شعار الموقع

لماذا لم ينته المشروع الحضاري لمالك بن نبي في الجزائر ؟

قويدري الأخضر 2019-05-27
عدد القراءات « 1097 »

لماذا لم ينته المشروع الحضاري لمالك بن نبي في الجزائر؟

الدكتور قويدري الأخضر*

* أستاذ محاضر في فرع الفلسفة، ورئيس المجلس العلمي لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، بجامعة الأغواط.

 

 

* مقدمة

كلما تحدثنا عن مشكلات الحضارة التي يعاني منها مجتمعنا الجزائري، ارتسمت في عقولنا مشاهد شتى تتصارع فيها بوارق الفرح والأمل مع مشاعر الحزن والقنوط. فنحن نفرح لأننا نلاحظ أن هناك إنجازات كثيرة تتحقق في مجتمعنا بإمكانها أن تخرجنا من دائرة التخلف، وتقرّبنا من العالم المتحضر.

ولكن حينما نشاهد أن هذه الإنجازات لم تخرجنا من دائرة التخلف -بل بالعكس- أبعدتنا عن قيمنا وثوابتنا وهويتنا، يعترينا اليأس والفزع من مستقبل قد نكون فيه غرباء عن أنفسنا. ولا شك في أن هذا الأمر سيفضي بنا إلى إثارة مشكلات عديدة أثيرت فيما مضى، كمشكلة الأصالة والمعاصرة، ومشكلة الصراع الحضاري، ومشكلة الغزو الثقافي، ومشكلة التخلف وغيرها من المشكلات التي تؤول في نهاية الأمر إلى صلب مشكلتنا الحضارية في هذا العصر.

أجلْ لقد حاول الكثير من المفكّرين العرب والمسلمين مقاربة المشكلات المتعددة التي تعوق نهوض العالم العربي. وكلٌّ قدم مشروعه، وبشّر بأطروحاته، لكن تعدد تلك المشاريع وتنوع تلك الأطروحات لم يحقق الأمل المنشود. لأسباب عديدة سنتحدث عن بعضها في هذه الدراسة.

وإن من بين أصحاب المشاريع النهضوية المفكر الجزائري المرحوم مالك بن نبي الذي اشتغل طيلة حياته على تحليل مشكلات الحضارة، مقدّماً في ذلك رؤى علمية للخروج من التخلف سواء أكان ذلك على الصعيد المحلي الجزائري أم على صعيد العالم النامي كله. لكن ومع كل أسف ما يزال المجتمع الجزائري على حاله من التخلف -كغيره من مجتمعات العالم العربي- الشيء الذي يدعونا إلى طرح جملة من التساؤلات:

- إلى أي حد تعتبر أطروحات مالك بن نبي في الحضارة أطروحات أصيلة ورائدة؟

- و لماذا لم تستثمر تلك الأطروحات في ترقية مجتمعنا الجزائري؟

- هل يعود السبب إلى أن تلك الأطروحات كانت بنت ظروفها ولم تعد صالحة لنا في الوقت الراهن؟

- أم أن هناك أسباب أيديولوجية تمنع استثمار نظرياته؟

- أم أن السبب يعود إلى ما يحوكه الغرب من مؤامرات لأجل الهيمنة علينا ومنعنا من أي إقلاع حضاري؟

ستكون الإجابة عن هذه التساؤلات من خلال الأطروحات الآتية:

الأطروحة الأولى: ملامح المشكلة الحضارية عند مالك بن نبي

يؤسس مالك بن نبي فكره الحضاري على دور الفكرة الدينية في نشأة الحضارات، فهي التي رافقت بزوغ الحضارات عبر التاريخ، وهي بمثابة الشرارة التي شعّت منها كل الإبداعات الفردية و الجماعية، فيقول في هذا الشأن: «الروح وحده هو الذي يتيح للإنسانية أن تنهض وتتقدم، فحيثما فُقد الروح سقطت الحضارة وانحطت»[1].

ثم يؤكد من خلال مسح تاريخي شامل أن هناك 50 حضارة من الحضارات أصلها ديني[2]، وهذا ما يصدق على العرب تماماً، فلقد كانوا قبل الإسلام مجرد رعاة متفرقين لا يؤبه بهم، وإذا بالروح الإسلامية تجعل منهم بناة للحضارة، وسادة للعالم.

وبقوا على تلك الوتيرة من الرقي إلى أن خفتت حرارة الفكرة الدينية فيهم، فدخلوا منذ عصر ما بعد الموحدين في نفق مظلم من التخلف والانحطاط.

والحقيقة أن لهذا التخلف سوابق تاريخية تتمثل في معركة صفّين، لكن النتيجة ظهرت متأخرة. فقد كانت تلك المعركة منعرجاً خطيراً، وخطأ فادحاً في حياة المسلمين دفعوا ثمنه بعد قرون. وعلى هذا فإن انحطاطهم لم يكن مفاجئاً، إذ هو النتيجة الطبيعية للخلل السياسي الذي حدث في صفّين فأحل السلطة العصبية محل الحكومة الديمقراطية الخليفية[3].

ورغم أننا نعيش في العصر الحديث إلَّا أننا -حسب مالك بن نبي- نعيش في عام 1369م وهي السنة التي يبدأ فيها تاريخ الانحطاط بظهور إنسان ما بعد الموحدين[4].

