شعار الموقع

فكرة الحضارة بين مالك بن نبي وسيد قطب

زكي الميلاد 2019-05-26
عدد القراءات « 2259 »

 

 

فكرة الحضارة

بين مالك بن نبي وسيد قطب

زكي الميلاد

-1-
المناظرة.. الفكرة والنص

حصلت بين مالك بن نبي وسيّد قطب مناظرة وجيزة، لكنها مناظرة نادرة حول فكرة الحضارة وعلاقتها بالإسلام والمجتمع الإسلامي، وهذه لعلها المرة الأولى التي يتم فيها استعمال تسمية المناظرة وصفًا لما جرى بين الرجلين، فقد استعملت بحقها تسميات أخرى منها: الخلاف والاشتباك والتباين وغيرها، ولم يكن من بينها تسمية المناظرة التي تصدق على هذا المورد.

وتقصّدت استعمال هذه التسمية لإعطائها هذا الأفق، ولتجديد النظر فيها، وكلمة النادرة في هذا الوصف، لأن من النادر أن تجري مناظرات في المجال العربي حول فكرة الحضارة.

شرح سيّد قطب موقفه تجاه هذه القضية في كتابه المثير للجدل (معالم في الطريق) الصادر سنة 1964م، وتحديدًا في الفصل الذي حمل عنوان (الإسلام هو الحضارة)، وشرح مالك بن نبي موقفه في كتابه (فكرة الإفريقية الآسيوية في ضوء مؤتمر باندونغ) الصادر سنة 1956م، وتحديدًا في الفصل الذي حمل عنوان (العالم الإسلامي وفكرة الأفرسيوية).

بدأت القضية سنة 1952م، حين نشر قطب مجموعة مقالات في مجلة (المسلمون) التي أصدرها شهريًّا آنذاك في القاهرة سعيد رمضان، نشرت تحت عنوان (نحو مجتمع إسلامي)، جمعتها لاحقًا مكتبة الأقصى في العاصمة الأردنية عمَّان، وأصدرتها في كتاب بالعنوان نفسه (نحو مجتمع إسلامي)، وهو ليس الكتاب الذي أعلن عنه قطب، وأشار إليه في كتاب (معالم في الطريق)، فهذا الكتاب لم يرَ النور، ويحتمل أنه تعرَّض للتلف[1].

أما النص الذي يتعلّق بهذه المناظرة، فقد شرحه قطب في الكتاب المذكور، وسنذكره كاملًا؛ لأنه يمثّل مدخلًا لفهم طبيعة هذه المناظرة، في هذا النص يقول قطب: «لقد كنت قد أعلنت مرة عن كتاب لي تحت الطبع، بعنوان: نحو مجتمع إسلامي متحضر، ثم عدت في الإعلان التالي عنه فحذفت كلمة «متحضر»، مكتفيًا بأن عنوان البحث كما هو موضوعه (نحو مجتمع إسلامي).

ولفت هذا التعديل نظر كاتب جزائري يكتب بالفرنسية، على أنه ناشئ من عملية دفاع نفسية داخلية عن الإسلام، وأسف لأن هذه العملية غير الواعية تحرمني مواجهة المشكلة على حقيقتها!

أنا أعذر هذا الكاتب، لقد كنت مثله من قبل، كنت أفكر على النحو الذي يفكر هو عليه الآن، عندما فكّرت في الكتابة عن هذا الموضوع لأول مرة! وكانت المشكلة عندي كما هي عنده اليوم، هي مشكلة تعريف الحضارة!

لم أكن قد تخلَّصت بعدُ من ضغط الرواسب الثقافية في تكويني العقلي والنفسي، وهي رواسب آتية من مصادر أجنبية غريبة على حسي الإسلامي، وعلى الرغم من اتجاهي الإسلامي الواضح في ذلك الحين، إلَّا أن هذه الرواسب كانت تغبش تصوري وتطمسه، كان تصور الحضارة -كما هو الفكر الأوروبي- يخايل لي، ويغبش تصوري، ويحرمني الرؤية الواضحة الأصيلة.

ثم انجلت الصورة، المجتمع المسلم هو المجتمع المتحضر، فكلمة المتحضر إذن لغو، لا يضيف شيئًا جديدًا، على العكس تنقل هذه الكلمة إلى حسّ القارئ تلك الظلال الأجنبية الغربية، التي كانت تغبش تصوري، وتحرمني الرؤية الواضحة الأصيلة! الاختلاف إذن هو على تعريف الحضارة»[2].

