بحضور وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية ووفود أكثر من (70) دولة ومنظمة وجامعة عربية وإسلامية. بالإضافة إلى (150) شخصية فكرية وأكاديمية من (65) دولة أفريقية وآسيوية وعربية. عقد المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية مؤتمره الثاني عشر: «نحو مشروع حضاري لنهضة العالم الإسلامي» تحت شعار: «الإسلام ومتغيرات العصر» وذلك بين 11ـ14 حزيران (يونيو) 2000م.
حضر جلسة الافتتاح الأمين العام للجامعة العربية د. عصمت عبد المجيد، والباب شنودة الثالث وعدد من الوزراء المصريين يتقدمهم وزير الأوقاف د. محمود حمدي زقزوق الذي ألقى كلمة الرئيس حسني مبارك، حيث دعا فيها إلى: «الأخذ بأسباب التقدم للخروج من دائرة الدول النامية، والقضاء على عوامل التخلف، والإسراع في خطى التقدم العلمي» كما أكد على أن: «توظيف التكنولوجيا في العالم الإسلامي إحدى أهدم القضايا التي تواجهها أمتنا في هذا العصر». وأشار محمود حمدي زقزوق إلى أن «السباق المحموم الذي يشهده العالم يحتم على المسلمين مراجعة مواقفهم وإدراك ما يحيط بهم من تطورات، بما يحقق دفع عملية التقدم العلمي والتكولوجي..».
1ـ الفكر الإسلامي ومتغيرات العصر، 2ـ الإسلام وتوظيف التكنولوجيا، 3ـ الإسلام والمتغيرات في مجال القيم والأخلاق، 4ـ التعاون بين العالم الإسلامي والدول المتقدمة في مجال التكنولوجيا.
ترأس الجلسة الأولى د. عبد العزيز التويجري رئيس المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو). وتحدث فيها كل من د. نصر فريد واصل مفتي مصر الذي أكد على أهمية انعقاد مثل هذه «الاجتماعات والمؤتمرات التي تضم نخبة من العلماء والمفكرين للاستفادة من ثمرة جهودهم في مختلف المجالات وتحقيق آلية تنفيذية لخدمة الإسلام والمسلمين». أما وزير العدل والشؤون الإسلامية الإماراتي الشيخ محمد بن نخيرة الظاهري فقد دعا إلى ضرورة تحقيق تعاون إسلامي في جميع المجالات وخصوصاً في المجال العلمي والتعاون الاقتصادي. وأكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي د. عبد الله بن صالح العبيد على أهمية ربط التقنية والتواصل الحضاري بالقيم الأخلاقية والدينية لأن ذلك أصبح مطلباً ملحاً للعالم الإسلامي. وتحدث رئيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية ورئيس وفد الكويت د. يوسف قاسم الحجمي عن حث ومطالبة الإسلام المسلمين بالبحث العلمي، وأكد على أهمية توظيف التكنولوجيا في العالم وضرورة تبادل الخبرات بين الدول الإسلامية. كما تحدث في هذه الجلسة وزيرة الأوقاف والإرشاد الديني السعودي عدنان وزان واللورد منير شاهين عضو مجلس اللوردات البريطاني الذي دعا الدول الإسلامية إلى ضرورة تطبيق مبادئ المعلومات والاتصال والتقنية المتطورة.
في ختام أعمال المؤتمر أكدت التوصيات على أهمية وضرورة امتلاك الأمة الإسلامية للتكنولوجيا باعتبارها أداة للتقدم، كما أصدر المؤتمر «بيان القاهرة» حيث اعتبر فيه أن «العالم الإسلامي ظل مستهلكاً لأفكار العصر وإنجازاته التكنولوجية، وأن هذا لا يليق برصيده الحضاري». أما أهم التوصيات فهي:
1ـ ضرورة إعادة النظر في مناهج التعليم في مختلف مراحله، لكي تتماشى مع التطورات التقنية والعلمية.
2ـ تعميق مفهوم القيم الإسلامية النافعة للتقدم مثل تحمل المسؤولية واحترام الوقت وإجادة العمل واتقانه.،
3ـ توثيق الاتصال بين مراكز البحث العلمي والتكنولوجي العالمية ومراكز البحوث في العالم الإسلامي.
4ـ تكوين قاعدة بيانات شاملة لكل الهيئات والجهات المهتمة بالبحث العلمي والتكنولوجيا والعلماء المتخصصين داخل دول العالم الإسلامي.
5ـ تكوين قاعدة بيانات عن العلماء والمبدعين في مجال البحوث العلمية والتقنية من أبناء العالم الإسلامي للاستفادة من بحوثهم وإبداعاتهم.
