شعار الموقع

الحس مصدر للمعرفة وطريقة لها رؤية قرآنية تربوية

احمد محمد الدغشي 2004-10-14
عدد القراءات « 896 »

مقدّمة:

يمثل القرآن الكريم ـ بالنسبة للمسلم ـ عقيدة كلية، تعمل على تحديد تصوره إلى الإنسان والكون والحياة، نظراً لما يزخر به من قضايا وأفكار وموضوعات، ذات أبعاد خالدة، استوعبت الماضي، وتجاوزت إلى الحاضر، وامتدت بآفاقها نحو المستقبل، وفق منهج متميّز يمكن وصفه بمنهج الاستيعاب والتجاوز. ويظهر للباحث في ميدان التربية الإسلامية مدى صلة القرآن الكريم ـ بوصفه معيناً ثرّاً ـ بمعالجة مشكلات المجتمع، ثقافية كانت أم أخلاقية، أم سواها، بحسبانها جميعاً تداعيات تلقائية لتربية خَرِبة، أو ضعيفة في أحسن الأحوال.
وتمثل نظرية المعرفة واحداً من المباحث الثلاثة الرئيسة للفلسفة العامة، كما يمثل الحسُّ فيها واحداً من مصادر المعرفة وطرائقها الرئيسة المعتمدة، ذلك أن نظرية المعرفة تعني البحث في طبيعة المعرفة، ومصادرها وطرائقها، وإمكان الحصول عليها أو حدودها. وهو ما يمكن أن ينعكس بدوره على جوانب النظرية التربوية وبعض من عناصر النظام التربوي بوجه عام على نحو موجّه وهادف.
والباحث المسلم يعنيه ـ بالمقام الأول ـ رؤية فلسفة التربية الإسلامية لقضية المعرفة من شتى جوانب نظرية المعرفة، وكيف له أن يفيد منها في واقع التربية الإسلامية المعاصر بما يلبّي حاجة المسلم المعاصر في إطار مجتمعه الإسلامي، بغية إحلال عناصر نظرية التربية الإسلامية المنشودة، محل نظريات الاستلاب والتغريب الثقافي والحضاري، المشتتة لذهن النشئ والمعيقة لانطلاقته المسؤولة من ذاته الحضارية وهويته العقدية. ولكننا سنقتصر في هذه الدراسة على جزئية منها تتعلق بمصادر المعرفة وطرائقها الحسية.
مسلّمة الدراسة:
تنطلق هذه الدراسة من مسلّمة رئيسة فحواها أن المعرفة القرآنية تتسم بالشمول والتكامل والخلود والإطلاقية، على نحو يدفع الباحث للعمل على استنطاق نصوص الوحي الإلهي (القرآن الكريم) لاستخراج رؤيته لمصادر المعرفة وطرائقها الحسية، بما ينعكس على واقع التربية الإسلامية، إسهاماً في بلورة نظريتها المعاصرة.

أهمية الدراسة:

تكمن أهمية الدراسة فيما يلي:

1ـ السعي نحو الإسهام في تجسيد أحد مصادر النظرية التربوية الإسلامية وطرائقها من خلال دراسة الرؤية القرآنية للحس.
2ـ السعي نحو تطبيق الإطار المعرفي النظري المتصل بمصدرية الحس وطريقته، باستخلاص التضمينات التربوية التي يمكن أن يفيد منها في واقع النظام التربوي القائم.

هدف الدراسة:

تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن المصدر الحسي في القرآن وطريقته، وما يتضمنه من جوانب تربوية.

منهج الدراسة وإجراءاتها:

تتبع هذه الدراسة المنهج الأصولي القائم على الوصف والاستنباط، وأعني بالمنهج الأصولي الاستناد إلى نصوص الوحي (القرآن الكريم) ذات العلاقة بموضوع الدراسة لاستنطاقها(1)، وفق طريقة الوصف الاستنباط. ولتنفيذ ذلك تم حصر الآيات القرآنية ذات العلاقة، في سياقها الموضوعي الذي وردت فيه ثم جمعت وصنفت تصنيفاً موضوعياً دون أن تستند البتة إلى الطريقة المعجمية التقليدية. تم الاعتماد على قاعدتي «كل عام يبقى على عمومه حتى يأتي ما يخصصه» و«العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب». فالقاعدة الأولى استند إليها الطبري (ت:310هـ) في تفسيره «جامع البيان» كمنهج مطرد(2). أما القاعدة الثانية فقد نص عليها ابن تيمية في مقدمته الشهيرة في أصول التفسير(3). هذا مع الإشارة إلى أن ثمة اعتماداً رئيساً على المصادر التفسيرية المختلفة، بعد أن أعدَّ الباحث قائمة بالآيات ذات العلاقة بهذه الجزئية وغيرها مما له صلة بنظرية المعرفة، وقد بلغت 60 صفحة (فولسكاب) وذلك بهدف عرضها على لجنة خبراء (مُحَكّمين) للاستئناس بآرائهم حول مدى الدقة في الاستشهاد بتلك الآيات، ونظراً لضعف التفاعل معها من قبل هذه اللجنة المقترحة، فقد طَفِقْت إلى المصادر التفسيرية مع توجيه مناسب للنصوص ذات العلاقة والتي ضمّتها القائمة المشار إليها. ومن ثم عمدت إلى استخراج واستنباط المضامين التربوية المباشرة التي تضمنها الحسّ، مثبتاً لذلك في سياقه الطبيعي عبر متن الدراسة.

محددات الدراسة:

تقتصر هذه الدراسة على بحث مصدرية الحس وطريقته في القرآن الكريم وما يتعلق بذلك من مضامين تربوية فحسب دون التطرق إلى المصادر والطرائق الرئيسية الأخرى من عقل ووحي ـ إلا إشارة تتعلق بتكامل الحس مع العقل ـ، أو الثانوية من إلهام وحسد ورؤيا صادقة، أو التطرق إلى مصدرية الحس وطريقته في السنة النبوية أو الميراث الإسلامي.

الدراسات السابقة:

بحسب إطلاع الباحث واستقصائه لما كتب حول موضوع «الحس» بوصفه مصدراً للمعرفة واداة لها من الوجهة القرآنية التربوية فلم يعثر على أي دراسة بهذا المعنى وفق المفهوم الصارم الدقيق للدراسات السابقة، بيد أن ثمة دراسات أكاديمية عامة تناولت أجزاء من الموضوع على نحو يختلف من دراسة لأخرى. وفيما يلي أشير إلى دراستين منهما:
الدراسة الأولى: «نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة» لراجح الكردي، وهي أطروحة دكتوراة تقدم بها الباحث إلى قسم العقيدة والفلسفة ـ كلية أصول الدين ـ جامعة الأزهر الشريف بمصر عام 1399هـ 1979م. وواضح أن الدراسة هدفت إلى تسليط الأضواء على منهجي القرآن والفلسفة في النظر إلى مباحث نظرية المعرفة، ومنها المصدر الحسي، وفق منهج مقارن يعتمد هيمنة الرؤية القرآنية ومرجعيتها الحاكمة. وقد خلصت الدراسة إلى جملة توصيات من أبرزها: ضرورة توجيه الدراسات العقدية والفلسفية في الأقسام المتخصصة نحو نصوص القرآن الكريم، لإمداد تلك الدراسات بالمادة الثرة، كل بحسب دراسته.
الدراسة الثانية: «مصادر المعرفة في الفكر الديني والفلسفي: دراسة نقدية في ضوء الإسلام» لعبد الرحمن الزنيدي، وهي أطروحة دكتوراة تقدم بها الباحث إلى قسم الثقافة الإسلامية بجامعة محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، عام 1408هـ. ويتضح من سياق الدراسة أنها هدفت إلى الكشف عن تلك المصادر بين الدين والفلسفة، ومنها المصدر الحسي وفق منهج مقارن يعتمد هيمنة الرؤية القرآنية ومرجعيتها الحاكمة كذلك. وخلصت الدراسة إلى تقرير أن الفكر في إطاره الفلسفية لم يحقق سعادة الإنسان نتيجة الابتعاد عن هدى الله، حينما ركن إلى العقل البشري وحده، في مجالات لم يزود بما يؤهله لبلوغ الحقيقة فيها. وفي ضوء هذه النتيجة الكلية أوصى الباحث بدعوة المتخصصين في مجال الفلسفة إلى تبني مصدرية الوحي الإلهي فيما يتصل بمصدرية المعرفة لتجاوز الحيرة والاضطراب الفكري الحاصل حتى الآن.

الحس مصدر وطريقة:

يُشكِّل موضوع المصادر والطرائق ـ بصورة عامة ـ أهمية خاصة بالنسبة للتربية الإسلامية، لأنه يتصل ببناء فكر الأمة وتوجهها الحضاري من أجل إعادة بنائها، افراداً وجماعات. لانطلاقها من الجذور الأصلية والاتجاهات والقيم، التي كان لها أكبر الأثر في تاريخنا(4) بيد أن الدارسين لموضوع المصادر والطرائق ليسوا على كلمة سواء، فيما يتصل بتصورهم لهذه المصادر والطرائق، أكان ذلك من حيث الاتفاق على إطلاق هذا المصطلح على المصادر والطرائق معاً، أم التمييز بين كل منهما والأخرى، على معنى أنهما اسمان لمسمى واحد، أو أن المصادر شيء والطرائق شيء مختلف تماماً. ونقتصر على الحس في هذه الدراسة دون بقية المصادر والطرائق الأخرى التزاماً بموضوعها العام ومحدداتها المنهجية. بداية يشير أحد الباحثين إلى أن الفلسفة تستعمل مصادر المعرفة وتعني بها طرق المعرفة أو وسائلها. أما في التصور الإسلامي، فليس المراد به طرقها، ذلك أن مصدر الشيء أصله، ولما كان أصل المعرفة عندنا ربانياً {علم الإنسان ما لم يعلم} (العلق: 5) فذلك يؤكد أن ليس المراد بالمصادر الطرائق عندنا في التصور الدقيق(5). ولكن الباحث ذاته ما يلبث أن ينص في السياق ذاته على إمكان الإصطلاح على أن المصادر يمكن أن تستعمل بمعنى الطرائق بفارق جوهري هو أنها منضبطة عندنا بإقدار الله عز وجل وتمكينه لهذه الوسائل، كي تؤدي دورها المعرفي. وهذا ما ليس واضحاً في المفهوم الفلسفي الغربي(6). وهذا الاستدراك من الباحث ذاته يشعر بأن الحكم الذي أصدره بحق المصادر والطرائق بداية الأمر ليس دقيقاً تماماً، مما دفعه إلى المراجعة السريعة. ولذلك فهناك من يفسر المصدر، بأنه يعني المنبع والأصل والمعبر الذي يصل منه إلى هذه المعارف(7). وعلى هذا درج بعض الباحثين في استخدامهم للمصادر في سياق الحديث عن الطرائق والعكس، كما نلاحظ ذلك عند أحدهم حين عرض لمنهج ابن تيمية (ت: 728هـ) في النظام المعرفي فوصفه بالتكامل «بين مصادر المعرفة: الوحي والعقل و الحواس»(8) وفي موطن لاحق عبر بالمصادر والوسائل معاً بوصفهما اسمين لمسمى واحد فقال: «إن إسقاط أي مصدر أو وسيلة من وسائل المعرفة (الوحي أو العقل أو الحس) أو جعله بديلاً أو مقابلاً لغيره سوف يلحق بالمعرفة كثيراً من الإصابات الفكرية»(9).
وتتابع الدراسة الحالية هذا الاتجاه، وتحدد اصطلاحاً يضمهما (المصادر والطرائق) معاً، ويمكن صياغته على النحو التالي: المقصود بالمصدر أو الطريقة: ذلك الأصل الذي يستقي منه الباحث المسلم معرفته والطريقة التي يتعامل بها مع الظواهر المختلفة.
ويبدو أن بعض الباحثين لايستسيغ بادي الرأي إدراج الحس ضمن مصادر المعرفة، إذ هو في نظر بعضهم وسيلة لا أكثر(10) بخلاف العقل الذي يمثل مصدراً لها ووسيلة في آن واحد(11). ولكن ذلك اصطلاح خاص بصاحبه ليس غير. وإن تعجب فاعجب لمن يستكثر على الحس أن يكون مصدراً للمعرفة، في حين أنه عد الشيطان مصدراً للمعرفة لأنه «يسترق السمع ويوحي إلى أوليائه»(12). كما ساوى بين وسائل المعرفة المعتبرة من عقل وحسن وبين الكشف(13)، مدرجاً الإلهام ضمن مصادر المعرفة المعتبرة من وحي وحس وعقل، دون أن يفرِّق بين هذه الثلاثة بوصفها مصادر رئيسة، والإلهام الذي يسميه الباحث (الكشف) بوصفه مصدراً ثانوياً محكوماً بتلك المصادر. وجمهور العلماء لايجيزون العمل بالإلهام إلا عند فقدان الحجج كلها في باب المباح(14).
وصفوة القول: إن ألفاظاً مثل المصادر والطرائق من قبيل المعاني التي يصدق عليها الاجتماع والافتراق، والاتفاق والاختلاف، بحيث تجتمع إذا هي افترقت، وتفترق إذا هي اجتمعت، أو تتفق إذا هي اختلفت، وتختلف إذا هي اتفقت، شأنها في ذلك شأن مصطلحات أخرى كالعلم والمعرفة، والتربية والتعليم، والقيم والأخلاق، والإيمان والإسلام. وذلك أن الباحث أياً ما حاول الفصل بين كل واحدة منها والأخرى فسيجد تداخلاً من نوع ما، يجعل من المتعذر قطع الخلاف، أو تحرير النزاع.

