شعار الموقع

متابعات وتقارير

قسم التحرير 2006-06-18
عدد القراءات « 883 »

مؤتمر: “اللغة العربية

أمام تحديات العولمة”

بمشاركة أكثر من خمسين باحثاً ومفكراً من ثلاث عشرة دولة عربية وإسلامية، نظم معهد الدعوة الجامعي للدراسات الإسلامية مؤتمراً علمياً حول: “اللغة العربية أمام تحديات العولمة” وذلك بين 19-20 نيسان (إبريل) 2005م.

حضر الجلسة الافتتاحية مجموعة من الفعاليات الفكرية والسياسية اللبنانية. حيث ألقى د. الشيخ عبد الناصر جبري رئيس المعهد كلمة أكد فيها على أهمية اللغة العربية، فهي لغة الدين والعلم والثقافة، وضرورة الاهتمام بها لأن ذلك جزء لا يتجزأ من إعلاء شأن الأمة التي تتحدث بها..

أما الدكتور رياض قاسم عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية فقد أشار إلى أهمية تفاعل اللغة العربية مع الثقافات واللغات العالمية، لأن ذلك يساعدها على التطور والاغتناء، مشيراً إلى سلبية غياب الحوار بين التيارات الفكرية المختلفة مما يعيق بلورة هوية متميزة، مؤكداً أن “المدخل إلى هذا النقاش يكون من رؤية اللغة في جوهر الثقافة عموماً، ويكون ثانياً بمدى تطوير العربية الفصحى تقنياً من حيث التركيب والدلالة والتوليد، بعيداً عن المكابرة والتعصب للجنس أو الدين، ويكون ثالثاً بقدرتنا على انتقاء الوافد إلينا من الثقافات بلا خوف مسبق، أو تنكر مطلق، أو انغلاق مكروه، أو تقليد أبله..”.

ثم ألقى مدير مركز الدراسات الإسلامية في جامعة البلمند د. جورج مسوح كلمة الجامعات الخاصة، فانتقد العولمة التي تروج لثقافة أحادية غايتها الهيمنة، كما ذكّر بموقف البطريركية الأرثوذوكسية العربية التي ترى في العروبة عنصراً جامعاً للناطقين بها من مسلمين ومسيحيين..

كلمة المشاركين ألقاها د. محمد بن عبدالرحمن آل الشيخ (السعودية) فأشار إلى أهمية اللغة العربية وأبعادها الحضارية، فهي لغة القرآن ولغة التواصل بين الشعوب الإسلامية، وقد أثبتت جدارتها وقدرتها على استيعاب المنجزات الحضارية المعاصرة. أما مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني فقد دعا في كلمته إلى نفض غبار الإهمال عن اللغة العربية ودعا إلى الاهتمام بها، كما حذر من مخاطر التحديات التي تواجهها والحاجة الماسة إلى الابداع في هذا المجال..

ثم ألقى وزير الثقافة د. ناجي البستاني كلمة راعي المؤتمر رئيس الجمهورية اللبنانية أميل لحود، التي أكد فيها على علاقة اللغة بالهوية، وحذّر من التحديات التي تواجه اللغة العربية والجهود لعولمة اللغة الإنجليزية، مما يدفع باتجاه العمل على إيجاد السبل الكفيلة بحمايتها والدفاع عنها، مؤكداً أن “ما تتوسله التكنولوجيا من وسائل وما تعارفنا على تسميته (ثورة المعلومات) و(ثورة الاتصالات) لن يمنعنا من أن نتخذ من تلك الوسائل جنةً تقينا وتقي لغتنا العربية الأم من الذوبان في أحادية أيّ لغة يراد لها أن تكون ترجمان العولمة الأوحد على وجه الأرض..”.

انطلقت أعمال المؤتمر لمناقشة ثلاثة محاور:

1- اللغة العربية تاريخياً.

2- البعد الحضاري في انتشار اللغة العربية.

3- واقع اللغة العربية في سياق المعاصرة ومشروع الأمة الحضاري..

