علي بن حسن آل مستنير(([1]))
لقد حبا الله سبحانه وتعالى وطننا الكبير المملكة العربية السعودية وأسبغ عليها نعمه الكثيرة، فهي قلب العالم الإسلامي بما فيها من مقدسات، وباطن أرضها يحتضن ثروات لا تحصى ولا تعد، وطبيعة أرضها تتنوع من الغابات إلى الصحاري والجبال وواحات النخيل، وشعبها متعدد القبائل والأعراق والأقاليم، وثقافتها ثرية متنوعة بحكم تواصلها مع العالم الإسلامي وحدودها الشاسعة مع الدول العربية المجاورة. كل ذلك كان له أثر في صياغة تراثها وعاداتها وتقاليدها من حيث المأكل والملبس والعرضات والأهازيج وتنوع الرؤى والأفكار، وقد اعترفنا شعباً ودولةً بكل هذا التنوع الثقافي ومارسناه في حياتنا اليومية بكل جزئياته، والجنادرية خير دليل على ذلك.
إلا أن هناك تنوعاً آخر موجوداً بيننا لا نزال نذكره على استحياء، متجاهلين بذلك ناموس الكون وسنة الله في خلقة ألا وهو التعددية المذهبية، فوطننا الحبيب من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه بالإضافة إلى ما تم ذكره من تعدد ثقافي وقبلي وفكري يحتوى على عدد من المذاهب الإسلامية مثل الحنبلية والمالكية والشافعية والاثني عشرية والإسماعيلية والزيدية وكل هذه المذاهب تُوحِّد بينها الأصول الإسلامية الثابتة وتختلف في فروعها واجتهاداتها التي هي في الأصل رحمة.
لذا فقد حان الوقت للحوار والاعتراف بهذه التعددية التي تزيدنا قوة وتلاحماً وتبعد عنا ذلك الخطاب الديني المتشدد الذي يؤدي إلى الفرقة والتشرذم، ولنا في التاريخ ومخرجاته القديمة والحديثة خير مثال.
وكما هو معلوم فإن هناك فرقاً بين النص الديني والخطاب الديني؛ فالنص الديني هو كل ما ورد في الكتاب والسنة الشريفة؛ أما الخطاب الديني فهو ما يستنبطه الفقهاء من ذلك النص كل بحسب اجتهاده ورؤاه الذاتية، ولذلك فالخطاب الديني غير مقدس ولا معصوم عن الخطأ؛ لأنه يعبر عن فهم وإدراك واجتهاد صاحبه في تفسير النصوص.
وعندما يكون هناك حوارات مذهبية ذات اجتهادات متعددة فإنه لا يتم الحجر على العقول والأذهان، بل تتم المواجهة بالاجتهادات والأفكار المعارضة بالتنافس الشريف والمراجعة المستمرة بموجب نظرية البقاء للأصلح.
الأحادية لا تراجع نفسها وفتاواها إلا إذا دُفعت دفعاً قوياً وذلك بوجود المنافس الذي يتمتع بالحقوق والفرص المتكافئة نفسها، خصوصاً عندما يكون ذلك التنافس ينهل من النص الإسلامي نفسه الثابت في الكتاب والسنة الشريفة، ويهدف إلى إيضاح الحقيقة، ويتحرى الصدق والأمانة في إظهارها بعيداً عن التعصب الفكري والمذهبي.
لقد تعلمنا من التاريخ أن الأحادية أيضاً تعني العزلة لأنها تتغذى على ذاتها فقط، ولا تسمح لغيرها بالتواجد السلمي، وهي بذلك تصبح دائرة مغلقة على ذاتها، يمنع فيها تبادل الأفكار والرؤى والاجتهادات الأخرى المتطورة عبر الزمان وحدود المكان، خصوصاً عندما تتخذ من نهجها فقط وسيلة لطمس رأي الآخرين وقناعاتهم الفكرية والمذهبية، وتكون صادرة عن أشخاص يزعمون القداسة، وأنهم ذوو مؤهلات روحية تستخدم موقعها السلطوي في تكفير الطوائف الإسلامية الموجودة على أرض الوطن، التي لا تحظى بالفرص الإعلامية المتكافئة نفسها للتعبير عمَّا لديها من أفكار وقناعات، وعلى طريقة رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.