أما ابن نبي، فقد اقترب من هذه القضية في سياق حديثه عن الميدان الفكري، وما يتجلّى فيه من صورة عجز عن مواجهة مشكلات العالم الإسلامي، والتفكير في هذه المشكلات بصراحة وملاءمة، وبدل أن يتحدّث عن الرمد عندما ينبغي الحديث عنه، فإنه يتحدّث عن علم الرمد، الحالة التي يرى فيها ابن نبي أن هناك علاقة يصفها بالمعيبة بين المسلم وأشياء يسمو بها إلى مرتبة المثل الأعلى، وحسب قوله: «هذه العلاقة المعيبة بين المسلم وأشياء يسمو بها إلى مرتبة المثل الأعلى، لأنه يرى فيها تأثير الفكرة الإسلامية في المجال الاجتماعي، هذه العلاقة المعيبة تخلق لديه نوعًا من الحرمان، ونوعًا من عدم الإخلاص الأدبي الذي يصرف نظره أحيانًا عن بعض المشكلات خوفًا من أن يصطدم بمحرّم في الدين، ناتجًا في نفسه عن عقدة الحرمان، حين يواجهها صراحة، فهو عندما يعالج مرضًا في المجتمع الإسلامي يشعر كأنه يسيء الظن بالإسلام»[3].

وعندما يتعلّق الأمر بموقف المثقّف، هنا يقترب ابن نبي من النص الذي ناظر فيه سيّد قطب، وعرفه بكتابه من دون أن يسميه بالاسم، وتحدد هذا النص كاملًا بقول ابن نبي: «وعندما يتعلّق الأمر بموقف مثقف يريد دراسة مشكلات العالم الإسلامي دراسة موضوعية، فإن عقدة نفسية كهذه تُعقّد مجهوده، وتسيطر فكرته بحيث تموّه طبيعة هذه المشكلات، ويدخل في الدراسة بعض التحريف اللاشعوري.

ونتصور لهذه الحالة ضررها البالغ، عندما تصدر عن متخصّص في هذه المسائل، وخاصة إذا ما كان لعمله تأثير كبير على اتجاه عصره، لقد أراد أحد هؤلاء المفكرين أن يضع خطة مؤلف اختار له بحق هذا العنوان: نحو مجتمع إسلامي متمدن، ولكنه فكر فعدل العنوان بالصورة التالية: نحو مجتمع إسلامي.

في هذه الحالة، نرى أن العلاقة المعيبة تتدخل في صورة حرمان أدبي يفرض التعديل المذكور، ولست أعتقد أن المفكر الكبير قد اعتبر أن الكلمة المقتطعة من العنوان الأول، قد حرفت المشكلة في عقله فاختلستها وخدرتها بصورة ما في ضميره، فإن العملية التي تتم في الإطار النفسي لها طبعًا نتيجة في الإطار الأدبي، أنها تقطع في الواقع المشكلة الأولية عن عنصرها الجوهري، وهو البحث في شروط حضارة المجتمع الإسلامي.

فلقد استبعد المفكر المحترم إذن مشكلة العالم الإسلامي الحاسمة من بحثه، حين اعتقد وحملنا على الاعتقاد بأن المجتمع الإسلامي هو على وجه التحديد متمدن، وهكذا نراه وقد انجرَّ مرغمًا تحت تأثير حالة إخلاص، إلى موقف من المدح العقيم.

ومع ذلك، فكم كان يمكنه أن يخدم المصلحة العليا في العالم الإسلامي لو أنه وقف موقفًا موضوعيًّا إلى النهاية، معتبرًا أنه يوجد فعلًا مجتمع إسلامي، ولكنه موجود في حال بادرة الحضارة، وأن من الأوفق أن نواجه مشكلة حضارته»[4].

هذان هما النصَّان الرئيسان اللذان يشرحان طبيعة إشكالية المناظرة، أو ما يعرف في لغة الفقهاء بمحل النزاع بين قطب وابن نبي، وهناك تفريعات أخرى سوف نأتي على ذكرها لاحقا.

- 2 -
المناظرة.. مواقف وآراء

قبل النظر في النصين المذكورين فحصًا وتحليلًا، نشير إلى بعض المواقف التي تشكّلت حولهما في أزمنة متعاقبة، وفي بيئات متنوّعة، فقد أثارت هذه القضية انتباه البعض، وجرى الالتفات إليها غالبًا عن طريق سيّد قطب، لكونه كان معروفًا في وقته ومتابَعًا أكثر من مالك بن نبي الذي بدأت محطته الأولى في العالم العربي من القاهرة سنة 1956م.

وفي هذا النطاق، يمكن الإشارة إلى ثلاثة مواقف ظهرت من أشخاص ينتمون إلى ثلاث بيئات عربية، وبحسب تعاقبها الزمني هي:

الموقف الأول: أشار إليه الباحث العراقي الدكتور علي حسن القريشي في رسالته للماجستير حول ابن نبي، الموسومة بـ(الأسس التربوية للتغير الاجتماعي عند مالك بن نبي)، ناقشها في كلية التربية جامعة عين شمس سنة 1983م، وصدرت في كتاب سنة 1989م بعنوان (التغيير الاجتماعي عند مالك بن نبي).