تعريف الحس:

الحس لغة: أصله من الصوت الخفي مأخوذ من قوله تعالى: {لايسمعون حسيسها} (الأنبياء: 102). وقال ابن الأثير الإحساس العلم بالحواس، وهي مشاعر الإنسان كالعين والأذن والأنف واللسان واليد. وحواس الإنسان: المشاعر الخمس وهي: الطعم والشم والبصر والسمع واللمس (15) .
وعرف الراغب الأصفهاني (ت: 502هـ) الحاسة بأنها «القوة التي بها تدرك الأعراض الحسية والحواس المشاعر الخمس،‏يقال حسست وحسيت وأحسست.. وأما أحسسته فحقيقته أدركته بحاستي، وأحسست مثله لكن حذفت إحدى السينين تخفيفاً‏نحو ظلت» (16) .
وفي الدراسات الفلسفية تعرف الحاسة بأنها «قوة طبيعية في الجسم وبها يدرك الإنسان والحيوان الأشياء الخارجة عنه،‏وما يطرأ على جسمه من تغيرات» (17) . وقد نشأ عن الاعتماد على وسيلة الحس ما عرف بالمذهب الحسي (Sensationalism) وهو مذهب «يرى أن الحواس هي المصدر الوحيد لجميع معارفنا، وهي وحدها التي تفصل في قيمة هذه المعارف. وهذا المذهب يرد المعقول إلى المحسوس،‏ومن أظهر القائلين به هوبز وكوندياك وهيوم.. ويقابل العقلانية (Rationalism)» (18) . ومعنى رده المعقول إلى المحسوس رؤيته إلى المعرفة على أنها إما إحساسات أو راجعة إلى إحساسات (19) . ويرجح أن (دي جيراندو) هو الذي ابتدع اصطلاح المذهب الحسي (20) .

الفرق بين الحس والتجريب

يرى بعض الباحثين أن المذهب الحسي ما هو إلا إحدى صور التجريبية (Empiricism) (21) ، إذ هو يقوم على أن الحس باب المعرفة الوحيد، وليس في العقل شيء لم يمر بالحس ابتداءً. ولهذا فإنهم ينكرون أن يولد العقل مزوداً بأفكار فطرية موروثة كما يرى العقليون. ووفق هذا المفهوم فإن التجريبيين يلتقون مع الحسيين، ولكنهم يختلفون عنهم في كون التجريبيين يرون أن فاعلية العقل تبدو في عملياته العقلية العليا كالتفكير فيما تنقله إليه الحواس من صور ذهنية، وتأليف أفكار من العناصر التي استمدها من التجربة،‏وهي أفكار لاوجود لها في العالم الخارجي (22) . ولكن لئن أرجع التجريبيون المعرفة إلى التجربة،‏وسواء كان ذلك مصدراً وحيداً للمعرفة،‏أم أساساً‏لها على الأقل، فذلك أيضاً‏هو مذهب الحسيين بجامع التقاء الطرفين في اعتبار الإدراك الخارجي، أي عن طريق الحواس أصل كل علم،‏ولكن لكون الحس أمراً يشمل الحواس الظاهرة والباطنة، فإن إدراك الأشياء الخارجية يسمى إحساساً، في حين يسمى إدراك الأشياء الباطنة تأملاً (23) . والتعبير الأدق أن المذهب الحسي يعتبر جميع المعارف قائمة على إدراك الحواس، ومن ثم ينقلها إلى العقل، أما الإتجاه التجريبي فيعتبر التجربة مصدراً‏وحيداً للمعرفة،‏وذلك من خلال المدركات الحسية. ومن هنا تدرك الصلة بين الحسية والتجريبية من زاوية كون الأولى تدخل في مجال التصور، في حين تدخل الأخرى في مجال التصديق (24) ، مع الأخذ في الاعتبار أن الحس يقوم على عنصري الملاحظة والتجربة، والفرق بينهما أن الملاحظة تقتصر على مشاهدة الأشياء على ما هي عليه في الطبيعة،‏بينما لابد أن يتدخل الباحث في مجال بحث التجربة (25) .

أنواع الحواس:

يكاد يجمع الدارسون لمصادر المعرفة الحسية وطرائقها، أو أولئك الذين عرضوا لها في أبحاثهم بأن الحواس لاتخرج عن نوعين هما:
أولاً: الحواس الظاهرة وهي خمسة أقسام: السمع والبصر واللمس والشم والطعم. ولم يخالف في ذلك ـ حسب معرفة الباحث ـ سوى الإمام الباقلاني (ت403هـ) حيث عدّ طرق العلم ستاً (26) : الحواس الخمس الظاهرة،‏وأضاف ما أسماه بالحاسة السادسة وهي عبارة عن «ضرورة تخترع في النفس ابتداءً، من غير أن تكون موجودة، ببعض هذه الحواس، كعلم الإنسان بنفسه وما يجده فيها من الصحة والسقم، واللذة والألم، والغم والفرح، والقدرة والعجز، والإرادة والكراهية، والإدراك والعمى، وغير ذلك مما يحدث في النفس، مما يدركه الحي إذا وجد به» (27) .
ثانياً: الحواس الباطنة، وقد تعدّدت عبارات الباحثين القدامى والمحدثين حيالها، فبعضهم يعبّر عنها بالإحساس الباطني كاللذة والألم،‏والفرح والحزن، والقوة والغضب (28) . أو الغضب والشهوة (29) أو الإحساس بالعطش والجوع والتعب ونحوها (30) .
وتوسّع آخرون فعدّوا الحواس الباطنة خمساً على النحو التالي:
1ـ الحس المشترك ويعني القوة النفسية العاكسة لجميع الصور المتسربة إليها عن طريق الحواس الخمس فتجتمع بالملموسات والمشمومات.. الخ فسميت بالحس المشترك، ومثالها رؤيتنا للشعلة التي تدار بسرعة دائرة مع أنها ليست كذلك في حقيقة الأمر.
2ـ الخيال: ويعني أن الصور التي ارتسمت بالحس المشترك إذا غابت فيمكن أن تتذكر بالرجوع إلى الخيال، ولذلك فالخيال خزانة الحس المشترك.
3ـ الوهم: ويعني القوة المدركة للمعاني الجزئية كالعداوة تدركها الشاة من الذئب.
4ـ الحافظة: وتعني أن ذهاب صور المعاني الجزئية في الوهم يمكن تذكرها بالرجوع إلى الحافظة،‏ولذلك تسمى خزانة الوهم.
5ـ المتخيلة: وهي التي تنسب بعض الصور إلى بعض ومثاله: صاحب هذا اللون له طعم كذا (31) . وبالتأمل فيما سبق يتبدى لنا أن الخلاف في التقسيم من قبيل اختلاف الألفاظ لا الحقائق، حيث يجمله بعضهم،‏ويفصله بعضهم الآخر، بما في ذلك تسمية الإمام الباقلاني للحاسة الباطنة بالحاسة السادسة من غير تقييد لها بحواس الباطن. بيد أن الخلاف الحقيقي هو في اعتبار العقل إحدى حواس العقل الباطنة،‏كما ذهبت إلى ذلك المدرسة الحسية الوضعية (32) ، وإن كان بعض الباحثين في إطار التربية الإسلامية وافق على ذلك باستناده إلى قول الله تعالى {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لاتعلمون شيئاً، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} (النحل: 78). فعد الأفئدة هي العقل المقرون بالسمع والبصر باعتبارها أبرز نعم الحواس، خصت بالذكر دون سواها، فاستوجبت الشكر، وترتب عليها مسؤولية إنسانية أمام الخالق جل وعلا: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا} (الإسراء: 36) (33) .
والحق أن هذا استنباط خاص لادليل قوياً يسنده. والاستدلال بآية النحل أو الإسراء يمكن أن يكون عاماً‏يشمل مصادر وأدوات المعرفة الحسية ممثلة بالسمع والبصر كإشارة إلى أهم الحواس الظاهرة، كما يشمل الأفئدة أو الفؤاد، كإشارة مقابلة لقوى العقل وعملياته العليا. إن دمج مصادر المعرفة وأدواتها سمعاً‏وبصراً‏وفؤاداً تحت قسم الحواس فحسب أمر ـ علاوة على عدم وجود مستند قوي يدعمه ـ يعطل إشارة كبرى من إشارات مظهر التكامل بين مصادر المعرفة الحسية والعقلية وادواتها، والتي يمتاز بها منهج القرآن الكريم في التعامل مع سائر الظواهر في عالم الشهادة، ومن المعلوم أن القرآن الكريم لم يأت على ذكر العقل باسمه المجرد أو مصدره (عقل) ولكن عبر عنه بصيغة الفعل تارة، وبأسماء مختلفة أخرى تارة ثانية.
وحاصل القول فيما يتعلق بتقسيم الحواس أنه لم يكن من منهج القرآن الكريم تقسيم الحواس إلى ظاهرة وباطنة. ولكنه أبرز منهجه في ذكر الحواس على أساس قيمتها المعرفية الإدراكية، إذ أظهر عملها، دون أن يتحدث عن تكوينها (34) .
ومن الناحية التربوية فلا يترتب على هذا التقسيم بحد ذاته آثار سلبية أو إيجابية، لأن المؤدى النهائي إنما هو إعمال الحواس في ميدان التربية على نحو يجلي وظائفها، ويحقق الغرض من وجودها، بوصفها مصادر وطرائق معتمدة وأساسية.

أهمية الحواس:

تحتل الحواس ـ بوصفها مصدراً للمعرفة وطريقة لها ـ أهمية لايقلّل من قدرها باحث منصف. فالحس أحد منافذ المعرفة إلى نفس الإنسان، ويكاد المرء العادي لا يعترف بسواها وسيلة لمعرفته، إذ إن معارفه كلها مبنية على ما رآه وسمعه ولمسه بنفسه. ومعظم حقائقه(truths) عن الدنيا الموضوعية، والدنيا الخارجية المحيطة به إنما هي مدركات حسية (35) .
ولاشك أن المعرفة الحسية تكون يقينية عندما يُقدّم الحس شهادته مؤكدة قاطعة بعد عمليات الإدراك الحسي المتواترة، والمتفقة مع شهادات الحواس الأخرى، وشهادات الآخرين من غير أن تتعارض مع أصل من أصول العقل وقوانينه (36) ، مع أن بعض الباحثين لايسلّم حتى بقانون العلّية أو قوانين العقل الأولية تلك، إذ إن العلاقة بين العلّة والمعلول لاتقوم ـ حسب هذه الوجهة ـ على مبدأ عدم التناقض الصوري، الذي يذهب إليه العقليون بوصفه قانوناً حتمياً‏من قوانين العقل الأولية، وإنما على أساس التجربة (37) .
ومن قبل تزعّم (جون لوك) لواء هذه المقولة في كتابه «مقالة في العقل البشري» (An Essay Concerning Human Understanding) فذهب إلى إنكار وجود أفكار أولية موروثة،‏أو ما يسمى ببدائة العقول، كما يقول أصحاب المذهب العقلي. ويرد (لوك) على ما يُقَدّم من أدلة تؤكد صحة دعوتهم بما يلي:
أولاً: إن القول بأن هذه الأفكار مسلم بها من جميع الناس بلا استثناء محجوج بوجود قبائل متوحشة لاتعرفها.
ثانياً: إن القول بأن العقل البشري يدرك هذه الأفكار بمجرد وعيه ويقظته محجوج بأن العقل لايستطيع إدراك تلك الآراء بمجرّد يقظته في السنين الأولى من العمر،‏بدليل أن الأطفال تجهلها تماماً. فالقول مثلاً باستحالة اجتماع النقيضين في وقت واحد أمر يجهله الأطفال المتوحشون والبلهاء، على الرغم من بداهته. وبذلك فلا يمكن القول بفطرية مثل هذه الآراء، بل هي مكتسبة، وبتجربة طويلة (38) .
وعلى الرغم من حدة الخلاف بين الحسيين والعقليين إلا أن ذلك لايعني إنكار العقليين المطلق لأهمية الحس أو العكس، وإنما مدار الخلاف كامن في أيهما الأصل، وأيهما الفرع له (39) ولئن حدث ما يخالف هذا فهو خروج على الاتجاه العام لدى هذا الطرف أو ذاك،‏وتطرف مذموم لايحمل تبعاته جمهور الحسيين أو العقليين (40) .
وبالنسبة لموقف القرآن الكريم من التجربة أوالحس فإن التجربة تمثل في نظر بعض الدارسين لآياته ـ المعرفة بعواقب الأشياء، وهذه الطريقة في المعرفة تعد الوسيلة القاطعة لبلوغ الحقيقة. وهي طريقة استخدمها الإنسان حين كان يجمع النباتات ويجربها ويأكلها ليميز بين النافع والضار. وكلما تمكن المرء من تحقيق أكثر النفع يكون قد اقترب من الحق أكثر. وهذا منهج قرآني معتبر فقد جاء على لسان إبراهيم: {هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون} (الشعراء: 72ـ73) (41) . وبوسعنا أن نقول إن القرآن الكريم يقدم هنا إشارات إلى ضرورة اختبار بعض الظواهر اختباراً‏قبلياً‏وآخر بعدياً‏لينتج عنهما الفرق في النفع أو التأثير،‏قبل أن يطرأ متغير مستقل جديد، وبعد أن يطرأ،‏ليظهر ذلك جلياً في المتغير التابع في الحالين.
والحق أننا إذا استقصينا البحث في نشأة الحسّ والتجريب باعتبار هذا المنهج منهجاً علمياً‏معتبراً فسنجد أن هذا المنهج نبتة إسلامية، نشأت من وحي المنطق الأصولي القائم على مبحث «العلة» المستلزم لمعرفة جملة أسس تشكِّل في مجملها أسس البحث التجريبي وهذه الأسس هي:
1ـ اطّراد العلة: أي أنه كلما وجدت العلة في صورة من الصور وجد الحكم على نحو مطّرد، وتلك قاعدة: «دوران العلة مع الحكم وجوداً».
2ـ انعكاس العلّة: أي أنه كلما انتفت العلة انتفى الحكم،‏وتلك قاعدة: «دوران العلة مع الحكم عدماً».
3ـ دوران العلة: أي دورانها مع المعلول وجوداً وعدماً، وقد عُدّ هذا الدوران عين التجربة،‏بحيث يفيد القطع كلما كثر.
4ـ تنقيح المناط: وهو عبارة عن عمليتين هما: حذف ما لايصلح للعليّة من أوصاف المحل، وتعيين العلة بين ما تبقى (الحذف والتعيين) (42) .
ويلاحظ أن المنهج التجريبي الغربي عند (جون استيورات مل) قام فيما بعد على مثل هذه الأسس، وإن اختلفت الاصطلاحات (43) . ثم تنبه (روجر بيكون) إلى أهمية العلم العربي فارتاده، ونقل الكثير منه إلى انجلترا وإكسفور بالذات،‏كما نقل عدداً‏كبيراً‏من الكتب العربية المترجمة إلى اللاتينية. ونادى بأن معرفة العرب وعلمهم الطريق الوحيد للمعرفة الحقة لمعاصريه. ثم استلهم (فرانسيس بيكون) منهج روجر،‏فكان أول تجريبي حقيقي في العصور الحديثة (44) .
وإذا كان هناك ثمة فرق يذكر بين قواعد المنهج التجريبي عند المسلمين في علومهم الدينية وبين القواعد المستخدمة في العلوم الطبيعية فهو أن المعطيات المستخدمة في القياس الأصولي الخاص بالفقه والعلوم الدينية هي أحكام وحقائق دينية متمثلة في آيات قرآنية كريمة، وأحاديث نبوية صحيحة، وأحكام مجمع عليها، ومستنبطة منهما، في حين أن معطيات العلوم الطبيعية ليست سوى معلومات وحقائق طبيعية مستقرأة عن الطبيعة بالملاحظة والمشاهدة. وعلى ذلك فإن التفريق بين العلوم الدينية والعلوم الطبيعية على نحو مبالغ فيه يعد جهلاً بالاثنين معاً (45) . ولكن ذلك لايعني أن هذا المنهج يمكن أن يطال المباحث الدينية جميعها، كما هو الحال في بحث المسائل الطبيعية،‏ذلك أن ثمة مناطق غيبية أو تاريخية لاتتكرر، فمثل هذه مما لامجال للمنهج التجريبي فيها، كما سيتضح ذلك أكثر فيما بعد. ويسعى بعض الباحثين لتجلية الاتجاه التجريبي في القرآن الكريم من خلال النظر في القواعد التي يمكن إيجازها على النحو التالي:
1ـ تسخير الله تعالى الكون للإنسان: وثمة آيات كثيرة بهذا الخصوص لعل من أبرزها قوله تعالى: {الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار* وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار} (إبراهيم: 32ـ33).
2ـ العرض الواقعي لحال الكون: حيث يعرض الكون أمام الإنسان في صورته المتحركة: {وترى الأرض جامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج} (الحج:5). {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم* والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم* لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون} (يس: 38ـ40).
3ـ فاعلية الإنسان: أي أن الله تعالى دفع الإنسان لاستخدام حواسه وعقله من خلال الآيات المتحدثة عن الكون والمختتمة بمثل قوله تعالى: {إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون..‏يتفكرون..‏يفقهون..} (46) ، بل وتجعل آيات القرآن الكريم المهمة العملية للإنسان هي القيام بدوره الفاعل في الكون والحياة: {قل سيروا في الأرض} (الأنعام: 11)،‏و{امشوا في مناكبها} (الملك: 15)، و{كلوا مما رزقكم الله حلالاً طيباً} (النحل: 114)، و{هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها} (هود: 61).
4ـ تعليم منهج البحث التجريبي: وذلك في إشارات القرآن الكريم إلى الإطّراد والسببية بين الحوادث ومسألة الكميات والمقادير (العدّ والوزن والإحصاء) في ذكره للحوادث المختلفة: {والله يقدر الليل والنهار}‏(المزمل: 20)، و{وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرةً لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلاً}‏(الإسراء: 12). 5ـ وكذلك أشار إلى فكرة التصنيف، والتي تعد اليوم إحدى قواعد المنهج التجريبي: {والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء} (النور: 45) (47) .
إن القرآن الكريم يولي المنهج التجريبي اهتماماً ملحوظاً، فهو يلفت النظر إلى أهمية استخدامه من خلال بعض الإشارات الرامية إلى توصيل هذا المدلول. فقد دعا إلى استخدام أداة النظر الحسية لملاحظة التغيرات الطارئة، والنفاذ منها إلى الاستدلال على قدرة الله تعالى على إحياء الأجسام بعد فنائها بما يؤكد ما أشرنا إليه سابقاً‏من الإيماء إلى أهمية الاختبارين القبلي والبعدي المتأثرين بالمتغيرات الطارئة وتلك هي صورة الشكل المنهجي الموصل إلى الحقيقة الأخروية: {أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يُحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً‏أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير} (البقرة: 259).
وجاء الرد على سؤال إبراهيم عن كيفية إحياء الموتى حسياً تجريبياً قائماً‏على التجربة والملاحظة {وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً‏ثم ادعهن يأتينك سعياً‏واعلم أن الله عزيز حكيم} (البقرة: 260).
ويشير أحد الباحثين إلى أن السؤال عن معرفة الكيفيات (Know-how) ـ كما سبق عند إبراهيم ـ يمثل حقيقة تجريبية يمكن الاعتماد عليها في توظيف إنتاج المعرفة الكيفية (48) . ويمكن الإفادة من ذلك أيضاً‏في تنمية التربية التساؤلية لدى المتعلم،‏لينتقل من طور التلقين بصورة تحمل قدراً من السلبية إلى طور أفضل فيه من التفاعل الإيجابي ما يدفع به إلى القيام بعملية الاختبار التجريبي، ومن ثم الحصول على المعرفة واكتشاف نتائجها بمفرده،‏وذلك ضرب من ضروب التعلم الذاتي. ونجد في قصة إبراهيم ـ عليه السلام ـ لمعرفة الخالق جل وعلا استخدام ابراهيم لخطوات المنهج العلمي، الذي بدأ من الإحساس بوجود مشكلة قائمة في الواقع،‏وهي ضرورة وجود خالق للوجود، ثم حددها بمشكلة الضلال والخرافة التي وقع فيها أبوه وقومه، وانتقل إلى وضع فرضيات لخالق الوجود،‏وفحصها واحدة بعد الأخرى، عن طريق الأداة الكلية هنا وهي الحس (البصر) وحينما توصل إلى بطلان كل تلك الفرضيات، انتقل إلى فرضية رابعة وهي ضرورة وجود خالق لهذا الوجود، ليس كمثله شيء، فتحققت سلامة هذه الفرضية،‏وحصل اليقين العلمي.