إن هذا العصر الانحطاطي دام قروناً طويلة أنتج لنا إنساناً موبوءاً بأمراض التخلف المتنوعة، والتي كانت سبباً في مجيء الاستعمار.

لقد حل الاستعمار بالجزائر وفي البلاد الإسلامية، فوجدها مهيّأة لمشاريعه التخريبية، فعاث فيها فساداً وغرس داخلها مزيداً من الجهل والفقر والبطالة والفساد الاجتماعي بكل أنواعه. وكمثال على ذلك يصف لنا مالك بن نبي حالة التعليم في العهد الاستعماري فيقول: «... ففي مجال التعليم مثلاً كانت المدرسة الاستعمارية لا تهتم بتعليم الجزائريين بقدر ما كانت تحرص على توزيع نفايتها التي تحيل المستعمَر (بفتح الميم) عبداً للاقتصاد الأوروبي، فهي لا تسعى إلى اكتشاف ذكاء تلاميذها أو دفع مواهبهم، وإنما تسعى إلى خلق آلات ذات كفاءات محدودة»[5].

لكن أستاذنا إذ يؤكد على خطورة الاستعمار ودوره السلبي، فإنه يلفت انتباهنا إلى الجانب الإيجابي منه، والذي يخفى على كثير من الناس. فالاستعمار صدم وعينا ونبهنا إلى ضعفنا وتخاذلنا وتخلّفنا، وأيقظنا من سبات عميق خيّم علينا طيلة قرون. ولذا فهو من هذه الحيثية، إيجابي رغم ما فيه من سلبيات، يقول: «هناك جانب إيجابي للاستعمار حين يحرر الطاقات التي طال عليها زمن الخمود على الرغم من أنه يعد من جانب آخر عملاً سلبيًّا»[6].

لكن لماذا نلوم الاستعمار، ونعلق عليه كل مشاكلنا؟ ألا يحق لنا أن نتوجه باللوم على أنفسنا؟

إن ابن نبي يدعونا إلى التمييز بين بلد مغزو وبلد مستعمَر، «ففي الحالة الأولى يوجد فرد غير قابل للاستعمار، أما في الحالة الثانية فإن جميع الظروف الاجتماعية التي تحيط بالفرد تدل على قابليته للاستعمار. وفي هذه الحالة يصبح الاحتلال الأجنبي استعماراً وقدراً محتوماً»[7]. فروما مثلاً لم تستعمر اليونان ولكن غزتها؛ لأن اليونانيين انهزموا في معركة فقط، أما داخليًّا فلم يكونوا منهزمين، فكان ذلك سبباً في تجميع قواهم وانتصارهم فيما بعد.

وفي المقابل فإن انجلترا استعمرت فعلاً أربع مائة مليون من الهنود لأنه كانت لديهم القابلية للاستعمار[8].

إن عناصر الهزيمة لا توجد خارجنا إطلاقا، بل هي موجودة فينا وبالتالي يجب علينا أن نغير أنفسنا.» غير نفسك تغير التاريخ»[9].

إن تحرير أنفسنا من أنواع الهزائم والانتكاسات والتخاذلات تجاه المستعمر وتجاه قيمه هو الانتصار بعينه.

«أخرجوا المستعمر من أنفسكم يخرج من أرضكم»[10].

فمن الذات إذن يبدأ البناء الحضاري، علماً بأن هذا البناء ليس مجرد تكديس لمنتجات الآخر بل هو إبداع يتأسس على المعطيات الذاتية والمقدّرات الداخلية، ومن هنا كان مالك بن نبي حانقاً على عملية استيراد الأشياء و الأفكار من العالم الغربي؛ لأنها لا تعدو أن تكون تكديساً للحضارة «وليست الحضارة تكديساً للمنتجات، بل هي بناء وهندسة»[11].

إن العالم الإسلامي لا يستطيع أن يجد هداه خارج حدوده، بل لا يمكنه على الإطلاق أن يلتمس رشاده في العالم الغربي الذي اقتربت قيامته، ولكن عليه أن يبحث عن طرق جديدة ليكشف عن ينابيع إلهامه الذاتية[12].

لكن هل كان مفكرنا يرمي إلى قطع الصلة بالعالم الغربي؟

كلَّا، لم يكن كذلك، ولكنه يجيب بكل وضوح قائلاً: «فليس المراد أن يقطع (أي العالم الإسلامي) علاقاته بحضارة تمثل -ولا شك- إحدى التجارب الإنسانية الكبرى، بل المهم أن ينظم هذه العلاقات معها»[13].

وكم كان متأسفاً على الحالة الفكرية في عالمنا الإسلامي ففي الوقت الذي كان يمكن أن نؤسس فيه لثقافة إسلامية تؤطر كل منظوماتنا سواء السياسية منها أم الاقتصادية أم الاجتماعية، أم الثقافية، رحنا نهتم بعالم الأشياء أي بالمنجزات المادية. وقد صوّر هذه الحالة المزرية بطريقة كاريكاتورية تتمثل في رجل يسير مقلوباً رأسه في الأرض ورجلاه في الأعلى، فيقول في هذا: «إن جوهر المسألة هو مشكلتنا العقلية ونحن لازلنا نسير ورؤوسنا في الأرض وأرجلنا في الهواء، وهذا القلب للأوضاع هو المظهر الجديد لمشكلة نهضتنا»[14].

