وتلاه مواطنه فريدريك نيتشه الذي أبصر في العقلانية الحداثية نسيجاَ من إرادات القوى التي توظّف مقولات العقل لتلبية دوافع القوة لديها؛ واجتهد في تأسيس ديانة بديلة عن الديانات الموروثة؛ وقد جعلها مليئة بالرّموز الثقافية الشّرقية؛ واستلهم من قيمها الحيوية.
هذا التبلُّد عن درك الأصول الشّرقية مردُّه الأصلي؛ إلى الخطأ المكرور في الثقافة العربية، أنّها تُبصر في النّظريات المنقولة عن المعرفة الغربية مناهج علمية لا صلة لها بالتحيّزات الثقافية، كما حصل في التّاريخ الفلسفي العربي عندما اعتبر فلاسفة العرب الأُوَل أن الفلسفة نتاجُ العقل المحض؛ كما هو الشّأن في علوم التّعاليم القديمة، وتتكاثر هذه الرموز الشرقية بخاصة في نظريات النّقد الأدبي ومناهج التّفكيك وسنرصد نحن ضمن هذه المقالة ملامح حقيقية عن التّشغيل لها في قضية تشظّي المعنى والعدَمية، وفي قضية المَقولات اللّسانية، وقضية تمثّلات الذّات.
خامسًا: الخواء الروحي الذي بلغته الثقافة الغربية[2]؛ وهو خواء سببه فصل القيم المقدّسة عن أوجه الحياة وعلمنة النّمط الوجودي الإنساني، ويشير إدغار موران (1921-......) إلى أنّه «يتعيّن علينا أن نتحدّث عن أزمة الرُّوح، وأزمة الفكر فهي أزمة تطلق نداء على الشرق الدّاخلي، وستمضي للبحث في الشرق الخارجي عن علاجات لها؛ فلماذا هذه الدَّعوة إلى اليوغية والبُوذية؛ وكأن الحضارة المادية قد خلقت فراغًا روحيًّا وطلاقًا بين الجسد والفكر»[3].
الملمح الجوهري على هذه الحقيقية هو: «رصد تضاعف أعداد الغربيين الذين تبنّوا سواء فرديًّا أو داخل دوائر المنظمات خلال العقود القليلة الماضية، السّبل الشّرقية مثل البوذية والطّاوية والزّينية وغيرها من الفلسفات الشّرقية الدّينية، ويمكن أن نشير هنا إلى علماء العقائد المسيحيين ذاتهم ومنهم يعقوب نيدلمان (Jacob needleman)، وهارفي كوكس (Harvey Cox) وقد أرجعا ذلك؛ إلى الخواء الروحي الذي تشهده نتيجة لعلمنة جميع مناحي الحياة»[4].
ثانيًا: إشكالية الموضوع
إن الإشكالية التي نروم البحث عن أجوبة لها ضمن هذه المقالة تتفرّع إلى المستويات التَّساؤلية الآتية: ما حقيقة الصّلة ما بين العقل الغربي والتراث الشّرقي في صورته الكونفوشيوسية والبوذية والطاوية والزّينية؟
أي الأوصاف كانت فاعلًا قويًّا في تصوير الشرق: الشّرق ككتلة جوهرية أو عالم صامت فيما يرى إدوارد سعيد أو كأرض للحكمة الخالدة؟ أو الشرق ككنوز من المعنى وكمنبع لعلاجات أدواء الحضارة الغربية المأزومة؟
لماذا تغيّرت قِبلةُ الغرب في صلته بالموروث والرّاهن الشّرقي من وصفه بالتّخييل إلى بناء أفق الانتهال منه؟ هل دلالة هذا أن الأسس المعرفية الغربية في نسختها الحداثية أوتادها موضوعة على الوحل؟ وأن الصّيغة الوجودية المأزومة حتّمت الاتجاه نحو الشّرق وأديانه؟