وبذلك يكون تدرج عبر خطوات خمس هي خطوات البحث العلمي التجريبي، وقد تقدم على النحو التالي:
1ـ الإحساس بالمشكلة.
2ـ تحديد المشكلة.
3ـ وضع فرضيات لحل المشكلة.
4ـ فحصها واختيار فرض الفروض.
5ـ التقويم وإصدار الحكم.
وهذا ما تنطق به هذه الآيات: {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناماً‏آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين* وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين* فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين* فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين* فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون* إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً‏وما أنا من المشركين} (الأنعام: 74ـ79).
والملفت للنظر في هذا المنهج الإبراهيمي استناده إلى طريقة التفكير الاستقرائي، حيث بدأ من الجزء ممثلاً في مظاهر الطبيعة المختلفة،‏وانتهى بحكم كلي، وهو الوصول إلى الحقيقة الإلهية المطلقة (الخالق سبحانه وتعالى).
وهذه النظرة الكلية الجامعة بين قراءة الوحي وقراءة الكون هي التي أطلق عليها أحد الباحثين «منهج الجمع بين القراءتين»، ويؤكد عليها في غير ما مناسبة (49) .
وفي هذا السياق أيضاً‏أرشد الله تعالى موسى ـ عليه السلام‏ـ‏إلى استخدام أداة النظر لملاحظة التغيّر الذي سيطرأ على الجبل،‏حالة تجلي الله سبحانه له، ومنه يصل المرء إلى حقيقة تتصل بالخالق سبحانه، وهي استحالة رؤيته في الدنيا: {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلّمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخرَّ موسى صعقاً فلما أفاق قال سبحانك تُبت إليك وأنا أول المؤمنين}‏(الأعراف: 143).
ونظراً‏للمكانة التي تحتلها أدوات الحسّ في القرآن،‏فقد تكرر لفظ السمع ومشتقاته المتعلقة بالإنسان (139) مرّة منفرداً (50) . في حين تكرر لفظ البصر أكثر من مائة مرة (106) منفرداً (51) . وجمع بينهما في مواضع كثيرة أخرى، كما سنشير إلى ذلك لاحقاً.
وقد عُرّف السمع بأنه «الإحساس الذي به إدراك الأصوات،‏الذي آلته الصماخ،‏والإبصار: الإحساس المدرك للذوات، الذي آلته الحدقة» (52) .
ومن المواطن التي ورد فيها ذكر السمع مستقلاً في القرآن بوصفها إحدى نعم الله الكبرى،‏بما يحمل دعوة الإنسان لتوظيفها على النحو المشروع: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد، أو تسمع لهم ركزاً} (مريم: 98). {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} (الأعراف: 204). {إني آمنت بربكم فاسمعون} (يس:25). {ولولا إذا سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك، هذا بهتان عظيم} (النور: 16). {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا}‏(النور:51). {قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة،‏من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون} (القصص: 71).
ولأهمية السمع شُبه الكفار بالموتى بجامع عدم استفادة كلا الفريقين من هذه الأداة: {إنما يستجيب الذين يسمعون، والموتى يبعثهم الله..} (الأنعام: 36). {إنك لاتسمع الموتى، ولاتسمع الصم الدعاء إذا ولّوا مدبرين. وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم،‏إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون} (النمل: 80ـ81).
ولأهمية السمع كذلك جعل الله تعالى مناط إنهاء إجازة المشرك المستجير سماع القرآن الكريم كمحطة رئيسة قبل بلوغه مأمنه: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لايعلمون} (التوبة: 6).
ويصور القرآن حالة الكفر في منتهى الإعراض عن سماع الحق، وذلك حينما يضع المرء بين ذاته وبين دعوة التوحيد حجاباً‏يحول دون أن يلامس سمعه فكر جديد، أو رأي مخالف،‏فقال على لسان نوح ـ‏عليه السلام‏ـ: {وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً} (نوح:7). وقال ـ‏سبحانه ـ: {ويل لكل أفاكٍ أثيم* يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم} (الجاثية: 7ـ8). وقال: {وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقراً‏فبشره بعذاب أليم} (لقمان: 7). وقال: {وقال الذين كفروا لاتسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون} (فصلت: 26). إن ذلك يدل في مجموعه على أن السمع وسيلة أساسية في عملية التعلّم،‏بل هي تفوق حاسة البصر من حيث الأهمية، كما سنرى فيما بعد.
ومن المواطن التي ورد البصر فيها مستقلاً نظراً لأهميته أيضاً، وما يستتبع ذلك من توظيف لهذه النعمة الموازية لنعمة السمع على النحو المشروع كذلك: {أفلا ينظرون (53) إلى الإبل كيف خلقت* وإلى السماء كيف رفعت* وإلى الجبال كيف نصب* وإلى الأرض كيف سطحت* فذكر إنما أنت مذكر) (الغاشية: 17ـ20). {قل انظروا ماذا في السماوات والأرض..) (يونس: 101). {قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون} (القصص: 72). {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} (الذاريات: 21). {ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون} (غافر: 81). {قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات أم آتيناهم كتاباً فهم على بينة منه..} (فاطر: 40). {هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه، بل الظالمون في ضلال مبين}‏(لقمان: 11). {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الله إناثاً، أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون} (الزخرف: 19).
وهذا يشير إلى أهمية حاسة البصر في عملية التعليم،‏وإن كانت تأتي في درجة تالية للسمع،‏من حيث فاعليتها في تنمية المعرفة وتحصيلها واستيعابها.
وهناك مواطن جمع فيها بين السمع والبصر: {قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار} (يونس: 31). {ما كاونوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون}‏(هود: 20).
{وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضاً، الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري،‏وكانوا لايستطيعون سمعاً} (الكهف: 101). {أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا، لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين} (مريم: 32). {أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض، وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون} (هود: 20). {واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صدِّيقاً‏نبياً، إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لايسمع ولا يبصر ولايغني عنك شيئاً} (مريم: 41ـ42).
ولاشك أن أعلى درجات الاستيعاب والتحصيل تلك التي يشترك فيها سمع المتعلّم وبصره،‏ومن هنا كان لزاماً‏أن ترفد المعارف التي يشملها المحتوى بتقنيات (سمع بصرية) ليتحقق أعلى مستوى من الاستيعاب والتحصيل.
وفي ضوء هذا العرض لآيات السمع والبصر يجدر أن نشير إلى الأمور التالية:
الأمر الأول: إن اختصاص القرآن الكريم أداتي السمع والأبصار بالذكر، على هذا النحو من التكرار دون غيرهما يعود إلى كونهما مدار الحياة الحيوانية، وكمال البشرية، وتحصيل العلوم الأولية (54) . ولكون إدراك دلائل الاعتقاد الحق لايكون إلا بهما (55) . ولكن ذلك لاينفي وجود أهمية قصوى لبقية الحواس، لأن اختصاص السمع والبصر بالذكر يعني الأهمية المتميزة بالخصوصية ليس أكثر. وقد يكون من باب ذكر الجزء لأهميته مع إرادة الكلّ في حقيقة الأمر.
الأمر الثاني: إن السمع حين ورد في القرآن الكريم بوصفه مصدراً‏(سمع) مقروناً‏بالبصر، يرد مفرداً، في حين يرد (البصر) جمعاً (أبصار) إلا في موطن واحد وهو قول الله تعالى: {ولاتقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً} (الإسراء: 36).
وعن هذا يرى بعض المفسرين أنه «أفرد السمع لأنه مصدر، فهو دال على الجنس الموجود في جميع حواس الناس. وأما الإبصار فجيء به جمعاً لأنه اسم، فهو ليس نصّاً في إفادة العموم لاحتمال توهم بصر مخصوص، فكان الجمع أدل على قصد العموم، وأنفى لاحتمال العهد ونحوه، بخلاف قوله {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً} (الإسراء: 36)، لأن المراد الواحد لكل مخاطب بقوله: {ولاتقف ما ليس لك به علم} (56) ويمكن أن يكون ذلك ضرباً‏من ضروب الإعجاز، إذ إن حاسة السمع تستقبل الأصوات الصادرة من جميع الجهات، في حين لاترى العين إلا إذا اتجه الإنسان ببصره نحو الشيء الذي يريد أن يراه (57) ». ومن ناحية أخرى فإنه إذا حدث صوت في مكان يجتمع فيه جميع من الناس فإنهم جميعاً سيسمعون الصوت ذاته تقريباً، بينما ينظر كل واحد منهم صوب الشيء الواحد من زوايا مختلفة (58) .
الأمر الثالث: إن القرآن الكريم يقدّم السمع على البصر كلما اقترنا ببعضهما. ولعل ذلك يرجع إلى قوة السمع بحيث يستطيع الإدراك من الجهات الست، وفي الضوء والظلمة، ولايدرك البصر إلا من جهة المقابلة،‏وبواسطة من ضياء وشعاع. وهذا قول المعتزلة، ولكنه لايسلم من نزاع (59) .
ويذهب بعض الباحثين إلى سرد أسباب أخرى يمكن تلخيصها على النحو التالي:
1ـ السمع أهم من البصر في عملية الإدراك الحسّي والتعلّم وتحصيل العلوم،‏ونحن نلاحظ أن فاقد البصر يمكن أن يتعلم اللغة،‏وتحصيل العلوم،‏بخلاف فاقد السمع فإنه من المتعذر تعلمه اللغة وتحصيل العلوم.
2ـ لقد جاء ذكر السمع مع العقل في بعض الآيات كقوله تعالى: {وقالوا لو كنّا نسمع أو نعقل ما كنّا في أصحاب السعير} (الملك: 10) وغيرها مما يشير إلى العلاقة الوثيقة التي تربط السمع بالعقل.
3ـ دلّت الأبحاث (الفسيولوجية) الحديثة أن الطفل الوليد يسمع الأصوات عقب الولادة مباشرة،‏بينما يحتاج إلى فترة من الزمن كي يستطيع أن يرى الأشياء بوضوح.
4ـ ميّزت حاسة السمع بالعمل الدائم، دون توقف، بخلاف حاسة البصر،‏فإنها قد تتوقف عن أداء وظيفتها، بمجرد إغماض العينين،‏أو النوم، ولهذا فإن الله تعالى ذكر في قصة أهل الكهف أنه ضرب على آذانهم، حيث يستغرقون في النوم،‏فلا يوقظهم صوت: {فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً} (الكهف: 11) (60) .
ومن زاوية معرفية خالصة عد بعض الباحثين ذلك التقديم للسمع على البصر قائماً‏على الأفضلية المعرفية للسمع حيث إن:
1ـ السمع أهم في إقامة الحجة على الناس، أما البصر فمحدود أكثر من السمع الذي يتميز بالعمومية والشمولية والطول في المدى والزمان.
2ـ السمع أهم في توصيل نتائج العقول إلى غيره،‏عندما ينقل معارف السابقين،‏في حين أن البصر يقتصر على نقل المعارف الجديدة.
3ـ السمع يدرك الأصوات من مسافات فيحصل معرفة يعجز البصر عن إدراكها، حتى مع تقدم العلم. ولذلك فإن الإنسان الأعمى السميع، يحصل على المعرفة أكثر من شخص أصم، يرى فقط دون أن يسمع.
4ـ تشتغل حاسة السمع ليلاً ونهاراً، في حين أن حاسة البصر لاتظهر عملها إلا في النهار والنور (61) .
وعلى هذا الأساس فإن الاهتمام بحاسة السمع عند المتعلم في المرحلة قبل الأساسية ـ على وجه التحديد ـ ينبغي أن يحتل مكانته في سلم أولويات علم نفس النمو والتعلم،‏كما أن مراعاة اختيار الوسائل السمعية مقدم على الاهتمام بالوسائل البصرية، وإن كان الجمع بينهما أبلغ تأثيراً كما سبقت الإشارة.
هذا ولايقلّل من أهمية السمع وتقديمه على البصر أن جاءت بضع آيات تفيد ظواهرها تقديم البصر على السمع (62) ، فذلك محمول إما على تشبيههم بالحيوانات التي يمثل البصر بالنسبة لها حاسة أهم من السمع،‏لأنه لايعدو أن يكون وسيلة لحفظ الحياة، ولايؤدي دوراً‏معرفياً‏ينتج عنه الهدى، كما هو الحال بالنسبة للإنسان. وقد جاءت الإشارة إلى ذلك في بعض الآيات، كما في آية الأعراف (179). وإما أن ذلك جاء في سياق النكاية بالكفار في تعذيبهم في الآخرة (انظر آية الإسراء: 97). أو ندمهم على أعمالهم الدنيوية في الآخرة،‏وذلك ليس موقفاً‏معرفياً للحواس،‏كما هو الحال في الدنيا (انظر آية السجدة: 12). أو في سياق الاستهزاء بآلهتهم المدعاة (انظر: الأعراف: 195). أو في سياق الذم لبني إسرائيل الذين كثر فيهم الأنبياء فكان النسب أن تكون الحجة عليهم بالبصر قبل السمع (63) .

نسبية الحواس:

على الرغم من تلك الأهمية التي يوليها القرآن للحواس عند الإنسان،‏إلا أن ذلك لايعني إطلاقية قدرات الحواس،‏بحيث تصبح مصدراً للمعرفة أو أداة لها على نحو يخلو من النزاع. ذلك أن المعرفة الحسية اليقينية هي التي تقدم شهادة الحس مؤكدة قاطعة عندما تتواتر شهادات الحس هذه،‏وتتفق مع الحواس الأخرى،‏ولاتتعارض مع أصول العقل وقوانينه الأولية ـ‏كماسبقت الإشارة ـ أما عندما تنزل عن هذا المستوى فإن قيمتها المعرفية تتراجع إلى مادونها حتى آخر مرتبة الظن المرجوح (64) . إن أحد الناس بصراً لايتمكن من رؤية ما هو موجود إلا قدراً يسيراً بالنظر إلى ما لايستطيع رؤيته. فهو يملك من البصر بمقدار ما يرى،‏ولديه من العمى بمقدار مالايستطيع رؤيته. وعليه فإن نسبة العمى عند كل المبصرين أعظم بكثير من نسبة البصر الذي يملكونه. كما أن كل المبصرين من المخلوقين لديهم عمى نسبي بمقدار مالايستطيعون رؤيته من الأشياء. وهكذا النسبية في جميع الحواس (65) .
وهذا (ابن حزم الأندلسي) (ت: 456هـ) يعرض للاضطراب الذي قد يحصل لمن تكافأت عنده الأدلة،‏فينقلب إلى ضد ما كان يعتقده من قبل،‏ليهلك في سبيل إبطال ما كان يعتقده من قبل فيقول: «.. وهذا يعرض فيما يدرك بالحواس كثيراً، فيرى الإنسان شخصاً‏من بعيد فيظنه فلاناً، ويحلف عليه ويكابر ويجرد، ثم يتبين له أنه ليس هو الذي ظن، وقد يشم الإنسان رائحة يظنها من بعض الروائح،‏ويقطع على ذلك ويحلف عليه ومجداً، ثم يتبين له أنه ليس هو الذي ظن،‏وهكذا في الذوق أيضاً» (66) .
ويشير بعض الباحثين إلى أن الباحث ـ‏أي باحث ـ يجتهد في تسجيل المعلومات التي يصل إليها من الحواس،‏ولكنه يدرك أن أعضاء الحس في الإنسان محدودة في مداها،‏وفي قدرتها على التمييز. بل إنه لو كان لدى الباحث كلب فإن لدى هذا الكلب من القدرة الحسية ما يؤهله لسماع نغمات صفارة لايسمعها الباحث. وزملاء الباحث قد يستطيعون السماع لمدى أكبر مما يستطيعه هو. ليس ذلك فحسب بل إن إدراكه الحسي يختلف وفقاً للأحوال التي يمر بها. أي أن الصوت أو الطعم أو الرائحة يختلف من وقت لآخر تبعاً‏لحواسه التي هي عرضة للتعب أو الكيف.
وإذا كان ذلك في السمع فإن أمر البصر كذلك محدود. فمما ثبت بالتجربة النفسية أنه تم عرض رسم تخطيطي لوجه رجل لايعبر عن شيء على شاشة أمام عشرين شخصاً. وبعد أن شاهدوا كلمة (سعيد) تعرض على فترات متفاوتة تحت الصور، ظنوا أن وجه الرجل أصبح تدريجياً أكثر سعادة على الرغم من أنه لم يتغير. وهكذا فإننا عرضة للخداع البصري مما يقودنا إلى استنتاجات خاطئة عن طريق الوهم والخداع في أكثر من موقف (67) . ولايزال المثال التقليدي حول العصا عندما تبدو في الماء منحنية في حين أنها مستقيمة عند لمسها! من أكثر الاستشهادات حضوراً‏على خداع الحواس.
إن الحواس الخمس لاتستطيع الإحاطة بكل شيء،‏ولو قدر لأي من الناس امتلاك غير هذه الحاسة فلربما اكتشف أشياء كثيرة مغيبة عنا الآن، لكننا لانحس بها حيث ليس لدينا الحاسة الخاصة بإدراكها واكتشافها. إن مقياس أو مقاييس درجة الحرارة أو الضغط الجوي أو مقادير الكثافة تشهد بأن ثمة نقصاً‏كبيراً‏في حواسنا. ولو قدر لأي منا القدرة على الإحساس بهذه الظواهر لكانت حواسنا أوسع مما عليه الحال الآن. وقد اكتشف العلم الحديث أن الفضاء مملوء بالصور التي لانستطيع مشاهدتها بالنظر المجرد، لعدم وجود قدر من الانسجام والتوافق بين وضعها ووضع أبصارنا، والأصوات التي تعلو مستوى سمعنا أو دونه لانسمع منها شيئاً. وثمة أجهزة توصل إليها العلم الحديث باتت قادرة على اكتشاف والتقاط الأصوات والصور من الجو لنقلها إلينا بعد تحويلها إلى صور وأصوات تتناسب مع مستوى وضع أسماعنا وأبصارنا (68) .
ويذهب أحد الباحثين إلى أن ما تقوم به الحواس إنما هو خلق المحسوسات أو نقلها إلينا من العالم الخارجي، ولكن دون معيار لدينا يتيح لنا التمييز بين ما تنقله وما تخلقه، وبين الوجود الخارجي وصنع الخيال والوهم. ومثال ذلك قراءة مثل هذه الكلمات، فهل هذه القراءة تمثل حقيقة واقعية بعيدة عن الخيال أو الوهم؟ قد يجاب بأن قراءتي لها ليس من قبيل خداع الحواس، فأنا أرى بعيني الكلمات والكتاب، وأمسكه بيدي. وحين السؤال عن البرهان على حقيقة ذلك سيكون الجواب هو الجواب السابق نفسه من حيث الرؤية واللمس للكتاب، ولكن ذلك لايعني أن برهاناً قائماً على صدق الحواس. أو لايمكن أن يكون ذلك مجرد رؤية وإمساك نائم يحلم، ومن ثم فلا يعدو ذلك الخيال،‏فلا وجود لها في الواقع. وقد يقال إن نفي حالة النوم هذه يتم عن طريق الإحساس بعدم النوم،‏فالحركة والإشارة والغضب لكلام الكاتب يدل على أن ذلك حقيقة لامراء فيها.‏ولكن قد يحدث أن المرء يحلم أنه يقظان يفعل كذا وكذا فيغضب ويناقش. وقد يحدث أن المرء أيضاً‏يسأل نفسه في الحلم: هل هذا حلم أم حقيقة؟ فتكون الإجابة بأنها حقيقة وليس حلماً، ثم يحدث الاستيقاظ من النوم. إذن فجميع الأحلام التي يمر بها الإنسان تشعره بأنه مستيقظ متنبه لجميع حركاته. أي أن تمييز الأحلام لايتم إلا بعد الاستيقاظ، وعليه فلماذا لا أشك في أني أحلم أني أقرأ وأكتب كتاباً الآن؟! (69) .
وإذا كانت الحواس محدودة من حيث طبيعتها التي خلقت عليها فإن دوافع الفرد وقيمه ذات تأثير في انتباهه وإدراكه الحسي،‏وهذا ما توصلت إليه نتائج الدراسات التجريبية الحديثة في مجال التحليل النفسي،‏حيث أوضحت أن الإنسان يميل إلى عدم إدراك الأشياء التي تزعجه وتقلقه، والمتعارضة مع أهوائه ورغباته. وذلك ما يشير إليه القرآن عندما يعرض لحال الكافرين الذين لم يستفيدوا من حواسهم وعقولهم نتيجة الدوافع والقيم والأهواء التي تملكتهم: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً‏من الجن والإنس لهم قلوب لايفقهون بها ولهم أعين لايبصرون بها ولهم آذان لايسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون} (الأعراف: 179).
{.. قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لايؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد} (فصلت: 44). {أولئك لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} (محمد: 23). {أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي،‏ومن كان في ضلال مبين} (الزخرف: 5) (70) .
وإذا كان هناك عمى حسي ناتج عن الخلقة ابتداء فإن هناك عمى نسبياً طارئاً‏يولده الهوى أو الحب، ولذلك فإن العاشق أو صاحب الهوى محجوب عن أشياء كثيرة لايراها،‏في حين يراها غيره،‏إذ هو مصاب بعمى جزئي طارئ بسبب عشقه أو هواه،‏فلا يرى إلا البعد الذي يزيده هوى أو عشقاً. ولذلك جاء في قوم نوح: {فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوماً‏عمين} (الأعراف: 64).
وعن المنافقين: {مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لايبصرون* صم بكم عمي فهم لايرجعون} (البقرة: 17ـ18).
وعن الكافرين عموماً: {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لايسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لايعقلون} (البقرة: 171) (71) .
ومن هنا يتضح أن الاقتصاد على الحس طريقاً‏وحيداً للمعرفة يعرض القائلين به لمزالق ومآخذ كثيرة أبرزها:
1ـ في هذا القول تحديد لطاقة الفكر البشري، وإنقاص لفعالية العقل بوصفه طريقاً‏للمعرفة. حيث إن تقرير طريقة الحس إنما أتت بناء على حكم العقل، وإن لم يعلن الحسيون ذلك صراحة. ذلك أنهم يدركون أن الحس لايمكن أن يكون هو الذي قرر قاعدتهم تلك، لأن الشيء لايكون دليلاً على صدق نفسه.
2ـ لو اعتمدنا على الحس طريقاً وحيداً‏للمعرفة لما استطعنا الحكم باستحالة شيء مطلقاً، لأن الاستحالة التي تعني عدم إمكان وجود الشيء ليس مما يدخل في نطاق التجربة،‏ولايمكن للحواس أن تكشف عنه. وكون الحسيين يزعمون أنه لاموجود إلا المحسوس بصيغة الحصر فإنهم يكونون قد تجاوزوا حدود اختصاصهم، وانتقلوا من الحكم باستحالة تصور شيء أو إحساسه إلى الحكم باستحالة وجوده في الخارج. وما ذلك إلا استنباط شيء من شيء، وهذا يخالف مذهب الحسيين أنفسهم (72) .
وإذا تأكدت لنا هذه النسبية فإن التربية الإسلامية لاترى في مصدرية الحس وطريقتها درجة القطع واليقين والإطلاق، بحيث إن أي معرفة يحتوي عليها منهجها معتمداً‏على الحس ليست على مستوى واحد من هذه الزاوية. فهو يبدأ من اليقين،‏وينتهي بالظن المرجوح كما أشرنا سلفاً.
ومن هنا يبرز الفرق الجوهري بين فلسفة التربية الإسلامية والفكر التربوي الغربي المتمثل في «البراجماتية» حيث جعلت الأولى الحس واحداً‏من المصادر الرئيسية لا أنه المصدر الرئيس ـ إن لم يكن الوحيد لدى بعض غلاة الفكر التربوي الغربي ـ وهذا الاعتدال في فلسفة التربية الإسلامية يدلل على سعة الأفق، وامتلاك المقدرة لديها على استيعاب المصادر والطرائق الأخرى، ويجعل‏ـ من ثم ـ من حكمها على الظواهر المختلفة،‏ومن النتائج التي تنتهي إليها أكثر موضوعية وانسجاماً‏مع المنهج العلمي الدقيق المنبثق من التصور الإسلامي للإنسان والكون والحياة، وليس المنهج العلمي الغربي المتسم بأحادية النظرة،‏والمتأثر برد الفعل الجامح إزاء التيار العقلي.
ومن جانب آخر فإن نسبية الحواس التي تؤمن بها فلسفة التربية الإسلامية تكسبها موضوعية في تعاملها مع الحس والتجريب، رغم النشأة الإسلامية للمنهج التجريبي. ذلك أن هذا المنهج يتسم بجملة سمات،‏من خلالها يتبين أوجه الخلاف بينه وبين المنهج الديني:
1ـ لايصلح المنهج التجريبي إلا لدراسة الماديات الكائنة تحت الحس البشري، ومن هنا فما لايخضع للمشاهدة مع الملاحظة، كأمور الغيب لايمكن أن يصلح معها هذا المنهج.
2ـ يجب أن تكون الظاهرة قابلة للتحضير معملياً‏ـ‏وليس مادياً‏أو محسوساً‏فقط ـ‏أو بتكررها طبيعياً ليتمكن الباحث من إخضاع الظاهرة لشروط التجربة،‏والتي تعني توافر عوامل الزمان والمكان.
والكيفيات والأحوال التي يستلزمها تحقيق الفرض في المعمل،‏أو مراقبتها في الطبيعة عبر الأزمنة والأمكنة المختلفة،‏وبحسب القياس الكمي والوصف الكمي والوصف النوعي.
3ـ نظراً لشرط ضبط متغيرات الظاهرة المشار إليها في (2) فإن الأشياء المجهولة لبعض العناصر أو كلها تظل فروضاً ذهنية مفسرة لبعض الظواهر الكونية في الفضاء الكوني. ومن باب أولى فإن دراسة النفس الإنسانية وفق هذا المنهج أمر لايستقيم بإطلاق، لأن النفس ـ في حقيقتها ـ من جنس قضايا الغيب.
4ـ لايمكن استخدام المنهج التجريبي كذلك في دراسة الأحداث والظواهر الاجتماعية الغابرة، ذلك لأنها لم تتكرر، مما يحول دون إخضاعها للتجربة.
5ـ هناك فرق بين حالتين في المنهج التجريبي: الحالة الأولى: كون الباحث مفكراً‏ومخمناً ومفترضاً‏ومتخيلاً ومتأملاً. والحالة الأخرى: كون الباحث عالماً لأنه قد انتقل من التفكير والتخمين إلى التفسير الصحيح للظاهرة (73) .

تكامل الحس مع العقل:

إن منهجية القرآن المعرفية لاتعتمد على الحس وحده رغم الأهمية البالغة التي اولتها إياه. وتعد العقل مصدراً‏أساسياً‏وطريقة ضرورية لا غنى للحس من اعتماده سنداً في عملية المعرفة. ونستطيع القول: إن ثمة نسبية تحكم كلاً من حركتي العقل والحس. فنسبية العقل تمثل قصوراً في الذات العارفة. تلك التي تختار فيما بين يديها من معطيات عالم الشهادة. أما نسبية الحواس فقصور يعوق استنتاج ما تقع عليه ضمن معطيات هذا العالم، فلزم تضافر الحس مع العقل لإحداث معرفة قائمة على أسس موضوعية سليمة. وهذا ما ينص عليه القرآن في غير آية: {وإذ قتلتم نفساً فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون* فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون}‏(البقرة: 72ـ73).
فالآية وإن جاءت في معرض إظهار كمال قدرة الله، وإثبات المعجزة لموسى عليه السلام إلا أن الإشارة الحسية والعقلية فيها لاتخطئه عين باحث فاحص متأمل، إذ إن إحياء النفس عن طريق ضرب الميت ببعض أعضاء البقرة ليس مجرد عمل حسي صرف، بل فيه من النظر الحسي مايستدعي إعمالاً للنظر العقلي: {لعلكم تعقلون}..‏وقوله سبحانه: {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لايهدي القوم الظالمين}‏(البقرة: 258).
وهنا يبرز المنهج الاستقرائي في الاستدلال على كمال قدرة الله تعالى وإطلاقيتها، فإن مظاهر الإحياء وتسخير الكون،‏دلائل جزئية،‏تقود إلى الإيمان بحقيقة كلية هي المحيي والمسخر لذلك وهو الله سبحانه وتعالى، وذلك من صميم فلسفة التربية الإسلامية وهو الإله ـ جل وعلا ـ ويلاحظ أنه إلى جانب الحس المستنتج من منهج الاستقراء يأتي العقل الذي فرض أسلوب التنزل مع الخصم مرحلياً، بهدف إيقاعه في مصيدة الاستسلام، وذلك يتطلب تفكيراً‏ملياً، وتدبيراً‏فاحصاً، وعمق نظر، وذلك جميعه من لوازم عمليات العقل العليا، وهو أرقى مستوى من مستويات الأهداف حسب تصنيف «بلوم» لها (74) .
وقال تعالى: {وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين} (العنكبوت: 38). {أولم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون} (السجدة: 26).
وهنا يلاحظ استخدام المنهج التاريخي القائم على تتبع أحداث الماضي بعد مشاهدة أطلالها، من خلال إلحاق المشاهدة بإعمال العقل.
وندرك صورة التلازم القائم بين الحس والعقل حتى لكأن السمع والبصر المستخدمين بدقة هما المنفذان المعتبران للعقل: {ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لايعقلون* ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لايبصرون}‏(يونس: 42ـ43).
وقد خلق الله الإنسان مزوداً بالحواس والعقل معاً، ولذلك فإن مسؤوليته مناطة بهما معاً: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لاتعلمون شيئاً‏وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} (النحل: 78). {وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون} (المؤمنون: 78). {ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون} (السجدة: 9). {ولاتقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا} (الإسراء: 36).
ومن الجدير ملاحظته في هذه الآيات أن ذكر الأفئدة يشير‎إلى معنى العقل، لأنه مقر الإدراك كله،‏فهو الذي تنقل إليه الحواس مدركاتها،‏وهي العلم بالتصورات المفردة.
والإشارة بينة إلى أنه لايمكن اكتساب العلوم الكسبية إلا بواسطة العلوم البديهية‏(النظري والضروري). وحصول العلوم البديهية يتحقق عند تصور موضوعاتها ومجالاتها. وحدوث هذه التصورات إنما يكون بسبب إعانة الحواس على جزئياتها. وبذلك تصير الحواس الخمس السبب الأصلي لحدوث هذه العلوم. ويكون السمع والبصر أول الحواس تحصيلاً للتصورات وأهمها (75) .
وصحيح أن الآيات ميزت الإنسان عن الحيوان بالعقل إذ لافؤاد عند الأخير رغم امتلاكه للحواس. ولكن لربما كان من غير الدقيق ما ذهب إليه أحد الباحثين ـ‏استنتاجاً من هذه الحقيقة ـ أن الدور الحقيقي الفاعل إنما هو للعقل الذي يقف وراء الحواس،‏ويجعل من إحساساتها إدراكات ومعارف حقيقية تنقلها من الغرائز والانعكاسات التي تشترك فيها سائر الحيوانات المزودة بمثل تلك الحواس. بيد أنها لاتتعدى الاهتداء الغريزي (76) .
كما أن من غير المفهوم ما حاول به باحث آخر أن يرد على هذا الرأي فراح يستشهد بقول الله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}‏(الشورى: 11)، ليستدل من خلاله على أن وسيلتي السمع والبصر من صفات الكمال، ولذلك فالمعارف الآتية من قبلهما بالنسبة للإنسان معارف يقينية مؤكدة (77) . ولست أدري كيف تكون يقينية مؤكدة لمجرد أنها من صفات الكمال عند الإنسان؟ فهل يرفع هذا التشريف معارفها إلى مقام المعارف اليقينية المؤكدة؟ وأين نذهب ـ‏إذا ـ بحقيقة خداع الحواس الذي قد يحصل أحياناً؟ وهل كانت ترقى هذه المعارف إلى اليقين ـ أحياناً‏ـ إن لم يكن العقل قد استقبلها وتفاعل معها؟.
والقول بمنح العقل مزية جوهرية على الحواس إلى الحد الذي يشعرك بالميل نحو المذهب العقلاني لا يخلو من غلو. ذلك أن الوظيفة تكاملية بينهما،‏والعلاقة عضوية تبادلية، بحيث نقول إنه وإن صح تميز الإنسان عن غيره بالعقل، لكنه لن يحيل أي معرفة يدركها العقل بقوانينه الأولية ـ عدا ما سواها (78) ـ‏إلى معارف حقيقية ذات قيمة لو لم تكن الحواس ومعطياتها قد منحت له منافذ الإدراك وإحداث عمليات التعقل العليا.
ولعل من أكثر الشواهد حضوراً في هذا الباب ما لاحظه أحد الباحثين من عدم وجود علاقة بين السبب والنتيجة عقلاً‏ـ رغم أن السببية أحد أبرز قوانين العقل الأولية ـ على معنى أن العقل لا قدرة له على ربط الأسباب بالنتائج أو العكس إلا من خلال مشاهدة هذا الارتباط في الواقع الخارجي.
ونحن نلاحظ أيضاً‏أنه لايوجد ارتباط بين الدواء وأثره عقلاً، وإلا كان بإمكان العقل فهم هذا السبب قبل مشاهدة النتيجة. ولكن لما لم يحدث ذلك، وإنما يحدث رؤية الارتباط بينهما سلباً‏أو إيجاباً فقط فإن النتيجة توجد إذا وجد السبب، وتفقد إذا فقد. ولو أمكن للعقل أن يربط الأسباب بالنتائج لفهم الناس أسباب الوباء قبل أن يشاهدوها في الواقع، ولكن نتيجة لخبرات العقل الذي سبق أن شاهد أسبابها من قبل، حكم بأسباب الوباء بعد ذلك (79) .
ومن طرائف الأمور تشبيه القلب (العقل) بالحاكم الذي يحتل مكان القيادة، وتشبيه الحواس بالجنود له، وتصبح العلاقة بينهما (القلب والحواس) متجلية في السمع والتعقل الذي هو شأن من شؤون القلب (80) . ومن قبل شبه الإمام الغزالي (ت: 505هـ) القلب بأن له جندين، أحدهما يرى بالأبصار والآخر لايرى إلا بالبصائر. والقلب في حكم الملك والجنود في حكم الخدم والأعوان (81) . ولكن كون القلب بمثابة الحاكم والحواس بمثابة الجند فإن ذلك لايعني قيام دور مقصود ومنظم لأحدهما بدون الآخر مطلقاً. ذلك لأن طبيعة عملهما قائمة وفق عملية نظامية يتأثر الكل فيها بالجزء والعكس بالعكس.
إذا تبين ذلك لم يعد هناك ما يسوغ إعلاء قدر العقل لإظهار معارفه بمظهر اليقينيات، لأن هذا الزعم يغدو ترديداً مقصوداً أو غير مقصود لمقولات اليونانيين والأوروبيين الكلاسيكيين حين فرقوا بين معارف العقل ومعارف الحس، فعدوا الأولى يقينية والثانية ظنية قابلة للشك (82) . وذلك خلاف ما توصل إليه الراسخون من الأوروبيين المعاصرين الذين أكدوا أن العقل وحده ليس بوسعه إدراك المعرفة اليقينية، بل لابد من استخدام الملاحظة والتجريب والتفكير المنطقي مجتمعة لبلوغ المعرفة المبتغاة (83) . وعودة إلى موقف القرآن من الحس والعقل فإنه قد عاقب الذين لم يستفيدوا مما منحهم الله من أدوات المعرفة حسية كان أو عقلية بأن زادهم سلباً لفاعليتها وتعطيلاً لوظائفها: {ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} (الأحقاف: 26).
وتوعد من سلك المسلك ذاته فقال: {أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لايسمعون} (الأعراف: 100). وأخبرهم عن الذين وقعوا في ذلك عملياً فقال: {ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفاً أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم} (محمد: 16).
{بشيراً‏ونذيراً فأعرض أكثرهم فهم لايسمعون* وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون} (فصلت: 4ـ5).
وأكد القرآن على أن الانحراف السلوكي والعقائدي سبب في سلب وتعطيل أدوات المعرفة الحسية والعقلية فقال: {ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لايهدي القوم الكافرين* أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون} (النحل: 107ـ108).
{وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا،‏وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً* نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحورا} (الإسراء: 45ـ47). {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون* ولاتكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لايسمعون* إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لايعقلون* ولو علم الله فيهم خيراً‏لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون}(الأنفال: 20ـ23).
ونجد القرآن يشبه الذين لايستغلون أدوات معرفتهم الحسية والعقلية بالأنعام، بجامع عدم الإفادة الحقيقية منها، بل يكون الإنسان ـ‏والحال هذه ـ أضل من الأنعام إذ هي مستسلمة لله تعالى كسائر المخلوقات غير المكلفة: {أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً} (الفرقان: 44). {ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لايفقهون بها ولهم أعين لايبصرون بها ولهم آذان لايسمعون بها،‏أولئك كالأنعام بل هم أضل، أولئك هم الغافلون} (الأعراف: 179).
ويلفت النظر في هذه الآيات الصلة التي تربط الحواس بالقلب، كما لو كانت جميعها (السمع والبصر والقلب) تعمل في وقت واحد. وذلك الارتباط يؤكد من جانب آخر ارتباط العقل بالقلب، وارتباط الاثنين معاً‏بالحواس، فهي إما مغلقة جميعاً، وإما مفتوحة جميعاً‏على الحق والنور والهداية (84) .
وأخيراً فإن تعطيل الكفار لأدواتهم الحسية والعقلية في الدنيا يستوجب أن تنال هذه الأدوات قسطاً من العقاب في الآخرة:
{ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون} (الأنعام: 110). {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير} (الملك: 10). {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً‏وبكماً وصماً} (الإسراء: 97). {نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة} (الهمزة: 6ـ7).
وعن مركز التفكير في مخ الإنسان وهي الناصية قال تعالى: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية* ناصية كاذبة خاطئة} (العلق: 15ـ16).
وزبدة القول: إن القرآن لايرى تعارضاً‏بيناً‏بين مهام الحس ومهام العقل، بل على العكس من ذلك يرى التفاعل الإيجابي بينهما،‏والتكامل والتعاضد. أما القول بغير ذلك فتوهم مزعوم عند التحقيق، ذلك أن المعرفة العقلية اليقينية لاتتحقق تماماً، ولاتستحق هذا الوصف إلا حين يبني العقل أحكامه مستنداً على واحد من ثلاثة: فإما اعتماداً على أحد قوانين العقل الأولية الفطرية القطعية،‏وإما اعتماداً على ما يفيد اليقين من شهادات الحس، أو استناداً إلى الشهادات الخبرية القطعية.
وهنا يراعى ضرورة إحداث عملية موازنة بين المدركات. فالموازين الفطرية ـ‏وليس المكتسبة ـ‏أبعد عن الخطأ من شهادات الحس وشهادات الآخرين غير المعصومين، ويصبح العقل في هذه الحال المحك لفحص مدركات الحس، وتمحيص شهادات الآخرين وأخبارهم عن المعارف.
وفي ضوء ذلك يقوم العقل بتصنيف المعارف القادمة إليه من الطريقين السابقين لوضع كل منهما في رتبته المناسبة يقيناً‏أو ترجيحاً، أو ما هو دون الرجحان. ثم الرفض حال حكمه باستحالة أو امتناع ما يدخل في نطاق قوانينه الذاتية. وعليه فليس كل ما ورد إلى الجهاز الفكري المدرك في درجة واحدة، بل أعلاها الحق بيقين،‏وأدناها الباطل بيقين،‏وبينهما الظن الراجح، والشك والظن المرجوح (85) ‏ـ كما سبق القول فيما مضى‏ـ.
وبالنسبة لعلاقة ذلك بالعملية التربوية مباشرة،‏فإن موقف القرآن من الحس والعقل يفرض على التربية الإسلامية أن تجعل منهما معاً مصادر وطرائق رئيسة، وبذلك تتسم بالتكاملية في نظرتها الفلسفية. كما أن الأطراف المعنية بالعملية التربوية مطالبة بالتزام هذه الفلسفة،‏سواء في ذلك واضعو المناهج، أم المعلمون والمتعلمون، أم الباحثون في مجال مناهج البحث العلمي. وبذلك تشق فلسفة التربية الإسلامية طريقها بين النظريات والأفكار التربوية المختلفة،‏بعيداً‏عن الثنائيات التي وقعت فيها معظم تلك النظريات والأفكار.