في هذا الموقف استند الدكتور القريشي إلى أمرين، الأول يتّصل بالجانب النظري، والثاني يتّصل بالجانب التطبيقي، الجانب النظري يتعلّق بالتفريق بين فكرتي المدنيّة والحضارة، معتبرًا أن ابن نبي كان ناظرًا إلى فكرة المدنية، بينما قطب كان ناظرًا إلى فكرة الحضارة، والجانب التطبيقي يتعلّق بالتفريق بين المجتمع الإسلامي الماثل والمجتمع الإسلامي المثال، معتبرًا أن ابن نبي كان ناظرًا إلى المجتمع الإسلامي الماثل، في حين أن قطب كان ناظرًا إلى المجتمع الإسلامي المثال.

من هنا فليس صائبًا -في نظر الدكتور القريشي- اعتبار أن تخلّي قطب عن كلمة متحضّر يعني تحريفًا للمشكلة، كما تصوّر ابن نبي، وذلك لسببين شرحهما القريشي على هذا النحو:

الأول: يرى الدكتور القريشي أن قطب لم يكن يقصد بكلمة متحضّر ذلك المعنى الذي يقصده ابن نبي، فمفهوم الحضارة عند قطب هو مجموعة القيم والعلاقات والنظم، والحضارة بهذا المعنى لا ترادف المدنية التي هي مجموعة المنتجات المادية والوسيلية المتطوّرة.

ولا تصلح المدنيّة في نظر القريشي لأن تكون مقياسًا مركزيًّا للاستدلال على تحضّر المجتمع، ولا مؤشرًا على رقي المجتمع أو تخلّفه، فالمجتمع المتحضّر -في تصوّر القريشي- يستدلّ عليه في المقام الأول بمنطلقاته العَقَدِيَّة والقيميّة، وبسلوكياته وعلاقاته ونظمه الاجتماعية التي يتبعها، لا بتطوّره المادي ونمط وسائله وأدواته المعيشية.

لهذا فإن الحضارة في مفهوم قطب ليست هي المدنية، بل هي نسق عقائد وقيم ونظم وعلاقات تحدّد منهج الإنسان وحركته في الحياة، وأما الحضارة النموذجية -في نظر قطب- فهي حضارة التوحيد التي يجسّدها النظام الإسلامي، النظام الذي يوفر للإنسان إنسانيته، ويحترم خصائصه الأساسية، وتتحقّق في ظلّه معاني وتجسّدات العبودية لله وحده، كما يتحقّق فيه التوازن الشامل في الحياة الفردية والاجتماعية.

الثاني: يرى الدكتور القريشي أن ابن نبي تصوّر أن قطب كان يبحث في المجتمع المسلم الراهن، الذي هو يعاني فعلًا من أزمة غياب التحضّر والتمدّن معًا، في حين أن قطب كان يبحث في المجتمع الإسلامي الأنموذج أو المثال.

وما دام الأنموذج الإسلامي في منطلقاته وأهدافه ونظمه وعلاقاته وحركته، يقوم -في تصوّر الدكتور القريشي- على العقيدة التوحيدية، والقيم الربانية، ونظرية النظم المستمدة من المنهج والشريعة الإسلاميين، فإن إسقاط كلمة متحضّر يعني له إسقاط لصفة لا يحتاج إليها الموصوف، لأن المجتمع الإسلامي المثال وليس الماثل، هو مجتمع متحضّر بالضرورة.

وبناء على ذلك يرى الدكتور القريشي أنه لا يمكن اعتبار إسقاط قطب لكلمة متحضّر هو محاولة إخلاص دفاعية تعكس -كما ظن ابن نبي- حالة من المدح الذي لا يواجه شروط المجتمع المادية والمدنية، لأن الشروط المادية غير واردة أساسًا في معنى الكلمة التي نحاها قطب.

ويضيف القريشي حتى في حالة افتراض أن التمدّن يعني التحضّر، وأن التمدّن يصلح مقياسًا حاسمًا للتقدّم الاجتماعي، فقطب -كما تقدّم- لم يكن يتحدّث عن واقع التمدّن في المجتمع الإسلامي الراهن، بل كان يتحدّث عن التحضّر في المجتمع الإسلامي الأنموذجي[5].

الموقف الثاني: أشار إليه الباحث المصري الدكتور سليمان الخطيب في مكانين، مرة في رسالته للدكتوراه التي ناقشها في كلية البنات جامعة عين شمس سنة 1988م، بعنوان (فلسفة الحضارة عند مالك بن نبي.. دراسة إسلامية في ضوء الواقع المعاصر)، وصدر في كتاب بالعنوان نفسه سنة 1993م، والمرة الثانية في مقالة بعنوان (المسألة الحضارية بين مالك بن نبي وسيّد قطب)، نشرت في مجلة رؤى سنة 2003م.

