النوازل الفقهية والتاريخ..
إضاءة إبستيمولوجية
الدكتور عبدالرحيم الحسناوي*
* كاتب وباحث. جامعة محمد الخامس بالرباط/ المغرب. البريد الإلكتروني:
lhasnaoui@hotmail.com
مقدمة
تحاول هذه المطالعة البحثية، ومن زاوية إبستيمولوجية، إبراز الأهمية التي تكتسبها الفتاوى والنوازل الفقهية بالنسبة للبحث التاريخي المغربي المعاصر. ولا شك في أن تعامل المؤرّخ مع مثل هذا النوع من المصادر يضع ويستتبع عدّة قضايا معرفية ومنهجية مرتبطة بمفهوم النوازل الفقهية، والتي لم تكن توضع بهدف التأريخ بل وضعت لكي يستغلّها الفقهاء، ولعل هذا الأمر هو ما يفسّر صعوبتها. ولا بد للمؤرّخ هنا من الاحتراز حولها ومعرفة الحدود الفاصلة بين الفقه والتاريخ.
أولًا: النوازل الفقهية.. تعريف المصطلح
النوازل الفقهية هي الواقعات والمسائل المستجدّة التي تنزل بالعالِم الفقيه، فيستخرج لها حكمًا شرعيًّا. ويطلق عليها «النوازل» و«الفتاوى» و«الأجوبة» و«الأحكام» و«المسائل»، وهي كلّها مصطلحات تعكس مفاهيم متقاربة[1].
ولقد ارتبطت النوازل في مختلف أطوارها بحياة المسلم، وكان من سماتها الواقعية والتجدّد والطابع المحلي؛ لأن النوازلي كان مقصودًا من لدن المستفتي فيما تعوّده من أسئلة تتعلّق بمجالات عديدة، حيث استطاعت النوازل الفقهية الإحاطة بمختلف مجريات الحياة اليومية ومختلف مظاهر المعاملات، والمشاكل التي تترتّب عنها بين الناس، هذا بالإضافة إلى العديد من القضايا التي تتّصل بالحياة الدينية والروحية والعلمية للمجتمع[2].
وتتألّف النازلة من شقّين: القضية أو السؤال، ثم الفتوى أو الجواب؛ فالسؤال غالبًا ما كان يمثّل حقيقة الواقع الاجتماعي، إذ إنه يصف الحدث أو المشكلة؛ أما الجواب فيمثّل القانون المعتمد على الدين والمثال المقتدى. وغالبًا ما يكون السؤال موجّهًا لفقيه معروف يستنبط الأجوبة أو المواقف أو الأحكام من القرآن الكريم والسنة النبوية ومن القياس والإجماع والاجتهاد والعرف[3].
ثانيًا: الفتاوى والنوازل الفقهية في فكر المستشرقين
يعود الفضل في لفت الانتباه بأهمية الفتاوى والنوازل كمصادر للتاريخ الاقتصادي والاجتماعي خاصة، إلى مجموعة من علماء الإسلاميات الغربيين المهتمّين بالتراث الإسلامي وتاريخ البلاد الإسلامية الاجتماعي والسياسي والفكري.
ولقد كانت المحاولات الأولى على هذا الطريق قد تمثّلت على الخصوص في ترجمة بعض النصوص الإفتائية[4]، بهدف استنطاقها لتعويض النقص الكبير الذي تشكو منه التاريخ الإسلامي فيما يتعلّق بوثائق الأرشيف ولاسيما ذات المنحى الاقتصادي والاجتماعي.
ويعتبر كلود كاهين (Claude Cahen) من أوائل الذين نادوا بضرورة إعطاء أهمية للنوازل الفقهية. فهذه الأخيرة «تستحق أن يعطيها المؤرخ عناية خاصة...، وأن هذه الفتاوى تتعلّق عادة بعدّة مجالات واقعية يمكن تقريبًا تأريخها وتحديد مكانها، ولها بالتالي فائدة كبيرة»[5].
وركّز كاهين بصفة خاصة على أهمية النصوص التشريعية ولا سيما ما يتعلّق منها بالنوازل. وقد كرّس مجموعة من الدراسات لهذا الغرض وأشرف على أطروحات جامعية جعلت من فقه النوازل مادتها الأساس كليًّا[6] أو جزئيًّا[7].
وقام روبير برينشفيك (Robert Brunschvig) في أطروحته حول العهد الحفصي في إفريقية[8]، بتحليل معمّق لنوازل البرزلي أبرز فيها قيمتها الوثائقية، واستقى منها معطيات تاريخية هامّة عن واقع الفترة العميق الذي صمتت عنه المصادر التقليدية. والشيء نفسه ينطبق على جاك بيرك (Jacques Berque) الذي اضطلع هو الآخر بجهود مماثلة في مجال توظيف الفتاوى والنوازل الفقهية، والتي أفرد لها أحيانًا أعمالًا مستقلّة[9]، باعتبارها المؤطّر القانوني للحياة الاقتصادية والاجتماعية[10].