في الجلسة الأولى ولمناقشة المحور الأول، تحدث د. فخر الدين قباوة (سورية) فطالب باستبدال العولمة بالعوربة عن طريق تشجيع البحث العلمي باللغة العربية، مشيراً إلى أن اللغة العربية أهم من بعض اللغات الأخرى التي تواكب اليوم البحث العلمي.. تحدث كذلك د. صابر عبد الدايم يونس (مصر) عن قوة اللغة العربية، وردّ على من يدعي ضعفها بعد فترة الاستعمار، أما د. علي نور الدين (لبنان) فقد تحدث عن الخط العربي في القرآن الكريم، مؤكداً فصاحة اللسان العربي في مقابل باقي الألسن. د. مها خير بك ناصر (لبنان) انتقدت موقف الإنسان العربي الذي يفتقد الثقة بنفسه ولغته، وتخبط الوسائل الإعلامية بين الفصحى والعامية.

الجلسة الثانية تحدث فيها في البداية د. علي سلامة (ليبيا) عن علاقة الأدب والبلاغة بحفظ اللغة العربية، وضرورة المحافظة على سلامتها، وتأثير التفاعل الإيجابي عليها.. أما د. عبد الكريم الهيتي (العراق) فقد أشار إلى أهمية الدعوة الإسلامية والنقلة النوعية والحضارية التي حققها الإسلام بمجيئه، منتقداً بعض الدعوات التي تدّعي أن الفكر الإسلامي مناقض للحداثة، مؤكداً أن الإشكالية تكمن في طبيعة التناول والتعاطي المنهجي مع الحداثة، كما انتقد الدعوات التي تصب في محاولة عزل الأمة عن لغتها وثقافتها الأصيلة..

من جهته قدم د. عبد الأمير سليمان (إيران) ورقة بعنوان: “اللغة العربية ثابتة البناء” أشار فيها إلى الاهتمام المتميز الذي توليه الجمهورية الإسلامية الإيرانية باللغة العربية، فهي اللغة الثانية بعد الفارسية، بالإضافة الى تشجيع الكتاب العربي طباعة وتوزيعاً، كما أكد إعجابه بجمالية اللغة العربية وما تتميز به من خصائص على مستوى الدلالات والنطق والموسيقى..

أما د. أحمد لوساني (لبنان) فتحدث عن الكتاب العربي، وطالب بضرورة تعلم اللغة العربية، كما أشار إلى إشكالية تعدد اللهجات العربية. واختتمت هذه الجلسة بكلمة الباحث رياض عثمان (لبنان) الذي تحدث عن الخط العربي، وتأثير الإنترنت الإيجابي على تقارب اللغات..

في المحور الثاني وتحت عنوان: “البعد الحضاري في انتشار اللغة العربية” قدمت في الجلسة الأولى من اليوم الثاني مجموعة من الأوراق، حيث تحدثت ناديا عبد اللطيف المليح (سورية) عن قدرة اللغة العربية على التطور ومواكبة العصر واستيعاب منجزاته. أما د. خلدون إبراهيم (الأردن) فأشار إلى أهمية اللغة العربية باعتبارها الوعاء الذي يحفظ للأمة هويتها وتراثها واستمراريتها. مطالباً بتشجيع استنهاض اللغة العربية عبر استيعابها للمنجزات العلمية المعاصرة.. من جهته أشار د. علاء الدين الزعتري إلى أهمية اللغة العربية في وحدة الأمة، وقدرتها على مواجهة العولمة، مؤكداً أن نهضة الأمة مرتبطة بنهضتها اللغوية. أما د. ربيع العمري فأشار إلى عوامل انتشار اللغة العربية وخصوصاً في روسيا، وعلاقة هذا الانتشار للغة بانتشار الإسلام في هذه المناطق، وكذلك تأثير التبادل التجاري بين العالم العربي وغيره من البلدان الأخرى ودوره في نشر اللغة العربية. من المشاركين في هذه الجلسة كذلك د. محمد علي آذرشب (إيران) ومحمد بن عبد الرحمن آل الشيخ (السعودية)

المحور الثالث وتحت عنوان: “واقع اللغة العربية في سياق المعاصرة ومشروع الأمة الحضاري”، تحدث في الجلسة الأولى كل من: محمد راجي الزغلول (الأردن) وعبدالله بن محمد القرني (السعودية)، ود. أحمد حلواني (سورية) ود. جوزيف إلياس (لبنان) وحسين إبراهيم عبد الحليم (لبنان)، وسميرة خوالدة (الأردن).

