ثمة حقيقة راسخة وعميقة في الاجتماع الإنساني، ألا وهي أن الصراعات والنزاعات الدائمة، لا تنشأ بسبب وجود الاختلاف والتنوع، وإنما تنشأ من العجز عن إقامة نسق مشترك يجمع الناس ضمن دوائر ارتضوها. والحوار بين الإنسان وأخيه الإنسان من النوافذ الأساسية لصناعة المشتركات التي لا تنهض حياة اجتماعية سوية من دونها.
والحوار بين التعبيرات الاجتماعية والثقافية والسياسية، يفتح آفاق التعاون، ويبلور أطر التضامن، ويدخل الجميع في قافلة الدفاع عن المقدسات ومواجهة التحديات.
من هنا فإن مجلتنا ومنذ انطلاقتها وخلال مسيرتها التي تتجاوز عقداً من الزمان، اهتمت بقيمة الحوار، وعملت خلال أعداد متنوعة على ترسيخ قيم الحوار والتواصل بين مختلف تعبيرات الأمة ومكوناتها.
وفي هذا العدد نفتح ملف الحوار بين المذاهب الإسلامية في المملكة العربية السعودية، إيماناً منا، بأهمية أن يسعى كل بلد إسلامي نحو علاج مشاكله، وترسيخ قيم الحوار والتواصل والتلاقي بين مختلف فئاته وشرائحه.
ومن خلال موضوعات هذا الملف العشرة، نريد أن نقول: إننا وعلى صعيد الأمة بأسرها، بحاجة بشكل دائم إلى الحوار والتلاقي وتوسيع دائرة المشتركات بين مختلف الفئات والشرائح والأطياف.
ولم ينحصر هذا العدد في هذا الملف الحواري الهام، وإنما هناك دراسات وأبحاث هامة من خلال أبواب المجلة الثابتة.
وكلنا أمل أن يساهم هذا العدد، في تعميق خيار الحوار والوحدة والتعاون بين مختلف مكونات وتعبيرات الأمة، في زمن نحن أحوج ما نكون إلى كل ما يجمع أبناء الأمة ويحول دون تشتتهم وتمزقهم.
والله المستعان.