إن هذا البناء الحضاري الموعود لا هو بالسهل ولا هو بالمستحيل. ولكن يظهر أن الإنسان الجزائري -حاله كحال أشباهه من العالم النامي- يعاني من مرض الذّهان الحضاري والذي يظهر في صورتين خطيرتين، فالإنسان إما أن يتصور عملية البناء على أنها بسيطة وسهلة، وفي هذه الحالة يصاب بالخمول وموت الدافعية للإنجاز، وإما أن ينظر إليها على أنها مستحيلة التحقيق فيصاب بالشلل والوهن الحضاري، وهو في كلتا الحالتين مسجون في زنزانة تخلّفه[15].

والحقيقة أن ذلك البناء لا هو سهل ولا هو مستحيل بل هو أمر في متناول كل مجتمع إذا أحسن استثمار المعادلة الحضارية المتمثلة في هذه المعادلة: «الناتج البناء الحضاري = إنسان + تراب + وقت»[16].

غير أن ابن نبي، ومن خلال تتبعاته الميدانية، لم يلاحظ بناء فعالاً، ولا إنجازاً إيجابيًّا بل لاحظ -بالعكس- مجرد استيراد لمنتجات الحضارة الغربية فيقول: «من البيّن أن العالم الإسلامي يعمل منذ نصف قرن على جمع أكوام من منتجات الحضارة أكثر من أن يهدف إلى بناء حضارة»[17].

ومن المفيد أن ننبه أن مالك بن نبي لم يكن حانقاً على المجتمعات ما بعد الموحدية (أي المتخلّفة) كليًّا، فهي رغم تخلفها ما زالت تحتفظ ببعض القيم الأخلاقية التي فقدها العالم الغربي[18]. وربما يكون هذا الجانب هو السبب الوحيد الذي سيحافظ على حياة مجتمعنا في حين سيكون هو العامل الأساسي في انهيار المجتمعات الغربية التي تسير في «طريق التحلّل والزوال لما اشتملت عليه من ألوان التناقض وضروب التعارض مع القوانين الإنسانية، ولأن ثقافتها لم تعد ثقافة حضارة.فقد استحالت بتأثير الاستعمار والعنصرية إلى ثقافة إمبراطورية»[19].

تلك هي ملامح الفلسفة الحضارية البنابية والتي كانت واقعية نابعة من رحم المأساة التي كانت تعاني منها المجتمعات الإسلامية. لكن السؤال المؤرق فعلاً هو: لماذا لم نستثمر هذه الأفكار داخل مجتمعنا الجزائري؟

وللجواب عن هذا السؤال لا بد من التأكيد على أن التعويق الحضاري الذي يشكو منه مجتمعنا يكمن أساساً فيما ذكره مالك بن نبي نفسه. وسأوضح هذا فيما يلي من الأطروحات.

الأطروحة الثانية: الانهزامية إزاء الغرب

ما من أحد يرتاب في أن الحضارة المسيطرة على العالم في هذا العصر، هي الحضارة الغربية، إذا يكفي لأيّ منا أن ينظر حوله ليجد أن منتجاتها محيطة بنا، بل ومهيمنة على كل تفاصيل حياتنا.

ومما يجب الاعتراف به أن هناك قانوناً عامًّا يحكم الحضارات على مرّ التاريخ، مفاده أن كل حضارة تمكّنت من إثبات غلبتها، أصبحت هي الممثلة لروح ذلك العصر الذي ظهرت فيه. وهذا ما حدث تماماً في زمن الحضارة المصرية، واليونانية، والرومانية، والإسلامية، وغيرها من الحضارات التي ظهرت على مرّ التاريخ، وهو ما يحدث تماماً في هذا العصر مع الحضارة الغربية[20].

ومما لا جدال فيه أن المجتمعات الإسلامية أصيبت منذ أمد بعيد بوهن حضاري دفعها في هذه الآونة الحرجة من تاريخها للبحث عن مخرج منه، وذلك بانتهاج مسلكين مختلفين هما:

أ- مسلك الأصالة أو التراث: يدعو أصحابه إلى تراث بعيد نعمت فيه تلك المجتمعات بالعزة و بالمجد، ثم أضاعته في زمن انحطاطها، ولكنها ظلت تحنّ إلى مفاخره، دون أن تُوفَّق في إعادته، لأنّ جلّ معالمه قد اختفت، ولم تبقَ منه سوى رسوم وأطلال.

ب- مسلك المعاصرة أو الحداثة: يدعو أصحابه إلى حاضر جديد صنعه الإنسان الغربي منذ نهضته وأضفى عليه قيمه الحضارية.

ويتضح أن السير في أحد المسلكين يؤدي بالضرورة إلى الابتعاد عن الآخر، ويكاد الجمع بينهما أن يكون أمراً صعباً، وهو الذي أدى إلى عمق المعضلة التي تتخبط فيها مجتمعاتنا، ولم تهتد بعد إلى فَضّها، إلَّا بشيء من التلفيق، وهو ما عبر عنه المفكر زكي نجيب محمود في قوله: «إننا لا نخلو من مشكلة هي أعسر المشكلات، ألَّا وهي الصيغة التي تجيء بها حضارة العصر، لتمتزج بتراث لنا أصيل»[21].