أما في الجلسة الثانية فتحدث فيها كل من: حسام النعيمي (العراق)، ومحمود حسني مغالسة (الأردن)، وعبدالرحمن عطية (سورية)، رضوان الدبسي (سورية)، عبدالرحمن إبراهيم الفوزان (السعودية)، محمد رمضان الديكي (الأردن)، إحسان بعدراني (سورية)..

وفي الجلسة الختامية تليت التوصيات التي خرج بها المؤتمر، أهمها:

1- التأكيد على ضرورة تحسين وتطوير طرق ومناهج تعليم اللغة العربية.

2- مناشدة مؤسسات التربية والتعليم العامة والخاصة في الدول العربية أن يهتموا بتربية النشء على الاعتداد باللغة العربية، نطقاً وكتابة وتحدثاً، وذلك بتوضيح خصائصها وميزاتها وجمالياتها مقارنة باللغات الأخرى.

3- تعميم تدريس مادة اللغة العربية والثقافة الإسلامية في جميع الكليات الجامعية في الوطن العربي..

4- مناشدة جامعة الدول العربية أن تعمل على إتمام مشروع إنشاء وإصدار المعجم التاريخي للغة العربية الذي يرصد حركة تطور المفردات خلال العصور المتعاقبة.

5- تنشيط حركة التعريب حسب القواعد التي أرساها علماء اللغة في هذا المجال، على أن تكون حركة منظمة متكاملة..

6- ضرورة الاتجاه إلى استخدام وسائل الاتصال الحديثة والعمل على إدخال اللغة العربية في برامج لغة الحاسوب العالمية.

7- حث وسائل الإعلام العربية المختلفة على استخدام اللغة الفصيحة في جميع برامجها.

8- يوصي المؤتمرون بضرورة أن ينعقد مؤتمر اللغة العربية بدورته الرابعة تحت عنوان: اللغة العربية ووسائل الإعلام المحلية والفضائية...

 

مؤتمر: “الوحدة الإسلامية

في مواجهة التكفير”

لدراسة ظاهرة التكفير التي تجتاح واقع الأمة، وللبحث في جذورها ومسبباتها وكيفية معالجة هذه الأسباب وسبل التصدي لهذه الظاهرة التي تجاوزت الاتهام بالتكفير إلى سفك دماء المسلمين، وتسليط الضوء على الآثار السلبية لهذه الظاهرة على واقع الأمة ومستقبلها، نظم تجمع العلماء المسلمين في بيروت مؤتمراً تحت عنوان: “الوحدة الإسلامية في مواجهة فتنة التكفير” وذلك في 13 أيار 2005م.

شارك في المؤتمر شخصيات فكرية وعلمائية ودعوية وسياسية لبنانية.. افتتحت أعمال المؤتمر بكلمة لتجمع العلماء المسلمين ألقاها الشيخ أحمد الزين رئيس مجلس الأمناء في التجمع. أشار فيها إلى حقيقة المذاهب الإسلامية وأنها لا تعدو كونها مدارس اجتهادية ظهرت بسبب ممارسة المسلمين للاجتهاد الشرعي، وعلاقتهم التفاعلية والإيجابية مع النصوص الدينية فهماً واستنباطاً، واستجابةً للواقع ومستجداته التي تحتاج دائماً إلى موقف الشرع منها تأصيلاً واستيعاباً، كي لا يتجاوز الواقع ومستجداته الشرع الإلهي الصالح لكل زمان ومكان.. كما أن الاجتهاد الذي مارسته جميع هذه المذاهب كان شكلاً من أشكال الحيوية والنشاط العقلي الذي تميزت به الحضارة الإسلامية.