في هذين المكانين لم يتغيَّر الموقف حتى من جهة البيان، لكن الذي اختلف أن في المقالة وضع الدكتور الخطيب تمهيدًا مطولًا جاء في سياق البحث عمَّا أطلق عليه المسألة الحضارية عند الرجلين، أما التغيُّر المهم الذي وجدته، فقد ظهر في المقالة حين وصف الخلاف بين الرجلين بالخلاف المنهجي، الوصف الذي لم يرد ذكره في الكتاب.

يرى الخطيب أن هناك فرقًا في وجهة النظر بين المفكرين، لكنه فرق بين وجهتي نظر متكاملتين، وليستا متناقضتين، وحسب رأيه أن قطب «يركّز في منهجه الفكري على الجوانب الذاتية في معالجته لمشكلة الحضارة، حيث يعتبر أن الشروط التي صنعت الجيل القرآني الفريد، وحاكمية المجتمع لله وحده في كل الأمور، ذلك هو المنطلق، ولكنه في نفس الوقت لم يغفل الشروط الموضوعية اللازمة لبناء الأمة أو الحضارة الإسلامية. ومالك بن نبي يركز في منهجه الفكري على الجوانب الموضوعية في معالجته لمشكلة الحضارة، وذلك بحكم تكوينه الثقافي والمنهجي، هذا مع تأكيده على الدفعة القرآنية الحية، ودور الفكرة الدينية في المسار الحضاري»[6].

الموقف الثالث: أشار إليه الباحث الجزائري الدكتور محمد العبدة في مكانين، مرة في مقالة له نشرت سنة 1988م بعنوان (قراءة في فكر مالك بن نبي)، ومرة في كتاب صدر له سنة 2006م بعنوان (مالك بن نبي.. مفكر اجتماعي ورائد إصلاحي).

في المقالة رأى الدكتور العبدة أن القضية هي قضية مصطلحات، فابن نبي كان يتكلَّم عن المجتمع الإسلامي الموجود، وأنه يحتاج إلى رفعه لمستوى الحضارة حتى يستأنف دوره، وهو لا يعني هنا الحضارة الغربية، وإنما الحضارة حسب تعريفه، وقطب كان يتكلَّم عن المجتمع الإسلامي المنشود، وأنه إذا وُجِدَ فَثَمَّ الحضارة، والإسلام هو الوحيد الذي ينتج حضارة متكاملة.

أما في الكتاب، فقد اختلف المدخل، وتحدّد بالخلاف حول إنسانية الحضارة، ورأى فيه الدكتور العبدة أن الحق مع قطب، وحسب رأيه: «إذا كان سيد قطب يريد أن يقول: إن المجتمع الإسلامي حين يتمثَّل الإسلام على حقيقته، هو الذي يحقّق إنسانية الإنسان في أكمل صورها وأفضل تجلّياتها، فهذا صحيح؛ لأن الذي يحكم قوانين هذا المجتمع هي الشريعة التي أنزلها الله الذي لا يُحابي أحدًا، وإنما هي لمصلحة الإنسان، وأمر آخر هو أن الشرك المضاد للإسلام يمزّق شخصية الإنسان، فمن هذا الجانب نرى أن الحق مع سيّد قطب، ولكن سيّد في كتاباته لا يدخل في التفاصيل التي تُمهِّد للمجتمع المسلم، كي يكون هو المجتمع المتحضّر، كما يؤصّلها أو يؤصّل بعضها ويضع كل ذلك ضمن منهج كما فعل مالك بن نبي. سيّد قطب يرى استيراد النظريات العلمية والتقنية من الغرب مجردة، ومالك يرى أن هذه التقنية أحاطت بها ثقافة وعلم نفس وعلم اجتماع، فلا بد أن نُوجد الثقافة الخاصة بنا التي تحيط بهذا العلم»[7].

هذه بعض المواقف المهمة، ولعل هناك مواقف أخرى، والأقرب أنها تتصل بالوجهة العامة لهذه المواقف، وتلتقي معها من جهة النسق الفكري العام، كما التقت هذه المواقف الثلاثة المذكورة، وتناغمت في نسقها الفكري العام.

- 3 -
المناظرة.. ملاحظات ونقد

أمام هذه المناظرة فحصًا وتبصُّرًا، نقدًا وأفقًا، يمكن تسجيل الملاحظات الآتية:

أولًا: لا شك أننا بأمسِّ الحاجة لمثل هذه المناظرات التي تتخذ من الحضارة وجهة وقضية، وليس هناك أفضل من الحضارة موضوعًا للمناظرة والمناظرات بين المسلمين، علماء ومفكرين ومؤرخين، فالحضارة هي من أكبر الموضوعات وأهمها على الإطلاق، وأكثرها حيوية، وأجودها أفقًا، وأنضجها نقاشًا، وأصلحها مصيرًا.

