نظم المعهد العالمي للفكر الإسلامي (مكتب الأردن) دورة دراسية تدريبية حول «المنهجية الإسلامية للمعرفة الإنسانية»، بين 20ـ27 تموز (يوليو) 1999 من أجل الإسهام في جهود بناء الرؤية الإسلامية الشمولية لقضايا الفكر والمعرفة الإنسانية،بحيث تفيد هذه الرؤية المشاركين في بيان كيفية فهم هذه القضايا، وربط فروعها بأصولها،وتوضيح مناهج التعامل معها في ضوء المقاصد والغايات الإسلامية العامة..
أما الأهداف الخاصة للدورة فقد حددها المنظمون في ثمانية نقاط هي:
1ـ توضيح أهمية البعد الفكري والمنهجي في العمل الإسلامي.
2ـ بيان مفهوم المنهجية وخصائص التفكير المنهجي.
3ـ بيان مفهوم النظام المعرفي الإسلامي وعناصر هذا النظام وعلاقته بنظرية المعرفة في المنظور الإسلامي.
4ـ بناء المنهج الذي يجب أن يسلكه المسلم المعاصر في التعامل مع القرآن الكريم والسنة النبوية في ضوء مناقشة مزايا وخصائص المناهج السائدة حالياً .
5ـ بناء المنهج الذي يجب أن يسلكه المسلم المعاصر في التعامل مع التراث الإسلامي.
6ـ بيان طبيعة الأزمة التي يعاني منها الفكر الغربي، وأثر هذه الازمة في واقع العلوم الاجتماعية السائدة،ودور المنهجية الإسلامية في إعادة بناء هذه العلوم.
7ـ إدراك الحاجة إلى منهجية إسلامية للبحث، وبيان ملامح هذه المنهجية.
8ـ توضيح المفاهيم المتعلقة بإسلامية المعرفة، وعناصر مشروعها.
شارك في فعاليات الدورة أكثر من ثلاثين باحثاً من طلبة الدراسات العليا والدكاترة من الأردن وسوريا ولبنان والمغرب واليمن وتركيا وإيران. وتميزت أعمالها بالحيوية والتفاعل الجاد، حيث ساد التجانس والنشاط في جميع أيام الدورة.
افتتحت الدورة بحضور أغلب المشاركين، وتحدث في البداية الدكتور فتحي ملكاوي المدير التنفيذي للمعهد. فرحب بالمشاركين وأكد على أهمية موضوع الدورة وبالنسبة لأنشطة المعهد والأهداف المرجوة من هذه الأنشطة. ثم تناول الكلمة بعده الدكتور إسحاق الفرحان رئيس جامعة الزرقاء الأهلية وعضو مجلس أمناء المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الذي دعا المشاركين إلى الاستفادة من برنامج هذه الدورة والتفاعل معه بشكل يحقق الأهداف المبتغاة منه. وتحدث كذلك الدكتور عبد اللطيف عربيات رئيس مجلس النواب الأردني السابق، عن التطور العلمي والمنهجي في العالم وأهمية الاستفادة من هذا التطور ومواكبته، أما الأستاذ زكي الميلاد رئيس تحرير مجلة الكلمة ومدير الدورة، فقد أشار في كلمته إلى الفرصة الثمينة التي يتيحها برنامج الدورة لتبادل الأفكار والآراء وتنمية المعارف، وما يحققه التواصل بين أهل العلم والمشتغلين بالمجال المعرفي من تذاكر وتفاكر وتباحث. وبعد التعارف بين المشاركين انطلقت أعمال الدورة.
المحاضرة الأولى التي ألقيت في هذه الدورة كانت للدكتور فتحي الملكاوي، تحت عنوان: «القضية الفكرية والمنهجية» وتحدث فيها عن التطور التاريخي للأزمة الفكرية المعاصرة، وكيفية التعامل معها ومعالجتها بالطرق المنهجية، كما استعرض الخطوط العامة لبرنامج الدورة.
المحاضرة الثانية كانت للدكتور علي جمعة أستاذ أصول الفقه في جامعة الأزهر وحملت عنوان: «النظام المعرفي الإسلامي» تحدث الكاتب في البداية عن أهمية دراسة النظام المعرفي ومفهومه، لأن «البحث عن المعرفة وعن النظام المعرفي ـ كما يقول ـ مرتبط بالبحث عن الحقيقة وكيفية إدراكها،وعن الفرق بين الحق المطلق والحقيقة النسبية، ومرتبط أيضاً باليقين والظن والوهم في ذلك الإدراك..» وبخصوص «مصادر المعرفة عند المسلمين فهي الوحي والوجود معاً »، لأن المسلم لايرى أي فرق بينهما، أما المكونات الأساسية لهذا النظام المعرفي الإسلامي، فقد ذكر الدكتور جمعة خمسة عشر مكوناً أهمها: 1ـ الإيمان الجازم بأن هناك إلهاً مفارقاً للكون، 2ـ الإيمان الجازم بأن الله قد اتصل بالبشر عن طرق الرسل والوحي، 3ـ التصديق بالمطلق، 4ـ المقدس، 5ـ اختلاف التنوع، 6ـ العقل مناط التكليف، 7ـ الاعتراف بالفطرة، ومن خلال استعراض هذه المكونات يتوصل الباحث إلى نتائج أهمها:
إن النظام المعرفي الإسلامي نظام قيمي، وليس نظاماً موضوعاً بالمعنى الغربي، وهو نظام واقعي كذلك أكثر منه مثالياً ، كونه نسقاً مفتوحاً يقبل دوائر إدراك الواقع ومتغيراته،باعتباره يبحث عن الحق في نفسه.
المحاضرة الثالثة كانت بعنوان: «منهج التعامل مع الواقع»، وقدمها الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في البداية تحدث الباحث عن إشكالية إهمال فقه الواقع مع أهميته ضمن سياقات البحوث العلمية لدراسة الظواهر الاجتماعية والسياسية والدولية،والواقع ـ كما يقول الباحث ـ «ليس نقطة زمنية معينة،بل هو في غالب الأمر يشير إلى الحاضر المعاش بكل تكويناته، كما يشير وبنفس القدر إلى (ماوقع)، بما يشيرإلى الامتداد الزمني في الماضي والتاريخ، والمتوقع (الامتداد الزمني في المستقبل)، بما يحقق أصول الاعتبار ومقتضيات التدبر».
وفقه الواقع يعتبر عنصراً من عناصر منظومة تحرك عملية الاجتهاد والبحث، والتجديد الحضاري، إن القضية كما يقول د. عبد الفتاح: هي كيف نقرب الواقع إلى العقل المسلم المستنير? وكيف نجعل الطاقة الحيوية الذهنية والفكرية والثقافية طاقة مشعة في هذا الواقع، وبالتالي فاعلة فيه.
إن دراسة فقه الواقع تقتضي تحريك عناصر مراجعة واهتمام ببعض المسائل أهمها: الإدراك الواعي بشروط العمل الفكري، واتخاذ موقف يحدد عناصر الإلتزام دون إهدار العلمية والمنهجية، كما أن فقه الواقع لاينفصل بحال عن التفهم الواعي بحقيقة ودلالة الإسلام في كياناتنا الفكرية والعقلية،وأخيراً إعادة بناء الجسور في شبكة اتصالاتنا الثقافية والحضارية على نحو يستهدف إستعادة الجدية الحضارية للأمة الإسلامية، ثم تحدث الباحث بالتفصيل عن دراسات فقه الواقع: رؤية معرفية،فقه الواقع وعلمية الاجتهاد، فقه المنهج: الضابط المنهجي.
ثم تحدث الدكتور أحمد القضاة أستاذ التفسير المساعد بجامعة الزرقاء الأهلية حول: «منهج التعامل مع القرآن»، فاستعرض الجهود التي قدمها القدماء في مجال التفسير والحديث عن مفهوم المنهج والمنهجية، وإظهار أهمية البحث في منهجية التعامل مع القرآن الكريم. ثم تحدث د. القضاة عن مفاتيح النظر في القرآن والتي أجملها في خمس نقاط: 1ـ البيان القرآني، 2ـ القرآن كتاب هداية، 3ـ الشخصية المستقلة للناظر في القرآن، 4ـ وحدة القرآن الكريم وترابط آياته وعدم الاختلاف فيما بينها، 5ـ الرؤية المنهجية والنظرة المقاصدية. ثم فصل القول في أركان منهج التعامل مع القرآن التي حددها في: القراءة،التدبر، العمل، واعتبرها «بحق أركان المنهج الصحيح في التعامل مع القرآن الكريم».
ثم تحدث الدكتور عبد الجبار سعيد أستاذ السنة وعلوم الحديث بجامعة الزرقاء الأهلية عن: «منهجية التعامل مع السنة النبوية»، فرأى أن السنة تتعرض لاعتداءات من نوع جديد «لاعلاقة له بوضع الحديث أو اختلافه، أو عدم ضبط روايته،وإنما سوء عرضه من جهة، وفصله عن مقاصد الدين وكلياته، وعن النصوص ذات العلاقة به، من قرآن وسنة من جهة أخرى». وغير ذلك من صور اعتداء نستطيع أن نجملها تحت عنوان: «التعامل مع السنة بغير منهجية». واستعرض الباحث مظاهر الخلل مجملاً إياها في ستة نقاط أهمها: الفصل بين أجزاء الوحي ومفرداته، الفصل بين السنة والرؤية الشمولية المقاصدية للشريعة الإسلامية، التسرع في رد الأحاديث، الفصل بين الفقه والحديث. ثم انطلق بعد ذلك للحديث عن الضوابط المنهجية السبعة المقترحة للتعامل مع السنة. وهي: 1ـ التوثق من الحديث سنداً ومتناً وفق القواعد والشروط المحددة من قبل العلماء، 2ـ عرض السنة على القرآن الكريم، 3ـ عرض السنة على السنة الصحيحة سنداً ومتناً ، 4ـ عرض السنة على الحقائق الكونية والتاريخية والعلمية، 5ـ عرض السنة على المقاصد، 6ـ فهم السنة في سياقها الزمني الواقعي الذي وردت فيه، 7ـ حسن تنزيل السنة على الواقع.