ثم انطلقت أعمال المؤتمر بالجلسة الأولى التي ترأسها الشيخ عبدالله حلاق مدير مركز الدراسات في التجمع، والذي ألقى بدوره كلمة أشار فيها إلى أهمية انعقاد هذا المؤتمر لمعالجة هذه القضية الحساسة، وفي ظروف شديدة الحساسية، حيث تعمل القوى الاستعمارية على تأجيج نار الفتن الطائفية والمذهبية في العالمين العربي والإسلامي بطرق مباشرة وغير مباشرة، كل ذلك من أجل تفتيت الوحدة الاجتماعية الداخلية ليسهل عليها تمرير مخططاتها ومشاريعها للهيمنة السياسية لاستغلال مقدرات هذه الأمة وثرواتها الهائلة، داعياً إلى العمل من أجل مواجهة هذه الفتن بالحوار والانفتاح..

عقدت هذه الجلسة تحت عنوان: ظاهرة التكفير في ضوء العلوم الشرعية، وقد تناول الكلمة فيها في البداية الشيخ محمد كنعان رئيس المحكمة الشرعية السنية، الذي تحدث عن القواعد والأسس العلمية والشرعية لإصدار فتاوى التكفير، مؤكداً على أن هذه العملية منوطة بأهل الاختصاص في العلوم الشرعية، لذلك ليس من حق أيٍّ كان ولو كان من أصحاب الثقافة الدينية أو الالتزام الديني أن يصدر مثل هذه الفتاوى، إن إصدار فتوى بتكفير شخص معين يترتب عليها الكثير من الأحكام، لذلك لابد من التدقيق والاحتراز الشديد في إصدار وإطلاق مثل هكذا فتاوى..

من جهته تحدث الشيخ زهير الشاويش عن: الموقف الشرعي لأهل السنة من الشيعة، حيث قام باستعراض مواقف وأقوال كبار علماء السنة عبر التاريخ في إخوانهم الشيعة وخصوصاً الإمامية والزيدية منهم، وأوضح القواعد العقائدية التي ينطلق منها أهل السنة في تعاملهم وموقفهم من أهل القبلة عامة، فهم لا يكفرون أيًّا من أهل القبلة بذنب ارتكبه، إلا أن يعلن كفره او مخالفته لما اجمعت الأمة قاطبة على كونه من ضروريات الدين كإنكار وجوب الصلاة والزكاة والصوم..

أما الشيخ محمد يزبك الوكيل الشرعي العام للسيد علي الخامنئي في لبنان، فقد استعرض بدوره الموقف الإمامي من أهل السنة، حيث تتبع أقوال كبار علماء الشيعة ومراجعهم، والتي تجمع بما لا شك فيه ولا مراء أن أهل السنة من أتباع المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة، هم مسلمون يؤمنون بالله والنبوة والمعاد وبالقرآن والسنة... والإيمان بهذه الأسس يدخل الإنسان في جماعة المسلمين حيث يصبح له ما لهم وعليه ما عليهم، دمه وماله وعرضه حرام ومصان ومحترم.. ولا يجوز لأي أحد أن يكفّر غيره ممن هذه أوصافه لأنه يخالفه الرأي في جزئية أو حكم فقهي وله مستنده الاجتهادي في هذا الاختلاف. لأن الاجتهاد وعملية فهم النصوص الدينية تؤدي لا محالة إلى اختلاف الاستنباط ووجهات النظر، حسب المعايير المعتمدة لدى كل فقيه ومذهب، بل بين الفقهاء داخل المذهب الواحد، لذلك فهناك اختلاف وتعدد في الآراء داخل كل مذهب..