وكما أشرت من قبل، فإن استعمال تسمية المناظرة في هذا المورد، جاء بقصد لفت الانتباه لهذه القضية، وتأكيد الحاجة لموضوعها، وتغليب هذا الموضوع على الموضوعات الأخرى. فقد كشف هذا المورد عن وجود مناظرة حول فكرة الحضارة، وبات من الممكن الحديث عن وجود مناظرة أو شبه مناظرة يمكن أن يؤرّخ لها حول الحضارة فكرةً وتعريفًا في ساحة المسلمين المعاصرين.

وتتأكّد الحاجة لهذه المناظرة وتتقدّم لإخراج المسلمين من تيه السجالات المذهبية والكلامية القديمة والعقيمة، التي عزّزت الخصومات، وكرّست الانقسامات، وأجّجت الخلافات، وأعادت المسلمين إلى الوراء، وأظهرتهم كما لو أنهم ما زالوا يعيشون في القرون السابقة، غير قادرين على التخلّص من إرث الماضي وسطوته، والعبور من الأزمنة القديمة الجامدة إلى الأزمنة الحديثة المتقدّمة، متطلّعين إلى المستقبل وآفاقه الرحبة.

هذا التحوّل لن يكون ممكنًا إلَّا بتغيير تلك المسلكيات العقيمة، وتبني مسلكيات أخرى تحفّز على تبني نمط مختلف من المناظرات، كهذه المناظرة التي تتخذ من الحضارة وجهةً ومسارًا.

ثانيًا: في وقتهما لم يلتفت كلٌّ من ابن نبي وقطب إلى أنهما بصدد مناظرة حول فكرة الحضارة، وأنها مناظرة تحصل لأول مرة في زمنهما حول هذه الفكرة العظيمة التي لا يختلف أحد على عظمتها وأهميتها الفائقة، وأن من النادر حصول مثل هذه المناظرة في ساحة العرب والمسلمين.

الأمر الذي كان يقتضي العناية بهذه المناظرة فكرةً وموضوعًا، منهجًا وأسلوبًا، والعمل على تجويدها وتعميقها، وإظهارها على أحسن صورة، وعيًا وإدراكًا بأهمية فكرة الحضارة، حتى تأخذ هذه الفكرة مداها وأفقها وتموّجها في ثقافة العرب والمسلمين، ولكي تكون بصيرة لهم في النظر لحاضرهم ومستقبلهم.

لكن الذي حصل ظهر وكأن الوعي بفكرة المناظرة كان غائبًا عند الرجلين على حدٍّ سواء، وبدل أن تصبح مناظرة فكرية معمّقة وممتدة ترتفع بفكرة الحضارة نحو التموّج والانتشار، تحوّلت إلى ما يُشبه مساجلة دفاعية، تنكمش فيها فكرة الحضارة وتتقلّص، وحتى لو تساهلنا وقلنا عنها: إنها مناظرة، فهي مناظرة غير مكتملة من جهة، وغير معمقة من جهة أخرى.

ثالثًا: من ناحية الموقف العام، ظهر ابن نبي في موقف المسكون بهاجس التقدّم والتحضّر، بينما ظهر قطب في موقف المسكون بهاجس الهوية والخشية على الهوية، مع ملاحظة أن ابن نبي مع أنه كان مسكونًا بهاجس التقدّم والتحضّر، لكنه في الوقت نفسه كان ملتفتًا لفكرة الهوية، يتمسّك بها ويدعو لحمايتها، ولا يقبل بطمسها وتمزيقها وتعريضها للتشوُّه أو الاختراق، وهذا هو نهجه الفكري الذي بقي ثابتًا عليه.

بينما قطب كان مسكونًا بهاجس الهوية الشديدة، لكنه لم يكن ملتفتًا بالقدر الكافي لفكرة التقدّم التي تقلّصت عنده وتراجعت، بل وتلاشت في كتاباته الأخيرة، حين أظهر فيها تشكُّكًا وريبة من فكرة الحضارة، معتبرًا أنها تحمل ظلالًا أجنبية غربية تغبش التصوّر، وتحرم من الرؤية الواضحة الأصيلة.

على هذا الأساس، يمكن فهم وتفسير طبيعة التباين والاختلاف في الموقف بين ابن نبي وقطب، فهو تباين واختلاف بين نسقين فكريين، نسق يقارب بين الهوية والتقدّم ونسق يباعد بينهما، نسق لا يخشى على الهوية من التقدّم بل يخشى عليها من غياب التقدّم، ونسق يخشى على الهوية من التقدّم، ويعمل على حجب الهوية عن التقدّم حفاظًا لها وحماية.

الأمر الذي يعني أن هناك هامشًا كبيرًا من التباين والاختلاف بين ابن نبي وقطب، يتخطّى حدود الموقف تجاه فكرة الحضارة فهمًا وتعريفًا، ويتعدّاه إلى ما هو أوسع من ذلك، ويصل مداه إلى نطاق التباين والاختلاف على مستوى النسق الفكري، لهذا من الصعب المطابقة بين الرجلين، والمزاوجة بين نسقيهما الفكريين.