6ـ إيفاد العدد المناسب من الطلبة والبعثات للبلاد المتقدمة لاكتساب العلم والخبرة. وإنشاء جهة تقوم بترجمة البحوث والانجازات العلمية التي يتوصل إليها العلماء في الدول المتقدمة.
كما طالب المؤتمر بزيادة الدعم للمؤسسات والهيئات العلمية والبحثية، وتزويد مراكز البحث العلمي في العالم الإسلامي بما تحتاجه.
تظهر آخر الإحصائيات أن عدد الجاليات المسلمة في الاتحاد الأوروبي يتجاوز (10) مليون مسلم، موزعون بشكل خاص وبنسب متفاوتة داخل القسم الغربي من القارة الأوروبية. وهذا ما جعل الإسلام يحتل المرتبة الثانية في أكثر من دولة أوروبية وقد نجم عن ذلك انتشار بعض المظاهر الإسلامية مثل بناء المساجد والمراكز الثقافية الإسلامية، هذه المعطيات الواقعية جعلت الإعلام الأوروبي يسلط الضوء على هذه الظاهرة التي بدأت تثير الكثير من الأسئلة على المستويين الاجتماعي والسياسي. حول تنامي التواجد الإسلامي في أوروبا، وقضية اندماج الجاليات المسلمة في المجتمع الأوروبي؟، حقوق هذه الجاليات؟، بالإضافة إلى تنامي ظاهرة الخوف من الإسلام (أو ما سمي بالاسلاموفوبيا) داخل المجتمعات الأوروبية، وما نجم عنه من ردود فعل عنصرية وعدائية.
لذلك ومن أجل مناقشة هذه القضايا ومعالجة تداعياتها الواقعية السلبية، عقدت في السنوات الأخيرة مجموعة من الندوات والمؤتمرات، نظمتها جهات إسلامية وأوروبية (انظر الكلمة عدد 26)، من أجل بلورة رؤية موضوعية لكيفية التعامل مع هذه الظاهرة، ذات الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل والحضارية بشكل عام. وفي إطار هذا التوجه عقد في فيينا عاصمة النمسا مؤتمر: «المسلمون في أوروبا» وقد نظمته رابطة الجامعات الإسلامية بالتعاون مع الأكاديمية الإسلامية في فيينا، وذلك بين 12ـ15 أيار (مايو) 2000م.
المشاركة الرسمية والشعبية النمساوية كانت متميزة وكثيفة ما يكشف عن أهمية الموضوع، فقد حضر المؤتمر د. توماس كليسنيل ممثلاً رئيس الجمهورية ود.: هاينز فيشر رئيس البرلمان، ووزيرة التعليم العالي، والكاردينال كوينج، بالإضافة إلى عدد من أعضاء هئيات التدريس في الجامعات النمساوية وشخصيات سياسية وفكرية وأوروبية.
من الجانب العربي والإسلامي شارك في فعاليات المؤتمر، رئيس رابطة الجامعات الإسلامية د. عبد الله التركي، ووزير الأوقاف المصري د. محمود حمدي زقزوق، ود. جعفر عبد السلام الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، وعميد الأكاديمية الإسلامية بالنمسا د. حسن موسىن والأستاذ أنس الشقفة رئيس الهيئة الدينية الإسلامية الرسمية بالنمسا. بالإضافة إلى ممثلين عن الجمعيات والمنظمات العربية والإسلامية المتواجدة في دول الاتحاد الأوروبي، وشخصيات إسلامية من العالم العربي.
نوقشت خلال أعمال المؤتمر قرابة (50) بحثاً، توزعت على عشر جلسات بالإضافة إلى مائدة مستديرة في اليوم الأخير شارك فيها ممثلون عن الكتل البرلمانية في البرلمان الأوروبي.
1ـ أثر المسلمين في الحضارة الغربية.
2ـ تعليم المسلمين في أوروبا.
3ـ الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمسلمين في أوروبا.
4ـ ممارسة العقيدة الإسلامية للمسلمين فياوروبا.
5ـ المركز القانوني للمسلمين في أوروبا.
6ـ الأوضاع السياسية للمسلمين في أوروبا.
7ـ صورة المسلمين والإعلام الغربي.
وهكذا ومن خلال هذه العناوين الكبرى أو المحاور الرئيسية تمت مناقشة البحوث المقدمة باستفاضة خلال أيام المؤتمر، وتمكن المشاركون من بلورة رؤية شبة متكاملة لواقع الجاليات المسلمة، وأهمية التعامل الموضوعي والواقعي مع هذه الظاهرة بالنسبة للأوساط السياسية والإعلامية والاجتماعية والأوروبية.
