شعار الموقع

الإسلام والأخلاقيات الطبية ( البيوتيقا )

شريف الدين بن دوبه 2019-06-07
عدد القراءات « 2999 »

الإسلام والأخلاقيات الطبية «البيوتيقا»

 

شريف الدين بن دوبه*

*       أستاذ مساعد، شعبة الفلسفة، جامعة الدكتور مولاي الطاهر سعيدة، الجزائر. البريد الإلكتروني: bendouba.philos@yahoo.fr

 

 

توطئة

يضع البناء اللغوي لعنوان البحث المتلقي أمام جملة إشكالات على المستوى الدلالي، فالحدّين من عائلة لغوية مختلفة، فالإسلام كعقيدة وشريعة يرجع بالمبدأ الزمني والحيّز المكاني إلى شبه الجزيرة العربية التي أخذت نسبتها من جماعة لغوية متميزة هي (العرب)، فالفونيم Phonème والمورفيم Morphème في كلمة العرب يتواطأ مع المدلول، ومع الشمول الذي ينطبق عليه الحد أو الدال [عرب] كما تقترن عادة كلمة العرب بمعنى الطائفة، التي نحتت وحداتها الصوتية من الحركة، فالطائفة جماعة تقوم بفعل الطواف، أي الدوران حول مركز تستقطبه الجماعة، يؤصِّل رابطتها مع الطبيعة، وهو البئر، فقد كان البحث عن الماء توجهًا ورؤيةً اجتماعية عند العرب، أسست لثقافة الانتقال والترحال.

وعلى المستوى الثقافي أقحم الإسلام ضمن مجموعة بشرية متباينة إثنيًّا، أطلق عليها اسم الشرق في مقابل الغرب الذي عرفناه بفلسفته، وفكره الناتج عن الاستقرار، والعبارة الشهيرة للشاعر الإنجليزي رديار كبلنج[1] «الشرق شرق، والغرب غرب، والشرق والغرب لا يلتقيان» مقولة تمنح الشرعية لكل رؤية، أو مخيال يدعي المفارقة بين الثقافتين.

وعليه تصبح البيوتيقا مخاض الفكر غربي، وحفيدة اللوغوس، أما الإسلام نتاج الشرق الميتوسي. وهذه الدراسة محاولة دفاعية في مقصدها، وتأسيسية في منهجها ومسارها، تجعل من الشريعة الإسلامية بعلومها الأساس: [الفقه، وعلم الأصول] الأرضية التقعيدية لهذا البحث.

وفي البداية لنا وقفة مع البيوتيقا مفهومًا واصطلاحًا، ثم ننتقل إلى البيوتيقا كمجال وموضوع لنصل بعد ذلك إلى بيان المسائل البيوتيقية في الفقه الإسلامي في عصره الأول، وفي الحقبة المعاصرة.

البيوتيقا Bioethics Bioéthiques كلمة مركبة، ودخيلة على اللسان العربي، من قبيل فيلوسوفيا، فيلولوجيا، وعائلتها، فهي تأليف بين حدين بيو: bio وايتيقا Ethics بالإنجليزية وéthique بالفرنسية، والمقصود بالبيوتيقا التقاطعات القائمة بين مسائل البيولوجيا، والحياة الأخلاقية.

ينسب اصطلاح بيوتيقا إلى فان رانسيلار بوتر Van Rensselaer Potter [2] الذي قدّم في كتاباته تصورات أولية حول البيوتيقا، والتي تقوم بشكل دقيق حول اهتمام الطبيب في المرتبة الأولى بالعمل على تخليد النوع الإنساني survivre de l›espèce humaine من خلال الحوار الذي ينبغي أن يجريه الأطباء مع الأخلاق، فهي إذن تواصل بين الطب والأخلاق.

وتعتبر البيوتيقا أو الأخلاق الطبية فرعًا من الأخلاق التطبيقية، يتعلّق بمسائل طبية وحيوية أثارت جدلًا سياسيًّا وأخلاقيًّا داخل المجتمعات، فعلى قاعدة التقدُّم العلمي، وتبلور النظريات البيولوجية بدأت المساءلة الأخلاقية والسياسية للتقدم العلمي في البيولوجيا، فهي: «تشير إجمالًا إلى التفكير المهيمن منذ عشرين سنة، على مختلف الحقول الفرعية، حول المسائل المطروحة من قبل لتقدم البيوطبي»[3].

ومن بين المؤشِّرات الفاعلة في ظهور البيوتيقا، إشكالية التفسير في البيولوجيا، والتضاد القائم بين المدرسة الآلية، والمدرسة الغائية الحياتية، وفي البداية سنسعى جاهدين على إماطة اللثام عن مأزق التفسير في البيولوجيا.

والملاحظة الأولى التي ينبغي الإشارة إليها تكمن في التطورات الحاصلة عن القول بالآلية وفيزيقية الحياة، فالقول بوجود بنية أولى تستبطن طبيعة الانقسام والتكاثر بشكل آلي، ومنها كانت الحياة ألا وهي الخلية التي هي «أصغر وحدة في الحياة، ومنها تتكون جميع الأحياء.. وهي مجموعة بسيطة نسبيًّا من المكونات التي تعمل في تؤدة بالغة، كي تحافظ على وجودها، وتنقسم من آن لآخر لتكوين خلية جديدة... فكل الخلايا مصنع جزيئي متكامل يعمل بكل همّة..»[4].

وانطلاقًا من هذه القاعدة استفادت البيولوجيا من التقدّمات العلمية والتقنية في تطوير ودفع عجلة البحث في الحقل البيولوجي خطوات إلى الأمام، فبدأت الآفاق في الانفتاح مع عالم الوراثة الحيوية، والولوج إلى عالم الجزيء الحيوي، عالم الجينوم[5].

وإذا كانت الدراسة العلمية تضع البحث منطلقًا رئيسًا لها، فإن الغاية الأساس في العلم كله هي الحتمية، أي القدرة على إعادة الظاهرة مستقبلًا، بالتحكم فيها، والتي طرحت جدلًا علميًّا بين إمكانية اعتبارها مبدأً مطلقًا في الظواهر الطبيعية الجامدة والحية، وهذا ما نلمسه في الجدل القائم بين مدرسة لابلاس Pierre-Simon de Laplace [1749/1827][6] الميكانيكية في الفيزياء، وبين فلسفة الشك والاحتمال مع هايزنبرغ ودوبروي، وفي علم الحياة بين الآليين والحياتيين (الغائيين).