أما الدكتور طه جابر العلواني رئيس جامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية فقد تحدث عن القرآن الكريم باعتباره المرجع الأعلى والأول في نظام التفكير الإسلامي وفي نظام المنهجية الإسلامية كذلك. كما تناول قضية العلاقة بين القرآن والسنة النبوية الشريفة. الأستاذ زكي الميلاد رئيس تحرير مجلة الكلمة تحدث بدوره حول «منهج التعامل مع التراث الإسلامي». فأوضح أن قيمة التراث في المنظور المعرفي الإسلامي، تتحدد من جهتين الأولى: علاقة التراث بالوحي الذي يعتبر إطاراً مرجعياً له، وعلاقة التراث بالحضارة التي أنشأها المسلمون. وبخصوص منهج التعامل مع التراث الإسلامي أكد الميلاد على أهمية بلورة المنظور المعرفي والمنهجية لهذا التعامل، والنظر النقدي والتعامل الموضوعي مع التراث بالإضافة إلى الانفتاح على التراث في كليته وشموله لمختلف التيارات والانتاجات الفكرية.
أما الدكتور حمود عليمات أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأردنية فقد تحدث في بداية محاضرته التي حملت عنوان: «منهج التعامل مع الفكر الغربي»، عن أهمية بناء هذا المنهج وبيان موقعه من المنظومة المنهجية الشاملة لمشروع إسلامية المعرفة. ثم قام بتفكيك وتحليل المصطلحات المكونة لعنوان دراسته، لكي يستخلص من خلال ذلك المحاور والمكونات والأركان التي تشكل أعمدة بنيان المنهجية التي نسعى لها، كما يقول الدكتور عليماتـ. ثم انطلق ليعرف هذه المقومات والأركان بشكل تفصيلي، فتحدث أولاً : عن المقومات الذاتية واستعرض اهم مقوماتها مثل: معرفة وإدراك راسخ بالمرجعية الحضارية من حيث المعرفة،وترسيخ بنيان المنهجيات الرئيسية المتعلقة بكيفية التعامل مع القرآن والسنة والفقه والتراث الإسلامي بشكل عام، إدراك الحالة الراهنة للأمة الإسلامية (الإنسان: الفرد والمجتمع).
ثانياً : المقومات الموضوعية (معرفة الآخر)، والمقصود بهاـ كما يقول د. عليمات «تلك العوامل والخصائص المرتبطة بالآخر ـأي الفكر الغربي ـ الذي نريد التعامل معه». ومنهجياً يمكن معرفة الآخر من خلال المحاور التالية:
1ـ الأسس (المذهبية، العقائدية، المعرفية) للفكر الغربي، 2ـ مناهج التفكير الغربي وحركة الأفكار، 3ـ اجتماعية الفكر الغربي، 4ـ الحالة الراهنة للفكر الغربي.
ثم تحدث عن المقدمات المشتركة بين الدائرة الغربية والإسلامية، من خلال البحث عن نقاط الإلتقاء في المجال العقائدي والمعرفي والاجتماعي، وتجارب الإلتقاء السابقة وظروفها التاريخية لدى الطرفين، إشكاليات التلاقي: التأثيرات المتبادلة. وبعد عرض المقومات المنهجية تحدث الباحث عن كيفية التعامل الواقعي، مقترحاً تعزيز التفاعل الفكري بالتفاعل الاجتماعي،لأن المنهجية لن تكتمل إلا باللقاء والتحاور «بين ممثلين من المنظومتين الفكريتين». وأخيراً قدم د. عليمات نماذج تطبيقية لمنهجية التعامل في مجال علم الاجتماع.
وفي أعمال اليوم الأخير تحدث الدكتور طه جابر العلواني حول العلاقة بين العلوم الإسلامية والعلوم الاجتماعية. حيث أوضح أن الوحي هو المرجع الذي نشأت فيه العلوم الإسلامية في ظل الحضارة الإسلامية. وأن العلوم الاجتماعية نشأت في إطار من الفلسفة الغربية. وكيف أن إسلامية المعرفة هي محاولة التأسيس المعرفي والمنهجي للعلوم الإسلامية والعلوم الاجتماعية.
وتحدث الدكتور عبد الحميد أبو سليمان رئيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي، في الكلمة الختامية عن تجربة المعهد وتطور هذه التجربة، وتطلعاته المستقبلية.
الجلسة الختامية لأعمال هذه الدورة الدراسية خصصت للتقويم والمراجعة من طرف المشاركين، ثم وزعت الشهادات على المشاركين.
مؤتمر: نحو مشروع حضاري لنهضة العالم الإسلامي
عقد في القاهرة بين 22ـ25 حزيران (يونيو) 1999. المؤتمر الحادي عشر للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية. تحت شعار، «نحو مشروع حضاري لنهضة العالم الإسلامي» وقد شارك فيه 75 دولة عربية وإسلامية و6 منظمات إسلامية،وبحضور قرابة 400 شخصية فكرية وسياسية على رأسهم عدد من وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية.
استمر المؤتمر أربعة أيام، ناقش المشاركون فيها في جلسات صباحية ومسائية ثلاثة محاور رئيسية هي:
المحور الأول: المجال الثقافي والمقومات الأساسية والثقافية للمجتمع الإسلامي والتيارات الثقافية المعاصرة في العالم الإسلامي وأثر العولمة على الهوية الثقافية ووسائل الحفاظ عليها.
المحور الثاني: المجال الاجتماعي والمقومات الأساسية للمجتمع في العالم الإسلامي ونظام الأسرة، ودورها في المجتمع ومفهوم التكامل الاجتماعي ودور الدولة في كفالة العدالة الاجتماعية.
المحور الثالث: حول المجال الاقتصادي والتعاون في هذا المجال بين الدول الإسلامية، ومناقشة السلبيات التي تعوق دعم هذا التعاون.
وقد وصف وزير الوقاف المصري الدكتور حمدي زقزوق المؤتمر في تصريح صحافي بأنه أكبر تجمع إسلامي تحتضنه مصر كل عام لمناقشة القضايا المختلفة التي تهم العالم الإسلامي. حضر جلسة الافتتاح كل من شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي والبابا شنودة والدكتور ناصر الدين الأسد رئيس المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في الأردن، ومفتي مصر الدكتور نصر فريد واصل، والدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر، وعدد من الوزراء والشخصيات السياسية المصرية والعربية والإسلامية.
الكلمة الأولى في جلسة الافتتاح كانت للرئيس المصري محمد حسني مبارك. وقد ألقاها نيابة عنه وزير الأوقاف الدكتور حمدي زقزوق، ومما جاء فيها التحذير من زيادة حجم الفجوة التي تفصل العالم الإسلامي عن العالم المتقدم، وأنه «لم يعد ممكناً ضياع مزيد من الوقت». وبخصوص العولمة: «إن عصر العولمة الذي يعيش العالم فيه هو عصر التكتلات الاقتصادية، ولم يعد أمام المسلمين مفر من مواجهة هذه الحقيقة.. ولاسبيل أمام العالم الإسلامي للخروج من مأزقه الحالي إلا التنمية الشاملةوالشروع فيها، والإيمان بأنها الطريق الأوحد للخلاص..».
وأضاف د. حمدي زقزوق: «لابد من الإعتراف بأن الدور الذي يقوم به المسلمون في عالمنا المعاصر لايتناسب إطلاقاً مع مالديهم من قدرات وما يملكونه من إمكانيات بشرية ومادية، بل ولايتناسب مع المعطيات الحضارية لعقيدتنا وتاريخنا» وأكد أن المسلمين «في حاجة اليوم إلى وقفة مع النفس للقيام بتشخيص على الحاضر وتذكر دروس الماضي واستشراف المستقبل..» وطالب في الأخير المشاركين في المؤتمر بضرورة التفكير الجاد في الاتفاق على أسس مشروع حضاري لنهضة العالم الإسلامي ثم تحدث الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر، مشيداً بهذا التجمع الإسلامي الكبير الذي يدعم قيم التآخي والتعاون بين المسلمين. وقال شيخ الأزهر: إن المسلمين مدعوون للتفاعل الحضاري ونشر الثقافة الإسلامية، استناداً إلى قيم الإخاء الإنساني التي دعا إليها الإسلام. واعتبر طنطاوي أن فكرة تصادم الحضارات فكرة خاطئة،لأن الحضارات يجب أن تتعاون وتترابط لخير الإنسان وليس للتصادم. ودعا المسلمين إلى أن تكون انطلاقتهم القادمة معتمدة على منهجية التخصص، وان يراعي المتخصصون مجالات اختصاصاتهم بعناية واهتمام.
وألقى الدكتور ناصر الدين الأسد كلمة الوفود المشاركة، مبرزاً فيها أهمية التحديات التي يعيشها العالم الإسلامي في ظل العولمة الغربية، ودعا إلى إنطلاقة اسلامية جديدة وفاعلة معتمدة على الرؤية الحضارية الإسلامية الواضحة بعيداً عن أي تبعية للآخر أو تأثر سلبي.
أما الدكتور عبد الصبور مرزوق نائب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية. فقد دعا لأن يكون للإنطلاق الإسلامي قواعده العلمية. فالمسلمون الآن يبلغ تعدادهم خمس العالم ولهم مكانتهم الجغرافية والديمغرافية. لذلك لابد من استغلال هذه الإمكانات استغلالاً جيداً . وأكد الدكتور مرزوق على أهمية مشاركة المسلمين ومساهمتهم الفعالة في النشاط العالمي لأن ضعف مساهمتهم ستؤثر سلباً في مجال تقدمهم وحقوقهم.