أما الدكتور رأفت الميقاتي فاستعرض بدوره مواقف أئمة المسلمين من التكفير وخصوصاً مواقف كبار علماء أهل السنة، الذين كانوا يحذرون باستمرار من التسرع في تكفير المسلمين وينهون عن نعت المسلمين بالكفار، لأن تكفير المسلم له تداعيات خطيرة تتجاوز الفرد لتصيب المجتمع الإسلامي في مقتل، عندما تنتشر الفتن الطائفية وظواهر التكفير والتكفير المتبادل..

كما أشار الدكتور الميقاتي إلى وجود عدد من القضايا المختلف فيها بين السنة والشيعة، لكن الموقف والمنهج الصحيح والصائب والعلمي في نظره هو دراستها أو إعادة النظر فيها، وتصحيح بعض الممارسات التي من شأنها أن تعمق الخلاف وتدفع به للوصول إلى حدود التكفير وإباحة الدماء..

الجلسة الثانية التي عقدت بعد الاستراحة ترأسها الشيخ علي خازم عضو هيئة الأمناء في التجمع، وكانت تحت عنوان: “الوحدة الإسلامية بين الوجوب والمعوقات”، وقد ألقى بدوره كلمة أشار فيها إلى ضرورة أن يقوم العلماء بدورهم في هذه المرحلة الحساسة من حياة الأمة، وأن يقوموا بالتوجيه المطلوب لتعريف الناس بحقائق الأمور، ومخاطر التكفير وسلبياته على الوحدة الاجتماعية للأمة..

تناول الكلمة بعده المفكر الإسلامي د. فتحي يكن، فركّز على استعراض المعوقات التي تواجه الوحدة الإسلامية وتحول دون تحققها، وسبل مواجهتها، كما أشار إلى التحديات الفكرية والسياسة والاقتصادية والاجتماعية والإخلاقية والحضارية بشكل عام التي تواجه الأمة، وضرورة التوحد لمواجهتها، مؤكداً أن معالجة العقبات وأسباب الاختلاف والتشرذم ستؤدي إلى استعادة المسلمين لقوتهم وقدرتهم على مواجهة الهجومات الاستعمارية الجديدة

كذلك تحدث الشيخ علي الخطيب عن أهمية ودور العلماء والمرجعيات الدينية في تحقيق التقريب المنشود، وقدرتهم على معالجة أسباب الاختلاف وتجاوزها، كما أشار إلى أهم موجبات الوحدة الإسلامية من خلال الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة.. منتقداً الواقع الذي تعيشه الأمة داعياً إلى العمل على تجاوزه ومعالجة تحدياته...

أما د. علي الشيخ عمار فقدّم ورقة بعنوان: “المذاهب الاسلامية مدارس فقهية”، أكد فيها استيعاب الإسلام للاجتهادات الفقهية المتعددة، وبالتالي فلا يمكن الاعتماد على هذه الاجتهادات لإثارة الفتن والخلافات التي تمزق جسد الأمة، كما دعا إلى ضرورة إنجاز مشروع ثقافي سياسي جهادي تجتمع عليه الحركات الإسلامية وتنطلق منه ليكون أساساً لوحدة الأمة، ومنهجاً يساعدها على المواجهة والتصدي والممانعة وإرغام الأطراف الأخرى التي تقف موقفاً سلبياً من الهجمة الاستعمارية على الأمة على الانخراط في مشروع الممانعة والدفاع عن الهوية والأرض...

ثم تحدث السيد علي فضل الله عن أهم المحطات على طريق الوحدة، انطلاقاً من سيرة الرسول الأكرم (ص) وتجربته في توحيد المسلمين في بدايات الدعوة، وكذلك الاستفادة من تجربة المسلمين بعد وفاة الرسول الأكرم (ص)، كما أشار إلى التجارب التقريبية بين المذاهب التي أشرف عليها كبار العلماء من السنة والشيعة، مما يؤكد أهمية دور العلماء في توحيد الأمة، وقدرتهم على تحقيق الوحدة إذا وجدت الإرادة والتصميم وخلُصت النيات لله ولخدمة مصالح هذه الامة...