الملاحظة الثانية تظهر في الأصول الأخلاقية والقيمية التي قامت عليها المدرسة الغائية، إذ نلمس ترنُّحًا بين غموض يكتنف الحياة العضوية، وبين القداسة التي يحملها الجسد، وبين قابلية التكيّف في المادة الحية، وعليه تظهر الملامح الأخلاقية في البيولوجيا، الأزمات الأخلاقية تبدأ مع القول بالغائية في الحياة، وتكون مقدمات الأزمة مع التقدُّم التقني، ومع الممكن في الحياة كما يصطلح عليه كلود دوبرو، فتكنولوجيات الكائن الحي تبدو على حد تعبيره مثل حقل لا حدود له سوى تلك التي تفرضها طبيعة الأشياء وعبقرية الانسان..»[7].

البيولوجيا وأصول الأزمة البيوتيقية

البيو (bio bios (βιος تشير إلى الحياة، المعنى الذي عرف جدلًا بين الشرائح الاجتماعية والفكرية لبني الإنسان، فمن الجدل الفلسفي لمس أصحاب الاختصاص الأبعاد العميقة للحياة، واستشفَّ هؤلاء ضرورة ممارسة التفلسف، والاستعانة بالفلسفة في فهم كثير من القضايا التي تمثِّل جوهر علم الحياة، فالإقرار الأرسطي بخضوع الفيزيقا لمبدأ الآلية، والحياة لمبدأ الغائية إضفاء لمشروعية التفلسف داخل علم الحياة.

ولكن المعنى الذي عرفته الفلسفة عبر تاريخها للحياة هو التجربة المعاشة واليومي، الذي قامت الفلسفة الوجودية بالتأسيس والتنظير له. والأصل في ذلك المقابلة التي أجراها العقل بين الميت والحيّ، فالميت يفتقد القدرة على مواكبة المعيش والحياة.

ولكن المعنى العلمي للحياة هو الذي نجده نابعًا من سنخية الموضوع، أي من جنس الموضوع الذي هو الحياة نفسها، فهي تقابل الموت من حيث السكون، وفقدان الطبيعة الوظيفية، والقدرة على الفعل، فالحياة إذن هي الأداء والفعل الوظيفي للعضوية، فهي على تعبير جورج كوفييه cuvier [8] «مجموع الوظائف التي تقاوم الموت» والتي تتحدّد في: الفردية، النمو، التغير، التكاثر، والتنفس..

أسس البيوتيقا

لا يمكن فهم البيوتيقا إلَّا من خلال الأسس والركائز التي أقيمت عليها، وهي مؤشرات الأشكلة فيها، وقد حدّدت في أربع مبادئ من قبل كثير من الباحثين والفلاسفة، وهي: مبدأ الاستقلالية Autonomie، ومبدأ الإحسان Bienfaisance، ومبدأ عدم الإساءةNon Malfaisance، ومبدأ العدالة Justice.

أولًا: الاستقلالية

الكائن فردية متميزة، من حيث البناء العضوي، ومن حيث استقلاله النفسي، فإرادة الفرد تعبير عن هويّته وكينونته، وهذا المبدأ الذي قامت عليه البيوتيقا كمؤشِّر للأشكلة الأخلاقية، وعلى حدِّ تعبير ميشيلا مارزانو: المبدأ الذي يقرّ بأنّ كل مريض هو شخص مستقلّ، وقادر على الاختيار واتّخاذ القرار[9].

وهو مبدأ يحمل دلالات عديدة، وقد اختصرها الأستاذ عمر بوفتاس في ثلاث دلالات، تظهر الأولى -على حد توصيف بوفتاس- في دلالة احترام الإنسان التي يحملها مبدأ الاستقلالية الذاتية، وهي ذات وجهين ايجابي يظهر في اعتبار الإنسان كائن فاعل، مالك لحرية الاختيار. امّا الوجه السلبي للإنسان الفاعل، فهو الكائن الذي فقد القدرة على الاختيار، كالمتخلفين عقليًّا والسجناء..

والدلالة الثانية تظهر في الربط الذي يقيمه بعض المفكرين بين مبدأ الاستقلال الذاتي، وبين «حق المرضى في الحماية من العواقب الوخيمة للقرارات التي قد تفرض تلقائيًّا من جهة سلطة معينة».

والدلالة الثالثة للمبدأ تأخذ شكلًا وجوبيًّا يفرض، ويفترض قيام الجهاز الصحي ببذل الجهد في تلبية حاجيات المرضى[10].

والسؤال الأخلاقي الذي يواجه هذا المبدأ التقاطع بين مبدأ الاستقلالية ومبدأ الكرامة الإنسانية، التي هي القيمة الخلقية المركبة التي تُحايث الوجود الإنساني، وجملة الصفات والأحكام الخلقية التي ترافق الوجود البشري، فهي تضمُّ قيمًا تقريرية، وقيمًا وجوبية.

ومن أهم المضامين التقريرية لمبدأ الكرامة، كرامة الجسد التي تشكّل حقيقة وجودية مستقلة وثابتة لا يعتريها النقص، أو التغيير مهما تغيّر شكل الجسد، رغم أننا نجد أن بعض المعتقدات الثقافية قد كرّست بعض التصورات مثل انتقاص الكرامة بالمساس بالجسد كمحنة الأنثى في المجتمع العربي، ففقد غشاء البكارة عند الأنثى نزول بها إلى درك أسفل، وجحيم داخلي، وموضوعي، يودي بها في جلّ الأحوال إلى التيه والضياع خصوصًا داخل المجتمع الذكوري، فهل تتعلّق الكرامة بجزء من أعضاء الجسد!!!.

ولا نريد في هذا السياق القول بضعف الرابطة بين مبدأ الكرامة والجسد، بل نهدف إلى بيان أهمية النظر إلى الكرامة من خلال المنظومة المتكاملة للقيم الأخلاقية، وليس من خلال مؤشر واحد الذي هو الجسد، فالجسد آلة الذات في بيان وجودها، ومجالها الفعلي، فهو وسيلة وليس غاية في ذاته.

فمبدأ الكرامة الإنسانية تعبير أنسب عن هذا المؤشر البيوتيقي، الذي هو استقلالية الشخص، فالأصل في مبدأ المعاملة البشرية ينطلق من «حق الإنسان الأول، أن يُعترف به كإنسان، وألَّا يعامل العلم الذات الإنسانية كـ«شيء»، وينتج عن ذلك أن الكرامة الإنسانية تقتضي احترام الفرد في خصوصيته وهويّته الوراثية والثقافية، وينعكس ذلك على المستوى القانوني بفكرة مفادها أن الغير يجب أن ينظر إليه ويحترم بمعنيين: أنه مختلف ويجب احترام اختلافه، ولأنه يمثل الذات الإنسانية»[11].