هل هذا الانتهال من الشَّرق أي الموروث الدّيني المتمثّل في البوذية والطاوية والزّينية والكونفوشيوسية هو قيمة إيجابية تجد أصلها في إرادة التّكامل وإفساح التفكير للتّعددية الثَّقافية والمناخ التّأويلي وبناء أخلاق كونية لثقافات متعددة؟ أم أن اتجاه العقل الفلسفي الغربي إلى التراث الشرقي البوذي والكونفوشيوسي والطّاوي مُسَوغُه الحقيقي هو إيجاد مناهج لتجاوز أسقام الفردانية الغربية واللّيبرالية والعقلانية الفجّة؟
ما هي انعكاسات هذا الانتهال على الفكر الفلسفي الذي راهن على إطلاقية المفاهيم وكونية الحقيقية وتعالي العقلانية؟ وأثَّر هذا كلّه على نظريات النّقد الأدبي ومناهج التأويل ورهانات القراءة؟
ما موقع الخصوصية التراثية ضمن هذا الفضاء؟ هل من الأجدى إدامة النّظر فيها تفكيكًا وتدميرًا أم أن الأجدى والأولى تثويرها مجُدَّدا بخاصة وأن المَلْمَح الجوهري للكونية العالمية هو تأثير الشّرق في تيارات ما بعد الحداثة ولم تبق إلَّا الثّقافة العربية لم تؤثر ولم تنتج فكرًا نوعيًّا ؟ أين الخلل؟
لأن الهدف من بلورة هذه الإشكالية متّصل بالذّات وليس من انجذاب بحثي مجرّد نحو هذه التَّساؤلات؛ فدَرْسنا لهذه الإشكالية هو إرادة نفع الذّات في المقام الأول، والبحث عن المفاعيل الحيوية التي تخرجها من حيّز السّكون إلى جريان الحركة.
ثالثًا: مفاهيم الدّراسة
يحتوي العنوان على مفاهيم مركزية يقتضي السياق التّحليلي هنا استخراج دلالاتها، مع أنّنا لا نولّي شطر توضيحنا إلى المباني اللّغوية؛ بقدر ما نرصد الدّلالات الإجرائية؛ أي سياق الاستعمال في مقام التحليل.
1. الشّرق الثقافي: كلمة الشَّرق الثَّقافي يمكن درك معناها من خلال مستويين: مستوى الدّلالة التَّوصيفية، ومستوى الدّلالة التّوجيهية، ففي المستوى الأول يقصد بالشّرق «ما يقع شرق الغرب... وتَشَكَّل وهو ما زال يتشكّل من الحضارات العظيمة التي تقع شرق الغرب: الاسلام والصين والهند واليابان... والقوة الثقافية والعسكرية، والغنى الاقتصادي والثقافي لتلك الحضارات هو الذي تسبّب في بروز الاستشراق»[5]، فضلًا عن أنّه نظام في المعنى وشريعة في الحياة وأسلوب في الحضارة؛ له هوة ثقافية يتمايز بها عن غيره من الثّقافات الأخرى.
أما المستوى التَّوجيهي فينحو منحى الصّناعة والتّمثيل؛ وهي «ليست مسألة نفسية لإبداء الفروق الوصفية وحسب، في بلدان مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، بل هي مسألة سياسية تدخل في نطاق التَّعليم، والتّربية، والتّبليغ الإعلامي، وضمن نطاق توجيه السياسة الخارجية لهذه البلدان. الآخر «الشّرق» همجي لا عقلاني، يعجز عن التّفكير المنظّم، والتّحليل، شاذ، بليد، ومتعصّب، والحركات التحررية الإسلامية شبكة من التنظيمات الخطرة، يغذّيها الحقد على الحضارة، و الآخر المختلف إلى حد العداء»[6].
2. طرق الفكر الجديدة: من المعلوم أن الاستشراق أطوار تاريخية ومعرفية، وهذا التقسيم تحددت معالمه انطلاقا من معطيات مبادئ «علم الأفكار» history of orientalisme، حيث تطالعنا بتعاقب مراحل، تعد الطرق الجديدة المرحلة الأخيرة منها: فهناك الاستشراق الاستكشافي في صورة حضارة تتطلّع إلى حضارة.