وإذا كانت جلّ أعمال هؤلاء المستشرقين -وغيرهم ممّن لم يتّسع لهم المقام هنا- قد ظلّت أسيرة النهج الوصفي المطلّ على الواقع من الخارج، ومحكومة منهجيًّا بالإشكاليات التاريخانية للخطاب الاستشراقي النابع من محيط تاريخي تحكمه الذات المركزية الأوروبية، فإن بعضها قد تحرّر نسبيًّا من تلك المعوّقات فعاين الواقع واستفاد من التطوّر الذي عرفته العلوم الإنسانية ومناهجها، وقدّم خدمات كبيرة لتاريخ ومؤرّخي المغرب إن على مستوى المضمون أو على مستوى المنهج.
غير أن أهمية هذه الأعمال لا تكمن في مضمونها، وإنما فيما سنّته من تقليد في مجال استغلال الفتاوى كمصادر تاريخية، حتى ولو كان ذلك الاستغلال قد ظلّ أحيانًا استغلالًا إخباريًّا محضًا. وستهيمن هذه الطريقة في استعمال الفتاوى كمادة إخبارية على المراحل الأولى من تعامل الباحثين المغاربة مع هذا النوع الجديد من الوثائق التاريخية.
ثالثًا: الإسطوغرافيا المغربية المعاصرة واستثمار النوازل الفقهية
في ظلّ التوجّه التحديثي الذي عرفته الكتابة التاريخية المغربية (الإسطوغرافيا)[11] منذ سبعينات القرن الماضي، بدأ الباحثون المغاربة ولا سيما المؤرّخون منهم يهتمّون بمسألة الفتاوى الفقهية، وذلك ضمن عملية تنقيب واسعة النطاق عن وثائق تسمح بإعادة صياغة ماضي وتاريخ المغرب. ومن يتتبّع حضور الفتاوى في الأبحاث الجامعية المغربية يجده قد ارتبط ارتباطًا وثيقًا بتطوّر البحث التاريخي عامّة، وبتطوّر المناهج والاتجاهات الفكرية في الجامعة المغربية خاصّة[12].
وابتداء من سنة 1970، طرح عبد الله العروي وبطريقة أكثر جلاء ضرورة توظيف الفتاوى في كتابة التاريخ المغربي قائلًا: «إن فقه النوازل هو الكفيل بأن يقرّبنا أكثر من واقع الأوضاع السياسية والاجتماعية، لكن هذا النوع من الكتابات ما زال لم يدرس دراسة شاملة»[13].
وأكّد العروي بالخصوص على أهمية فتاوى الونشريسي، في معرض تحليله للفرضية القائلة بأن عملية استيلاء الهيلاليين على المغرب ترتبط ببنية اجتماعية رعوية، حين قال: «إن المصادر الوحيدة التي يجب أن توظّف لتأكيد أو نفي تلك الفرضية هي النصوص التشريعية –فتاوى- وذلك ما يعطي لنوازل الونشريسي أهميتها القصوى. وما لم يدرس هذا العمل الضخم فسيبقى كل ما قيل عن التاريخ الاجتماعي المغربي من باب الافتراضات والنظريات...»[14].
بهذه الاستنتاجات أو الملاحظات يكون عبد الله العروي قد سجّل نهاية مرحلة أكّد فيها على سلبية الحصيلة في مجال استخدام النوازل الفقهية، وبالمقابل فإنه دعا إلى ضرورة تجديد المعرفة التاريخية على غرار ما حدث لدى الغرب.
وعمومًا فسيظهر اتجاهان في مجال استخدام النوازل الفقهية كمصدر تاريخي، أحدهما تراثي بيبليوغرافي النزعة والآخر بنيوي، وكلاهما يعكسان ثنائية منهجية واضحة على مستوى الباحثين في حقل البحث التاريخي المغربي.
وتوجد قواسم مشتركة بين هذين الاتجاهين تتمثّل في التزايد الملحوظ لكم المصادر الفقهية المستخدمة، واتّساع مجال توظيفها زمنيًّا ونوعيًّا بحيث لم يعد يقتصر على العصور الوسطى، وإنما شمل أيضًا الفترتين الحديثة والمعاصرة، ووظّف المجامع الإفتائية الشهيرة بقدر ما وظّف المختصرات والفتاوى المفردة، والاعتماد على الوثيقة التاريخية المغربية كأساس لفهم الواقع التاريخي[15].
وعلى عكس الاتجاه التراثي الذي استمرّ في استغلال الفتاوى استغلالًا إخباريًّا محضًا، فإن أصحاب الاتجاه البنيوي الذي مثّل نقلة نوعية في الإنتاج التاريخي المغربي، يؤكّدون على ضرورة توظيف النوازل الفقهية للكشف عن عناصر البنية الاجتماعية والاقتصادية التي قلما تبرزها الكتابات التاريخية الإخبارية.