أما المعطيات أو الحقائق الجديدة التي كشفت عنها بحوث المؤتمر فقد تم تلخيصها في ست نقاط هي:
1ـ يصل حالياً عدد المسلمين في أوروبا قرابة (20) مليون، وهذا الرقم مهيأ لكي يزداد أو يتضاعف في السنوات المقبلة.
ـ يمثل المسلمون شريحة حية داخل المجتمعات الأوروبية، يظهر ذلك في الأعداد الكبيرة من أبناء المهاجرين الذين يلتحقون بالجامعات والمعاهد العلمية، كما أن عدداً منهم استطاع أن يصل إلى مراتب متميزة في المجال العلمي والاقتصادي.
3ـ يتمتع المسلمون بمجموعة من الحقوق التي تكلفها قوانين الاتحاد الأوروبي على قدم المساواة بباقي المواطنين في الاتحاد، كما يمارسون شعائرهم الدينية بحرية.
4ـ اعترفت عدد من دول الاتحاد الأوروبي بالإسلام كدين رسمي مثل النمسا وبلجيكا، وهناك هيئات رسمية إسلامية منتخبة. تشرف على معالجة قضايا المسلمين مثل اختيار من يدرس التربية الدينية للمسلمين داخل المدارس الرسمية.
5ـ هناك دول مثل بريطانيا وفرنسا وكذلك بعض دول الشمال الأوروبي اعترفت بالمسلمين باعتبارهم أصحاب دين سماوي ورتبت على ذلك مجموعة من الحقوق يكفلها لهم الميثاق الأوروبي لحماية الأقليات.
6ـ يعتبر الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمسلمين في أوروبا متواضعاً وأقل بكثير مما هو عليه بالنسبة للأوروبيين وذلك راجع للمستوى العلمي والعملي الذي يعيشون فيه فغالبيتهم ممن يشتغلون بالمهن اليدوية وتحصيلهم العلمي متواضع جداً.
1ـ مطالبة المسلمين بالتعاون بينهم وفقاً للقيم الإسلامية، والإلتزام بالشعائر الدينية والمحافظة عليها.
2ـ الاهتمام بالهوية الدينية والحضارية مع احترام القوانين الخاصة للمجتمعات التي يعيشون فيها. والتفاعل الإيجابي في جميع الميادين والمجالات بحيث يحققون نوعاً من الاندماج على المستوى اللغوي والاجتماعي يؤهلهم للوصول إلى مناصب مهمة يتحملون فيها المسؤولية داخل هذا الدول.
3ـ كما طالبت التوصيات بتمكين المسلمين من المزيد من حقوقهم التي تكفلها لهم المواثيق الأوروبية والعالمية لحقوق الإنسان، مثل بناء المساجد. والسماح لهم بتأدية الصلوات أثناء العمل، وإعطائهم إجازات مدفوعة الأجر أثناء أعيادهم الدينية. والسماح بتدريس التربية الدينية لأبنائهم في جميع المراحل الدراسية داخل المدارس الحكومية.
4ـ طالبت التوصيات كذلك بضرورة إنشاء هيئات علمية وجامعات متخصصة في الدراسات الإسلامية بمختلف فروعها، مع الاعتراف بشهاداتها. وقد طالب المشاركون في المؤتمر بالشروع في إنشاء جامعة إسلامية أوروبية، وأن تتولى رابطة الجامعات الإسلامية بالتعاون مع الأكاديمية الإسلامية بإعداد الدراسات اللازمة لتحقيق هذا المشروع في السنوات المقبلة.
5ـ دعت التوصيات كذلك، الإعلام الأوروبي بجميع أجهزته وقنواته أن يتوقف عن الإساءة للإسلام والمسلمين. وأن يفسح المجال للمسلمين أن يعبروا عن وجهات نظرهم في مختلف القضايا كما هو الشأن بالنسبة لباقي التيارات الدينية والسياسية في أوروبا.
6ـ وأخيراً طالب الجانب الأوروبي من سياسيين وممثلي الكتل البرلمانية في البرلمان الأوروبي المشاركين في المؤتمر بضرورة إيجاد هيئة إسلامية تمثل المسلمين داخل الإتحاد الأوروبي على غرار الهيئات التي تمثل الكاثوليك والبروتستانت واليهود. حتى يتمكن من التشاور معها بشأن حقوق الأقليات المسلمة في أوروبا..
وتجدر الإشارة إلى أن مؤتمراً آخر لمعالجة قضية التواجد الإسلامي في أوروبا، كان قد عقد في روما خلال النصف الأول من أيار (مايو) 2000م ونظمته كذلك رابطة الجامعات الإسلامية بالتعاون مع عدد من الجامعات الإيطالية تحت شعار: «الإسلام وأوروبا: بين تحديات الواقع وآفاق المستقبل».