ومن الكلمات المهمة التي ألقيت في الجلسة الأولى كلمة رئيس المجلس الإسلامية الشيعي الأعلى الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين. الذي أكد على رغبة المسلمين في المشاركة والتواصل مع العالم من أجل إثراء الحضارة الإنسانية، وقال الشيخ شمس الدين: «إن العالم الإسلامي سيسير نحو أوضاع مثيرة للقلق، ذلك أن الأنظمة الحاكمة وهيئات المجتمع معاً قد فشلت في بناء دولة حديثة، وبناء مجتمع مدني أهلي، معافى، وانتاج نموذج خاص للديمقراطية، ونموذج خاص لتوحيد أنظمة المصالح بين دوله وأقطاره، وأن هذا الفشل يعود إلى غياب الحرية والاجتهاد، وهما الشرطان الضروريان لنمو المعرفة، ولبناء شخصية حضارية». وجدد دعوته إلى ضرورة المهادنة داخل الأمة، ورأى أن القوى الفاعلة في الغرب عملت على إيجاد الفراغات داخل العالم الإسلامي من خلال إشعار الحركات الإسلامية، بأنها تشكل خطراً عالمياً ، ودفعها لتضخيم ذاتها، كي يكون العقاب والحصار لها بقدر ما تظن نفسها وليس بما هي عليه، وقد جرى استدراج الحركة الإسلامية إلى نفس الأفخاخ التي وقعت فيها الحركة القومية عبر إيجاد خطاب سياسي غير واقعي، وإيجاد وهم انتصار، ووهم قوة..
وفي الأخير دعا الشيخ شمس الدين إلى ضرورة البحث عن خيارات جديدة تنطلق من الإسلام، لكن دون إهمال الاستفادة من المرجعيات الثقافية المغايرة.
أما مفتي الجمهورية اللبنانية الدكتور محمد رشيد قباني فقد ركز على معالجة قضايا الأسرة باعتبارها «النواة الأساسية في المجتمع الإسلامي، وأن الطريق السليم لمعالجة مشكلات الحياة تكون بالتوافق بين الرجل والمرأة ورعاية الطبيعة المزدوجة في زواجهما».
وأكد قباني أن العالم الإسلامي «لن يبلغ نهضته المطلوبة إلا من خلال جعل التربية على القيم والأخلاق، علماً قائماً بذاته، ومادة أساسية مقررة في المدارس والجامعات..».
وأضاف: «إن العلم والأخلاق في الإسلام هما دعامتا التنشئة الصحيحة في الأسرة، وهما اللذان يحددان المستوى الحضاري لنهضة الأمة والمجتمع.. فالأمة لن تبلغ نهضتها إلا من خلال التربية على القيم والأخلاق، والإسلام يساعد على بلوغ هذه الغاية..».
التقرير العالمي الأول للعلوم الإجتماعية 1999م
صدر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) التقرير العالمي الأول للعلوم الإجتماعية «Science Report 1999 World Social» ، الذي أعده مجموعة من علماء الاجتماع من دول متعددة، في البداية يعترف التقرير بأن القرن العشرين كان قرن العلوم الاجتماعية، ففيه نضجت هذه العلوم وتطورت وتم الاعتراف بها. وقد أعلن هذا التقرير خلال المؤتمر العالمي للعلوم الذي عقد في بودابست في الفترة ما بين 26 حزيران «يونيو» إلى الأول من تموز «يوليو» 1999م.
في مقدمة التقرير الذي وضعه عالما الاجتماع ديفيد كامنسن وعلي كازانسيغيل، نجد عدة أسئلة مطروحة تتعلق بالتقارب الذي بدأ يتحقق بين علوم الإنسان والطبيعة والمفاهيم والعلوم التي ظهرت من جراء هذا التقارب والتداخل، كذلك نجد تساؤلات مهمة حول جدوائية العلوم الاجتماعية وأهميتها في إدارة الدول والمجتمعات؟ ومستقبل العلوم الاجتماعية؟ وما الذي سينجم عن تقاربها مع العلوم الطبيعية؟ وكيف يمكن حل التوتر القائم بين هياكلها التنظيمية المحدودة، ومتطلبات تعددية الأنظمة التي يفرضها عليها تفاعلها مع علوم الطبيعة؟. وما هي العلوم الجديد المتداخلة الأنظمة التي تنشأ الآن؟ وهل سيؤدي ذلك إلى إلغاء التقسيم الثلاثي الحالي للتعليم الجامعي إلى دراسات علوم الطبيعة والاجتماع والعلوم الإنسانية؟..
كما عالجت المقدمة مشكلة الهوية التي تعاني منها علوم الاجتماع في ظل تعاظم التطورات العلمية. فتسمية علوم الاجتماع تختلف من بلد لآخر، وهناك اختلاف كبير في المصطلحات المتداولة في هذه العلوم، لكن التقرير يؤكد وجود اتفاق حالياً على «اعتبار علوم السياسة والاقتصاد والاجتماع علوماً اجتماعية، فيما تعتبر علوم النفس، والأنثروبلوجيا واللغات علوماً إنسانية..» لكن الحد القاطع للعلوم الاجتماعية كما يؤكد واضعا المقدمة ومحررا التقرير: «هو أنظمتها المتداخلة Interdiscip linary أو أنظمتها العابرة للأنظمة Transdiscip linary التي تجمع بين طرق وأساليب انظمة علمية عدة..».
وفي الأخير يتمسك التقرير بأن: «علوم الاجتماع من الناحية المعرفية والطرائقية هي علوم دون شك. فهي تملك طرقها العلمية الكمية والنوعية،بما في ذلك طرق المقارنة والإحصاءات. وتملك في بعض الحالات طرقاً تجريبية ونظريات قابلة للفحص والتوثيق، إلى جانب سجلها العامر بالتقدم والانجازات. وتشارك علوم الاجتماع علوم الطبيعة في الاهتمام بأن تكون تطبيقية وقابلة للاستخدام في القضايا العملية التي تواجه الناس وحل مشاكل المجتمع..». كما تتبع التقرير مسار علوم الاجتماع في اتجاه علوم الطبيعة، وكيف تغيرت نظرة العلوم الطبيعية ذاتها إلى الكون الذي أصبح «كواقع فعال غير مستقر، وليس كآلة قابلة للتحكم من قبل البشر..». وأكد عالم الاجتماع إيمانويل والرستاين فيما كتبه ضمن هذا التقرير «بأن الدرس الأساسي للتطورات الأخيرة في علوم الطبيعة هو بالأحرى الحاجة إلى أخذ تعقيد الديناميات الاجتماعية بجدية أكبر مما في أي وقت مضى». وأضاف بأن الاكتشافات الجديدة في علوم الطبيعة والاجتماع معاً بدأت تهدد أنظمة التفكير والتصرف السائدة، «لقد جئنا ـ يقول والرستاين ـمن ماض اجتماعي زاخر بالعقائد المتضادة، سواء كانت تعود إلى العلم أو الأخلاق أو الأنظمة الاجتماعية، وها نحن في حاضر ملؤه التساؤلات حول ما إذا كان هناك وجود حقيقي لليقين. وربما نحن نشهد نهاية نوع من العقلانية لم تعد تلائم عصرنا. النبرة التي تلزمنا هي التي تقوم على المعقد والموقت وغير الثابت والتي تتطابق اليوم مع حركة متعاظمة عابرة للحدود القائمة بين الأنظمة العلمية، لكن هذا لايعني بحال الدعوةإلى التخلي عن العقلانية الأساسية..».
وفي بحث ضمن التقرير بعنوان «آثار دراسات التعقيد Complexity Studies على العلوم الاجتماعية» ان تطورات مهمة عرفها حقل المعرفة، وإن نظريات الفيزياء الجديدة، قد تركت آثارها الواضحة على الدراسات الاجتماعية.
من جهة أخرى لوحظ غياب الرأي الآخر في هذا التقرير، الذي غلب عليه نمط التفكير والتحليل الغربي الليبرالي، فمساهمات الثقافات الأخرى كانت هزيلة، وقد استشعر بعض المشاركين في وضع التقرير هذا النقص، فقد تحدث عالم الاجتماع الأمريكي والرستاين في الفصل الخاص بمستقبل علوم الاجتماع في القرن الحادي والعشرين، عن «قصور كثير من الباحثين..بالاختلاط الناجم عن استنزاف الثقافة التي ظلت سائدة نحو قرنين».
أما بخصوص المساهمة العربية، فقد جاء الفصل الخاص بالعالم العربي والإسلامي المعنون بـ «العلوم الاجتماعية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط»، «ضعيفاً ومبتسراً كما يقول بعض المراقبين. مع أن منظمة اليونسكو تضم عدداً كبيراً من الخبراء والسياسيين العرب والمسلمين. ومما جاء فيه بخصوص وضع الدراسات الاجتماعية، «اثنان من أكثر العوامل التي كانت مؤثرة في تشكيل المسار والوضع الراهن للعلوم الاجتماعية في الشرق الأوسط هي النقود والسياسة.. لكن العلاقة بين التمويل والهياكل الارتكازية لاتملك على أي حال سوى تأثير قليل على ما قد يعتبر أهم متغير: نوعية البيئة البحثية التي يعمل تحت ظلها علماء الاجتماع..» وبخصوص العلاقة بين الانفاق وبيئة البحث يؤكد التقرير أن «البلدان التي أنفقت أقل على تمويل البحث الجامعي والتدريب أنتجت أبحاثاً وباحثين بنوعية أرقى من أولئك الذين يغدقون أكثر..».
كما أشار التقرير إلى تدهور الهياكل الارتكازية للبحث في لبنان نتيجة للحرب الأهلية، لكنه أشاد بتطوير كل من المغرب ومصر مجموعات مهمة من الباحثين في كل البحوث الاجتماعية، بالرغم من صعوبة الظروف الاقتصادية والسياسية «وعلى العمومـ يقول التقرير ـ تأثرت بيئة البحث في العالم العربي وإيران بشكل سلبي نتيجة القيود السياسية التي تراوح بين المعتدلة والقاسية..وبلغت القيود في بعض الحالات درجة كبيرة من القسوة جعلت من المستحيل للعلوم الاجتماعية أن تقيم حضوراً منتظماً . ولم يسمح في بعض الحالات لعلماء الاجتماع بإنشاء جمعيات مهنية..وتواصل العلوم الاجتماعية العمل في هذه البلدان لكن تحت ظل ظروف بالغة الصعوبة، إن لم تكن خطيرة..».
