هذا العدد
لعل من السمات الجوهرية للعمل الثقافي والفكري، هو أن هذا العمل بكل مناشطه وآليات عمله، ذات طبيعة تراكمية، بحيث لا يمكن لكل المناشط الثقافية والفكرية أن تتطوَّر بشكل فجائي. فهي محكومة بقانون التراكم، و بالتالي فهو بحاجة إلى إرادة إنسانية مستديمة لمواصلة العطاء الفكري والثقافي، حتى تتطوَّر البيئة الثقافية وتنتقل إلى أطوار جديدة.
وانطلاقاً من أهمية التراكم المعرفي والثقافي، تعاملنا مع مجلة الكلمة منذ انطلاقتها، وتواصلنا في إصدار الأعداد دون توقف وانقطاع، لإيماننا العميق بأهمية الثقافة والفكر في تقدُّم الأمم والشعوب، ولإدراكنا أيضاً أن الثقافة والفكر لا يؤثران بشكل عميق في الفضاء الاجتماعي دون استمرار وتواصل وتراكم.
ويأتي هذا العدد بمناسبة تجاوز مجلتنا عامها العشرين، وأردنا أن تكون هذه المناسبة فرصة للتعريف بمشروع المجلة الفكري، وتظهير أهم الملامح والسمات التي مررنا بها خلال المدة الزمنية التي تمتد عقدين كاملين.
وبهذه المناسبة الفكرية والإنسانية العزيزة علينا، نود تأكيد أهمية استمرار مشروع المجلة في عطائها الفكري وجهدها التجديدي، وأن هذه المشروع بكل آفاقه الفكرية يتطلب منا جميعاً مواصلة هذا الطريق وتزخيمه فكريًّا ومعرفيًّا، والعمل على إيصال رسالة المجلة ومشروعها إلى مساحات عربية وإسلامية عديدة.
وكما وفي ظل هذه الظروف الحساسة التي تواجهها الأمة في كل مناطق وبلدان العالم الإسلامي، نود التأكيد مجدداً على مسار الوحدة والتفاهم بين المسلمين. فمهما كانت الصعوبات والاصطفافات المقيتة، فنحن متمسكون بخيار الوحدة والتآلف بين المسلمين، وندعو كل النخب الثقافية والفكرية في الأمة للتمسك بهذا الخيار والنهج، والدعوة إليه، والاشتغال الفكري والمعرفي العميق حول مفرداته وجوانبه المتعدِّدة.
ودراسات ومقالات هذا العدد خصصناها جميعاً لهذه المناسبة، لإبراز جوانب المشروع من الناحيتين الفكرية والمعرفية. ولتذكير قُرَّاء المجلة الأعزاء في كل البلدان العربية والإسلامية باللحظات الأولى لانطلاقتنا، وطبيعة الصعوبات التي واجهتنا، والآفاق والطموحات التي حملناها وعقدنا العزم على تحقيقها من خلال هذا المشروع الثقافي والفكري.
وبهذه المناسبة نُجدِّد عزمنا على مواصلة المشوار راجين من العلي القدير أن يُوفِّقنا للمزيد من العطاء والتميز.
ومن الباري عز وجل نستمد العون وهو ولي التوفيق.