وهناك الاستشراق الاستعماري الذي يتّصف بخطاب التّأْسيس للمركزية الأوروبية الذي يتوسَّل مناهج منها: المنهجية النّقدية التَّاريخية، المقاربة الفيلولوجية. وهناك مرحلة الاستشراق ما بعد الاستعماري والمراجعات المابعد حداثوية، التي نقضت غزل الحداثة ومبادئها: كونية الحقيقة، وإطلاقية المفاهيم، وسلطة العقلانية.
والمرحلة الرابعة هي التي تتنزّل فيها مطالعتنا أي مرحلة: الاستشراق في الألفية الثَّالثة من الأفول إلى التَّجدّد»[7]، ومن الملامح الجوهرية لهذه المرحلة:
أ- التقاء الشرق بالغرب واستحالة الشرق الأقصى إلى قوى اقتصادية وفكرية عظمى.
ب- الأثر الكبير للفكر في جنوب شرق آسيا وخاصة في الهند والصين في مدارس ما بعد الحداثة وما بد البنيوية الغربية.
ج- الاستلهام من الشرق لتقويم المسار الحضاري وكونه أي الفكر الشرقي «أداة لتجديد الذّات، وكانت الثقافات خيرًا كانت أم شرًّا مرجعًا خارجيًّا، أفاد في توجيه مسار وأضواء البحث النّقدي للتراث الغربي ومنظومات الاعتقاد مما أفاد في استلهام إمكانات جديدة»[8].
وهذا هو مقصودنا بطرق الفكر الجديدة التي أضحت تنتهل من التراث الشّرقي.
3. الانتهال: إن كلمة الانتهال الواردة في هذا العنوان تدل ليس على النّهل فقط؛ وإنّما العودة إلى الجذور والمنابع الأولى لحقيقة الأشياء، ونتأمّل في الدّلالات اللّغوية «انتهال: -اسم- انتهال: مصدر انتهلَ، انتهلَ: -فعل- انتهلَ - انتهلَ من ينتهل، انتهالًا، فهو مُنْتَهِل، والمفعول مُنْتَهَل، انتهل العلمَ من مصادره الأصيلة نهِل؛ استقاه من منابعه»[9].
ويمكن البناء على مسألة الأخذ من المنابع والأصول؛ ضمن هذا المقام، فأن تنتهل؛ معناه أنّك تستلهم من معين الأشياء، من أصولها الأولى، وليس من حواشيها.
وإذا كانت بعض الاجتهادات قسّمت الإطار المرجعي للاستشراق من حيث المكونات المفهومية إلى: الاستشراق بصفته كلَّا مركَّبًا[10]، والاستشراق بصفته رؤية مخصوصة[11]، والاستشراف بصفته منهجًا[12]، وبوصفه أيديولوجيا[13]، وباعتباره مؤسسة[14]، وأخيرًا باعتباره ظاهرة[15]؛ فإنه يمكن إضافة دلالة تناسب ما يلوح في الأفق من دَلَالَات؛ هي الاستشراق باعتباره «انتهالًا»، أي أخذًا وعودة ورجوعًا إلى المصادر الشّرقية لأجل مجاوزة مستوى التخييل والإغراق في الأوهام التي وصف بها هيجل (1770-1831م) الشرق إلى مستوى الانتهال بقوة لأجل تجديد الذّات والبحث عن دروب جديدة للمعنى. ذلك أن التّخييل موصول أكثر بالصور الشعرية والمجازات، ويتنافى مع لغة اللّوغوس المبنية على الصَّرامة العقلية.