ثانيًا: مبدأ الإحسان

الإحسان قيمة خلقية عاطفية تقابل العدل القيمة القائمة والمبنية على العقل، والتعليل العقلي والعلمي لمبدأ الإحسان يشير إلى تحرُّر هذه الصفة من المعايير، والاعتبارات العقلية، والمنطلقات التي يعود إليها الإنسان هي الاعتقاد بتعالي الدلالة الإنسانية عن كل اعتبار اثني [ethnique] أو سياسي، فالجوهر الإنساني هو المبرِّر الوحيد الذي نعلّل به علاقاتنا ومعاملاتنا مع الآخرين.

والبيوتيقا كمقاربة أخلاقية للطب، والبحث البيولوجي تجد في مبدأ الإحسان إلى الغير منطلقًا شرعيًّا، ومشروعًا في التعاطي البحثي مع الإنسان، فحسب توم بوشامب [12]Tom Beauchamp يشمل الإحسان على نحو أوسع جميع أشكال النشاط الهادف إلى الفائدة أو تعزيز الخير للأشخاص الآخرين، ومساعدتهم على تعزيز المصالح الهامة والمشروعة، وغالبًا عن طريق منع أو إزالة الأضرار الممكنة[13].

والاختلاف الموجود بين الفلاسفة يكمن في تقنين الضوابط لظاهرة الإحسان، فهي هناك مبررات تلزمنا بالإحسان، والتضحية من أجل الآخرين، والنظريات الخلقية في السياق قد تباينت في وجهات النظر، حيث تطفو على السطح نظرية الواجب الكانطي التي توجب الالتزام بمبدأ الإحسان على أساس قاعدة الواجب الصرف الكامن في كل طبيعة إنسانية، فالفعل البشري صادر عن وعي بالإرادة والحرية والاستقلالية، فكل سلوك نابع من العقل النظري يستوجب التعميم، وصالح لأن يصبح قانونًا كلّيًّا للبشرية.

ثالثًا: مبدأ عدم الإساءة

تُحيلنا الملاحظة الأولية لهذا المبدأ إلى مبدأ الهوية، أو مبدأ الذاتية في العقل المنطقي، فالعلاقة بينه وبين عدم التناقض تكمن في المبعد الصوري، فهو صورة سلبية لمبدأ الهوية، فمبدأ عدم الإساءة صورة سلبية لمبدأ الإحسان، فإذا كان هذا المبدأ يلزمنا بالالتزام أخلاقيًّا اتجاه الآخرين بأداء واجبات نحوهم من قبيل العناية بهم، وعلاجهم، والسهر على حمايتهم، فإن مبدأ عدم الإساءة يقيم سقفًا للضرر المحتمل في الفعل الأخلاقي.

ومن الأشكال التي يعمل هذا المبدأ على الإقلال منها الأخطاء الطبية، والخفض من نسبة الأضرار الممكنة في العمليات الجراحية، فهناك أخطاء غير قابلة للغفران، مثل بتر الطبيب للعضو السليم بدلًا عن العضو العليل، فالأخطاء الطبية واردة، وممكنة، ولذا عملت المنظمات الحكومية، والمدنية في الدول المتطورة على ضبط، وتأطير هذه العمليات بغية تفادي أكبر ضرر ممكن.

رابعًا: مبدأ العدل

العدل كقيمة أخلاقية هو التوازن القائم بين الحق والواجب، فإذا كان من حق المريض على الطبيب أن يعالجه كما تعارف فلاسفة الأخلاق قديمًا، فهل من واجب الطبيب أن يعالجه دون مقابل، للإجابة عن هذه المسألة نصادف إجابات تقليدية مثالية كانطية، وتقليدية نفعية، فمبدأ الإحسان يلزم الطبيب بعلاج المريض، فحاجته إلى العلاج مبرر كافٍ لواجب العلاج.

ولكن مع التطورات الحاصلة في المجتمع البشري، طرحت إشكالات جديدة، ومشروعة في سياقها الطبيعي، مثل تكاليف العلاج، والأجهزة العلاجية التي تكلّف المؤسسة العيادية مصاريف باهضة، فبدأ العمل على التفكير في حلول لتجاوز الأزمة، والتي تكمن في التعارض التالي: «فمن جهة تزايدت كفاءة الأطباء في علاج الأمراض التي كانت قبل ذلك بقليل تسبب الموت مما وسّع مجال ما ينتظره الناس من الطب وضاعف لجوءهم للأطباء، وأدّى كل ذلك من جهة أخرى إلى تزايد تكاليف العلاج».

وكحل لهذه المسألة، ظهرت التأمينات الخصوصية خلال الثلاثينات مثل «تأمينات الصليب الأزرق وقد تمكّن هذا النوع من التأمينات من تغطية حاجات أغلب الأمريكيين العاملين إلى غاية سنة 1950. وابتداء من سنة 1960م أدّت وضعية المسنين الذين يوجدون على عتبة التقاعد والفقراء الذين لا يستفيدون من هذه المخططات الخصوصية إلى إعادة النظر في صلاحية هذا النظام، وسنتعرض للمفاهيم، والآليات الحيوية، التي كان لها الأثر البارز في ميلاد البيوتيقا المعاصرة.

زراعة الأعضاء

تعتبر عملية زرع الأعضاء عملية علاجية وطبيّة قديمة فرضتها الظروف الثقافية للجماعة، فالتشويهات الحاصلة للأعضاء المشاركين في الحروب دفعت إلى التفكير في آليات جراحية تخفي مظاهر العيب الخلقي، فتأسّست بذلك عملية زرع الأعضاء، وهي طريقة يتم فيها نقل عضو من جسم إلى جسم آخر، من جسم شخص مريض أو محكوم عليه بالموت إلى جسد مريض يملك القابلية للمعافاة، فكانت بذلك فتحًا علميًّا لبني الإنسان.

وكل فتح أو اكتشاف علمي له نتائجه الإيجابية على العلم، وعلى الإنسان، ونتائج عكسية عليهما أيضًا، وما يهمّنا الآن هو الآثار العكسية والسلبية لهذه الزراعة، حيث أثبتت الدراسات أن عملية الزرع تفترض تعطيل بعض العناصر المناعية داخل الجسم، الأمر الذي ينتج انعكاسات سلبية على العضوية، ولذا اشترط الأطباء أن تكون الأعضاء من القرابة، ولكن رغم ذلك فإن طبيعة النسيج الخلوي للفردية البيولوجية تبقى متميزة، ومتفردة.

ومن المسائل الإشكالية التي طرحتها هذه المسألة، والتي تعتبر من العناصر الرئيسة في البيوتيقا مسألة التجارة في الأعضاء، وقيام مؤسّسات تجارية تتكفَّل بهذا اللون من التجارة، وما طرحته عملية الاتِّجار بالأعضاء شرعية العمل، ومشروعيته، فالبحث في مبرِّرات البيع تفقد النشاط طابع الشرعية، فالذي يبيع الأعضاء عن وعي، وإرادة يكون مضطرًا إلى ذلك، فتدني المستوى المعيشي والاقتصادي لبعض الأفراد يضطره إلى بيع أعضائه.