التقرير العالمي للتنمية البشرية لعام 1999
دأب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في كل عام منذ عام 1990 على تكليف فريق مستقل من الخبراء بإعداد تقرير التنمية البشرية لاستطلاع القضايا الرئيسية التي تمثل شاغلاً عالمياً . والتقرير يتجاوز في نظرته نصيب الفرد من الدخل كمقياس للتقدم البشري وذلك بتقييم نصيب الفرد من الدخل في ضوء عوامل أخرى أيضاً من قبيل العمر المتوقع،ومعرفة القراءة والكتابة،والرفاه العام، وهو يرى أن التنمية البشرية هي في نهاية الأمر «عملية توسيع لخيارات الناس». وتقرير هذه السنة يركز على الجوانب الإيجابية والسلبية للعولمة،ويرى أنه بالرغم من ازدياد تهميش الملايين من البشر بسبب افتقارهم إلى إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا الجديدة ومن بينها الانترنت،فإن التفاوتات المتزايدة ليست حتمية،وقد أوصى التقرير باتباع سياسات اجتماعية أقوى واتخاذ تدابير فعالة للحماية من آثار العولمة الاقتصادية، وحث واضعي السياسات على موازنة حرصهم على الأرباح بالحرص على الناس الذين يتسبب اضطراب السوق العالمية في حرمانهم. وقد دعا التقرير إلى إعادة صياغة قواعد العولمة لجعلها في خدمة الناس لا في خدمة الأرباح فحسب. فالعولمة كما يقول التقرير أكثر من مجرد تدفق المال والسلع، فهي تزايد تكافل سكان العالم عن طريق «انكماش الزمن، واختفاء الحدود»، وهذا يتيح فرصاً كبيرة لإثراء حياة البشر وخلق مجتمع عالمي قائم على قيم مشتركة. لكن الأسواق سيطرت على العملية ولم تتقاسم الفرص والفوائد بشكل عادل.ونتج عنه هذا الوضع استقطاب «بشع» بين مستفيدين ومتلقين سلبيين لآثاره ومتأثرين به.
إن القواعد الجديدة للعولمة ـ كما جاء في التقرير ـ والجهات الفاعلة التي تضع تلك القواعد، تركز على دمج الأسواق العالمية،متجاهلة حاجات البشر التي لاتستطيع الأسواق أن تلبيها، وهذه العملية تؤدي إلى تركيز القوة وتهميش الفقراء، من بلدان وبشر على السواء،وأضاف التقرير: لقد حققنا تقدماً فيما يتعلق بالمعايير والقواعد والسياسات والمؤسسات للأسواق العالمية،أكبر من التقدم الذي حققناه للبشر وحقوقهم، وحققنا تقدماً في إنشاء منظمة التجارة العالمية أكبر من التقدم الذي حققناه في إنشاء وكالة البيئة العالمية..
وأخيراً يعترف التقرير بأن «التفاوتات العالمية في مستويات الدخل والمعيشة قد بلغت نسباً بشعة».
لكن يمكن التخفيف من سلبيات العولمة كما يقول التقرير: «بتوافر الإلتزام السياسي في المجتمع العالمي من الممكن عكس مسار تلك الآثار، وبوجود إدارة أقوى ـ على كل من الصعيد المحلي والوطني والإقليمي والعالميـ من الممكن الإبقاء على مزايا الأسواق التنافسية مع وضع قواعد وحدود واضحة لها،ومن الممكن اتخاذ إجراءات أقوى لتلبية احتياجات التنمية البشرية. وتحقيق التوازن بين الحرص على تحقيق أرباح والحرص على البشر الذين كتب عليهم الحرمان نتيجة الاضطراب في السوق العالمية حالياً . بالإضافة إلى وضع أطر شاملة لنهج فيما يتعلق بالتهديدات العالمية للأمن البشري، من قبيل فيروس نقص المناعة البشرية (الايدز)، والجريمة الدولية، وانتهاكات حقوق الانسان من جانب الشركات المتعددة الجنسيات، والتلوث العابر للحدود كالأمطار الحمضية. ودعم استحداث تكنولوجيات من أجل الفقراء، وأخيراً بناء نظام للحكم العالمي يكون أكثر تمثيلاً وترابطاً ، للحماية من آثار اقتصاد «الانتعاش ثم الانتكاس» ولتلبية احتياجات القرن الحادي والعشرين».
ومما جاء في التقرير أن خمس (1/5) سكان العالم ممن يعيشون في البلدان الغنية والمتقدمة يحصلون على 86% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و82% من أسواق صادرات العالم، و68% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة،و74% من خطوط الهاتف. أما خمس السكان ممن يعيشون في القاع وفي البلدان الأشد فقراً ، فإنهم يحصلون على 1% فقط من الناتج المحلي وأسواق صادرات العالم والاستثمارات الأجنبية وخطوط الهاتف. ومن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البلدان النامية وبلدان وسط وشرق أوروبا في التسعينات حصل 20 بلداً فقط على أكثر من 80%، وفازت الصين بينها بنصيب الأسد.
وبالنسبة للتطور في مجال التكنولوجيا وانتشار شبكة الانترنت، فقد أتاحت هذه الشبكة طريقاً سريعاً للنمو القائم على المعرفة في البلدان الغنية والفقيرة على السواء. لكن المستفيدين منها يعيشون في البلدان المصنعة بنسبة 88%، وهذه البلدان تمثل 17% فقط من مجموع سكان العالم،وهنا يبرز الفرق الشاسع بين المستفيدين من خدمات هذه الشبكة والمحرومين منها. وقد توقع التقرير أن يزيد استعمال شبكة الانترنت من 150 مليون الآن إلى ما يزيد على 700 مليون سنة 2001.
واستعرض التقرير بعض الأمثلة على هذا التفاوت العالمي في مجال استخدام هذه التكنولوجيا المتطورة، فالولايات المتحدة الأمريكية مثلاً تمتلك وحدها أكبر عدد من الحواسيب في العالم، وتوجد لدى بلغاريا مواقع شبكة الانترنت أكثر من المواقع الموجودة لدى بلدان إفريقيا الواقعة جنوب الصحراء باستثناء دولة جنوب أفريقيا. كذلك الأمر بالنسبة لدول جنوب آسيا، التي يقطنها 23% من سكان العالم، حيث لايتجاوز مستعملي الانترنت فيها 1%.
وقد حدد دليل التنمية البشرية ترتيب 174 بلداً من حيث العمر المتوقع والتعليم والدخل. وللسنة السادسة على التوالي تحتل كندا المرتبة الأولى في دليل التنمية البشرية، وتحتل سيراليون المرتبة الأخيرة، أما النرويج والولايات المتحدة واليابان وبلجيكا فهي تلي كندا على القمة أي تنمية بشرية عالية، وتأتي بروندي وبوركينا فاسو وأثيوبيا والنيجر بعد سيراليون لتصبح معاً الدول الخمس الأدنى مرتبة.
أما الدول العربية فقد جاءت الكويت في المرتبة الأولى عربياً (35 عالمياً )، تليها البحرين (37) وقطر المرتبة (41) ثم الامارات العربية المتحدة في المرتبة (43)، أما بخصوص التنمية البشرية المتوسطة فهناك عشر دول عربية هي: ليبيا المرتبة (65)، لبنان(69)،السعودية (78)، عمان (89)، الأردن (94)، تونس (102)، الجزائر (109)، مصر (120)، العراق(125)، المغرب (126). وأخيراً هناك ثلاث دول عربية ذات تنمية بشرية منخفضة هي: السودان المرتبة (142)، واليمن (148)، وموريتانيا في المرتبة (149).
ومن خلال البيانات التي أوردها التقرير يمكن قراءة عدد من الاستنتاجات المهمة، فخلال الفترة بين عام 1975 و1997م. ارتفع معدل العمر من 53 عاماً إلى 62 عاماً ،وارتفع معدل القراءة والكتابة بين البالغين من 48% إلى 76%، وانخفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة من (149) حالة لكل (1000) مولود حي إلى (85) حالة.
وسجل التقرير تغلب بعض الدول على مستويات الفقر البشري الشديدة، في مجالات المعرفة والقراءة والكتابة ومعدل العمر، والدخل، من هذه الدول: الأورغواي وبنما والشيلي وكوبا وكوستاريكا، وفي العالم العربي تتصدر الأردن والبحرين القائمة. وبشكل عام فقد أظهر التقرير تحقيق معظم الدول في العالم نسب معينة في مجال التنمية البشرية خلال العقدين الماضيين. لكن وعلى الرغم من هذه التحسنات مازال الفقر يبتلي حياة البشر، فهو كما جاء في ملخصات التقرير، مازال متفشياً في بلدان كثيرة، من بينها بنن والنيجر ونيبال. ولايقتصر الحرمان على البلدان النامية، ففي الدنمارك يبلغ العمر المتوقع 76 عاماً ،ولكن 13% من السكان لايعيشون حتى سن الستين، وفي إيرلندا يعاني 23% من الناس من الأمية الوظيفية، وفي الولايات المتحدة يقل دخل زهاء 20% من الناس عن مستوى الخط القومي للفقر.
كما تظهر فجوات أخرى،فسكان المدن حظهم أفضل عموماً من سكان القرى. وايرلندا وبريطانيا والولايات المتحدة بها مستويات فقر بشري أعلى مما هو موجود في غيرها من البلدان المصنعة.. ولكن أوسع التباينات انتشاراً هو التباين بين الجنسين عالمياً ، فالاحصاءات تشير إلى انعدام المساواة بين الجنسين في كل مجتمع، وتظهر أن قلة فقط من البلدان حققت تقدماً كبيراً في هذا المجال.
ومن البلدان التي تحسنت فيها أحوال المرأة، جزر البهاما والجمهورية التشيكية وسلوفينيا وسنغافورة والسويد والنرويج. وتنوع هذه البلدان كما يقول التقرير يبين أن زيادة المساواة بين الجنسين فيما يتعلق بالتنمية البشرية يمكن تحقيقها عند مستويات دخل مختلفة وعند مراحل إنمائية مختلفة، وهو يبين أيضاً إمكانية تحقيقها عبر طائفة واسعة من الثقافات.
وبخصوص أهمية ارتفاع مستويات الدخل كما رصدها التقرير يقول الدكتور ريتشارد جولي المنسق الرئيسي للتقرير، «إن الدخل لايمثل حاصل جمع حياة الناس فمفهوم التنمية البشرية أعمق وأغنى من ذلك. والدخل وسيلة فحسب للتنمية البشرية، ولكنه ليس غاية في حد ذاته. ويعطي دليل التنمية البشرية صورة لحياة الانسان أكثر شمولاً من الصورة التي يعطيها الدخل وحده».