رابعًا: القلق في الحداثة والبحث عن المعنى في الشّرق
لقد ظهر شكل جديد من أشكال الاستشراق المابعد حداثي؛ وهو استشراق لا يُنْتِجُ نصًّا حول الشّرق، بقدر ما تركّزت إبستيميته حول إعادة تركيب صورة أخرى تتمايز عن الصّورة التي ركّبها الاستشراق المعهود أو الكلاسيكي، ويمكن تلخيص هذه المواصَفات في:
1- رفض المُثل القديمة للهيمنة الغربية وادّعاءاتها الكونية، والاعتراف باستحقاقات التعدّد والاختلاف.
2- ترك النّزعات القديمة لمثلنة الشّرق مكانها لنزعات نقدية ولكنّها ليست متسلّطة، وهي تستند إلى تقاليد الشّرق دون أن تكون انتقائية أو أيدولوجية.
3- إنكار الروح المؤسطرة للتّقاليد الشّرقية، وأنزلها أي الاستشراق من الأعالي العبقة بالبخور التي وضعها فيها الاستشراق الاستعماري.
4- استبدال الهالة الخارقة للطّبيعة التي أحاطها بها في يوم من الأيام بأسس فلسفية واجتماعية وثقافية ورمزية فاعلة[16].
5- الأخذ من مَعين هذا الشَّرق الثَّقافي بصورة مباشرة وغير مباشرة؛ وتحريك المقولات الشرقية ودمجها بصورة فلسفية في النمط المعرفي الغربي، بقصد تكامل العقل والحدس، وبقصد تجديد الذّات وتثوير الفهم.
وبالتلازم مع هذا الخطاب الجديد حول الشرق، بما هو مصدر انتهال وليس حكم تخييل؛ تضاعف القلق في الحضارة الغربية وأضحى الصورة الكئيبة المعبّرة عنها؛ وما تكاثر الحديث عن الأزمات إلَّا دليل على أن المصادر التي كانت تُزود الغربي بالمعنى قد نفذت؛ وارتبطت هذه الحيرة الأنطولوجية بثقافة التقدّم؛ التي يُبصر فيها البعض عرضًا على تزعزع أسس التنوير الغربي.
وأذكر هنا ما قاله أنطونيو نيغري: «إن الأزمة ليست نقيض التقدُّم، وإنّما هي صورته ذاته... [وهكذا] فثمة تقدّم داخل التّقهقر وتقدّم التقهقر»[17]. فالأزمة أضحت هي الملمح الجوهري لكياننا المأزوم، «وينبثق عنه أحساس بنوع من الانهيار الأساسي في قلب الوجود الفكري والروحي والمعنوي للغرب.
ويذهب المؤرخ وليام هاس إلى أن اهتمام الغرب بالشرق منذ القرن التاسع عشر وما بعده يكشف عن حالة «شك عميق» ويبرز حقيقية أن الحضارة الغربية في العصر الحديث أصبحت أكثر فأكثر لغزًا غامضًا بالنّسبة إلى نفسها، مرتابة بشأن جوهرها وقيمها، مشوشة غير مطمئنة بالنّسبة إلى الطّريق و الهدف»[18].
وهذا النّمط الوجودي المأزوم؛ والتشوّش والشك العميق، قد دفع بالفكر إلى التنقيب عن جبائر لهذه الثّقوب الحضارية؛ ويعد الفيلسوف الألماني شوبنهاور لحظة فارقة ومتميّزة ضمن هذا المقام، فلم يجد خَلاَصه في العقلانية، بقدر ما وجدها في النيرفانا، روح الحكمة الشرقية، واتخذَ من مبدأ نكران الذات عنوانًا لفلسفته «لأن زهرة القداسة لا تنمو إلَّا في أرض يرويها النّضال»، فالحياة الزُّهدية نكران للغرائز والذّات، وغياب نهائي للأنا بما يجعل الآخر فينا حضورًا مطلقًا... وتلك هي العدالة الحقيقية التي يجد شوبنهاور أصولها في الفكر الهندي القديم، في الفيدا التي تستند إلى مقولة أنت هو ذا Tu es ceci [19].