وفي اعتقادنا أن البيع في مثل هذه الظروف القاهرة يفقد البيع أو العقد أهم أركانه وهو التراضي، فالرضا بالعقد لا يملك أي مبررات شرعية أو منطقية، وهو يحاكي تلك الجرائم التي قامت عليها محاكمة نورنبيرغ[14] والتي أفرزت ميلاد قواعد وضوابط للبحث العلمي في البيولوجيا، وهي: «لا يحق لنا أن نمارس عملًا تجريبيًّا وبالخصوص عملًا بحثيًّا على شخص ما دون موافقته الاختيارية. في ذلك الزمن لم يكونوا يفكرون فى وضع بيوتيقا بل في الدفاع عن حقوق الإنسان لا غير»[15].

وقد طرحت هذه المسألة في محافل دولية عدة، وتوصّل العلماء في آخر المطاف من المناقشات والبحوث إلى تضييق آفاق هذا اللون من الممارسة العلمية، ومن بينها مؤتمر بيروجيا عام 1969م، الذي خلص إلى أن هبة الأعضاء من إنسان حي إلى إنسان حي، أو من الميت إلى الحي يجب ألَّا تكون بدافع الطمع، بل بدافع إنساني وبصورة مجانية.

ونجد من المؤتمرات العالمية التي طرحت المسألة على طاولة البحث مؤتمر فيينا Vienne الدولي الرابع عشر لقانون العقوبات في سنة 1989 والذي كانت أهم توصياته ضرورة العمل ضد تجارة الأعضاء والأنسجة، وهذا يُشير إلى خطورة البحث في الموضوع.

كما كانت ندوة الأساليب الطبية الحديثة، والقانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة القاهرة المنعقدة سنة 1994م من اللقاءات الدولية حول هذه القضية، والتي جاء في توصياتها التأكيد على عدم جواز نقل الأعضاء بين الأحياء مقابل ثمن، وعلى عدم جواز الاحتفاظ بجثث الموتى بقصد بيع أجزاء منها، وأكّدت على تعيين أن يؤدي المستفيد تكاليف عملية النقل كاملة، كما تلتزم الدولة بالنفقات اللازمة لعلاج المعطي من جميع المضاعفات الناجمة، ويحظر إنشاء مؤسسات تجارية تهدف للاتجار في الأعضاء البشرية، أو التوسط لها، أو إنشاء إعلانات موضوعها عرض شراء عضو بشري.

الهندسة الجينية

مع الهندسة الجينية بدأت أساليب التحكم في مستقبل الجنين، وهي من الممكنات الاستشرافية في عالم الأحياء، وقد كانت نتاج تاريخ تجارب، وفروض علمية، وليست وليدة الصدفة، وقد كان بروز هذا اللون من البحث الميداني في الساحة العالمية مع بول بيرغ، وديفيد جاكسون، وروبرت سيمونز في عام 1972، «وهو العام الذي أعلن فيه خلق هجين جزيئي على شكل جزئي حامض نووي ثم خلقه انطلاقًا من فيروس SV40 المأخوذ من القردة والذي يحوي جينات الآكل المعاد تركيبه مع المعقد أوبيرون Opéron اللاكتوزي لبكتيريا الأشيريشيا كولي... فشكل نقطة انطلاق الهندسة الجينية»[16].

وتشمل علم الوراثة وأسس البيولوجيا الجزيئية Molecular Bilogy، ويستهدف هذا المجال مصدر المعلومات الوراثية، ويشمل كل التقنيات المستعملة في تغيير الصفات الوراثية كالمعالجة الجينية Gene Manipulation، والتنسيل الجيني Gene Cloning، والتحوير الوراثي Gene Modification الذي يعمل فيه العلماء على إحداث تغييرات في الجينات بغية الحصول على نتائج جديدة، أو التحكم في بعض الأمراض، فكان التحول من الهندسة الجينية إلى العلاج الجيني، وكذلك كانت تقنية الحمض النووي المؤشب Recombinant DNA Technology. وتصبّ كل هذه المصطلحات الشائعة حاليًّا فيما يدعى الآن بعلم الهندسة الجينية Genetic Engineering، الذي يستهدف المجالات التطبيقية التالية: تحديد وظيفة الجنين (المورثة) وتركيبه، إنتاج المركبات لأهداف علاجية بالطرق الحيوية.

الخلايا الجذعية

شملت الاكتشافات النظرية والميدانية في حقل البيولوجيا، كثيرًا من المجالات المجهولة في هذا الحقل، فالعضوية عالم ممكنات، وعالم مفتوح، فالبنية البسيطة (الخلية) في عالم الأحياء في حدِّ ذاتها عالم، وهذا ما نلمسه في مجال الخلايا الجذعية.

الخلايا الجذعية هي خلايا غير متخصِّصة وغير مكتملة الانقسام لا تشابه أي خلية متخصّصة، لكنها قادرة على تكوين خلية بالغة بعد أن تنقسم عدة انقسامات في ظروف مناسبة، وأهميّتها تأتي من كونها تستطيع تكوين خلية أي نوع من أنواع الخلايا المتخصِّصة بعد أن تنمو وتتطور إلى الخلية المطلوبة، وهكذا دواليك[17].

تطلق الخلايا الجذعية على خلايا الجنين غير المتمايزة وغير المتخصّصة، ولامتلاكها بسبب ذلك القدرة على الانقسام بدون حدود وإعطاء كل الخلايا المتخصّصة، أي إنها تملك القدرة على التحوّل إلى لأي نسيج أو إفراز من إفرازات الجسم، فهي تملك القدر على أن تتمايز وتتخصّص، وتُعطي بالإضافة إلى الجنين أغشية وأنسجة تقع خارج الجنين، وكل الأنسجة والأعضاء التي تتشكل بعد ذلك.

لقد كان منطلق تزايد الاهتمام بالخلايا الجذعية من «الخلايا الجذعية للنخاع العظمي» التي اكتشف أنها تنتج الخلايا الدموية، وتم استخدامها منذ مدة في الطب، وخاصة بعد معرفة أنه بإمكانها أن تجدّد بعد زرعها خلايا متخصّصة كالخلايا العصبية وخلايا القلب أو الكبد.

كما اكتشف أيضًا أن الجسم الإنساني يحتوي على كثير من الخلايا الجذعية التي كنا نجهل وجودها تمامًا مثل الخلايا الجذعية العضلية؛ لأن الحاجة إلى الخلايا الجذعية كبيرة جدًّا، وما تدره من أموال على منتجيها والمتاجرين بها يفوق الوصف، ونظرًا أيضًا لما يحتاجه جنيها من أجنة معدة للتجارب والاستغلال العلمي، فقد تعالت أصوات كثيرة منددة بما تتعرض له الأجنة البشرية من استغلال وتشييء وامتهان.