من أجل التعرف على أحوال المسلمين في اليابان والوقوف على المشكلات التي تعاني منها الجالية المسلمة هناك، وبمناسبة مرور مائة عام على دخول الإسلام إلى اليابان وتطور علاقات العالم الإسلامي بهذه الدولة الآسيوية المهمة، نظمت الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي بالتعاون مع المركز الإسلامي في اليابان، ندوة دولية تحت عنوان: «الإسلام في اليابان: الأبعاد الحضارية والعلاقات الإنسانية» وذلك في 29 أيار (مايو) 2000م.
محاور الندوة ركزت على تصحيح صورة الإسلام والرد على المغالطات التي يروج لها الإعلام الغربي وتصل اليابان ما يقدم أفكاراً وتصورات مخالفة للواقع والحقيقة، بالإضافة إلى تقديم معرفة صحيحة بالإسلام عقيدة وشريعة تستفيد منها الأقلية المسلمة في اليابان، وكذلك التعرف على المشكلات التي تعاني منها هذه الأقلية.
وفي كلمته أثناء افتتاح الندوة تحدث الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الدكتور عز الدين العراقي عن الاستراتيجية التي تتحكم في العلاقة القائمة بين اليابان ودول العالم الإسلامي، وأشاد بموقف الحكومة اليابانية تجاه المسلمين وسياسة التعايش والتسامح التي تنتهجها مع جميع الفئات والشرائح الاجتماعية في اليابان ومن ضمنهم الأقلية المسلمة، وأكد حرص المنظمة على دعم الاندماج لهذه الأقلية في النسيج المجتمعي الياباني، ما يجعلها تشارك في النشاط الاقتصادي بل في جميع المجالات الأخرى. كما أثار الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي إلى أهمية أن يقدم المسلمون صورة جيدة عن الإسلام من خلال التزامهم بالقيم الإسلامية الأصيلة، وهذا ما يساهم بدوره في تفعيل الحوار بين الحضارات ويؤسس لمفهوم التعايش السلمي بين المجتمعات والثقافات المختلفة والمتنوعة..
بعد المؤتمر الدولي الأول حول «التعليم للجميع» الذي عقد في جومبتيان (تايلاند) سنة 1990م، عقدت ستة ندوات ولقاءات إقليمية حول الموضوع، كان آخرها مؤتمر القاهرة الذي عقد أواخر كانون الثاني الماضي (انظر الكلمة عدد: 26).
وذلك لمعالجة قضايا التعليم الأساسية ومناقشة جميع مشاكله وإنجاز تقارير علمية تستطلع واقع التعليم وآفاقه في العالم ليتم عرضها في المنتدى الدولي حول التعليم الذي عقد في داكار عاصمة السنغال بين 26ـ28 نيسان (أبريل) 2000م. ومن خلال هذه التقارير التي قدمتها الوفود المشاركة سيتم الكشف عن مراحل التقدم ومظاهره التي تم إنجازها في مجال التربية والتعليم خلال العشر سنوات الماضية، لمعرفة المدى الحقيقي الذي وصل إليه هذا التقدم، وهل استطاعت الدول أن تحقق الطموحات التي تم الاتفاق عليها في المؤتمر الأول في تايلاند، وأخيراً وضع خطة جديدة للتعليم ترسم الخطوط الأساسية لما يجب أن يكون عليه القطاع التربوي خلال العقد الأول من الألفية الثالثة.
قبل انعقاد هذا المنتدى العالمي حول التعليم، أعلن كويشيرو ماتسورا الأمين العام لمنظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) وهي الجهة المشرفة على تنظيم المنتدى: «بأننا مازلنا بعيدين عن تحقيق هدفنا بعد مرور عشرة أعوام على المؤتمر العالمي في جونتيان (تايلاند) حيث تعهد اليونسكو خفض نسبة الأميين إلى النصف بحلول العام ألفين..».
وأضاف ماتسورا: «يجب أن ننجح في القضاء على الأمية وعدم نسيان البالغين ومنحهم فرصة ثانية، وفي حق تعليمهم مدى الحياة. بالرغم من بقاء تعليم الأطفال أمراً يحتل الأولوية. يتعين علينا أن نصل إلى جميع المهمشين، أي الأقليات الاثنية والثقافية والأطفال الذين يتم استغلالهم، أو ضحايا الحروب والمعوقين، وخصوصاً النساء اللواتي يشكلن ما نسبته 63% من الأميين». وبخصوص تحسين مضامين التربية والتعليم أكد ماتسورا على أنه «لايكفي تعليم الشباب بنسبة مئة بالمئة، فإذا كان تلقينهم القراءة والكتابة والتعبير عن آرائهم أمراً مهماً، فمن المهم أيضاً إفساح المجال أمامهم لتلقي مفاهيم أخرى والتعرف على العلوم وتمكينهم من الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، وذلك من أجل عدم خلق هوة جديدة بين الأغنياء والفقراء..».