وما يلاحظ أن أغلب أفراد مجتمعاتنا يفضلون انتهاج المسلك الثاني الذي يؤدي في نهاية الأمر إلى الارتماء في أحضان الحياة الغربية. وهم يفعلون ذلك مختارين أحياناً، ومجبرين أحياناً أخرى.

فالإنسان الجزائري -مثله مثل كل البشر في العالم المتخلف- منبهر حتى النخاع بالحضارة الغربية، لأنه يعتقد أن الغرب ما دام هو الغالب، فلا بد أن يُقلّد ويُتّبع حتى في قيمه وطرق عيشه. والمغلوب مولع دائماً باتِّباع الغالب لاعتقاده الكمال فيه. وهذا الاعتقاد يورّث المغلوب هزائم نفسية يستغلها الغالب لمصالحه، ولا يجني المغلوب منها سوى الغربة والضياع. وتلك قضية أساسية أشار إليها العلامة عبد الرحمن ابن خلدون قديماً حيث قال: «إن النفس أبداً تعتقد الكمال فيمن غلبها وانقادت إليه، إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه، أو لما تُغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي، إنما هو لكمال الغالب. فإذا غالطت بذلك، واتصل لها، حصل اعتقاد، فانتحلت جميع مذاهب الغالب، وتشبهت به.وذلك هو الاقتداء»[22].

ويكفي أن ندقّق النظر في حياتنا لنتأكد أن الغالبية الساحقة من مجتمعنا منبهرة بالغرب إلى حد أننا أمسينا نتفاخر على بعضنا بما تحقق فينا من قيم المجتمع الغربي وثقافته.

لكن هذا التوجه الاختياري نحو الغرب صحبته ضغوط تمثلت في جملة من المؤامرات حاكها الغرب سرًّا وعلناً وهذا هو محور الأطروحة التالية.

الأطروحة الثالثة: أساليب الهيمنة الغربية على المجتمعات النامية

إن توجه المجتمع الجزائري نحو الغرب -وإن بدا ظاهريًّا أنه اختياري- فإنه مُبَطّن بضغوط ومؤامرات، حاكها الغرب من أجل الهيمنة على المجتمعات المستضعفة، حتى تظل منكوسة الرأس تابعة له، لا يُسمح لها بشيء سوى أن تدور في فلكه داخل مسارات تُحددها مصالحه وتفرضها منافعه.

فلقد كان الغرب الاستعماري يحتل غيره من الشعوب عسكريًّا، ليستغل خيراتها وينهب ثرواتها، لكنه تراجع عن هذه الاستراتيجية بعد انتشار موجات التحرر، ليستبدلها باستراتيجية أخرى أكثر مكراً ودهاء، تعتمد أساساً على الغزو الثقافي، والهيمنة الاقتصادية والسياسية، وهو ما نشاهده اليوم من عودته بقيادة أمريكا وفي نيته ابتلاع تلك الشعوب حتى لا يبقى لها أثر. وتلك هي العولمة أو الأمركة[23] التي لا تعدو أن تكون إخراجاً جديداً للسيناريوهات القديمة التي كتبتها يد الهيمنة الغربية، «فالعولمة عبارة عن هيمنة طرف واحد على العالم كله، وهذا الطرف هو الولايات المتحدة الأمريكية فقط»[24].

إن العولمة نظام جديد من اختراع وابتكار المدنية الغربية، تهدف من ورائه إلى السيطرة على العالم، بعدما فشل أنموذجها في احتوائه في القرن الماضي، بل هي محاولته الماكرة لإكساب مدنيته وثقافته وحضارته طابع العالمية، وتقديمها كبديل مرجعي وواقعي لتنظيم سائر شؤون الإنسانية ضمن المجالات الحيوية الاقتصادية والسياسية والأمنية والثقافية واللغوية والاجتماعية والإعلامية. وقد اتخذت هذه العولمة أو الأمركة وسائل للهيمنة على العالم الثالث، نذكرها كالآتي:

1- وسائل الإعلام والاتصال الحديثة المكتوبة، المسموعة، المرئية.

2- الهيئات والمنظمات العالمية الاقتصادية والمالية الكبرى مثل صندوق النقد الدولي، البنك العالمي، منظمة التجارة العالمية،منظمة الزراعة العالمية.

3- الهيئات والمنظمات والمحافل الدولية والإقليمية السياسية، مثل منظمة الصحة العالمية، منظمة البيئة والسكان، منظمة الثقافة والعلوم[25].

تلك هي الوسائل التي وضعها الكبار الأقوياء، لكي يسير عليها الصغار الضعفاء، وكل من حاول الخروج عنها أو معارضتها أو تجاهلها فإن عاقبته واضحة الملامح، تتمثل في تأديبه، أو إلغاء وجوده من الخارطة العالمية المستقبلية، وذلك تحت غطاء الشرعية الدولية، وتحت سلطة قرارات هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها الرسمية، وتحت غطاء العصرنة والتقدم والحداثة، وتحت مظلة اللائحة العالمية لحقوق الإنسان، والتي يمكن للقوى الكبرى من خلالها وبكل سهولة استصدار أقسى وأشد القوانين الإلزامية[26].