الاستنساخ

قصّة الإنسان مع الاستنساخ تبدأ من صراعه نحو البقاء، فالرغبة في الخلود عند بني الإنسان تتشكل في كثير من التجلّيات، أولها الرفض الطبيعي للموت، وسكرات الموت، محنة الجسد مع فراق الروح، فالتعلّق بالحياة مسألة بديهية لا تحتاج إلى برهان، وما دامت تجربة الإنسان في صراعه مع الموت لم تكلّل بعدُ بالنجاح، فالموت حتمية ينبغي التسليم بها، والقبول بها، وصدق حكماء الرواقية في قولهم: «لا ترد الحوادث كما تريد أنت بل أرد ما يحدث كما يحدث».

وعليه عملت آليات اللاوعي الإنساني على التفكير في أساليب جديدة للتخليد بعد أن وجد محدودية الغريزة الطبيعية المسؤولة عن استمرار النوع، فكان الاستنساخ مخرجًا للأزمة، وهو حلم راود الكثير من بني الإنسان، فهو على حد تعبير جان بودريار: «توأمة أبدية تحل مكان التكاثر الجنسي المرتبط بالموت، حلم تناسل بالانشطار الخلوي، أنقى شكل للقرابة لأنه يسمح أخيرًا بالاستغناء عن الآخر، وبالانطلاق من الذات إلى الذات إنه وهم أحادية الخلية التي تؤدي بفعل الوراثة إلى جعل المخلوقات المركبة تمر بمصير الأوليات»[18].

«بدأ استخدام كلمة الاستنساخ في عام 1953م عند علماء النبات والمهندسين الزراعيين، ومشتقة من الكلمة اليونانية «klon» من فعل «klao» الذي يعني قطع أو شذب الفروع، من قسم من هذا الأصل تنشأ صورتان للتكاثر النباتي، والتقسيم يعني هذا المصطلح أولًا مجموع الأفراد الذين يمكن الحصول عليهم من دون إخصاب انطلاقًا من كائن واحد بواسطة التناسل البكري أو بالفسل، ويوجد في هذه الممارسات نقل النوع إلى تحقيق الاستنساخ التكاثري لدى الثدييات، وصولًا إلى البدايات الأولى للاستنساخ لدى الإنسان»[19].

فالاستنساخ تعامل مع الجسد في صورة اصطناعية، صورة يفقد فيها الجسد هويته التاريخية؛ لأن الجسد هو نتاج آلية طبيعية في التاريخ، وليست عملية إنتاج الجسد في شكل طبيعي مسألة تاريخية، يقول بودريار: «الاستنساخ مرحلة أخيرة في تاريخ صنع نماذج الجسد الذي تحول إلى صيغته المجردة والوراثية، وصار الفرد فيه محكومًا بتكاثرها في سلسلة... يلغي الاستنساخ جذريًّا الأم والأب أيضًا، وتشابك جيناتهما، وتداخل اختلافاتهما، كما يلغي خصوصًا الفعل الثنائي للولادة»[20].

يطرح الاستنساخ إشكالات بيوتيقية عديدة أهمُّها الاستغناء عن الروابط العضوية الطبيعية والتقليدية ظاهرة الزواج، كما تغيب علاقات الانتماء والنسب عند المستنسخين، وأخطر نتيجة هي التصرف في نموذج الإنسان مستقبلًا، فتكون معه نهاية الإنسان الذي أنتج العلم والتقنية، يقول بودريار: «دخلنا مرحلة نهاية الجسد ونهاية تاريخه وتقلباته، وصار الفرد مجرد انتشار سرطاني، أي تكاثر خلية واحدة كما هي الحال في المرض السرطاني.. السرطان تكاثر إلى ما لا نهاية لخلية أساسية من دون اعتبار للقوانين العضوية في مجموع الجسد، كذلك هو الأمر في الاستنساخ، فلا شيء يعترض على إنتاج الذات، على تكاثر بلا حدود من رحم واحد»[21].

الموت الرحيم

من القضايا العلمية الطبية التي دخلت مجال البيوتيقا مسألة الموت الرحيم، والذي يحيل Euthanasie حاليًّا إلى التدخل الطبي الذي يسعى إلى وضع حد لحياة شخص مصاب بمرض عضال أو دخل فى حالة غيبوبة دائمة، أو طاعن في السن أصبح جسمه معًا هدفًا لكل الأمراض ومسكنًا لكل الأوجاع أو طفل ولد أو سيولد بتشوُّه خلقي بالغ الخطورة أو بتخلّف عقلي كبير، وذلك بهدف تجنيبهم المعاناة والآلام المبرحة.

الموت الرحيم هو ما يقابل المصطلح الفرنسي Euthanasie، وترجع جذور هذه الكلمة إلى اللغة الإغريقية eu بمعنى جيد، وthanatos بمعنى الموت، وبذلك يصبح معنى الكلمة هو موت جيد أو موت مريح وبدون آلام. وهناك من يفضل ترجمته بعبارات أخرى مثل: موت الرحمة، أو المساعدة على الموت، أو قتل الرحمة، أو القتل بدافع الشفقة.

تطرح مسألة توقيف الحياة مشكلًا آخر يتعلّق بتجديد متى يمكن أن نقول عن شخص ما أنه قد مات بالفعل؟ ذلك ما يعرف بمسألة إثبات الموت le constat de la mort، فما هو الموت؟ ومتى يمكن أن نثبت حصوله؟ هما سؤالان مختلفان: فالأول ذو طبيعة فلسفية ميتافيزيقية، والثاني ذو طبيعة علمية طبية ويطرح زيادة على ذلك مشكلة أخلاقية.

ويتمُّ في هذا الإطار التمييز بين ثلاثة مستويات للموت: الموت الإكلينيكي ويتمثَّل في التوقّف الكامل والمستمر لوظائف الجسم، والموت البيولوجي الذي يتمثّل في توقّف نشاط كل الخلايا والأنسجة بشكل تدريجي ينتهي بانحلال الجسم، والموت الأنطولوجي كانفصال المبدأ الحيوي عن الجسم، أو ما يعرف عند القدامى بانفصال الروح عن الجسد.

والقيم الأخلاقية التي تستبطنها الحياة ظاهرة في التشريعات القانونية التي عرفتها البشرية، فالخلاف التقليدي بين المدرسة العقلية، والمدرسة الوضعية في تشريع الإعدام يظهر عن أهمية الحياة في المخيال البشري، فالحق في سلب حياة الآخر ليس مبررًا؛ إذ لا يمكن لأي تشريع مهما كانت صفته أن يبرر سلب حق الحياة من الآخر.