إن الأفكار التي أينعت في ذهن شوبنهاور ذات وَقُود شرقي ومن يتأمل أفكاره مجتمعة «يؤمن بأن تدفق سيل الأفكار الهندية إلى أوروبا يمثل نهضة جديدة سوف تُفْضي حتمًا إلى تحول أساسي في الفكر الأوروبي، وسوف يكون لهذا التحوّل أثر أعظم من آسيا على أوربا... إنه ميل بارز للتطلع الاستشراقي نحو استخدام الفكر الشرقي بغية إحداث تجديد أساسي، ومراجعته للتّراث الفكري الغربي»[20].
وتلازم هذا الاتجاه في فترة ما بعد الحداثة فيما يرى هومي بابا في صورة «أنّ في المابعد ضربًا من الإحساس بفقدان الاتجاه أو اضطراب الوجهة حركة استكشاف قلقة»[21].
ذلك لأن ثمة تلازم في الوجود الإنساني ما بين العدم و التّشاؤم؛ وبين الروّح والمعنى، إذ إن ظهور التشاؤم يدل على عدم تواصل بين الغايات والوسائل، وتبخُّر الغايات التي كانت أعمدتها تقوم على العقلانية والتّقدّم نحو الأفضل؛ ويُقدّم لنا كلارك مثالًا قويًّا على دمج الحكمة الشرقية في أفق ما بعد الحداثة؛ جهود الفيلسوفة الأمريكية شارلين سبرتيناك «التي حاولت بوسائل عديدة ومتباينة أن تدمج الحكمة الشرقية في روحانية علمانية جديدة تسميها «ما بعد المودرنيزم الإيكولوجية»، وعمدت خلال صياغتها للفكرة إلى تحديد معالم تراث لحكمة جديدة تتجاوز جوانب الحداثة الفاشلة، ولكنها تعتمد على جوانب للتّراثات نفسها التي نبذتها الحداثة في ازدراء.
وتبدي سبرتيناك ملاحظة تقول فيها: «إن بعضًا من أبرز المفكّرين التّفكيكين بعد الحداثيين شرعوا يسألون الأسئلة ذاتها التي تضعهم على عتبة تراثات الحكمة»[22].
ويمكن دَرْك هذه الحقيقة أي وجود التّنظير لما يسمى بما بعد المودرنيزم الإيكولوجية اقتداء بالفيلسوفة الأمريكية سبرتيناك في الخصائص الآتية:
أ - مفهوم ألوهية حالّة في الكون وقدسية كل شيء.
ب- معنى الكون من حي هو خلق ذاتي، والحياة الإنسانية من حيث هي عملية على مدى التحقق الذّاتي.
ج- التغلّب على الإنينية بأن تصبح الذّات ثاوية في حقيقية أكبر شاملة الطّبيعة وكل ما بين النّاس.
د- معنى للذّاتية مناهض للمعنى البطريركي أو الأبوي والحكمة الموجّة إلى الباطن
هـ- إدراك قوي للبدن ولإمكاناته الكامنة العاطفية والرّمزية والروحية.
و- إقرار واضح بنسبية الخطاب البشري وتعددية النّصوص البشرية.
ز- اعتراف بالدّفق والفيض المتصل اللاّنهائي وتعقّد وتشابك الأشياء والموجودات في عالم الطبيعة.
ح- ارتياب في القوانين والقواعد لمصلحة التراحم والشعور المتبادل، وإمكان مذهب أخلاقي لا ينبني على أساس جزاءات مفارقة أو مبادئ خالدة»[23].