 

ندوة: “الاعلام

ودوره في وحدة الأمة”

بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب في دمشق نظمت مجلة الوحدة الإسلامية الناطقة باسم تجمع علماء المسلمين في لبنان ندوة فكرية تحت عنوان: “الإعلام ودوره في وحدة الأمة” وذلك في دمشق أواخر شهر أيار (مايو) 2005م.

حضر الندوة عدد من المفكرين والكتاب والإعلاميين من سورية ولبنان وفلسطين..

انطلقت أعمال الندوة بكلمة لرئيس اتحاد الكتاب العرب د. علي عقلة عرسان الذي رحب في البداية بالحضور، ثم أشار إلى الظروف الصعبة التي تعيشها الأمة، مؤكداً أننا “في زمن حقائق الإعلام ولسنا في زمن الإعلام والحقائق، وإذا لم يتمسك الإعلام بالحقيقة ويسعى إليها ويحاول كشفها والدفاع عنها والدعوة إليها، فإنه ينقلب إلى نوع من الثرثرة الضارة.. وأضاف: لا يمكن لإعلام لا يرفع أهداف سامية ولا ينطلق من ثوابت مبدئية وخلقية تستند إلى إيمان وقيم روحية ووطنية وقومية وإنسانية أن يساهم في توحيد الأمة وإشاعة مناخ ملائم لذلك.. وأسف د. عرسان للسمة العامة لمعظم ما نراه ونسمعه وما نقرؤه من مادة في الإعلام، ينحو منحى الإضعاف والتفريق والتمزيق وإشاعة عدم الثقة، إن لم يكن ينصب على زرع أحقاد وتنمية الضغائن بين الأشخاص والأنظمة والبلدان والأعراق تحت شعارات براقة.. وأشار كذلك لما يقوم به الغرب من استغلال للإعلام من أجل تشويه صورة الإسلام والمقاومة المشروعة للاحتلال، مؤكداً أن: الإعلام الموحد للأمة هو إعلام يقوم على الانتماء والإيمان واحترام الحقيقة والاعتراف بالأمة وقيمها ومقومات وجودها..

تحدث بعده الشيخ محمد حسين عمرو المدير العام للمجلة، فأكد أن الأصل في الإسلام التوحيد والأصل في الأمة الوحدة ولكن الأهواء السياسية والشخصية هي التي حرفت المفهوم الديني.. وأضاف: يؤسفنا أن نتكلم عن الوحدة الإسلامية في حين يجب أن تكون من البَدَهِيَّات التي لا نقاش فيها ولا نزاع، لكن للأسف الشديد نحن نعيش اليوم أسوأ مشاكل التشتت والانفلات والبغضاء والفشل.. والحل في نظره هو في العودة إلى الإسلام، لكن بشرطه وشروطه وأولها الوحدة.. والوحدة المقصودة هي أن نعيش إسلامنا روحاً ونصاً ونجعل العقل عليه دليلاً.. أما التعصب فهو خوف للفكر في الداخل وإخراج للذات من إنسانيتها، فالمتعصب ينطلق من ذاته ومن شخصانيته وليس من دينه وفكره فهو يقمع الدين في مهده.. وبهذا يخرج الإنسان رحاب الإسلام من رحاب الإنسانية، فيصبح المجتمع أمام عينيه جاهلاً كافراً، ويجيز لنفسه سفك الدماء واستباحة الحرمات، قد يقول قائل: إن المذاهب الإسلامية والمدارس الفكرية المتعددة هي التي أتت بالويل على هذه الأمة، ونرد عليه بأن المذاهب والمدارس الفكرية هي ثروة الإسلام وغناه.. وتعدد الآراء بين العلماء دليل على حيويتها وليس دليلاً على التمزق.. وختم كلمته بالتأكيد على ضرورة فتح باب الحوار الهادئ في موارد الاختلاف، وعزل الاختلافات الفقهية عن التجاذبات السياسية..