ولذا فإننا نجد في هذا الخلاف تأصيلًا لإشكالية الموت الرحيم الأخلاقية، وقد كانت المرجعية النظرية للمسألة مع الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط kant الذي طابق بين قاعدة «الاستقلال الذاتي للإرادة» و«القدرة على التشريع الذاتي»، والتي تمنح الشخص ككائن عاقل حقّ التشريع لذاته، واتّخاذ القرار.

والمعضلة تكمن في أن قرار الاختيار أي اختيار الموت، يتعارض مع مطلقية القيم المؤسسة، فالقول المأثور عن الفيلسوف كانط: لو كانت سعادة العالم بأسره في قتل طفل بريء لكان العمل لا أخلاقيًّا، «فالقتل يبقى قتلًا مهما كانت المبرّرات المفتعلة، فاتّخاذ القرار بتوقيف حياة المريض بحجة أن له الحق في ذلك غير مبرّر أخلاقيًّا، وإن كان مقبولًا اجتماعيًّا، ولكن الآخر مهما كانت قرابته من المريض لا يملك حق اتخاذ القرار نيابة عن المريض؛ لأن ملكية القرار مرتبطة بصاحب الكيان، فالشعور بالحياة مختلف، ومطبوع بتجربة الفرد الذاتية، وفي النص التراثي الذي يظهر نوعية العلاقة بين الآباء، والأبناء: «هم منكم وأنتم لستم منهم» فالوالد يبقى قلبه معلّقًا بولده، ولكن بالنسبة للولد الأمر مختلف، وعليه فإنّ قرابة المريض لا تُبرِّر اتخاذ القرار.

كما نجد أن نوعية الحالات التي تصادف العلماء والأطباء مختلفة ومتباينة تبعًا للحالات، حيث إن معايشة الوضعية مختلفة عن التعاطي معها نظريًّا، فهل يلاحظ، ويسمع عن قرب لآهات المريض، وتأوهاته يحاكي الجالس في المعهد الأكاديمي أمام المكيف، والذي يفكر منقِّبا في كتبه عن مبررات القرار.

يقدّم لنا هانس جوناس Hans Jonas في كتابه «حقّ الموت» Le Droit de Mourir نماذج من هذه الحالات، حالة المريض الواعي بعدمية العلاج، وبإشرافه على النهاية، والذي يعلن بموافقته على عدم إعادة المحاولات العلاجية له على إنهاء وفض كل نزاع أخلاقي أو قانوني في المسألة..»[22].

البيوتيقا في الإسلام

يمكن الانطلاق من مصادرة ذاتية في التعاطي مع هذا البحث وهي خاتمية الرسالة الإسلامية، حيث تعتبر العقيدة الإسلامية من تمام النعمة، وكمال الدين: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[23]، فالحلول لمشاكل البشرية واردة في النص الشرعي، ولا تحتاج إلَّا لاجتهاد في فهم النصوص، فالأخلاق التطبيقية والفقه أو النظرية الإسلامية في الأخلاق الجديدة تتحدّث عن قوانين عامة لها علاقة بالطب والإنسان، والاجتماع، والأخلاق، يكون الإنسان قاعدة مرجعية في تنظير، وسن التشريعات الضابطة، التي تواكب التغيرات الإنسانية؛ لأن طبيعة المجتمع، وسيرورته تقتضي حصول تطورات فكرية، واجتماعية. ومن بين الحالات أو الظواهر المبتدعة التي تعرض لها القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة ظاهرة الشذوذ الجنسي، اللواط، والسحاق، والتي حاولت اللغة المعاصرة تهذيب المصطلح بالتواضع عليها بظاهرة المثليين.

المثلية

المثلية الجنسية مرفوضة في العقيدة الإسلامية، لاعتبارات عدة، أهمها الإسراف، والتمادي في إتيان الخطأ بنص المفردة القرآنية: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ}[24]، وقد عرف قوم لوط بهذه الظاهرة المثلية، ولذا اختار اللغوي اللفظ في التعبير عن الظاهرة، يقول تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ}[25].

والملاحظ في الراهن المعاصر تكاتف جمعيات حقوقية، ومدنية للدفاع عن حقوق المثليين، واصطلح على المثلي بأنه الإنسان الذي لا يملك حقه الإنساني، ويبدو أن المسألة ستأخذ منعرجات خطيرة، خصوصًا مع إقحام الباحثين لتوجهاتهم الشخصية، وخضوعهم لميولهم المنحرفة.

وما يمكن الإقرار به في هذه الإشكالية أن المثلية انحراف عن الطبيعة، وتصرُّف في الطبيعة، وإن كان البعض يبحث عن المشروعية الأخلاقية والقانونية في الطبيعة نفسها، على قاعدة النقص العضوي، والإفرازات الهرمونية التي تتحكم في صياغة الشخصية، فنحن تحت رحمة غددنا الصماء كما قيل، وفي اعتقادنا أن الأجدر البحث في مقدمات الظاهرة، وليس في إيجاد مبررات شرعية وقانونية للظاهرة المرضية.

وهناك بعض الحالات التي تتقاطع في بعض اللحاظ مع المثلية، وهي الظاهرة التي عرفت بالتحول الجنسي، أي تحويل الشخص من جنس لآخر، من الذكورة إلى الأنوثة، والعكس، والتي تختلف فيها الحالات تبعًا لظروف ومبرِّرات التحويل، فالتحويل القائم على رغبة، أو شذوذ في الطبيعة لا يقرُّ به الشرع، أما التحويل الذي يجد في الطبيعة مبرِّرًا لذلك، مسألة فيها نظر، وميّز العلماء بين ظاهرة التحويل الجنسي، وظاهرة التصحيح الجنسي، حيث أقر الفقهاء بجواز التصحيح؛ لأنها متعلقة بحالات لديها خلل في الجهاز التناسلي، أو البنية الجسدية بحيث يظهر في الخارج المورفولوجي على أنه أنثى، وفيزيولوجيًّا هو ذكر، وبهذا يتّفق أغلب الفقهاء في المدارس الفقهية أنها جائزة، وواجبة، لأنها «تصحيح من الوضع الخطأ إلى الوضع الصحيح»[26].

واللطيف في التراث الإسلامي كيفية التعاطي مع الخنثى، الذي يصعب تحديد هويته الجنسية، حيث كان: «الفقه الإسلامي يعمل على تحديد الوضع الجنسي للخنثى، فكان ينسبه إلى العضو الذي يتبول به أو إلى العضو الذي يفرز سائلًا مرتبطًا بالجنس فيعتبره أنثى إذا حاض، ويعتبره ذكرًا إذا خرج منه سائل منوي، وكان هذا الاعتبار ضروريًّا لتحديد ما يترتب عنه من أحكام شرعية»[27].