نحن هنا أمام رؤية استلهامية واشتباك هيرمينيوطيقي مع الأفكار القديمة بأسلوب نقدي ومنفتح؛ إنها مظاهر على تشظّي المعنى والعدمية؛ هذا ولترسيخ الفهم بالمدارس التفكيكية والمابعد حداثية، يتوجّب العودة «إلى مفهوم الخواء الشونياطا وهو مدار الفلسفة التّفكيكية للفيلسوف البوذي ناقارجينه Nagarjuna، ومدرسة ماضْيَمكه madhyamaka، وقد ركّزت ماضيمكه على كشف المقولات اللّغوية باعتبارها صناعة ثقافية، وكشف مصادر التّجربة الإنسانية باعتبارها مشكَّلة عقليًّا، وسعى منهجها الجدلي إلى تبيّن الطّبيعة المتناقضة لكل التّواضعات اللّسانية. وكانت هذه الأفكار أساس ما يسمى بالتحول اللّساني في التّفكير النّقدي واللّساني الحديث»[24].
وهذه الرسوم ليست اجتهادات عقلية محضة، إنّما متّصلة بعمق أزمة ما بعد الحداثة، فالعنوان الأبرز لما بعد الحداثة هو: التَّشاؤُم وزوال أفق المعنى، في وحدة قوية مع تشخيصات البوذية للعالم، التي لا ترى من سعي الإنسان وفرحه وأمله إلًّا سرابًا ووهما.
وعندما يجري التأكيد وتتم المراهنة على الحكمة الشّرقية، يكون القصد البعيد من ذلك هو تقديم تشخيص وعلاج للموقف الإنساني، الذي يؤكّد على المحدّدات الآتية: أولًا: الطّبيعة الاصطناعية المحضة للمقولات اللّغوية. وثانيًا: الحاجة إلى تطوير تفكيكية تعمل على حسم كل مظاهر التَّعارض والاغتراب، وبذا لا تمسك بنا أسرى، ثالثًا: أن نحقق لأنفسنا لمحة خاطفة، فيها شفاء النّفس مستمدّة من الوحدة البدائية التي تفوق الوصف لجميع المتناقضات»[25].
إن ما نلاحظه هنا في سياق الانتهال من الفكر الشرقي، هو مدى حاجة العالم الما بعد حداثي إلى النّسغ الروحي لاستعادة التوازن أو تصحيح الوجهة، وأن هذا الاستلهام من الشرق مجددًا وليس من المسيحية رغم ثرائها الروحي، يجد مبرره في الصورة الأليمة التي يحملها الغرب في مخياله عن المسيحية؛ أي صورة الخرافة والاستعباد.
ولما كان من خصائص التاريخ الثقافي للغرب هو ليونة الأسس الثقافية والانفتاح؛ فلا قلق بخصوص الانتهال من البوذية أو الطاوية، لكنها تمر عبر النّموذج الغربي الذي يقوم بفعل الاشتباك الهيرمنيوطيقي معها وتخريجها مخرجًا فلسفيًّا؛ والاشتباك القيمي كذلك، أي الترَّكيز على القيم الآسيوية الممثّلة في التَّراحم العائلي، والرَّخاء الوطني، والمسؤولية تجاه المجتمع، وقوة الروح، كبدائل على المثل الغربية للّيبرالية والنّفعية والفردانية مؤشرات على هذا الانتهال، ويؤشّر أيضًا على أزمة الغرب ونسبيته.
ويمكن لهذا الانتهال أن يشكّل أفقًا لإقامة حوار بين الأديان لتَحقيق التَّكامل بين قوة العقل وقوة الحدس، بخاصة وأن نهضة الشّرق المعاصرة تضرب بجذورها ليس في تبنّي الرؤية الحداثية إلى العالم، وإنّما في الفكرة الدّينية التي تعد الناظم الذي يصل عناصر الحضارة بعضها ببعض، «فدورة الحضارة إذن تتم على هذا المنوال، إذ تبدأ حينما تدخل التاريخ فكرة دينية معيّنة، أو عندما يدخل التاريخ مبدأ أخلاقي معيّن Etohos، على حد قول كيسر لنج، كما أنّها تنتهي حينما تفقد الروح نهائيًّا الهيمنة التي كانت لها على الغرائز المكبوتة أو المكبوحة الجماح»[26].