الخلاصة:

في ضوء ما سبق يمكن استخلاص النتائج التالية:
ـ إمكان استخدام لفظي المصادر والطرائق في سياق واحد.
ـ‏نشأة المنهج التجريبي في البيئة الإسلامية بتوجيهات الوحي.
ـ تكرر لفظ «السمع» ومشتقاته المتعلقة بالإنسان (139) مرة منفرداً، وتكرر لفظ «البصر» (106) مرة منفرداً، في حين جمع بينهما في مواضع كثيرة أخرى. وينعكس ذلك تربوياً‏في اعتبار السمع وسيلة أساسية في علمية التعلم بما يفوق حاسة البصر،‏كما وأن التركيز على البصر على ذلك النحو يشير إلى الدلالة الهامة التي يحتلها في عملية التعليم أيضاً، غير أن أعلى درجات الاستيعاب والتحصيل والتأثير السلوكي، تلك التي يشترك فيها سمع المتعلم وبصره،‏وبذلك تتبين أهمية رفد المحتوى المعرفي بتقنيات (سمع بصرية) لتحقق أعلى مستوى من الاستيعاب والتحصيل والتأثير السلوكي.
ـ نسبية الأحكام الصادرة عن الحس،‏بسبب الضعف الحقيقي الذي يكتنف أصله وطبيعة تكوينه. وعلى ذلك فإن التربية الإسلامية لاتحفّ الحس بهالة من التقديس تعصمه عن الاستدراك أو تحول دون تعقّب أحكامه واستنتاجاته،‏بل إنها تنظر إلى محتوى المنهاج المشتمل على معارف حسّية بحسب اليقين الذي يمتلكه، فالقطعي من الحس يبدأ من الحق بيقين وينتهي إلى الباطل بيقين.
ـ‏إن منهجية القرآن المعرفية ـ ونظراً لتلك النسبية التي تحكم الحس‏ـ تدفع إلى تكامل كل من الحس والعقل معاً، بحيث يعمل كل منهما في مجاله المناسب، من غير أن يستغني أحدهما عن معطيات الآخر،‏فيحدث التفاعل الإيجابي بينهما، وينعكس ذلك بدوره على التربية الإسلامية فيمنحها سمة التكامل،‏سواء أكان ذلك في أهدافها وعناصرها المنهجية الأخرى، أم في المعلم والمتعلم، أم في مجال النظريات والأفكار التربوية المختلفة،‏بعيداً عن الثنائيات التي وقعت فيها كثير من النظريات التربوية الأخرى. وعلى ذلك فيمكن وصف نظرية التربية الإسلامية بأنها فلسفة تربوية تكاملية.
التوصيات:
ـ توصي الدراسة القائمين على صياغة الفلسفة التربوية وتحديد مضامينها بضرورة الاهتمام بالمنهج التجريبي وخطوات التفكير العلمي، باعتبار ذلك إسلامي النشأة من الأساس، حسبما دلّت طائفة من النصوص القرآنية، وكما جسّدت ذلك دراسات علماء المنطق الأصولي القائم على مبحث العلّة.
ـ توصي الدراسة القائمين على صياغة المناهج وتصميمها بمايلي:
1ـ ضرورة تضمينها لمصادر المعرفة الحسية التجريبية وطرائقها تبعاً لأهميتها، مع إيلاء عنصر طرائق المنهج أهمية خاصة لنمط التعلّم الذي يجمع بين الوسائل السمعية والبصرية بما يسمى بـ (التعلم السمع ـ بصري) وتقنياته، ليتحقق أعلى مستوى من الاستيعاب والتحصيل.
2ـ التنبّه لخطورة المبالغة في الاعتماد على مصادر المعرفة الحسية وطرائقها وحدها عند بناء المناهج ووضع محتوياتها، إذ إنها محكومة بعامل النسبية في عدة مواقف.
3ـ بلورة التوازن الذي يفترض أن تتسم به مناهج التربية الإسلامية التكاملية بحيث لايطغى اعتمادها على جانب الحسّ دون العقل وإنما تجسيد ذلك التكامل المنشود بينهما من جهة، وبين بقية عناصر النظام التعليمي من جهة أخرى.
* أستاذ أصول التربية المساعد بكلية التربية،‏جامعة صنعاء/ اليمن.
قائمة المراجع
1ـ إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، بدون تاريخ،‏بدون طبعة، بيروت: دار الكتب العلمية.
2ـ الإسلام والعلم التجريبي، عبد الله حسن زروق‏(سلسلة:‏العلم والإيمان (12)) 1992م، ط الأولى، الخرطوم: المركز العالمي لأبحاث الإيمان.
3ـ الإسلام والعلم التجريبي، فاروق الدسوقي، 1407هـ‏ـ 1987م، ط الأولى، بيروت: المكتب الإسلامي، والرياض: مكتبة الخاني.
4ـ إسلامية المعرفة بين الأمس واليوم، طه العلواني (ضمن كتاب رسائل التأصيل (1))، ديسمبر 1995م، بدون طبعة، الخرطوم: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
5ـ أصول الدين، أبو منصور البغدادي، 1346هـ‏ـ 1928م، ط الأولى، استنابول: مدرسة الإلهيات.
6ـ إعجاز القرآن، محمد متولي الشعراوي، (ضمن مجموعة حلقات أعدّها: أحمد فراج) 1399هـ ـ 1979م.
7ـ الإنسان ذلك المجهول، الكسيس كاريل (ترجمة: شفيق أسعد فريد)، 1405هـ‏ـ‏1985م، ط الرابعة،‏بيروت: مكتبة المعارف.
8ـ الإنسان والعقل، نايف معروف، 1415هـ‏ـ 1995م، ط الأولى، بيروت: سبيل الرشاد.
9ـ اقرأ وربك الأكرم، جودت سعيد، 1415هـ‏ـ‏1994م،‏ط الأولى، بيروت: المكتب الإسلامي.
10ـ بصائر للمسلم المعاصر، عبد الرحمن الميداني، 1408هـ ـ 1988م، ط الثانية، دمشق: دار القلم.
11ـ التعريفات، علي بن محمد الجرجاني (تحقيق وتعليق: عبد الرحمن غميرة)، 1407هـ ـ 1987، ط الأولى، بيروت: عالم الكتب.
12ـ تفسير التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن عاشور، 1984م،‏بدون طبعة،‏تونس: الدار التونسية للنشر.
13ـ تفسير الطبري المسمى جامع البيان في تأويل آي القرآن،‏محمد بن جرير الطبري، 1412هـ‏ـ 1982م، ط الأولى، بيروت: دار الكتب العلمية.
14ـ تفسير القرآن الحكيم الشهير بتفسير المنار، محمد رشيد رضا، 1414هـ‏ـ 1993م، بدون طبعة،‏بيروت: دار المعرفة.
15ـ التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، فخر الدين محمد بن عمر الرازي، 1411هـ‏ـ 1990م، ط الأولى، بيروت: دار الكتب العلمية.
16ـ تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل، أبو بكر الباقلاني (تحقيق: عماد الدين أحمد حيدر)، 1407هـ ـ 1987م، ط الأولى، بيروت: مؤسسة الكتب الثقافية.
17ـ الجمع بين القراءتين‏(محاضرة) طه جابر العلواني (ضمن محاضرات: مقدمة في إسلام المعرفة) دورة إسلام المعرفة لأساتذة الجامعات السودانية، ديسمبر 1995م، مدني ـ‏السودان: معهد إسلام المعرفة بجامعة الجزيرة.
18ـ الجمع بين القراءتين: قراءة الوحي وقراءة الكون،‏طه العلواني، الإنسان،‏العدد 13، السنة الثالثة، 1415هـ‏ـ‏1995م، باريس: دار أمان للصحافة والنشر.
19ـ درء تعارض العقل والنقل أو موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول، أحمد بن تيمية. (تحقيق: محمد رشاد السالم)، 1399هـ ـ 1979م، ط الأولى، الرياض: جامعة محمد بن سعود الإسلامية.
20ـ الرؤية الإسلامية لمصادر المعرفة، رياض جنزرلي، 1414هـ ـ 1994م، ط الأولى، بيروت: دار البشائر الإسلامية.
21ـ سلسلة الأحاديث الضعيفة وأثرها السيء في الأمة، محمد ناصر الدين الألباني، 1408هـ‏ـ 1988م، ط الأولى، الرياض: مكتبة المعارف.
22ـ السنة النبوية مصدر للمعرفة،‏محمد عمارة، المسلم المعاصر، العدد 59، السنة الخامسة عشرة، 1411هـ ـ 1991م، بدون مكان للنشر: مؤسسة المسلم المعاصر والمعهد العالمي للفكر الإسلامي.
23ـ الشاكلة الثقافية: مساهمة في إعادة البناء، عمر عبيد حسنة، 1414هـ ـ 1993م، ط الأولى، بيروت: المكتب الإسلامي.
24ـ شرح صحيح مسلم، محي الدين النووي، بدون تاريخ،‏بدون طبعة، القاهرة: المطبعة المصرية ومكتبتها.
25ـ صحيح البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (مطبوع مع فتح الباري)، بدون تاريخ،‏بدون طبعة،‏القاهرة: المطبعة المصرية ومكتبتها.
26ـ صحيح مسلم (مطبوع مع شرح النووي)، مسلم بن الحجاج القشير النيسابوري، بدون تاريخ، بدون طبعة،‏القاهرة: المطبعة المصرية ومكتبتها.
27ـ ضعيف الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير)، محمد ناصر الدين الألباني، 1410هـ‏ـ‏1990م، بيروت: المكتب الإسلامي.
28ـ ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة، 1401هـ ـ 1981م، الثانية دمشق: دار القلم.
29ـ العقيدة الإسلامية وأسسها، عبد الرحمن الميداني، 1404هـ‏ـ 1983م، ط الثالثة، دمشق: دار القلم.
30ـ علم النفس التربوي، عبد المجيد نشواتي، 1413هـ‏ـ 1993م، ط السادسة، عمّان: دار الفرقان وبيروت: مؤسسة الرسالة.
31ـ فتح الباري: شرح صحيح البخاري،‏ابن حجر العسقلاني (ترقيم وعناية: محمد فؤاد عبد الباقي ومراجعة: عبد العزيز بن باز)، بدون تاريخ،‏بدون طبعة، بدون مكان للنشر: دار الفكر.
32ـ الفصل في الملل والأهواء والنحل،‏علي بن محمد بن حزم الأندلسي (تحقيق: محمد إبراهيم نصر وعبد الرحمن عميرة)، 1402هـ‏ـ 1982م،‏ط الأولى،‏السعودية: شركة مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع.
33ـ الفكر التربوي العربي الحديث، سعيد إسماعيل علي (سلسلة عالم المعرفة 113)، 1407هـ‏ـ 1987م، الكويت:‏المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
34ـ فلسفة البراجماتزم أو مذهب الذرائع، يعقوب فام، 1985م، ط الثانية بيروت: دار الحداثة.
35ـ فلسفة التربية الإسلامية في القرآن والسنة، عبد الحميد الصيد الزنتاني، 1993م، ط الأولى، طرابلس ـ ليبيا: الدار العربية للكتاب.
36ـ فلسفة التربية ومعضلة القصور الذاتي في التربية العربية المعاصرة (الرؤية الثانية)، محمد جواد رضا، 1984م، ط الثانية،‏الكويت: شركة الربيعان للنشر والتوزيع.
37ـ فلسفتنا، محمد باقر الصدر، 1410هـ‏ـ‏1989م، ط الخامسة عشرة،‏بيروت: دار التعارف للمطبوعات.
38ـ القرآن وعلم النفس، محمد عثمان نجاتي، 1414هـ ـ 1993م، ط الخامسة،‏القاهرة، بيروت: دار الشروق.
39ـ لسان العرب، أبو الفضل جمال الدين ابن منظور، 1412هـ‏ـ 1992م، ط الخامسة،‏بيروت: دار صادر.
40ـ مثلث المنهج التجريبي، محمد ياسين عريبي، المسلم المعاصر، العددان 65ـ66، السنة السابعة عشرة،‏1413هـ ـ 1992م، بدون مكان للنشر: مؤسسة المسلم المعاصر.
41ـ مدخل إلى إسلام التربية، عباس محجوب (ضمن ندوة: نحو برنامج للبحث العلمي في إسلام العلوم)، 1415هـ‏ـ‏1994م، بدون طبعة، مدني ـ‏السودان: معهد إسلام المعرفة بجامعة الجزيرة.
42ـ مصادر المعرفة في الفكر الديني والفلسفي، عبد الرحمن الزنيدي: دراسة نقدية في ضوء الإسلام، 1412هـ‏ـ 1992م، ط الأولى، هيرندن‏ـ فرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي والرياض والطائف: مكتبة المؤيد.
43ـ معالم الفلسفة الإسلامية، محمد جواد مغنية، 1973م، ط الثانية، بيروت: دار القلم.
44ـ المعجم الفلسفي، جميل صليبا، 1982م، بدون طبعة، بيروت: دار الكتاب اللبناني ومكتبة المدينة.
45ـ المعجم الفلسفي، مجمع اللغة العربية بالقاهرة،‏1403هـ‏ـ‏1983م، بدون طبعة،‏القاهرة،‏الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية.
46ـ المعجم الفلسفي، مراد وهبة،‏1979م، ط الثالثة، القاهرة: دار الثقافة الجديدة.
47ـ المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، 1411هـ‏ـ 1991م، ط الثالثة،‏القاهرة: دار الحديث.
48ـ المعرفة وإدراك القلب، علي حسّون، 1409هـ‏ـ 1989م، ط الأولى، بيروت: المكتب الإسلامي.
49ـ المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصفهاني (تحقيق وضبط: محمد سيّد كيلاني)، بدون تاريخ، بدون طبعة، بيروت: دار المعرفة.