الدكتور محمد الحبش، مدير مركز الدراسات الإسلامية في دمشق، انتقد بشدة الإعلام الذي لا يهتم بالإسناد ومصادر تلقي الأخبار، وتحوله إلى تجارة تتجاوز القيم ولا تهتم إلا بترويج السلع والآراء دون تمحيص أو تدقيق.. مؤكداً على وجود خيط دقيق يفصل بين الإعلام المهني وبين الإعلام الموجّه الذي يلغي اعتبار الحقيقة وقيمة الواقع من قاموسه..

في المحور الثاني وتحت عنوان “الاعلام والعولمة” تحدث الدكتور فضل شرورو المشرف العام على إذاعة القدس، فقدّم اقتراحاً من شقين: الشق الأول أن يرعى اتحاد الكتاب العرب سنوياً بتحضير من مجلة الوحدة الإسلامية يوماً للإعلام في هذه الأمة.. الشق الثاني من الاقتراح: أن يصدر عن هذا اللقاء بحث معمق عن موضوع الإعلام وتأثيره في وحدة الأمة.. كما تحدث عن الثقافة في العولمة مؤكداً أنه من الطبيعي أن يكون الإعلام جزءاً من الثقافة. هو وليد الثقافة، بينما في عصر العولمة أصبح الإعلام يزحف على الثقافة، على مساحة الثقافة لتصبح الثقافة إعلام السوق وثقافة الاستهلاك.. مشيراً إلى أن الإعلام لم يعد قدرة إنشائية بل أصبح قدرة على خدمة بعض الأهداف والإصرار على إيصالها إلى المتلقي..

وتحت عنوان: “الاستشراق وتشويه صورة العرب والمسلمين”، تحدث الدكتور عبد النبي اصطيف رئيس قسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة دمشق، الذي أكد في كلمته أن: صورة العرب والمسلمين في الغرب بشكل خاص، صورة تترك الكثير مما يمكن أن يغضب المرء، والكثير مما يمكن أن يؤسف له.. وهذه الصورة ليست بعيدة عن الواقع العربي والإسلامي وحقيقته، بل هي مسرفة في سلبيتها على نحو ملحوظ، وأكثر من هذا تكاد تكون الصورة النقيضة تماماً لكل ما يحدد هوية الغرب من قسمات وخصائص.. فالعرب والمسلمون محكومون بالعواطف والأهواء والنزعات، مقابل الغرب الذي يحكم حياته بكل وجوده بالعقل والعقل وحده.. والعرب والمسلمون ينعمون في الفوضى في حين يدين الغرب للنظام في كل ما يتصل بشؤونه ومجتمعاته..

ثم انتقل د. اصطيف لتعريف الاستشراق ومن هو المستشرق وكيف تنتج المعرفة الاستشراقية؟، والآن من ينتج هذه المعرفة؟، لأن تعريف هذا النمط من المعرفة هو الذي يحدد لنا -في نظره- طريقة إنشاء هذه الصورة..

المحور الأخير في هذه الندوة كان بعنوان: “تجربة علماء المسلمين في لبنان في مجال الوحدة الإسلامية”، وتحدث فيه الأستاذ مصطفى ملص عضو نقابة المحامين في طرابلس، فتحدث مطولاً عن ملابسات إنشاء التجمع والظروف الصعبة التي أنشئ فيها والدور الذي لعبه منذ إنشائه وإلى الآن في خدمة الوحدة الإسلامية، مؤكداً في الأخير أن الوحدة المرجوة تقوم على القواعد التالية:

أولاً: احترام التعدد المذهبي، والتنوع في الاجتهاد، واعتبار ذلك ميزة للإسلام الحنيف والمسلمين، وأنه السبيل لرفع الحرج.. ثانياً رفض منهج التكفير والتضييق والتشدد لتعارضها مع صريح القرآن.. ثالثاً: اعتبار عامل الإيمان بالله ورسوله والعمل بمقتضى ذلك هو العامل الأوحد في الانتساب إلى الأمة الإسلامية.. رابعاً: ضرورة قيام الإخاء السياسي الجامع للأمة..