هذا العدد
كل الوقائع والحقائق الثقافية والمعرفية تثبت، بشكل لا لبس فيه، أن لا حياة حقيقية للفكر إلا بالجدل والمفاكرة المتبادلة، وأن لا حياة حقيقية للثقافة إلا بالمثاقفة وإثارة السؤال والبحث عن مشروع إجابات عن كل الأسئلة. وإن هذه الإجابات، مهما كان عمقها وحيويتها، لا تشكل إجابات نهائية وأخيرة. وإنما هي إجابات قابلة للتطور والتجدد. في مثل هذا المناخ وبهذه العقلية النقدية يتطور الفكر وتتقدم الثقافة. وإن الخطر الحقيقي و الجوهري الذي يواجه الفكر و الثقافة هو خطر الجمود واليباس المعرفي؛ لأن هذا الجمود ومتوالياته النفسية والثقافية والاجتماعية هو الذي يُعطِّل إمكانية الإنسان عن الفعل والإبداع.
ومجلتنا ومنذ انطلاقتها وهي تعتني بالموضوعات والدراسات التي تُقدِّم بضاعة فكرية نوعية، و تُثير أسئلة جوهرية في عالم المعرفة و الفكر، لأننا نعتقد أن هذا هو سر التقدُّم و التميُّز في عالم الإعلام الثقافي، ودونه تعيش الثقافة حالة من الرتابة و اليباس، التي تعطل فعالية العقل وديناميات الفكر المبدع. وهذا العدد يأتي في سياق اهتمامنا بإثارة الأسئلة الحيوية، ومناقشة الموضوعات الهامة التي تشغل بال أهل العلم والفكر والثقافة. فالكلمة الأولى، التي كتبها السيد رئيس التحرير، تناقش مسألة فكرية غير محسومة، وتبحث عن معالجات فكرية جادة وجاءت بعنوان: «جدليات الجماعة والأمة في المجال الإسلامي الشيعي الحديث والمعاصر».
وجاءت دراسة السيد مدير التحرير لتظهير العلاقة الجدلية - الحيوية بين الإيمان والحرية والمسؤولية، وكانت بعنوان: «الإسلام وجدلية الإيمان والحرية و المسؤولية».
ويشاركنا في هذا العدد مجموعة من الكتاب والمفكرين الذين أغنوا عددنا بالعديد من الدراسات والأبحاث الهامة و الجادة في آن.. فالأستاذ حفيظ العلوي بدراسة بعنوان: «البعد التربوي والتعليمي في فكر بين حزم الأندلسي»، والاستاذ توفيق بن ولهة بدراسة بعنوان: «جدلية الإنساني و التقنية»، والأستاذة نادية بوذراع بدراسة بعنوان: «الحقيقة وطرق التفكير في الفكر الغربي الحديث»، وغيرها من الأبحاث والدراسات التي توزعت على أبواب المجلة الثابتة.
ونسأل الله التوفيق والسداد.