وطالب الأمين العام لليونسكو الدول المانحة بزيادة المساعدات التي تقدمها للدول النامية لتطوير القطاع التربوي والنهوض به وانتقد ضمنياً مخططات البنك الدولي وصندوق النقد عندما ينصحان بعض الدول بخفض الميزانيات المخصصة للتعليم الأساسي فقال: «ليس طبيعياً، عندما يطلبون من الدول إعادة هيكلة اقتصادياتها، أن يشترطوا القيام بذلك عبر خفض النفقات المخصصة للقطاع التربوي. إن هذا ليس مفهوماً صحيحاً، لأن التربية حيوية جداً بالنسبة لمستقبل هذه الدول». لذلك أكد ما تسورا على أهمية زيادة الاستثمار في هذا المجال بالنسبة للدول النامية والفقيرة.
أما بخصوص الندوات الإقليمية الستة التي مهدت لهذا المنتدى العالمي فقد اعتبرها ماتسورا مهمة وذات مردود كبير لأنها هي التي مهدت الطريق أمام الهجمة التعليمية الكبرى التي تبدو اليوم أساسية على حد قوله.
أما بخصوص محتويات التقرير العالمي حول التعليم الذي أنجزته المنظمة وعرضه أمينها العام أثناء المنتدى في داكار فقد احتضن مجموعة من المعطيات والأرقام ذات الدلالة الواضحة عن واقع القطاع التربوي في العالم على المستويين الإيجابي والسلبي، من هذه المعطيات الإيجابية التراجع الملحوظ للأمية منذ الخمسينات في أفريقيا، وتقول الأرقام الجديدة بأن النسبة قد انخفضت من 84% إلى 39%، أما معدل الأمية في آسيا فقد انخفض من 63% إلى 25%، وكذا الأمر بالنسبة لأمريكا الجنوبية وجزر الكاريبي من 42% إلى 12%، وبشكل عام فقد انخفضت معدلات الأمية في العالم من 7% إلى 1%. وخلال الخمسين سنة الماضية انخفض المعدل من 50% إلى 25%.
وتحدث التقرير عن عدد الأميين في العالم فأشار إلى أنهم يبلغون 875 مليون، 63.7 منهم من النساء. ومع ازدياد عدد الأميين في العالم بنسبة 1.9 مليون شخص عن عام 1970م، إلا أنه تم محو أمية 17 مليون شخص منذ تلك الفترة.
كما قدم التقرير أرقاماً تتعلق بتطور وارتفاع معدلات التمدرس، فقد ارتفع عدد الأطفال الذين التحقوا بالتعليم الأساسي من 206 ملايين عام 1950م إلى 668 مليون سنة 1997م. أما الذين التحقوا بالتعليم الثانوي فقد ارتفع عددهم من 40 مليون إلى 398 مليون، وفي التعليم العالي ارتفعت النسبة من 5.6 مليون إلى 88.2 مليون.
في المقابل يصل عدد الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدارس إلى 110 ملايين طفل وهذا ما يجعل الهدف الذي وضعه مؤتمر تايلاند بالقضاء على الأمية مازال بعيد المنال.
شارك في منتدى داكار أكثر من ألف شخص يمثلون (150) دولة، من بينهم قرابة (100) وزير تربية، وقدمت خلاله مجموعة من التقارير عن الوضع المحلي لقطاع التربية وما يعاني من من مشاكل وأزمات، ومن خلال مناقشة هذه التقارير تم التوصل إلى خطط جديدة واستراتيجيات كفيلة بتحقيق الشعار الذي رفعته جميع هذه المؤتمرات والندوات وهو: «التربية والتعليم للجميع».
وقد اتفقت الدول المشاركة بعد اختتام أعمال هذا المنتدى العالمي حول التعليم على الشروع في حملة كبيرة من أجل إتاحة التعليم لجميع الأطفال بحلول عام 2015م، والتزام جميع الدول بمقررات منتدى داكار حول التعليم وعلى رأسها «التزام حكومات دول العالم بتحقيق تعليم مجاني لجميع الأطفال والعمل الجماعي من أجل انجاز ذلك خلال 15 عام» كما جاء في التقرير النهائي.