وهكذا الكلام في صميمه ليس القصد منه تحليل المقولات وبيان مناحي التأثير والامتداد؛ وإنّما ما صلة هذا كله بالفكر العربي الإسلامي المعاصر؛ هل يقضي الحلُّ بالاندراج ضمن هذا الصّنف أو ذلك أو تتبع أركان الحداثة حذو النّعل بالنّعل؛ أو أننّا في أفق ملّتنا نتوفّر على قوة في الرّؤية إلى العالم، نصدّق بما جاءت به الرؤى الحداثية ونهيمن عليها معرفيًّا؛ إذ إن النّموذج الغربي بعد أن اتخذ من الرؤية العلمية - المادية قبلة له؛ وبعد النهايات المأزومة لهذه الرؤية؛ اندفع به الوعي شطر الرؤية الروحية إلى العالم، وهي لا تسلم أيضًا من مأزومية.
إن خيط أريانا الهادي إلى سبيل الصواب؛ هو سلوك مسلك السياسة الحضارية؛ أو التدبير الأنطولوجي الذي يلائم وجود الإنسان في العالم، وهذا متضمّن في الإسلام كرؤية إلى العالم، وليس كأداة احتجاجية سياسية للتَّجييش الظّرفي؛ وبيان ذلك، أنّه إذا كانت الثَّقافات الشرقية والرؤية المسيحية إلى العالم ترتكز على مبدأ الضّمير، والرؤية الحداثية إلى العالم ترتكز على مبدأ مقابل هو الطّبيعة؛ وتمزّق الإنسان بين هذين الضّديدين؛ فإن الرؤية الإسلامية تقوم على الإنسان؛ وهو الاسم الذي يطلق على «الإسلام، [الذي هو] تسمية لمنهج أكثر من كونه حلًّا جاهزًا، ويعني المركّب الذي يؤلّف بين المبادئ المتعارضة... من أجل مستقبل الإنسان ونشاطه العملي، يُعنى الإسلام بالدعوة إلى خلق إنسان متّسق مع روحه وبدنه، ومجتمع تحافظ قوانينه ومؤسّساته الاجتماعية والاقتصادية على هذا الاتساق ولا تنتهكه. إنَّ الإسلام هو -وينبغي أن يظل كذلك- البحث الدّائم عبر التاريخ عن حالة التَّوازن الجُواني، والبرَّاني، هذا هو هدف الإسلام اليوم، وهو واجبه التاريخي المقدّر له في المستقبل»[27].
إن الوجود المتزامن بين الضمير والطبيعة، أو الروح والمادة، هو الصيغة المنهجية التأليفية التي يكون مسارها هو جمع المتعارضات، والتأليف بين المتناقضات، واتجاه الغرب راهنا نحو الرُّوحية، أو نحو ما يسميه التأويلي الفينومينولوجي الفرنسي المعاصر جون غريش (Jean Greisch)، التّداوي بالفلسفة، والتَّمارين الروحية، واستحضار فنون العيش بالتفلسف، لا يحل المشكلة، بل هو تعبير عن إرادة الانهمام بالذّات روحيًّا، بعد هيمنة الانهمام بالأشياء ماديًّا.
فهذا المنحى، تعبير عن يقظة من نسيان الإنسان لأناه العميقة، وذاته النوعية الأصيلة، التي حجبتها النفس السّطحية، والانجذاب نحو المتغيّرات الحسية، وإن الصيغة المتوازنة لكائن إنساني يعيش معنى وجوده، وليس يعيش فقط من أجل وجوده؛ هي في هذا التوازن بين القيم الحيوية والقيم الفكرية والقيم الروحية.
[1] يقدم كتاب جاك غودي «الشّرق في الغرب»، تحليلًا نقديًّا للفكرة السائدة حول أفضلية الغرب، وأسبقيته في العقلانية والمنطق والفردية، ناقدًا منظور ليفي برول الذي أشاع فكرة العقل المنطقي في مقابل العقل البدائي، ومستشهدًا بدراسات أنثربولوجية تؤكد على كونية المنطق، وتهافت الأحكام الغربية حول الشرق. انظر: جاك غودي، الشرق في الغرب، ترجمة: محمد الخولي، بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2008.