أما الأرقام التي قدمها التقرير في هذا المجال فلم تكن متفائلة كثيراً لأن 33 بلداً فقط حققت نمواً سنوياً مستداماً في نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي، قدره 3% خلال الفترة 1980ـ1996. أما في 59 بلداً معظمها في أفريقيا جنوب الصحراء وبلدان الكتلة الشرقية السابقة، فقد انخفض نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي. وتحدث التقرير كذلك عن الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية في شرق آسيا، وتداعياتها، والآثار السلبية الناجمة عن إعادة الهيكلة في أغلب الاقتصاديات للدول النامية. وكذا نصيب الدول من الاستثمارات الأجنبية والخلل الكبير الحاصل في هذا المجال بين الدول الصناعية والدول النامية أو السائرة في طريق النمو. كما تحدث عن الفجوة في الدخل بين أغنى خمس من سكان العالم وأفقر خمس، مقيسة بمتوسط نصيب الفرد من الدخل القومي، بحيث بلغت 74 إلى 1 في عام 1997 بعد أن كانت 30 إلى 1 في عام 1960. وبخصوص براءات الاختراع قال التقرير بأن الدول الصناعية تملك 97% من جميع البراءات على نطاق العالم.
ودعا إلى إعادة النظر في اتفاق حقوق الملكية الفكرية في إطار منظمة التجارة العالمية، وقد أثيرت هذه المسألة للمرة الأولى في المحادثات التجارية العالمية التي جرت في عام 1986م.
كما دعا التقرير إلى تحول البحوث نحو احتياجات العالم، وليس مجرد احتياجات القادرين على الدفع. وأوصى بإنشاء فريق من العلماء المستقلين لتحديد المشاكل التكنولوجية التي من شأنها، إذا تم حلها، أن تسهم في التنمية البشرية،لاسيما فيما يتعلق بأفقر سكان العالم. وأن تسهم أيضاً في الأمن البشري.
مؤتمرات نظمتها رابطة الأدب الإسلامي العالمية
مؤتمر الأدب الإسلامي في خدمة الدعوة
عقد بالقاهرة في الفترة من 11ـ13 ربيع الأول 1420هـ الموافق 25ـ27 حزيران/ يونيو 1999م مؤتمر «الأدب الإسلامي في خدمة الدعوة» بالمشاركة بين كل من جامعة الأزهر، ورابطة الجامعات الإسلامية،ورابطة الأدب الإسلامي العالمية،وتحت رعاية الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر، ومعالي الوزير الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي رئيس رابطة الجامعات الإسلامية وبرئاسة فضيلة الأستاذ أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر. تقدم للمؤتمر أكثر من ثلاثين بحثاً عالجت موضوعات التطور التاريخي للأدب الإسلامي عبر مختلف العصور في خدمة الدعوة وقضايا الأدب الإسلامي في الوقت الحاضر، وأدب الأطفال، ثم مستقبل الأدب الإسلامي في خدمة الدعوة الإسلامية. وقد شارك في المؤتمر وفود من البلاد العربية والإسلامية مثل المملكة العربية السعودية، وسوريا، والمملكة الأردنية الهاشمية،والمملكة المغربية،وغيرها.
وقد ناقش العلماء والأدباء الذين حضروا المؤتمر البحوث المقدمة على مدى ست جلسات وانتهوا إلى إصدار التوصيات الآتية:
أولاً : إن اللغة العربية وآدابها أدت وتؤدي دورها خلال حقب التاريخ الإسلامي في خدمة الدعوة الإسلامية شرحاً لكتاب الله وسنة رسوله، وتجلية لمعالم الفكر الإسلامي شعراً ونثراً . ولهذا يوصي المؤتمر المسؤولين عن وضع المناهج التربوية والتعليمية في مصر والعالم الإسلامي بالاهتمام باللغة العربية والأدب العربي، وبخاصة في مراحل التنشئة، وضرورة اختيار نصوص أدبية ذات مستوى رفيع وروح إسلامية.
ثانياً : إن الأدب الإسلامي يخاطب العقل والوجدان والعاطفة، وقد استطاع أن يشق طريقه بقوة في التعبير عن آمال الأمة الإسلامية وآلامها، وتوضيح قضاياها وإلهام مشاعرها حول مآثرها ومآسيها، ولهذا يوصي أعضاء المؤتمر بنشره وفتح المجالات أمامه تربوياً وإعلامياً وثقافياً .
ثالثاً : إبراز الجوانب الفنية والجمالية في الأدب الإسلامي، وإعادة النظر في مناهج دراسة الأدب بما يكشف أسرار الأدب الإسلامي الجمالية.
رابعاً : الاهتمام بأدب الدعوة، فهو تاج الأدب الإسلامي، وهو أدب شامل له رؤيته للكون والإنسان والحياة،وفق التصور الإسلامي.
خامساً : يقترح أعضاء المؤتمر تدريس مقرر الأدب الإسلامي في الكليات التي تدرس اللغة العربية،وكليات الدعوة وأصول الدين والشريعة الإسلامية،مما يجعل الداعية مزوداً بالأدب الرفيع والأسلوب الرزين والمؤثر متمكناً من اللغة الأدبية الجميلة.
سادساً : يوصي أعضاء المؤتمر بالقيام بدراسات تأصيلية واسعة معمقة للأدب الإسلامي، من خلال تشكيل لجان علمية تقوم بدراسة كل ما يمت بصلة للأدب الإسلامي في القديم والحديث، سعياً وراء صياغة نظرية متكاملة للأدب الإسلامي.
سابعاً : التوصية بعقد مزيد من مؤتمرات الأدب الإسلامي، بصفة دورية،حتى تتم دراسة كافة قضايا الأدب الإسلامي في ضوء التطورات المتلاحقة.
ثامناً : التوصية بتكريم كبار الأدباء الذين يصدرون في رؤيتهم عن توجه إسلامي، ورصد جوائز للنتاج المتميز في هذا المجال.
تاسعاً : الأخذ بأيدي الشبان الموهوبين في مجال الأدب الإسلامي من خلال إتاحة الفرصة لهم في الندوات والنشاطات المختلفة،والعمل على نشر إبداعاتهم.
عاشراً : توصية ورسائل الإعلام المختلفة بتقديم نماذج الأدب الإسلامي، وتشجيع هذا الأدب المعبر عن روح الأمة ورؤيتها.
حادي عشر: التوصية بترجمة النماذج الأدبية من لغات الشعوب الإسلامية إلى اللغة العربية،وأيضاً نقل النماذج التراثية والمعاصرة التي تمثل الأدب الإسلامي في اللغة العربية إلى اللغات الإسلامية وغيرها، كما يوصي المؤتمر بنشر أعمال علمية عن آداب هذه الشعوب.
ثاني عشر: يوصي المؤتمر رابطة الأدب الإسلامي العالمية بعقد ندوات متخصصة، تعرّف برموز الأدب الإسلامي في العصر الحديث، وعلى رأسهم مصطفى صادق الرافعي، وأحمد محرم وإقبال وباكثير والسحار والأميري وغيرهم.
ثالث عشر: الاهتمام بأدب الأطفال شعراً ونثراً ، وتوظيفه في تربية الطفل المسلم، وتوجيهه الوجهة التربوية الإسلامية، والاهتمام بتنمية موهبته.
رابع عشر: دعوة الباحثين والمفكرين والأدباء والموهوبين إلى تناول مشكلات العالم الإسلامي وآماله وآلامه، والتعبير عنها بالأساليب الفنية المبتكرة الملائمة لوسائل الإعلام الحديثة،الأرضية والفضائية المرئية والمسموعة.
الملتقى الدولي للأديبات الإسلاميات
إنطلاقاً من الأهداف المشتركة والتعاون المشترك بين المركز العام لجمعيات الشبان المسلمين العالمية بالقاهرة ورابطة الأدب الإسلامي العالمية أقيم الملتقى الدولي الأول للأديبات الإسلاميات،بمقر المركز العام لجمعيات الشبان المسلمين بالقاهرة يومي 18و19 ربيع الآخر 1420هـالموافق 31/7 و1/8/1999م تحت رعاية معالي الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الشريف والرئيس العام لجمعيات الشبان المسلمين العالمية،وقد تضمن الملتقى سبع جلسات كانت أولاها حفلاً افتتاحياً ألقى فيها معالي الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم كلمة حول أهمية الأدب الإسلامي الذي يصوغ الشخصية المؤمنة، ويظهر عظمة الإسلام وسماحته في صور سلوكية لم تعرف في حضارات أخرى، وقد تضمن الملتقى أيضاً كلمة لسماحة الشيخ أبي الحسن الندوي رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية، أشاد فيها بملتقى الأديبات الإسلاميات وبعقده في أرض الكنانة. ثم ألقى معالي الدكتور راشد الراجح عضو مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية كلمة عن أهمية الأدب الإسلامي وأثره في نهضة الأمة الإسلامية، وأثنى على فكرة المؤتمر وآثاره المرجوة.
ومن خلال الجلسة الافتتاحية والجلسات الأخرى والبحوث التي ألقيت فيها ـ والتي زاد عددها على الثلاثين بحثاً ـ والمناقشات والتعليقات التي دارت حولها توصل المؤتمرون إلى التوصيات التالية:
1ـ يعبر المؤتمرون عن سعادتهم الغامرة لعقد هذا الملتقى للأديبات الإسلاميات، ويشكرون المركز العام للشبان المسلمين،ومصر العزيزة حكومة وشعباً ـوهي بلد الأزهر الشريفـ ويوصون باستمرار التعاون بين الأزهر الشريف والشبان المسلمين ورابطة الأدب الإسلامي العالمية، وبعقد مؤتمرات دورية مشتركة.
2ـ يوصي المؤتمر بعقد ملتقيات الأديبات الإسلاميات في عواصم البلاد العربية والإسلامية بصفة دورية،وأن تقوم لجنة الأديبات الإسلاميات في الرابطة بتنظيمها والإشراف عليها، ارتقاء بأدب المرأة المسلمة وتحقيقاً لأهدافه النبيلة.
3ـ يوصي المؤتمر بأن تشرع رابطة الأدب الإسلامي بإعادة كتابة تاريخ أدب المرأة العربية المسلمة وتقويمه من منظور إسلامي.