إن هذه الاستراتيجية التآمرية تظهر جلية واضحة في الرسالة التي وجهها وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق جيمس بيكر إلى مؤتمر الآخر والتعاون الأوروبي، المنعقد بفرنسا في 1 سبتمبر 1991م، والتي اختصر فيها الخطة الواجب اتِّباعها من قِبَل الدول التي تريد كسب رضا النظام العالمي الجديد، وعلى وجه الخصوص رضا الولايات المتحدة الأمريكية حامية النظام العولمي الجديد. وقد لخص لهم ذلك في النقاط التالية:

1- قبول اقتصاد السوق المفتوح دون عوائق. وهذا ما أدى إلى سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على اقتصاديات العالم بشكل عام، وعلى اقتصاديات العالم الإسلامي بشكل خاص[27].

2- تكوين نظام برلماني ديمقراطي على الطريقة الأمريكية[28].

3- تغيير شكل وحدود الخارطة العالمية، ورسم معالم خارطة دولية استعمارية أمريكية جديدة، ولو بشن الحروب مباشرة، كما حصل في حرب الخليج الثالثة شهري مارس وأبريل سنة 2003م[29].

4- التحكم في مركز القرار السياسي وصناعته في دول العالم لخدمة المصالح الأمريكية، في إطار ما يسمى بالأمن القومي الأمريكي على حساب مصالح الشعوب وثرواتها الوطنية والقومية.

5- تدمير الهويات القومية والثقافة القومية للشعوب[30].

6- فرض السيطرة السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية على الشعوب بقصد نهبها واستغلال ثرواتها ومقدراتها وسلب حريتها[31].

7- ابتزاز الأنظمة العربية والإسلامية بدعاوى الديمقراطية، والتعددية السياسية، وحقوق الإنسان، وتحقيق الحريات الفردية[32].

كل هذه الأساليب الماكرة يلخصها لنا روجي غرودي قائلاً: «إن حرية السوق هي حرية الأقوياء في افتراس الأكثر ضعفاً. والدليل الأكثرُ سطوعاً هو التدهور الدائم في التبادل التجاري، إذ تمثل فوائد الدَّيْن في كثير من الأحيان نفس قيمة أصل الدَّيْن، وتساوي الفوائد قيمة مجمل الصادرات، مما يجعل أي تنمية مستحيلة. إذن، لا يعني أنها دول نامية كما يطلقون عليها بنفاق، ولكنها دول محكوم عليها بمأساة متنامية بفعل الخضوع المتنامي. والمعونة المزعومة لدول العالم الثالث هي أحد العوامل الأكثر فعالية لتقوية خضوع هذه الدول ولتأخرها المتزايد. والنتيجة حاسمة، حيث انخفاض دخل الفرد بنسبة خمسة عشر بالمائة في أمريكا اللاتينية، وعشرين بالمائة في إفريقيا منذ بداية الثمانينات»[33].

ثم يضيف فاضحاً السياسات الغربية «.. لقد أعطى الغرب الاستعماري منذ خمسة قرون مثال التطرف الأكثر فتكاً، وهو الادعاء بامتلاك الثقافة الوحيدة الحقيقية، الدين العالمي الوحيد، نموذج التنمية الوحيد، مع نفي أو تدمير الثقافات الأخرى، الديانات الأخرى، النماذج الأخرى للتنمية»[34].

ويَخْلص غارودي إلى توصيف خطير للحضارة الغربية يتمثل فيما يلي:

1- حضارة مُسيطر عليها من خلال العلوم والتقنيات.

2- عقل براغماتي مرتبط بحكمة: الغاية تبرر الوسيلة.

3- وحدانية شمولية للسوق وللمال، واختزالها في نظام يحول كل القيم والمبادئ إلى سلع قابلة للبيع والشراء.

4- نمط حياة غربية متحللة، يهدف إلى تحويل الإنسان إلى منتج أكثر وأكثر فعالية، ومستهلك أكثر وأكثر شراهة في رغباته، ولا تحركه إلَّا مصلحته الفردية الضيقة والنية فقط.

5- وضع ثلثي البشرية في حياة المدن الزجاجية الشاهقة التي تشابه بيوتها علب الكبريت الضيقة، بهدف قتل قيمهم ومثلهم وإيمانهم، وبالتالي محو إنسانيتهم وكرامتهم.

وهكذا، ستمهد الحداثة كنظام غريب عن الفطرة البشرية إلى موت كل القيم، واندثار العواطف والحب والفن والإنسانية، وإلى تشطير وتشقيق كل شي، وإلى تحطيم كل شيء[35].

الأطروحة الرابعة: مستقبل المجتمع الجزائري

لو أردنا أن نسقط أفكار مالك بن نبي على أحوالنا في الجزائر لوجدنا أنها تصدق علينا تماماً، فنحن لم نتخلص بعدُ من القابلية للاستعمار، وذلك تحت وطأة الانبهار بالقيم الغربية، وهذا ما يعوقنا عن الإبداع الذاتي، وفي الوقت نفسه نجد أنفسنا مكبّلين بالسياسات الغربية التي تسعى إلى جعلنا مجرد أتباع لها.