ينطبق هذا التوصيف الأخير على أحمد التوفيق الذي اعتمد في أطروحته «إينولتان» على النوازل الفقهية، ومن ذلك مثلًا: «الأجوبة الناصرية»، التي وظّفها للتعرّف إلى الوسط القروي في منطقة إينولتان وخاصّة من الناحيتين الاقتصادية والروحية[16]. كما كان قصده من خلال استغلال «نوازل الجبال» هو «ذكر الحيازة في البلاد التي لا تُجرى فيها الأحكام لشغورها عن الإمام، أو بدء الجور والإهمال في الحكام»[17].
أما «نوازل الدرعي» فقد استعملها التوفيق من «منظور دراسة البنى وفي مداها الطويل، وذلك بافتراض شبه ركود في مجتمع القرون الأخيرة على الأقل، وخاصة ما يتعلّق بالأرض من حيث الاستغلال والحيازة، وما يمسّ وضعية المرأة وبعض طوائف الصناع اليدويين...»[18].
قام العربي مزين هو الآخر في أطروحته عن «تافيلالت» باستغلال النوازل الفقهية وخاصّة نوازل «ابن هلال» وأجوبة «محمد بن ناصر الدرعي» للكشف عن البنية الاقتصادية والاجتماعية لمنطقة قروية وهي تافيلالت[19].
ولقد حدّد الباحث العربي مزين غايته من نوازل ابن هلال المتعلّقة بتافيلالت وواحات الجنوب الشرقي المغربي في النصف الثاني من القرن الخامس عشر بقوله: «إنها مكّنتنا من إلقاء أضواء على فترة سكتت عنها كتب الحوليات، وليست لنا حولها مصادر أخرى يمكن أن نعتمدها. لكن الفائدة من النوازل لا تنحصر في هذا الاستعمال المحدود؛ لأن تلك النوازل ترجع بنا في أغلبها على التناقضات التي توجد بين تطبيق الشريعة الإسلامية ومتطلّبات الحياة الاجتماعية التي تُمليها الظروف الموضوعية للمعاش والتنظيم في تافيلالت. فالكثير من المشكلات التي تثيرها هذه النوازل ما تزال قائمة اليوم، ويوجد كثير من التشابه بينها وبين ما لمسناه في وثائق تافيلالت في القرنين 17 و18. إن مرد هذا التشابه هو العلاقة بين تلك المشكلات والظروف الموضوعية لتافيلالت التي لم تتطوّر بكيفية غير مدركة توحي بنوع من الجمود وعدم الحركية في البوادي المغربية. فهذه الميزة هي التي جعلتنا نطمئن وبكل ثقة إلى استخدام تلك النوازل المتعلّقة بالقرن 15 في دراسة حول تافيلالت في القرنين 17 و18، وخاصّة لمعرفة الجوانب البنيوية ذات التطوّر البطيء»[20].
وبدوره وظّف محمد القبلي في دراسته القيمة «مساهمة في تاريخ التمهيد لظهور دولة السعديين»[21]، مجموعة من الفتاوى وخاصة فتاوى «المعيار» للونشريسي، لدراسة الملابسات التاريخية للسياسة المرينية في القرن 14م ضمن تفاعلها مع الأوضاع العامة لشرفاء المغرب في ذلك العهد، لاستكناه أسباب وصول الشرفاء السعديين إلى الحكم في منتصف القرن 16م.
لقد وظّف محمد القبلي آراء بعض الفقهاء في ظاهرة ادّعاء الشرف التي تفشّت بشكل ملحوظ منذ العهد المريني، ونفور العامة من أشراف فاس في فترة نفوذهم[22]. كما أنه سار على النهج نفسه في أطروحته المهمّة «المجتمع والسلطة والدين في المغرب في نهاية العصر الوسيط»[23]، حيث حاول من منطق داخلي للأحداث، أن يتجاوز الأحداث السطحية إلى أسبابها العميقة باستقراء ما أسماه بـ«الصمت المعبر» الذي يخدم البحث في المدى الطويل على شاكلة الطريقة البروديلية.
وهكذا درس محمد القبلي من الداخل تناقضات النظام المريني، ليصل في النهاية إلى الأسس المفسّرة لاحتضار هذا النظام، وميلاد نسق آخر وهو الشرف السعدي. ولم يوظّف في هذه الدراسة الفتاوى المتعلّقة بنوازل «المعيار» والتي تشكّل وبرأيه مصدرًا لا ينضب للمعطيات الاجتماعية والسياسية والدينية والثقافية بوجه عام، وإنما استعمل كذلك كتابات فقهية عامة لبعض فقهاء الفترة على غرار محمد العربي الفاسي الملقب بابن الحاج (ت: 1336م) وابن عباد (ت:1390م)، وزروق (ت:1493م).