4ـ يوصي المؤتمر بأن تهتم رابطة الأدب الإسلامي العالمية بأدب الطفل، وأن تعقد مؤتمراً لمناقشة أسس هذا الأدب ومتطلباته ووسائل تطويره،وأن يكون للأديبة الإسلامية إسهام يليق بها أماً وحاضنة ومربية ومعلمة. والتركيز على قضايا الطفل المسلم في القرن الحادي والعشرين.
5ـ يوصي المؤتمر بالاهتمام بالأديبات الإسلاميات في الدول التي تضم أقليات إسلامية، ودعوتهن لمؤتمر الرابطة،ووصلهن بالدول الإسلامية والتعريف بأدبهن.
6ـ يوصي المؤتمر بمتابعة إصدار دليل مكتبة الأدب الإسلامي، وإصدار تعريف بالأديبات الإسلاميات ومؤلفاتهن، وإنشاء مكتبة متخصصة في الرابطة لنتاجهن،وتشجيع دراسته والتعريف باتجاهاته وأعلامه البارزات.
7ـ يوصي المؤتمر بإقامة معارض للأدب الإسلامي على هامش الندوات والمؤتمرات التي تعقدها الرابطة،ولاسيما أدب المرأة المسلمة.
8ـ يوصي المؤتمر بإصدار مختارات من أدب المرأة المسلمة شعراً ونثراً عبر العصور لإظهاره ورفع شأنه وتشجيع الباحثين على دراسته.
9ـ يوصي المؤتمر مكاتب الرابطة بتخصيص أوقات محددة لمناقشة قضايا الأديبات الإسلاميات وهمومهن الأدبية وعرض نتاجهن وتقويمه للنهوض به ولإثراء النقد الأدبي الإسلامي التطبيقي.
10ـ يوصي المؤتمر بوضع خطة لرعاية الأقلام الواعدة من الأديبات الإسلاميات،ونشر نتاجهن الأدبي الجيد.
11ـ يوصي المؤتمر بإقامة ندوات حول الأديبات الإسلاميات المتميزات في العصور الماضية.
المؤتمر الخامس للهيئة العامة لرابطة الأدب الإسلامي العالمية
فبناء على دعوة سماحة الشيخ أبي الحسن الندوي رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية،واستناداً لأحكام الفقرة الخامسة من المادة السادسة من النظام الأساسي للرابطة عقدت الهيئة العامة لرابطة الأدب الإسلامي العالمية مؤتمرها الخامس يومي الاثنين والثلاثاء 20، 21 ربيع الآخر الموافقين لـ 2، 3/8/1999م في ضيافة المركز العام لجمعيات الشبان المسلمين العالمية،والمكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في مصر.
وقد بدأ المؤتمر بحفل افتتاحي ألقى فيه معالي الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر، والرئيس العام لجمعيات الشبان المسلمين العالمية،وعضو الشرف في الرابطة كلمة بين فيها حاجة المجتمعات الإسلامية المعاصرة إلى الأدب الإسلامي، ودور هذا الأدب في بناء الشخصية المسلمة المتوازنة وضرورة العمل على نشره وخدمته،ثم ألقيت كلمة سماحة الشيخ أبي الحسن الندوي نيابة عنه حيا فيها مؤتمر الهيئة وأعضاءها. وحيا فيها جمهورية مصر العربية التي استضافت المؤتمر،واعتذر عن عدم تمكنه من الحضور لأسباب صحية، ثم ألقى معالي الدكتور راشد الراجح عضو مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية كلمة ضيوف المؤتمر أكد فيها دور الأدب الإسلامي في خدمة الدعوة الإسلامية. وعرض بعد ذلك تقريراً مفصلاً عن كل من مكتبي البلاد العربية، وشبه القارة الهندية، ثم وزعت جوائز مسابقة أدب الأطفال على الفائزين. وقد قام أعضاء الهيئة العامة بدراسة ومناقشة سائر ما قدم من اقتراحات الأعضاء، وتوصلوا إلى القرارات والتوصيات التالية:
أولاً : القرارات:
1ـ تكليف المكاتب الإقليمية بتنظيم مسابقات أدبية في فنون الأدب الإسلامي، وتسمية جوائز كل منها باسم أحد أعلام الأدب الإسلامي مثل: د. عبد الرحمن رأفت الباشا ـ نجيب الكيلاني، بنت الشاطئ.. إلخ.
2ـ تقوية الصلات بالمؤسسات الإعلامية في البلاد العربية والإسلامية وتقديم المادة اللازمة للبرامج الإذاعية والتلفزيونية.
3ـ تعزيز أدب الأطفال وعقد مسابقات خاصة به وتوفير المادة اللازمة لبرامج الأطفال الإذاعية والتلفزيونية.
4ـ إصدار أعداد خاصة من مجلات الرابطة عن أدب الأطفال إبداعاً ودراسة،وإبداع الأديبات الإسلاميات.
5ـ حث أعضاء الرابطة على تزويد مجلات الأدب الإسلامي بالأعمال الإبداعية والدراسات النقدية لتعزيز وجود الأدب الإسلامي في الساحة الثقافية المعاصرة.
6ـ حث أعضاء الرابطة على الاهتمام بالنقد الأدبي التطبيقي وتكليف المكاتب بإجراء دراسات نقدية تطبيقية على الأعمال الإبداعية لأعضاء الرابطة ونشرها في مجلة الرابطة،أو في كتب مستقلة إذا توافرت الإمكانات المادية لذلك.
7ـ تكليف مكاتب الرابطة باستقطاب الموهوبين وتبني أصحاب الأقلام الواعدة.
8ـ تكليف مكتب البلاد العربية بإعداد برنامج لإصدار مختارات من الأدب الإسلامي على أشرطة صوتية بالتعاون مع المكاتب الإقليمية.
9ـ تكليف الجهات التي تقوم بإعداد مؤتمرات الهيئة العامة القادمة بإقامة معارض لكتب الأدب الإسلامي بالتعاون مع دور النشر المناسبة في البلد الذي يعقد فيه المؤتمر بالتزامن معه.
ثانياً : التوصيات:
1) توصي الهيئة العامة العضوات العاملات في الرابطة بالمشاركة في انتخاب مجلس الأمناء وإدارات المكاتب للإسهام في تحمل مسؤوليات العمل في الرابطة ضمن ضوابط الشرع.
2) توصي الهيئة العامة جميع أعضاء الرابطة ـ ولاسيما الشبان ـ بالمشاركة في تحمل مسؤوليات العمل القيادية وفق قواعد النظام الأساسي لضمان استمرار الحيوية وتجديد الدماء النشطة في الرابطة.
3) توصي الهيئة العامة بإنشاء فروع وحلقات للأدب الإسلامي في البلاد التي حصلت فيها الرابطة على ترخيص رسمي ضمن القواعد القانونية.
4) توصي الهيئة العامة مكاتب الرابطة بوضع برامج لنشر الدعوة إلى الأدب الإسلامي بالشكل المناسب في البلاد الإسلامية التي ليس للرابطة وجود فيها. والبلاد التي تضم أقليات إسلامية وباستقطاب أدبائها الإسلاميين ووصلهم بإخوانهم في البلاد العربية والإسلامية.
5) توصي الهيئة العامة المكاتب الرئيسية والإقليمية بإعداد مختارات من الأدب الإسلامي تناسب المناهج الدراسية فيها وخاصة مواد اللغة العربية والتربية الإسلامية.
6) توصي الهيئة العامة المكاتب التي لم تطبق قرار مجلس الأمناء بتشكيل لجان تنشيط الإبداع، بسرعة تطبيقه.
7) توصي الهيئة العامة جميع أعضاء الرابطة بتحقيق المزيد من التعارف والتواصل بينهم بالوسائل المتاحة.،
8) توصي الهيئة العامة المكاتب الإقليمية بإعداد دليل لأعضاء الرابطة وعضواتها في كل منها.
9) توصي الهيئة العامة المكاتب الإقليمية بإنشاء مكتبة متخصصة في الأدب الإسلامي فيها لتكون مرجعاً للباقين.
10) توصي الهيئة العامة المكاتب المختصة بسرعة تطبيق قرار مجلس الأمناء الخاص بترجمة الأعمال الأدبية الإسلامية من لغات الشعوب الإسلامية الناطقة بغير العربية إلى اللغة العربية.
هذا وقد ختمت الدورة بجلسة حضرها فضيلة شيخ الجامع الأزهر الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي ومعالي الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر والرئيس العام لجمعيات الشبان المسلمين لإعلان القرارات والتوصيات.
متابعات في الإستعداد لعام حوار الحضارات 2001م.
كما أشرنا إلى ذلك في الأعداد السابقة (20ـ21) تتابع مجلة الكلمة الأنشطة والفعاليات الخاصة بالتحضير لعام حوار الحضارات (2001م)الذي دعا إليه السيد خاتمي رئيس الجمهورية الإيرانية الإسلامية، وأقرته الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 4 تشرين الثاني ـ نوفمبر 1998م. فخلال الثلاثة أشهر الماضية انطلقت مجموعة من الأنشطة واللقاءات السياسية المهمة كان مشروع حوار الحضارات حاضراً فيها، كما أدلى عدد من المفكرين والباحثين عبر حوارات نشرتها الصحف والمجلات آراءهم واشاداتهم بهذا المشروع الحواري.
فيما يلي متابعة لأهم هذه الأنشطة والحوارات التي تصب كلها في دعم هذاالحوار الحضاري، وتستعد لجعل عام 2001م سنة حوار للحضارات.