زراعة الأعضاء

اختلف الفقهاء في الشريعة الإسلامية حول مسألة زراعة الأعضاء، على قاعدة الدلالة الظاهرية في الآية الكريمة: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا}[28].

حيث اعتبر البعض أن التصرُّف في الطبيعة، والجسد مسألة مستهجنة شرعًا، ولكن البعض الآخر اعتمد على تفسير الآيات من زاوية مقصدية، فالقصد الأخلاقي أصل مرجعي في التشريع، ومنها رأي العلامة ابن عاشور: «وليس من تغيير خلق الله التصرُّف في المخلوقات بما أذن الله ولا يدخل في معنى الحسن، فإن الختان من تغيير خلق الله ولكنه لفوائد صحية، وكذلك حلق الشعر لفائدة دفع الأضرار، وتقليم الأظافر لفائدة تيسير العمل بالأيدي... وملاك الأمر أن تغيير خلق الله إنما يكون إثمًا إذا كان فيه حظ من طاعة الشيطان»[29].

وخلاصة القول أن مناحي الاستدلال لم تخرج عن شقين: الجواز، أو المنع، واعتمد في ذلك على النصوص الشرعية، القرآن الكريم، ومن السنة النبوية، والغريب أن استثمار النص كان عند الاتجاهين، فعلى سبيل المثال اعتمد الفقهاء على النص التالي في إثبات المنع، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}[30]، حيث اعتبرت كرامة الأعضاء من كرامة الإنسان ككل، وفي المقابل يعتمد الفريق الثاني القائل بجواز الزرع، على الآية التالية: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ}[31].

أما من حيث النصوص النبوية، فقد اعتمد الفقهاء على حكم التمثيل بالجثة في إثبات المنع، وزراعة الأعضاء، عن بريدة (رضي الله عنه) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أمَّر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا فلا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثّلوا، ولا تقتلوا وليدًا»[32].

ويلاحظ استثمار الفقهاء للنص على قاعدة التشابه الموجودة بين الزراعة، والتمثيل من الناحية الشكلية في تحريم زراعة الأعضاء، ولكن الأصل في تحريم التمثيل، هو القصدية الكامنة وراء الفعل، حيث إن التمثيل بالجثة عائد لغايات لا أخلاقية منها إرهاب الآخر، أو إشباع لرغبات لا شعورية إزاء الشخص، كفرد، أو كثقافة.

والأصل في التحريم، أو الكراهة التي أضفاها الفقهاء على ظاهرة الزرع أخلاقي بالدرجة الأولى، حيث نلمس عند الفقهاء، تخوُّفًا من تحوّل الحادثة الجزئية في زراعة الأعضاء إلى وسيلة للتكسب، والرياش، وهذا ما أكّدته الوقائع الراهنة إذ تفشّت ظاهرة سرقة الأطفال، والاتِّجار بأعضائهم، والتي صنّفت قانونيًّا، وأخلاقيًّا ضمن الجرائم والجنايات.

إيجار الرحم

تفيد دلالة الرحم على ذلك الوسط الطبيعي الذي ينمو فيه الجنين، وهو جزء من جسد الأم، أو الجزء الذي يمنحها شرعية المعنى الذي تحمله الأم، والهالة الأخلاقية التي منحها الشرع الإسلامي في الكتاب والسنة للوالدين توضّح أصول هذه الحرمة.

والاستئجار يعود لأسباب أهمها عقم المرأة لأسباب عضوية مرضية داخل الرحم، منها عدم ثبوت الحمل في رحم المرأة، واهتمام المرأة برشاقتها لأسباب كمالية، والتأجير يحصل باستخدام رحم امرأة أخرى لحمل البويضة الملقحة، بغية حمل الجنين ووضعه، وبعد ذلك يتولى الزوجان رعاية المولود ويكون ولدًا قانونيًّا لهما، وأصبحت للظاهرة شركات خاصة، ووكالات خاصة للترويج لها، حيث تتصدّر الولايات المتحدة الأمريكية الصدارة في نسبة هذه المراكز، وقد أنتجت الوكالات مئات المواليد بهذه الطريقة.

ونجد الأشكلة ملازمة لموقف الإسلام من المسألة حيث يقرّ البعض من المدارس الفقهية بحرمة الإجارة بشكل مطلق، والذي صدر عن مجمع البحوث الإسلامية بمصر[33]، وعن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي[34]، وكانت أدلتهم في ذلك مستنبطة من النصوص التالية، قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِين * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}[35].

فالأمر بحفظ الفروج إلَّا على الأزواج وملك اليمين، ونقل البويضة الملقحة إلى امرأة أخرى من متعلقات الجماع فكأنه اتصل بغير زوجته، ولذا استنتج الفقهاء حرمة الإيجار.

والآية التالية: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}[36] تؤكد نسبة الأمومة مرتبطة بالميلاد، فالأم الحقيقية التي لها رابطة النسبة هي الوالدة، وعليه تصبح ظاهريًّا الأم هي صاحبة الرحم المستأجر، وفي المقابل نجد رابطة الأمومة بنسبة أخرى، في النص الذي يمثّل الأبوة غير الحقيقية، والوارد في قول زوجة فرعون: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا}[37]، {وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}[38].

فالأبوة من خلال النصوص القرآنية حقيقية، وغير حقيقية، حقيقية تتأسّس على أسس طبيعية، الرابطة الزوجية الطبيعية، الفراش، كما هو معروف في النصوص النبوية: «الولد للفراش»[39].

واعتمد الفقهاء على مضمون الآية التالية في استنباط الحكم بعدم الجواز: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ}[40].

والأصل هنا في استنباط الحكم قائم على اعتبار الزوجة من نفس الزوج، أي التداخل بين الزوجين مسألة طبيعية، وتكوينية، والولد يكون من الزوج والزوجة، فنص القرآن يبين أن الولد يكون من زوجة شاركت في إعداده، وصاحبة الرحم المستأجرة ليست كذلك.

والملاحظ على مرجعية الحكم النظر إلى الاعتبارات الاجتماعية التي تصاحب ظاهرة الاستئجار، حيث اصطدمت العملية بجشع الذئاب البشرية التي استثمرت في رحم الفقراء، لبلوغ الثراء الفاحش، كما نظر الفقهاء إلى أمور ثانوية، مثل اهتمام المرأة الغنية برشاقة الجسم، واعتمادها على الثروة في إنجاب الأطفال، وهذا يتعامل مع البشر كوسائل، وليس كغايات.

والموقف المقابل، أي الذي يقرّ بجواز استئجار الرحم، فيعتمد على الاقتران بين الرضاعة، والحمل، فالشرع يجيز استئجار المرضعة، وحدّد العلاقة بين المستأجرة، وعائلة الطفل، إذ شرع الإسلام، وبين حقوق الرضيع، وواجباته، فالأخوة من الرضاعة تقتضي الامتناع من حقوق أخرى مثل الحق الطبيعي في الزواج، ونفس الحال ينطبق على الرحم، فهو مجال يترعرع فيه الطفل، ويستمد منه غذاءه.