ولقد شكّلت هذه النصوص الفقهية بالنسبة للباحث مادة تاريخية لا تقلّ أهميتها عن المصادر الأخرى، وذلك بالنظر إلى كون تلك الفتاوى «ترتبط بالواقع ارتباطًا وثيقًا وذلك لأنها معدّة للتطبيق اليومي، وأحيانًا لإصلاح الواقع، ولا تتجاهل الواقع الملموس والمثال المقتبس من الحاضر أو الماضي القريب، بل لا تتجاهل الرقم أحيانًا»[24].
من جهته محمد مزين -وهو الباحث المغربي الذي تمرّس أكثر من مرّة بالفتاوى وشكّل مثالًا في تتبّع استعمال النوازل الفقهية في الكتابات التاريخية المغربية- اعتمد هو الآخر في دراسته حول «فاس وباديتها»[25]، على النصوص النوازلية وهي مواد أثبت خصوبتها بالنسبة للبحث التاريخي المغربي المعاصر.
وقد لجأ الباحث محمد مزين إلى هذه النوع من النصوص لسدّ الثغرات التي تطرحها المصادر التقليدية، وأن «هذا النوع من المصادر هو عكس السابق (المصادر التقليدية) من حيث القضايا التي يوردها عبارة عن نوازل عرضت على المفتي بفاس. وهي تصف للقارئ أسباب وقوع القضية وملابساتها، وهي بالتالي تطرح أمام الباحث معطيات يستحيل الوصول إليها بدونها.
فالنزاعات حول توزيع المياه وبيع وشراء الأراضي والإرث والمعاملات التجارية في إنتاج الأرض وغير ذلك، كله يمكن الوقوف عليه في هذه الكتب وبالخصوص في كتاب «المعيار» للونشريسي، و«الجواهر المختارة» للزياتي، و«العمل الفاسي» لأبي زيد عبد الرحمن الفاسي...»[26].
اتّبع محمد مزين من الناحية المنهجية مسلكًا منهجيًّا «يجمع بين تقصِّي المعلومات الواضحة والصريحة عبر هذه المصادر، ثم بنائها حسب تصميم يعتمد التسلسل الكرونولوجي والتحليل الاقتصادي»[27].
هكذا إذن يكون الباحث محمد مزين قد أرَّخ فعلًا لاستغلال الفتاوى في الكتابات التاريخية المغربية المعاصرة، وخاصّة في بحثه المهم حول «حصيلة استعمال النوازل في الكتابة التاريخية»، والذي خلص فيه إلى أن كتب النوازل قد استعملت من لدن أصحاب الاتجاه الجديد في الكتابة التاريخية المغربية كمصدر يعبّر عن بُنى اقتصادية واجتماعية وفكرية، أو أنها قرئت قراءة تمثيلية، أي كل نازلة تمثّل ظاهرة متفشية في المجتمع المدروس على المدى الزمني الطويل، وعلى المجال المكاني الواسع. كما أن كل هذه الاستعمالات لكتب النوازل كانت للتعبير عن تطوّر، وعن ارتباط المجالات المغربية وتكاملها وتشابه بنياتها[28].
غير أن تلك الطفرة في استعمال الفتاوى قد تقلّصت كثيرًا منذ ثمانينات القرن الماضي، بفعل عوامل ذاتية وموضوعية يلخّصها محمد مزين في النص التالي: «إن بعض المهتمّين بالتاريخ المغربي عبر كتب النوازل الفقهية، أخذوا يبحثون عن مخرج لما يمكن أن نطلق عليه أزمة جراء قلّة المصادر النوازلية المحقّقة، أو عدم توفير منهج واضح لاستعمال تلك الكتب، والناجم بدوره عن الخلل في تكوين الباحثين في ميدان التاريخ»[29].
وللحدّ من الفتور أو النقص الذي عرفه مجال النصوص الفقهية المحقّقة، فقد اتّجه اهتمام بعض الباحثين إلى تحقيق بعض الفتاوى والنوازل على غرار ما قام به التهامي الزموري في دراستة وتحقيقه القسم الخاص بالحسبة من «نوازل ابن سهل»، ونشرت المقدّمة والنص العربي بتقديم من كلود كاهين ومقدّمة نقدية لحليمة فرحات في المجلد 14 من مجلة هسبيريس تامودا سنة 1973.
أما عبد العزيز خلوف فقد قام تحت إشراف روجي إدريس سنة 1978 بتحقيق ودراسة مجموعة من النوازل مستخرجة من «جامع مسائل الأحكام» للبرزلي. وقد أوضح في تقديمه لهذا العمل المنشور بمجلة كلية الآداب بالرباط[30]، وفي مقال له عن قيمة فقه النوازل التاريخية[31]، أهمية هذا النوع من النصوص حيث اعتبر فقه النوازل مصدرًا تاريخيًّا ومنجمًا ثريًّا بالنسبة للبحث التاريخي، وذلك بالنظر إلى واقعية النص الفقهي الذي يكون شاهدًا ووثيق الصلة بالفترة الزمنية التي عاصرها المفتي، وهي تفيد المؤرّخ الاجتماعي في المجالات الحياتية التي تمسّها من قريب.