وهكذا يظهر لنا من خلال هذين المؤشرين أن الغرب في هذه المرحلة التاريخية، يسعى تحت مظلة أمريكا، أن يذوبنا، ولكم نحن يسّرنا له تلك المهمة بما فينا من قابليات للهيمنة، وكأننا وإياه قد وقّعنا -بشعور منّا أو دون شعور- على قرار يقضي باغتيالنا مع سبق الإصرار والترصد، على حد تعبير رجال القانون. وبالتالي فإن معامل الاستعمار ومعامل القابلية للاستعمار التي تحدث عنهما ابن نبي متوفران فينا بامتياز.

و لقد تفطن عقلاء الغرب -على اختلاف تخصصاتهم العلمية- إلى أن الإنسان الغربي وصل إلى درجة فضيعة من التأزم الأخلاقي، بلغ أوجهُ في اصطباغ جميع علاقاته بصبغة مادية براغماتية. و لإثبات هذه الحقيقة يمكن أن نستأنس بالشهادات الموالية:

- ففيلسوف الحضارة الألماني ألبرت شفيتسر (1875-1965)يؤكد قائلاً «نحن نعيش اليوم في ظل انهيار الحضارة، وبالرغم من أن الغرب احتفظ بقوته في معظم مرافق الحياة إلَّا أنه روحيًّا مصاب بالهزال»[36].

- أما المفكر الفرنسي روني غينون (1954-1886) فيرى أن الحضارة الغربية بُنيت أساساً على تغييب المبادئ الأخلاقية والروحية، فهي حضارة مادية متصلّدة. وقد كانت صبغتها المادية متمركزة في حدودها، لكنها الآن تسعى جاهدة إلى تصدير هذه الصبغة المادية إلى الشعوب الأخرى بكل الأشكال الممكنة. وأننا إذا بحثنا في إيجابيتها وسلبياتها وجدنا أن سلبياتها أكثر من إيجابياتها[37].

- وقد أدرك الطبيب الفرنسي ألكسيس كاريل (1873-1944) أن الحضارة الغربية سحقت كل المعاني الإنسانية لدى الإنسان ولذلك أعلن قائلاً: «إننا قوم تعساء لأننا ننحط أخلاقيًّا وعقليًّا»[38].

- ومن علماء النفس الغربيين نذكر المحلل النفساني إيريك فروم الذي صوّر في كتابه (المجتمع السليم) مأساة المجتمع الغربي الذي توالت عليه النكبات النفسية فأفقدته صحته العقلية. ويؤكد أن الإنسان الغربي فقد الإيمان بالله في القرن التاسع عشر، ولكنه في القرن العشرين فقد الإنسان. وإذا كانت القطيعة مع الله أودت به إلى تضييع الإيمان، فإن قطيعته مع الإنسان قذفت به في جحيم فصام الشخصية (الشكيزوفرينيا) أو الاغتراب الذاتي. لقد أصبح آليًّا شاذًّا يسعى إلى تحطيم نفسه وتحطيم العالم من حوله، لأنه لا يستطيع تحمل حياة بلا معنى. ويقترح فروم حلًّا لأزمة الاغتراب، فيرى أنه يكمن في العودة إلى الحب بين الناس و الإيمان بالله[39].

إن التمعن في هذه الشهادات التي تمثل نقد العقل الغربي لذاته، يقودنا إلى نتيجة هامة وهي: أننا في حالة اصطباغنا بقيم الحياة الاجتماعية الغربية، سيصيبنا لا محالة ما أصاب ذلك المجتمع. والحقيقة أن هذا الأمر غير مستبعد لأن الغرب بعد أن اتجه وجهته المادية وصنع عالم أفكاره على أساس ذلك في مجال الفلسفة والسياسة والاقتصاد وعلم النفس والاجتماع والإدارة ووصل إلى حالة الاغتراب، أصبح في المرحلة الراهنة يسعى عن قصد إلى نقل المجتمعات الأخرى المتأثرة به إلى حالة اغتراب معقدة أشدّ التعقيد[40].

وبما أن المجتمع الجزائري -كغيره من مجتمعات العالم النامي- يتحرك باتجاه المجتمع الغربي الذي يمثل بالنسبة له النموذج الحضاري الغربي، فإننا سنتوقع في كل مرحلة من مراحل تطورنا الاجتماعي مزيداً من تماثل ثقافي أحادي الاتجاه يتم من خلاله انتشار القيم الغربية في مجتمعنا.

وما هو ملاحظ أننا عاجزون في أغلب الأحيان على تغيير اتجاه مجتمعنا نحو الغرب، وذلك بسبب ثلاثة عوامل رئيسية هي:

أ- مركب النقص الذي يشعر به المغلوب (وهو مجتمعنا) إزاء الغالب (وهو الغرب)، الأمر الذي يؤدي إلى انهزامية نفسية عميقة تدعونا إلى تقليد كل ما هو وافد من الغرب.

ب- غياب البدائل الحضارية في مجتمعنا.

ج- إصرار الغرب على تذويب المجتمعات الأخرى في ثقافته وقيمه، كنوع من العنف الثقافي والذي يعكس صورة العولمة كما شرحناها آنفاً. وبالتالي يكون التقدم في مجتمعنا مشروط بالانسلاخ عن مقوماتنا والذوبان في مقومات الآخر أي الغرب، وهذا ما ورد بكل وضوح على لسان صامويل هانتغتون حيث يؤكد قائلاً: «لا بد من الاعتراف بهيمنة الحضارة الغربية حتى يمكن التعلم منها (…) وعندما يقبل المسلمون بالنموذج الغربي صراحة، سيكونون في وضع يمكنهم من استخدام التقنية ومن ثَمَّة أن يتقدموا»[41].