لكن مجموعات المنظمات غير الحكومية التي تعمل ضمن إطار «الحملة الدولية من أجل التعليم وإن كانت قد استقبلت قرارات المنتدى بارتياح، إلا أنها لم تخف تخوفها وتحفظها حول آليات تطبيق قرارات المنتدى. يقول الناطق باسم الحملة يان كلوخليست في حوار مع جريدة الحياة اللندنية: «ليس واضحاً كيف ستحدد الطريقة التي سيتم بها الدعم الدولي، لدينا شعور بأن إطار داكار أفضل من قرارات مؤتمر جياميتن قبل عشر سنوات لأن فيه خطوات أكثر تحديداً للدعم العالمي لإتاحة التعليم الأساسي المجاني للجميع، لكننا نشعر بشدة بأن على الدول فعل الكثير لتحقيق هذه الخطة الطموحة...».
إلى جانب ذلك أشارت جل التقارير المقدمة إلى أهمية الاستفادة من التطور التكنولوجي الذي تعرفه وسائط الإعلام والاتصال وخصوصاً شبكة الانترنت لزيادة فعاليات التعليم وأعداد المتعلمين، وإدخال التغييرات المطلوبة في المناهج التعليمية بمراعاة هذا التطور العلمي والتقني الهائل..
نظم قسم الدراسات العربية في الجامعة الأمريكية مؤتمراً علمياً تحت شعار: «السيطرة والحراك الاجتماعي وتحقيق الذات من خلال التعليم والثقافة في العالم الإسلامي منذ العصور الوسطى» وذلك بين 13ـ15 نيسان (ابريل) 2000م، المحاور التي عالجتها البحوث المتقدمة كانت متنوعة لكنها ركزت على الفضاء المصري باعتباره حقل دراسة يشبه في ملامحه الفضاءات الإسلامية الأخرى التي تأثره به. أهم هذه المحاور هي:
1ـ التعليم والثقافة في العالم الإسلامي في العصور الوسطى، وقد قدمت الأستاذة غادة الجميعي من جامعة القاهرة ورقة ضمن هذا المحور تحت عنوان: «الجامع العمري ودوره التعليمي منذ الفتح الإسلامي»، كما تحدث د. جون مليوي من الجامعة الأمريكية في بيروت عن «خروج المحمل والتمييز الاجتماعي في القاهرة المملوكية» أما د. شهاب أحمد من الجامعة الأمريكية في القاهرة فقد تحدث عن «التراث الإقليمي في الثقافة الإسلامية في العصور الوسطى».
2ـ محر التعليم والثقافة في مصر العثمانية، وقدم فيه مجدي جرجس ورقة حول: «إبراهيم الناسخ والثقافة في القرن 18»، ود. صلاح هريدي من جامعة الاسكندرية حول: «التعليم في مصر في القرن 18م» وكذلك قدم د. عبد الحميد سليمان من جامعة المنصورة بحثاً حول الثقافة والتعليم في دمياط في العصر العثماني.
3ـ في محور التعليم والثقافة في مصر في القرن التاسع عشر، قدمت د. آمنة مجازي ورقة تحت عنوان: «التعليم والوطنية المصرية» كما تحدث محمد رفعت الإمام عن: «الأرض والثقافة المصرية خلال القرن 19م».
4ـ في محور العلماء والثقافة قدمت مجموعة من الأوراق منها: ورقة د. هواري طواطي تحت عنوان: «هل يشكل علماء العصور الوسطى جماعة متضامنة»، وورقة د. راندي وغيليم حول: «الصالونات الأدبية وتحقيق الذات في دمشق والقاهرة في أواخر العصر العثماني»، كما قدمت د. رشيدة شيخ من معهد الدراسات الشرقية دراسة حول: «رجال الدين في الأقاليم المصرية في العصر الحديث».
دراسات أخرى نوقشت خلال أعمال المؤتمر نذكر منها: دراسة أحمد دياب علي من جامعة الفاتح في ليبيا حول: «دور الرواد السودانيين من خريجي الأزهر في نشر التعليم والثقافة العربية في السودان»، ودراسة نيرمين عبد المنعم من جامعة القاهرة عن: «الدلالات التاريخية لتغير زي الرأس في المجتمع المصري». وكذلك قدم د. محمد أبو الإسعاد ورقة عن: «التعليم والنخبة في عهد الإحتلال البريطاني لمصر».
لمناقشة متطلبات المرحلة القادمة، وسبل تطوير التعليم العالي والنهوض به ليكون أكثر انسجاماً مع الاحتياجات العلمية والتنموية خلال القرن الحادي والعشرين، عقد مجلس اتحاد الجامعات العربية الذي تأسس سنة 1964 دورته الثالثة والثلاثون، في بيروت بين 15ـ19 نيسان (أبريل) 2000م.