ومن بين الأبحاث التاريخية الجادّة التي حاولت هي الأخرى استغلال النوازل الفقهية، نجد البحث المتميّز الذي قام به عمر بنميرة في رسالته «النوازل والمجتمع مساهمة في دراسة تاريخ البادية بالمغرب الوسيط» والتي اعتمد فيه بشكل يكاد يكون كليًّا على النوازل الفقهية، وفي مقدّمتها كتاب «المعيار» والذي يعتبر في نظر الباحث قطب المصنفات المغربية في أدب النوازل[32].
ولا يقف الأمر عند هذا الحدّ، بل إن الباحث قد أظهر كفاءة عالية فيما يتعلّق بمنهجية استغلال هذا النوع من المصادر والتي لم توضع أصلًا لكي يستعملها المؤرّخ؛ فمن المعروف أن كتب النوازل والفتاوى هي نصوص جمعت من أجل الفقهاء والمشتغلين بالفقه، ولذلك فهي لا تهتمّ بعامل الزمن أو المكان إلَّا نادرًا. ولعل هذا الأمر هو ما يفسّر أيضًا صعوبة استغلال الفتاوى أو النوازل باعتبارها مستندات قانونية.
وعلى غرار عمر بنميرة أظهر محمد فتحة هو الآخر في أطروحته «النوازل الفقهية والمجتمع أبحاث في تاريخ الغرب الإسلامي من القرن 6 إلى 9هـ/12-15م» نجاعة كبيرة فيما يخصّ استعمال النصوص النوازلية، ليس فقط على مستوى الرصيد الذي تجمع لدى الباحث من مجاميع الفتاوى وهي في هذه الباب كثيرة[33]، وإنما أيضًا من الناحية المنهجية حيث أسهم الباحث في تقديم قراءة منهاجية للنوازل الفقهية واقفًا بشكل متأنٍّ عند مسألة بالغة الدلالة وترتبط بالفصل بين الخطاب التاريخي والخطاب الفقهي.
رابًعا: النوازل الفقهية والبحث التاريخي..
صعوبة الاستثمار وإشكالية التناول
إذا كان جلّ المؤرّخين قد أجمعوا على أهمية النوازل الفقهية في البحث التاريخي، فإن معظم هؤلاء ما فتئوا يؤكّدون أيضًا على بعض الصعوبات أو المشاكل التي تعتري هذا النوع من التآليف، ولعل أبرزها هي مسألة الحدود الفاصلة بين الفقه والتاريخ داخل النازلة. ويعدّ الوعي بهذه المسألة شرطًا أساسيًّا في التعامل مع هذا النوع من الأدبيات أو المصادر[34].
يعتبر استعمال النوازل للغة الفقهية من أهم الصعوبات التي تعتري المؤرّخ وهو يروم استغلال هذا النوع من النصوص، والأمر لا يقتصر هنا على ضرورة التمكّن من نواصي اللغة العربية فحسب، وإنما الإلمام أيضًا بتخصّص آخر رديف وهو فقه اللغة، باعتباره يسهّل على المؤرّخ عملية الإحساس الدائم بالمسافة الزمنية والمعرفية، التي تفصل بينه وبين عالم الفقيه.
إن المشتغل في مجال النوازل الفقهية يجد نفسه أمام مفاهيم ومصطلحات وتراكيب لغوية ذات امتدادات قانونية واجتماعية يختلط فيها المعياري بالواقعي؛ «فالفقيه يمارس القانون عبر لغة استعمال لغة مستمدة من عالمه الفكري، وانطلاقًا منها يمارس عملية تحليله للوقائع التي تطرح عليه، مستفيدًا ممّا وفّره له الشرع الإسلامي من مفاهيم نظرية غنية، والتي كان على أساسها يبتّ في القضايا التي كانت تطرح عليه على صورة قضايا أو نوازل»[35].
وإلى جانب مشكل اللغة الفقهية المميّزة للنصوص النوازلية، فإن استغلال هذا النوع من النصوص أو المصادر يثير أيضًا إشكالًا حقيقيًّا آخر يتعلّق بما هو واقعي وبما هو افتراضي.
إن ما نعنيه بالواقعي هنا هو تلك النوازل التي تضمّنت أجوبة المفتي أو الفقيه على أسئلة الناس. وإذ تكسو النازلة هنا صفة الواقعية فلأنها لا تهتم إلَّا بقضايا وقعت ونزلت بالفعل. ولا يكون الحكم في النازلة واقعيًّا أي مقبولًا وقابلًا للتطبيق بين الناس إلَّا إذا كان المجتهد أو الفقيه قد عرف واقعهم، وفهم ظروفهم وأحوالهم ومشكلاتهم.