ومما يجب أن ننبه إليه أن المجتمع الإسلامي الذي كان على الرغم من تخلّفه قد احتفظ بمعنى جوهري، هو معنى القيمة الخلقية، بدأ الآن يفقد تلك المعاني الأخلاقية. ويُخشى عليه –إذا استمر في اقتباس القيم الغربية- أن يصل إلى ما وصل إليه المجتمع الغربي من مظاهر الانحطاط الروحي والأخلاقي المشار إليها.

الخاتمة ونتائج الدراسة

هكذا نصل في ختام هذه الدراسة إلى جملة من النتائج هي:

1- إن أغلب الآراء التي أبدعها مالك بن نبي حول المشكلات الحضارية في مجتمعنا الجزائري والمجتمعات النامية، ما تزال صحيحة وآنية ولم يتجاوزها الزمن على الأقل في كبرى مبادئها.

2- إن عمق مشكلاتنا الحضارية يعود في الأساس إلى الأطروحات نفسها التي جاء بها مالك بن نبي والمتمثلة أساساً في معاملي الاستعمار والقابلية للاستعمار، أو بعبارة أقرب إلى لغتنا اليوم: العولمة الغربية والقابلية للتعولم.

3- إن المجتمع الجزائري -كغيره من المجتمعات النامية- سوف لن يقلع حضاريًّا ما دمنا لم نفكر بعد في صياغة الإنسان وفق رؤية واضحة تنسجم مع قيمنا الحضارية، وما دمنا لا نحسن استثمار موارد الأرض، ومادام الوقت مقتولاً عندنا. وتلك هي المعادلة الحضارية التي كان ابن نبي يركز عليها.

4- لقد كان ابن نبي يحث على تغيير النفس بقوله: «غيّر نفسك تغير التاريخ». ولكن يظهر أن منظوماتنا الدينية والتربوية والثقافية لم تشتغل على هذه الفلسفة، بل راحت تعلمنا ماذا نقول لا ماذا نفعل.

5- أما الفكرة الدينية والتي كان ابن نبي يدعو إليها في البناء الحضاري فلقد حُرّفت عن مسارها الحقيقي. فعوض أن تُرسّخ في القلوب باعتدال ومحبة، في ضوء المرجعية التاريخية للمجتمع الجزائري، راح البعض يوظفها سياسيًّا وبشكل متطرّف، فكانت النتيجة أن تورطنا في عشرية سوداء ذهب ضحيتها آلاف الجزائريين دون أن نحقق أي تقدم يُذكر.

6- لقد كان البناء الحضاري وفق الفهم المعتدل للإسلام هاجس مالك بن نبي إلى حدّ أنه طلب من الإنسان المسلم أن يعيش معاني الإسلام، لكي يقدمها فيما بعد في صورة مشرقة للآخرين، لأنهم في حاجة إلى أن يخرجوا من أنفاق التيه إلى أنوار الرشاد[42]. غير أننا لم نتذوق جمال الإسلام، بل ماتت معانيه في قلوبنا، ولم نكتف بهذا بل قدمناه للآخرين في شكل إسلاموفوبيا.

7- أما السياسة فقد تحوّلت عندنا إلى بولتيك[43] -على حد تعبير مالك بن نبي نفسه- ليس فقط لأن الدين وظّف توظيفاً سيئاً في مجال السياسة، ولكن لأن المشتغلين بالسياسة عندنا فقدوا أخلاقيات السياسة الهادفة التي ترمي إلى بناء الوطن، و انحدروا في مستنقع الصراع حول المناصب، والكراسي والمصالح الشخصية. وما المهازل التي نشاهدها خلال الحملات الانتخابية إلَّا دليل واضح على صحة ما نقول.

8- أما الغرب الذي كان بالأمس عدوّ الوطن والهوية فإنه حاضر في قلوبنا من خلال قيمه، ولغته، وجميع تياراته، لأننا أخرجناه من أرضنا لكن لم نخرجه من عقولنا، بل أحببناه حتى النخاع منبهرين بثقافته ولغته وقيمه.

9- أما الغرب فلما وجد فينا هذه القابليات ولم يجد فينا أي ممانعة، فرض مشروعاته وأجبرنا على اتِّباعه قهراً، اتِّباع العبد لسيده، وإلَّا نالنا منه العقاب والإبعاد.

10- وأخيراً يبدو أن مشروع مالك بن نبي النهضوي في حاجة منّا إلى أن نقرأه ونفهمه ونجري عليه الدراسات والأبحاث، لا بقصد الترف الفكري، بل من أجل أن نتمثّله في حياتنا، ونستثمره في الخروج من مآزقنا، على الأقل فيما هو صالح منه للتطبيق، كما فعلت بعض البلدان الإسلامية كماليزيا وأندونيسيا. بل إننا مطالبون بمواصلة البحث في خفاياه من أجل إحيائه في إطار ما يسمى بـ(الفكر ما بعد البنابي).

 

 

 

 

 



[1] مالك بن نبي وجهة العالم الإسلامي، بيروت: دار الفكر المعاصر، دمشق: دار الفكر، ط 2002م ص31.

[2] مالك بن نبي، شروط النهضة، ترجمة عبد الصبور شاهين، دمشق: دار الفكر، 1986، ص48.