وذهب العلماء إلى قراءة النص القرآني في هذا السياق، والنص الذي يقرن فيه الشارع بين الرضاعة، والحمل، يقول تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ المُسْلِمِينَ}[41].

وما نستخلصه من هذه القراءة أن المسائل البيوتيقية ليست نتاجًا حداثيًّا، أو ما بعد حداثي، بل هي مستجدات، ونوازل (بالاصطلاح الفقهي) تنزل بالمجتمع في كل عصر، فحق التسمية لفرع معرفي لا ينفي الأرضية السابقة له في الثقافات الأخرى.

 

 



[1] كاتب وشاعر بريطاني [1865 - 1936] ولد في الهند البريطانية، حاز على جائزة نوبل في سنة 1907.

[2] عالم أورام أمريكي (1911 - 2001م) من مؤلفاته: البيوتيقا علم البقاء.

[3] غي ديران، البيواتيقا، ترجمة: محمد جديدي، بيروت: جداول للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2015 ص35.

[4] تيرينس آلن وجراهام كاولينج، الخلية، ترجمة: مصطفى محمد فؤاد، مصر: مؤسسة هنداوي، الطبعة الأولى 2015 ص 7.

[5] الجينوم: يمثل تراث وتاريخ الكائن الجيني، وهو يشمل مجموع الجينات المتحكمة في شكل وبنية العضوية لدى الكائن، وهي 46 كروموزوماً، ثنائية يرثها من عند الأم 23 ومن الأب مثلها.

[6] رياضي وفلكي وفيزيائي وسياسي فرنسي من مؤلفاته: رسالة في الاحتمالات.

[7] كلود دوبرو، الممكن والتكنولوجيات الحيوية، ترجمة: ميشال يوسف، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،  الطبعة الأولى 2007 ص 17.

[8]  جورج كوفييه (1769-1832) عالم تشريح فرنسي، ومؤسس لعلم التشريح المقارن من مؤلّفاته: دروس في التشريح المقارن، التاريخ الطبيعي للأسماك.

[9] Michela Marzano, l'éthique Appliquée, PUF 2 édit paris 2012, p:21

[10] انظر: عمر بوفتاس، البيوتيقا، المغرب: أفريقيا الشرق.

[11] محمد المصباحي وآخرون، فلسفة الحق كانط والفلسفة المعاصرة، الرباط: كلية الآداب والعلوم الانسانية، الطبعة الأولى 2007 ص: 248

[12] فيلسوف أمريكي، متخصص في فلسفة دافيد هيوم، وفي فلسفة الأخلاق وفي البيوتيقا، وأخلاقيات الحيوان، أستاذ في جامعة جورج تاون، له مؤلفات مشتركة، منها مع إلكسندر روزنبرغ: هيوم ومسألة العلية 1981، ومع جيمس ف. شيلدرس: مبادئ أخلاقيات الطب 1985.

[13] أحمد عبد الحليم عطيه وآخرون، الأخلاق التطبيقية، القاهرة: دفاتر فلسفية، العدد 9، 2015م، ص70.

[14] محاكمات نورينبرغ من أشهر المحاكمات التي شهدها التاريخ المعاصر، وتناولت المحاكمات في فترتها الأولى، مجرمي حرب القيادة النازية بعد سقوط الرايخ الثالث، وفي الفترة الثانية تمّت محاكمة الأطباء الذين أجروا التجارب الطبية على البشر. وعُقدت أول جلسة في 20 نوفمبر 1945 واستمرّت الجلسات حتّى: 1 اكتوبر 1946 عقد الحلفاء جلسات المحاكمات العسكرية في قصر العدل لدى نورمبورغ، ولعل من أهم أسباب عقد الجلسات في القصر المذكور الدّمار الشامل الذي آلت إليه دُور المحاكم الألمانية جرّاء قصف الحلفاء الكثيف إبّان الحرب العالمية الثانية، تناولت المحاكمات بشكل عام مجرمي الحرب الذين ارتكبوا فظائع بحق الإنسانية في أوروبا.

[15] عامر الوائلي وآخرون، النظرية الأخلاقية، بيروت: ابن النديم للنشر، الطبعة الأولى 2015 ص 258.

[16] كلود دوبرو، الممكن والتكنولوجيات الحيوية، المرجع نفسه، ص 251.

[17] خالد أحمد الزعيري، الخلية الجذعية، الكويت: سلسلة عالم المعرفة، العدد 348 السنة 2008م، ص38.

[18] جان بودريار، المصطنع والاصطناع، ترجمة: جوزيف عبدالله، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، 2008 ص 168.

[19] كلود دوبرو، الممكن والتكنولوجيات الحيوية، المرجع نفسه، ص488.

[20] جان بودريار، مرجع سابق، ص 172.

[21] المرجع نفسه، ص 174.

[22] Hans jonas, le droit de mourir,trad du l'allemand:philippe ivernel rivages poche petite biblotheque, paris p34.

[23] المائدة، الآية: 4.

[24] سورة الأعراف، الآية: 81.

[25] سورة الأعراف، الآية: 80.

[26] طارق حسن كسار، مشروعية التحول الجنسي في الفقه الإسلامي، مجلة كلية التربية والعلوم الانسانية، جامعة ذي قار، المجلد 5، العدد 1، آذار 2015م، ص216.

[27] طارق حسن كسار، مشروعية التحول الجنسي في الفقه الإسلامي، المصدر نفسه، ص216.

[28] سورة النساء، الآية: 119.

[29] محمد الطاهر بن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، تونس: الدار التونسية للنشر والتوزيع، 1984، الجزء الخامس ص205-206

[30] الإسراء، الآية: 70.

[31] الأنعام، الآية: 119.

[32] رواه مسلم في الصحيح، رقم: 3348 في كتاب الجهاد.

[33] الصادر بتاريخ: 29 مارس 2001.

[34] في دورته الثامنة، من السبت 28 ربيع الآخر 1405هـ إلى يوم الاثنين 7 جمادى الأولى 1405هـ، الموافق 19 – 28 يناير 1985 بمكة المكرمة.

[35] سورة المؤمنون، الآية: 5 - 7.

[36] سورة المجادلة، الآية: 2.

[37] سورة يوسف، الآية: 21.

[38] سورة القصص، الآية: 9.

[39] أخرجه النسائي، كتاب الطلاق، باب إلحاق الولد بالفراش، رقم: 23486، الجزء السادس، ص181.

[40] سورة النحل، الآية: 72 .

[41] سورة الأحقاف، الآية:15