وتبدو واقعية النازلة حسب عمر بنميرة من خلال عدّة عناصر، كأن يذكر المستفتي أو الفقيه مكان أو زمان النازلة، أو هما معًا، أو يذكر الأشخاص المتنازعين حول قضية ما، أو ترد في سياق السؤال أو الجواب عبارات صريحة من قبيل «وهذه النازلة كثيرة الوقوع عندنا»، أو «جرت العادة بالبلد» أو «الحالة عندنا الآن» إلى غير ذلك من العبارات[36].
كما أن البنية اللغوية للسؤال كثيرًا ما تدل على بعض عناصر واقعية النازلة، حيث يبدو أن المستفتي من العوام، فيستعمل عبارات من اللغة العامية، ذات تراكيب ركيكة تطبعها التلقائية[37].
وعمومًا فإن هناك مجموعة من القرائن التي يمكن اعتمادها كمؤشّرات للتأكّد من واقعية النازلة، كأن يلحق المستفتي سؤاله بمجموعة من الوثائق مثل العقود أو الرسوم والتي يوضّح بها قضيته، وغالبًا ما تكون هذه العقود، المثبتة إما جزءًا أو كلًّا، مذيّلة بأسماء الشهود والقضاة الذين صادقوا عليها.
كما أن تتعدّد الإجابات حول مشكلة اجتماعية معينة، هو مؤشّر آخر يدلّ على واقعية النازلة، حيث إن وجود أو مشاركة أكثر من فقيه في معالجة قضية ما كثيرًا ما يعني أنها كانت مطروحة بحدّة، أو أن يدمج المفتي ضمن جوابه أمثلة ملموسة مستمدة من محيطه الاجتماعي[38].
وبخلاف ما هو واقعي فإن المؤرّخ يجد نفسه أيضًا أمام نوازل فقهية قد يصعب التحقّق من واقعيتها، وذلك بالنظر إلى عدّة مؤشّرات والتي تؤكّد فعلًا على أنها كانت افتراضية، أي عبارة عن أسئلة طرحت من قبل أشخاص معيّنين على المفتي ليدلي فيها برأيه، وعادة ما يطرح هذا النوع من النوازل -حسب عمر بنميرة- من قبل طلبة المفتي، أو من قبل بعض الفقهاء من زملاء المفتي[39].
وكثيرًا ما تأخذ هذه النوازل أيضًا صورة أسئلة أو استشكالات حول جانب من جوانب الفقه، أو حول بعض المفاهيم المستعملة من قبل كبار الفقهاء[40].
ويعتبر توطين النوازل الفقهية في الزمان والمكان من أصعب المشاكل التي يواجهها المؤرّخ عند محاولته استغلال هذا النوع من المصادر، ومعظم المؤرّخين المغاربة الذين حاولوا استغلال هذا النوع من النصوص هم مقتنعون تمامًا بأهمية هذا المشكل؛ ذلك أن أغلب النوازل يصعب توطينها زمنيًّا.
ولعل هذا المشكل يطرح -وحسب أحمد التوفيق- بالخصوص بالنسبة لكل من يريد التأريخ لفترة تاريخية قصيرة[41]؛ لأنه في غياب مؤشّرات تاريخية واضحة فإن أيَّ اعتماد على المادة النوازلية قد يكون أمرًا محفوفًا بالكثير من المخاطر والإشكالات المنهجية.
والواقع أن مشكل الزمن في النازلة لا يتوقّف عند هذا الحدّ، بل إنه يظهر على الخصوص عند محاولة تتبّع إيقاعات التطوّر الذي قد يكون انتاب بعض بنيات المجتمع، فالنوازل ظلّت تطرح مشاكل يبدو وكأنها متشابهة[42].
من هنا تبدو أهمية الدعوة إلى وضع هذه النوازل في إطار زمن خاص، وذلك بهدف إخراج هذه النوازل من زمانها الفقهي الذي تطبعه الأبدية والسرمدية إلى الزمن التاريخي.
وعلاوة على صعوبة تحديد زمن النازلة، فإن الأمور تتعقّد أكثر عندما يصبح من العسير أيضًا تحديد مكان النازلة ومعظم النوازل لا تشير إلى هذا العنصر. والحال هنا هو أن معرفة ترجمة المفتي وبأكبر قدر ممكن من التفاصيل (من ذلك مثلًا: تاريخ وفاة المفتي وتنقّلاته والأماكن التي استقرّ بها والوظائف التي شغلها وإشعاعه العلمي ومشايخه وتلامذته، تصبح أمرًا ضروريًّا لأنها مفتاح النازلة بل إنها قد تساعد كذلك على تأطير النازلة[43].
ولا تقف الصعوبات التي تثيرها النوازل الفقهية عند هذا الحدّ، بل إنها غالبًا ما كانت تعكس أوضاعًا تاريخية يختلط فيها البنيوي بالظرفي إشكالية الخاص والعام[44].