في البداية نستعرض أهم ما جاء في محاضرة الأمين العام للأمم المتحدة السيد كوفي أنان،حول: «حوار الحضارات والحاجة إلى منظومة أخلاقية عالمية» والتي ألقاها في مركز اكسفورد للدراسات الإسلامية (لندن) يوم 28 حزيران(يونيو) 1999م. فقد وصف أنان الإسلام بأنه «واحد من أعظم الأديان في العالم، ونبراس هاد لأكثر من حضارة عظيمة» وأضاف قائلاً : «إن حضارات الماضي نشأت في أنحاء مختلفة من العالم، ولم يكن بينها اتصال، وهناك حضارات أخرى اتصلت فعلاً فيما بينها، وفي أحيان كثيرة دخلت في حال من الصراع، سعياً إلى السيطرة والتغلب إحداها على الأخرى». وأشار أنان إلى أن الصراع بين الحضارتين الإسلامية والمسيحية قد تخلله اتصال من خلال نقل العلوم. وأن غزو الحضارة الغربية باقي الحضارات خلال العصور الأخيرة. قد حول حوار الحضارات إلى حوار من جانب واحد. وتحدث أنان عن نظرية صموئيل هنتنغتون حول حتمية الصدام فقال بأن: «كل العقلاء يودون تجنب هذا الصدام، وكلما وجه اليقين هذا هو موقف معظم الزعماء المسلمين». وأن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد قررت إعلان عام 2001 سنة الأمم المتحدة للحوار بين الحضارات. كما أعرب كوفي أنان عن موافقته لهنتنغتون بخصوص انتقال العالم من صراع الأيديولوجيات إلى صراع الهويات، «فلم تعد القضية ـ حسبه ـ إلى حد كبير ماذا تعتقد وإنما من تكون». وقال أنان بأن المسلمين: «لايزالون يشعرون بالاستياء إزاء عدم تكافئهم البين مع الغرب لجهة القوة، ويساور كثيرين منهم شعور بالهزيمة والخسران يغذيه ظلم المعاملة التي يلقها الفلسطينيون والفظائع التي ارتكبت أخيراً ضد المسلمين في يوغسلافيا السابقة». ودعا أنان إلى «حوار سلمي يقوم على أساس مجموعة من القيم المشتركة». وبخصوص الهيمنة الأمريكية على النظام العالمي الجديد ودورها في تأجيج الصراع قال: «إذا حاولت أمريكا أن تفرض نوعاً من التوحد الثقافي ستكون بدأت تمضي، شأنها في ذلك شأن القوى العظمى التي سبقتها على طريق الاندحار..».
كما اعتبر أنان بأن «الجاليات الإسلامية تشكل جزءاً أساسياً في المجتمع الغربي اليوم،ووجودها يمكن من إقامة حوار بين الحضارات أو بين التقاليد على الأقل».. وأضاف: «أظن أن الأجيال المقبلة سترى في الجاليات الإسلامية مصدراً مهماً من مصادر التجدد والإلهام في الفكر الإسلامي..».
وبشأن الحوار أكد أنان على أنه يجب أن يقوم على «الاحترام المتبادل وليس إلغاء الاختلاف بين البشر، وإنما الحفاظ على هذه الاختلافات والاحتفاء بها». وقد رحبت الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة بما جاء في محاضرة كوفي أنان، حيث أصدر أمينها العام الدكتور عبد الله بن صالح العبيد بياناً من باريس بمناسبة مشاركته في إحدى حلقات حوار الحضارات مع ممثلي الفاتيكان جاء فيه: «إن رابطة العالم الإسلامي والشعوب والأقليات والجاليات والمنظمات الإسلامية المتمثلة فيها تلقت ما تضمنته محاضرة الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة من ثناء على الإسلام وإشادة بالحضارة الإسلامية ومعطياتها المشهودة للأمم الأخرى بارتياح كبير...» وقد اعتبر الدكتور العبيد أن كلام أنان حول مساهمة الحضارة الإسلامية، وإسهام المسلمين في البناء الحضاري الإنساني، قد اتسم بالموضوعية. وهذه النظرة المنصفة من شأنها أن تدعم حوار الحضارات وتساعد على التخفيف من حدة الكراهية والتوتر في العالم.
أما بالنسبة للأنشطة داخل إيران فقد أوضح الرئيس السيد محمد خاتمي في كلمته أمام ملتقى رؤساء البعثات الديبلوماسية الإيرانية في الخارج الذي عقد أواخر شهر آب (أغسطس) أن مبادرة إيران ودعوتها لحوار الحضارات وانتهاجها سياسة خارجية قائمة على إزالة أسباب التوتر،قد جعلت منها أكبر مناد عالمي للسلام القائم على العدالة والمساواة،ونبذ العنف والتوتر في العلاقات الدولية. واعتبر هذا الحوار يستهدف إلى تغيير العلاقات السائدة على المسرح الدولي، وأنه لو تم تحويل التوتر بين القوى والشعوب إلى حوار وتبادل للرأي، فبالإمكان توقع بناء عالم أفضل، وبتوظيف الطاقات يمكن إحداث هذا التحول في مسيرة العالم. وأضاف خاتمي: «إن طرح الحوار بين الحضارات لايعني الدعوة إلى نظام جديد، ولا نظام أحادي القطبية في العالم. وإنما يقوم على اساس الإعتراف بمبدأ المساواة بين الشعوب وعلى أساس العدالة واحترام الطرف المقابل والاعتراف بواقع أطراف الحوار. وقال بأن القوى الغربية سعت لنشر صورة وهمية مخيفة عن الإسلام،لذلك فالحوار وحده الذي يمكنه أن يزيل هذهالصورة الوهمية التي تؤثر في العلاقات الدولية.. وفي حال تحقق الحوار بين الحضاراتـ يقول السيد خاتمي ـ واتساع نطاق سياسة إزالة التوتر في العلاقات الدولية نكون قد وفرنا حياة إنسانية هانئة..».
وفي لبنان وخلال الاجتماع الوزاري للدول الأسيوية (مجموعة 77) الذي انعقد خلال شهر آب (أغسطس) 1999م. أشارت التوصيات النهائية لمشروع حوار الحضارات،إلى دعوة الوزراء المشاركين لتهيئة بيئة دولية للحوار باعتبار ذلك قوة محركة نحو تحقيق الأهداف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للبشرية. وفي هذا السياق أعرب المشاركون عن تأييدهم لمبادرة رئيس جمهورية إيران الإسلامية والقرار اللاحق الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إعلان سنة 2001م سنة الأمم المتحدة للحوار بين الحضارات.
وخلال شهر أيلول (سبتمبر) تابعت المجلة مجموعة من الإشادات والحوارات والأنشطة التي تصب في دعم مشروع حوار الحضارات. فقد أعلن الرئيس البوسني عزت بيغوفيتش خلال زيارته لإيران (أواخر شهر أيلول) عن دعم بلاده للمبادرة الإيرانية بشأن حوار الحضارات، لأن هذاالحوار في نظره يساهم في حفظ التوازن الثقافي الحضاري بين الأمم.
كما أعلن الرئيس الفنلندي مارتي اهيتساري رئيس الدورة الحالية للإتحاد الأوروبي دعمه لمشروع حوار الحضارات لأهميته، وذلك خلال لقائه الدكتور كمال فرازي وزير الخارجية الإيراني.
وفي نفس السياق اعتبر الدكتور يوسف حبيبي رئيس جمهورية أندونيسيا السابق أثناء لقائه مع السيد محسن أمين زاده المبعوث الخاص للسيد خاتمي، بأن حوار الحضارات والثقافات وخاصة حوار علماء الأديان الإلهية طريقة مناسبة لإحلال السلام خلال الألفية الميلادية المقبلة على الصعيد العالمي،وأكد أن بلاده ستتعاون مع إيران في هذا المجال.
وفي مبنى الملحقية الثقافية الإيرانية في نيودلهي، أقيم أول ملتقى لحوار الحضارات (أيلول 1999)، وشارك فيه مجموعة من المفكرين والكتاب والصحافيين،وقد اعتبر رئيس منظمة اليونسكو في الهند البروفسور موكبادي أن الدعوة لحوار الحضارات،تؤسس الأرضية المناسبة لعلاج الكثير من المشاكل التي تعاني منها البشرية، خصوصاً تفاقم النزاعات المسلحة بين الدول. وقال موكبادي: «إذا سادت ثقافة الحوار فإن الكثير من النزاعات الموجودة في المنطقة والعالم ستجد طريقها إلى الحل».
وفي كلمة ألقاها البروفسور يان هل كسن المستشار الحقوقي لوزارة الخارجية النرويجية في مكتب الدراسات السياسية التابع لوزارة الخارجية والأستاذ بجامعة أوسلو، اعتبر أن حوار الحضارات له مفاهيم متعددة،من بينها مفاهيم حقوق الإنسان،وقال: «إن كل حوار يجب أن يعتمد الإحترام المتبادل، مهما اختلف الطرفان في الرأي، والاحترام المتبادل يعني الحوار الصريح والودي، وهذا الاحترام لاينفي حالة النقد المتبادل».
وفي مؤسسة الإمام علي بنيويورك أكد الباحث البروفسور محمد ليكن هاوسن على أهمية الحوار بين الحضارات، لأن الدعوة لهذا الحوار تقلص من احتمالات المواجهة، وتقف في وجه القائلين بحتمية الصراع الحضاري. واضاف: «إن اقتراح خاتمي قائم على طرح لايكتفي بالنظرة السياسية،وإنما يستهدف تقوية القيم والتعويض عن ضعف الحضارات». واعتبر: «أن الشرط الأول للمشاركة في حوار الحضارات هو أن يكون المحاور مدفوعاً بروح البحث عن الحقيقة،ولايجوز للمحاور أن يدين محاوره، بل يجب استعراض نقاط القوة والضعف.. ويجب أن يكون الحوار بين حضارتين مبرمجاً ومحدداً بنقاط واضحة، وصولاً إلى النتيجة المطلوبة.. وفي الحقيقة إن حوار الحضارات هو دراسة تأثير حضارة على أخرى.. للمثال،إذا استوعب الأوروبي الحضارة الإسلامية، سيجد أن النزعة الاستهلاكية حالة غير عادية، وهكذا ستواجه الفوارق بين الحضارات وتتم معالجة السلبيات منها..».
وفي لبنان وخلال محاضرة حول: العولمة اعتبر السيد محمد حسن الأمين، أن العولمة التي بإمكانها حسب قوله أن تشكل الأرضية والمناخ الجيد لقيام الحوار بين الحضارات،وفي نفس الوقت قد تكون عاملاً مساعداً على انفجار الصراع بين الحضارات المختلفة. أما موقف الإسلام من هذا الحوار أو الصراع المرتقب، فيرى السيد الأمين أن ذلك يستند إلى فلسفته ورؤيته لهدفية الوجود الإنساني على الأرض.