حضر جلسة الافتتاح ممثلون عن الحكومة اللبنانية بالإضافة إلى د. فكتور بله مدير المكتب الإقليمي للأونيسكو، ود. محمود خريباني رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، إلى جانب (150) شخصية أكاديمية عربية من بينهم (81) رئيس جامعة وعمداء ومديرو الكليات في الجامعة اللبنانية، وعدد من المهتمين بقطاع التعليم العالي.
د. أسعد دياب رئيس الجامعة اللبنانية ألقى كلمة في الجلسة الافتتاحية أكد فيها أهمية ودور التعليم العالي في إعداد الرأسمال البشري، ودعا إلى الاهتمام بثقافة التنمية والمقاومة. أما د. أمين محمود رئيس الدورة السابقة فقد أشار إلى المتغيرات التي عرفتها العقود الأخيرة حيث تحول الاستثمار الكثيف للقوى البشرية العاملة إلى استخدام للتقنيات المتطورة، كما اعتبر الجامعات مسؤولة عن مواكبة هذه التطورات والمتغيرات.
أما د. سعيد محمد المليص مدير مكتب التربية لدول الخليج، فقد أعلن عن استعداد مكتب التربية الدائم للمساهمة في تطوير القطاع التربوي والتعليم العالمي ليتماشى مع متطلبات العصر والتحديث. كما أشار د. مروان راسم كمال أمين اتحاد الجامعات العربية إلى الدور المهم الذي يلعبه التعليم العالي في الوطن العربي ومساهمته في التغلب على التخلف الاقتصادي والاجتماعي، ثم ألقى الوزير أنور الخليل كلمة تحدث فيها عن العناية والمكانة التي يحظى بها التعليم العالي في لبنان،يظهر ذلك في التشريعات والقوانين الصادرة والخاصة بهذا القطاع، والاتفاقيات التي أبرمتها الدولة مع المنظمات والدول من أجل التعاون لتفعيل دور التعليم العالي بشكل عام.
بعد الاجتماعات الخاصة بإعادة تنظيم الشؤون المالية والإدارية، انعقدت الجلسة الأولى برئاسة الرئيس الحالي للدورة د. أسعد دياب، وقدمت فيها مجموعة من الأبحاث لكل من د. محمد غانم، وعبد الحميد بهجت فايد وأنطوان حبيب رحمة، وتمحورت جلها حول الدور التنموي للجامعات العربية، كما ناقشت موضوع مصادر التمويل الخاصة بالتعليم العالي.
كما قدم د. وليد صالح بوحمرا (جامعة الكويت) بحثاً حول: «سياسات التعليم العالي في التعليم المستمر: تجربة دول مجلس التعاون الخليجي»، وتحدث د. وليد صيام من الأردن عن واقع وآفاق البحث العلمي المستقبلية في العالم العربي، أما د. عبد الرحمن صائغ من جامعة الملك سعود فقد قدم بحثاً تحت عنوان: «سبل تمويل التعليم الجامعي في المملكة العربية السعودية».
في اليوم الثاني خصصت الجلسة الأولى لمناقشة توصيات اللجان الثلاث: العلمية الثقافية، الإدارية التنظيمية والعضوية. وبعد الجلسة الختامية صدرت التوصيات التي تألفت من 27 بنداً تضمنتها ثماني صفحات فولسكاب. أهم هذه البنود تبادل تدريس طلاب الجامعة العربية، توسيع مشاركة الجامعات العربية في الملتقيات الطلابية، الموافقة على اقتراح المجلس العربي للدراسات العليا والبحث العلمي بإحداث دراسات عليا في تخصص الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية والحاسوب. الموافقة على الطلبات الجديدة للعضوية داخل الاتحاد لعدد من الجامعات.
كما تحدثت التوصيات عن أهمية ربط بعض مكتبات الجامعات العربية بالشبكة العالمية للمكتبات (WUC)، ووضع جائزة لأفضل بحث علمي، وتنفيذ مشروع ترجمة بعض المراجع العلمية، ودعت الجامعات العربية لتوفير المزيد من المنح الدراسية لأبناء المخيمات الفلسطينية المتفوقين.
ومن المقترحات التي تداولها المشاركون، إقامة المؤتمر القادم في أسيوط (مصر) على أن يعقد المؤتمر الذي يليه في جامعة الفاتح في ليبيا.