على سبيل الختام
في نهاية هذا التحليل يمكن التأكيد بأن قراءة النصوص النوازلية ليست بالأمر الهيِّن، فمسائلها لا تكشف عن قيمتها بمجرّد النظرة الخاطفة أو السريعة، كما أن التعامل معها يستلزم في واقع الأمر استحضار كل الصعوبات أو المشاكل التي يثيرها النص النوازلي، وخاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن كتب الفتاوى لم توضع أصلًا لكي يستعملها المؤرّخ.
وفي هذا السياق، من أجل تحليل النازلة كان لا بد للمؤرّخين المغاربة من ضرورة الإلمام بعلم أصول الفقه ولاسيما بالمباحث المتعلّقة بدلالة الألفاظ والتراكيب في معانيها الوضعية ومعانيها الاصطلاحية، وقراءة كتب النوازل قراءة رمزية تأويلية إلى جانب القراءة الأفقية السطحية التي ظلّ عليها الاعتماد حتى الآن، وما تتطلّبه تلك القراءة التأويلية من ضبط القاموس الفقهي وتطوّره والتمرّس بتقنيات البحث المعاصرة مثل استخدام الحاسب الإلكتروني، وعلم الإحصاء وغيرها والعمل الجماعي في مختبر متعدّد الاختصاصات.
[1] محمد بن شريفة، وقائع أندلسية في نوازل القاضي عياض، مجلة دعوة الحق، العدد 264، أبريل - مايو 1987، ص94.
[2] عمر الجيدي، محاضرات في تاريخ المذهب المالكي في الغرب الإسلامي، الدار البيضاء: منشورات عكاظ، 1987، ص94.
[3] محمد المغراوي، مسائل العملة والصرف والأسعار في العصر المرابطي من خلال فتاوي ابن رشد، ضمن كتاب: التاريخ وأدب النوازل، تنسيق: محمد المنصور ومحمد المغراوي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1995، ص59.
[4] من أمثلة ذلك ما قام به المستشرق إميل عمار (Emil Amar)من ترجمة وتحقيق لقسم هام من كتاب: المعيار للونشريسي نشرها في المجلدين 12 و 13 من Archives Marocaines لسنتي 1908-1909، ولوبنياك (Victorien Loubignac) الذي ترجم الفصل الخاص بالشفعة من كتاب: شرح العمل الفاسي للسجلماسي، ونشره سنة 1939 في مجلة هسبيريس.
[5] Claude Cahen, Introduction à l’histoire du monde musulman médiéval: VIIe-XVe siècle, paris, éditions Maisonneuve, 1982, p.77.
[6] مثل أطروحة التهامي الزموري للسلك الثالث، المكرّسة لتحقيق ودراسة القسم الخاص بالحسبة من نوازل ابن سهل، وقد قام كوهن نفسه بالتعاون مع حليمة فرحات بالتقديم لهذا العمل والتعقيب عليه ونشره في مجلة هسبيريس سنة 1973.
[7] Mohammed Kably, Société, pouvoir et religion au Maroc à la fin du Moyen Âge (XIVe siècle-XVe siècle) Paris, Maisonneuve et Larose, 1986.
[8] Robert Brunschvig, La Berbérie orientale sous les Hafsides, des origines à la fin du XVe siècle, Paris, Adrien Maisonneuve, 1940.
[9] Jacques Berque, «En lisant les Nawâzil Mazouna», Studia Islamica, XXXII, 1970. Voir et de même auteur, «Retour à Mazouna», Annales ESC, XXVII (1), jan.-fév. 1972.
[10] عبد الرحيم عدناوي، أعمال جاك بيرك بين الاستشراق والواقعية التاريخية، مجلة أبحاث، العدد 27، السنة الخامسة، 1991، ص 12.
[11] تعني كلمة إسطوغرافيا الكتابة والدراسة التي تتناول هذه الكتابة، وقد قمنا أحيانا باستبدال مصطلح الكتابة التاريخية بمصطلح إسطوغرافيا، وهو مصطلح كان قد استعمله بهذه الصيغة عبد الله العروي، حيث يوضّح ذلك قائلًا: «نتكلّم عن إسطوغرافية موضوع ما، وهي مجموع ما أُلِّف فيه، و أما عن الإسطوغرافيا بصفة عامة فهي مجموع ما كتب في حقل التاريخ، وعرّبناه بالتاريخيات». انظر: عبد الله العروي: مفهوم التاريخ، الجزء الأول، الألفاظ والمذاهب، الدار البيضاء - بيروت: المركز الثقافي العربي، 1997، ص196.
[12] محمد مزين، حصيلة استعمال كتب النوازل الفقهية في الكتابة التاريخية المغربية، ضمن كتاب: البحث في تاريخ المغرب: حصيلة وتقويم، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1989، ص74.
[13] Abdallah Laroui, L’Histoire du Maghreb: un essai de synthèse, Paris Maspéro, 1970, p. 112.