وإذا كان بإمكان ابن نبي أن يفهم قطب ونسقه الفكري، فإن قطب قد باعد نفسه كثيرًا عن النسق الفكري لابن نبي، وبات من الصعب عليه فهم هذا النسق بعد القطيعة الفكرية معه، والانقلاب الجذري عليه.

رابعًا: حسب رؤية قطب أن الحضارة منحصرة كليًّا وبشكل تام في المجتمع الإسلامي، فلا حضارة بدون مجتمع إسلامي، ولا مجتمع إسلامي بلا حضارة؛ لأن الإسلام في نظره لا يعرف إلَّا نوعين اثنين من المجتمعات لا ثالث بينهما، فالثالث هنا مرفوع، مجتمع إسلامي ومجتمع جاهلي، الأول مجتمع متحضّر بذاته لا ينفك عن الحضارة، والثاني مجتمع متخلّف بذاته لا ينفك عن التخلّف.

وحسب هذا المنطق، فإن الحضارة إنما ظهرت مع الإسلام وتجلّت في المجتمع الإسلامي، فلا حضارة ولا حضارات قبل الإسلام وما بعده، وعلى هذا الأساس فإن كل الحضارات التي عرفها التاريخ الإنساني على مر الأزمنة والعصور القديمة والوسيطة والحديثة، وأوصلها المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي إلى واحد وعشرين حضارة، ظهرت وازدهرت في مختلف أمكنة المجتمعات الإنسانية على تنوُّع أديانها وثقافاتها، لغاتها وألسنتها قومياتها وأعراقها، هذه الحضارات في نظر قطب ليست حضارات، ولا يصدق عليها وصف الحضارة، إنما هي جاهليات، ويصدق عليها وصف التخلُّف.

هذا الرأي في الموازين الأخلاقية، هو بخلاف العدل والإنصاف، فليس من العدل والإنصاف عدم احترام جهد الإنسان وتقديره في إصلاح أحواله، وعمران دنياه، وتحسين شؤونه في أي جانب كان، وبأي جهد حصل، فقد عرف عن الإنسان منذ وجوده القديم على الأرض، كفاحه الطويل والمضني في سبيل التغلُّب على تحديات الطبيعة القاسية، ومشكلات الحياة الصعبة، ووقف في وجه الظروف التي لا تحتمل ولا تطاق، حتى تمكَّن من بناء الحضارات، وتكوين المدنيات، وتحقيق ما سماه ابن خلدون العمران البشري.

هذا الجهد العظيم لا يمكن التنكُّر له، والتغافُل عنه، وعدم الاعتراف به، ولا يحق وصفه بالجاهلية والتخلّف، بل من العدل والإنصاف احترام هذا الجهد وتقديره تمسُّكًا بالمنطق القرآني في قوله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[8].

وفي الموازين التاريخية، فإن رأي قطب يلغي تاريخ الحضارات، ويصطدم بحقائق التاريخ التي لا يمكن الاصطراع معها، ولا الوقوف في وجهها، ولا نفيها أو طمسها، فهي أكبر من ذلك وأعظم شأنًا، وليس هناك ما هو أثبت من هذه الحقائق وأنصع ظهورًا.

وقد برهنت هذه الحقائق التاريخية وأثبتت، وجود حضارات ومدنيات نهضت وازدهرت، تدهورت وسقطت بتأثير السنن الاجتماعية والتاريخية التي أودعها الله سبحانه في الاجتماع الانساني.

وتوالت هذه الحضارات والمدنيات في التاريخ الإنساني من العصور القديمة إلى العصور الحديثة، ودوّنت سِيَرها ووثّقتها كتب الحضارات والتاريخ، واعتنى بها مؤرخون ومفكرون وباحثون في حقول الاجتماعيات والإنسانيات قديمًا وحديثًا وبين الملل كافة، وأطلقوا عليها تسمية حضارة ومدنية بصيغة المفرد، وحضارات ومدنيات بصيغة الجمع، وتوافقوا على هذه التسمية بلا نزاع ولا خلاف، بوصفهم أهل خبرة في هذا الشأن وأهل دراية، بغض النظر عن تقويمنا لهذه الحضارات.

بهذا الاعتبار، لا يمكن الاتفاق مع الرأي الذي طرحه قطب لا من الناحية الأخلاقية وحسب موازين العدل والإنصاف، ولا من الناحية العلمية حسب موازين التاريخ وحقائقه، وهو رأي يتّسم بالتبسيط والاختزال، ويقع خارج نطاق الحقل العلمي لدراسة الحضارة والحضارات.