وفي حوار مع رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية السابق البروفسور رومان هيرتسوغ أجرته معه صحيفة فرانكفورت الفيماني، تحدث عن مشروع حوار الحضارات ومما قاله: «عندما نطالب بالحوار بين الحضارات، فلا يستطيع أحد أن يتوقع أن هذه الحضارات سوف تدخل عهداً يتسم بالحوار بمجرد إصدار أمر بذلك. إن الفهم العقلاني للسير البطيء للتحولات الحضارية، والتحلي بالصبر والواقعية كلها عناصر طيبة في عملية الحوار. والحوار مهما كان عسيراً فهو استراتيجية يحكمها العقل، وأنا على يقين أنها سوف تكلل بالنجاح على المدى البعيد..فمن المحتمل أن الحضارات لاتزال حتى يومنا هذا تتفق على حد أدنى من العوامل المشتركة فيما بينها مهما تباعدت العقائد الدينية. وهكذا نستطيع التوصل إلى تحقيق نواة لحضارة عالمية تسهم فيها كل الثقافات...».
وحول سؤال احتمال المواجهة بين الغرب والإسلام، وكيف السبيل إلى التخفيف من حدة المواجهة؟ أجاب هيرتسوغ: أولاً ان هاتين العبارتين يكتنفهما نوع من الغموض. فإذا كان المقصود الصراع الديني، فينبغي في هذه الحالة الحديث عن مواجهة بين الإسلام والمسيجية. ولكن هذا التعبير لن يكون أيضاً مطابقاً للواقع. وبما أن الإسلام والمسيحية ديانتان يجمع بينهما الإيمان بالله الواحد، وتتبعان تعاليم أخلاقية متشابهة، فليس هناك ما يوجب وجود مصدر للصراع بينهما، وسوف يكون من الخطأ أيضاً ان نصف هذا الصراع المحتمل على أنه صراع بين الغرب والشرقين الأوسط والأدنى، لأن الأمر هنا لايتعلق بصراع ذي طابع جغرافي بين دول أو مناطق أو امبراطوريات.. والواقع أن الأمر هنا يتعلق بالخلافات السائدة بين الحضارات بمعنى أوسع يشمل في طياته العقليات وأنماط الحياة والقناعات السياسية والأنظمة الاقتصادية.. وأضاف: إن الدخول في حوار بين الحضارات يجب أن يكون أيضاً مرآة تعكس واقع الحضارات.. وهذا يعني أن مثل هذا الحوار يجب أن يعكس مالنا وما علينا.. إننا اليوم في أمس الحاجة إلى أن نعيد إلى الأذهان من جديد التقاليد الروحية الكبرى النابعة من الإسلام ومساهماته الاجتماعية والحضارية.. ولابد للأطراف المتحاورة من التحلي بالتسامح وعدم الإدعاء بالتفوق، مع التركيز على معرفة أوجه التشابه وأوجه الاختلاف لتكون منطلقاً لبناء استراتيجيات تتفادى وقوع نزاعات.
كما أن قضية حوار الحضارات، كانت موضوعاً للمحاضرات التي ألقيت خلال معرض الكتاب السنوي بدمشق لسنة 1999م (15ـ25 أيلول/ سبتمبر)وشارك فيها عدد من الباحثين والمفكرين. في البداية تحدث الدكتور عادل العوا من سوريا حول: «معجزة القرن القادم» حيث اعتبر أن حوار الحضارات القائم على أساس العدل والسلم إذا تحقق، فإن ذلك سيعتبر معجزة. إن العدل هو غاية البشرية ـ كما يقول د. العوا ـ الأسمى، وأن الرغبة في الحوار هي رغبة في التآخي بين البشر عموماً لكن: أين نحن من هذا الحل المرموق؟
الدكتور رضوان السيد ـ لبنان ـ وفي محاضرته حول «مسألة حوار الحضارات في نقاشات العرب المعاصرين» استعرض وجهات نظر المثقفين العرب والإسلاميين بخصوص مشروع حوار الحضارات، وكيف أنهم نظروا إلى حضارتهم باعتبارها «ماضياً منقضياً » فيما اعتبروا الحضارة الغربية «واقعاً متجدداً ». وانتقد الدكتور رضوان عدم وعي المثقفين بحقيقة التصورات العلمية وتطور الأحداث. وظهور نظريتي فوكوياما وهنتنغتون،اللتين كانتا «ردتي فعل أمريكيتين على انهيار المعسكر الإشتراكي، وظهور بعض معالم النظام العالمي الجديد». لقد فهم هؤلاء المثقفون كما يقول السيد رضوان: «أن أطروحة فوكوياما كانت بمثابة محاولة لإلغائهم من الناحية الثقافية بعد الضربة العسكرية القاسية التي تلقتها الأمة في حرب الخليج، وأن أطروحة هنتنغتون، لم تكن سوى تجديد الأسلوب لهذا الإلغاء الفوكويامي..» لذلك فقد جاءت «ردود الفعل الثقافية العربية لتجتمع على أن الحضارة الإسلامية هي حضارة حوار وسلام».
أما الدكتور يوسف سلامة ـ سوريا ـفي محاضرته بعنوان: «الحضارة بين الحوار والصراع في عصر ما بعد الحداثة» فقد تحدث في البداية عن وقائع التاريخ الإنساني وكيف أن «تتابع الحضارات في التاريخ يمثل عدم جدوى محاولة إيجاد تركيب بينهما» لأن كل حضارة تقوم على أساس «فكرة حضارية تميل نحو الكلية والشمول والانتشار». وبما أن لكل مجتمع حقائقه التي يود فرضها، فلا بد من انتاج حقائق تناسب واقع الأمة وموقعها في هذا العصر، وعليه «فلا حوار وإنما صراع بين الحضارات، يفرض القوي فيه نفسه». كما يقول د. سلامة أما بخصوص الحوار مع وجود طرف ضعيف في هذا الحوار، فالحل كما يراه د. سلامة، يكمن في العودة إلى الحوار بين أفراد المجتمع الواحد. حوار عربي عربي أولاً ، إذا أردنا أن يكون لنا مكان في هذا العالم.
ثم تحدث الدكتور حسن حنفي ـ مصرـ تحت عنوان: «صراع الحضارات أم حوار الثقافات» عن انهيار المفاهيم والمصطلحات بشكل سريع مع بداية تشكل النظام العالمي الجديد، وأن هناك نموذجين لمفهوم صراع الحضارت «الأول تكلم عنه هنتنغتون وهو ليس جديداً ، فالعالم فيه محاولات سابقة عديدة لتحويله إلى حضارات أحادية القطب،من الحضارة اليونانية إلى الإمبراطورية الرومانية.. أما النموذج الثاني الذي ابدعه العرب فهو حوار الثقافات» ويرى د.حنفي، أن الإسلام قد وضع أساس الثقافة انطلاقاً من أن «العقل هو أساس النقل والمصلحة هي أساس التشريع، وكل ما اتفق مع العقل هو إسلامي، فلم يعتبر نفسه نموذج الثقافة العالمية،ولم يغرب العالم حسب قيمه وسلوكه ولون بشرته..فالثقافة العربية كانت ثقافة تفاعل،ولذا لابد من إقامة هذا الحوار مرة أخرى بيننا نحن العرب أولاً . ومن ثم النظر في الاهتمامات المشتركة بيننا وبين الغرب، لتجاوز حالة اليأس والإحباط التي نعيش..».
أما الدكتور مروان فارس ـ سوريا ـ فقد ركز في محاضرته: «ثقافة الحوار في الحضارة العربية» على ضرورة وأهمية الحوار الداخي في مواجهة عدو يريد تشويه الهوية الاستيلاء على مقوماتها..».
وأعرب الدكتور فارس عن تفاؤله بانهيار العالمية الجديدة، إذا لم تغير رأيها وفهمها «للقيم المؤسسة لمفاهيم الحق والسلام». إن الوضع الحالي هو وضع نزاع ومحاولة سيطرة مفاهيم يفرضها مركز القوة على الأطراف الضعيفة، وأن ضرورة المواجهة دائمة وحاجة ماسة..
وزير الثقافة التونسي الدكتور عبد الباقي الهرماسي، انتقد في محاضرته حول: «الثقافة وتحديات العولمة» ماýأسماه بالمناعة الوهمية التي تدعو لها بعض التيارات الفكرية والدينية، واعتبر أن «المناعة الحقيقية تتجلى من خلال التفتح على الآخر والتفاعل معه، عبر جدلية الحوار والإضافة المشتركة للحضارة الإنسانية» على أن يقوم الحوار على اساس «وحدة الإنسانية واحترام الخصوصيات الثقافية لكل مجتمع».
وتحدث الدكتور سمير أمين ـ مصر ـ في محاضرة بعنوان: «ثقافة العولمة أم عولمة الثقافة» عن مشروع العولمة الجديدة الذي لم يكتمل بعد، وأن المرحلة الحالية هي «مرحلة فوضى وليس مرحلة نظام» وأكد على أهمية بناء مشروع للمستقبل لأن الدول التي لاتملك مشروعاً مستقبلياً ستعيش على «مشاريع وهمية تكون نتيجتها العجز عن إنجاز مشروع فاعل» وأمام هذا العجز كيف سنتحدث عن حوار حضاري مع الآخر؟. أما الدكتور سامي الخيمي فقد تحدث في محاضرته: «العولمة والهوية الحضارية» عن سلبيات هذه العولمة وإيجابياتها على دول العالم الثالث، ومن ضمنه العالم الإسلامي. أما بخصوص المواجهة أو الحوار مع الغرب، فقد دعا الخيمي للإهتمام بصيانة الهوية الحضارية،لأنها هي «الأساس لأية مواجهة»، وهذه الصيانة لن تتم في نظره بالتأمل النظري، وإنما «بالنجاح الإقتصادي، وإيجاد التشريعات النافذة للعمل الفردي، وتحسين ما هو قابل للتسويق، سواء أكان مادياً أو فكرياً ..» وأبدى تفاؤله بإمكانية النهوض إذا تم الاعتماد على الذات بشكل جيد وسوف نتابع في الأعداد القادمة ما يستجد من أنشطة وفعاليات حول هذه القضية إنشاء الله.