شعار الموقع

هذا العدد

2004-10-14
عدد القراءات « 569 »

مازال أمام الخطاب الإسلامي المعاصر الكثير من القضايا والإشكاليات التي تحتاج للمعالجة وإعادة النظر والتحليل، خصوصاً في ظل ثورة للمعلومات لم يعرفها العالم من قبل، وعولمة ثقافية «غريبة» هزت أركان ثقافات باقي الشعوب والحضارات، ووضعتها أمام تحديات كبيرة وخطيرة. فإما التفاعل الإيجابي الذي يتعاطى مع هذه العولمة الثقافية بنوع من المجابهة والتحدي، مستفيداً من مزاياها في مجال الاتصال والتقنية المتطورة، ليحافظ على الخصوصيات والقيم المتعالية. وإما الإنغلاق والتراجع والتعاطي السلبي معها، ما يفسح المجال لهيمنة هذه العولمة الثقافية، التي تصر على اختزال التعدد الثقافي العالمي لحساب ثقافة «أمريكية» ذات قوالب نمطية معروفة.

طبعا يمكن الحديث عن خطوات مهمة قطعها الخطاب الإسلامي المعاصر في مجال التعامل مع قضايا ذات حساسية خاصة وأبعاد عالمية، مثل الموقف من الديمقراطية وحقوق الإنسان، والموقف من الآخر المخالف والمغاير بشكل عام، وغيرها من القضايا المطروحة على الصعيدين المحلي والعالمي مثل مشاكل التنمية والتلوث البيئي...

كذلك يمكن الحديث عن ارتفاع وتيرة الممانعة عن طريق توسيع مجال النقد المزدوج للذات وللآخر، وهذا ما ظهر في كتابات متميزة حاولت أن تقدم، أولا: وجهة نظر نقدية فاحصة لعدد من المواضيع الإشكالية الحساسة، التي يعاني الواقع الإسلامي من تداعياتها السلبية، وتساهم في إبقاء الوضع على ما هو عليه من جمود وتحجر بشكل عام.

ثانياً: توجيه النقد العلمي الموضوعي كذلك لما تبثه وتروج له وسائط الإعلام العالمية، من أفكار ذات حمولات معرفية وقيمة، وأيديولوجيات مغايرة. لكن لايمكن الادعاء بأن هذه الممانعة قد بلغت شأواً يجعل الخطاب الإسلامي يخلد للراحة أو يركن للدعة، وإنما هي في بدايتها، ومازال أمام هذا الخطاب ـ كما قلنا قبل قليل ـ الكثير من مما عليه فعله، وتقديمه والسعي لإنجازه، فالعقبات كأداء والتحديات تزداد قوة وصلابة كل يوم.

في هذا العدد من مجلة الكلمة ـ وكدأبها كل مرة ـ مواضيع متنوعة، لكنها تصب في نهاية المطاف في خدمة الخطاب الإسلام المعاصر عن طريق بلورت رؤية نقدية تحليلة للمواضيع المعالجة، سواء تعلق الأمر بقضايا تراثية ما زالت موضع دراسة ونقاش، أو الكشف عن بعض ملامح التجديد في الفكر الإسلامي المعاصر، وصولاً إلى تقديم رؤية جديدة لطبيعة العلاقة المفترضة بين الأمة والدولة. والمساهمة في تعميق النقاش والنقد لتداعيات العولمة.

بالإضافة إلى قراءة في أوراق مؤتمر حول تأثير التحولات العالمية على مستقبل الوطن العربي. كل ذلك إلى جانب بعض الإبداعات الفكرية المتميزة، والأبواب الثابتة التي لم تخرج بدورها عن هذا السياق العام.

                                                     نسأل الله التوفيق والسداد