خامسًا: قسّم قطب المجتمعات الإنسانية إلى قسمين لا غير، هما: المجتمع الإسلامي والمجتمع الجاهلي، وهو تقسيم يرتكز على أساس الدين، الذي لا يرى قطب غيره مرتكزًا وأساسًا في النظر إلى المجتمعات وتقسيمها وتقويمها.

ومن الواضح أن استعمال وصف الجاهلية جاء بقصد تقبيح صورة المجتمعات غير الإسلامية، والدعوة إلى هجرانها، وقطع الصلة بها، فلا يمكن التواصل مع مجتمعات توصف بالجاهلية، كما لا يمكن لهذه المجتمعات أن تتواصل مع من يصفها بهذا الوصف الموغل في التقبيح، فليس هناك وصف أكثر حدةً وتنفرًا وتقبيحًا من هذا الوصف.

وبهذا الوصف، يكون قطب قد قطع الطريق على إمكانية التواصل مع التجربة الإنسانية الممتدة في التاريخ، والعابرة من الأزمنة القديمة إلى هذه الأزمنة الحديثة، التجربة التي سطّر فيها الإنسان أعظم ملحمة في الكفاح من أجل الفوز بالحياة الكريمة، وكشف فيها عن ذكائه العظيم، وعبقريته الفذّة، ونبوغه المدهش، وعن صبره الكبير، وطاقته الجبارة على التحمّل، فحقّق ما حقّق من إنجازات ومكتسبات في الميادين كافة، هذه التجربة التي تعدّ أثمن ما تملكه البشرية اليوم، تكون لا قيمة لها حين نصفها بالجاهلية.

وهل يمكن لمجتمع أيًّا كانت صفته وهويته أن ينهض ويتقدّم من دون التواصل مع هذه التجربة الإنسانية، والانفتاح عليها، والتعلّم منها!

وهل هناك حضارة قامت في التاريخ من دون أن تتعلّم من الحضارات السابقة عليها، علمًا أن الحضارات تتعاقب وتتوارث لأنها تتعارف وتتعلّم من بعضها، ولهذا يرى المؤرخون أن كل حضارة هي إرث إنساني مشترك، تتملكه الإنسانية كافة بكل أجيالها وأمكنتها وأزمنتها.

وحسب هذا الرأي، فإن المجتمع الإسلامي حاله كحال المجتمعات الإنسانية الأخرى، لا يمكن أن ينهض ويتقدّم من دون التواصل مع التجربة الإنسانية، لكن هل يمكن التواصل مع هذه التجربة حين نصفها بالجاهلية.

والأخطر من ذلك، أن وصف المجتمعات المغايرة بالجاهلية، ليس فقط يقطع طريق التواصل، وإنما يكرّس الصدام معها، فهذا الوصف هو صدامي بطبعه، ويحرّض بشدة على الصدام، ولا يطلق إلَّا بدافع الصدام، ويلتقي من هذه الجهة مع نسق النظريات الصدامية التي جلبت معها نزعة التشاؤم في العلاقات بين المجتمعات والحضارات، ومنها نظرية صدام الحضارات.

الأمر الذي يعني أن قطب بهذا الوصف –برغبة أو بدون رغبة، بإدراك أو بدون إدراك- يدفع الحضارات نحو الصدام، ويضع الحضارة الإسلامية في صدام مع الحضارات الأخرى، كما يضع تلك الحضارات الموصوفة بالجاهلية في صدام مع الحضارة الإسلامية، وهذه إشكالية خطيرة في العلاقات بين الحضارات.

سادسًا: يرى ابن نبي أن مشكلة قطب في تحليل موقفه تجاه فكرة الحضارة وعلاقتها بالمجتمع الإسلامي هي مشكلة نفسية، في المقابل يرى قطب أن مشكلة ابن نبي في هذا الجانب هي مشكلة فكرية.

مشكلة نفسية أعطاها ابن نبي صفة عقدة نفسية تجلّت في صورة موقف فكري، سلبت من قطب إمكانية دراسة مشكلات العالم الإسلامي بطريقة موضوعية، وعقّدت مجهوده، وموّهت عليه طبيعة هذه المشكلات، وتسبّبت بحالة من التحريف اللاشعوري.

ومشكلة فكرية في نظر قطب، أرجعها إلى ضغط الرواسب الثقافية المؤثرة في التكوين العقلي والنفسي، والآتية من مصادر أجنبية غريبة على الحس الإسلامي، تُغبّش التصوّر وتطمسه، وتحرم من الرؤية الواضحة الأصيلة، وسبق وأن حصل هذا الحال معه كما يقول قطب عن نفسه، وتكرّر في نظره مع ابن نبي في طريقه فهمه لفكرة الحضارة حين جعل من الفكر الأوروبي مصدرًا له.