50ـ مفهوم التغيير، (مجالس بئر عجم)، جودت سعيد، 1416هـ‏ـ‏1995م،‏ط الأولى، دمشق: دار الفكر وبيروت: دار الفكر المعاصر.
51ـ مفهوم العقل والقلب في القرآن والسنة، محمد علي الجوزو، 1983م، ط الثانية،‏بيروت: دار العلم للملايين.
52ـ مقالة في المعرفة، عدنان زرزور، بدون تاريخ،‏بدون طبعة،‏دمشق: مكتبة دار الفتح.
53ـ مقدمة في أصول التفسير، أحمد بن عبد السلام بن تيمية، بدون تاريخ، بدون طبعة، بيروت: دار مكتبة الحياة.
54ـ مناهج البحث في التربية وعلم النفس، ديوبولدب فان دالين (ترجمة: محمد نبيل نوفل ورفاقه ومراجعة: سيد أحمد عثمان)، 1986م، ط الثانية،‏القاهرة: مكتبة الانجلو المصرية.
55ـ منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية، محمد امزيان، 1412هـ‏ـ 1991م،‏ط الرابعة، هيرندن ـ فرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
56ـ منهجية البحث في التربية (رؤية إسلامية)، عبد الرحمن عبد الرحمن النقيب، 1418هـ‏ـ‏1997م، ط الأولى، القاهرة:‏دار الفكر العربي.
57ـ منهجية البحث في التربية الإسلامية،‏علي خليل مصطفى أبو العنين، رسالة الخليج العربي، العدد 24، المجلد الثامن، السنة الثامنة، 1408هـ‏ـ‏1988م، الرياض: مكتب التربية العربي لدول الخليج.
58ـ نحو صيغة إسلامية للبحث الاجتماعي والتربوي، أحمد المهدي عبد الحليم، رسالة الخليج العربي،‏عدد 23، المجلد الثامن،‏1408هـ‏ـ 1987م، الرياض: مكتب التربية العربي.
59ـ نحو منهجية جديدة لدراسة التربية الإسلامية، عبد الرحمن عبد الرحمن النقيب (ضمن كتاب التربية الإسلامية المعاصرة في مواجهة النظام العالمي الجديد)، 1417هـ‏ـ‏1997م، ط الأولى، القاهرة: دار الفكر العربي.
60ـ نشأة التفكير الفلسفي في الإسلام،‏علي سامي النشار، 1997م، السابعة القاهرة: دار المعارف.
61ـ نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة، راجح عبد الحميد الكردي، 1412هـ‏ـ‏1992م، ط الأولى، الرياض: مكتبة المؤيد وواشنطن: المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
62ـ نظرية المعرفة في القرآن، الشيخ جوادي آملي (ترجمة: دار الإسراء للتحقيق والنشر)، 1417هـ‏ـ 1996م، ط الأولى، بيروت: دار الصفوة.
الهوامش:
1ـ راجع في معنى المنهج الأصولي: سعيد إسماعيل علي، الفكر التربوي العربي الحديث، ص 103، ومحمد امزيان، منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية،‏ص400، وعلي خليل أبو العينين،‏منهجية البحث في التربية الإسلامية،‏ص12، وعبد الرحمن النقيب، منهجية البحث في التربية (رؤية إسلامية)، ص41، 83، ونحو منهجية جديدة لدراسة التربية الإسلامية، ص113ـ 276.
2ـ انظر على سبيل المثال تعليقف المشير إلى هذا المعنى في: جامع البيان في تأويل آي القرآن. ج1، ص555.
3ـ راجع: مقدمة في أصول التفسير، ص16.
4ـ رياض جنزرلي، الرؤية الإسلامية لمصادر المعرفة، ص7.
5ـ راجع الكردي، نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة،‏ص70.
6ـ المرجع السابق، ص70.
7ـ فاروق أحمد الدسوقي، الإسلام والعلم التجريبي، ص114.
8ـ عمر عبيد حسنة، الشاكلة الثقافية، ص126.
9ـ المرجع السابق، ص126، وانظر: عدنان زرزور، مقالة في المعرفة،‏ص81.
10ـ عبد الله حسن زروق، الإسلام والعلم التجريبي، ص44.
11ـ المرجع السابق، ص43، 45.
12ـ المرجع نفسه، ص44.
13ـ المرجع نفسه، ص45.
14ـ ابن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج12 ص388.
15ـ ابن منظور، لسان العرب، ج6، ص49ـ50.
16، الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، ص116، وبصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، للفيروز أبادي، ج2، ص459.
17ـ مجمع اللغة العربية، المعجم الفلسفي، ص65. 18ـ المرجع السابق، ص175.
19ـ مراد وهبة، المعجم الفلسفي، ص173.
20ـ المرجع السابق، ص173.
21ـ جميل صليبا، المعجم الفلسفي، ج1، ص470.
22ـ مجمع اللغةى العربية،‏المعجم الفلسفي، ص174.
23ـ عدنان زرزور، مقالة في المعرفة، ص28.
24ـ عبد الرحمن الرفيدي، مصادر المعرفة في الفكر الديني والفلسفي، ص436ـ437. والتصور يعني حصول صورة الشيء في العقل «أما التصديق فهو: أن تنسب باختيارك الصدق إلى المخبر‏(الجرجاني، التعريفات ص87). ويوضح هذا المعنى السيد محمد باقر الصدر بتقسيمه الإدراك البشري إلى: تصور وهو الإدراك الساذج، وتصديق وهو الإدراك المنطوي على حكم. فالتصور كتصورنا لمعنى الحرارة أو النورن والتصديق كتصديقنا بأن الحرارة طاقة مستوردة من الشمس، وأن الشمس أنور من القمر، وأن الذرة قابلة للانفجار» (فلسفتنا: ص53ـ53).
25ـ الزنيدي، المرجع السابق، ص436ـ437.
26ـ أبو بكر الباقلاني، تمهيد الأوائل‏وتلخيص الدلائل، ص28.
27ـ المرجع السابق، ص29ـ30.
28ـ ابن تيمية، درء تعارض العقل والنقل، ج6، ص108.
29ـ علي حسون،‏المعرفة وإدراك القلب، ص142ـ143.
30ـ عبد الحميد الزنتاتي، فلسفة التربية الإسلامية في القرآن والسنة النبوية، ص311.
31ـ الجرجاني، التعريفات، ص127. وانظر: معالم الفلسفة الإسلامية، لمحمد جواد مغنية، ص78ـ79، والكردي، نظرية المعرفة، ص547ـ548، 558.
32ـ محمد عمارة، السنة النبوية مصدر للمعرفة، ص15.
33ـ عباس محجوب، مدخل إلى إسلام التربية، ص268.
34ـ راجح الكردي، نظرية المعرفة، ص549.
35ـ يعقوب فام،‏فلسفة البراجماتزم أو مذهب الذرائع، ص102.
36ـ عبد الرحمن الميداني، ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة، ص134.
37ـ محمد ياسين عريبي، مثلث المنهج التجريبي، ص115ـ146.
38ـ عدنان زرزور، مقالة في المعرفة، ص29ـ30.
39ـ راجع في موقف الحسين: راجح الكردي، نظرية المعرفة، ص540، 581، والزنيدي، مصادر المعرفة، ص526ـ528. وفي موقف العقليين: الكردي، المرجع السابق، ص583ـ584، والزنيدي، المرجع السابق، ص526ـ528، ومحمد جود رضا. فلسفة التربية ومعضلة القصور الذاتي في التربية العربية المعاصرة (الرؤية الثانية)، ص333ـ334.
40ـ أشير هنا إلى فرقة السمنيية، وهم «عبدة الأصنام» والقائلون بالتناسخ، وقيل لهم السمنيية نسبة إلى سومنات الهند (انظر: نظرية المعرفة في القرآن جوادي آملي، ص5 الهامش (1)). وتزعم هذه الفرقة أنه لاسبيل إلى معرفة شيء إلا عن طريق الحواس الخمس، وأبطلوا العلوم النظرية، وزعموا أن المذاهب كلها باطلة. ويلزمهم على هذا القول إبطال مذهبهم،‏لأن القول بإبطال المذهب مذهب. (انظر: أصول الدين لأبي منصور البغدادي، ص10ـ11). وممن شايع هذا المذهب السفسطائيون. (انظر: الإنسان والعقل لنايف معروف، ص12ـ13). وبالمقابل فإن الترانسنتدالية تغالي في أهمية العقل إلى الحد الذي تجعله مصدراً‏أوحد للمعرفة لأن العلوم كلها كامنة فيه، وعالم الحس يعمل على تشويش معارف العقل. (انظر: المرجع السابق للزنيدي، ص527ـ528).
41ـ جودت سعيد، مفهوم التغيير، ص95ـ96.
42ـ علي سامي النشار، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، ج1، ص42ـ43. وانظر: ضوابط المعرفة للميداني، ص216ـ232.
43ـ المرجعان السابقان،‏ج1، ص43ـ44، وص216ـ232.
44ـ النشار،‏المرجع السابق، ج1 ص43ـ44.
45ـ فاروق الدسوقي، الإسلام والعلم التجريبي، ص173.
46ـ هذه الآيات وإن كان ظاهرها الدعوة إلى استخدام العقل وعملياته العليا،‏ولكنها قبل أن تبلغ العقل لابد أن تمر بالحس.
47ـ الزنيدي، مصادر المعرفة،‏ص505ـ510.
48ـ أحمد المهدي عبد الحليم، نحو صيغة إسلامية للبحث الاجتماعي والتربوي، ص38.
49ـ د. طه العلواني، الجمع بين القراءتين، ص54، وإسلامية المعرفة بين الأمس واليوم، ص15ـ21. والجمع بين القراءتين (محاضرة)، ص35ـ44.
50ـ محمد فؤاد عبد الباقي، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، ص454ـ458.
51ـ المرجع السابق، ص154ـ156.
52ـ ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، ج13، ص232.
53ـ قد تشعر هذه الآيات التي ورد لفظها بـ «انظر» ومشتقاتها أن النظر المقصود فيها غير النظر الحسي،‏وهنا لابد من الإفصاح عن انها حقاً قد تشتمل على هذا المعنى، وهو المسمى بـ «النظر العقلي»، ولكن تم توخي الآيات الدالة على النظر الحسي هنا،‏وإن كانت لربما تضم العقلي أيضاًـ‏كما سبق ـ، غير أن ذلك لايعني عدم دلالتها الحسية بقدر ما يعني عمق العلاقة بين الحسي والعقلي. وقد عرف الراغب الأصفهاني النظر بالأمرين معاً فقال: «النظر تقليب البصر والبصيرة لإدراك الشيء ورؤيته، وقد يراد به التأمل والفحص، وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص وهو الروية، يقال نظرت فلم تنظر أي لم تتأمل ولم تترو» (المفردات في غريب القرآن، ص497).
54ـ محمد رشيد رضا، تفسير المنار، ج11، ص355.
55ـ ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، ج13، ص232.
56ـ المرجع السابق، ج10، ص156.
57ـ محمد متولي الشعراوي، إعجاز القرآن، ص118ـ119.
58ـ نجاتي، القرآن وعلم النفس، ص128.
59ـ أبو منصور البغدادي، أصول الدين، ص10.
60ـ محمد عثمان نجاتي، القرآن وعلم النفس، ص126ـ127.
61ـ راجح الكردي، نظرية المعرفة، ص353ـ354.
62ـ انظر آيات الأعراف: (179ـ195)‏والمائدة: (71)، وهود (124)، والإسراء (197) والسجدة (12).
63ـ الكردي،‏نظرية المعرفة، ص556ـ557.
64ـ الميداني، ضوابط المعرفة، ص134.
65ـ الميداني، بصائر للمسلم المعاصر، ص59.
66ـ ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج5‏ص266ـ267.
67، ديو بولدب فان دالين، مناهج البحث في التربية وعلم النفس، ص54ـ55.
68ـ الميداني، العقيدة الإسلامية وأسسها،‏ص15.
69ـ يعقوب فام،‏فلسفة البراجماتزم، ص105ـ107.
70ـ محمد عثمان نجاتي، القرآن وعلم النفس، ص133ـ134.
71ـ الميداني، بصائر للمسلم المعاصر، ص59ـ60.
72ـ الكردي، نظرية المعرفة،‏ص585ـ586.
73ـ فاروق الدسوقي، الإسلام والعلم التجريبي، ص130ـ133.
74ـ عبد المجيد نشواتي، علم النفس التربوي، ص72ـ80.
75ـ ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، ج13،ص233.
76ـ عدنان زرزور، مقالة في المعرفة، ص82ـ83، وانظر: نظرية المعرفة للكردي، 625ـ626.
77ـ فاروق الدسوقي، الإسلام والعلم التجريبي، ص164.
78ـ يجب التفريق بين نوعين من المعرفة العقلية: 1ـ المعرفة الأولية الثابتة أو العقل الغريزي.
2ـ المعرفة المكتسبة التي يحصلها العقل نتيجة تفاعله مع الأشياء. (انظر: مصادر المعرفة للزنيدي، ص528ـ529).
79ـ جودت، سعيد اقرأ وربك الأكرم، ص108ـ109.
80ـ علي حسون، المعرفة وإدراك القلب، ص140ـ141.
81ـ الغزالي، إحياء عموم الدين، ج3، ص6، (كتاب شرح عجائب القلب).
82ـ فاروق الدسوقي، الإسلام والعلم التجريبي، ص164.
83ـ الكسيس كاريل، الإنسان ذلك المجهول، ص145.
84ـ محمد علي الجوزو، مفهوم العقل والقلب في القرآن والسنة، ص200.
85ـ الميداني، ضوابط المعرفة، ص134.
* أستاذ أصول التربية المساعد بكلية التربية،‏جامعة صنعاء/ اليمن.