[3] مالك بن نبي، وجهة العالم الإسلامي، ص36.

[4] نفسه، ص35-36.

[5] نفسه، ص65.

[6] نفسه، ص94.

[7] نفسه، ص92 بتصرف.

[8] نفسه، ص93.

[9] مالك بن نبي، شروط النهضة، ص32.

[10] نفسه، ص48.

[11]مالك بن نبي، وجهة العالم الإسلامي، ص96.

[12] نفسه، ص138.

[13] نفسه.

[14] مالك بن نبي، شروط النهضة، ص36.

[15] نفسه، ص 88 بتصرف.

[16] مالك بن نبي، شروط النهضة، ص44.

[17] مالك بن نبي، شروط النهضة، ص44.

[18] مالك بن نبي، وجهة العالم الإسلامي، ص 169 بتصرف.

[19] نفسه، ص 68.

[20] هذا ما ذهب إليه بيتري في كتابه (ثورة الحضارة) سنة 1912م، وشبنجلر في كتابه (سقوط العالم الغربي) سنة 1918م، وتوينبي في كتابه (دراسة التاريخ) سنة 1954م، وسوركن في كتابه (الديناميكا والثقافة) سنة 1941م. انظر: إس. دوب، التغير الاجتماعي، ترجمة عبد الهادي الجويهر، الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث، ط1 1989م، ص 74.

[21] زكي نجيب محمود، هذا العصر وثقافته، القاهرة: دار الشروق، ط2، 1982، ص66.

[22] عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة، بيروت: دار الكتاب اللبناني، ط3، 1967م، المجلد1، ص 257 .

[23] بول سالم، الولايات المتحدة والعولمة، ضمن كتاب العرب والعولمة، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 1998م، ص 209، وما بعدها .

[24] محمد سليم العوا، مجلة العربي، الكويت، عدد 498، شهر مايو/ أيار 2000م، ص 7، بتصرف.

[25] عبد الكريم حمودي، العولمة تعزيز أم تحجيم لدور المصارف الإسلامية، مجلة المجتمع الكويتية، عدد 1460هـ، الموافق لـ 21 يوليو 2001م، ص 21 و 33.

[26] الدكتور سعيد اللاوندي، أمريكا أوربا العولمة والعولمة المضادة، مجلة السياسة الدولية، أكتوبر 2000، عدد 142، ص128.

[27] انظر: إدريس هاني، الثقافة الإسلامية والعولمة.. أي مستقبل؟، مجلة الكلمة، عدد 22، السنة السادسة، 1999م، ص 137 و 138، بتصرف.

[28] روجيه غارودي، حفارو القبور، الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها، ترجمة عزة صبحي، بيروت: دار الشروق، الطبعة الثانية، 1999م، ص 43 بتصرف.

[29] محمد سعيد بن سهو أبو زعرور، العولمة.. ماهيتها نشأتها أهدافها الخيار البديل، عمان: دار البيارق، ط1، 1998م، ص 55 و51.

[30] غياث بوفلجة، الهوية الحضارية والتنمية، باتنة - الجزائر: دار الشهاب، ط1، 1985م، ص90.

[31] سيار الجميل، العولمة.. اختراق الغرب للقوميات، مجلة المستقبل العربي، عدد217، مارس 1997، ص59.

[32] قيس جواد العزاوي، العرب والغرب على مشارف القرن الحادي والعشرين، باريس: مركز الدراسات العربي الأوروبي، ط1، 1997م، ص 39. وماجد عبدالله المنيف، النفط والعولمة الاقتصادية، مجلة السياسة الدولية، عدد 142، أكتو بر 2000م، ص 32، بتصرف.

[33] روجيه غارودي، حفارو القبور.. الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها، ترجمة: عزة صبحي، بيروت: دار الشروق، الطبعة الثانية، 1999م، ص 34 و 31، بتصرف.

[34] المرجع نفسه، ص 22 بتصرف.

[35] نفسه، ص 102 و104.

[36] اشفيتسر ألبرت، فلسفة الحضارة، ترجمة: عبد الرحمن بدوي، بيروت: دار الأندلس، ط3، 1983، ص11.

[37] René guenon-la crise du monde modérne –Ed bouchéne- Alger 1990-p p 69; 117;120. 

[38] كاريل ألكسيس، الإنسان ذلك المجهول، تعريب: شفيق أسعد فريد، بيروت: مكتبة المعارف، 1998، ص355.

[39] انظر: السيد علي شتا، نظرية الاغتراب من منظور علم الاجتماع، الإسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة، 1993. ص155-156. وكذا حسن حماد، الاغتراب عند إيريك فروم، بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، 1995، ص 60.

[40] هيام الملقي، ثقافتنا في مواجهة الانفتاح الحضاري، الرياض: دار الشواق، ط1، 1995م، ص173.

[41] صامويل هانتغتون، صدام الحضارات.. إعادة صيغ النظام العالمي، ترجمة:طلعت الشايب، القاهرة، 1998، ص 122.

[42] انظر: مالك بن نبي، دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين، دمشق: دار الفكر، 2002م، ص 38 - 39.

[43] انظر: مالك بن نبي.. بين الرشاد والتيه، دمشق: دار الفكر، 2002م، ص 99 وما بعدها.