ومن جهته، يرى ابن نبي أن قطب بهذا الموقف لا يستطيع مواجهة مشكلة الحضارة، في حين يرى قطب أن ابن نبي لا يستطيع فهم الحضارة وتعريفها بعيدًا عن ضغط الرواسب الفكرية الأجنبية المؤثرة في تكوينه الفكري.

وبينما ظهر ابن نبي ثابتًا في موقفه، ظهر قطب متحوّلًا في موقفه، فبعد أن كان متوافقًا مع ابن نبي تراجع عن موقفه وانقلب عليه، الأمر الذي يعني أن تراجعًا حصل عند قطب قاده إلى تغيير موقفه، ودفع به نحو الانغلاق والانكماش، في حين اتّسم موقف ابن نبي بالانفتاح والتواصل.

سابعًا: في الفترة الأولى من المناظرة، كان لموقف قطب سطوة التأثير متفوّقًا من هذه الجهة على موقف ابن نبي، لا لأن قطب كان متفوّقًا من الناحية الفكرية، بل لأنه كان معروفًا آنذاك في مصر وفي المجال العربي أكثر من ابن نبي، ومرتبطًا بجماعة كبيرة وممتدة في المنطقة العربية هي جماعة الإخوان المسلمين.

الأمر الذي يعني أن التأثير الشخصي في هذه الحالة تفوّق على التأثير الفكري، والجانب البياني تفوّق كذلك على الجانب البرهاني، فقد ظهر قطب في موقف المدافع عن الرؤية الإسلامية الواضحة الأصيلة، بينما ظهر ابن نبي في صورة التابع إلى الثقافة الأوروبية الراكن لرواسبها الفكرية، وحسب هذه الصورة فإن قطب عُدّ أكثر أصالة من ابن نبي وأكثر صفاء.

وترك هذا الموقف تأثيرًا في نظر بعض، تحدّد في الحد من انتشار فكر ابن نبي خاصة على صعيد الشباب، والأقرب أن هذا التأثير حصل في الفترات السابقة، وظهر على الأغلب في ساحة المرتبطين أو المتأثرين بفكر الإخوان المسلمين، أو المتأثرين بالأدب الفكري لقطب، لكن صورته اليوم قد تغيّرت، وتبدّلت معها موازين النظر، ولم يعد لقطب التأثير السابق الذي تراجع بصورة كبيرة، وأصبح موقف ابن نبي يُفهم بأنه أكثر تقدّمًا وعقلانية.

ثامنًا: أما بشأن المواقف الثلاثة المذكورة، فقد صوّرت موقف ابن نبي وكأنه لم يتفطّن لكلام قطب، ولم يُدرك مراده ومقاصده، بما يُوحي أن ابن نبي ظهر في موقف ينقصه الفطنة والذكاء أمام كلام واضح وبيِّن، وأنه لم يُفرّق بين المجتمع الإسلامي الماثل والمجتمع الإسلامي المثال، أو بين المجتمع الإسلامي الموجود والمجتمع الإسلامي المنشود.

في حين أن هذا الكلام هو ما ينقصه التفطُّن والذكاء، وليس كلام ابن نبي الذي كان واضحًا ونقديًّا، بل ومفارقًا لموقف قطب، بخلاف الموقف التوفيقي الذي ذهب إليه الدكتور الخطيب، ليس هذا فحسب بل يمكن القول وبعيدًا عن الانحياز والتحيّز: إن ابن نبي -وبذكائه المعتاد- فهم كلام قطب أكثر من الآخرين، وقدّم لنا رأيًا نقديًّا خبيرًا، منطلقًا في موقفه من منطقه الحضاري في تحليل المشكلات.

لكن المفارقة ظهرت وكأن موقف قطب كان مفهومًا ومتفهّمًا أكثر من موقف ابن نبي، أما المفارقة الأخرى فإن هذه المناظرة قد عدت ومضت وما زالت لها بقية لم تتمم.

 

 

 



[1] سيد قطب، معالم في الطريق، دراسة وتحقيق: صلاح عبدالفتاح الخالدي، عمان: دار عمار، 2009م، ص145.

[2] سيد قطب، المصدر نفسه، ص144-146.

[3] مالك بن نبي، فكرة الإفريقية الآسيوية في ضوء مؤتمر باندونغ، ترجمة: عبدالصبور شاهين، دمشق: دار الفكر، 2001م، ص251.

[4] مالك بن نبي، المصدر نفسه، ص252.

[5] حسن علي القريشي، التغيير الاجتماعي عند مالك بن نبي، القاهرة: الزهراء للإعلام، ص273 - 275.

[6] سليمان الخطيب، فلسفة الحضارة عند مالك بن نبي دراسة إسلامية في ضوء الواقع المعاصر، بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، 1993م، ص51.

[7] محمد العبدة، مالك بن نبي مفكر اجتماعي ورائد إصلاحي، دمشق: دار القلم، 2006م، ص63.

[8] سورة المائدة، آية: 8.