نواصل في هذا العدد الجديد من المجلة متابعاتنا للأنشطة والفعاليات المتعلقة بالتحضير لعام الحوارات الذي اقترحه الرئيس الإيراني السيد محمد خاتمي وأقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك سنة 2001م، من بين هذه الأنشطة الحوار الذي أجرته «قناة الجزيرة الفضائية» في إطار برنامج «بلا حدود» في 9 نيسان (أبريل) 2000م مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الحوار بين الحضارات، الإيطالي جياندو مينكو بيكو، الذي ركز حديثه حول أهمية الحوار وتنوع الثقافات، داعياً إلى احترام الخصوصيات الثقافية للدول والشعوب، وقد صرح بيكو وهو مكلف بإدارة حوار الحضارات الذي ستشارك فيه منظمات وهيئات غير حكومية من جميع أنحاء العالم بأن «مهمته عسيرة وصعبة، والنجاح فيها ليس مضموناً، وأن التقدم ولو بمقدار ملليمتر واحد، سوف يشجع جميع من يؤمنون بالتنوع الحضاري والثقافي على توطيد الأمل بإمكانية العيش بسلام وسعادة بين الأمم والشعوب، فالتنوع الإثني والثقافي واختلاف نمط الحياة ـ يضيف السيد بيكو ـ لايشكل خطراً على أحد.. أما بخصوص العولمة فقد اعتبرها مجرد هيمنة إذا لم تحترم هذا التنوع الثقافي الذي يحفل به العالم..».
هناك كذلك مجموعة من الأنشطة السياسية والفكرية تعرضت لمشروع حوار الحضارات وأشادت به، من هذه الأنشطة انعقاد مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الذي أنهى أعماله في 5 أيار (مايو) 2000م، والذي أعرب المشاركون فيه عن تصميم الاتحاد على «تنشيط الحوار بين الحضارات والثقافات في العالم».
وكان المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية الإيرانية د. هادي خانيكي قد أكد أن حوار الحضارات يجعل الجماهير في العالم على معرفة أفضل بعلوم وحقائق الجغرافيا، جاء ذلك أثناء انعقاد ملتقى دولي تحت عنوان: «الجغرافية أرضية لحوار الحضارات» نظمته جامعة الفردوسي في مشهد بالتعاون مع المركز العالمي لحوار الحضارات والاتحادات العالمية لعلوم الجغرافية واتحاد الجغرافية في إيران، وعقد خلال شهر أيار (مايو) 2000م كذلك. وفي لقائه وزير خارجية الهند الذي زار طهران خلال شهر مايو (أيار)، أكد السيد محمد خاتمي أن «باستطاعة إيران والهند أن تؤديا مع بعضهما دوراً مهماً للغاية في حوار الحضارات على الصعيد الدولي»، أما وزير الخارجية السيد جاسوانت سينغ فقد اشاد بدوره بمشروع الحوار بين الحضارات، وتحدث عن أهمية المؤتمر الإيراني ـ الهندي المشترك الذي سينعقد لمناقشة هذا المشروع وتفعيله.
وقد انعقد خلال هذا الشهر كذلك أول مؤتمر حول حوار الحضارات في مدينة نابولي الإيطالية، نظمه مجلس النواب الإيطالي بالتعاون مع جامعة نابولي، وهو أول مؤتمر برلماني تخصصي بعد الاجتماع الأول العام الماضي في روما لرؤساء برلمانات كل من مصر وإيران وإيطاليا واليونان وقد حضره سياسيون ومفكرون وأساتذة جامعات. وخلال انعقاد المؤتمر وجه السيد ناطق نوري رسالة إلى المشاركين جاء فيها: «إن حوار الحضارات يجب أن يكون إطاراً لإرشاد البشرية إلى السعادة الحقيقية وتحقيق السلام الحقيقي لأبناء البشرية جمعاء بغض النظر عن اللون والانتماء والقومية والدين..». ومن المقرر تنظيم المؤتمرات اللاحقة الثانية والثالثة والرابعة مع مطلع عام 2001م في ثلاث دول هي: مصر وإيران واليونان.
وخلال النصف الأول من حزيران وفي مدينة قرطاج التونسية ألقى وزير الخارجية الإيراني محاضرة حول مشروع حوار الحضارات في «المجتمع التونسي للآداب والعلوم والفنون» توقع فيها أن يدشن هذا المشروع «عصراً جديداً» من التقارب والتفاهم بين الشعوب وحضاراتها. كما توقع أن تصادق الأمم المتحدة «في غضون أسبوعين أو ثلاثة» على اقتراح قدمته منظمة المؤتمر الإسلامي بخصوص إطلاق حوار شامل بين الحضارات. واعتبر خرازي أن هذا المشروع «يشكل برنامج عمل للسنوات العشر المقبلة». كما توقع أن يعتمد الاجتماع المقبل للأمم المتحدة في كوالالمبور (ماليزيا) الخاص بحوار الحضارات برنامجاً تنفيذياً لتكريس المشروع الإيراني.