[14] Ibid., p. 224.
[15] محمد مزين، حصيلة استعمال كتب النوازل الفقهية في الكتابة التاريخية المغربية، مرجع سابق، ص78-80.
[16] أحمد التوفيق، المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر (اينولتان 1850- 1912)، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 2011، ص39.
[17] المرجع نفسه، ص40.
[18] المرجع نفسه، والصفحة نفسها.
[19] Larbi Mezzine, Le Tafilalt contribution à l’histoire du Maroc aux XVIIe et XVIIIe siècle, Publications de la Faculté des Lettres et des Sciences Humaines -Rabat, 1987, p. 77 - 78.
[20] Ibid., p.77 - 78.
[21] نشرت هذه الدراسة لأول مرة في مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، العدد 3-4 (مزدوج)، 1978، وأعيد نشرها في كتاب للمؤلف نفسه تحت عنوان: مراجعات حول المجتمع والثقافة في المغرب الوسيط، الدار البيضاء: دار توبقال للنشر، 1987، ص79-126.
[22] وظّف القبلي أكثر من عشرة نوازل بهذا الصدد منها ما يتعلّق بالسب والقدح في النسب الشريف والتنصّر جراء ذلك، وقد خلص المؤلّف إلى القول: «والملاحظ أن هذه النوازل قد بدأت ضئيلة تدخل في حكم النادر في منتصف القرن الثامن، ثم أخذ عددها يتزايد في القرن التاسع. والملاحظ أيضا أن الأحداث التي تعكسها هذه النوازل قد وقعت في مختلف عواصم المغرب ولم تقع في فاس وحدها، ومعنى هذا ولا شك أن مشكل علاقات الأشراف بغيرهم من فئات المجتمع كان مطروحًا في سائر أقطار الشمال الإفريقي. ومع ذلك فإن المفروض مبدئيًّا أن المشكل لم يكن قائمًا بنفس الأسلوب في مختلف العواصم وإنما كان أشدّ حدّة بفاس منه بتلمسان والقيروان، بسبب العلاقات الخاصة التي ربطت الأشراف في الماضي بالمرينيين دون غيرهم من حكّام المغرب الكبير». محمد القبلي: مساهمة في التمهيد لظهور دولة السعديين، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، عدد 3-4، 1978، ص115.
[23] Mohammed Kably, Société, pouvoir et religion au Maroc à la fin du «Moyen Âge» (XIVe siècle-XVe siècle) Paris, Maisonneuve et Larose, 1986.
[24] Ibid., p. 31.
[25] محمد مزين، فاس وباديتها مساهمة في تاريخ المغرب السعدي، الرباط: منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 1986.
[26] المرجع نفسه، ص: 15.
[27] المرجع نفسه، ص: 16.
[28] محمد مزين، حصيلة استعمال كتب النوازل الفقهية في الكتابة التاريخية المغربية، مرجع سابق، ص83.
[29] المرجع نفسه، ص: 86.
[30] تحقيق مخطوطة «جامع مسائل الأحكام» للبرزلي، العدد 5-6، مزدوج، 1979، ص175-177.
[31] ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺧﻠﻮف، ﻗﻴﻤﺔ ﻓﻘﻪ اﻟﻨﻮازل اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ، مجلة البحث العلمي، السنة 16، العدد 29-30، سنة 1979، ص73-81.
[32] عمر بنميرة، النوازل والمجتمع مساهمة في دراسة تاريخ البادية بالمغرب الوسيط، الرباط: منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2012، ص 29.
[33] محمد فتحة، النوازل الفقهية والمجتمع، أبحاث في تاريخ الغرب الإسلامي من القرن 6 إلى 9 هـ/12-15م، عين الشق - الدار البيضاء: منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 1999، ص9-15.
[34] محمد استيتو، النوازل وطبيعة مصادرها وحدود توظيفها في الكتابة التاريخية، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وجدة، رقم 7، العدد الخامس، 1995، ص127.
[35] عمر بنميرة، النوازل والمجتمع مساهمة في دراسة تاريخ البادية بالمغرب الوسيط، مرجع سابق، ص52.
[36] المرجع نفسه، ص53.
[37] المرجع نفسه والصفحة نفسها.
[38] المرجع نفسه والصفحة نفسها.
[39] المرجع نفسه والصفحة نفسها.
[40] المرجع نفسه.
[41] أحمد التوفيق، المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر (إينولتان 1850- 1912)، مرجع سابق، ص39.
[42] المرجع نفسه، والصفحة نفسها.
[43] محمد فتحة، النوازل الفقهية والمجتمع، أبحاث في تاريخ الغرب الإسلامي (من القرن 6 إلى 9هـ/ 12 - 15م)، مرجع سابق، ص20.
[44] عمر بنميرة، النوازل والمجتمع مساهمة في دراسة تاريخ البادية بالمغرب الوسيط، مرجع سابق، ص57.