[2] انظر: هوستن سميث، لماذا الدّين ضرورة حتمية مصير الروح الإنسانية في عصر الإلحاد، ترجمة: سعد رستم، دار الجسور الثقافية.
[3] إدغار موران، هل نسير إلى الهاوية، ترجمة: عبد الرحيم حزل، المغرب: أفريقيا الشرق، 2012، ص 29.
[4] المبروك المنصوري، الدّراسات الدّينية المعاصرة، من المركزية الغربية إلى النّسبية القافية، تونس : الدّار المتوسّطية للنّشر، 2010، ص 32.
[5] ضياء الدين ساردار، الاستشراق، صورة الشّرق في الآداب و المعارف الغربية، ترجمة: فخري صالح، أبو ظبي، 2012، ص 21 - 22.
[6] خالد سعيد، إدوارد سعيد ناقد الاستشراق، قراءة في فكره وتراثه؛ بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر الاسلامي، 2011، ص 86-8.
[7] المبروك الشيباني المنصوري، صناعة الآخر، المسلم في الفكر الغربي الماصر، السعودية : مركز نماء للبحوث والدراسات، 2014، ص 59/97.
[8] جي. جي. كلارك، التَّنوير الآتي من الشرق، اللقاء بين الكر الآسيوي والفكر الغربي، الكويت: عالم المعرفة، 2007.
[9] http://www.almaany.com/home.php?language=arabic.
[10] أي يحلل الثقافة كظواهر مركبة من نشاط رمزي أو مادي أو مجرّد.
[11] أي رؤية كونية للذات القارئة، تتخلل منظورات التَّحليل وأدوات القراءة.
[12] أي خطوات قد يصادر على صحتها، فيما يسمى بالتّمشّي الاستدلالي؛ أو التّمشي الاستقرائي للوصول إلى نتائج معروفة.
[13] أي الخطاب الاستشراقي باعتباره أيديولوجيا أو خيارات ترتهن للظّروف الذّاتية والموضوعية للواقع.
[14] أي تحول الاستشراق من كونه تابع للمؤسسة العسكرية؛ إلى مؤسسة في حد ذاتها تُمدُّ كل أنواع المؤسَّسات الأخرى بخرائط المعرفة.
[15] تستحق المدارسة والفقه؛ إنه الوعي الجغرافي والسياسي المبثوث في النّصوص العلمية والاقتصادية والاجتماعية و التاريخية فيما يقول إدوارد سعيد.
[16] المبروك المنصوري، صناعة الآخر، مرجع سابق، ص 109.
[17] إدغار موران، إلى أين يسير العالم، ترجمة: أحمد العلمي، بيروت: الدار العربية للعلوم، 2009، ص 25/33.
[18] جي، جي، كلارك، التنوير الآتي من الشّرق، مرجع سابق.
[19] كمال البكاري، ميتافيزيقا الإرادة أرخياء المعنى في الذّات والسلطان، بيروت: دار الفكر العربي، ص 122.
[20] كلارك، التنوير الآتي من الشرق، مرجع سابق.
[21] هومي.ك. بابا، موقع الثقافة، ترجمة: ثائر ديب، المغرب، بيروت: المركز الثقافي العربي، 2006، ص 37/38.
[22] كلارك، مرجع سابق.
[23] كلارك، المرجع نفسه.
[24] المبروك المنصوري، الدّراسات الدّينية المعاصرة، مرجع سابق، ص38.
[25] كلارك، مرجع سابق.
[26] مالك بن نبي، شروط النّهضة، سوريا : دار الفكر، ص 70.
[27] علي عزت بيغوفيتش، الإسلام بين الشرق و الغرب، ترجمة: يوسف عدس، القاهرة: دار الشروق، ط1، 1994م، ص 55 - 57.