إن التكفير ليس مجرد رأي في الآخر يمكن تجاهله بل يعتبر حكماً شرعياً تنساق وراءه أحكام كثيرة؛ ولذلك فإن السكوت عليه يعتبر جرماً بحق ديننا الإسلامي الحنيف وجرماً بحق أنفسنا، ومن هنا فعلينا العمل فقهياً وعملياً وقانونياً على تفعيل التسامح والاعتراف بالتعددية المذهبية في هذا الوطن الذي نعيش على أرضه وتظلنا سماؤه ونشترك في مائه وهوائه.
لقد تبين من مسيرة الحضارة الإنسانية أن الأمم لا تنمو ولا تزدهر إلا بتعدد الآراء وتنوع الثقافات، وكسر حاجز الجمود الفكري عن طريق السماح بالتواجد السلمي لجميع الأفكار والرؤى، بحيث تتحقق نظرية البقاء للأصلح. وعليه فإن التأكيد على قيم الحوار والتسامح بين المذاهب الإسلامية سوف يخلق نقطة تحول في تاريخ المملكة، مما يكون له بالغ الأثر في استئصال ما في النفوس من تأزم وتوجس تجاه الآخر المختلف. كما أن هذا التحول سيعمل على كسر الحواجز النفسية التي كانت تضخم الخلافات الفرعية بين هذه المذاهب وتحيلها إلى اختلافات في الجوهر. لذلك فإن الذين تم برمجتهم على الفكر الأحادي وكره المختلف سيكون أمامهم فرصة ذهبية للحوار ومعرفة ما لدى الآخر، منطلقين في ذلك من الثوابت الإسلامية التي تضمن الالتزام بمبادئ الإسلام وأركانه. والاتفاق بين المذاهب بما يضمن الاعتدال والوسطية. كما أن المتتبع لظواهر الاختلاف سوف يتضح له أن السبب في ذلك يعود إلى من يتعاملون مع الدين بوصفه إيديولوجيا فكرية تحاول فرض نفسها بسلطة الإقصاء، وإحاطة نفسها بهالة من القدسية التي لا تلبث أن تغرق في خضم قوة الدين المتدفق كالنهر الجاري. فالدين يبقى والإيديولوجيات تختفي حتى لو كانت مفروضة بقوة السلطة، وهذا هو السر الكامن في رسالة الإسلام الخالدة التي لابد أن تهيمن على كل من يحاول إخضاعها لأهوائه بدل أن يخضع هو لشريعتها الإلهية. إن ما سيقوم به المتحاورون من بعث رسالة واضحة المعالم تدعو إلى التسامح والفهم الصحيح للدين الإسلامي الذي هو دين عالمي يتخطى اللون والثقافة واللغة، وبذلك فلا يحق لفئة أو جماعة إلحاق الضرر بمكاسب الآخرين الدينية والدنيوية بحجة أنهم يملكون الحق المطلق في تفسير النصوص، وتكفير الناس وإخراجهم من الملة بدعوى حرصهم على الدين الحنيف. إن الاختلاف بين المذاهب الإسلامية في الفروع يجب ألَّا يكون مدخلاً لنبذ الآخر، والبيت الإسلامي واحد وإن تعددت فيه الغرف؛ فهي جميعاً تحت قبة واحدة تستظل بظل ذلك البيت الواحد. ولقد عودتنا العقود الماضية على الخوف الشديد من الأفكار المغايرة، وتم إيهامنا بأن فكرة أو رأياً يذكر هنا أو هناك قد يزعزع عقائدنا وثوابتنا الإسلامية، ونسي من يمتهن هذه الثقافة أنه يسيء إلى الإسلام وكأنه دين هش لا يستطيع مواجهة الأفكار والشبهات الباطلة.
إن هذا التوجه الحواري الإسلامي الخيِّر من كافة المذاهب في الوطن سوف ينبثق منه أهداف إسلامية نبيلة، يتم فيها تكريس الوحدة الوطنية داخل المملكة، كما أنه سوف يساهم في صياغة خطاب إسلامي جديد مبني على الوسطية والاعتدال داخل كل مذهب، كما يعزز قنوات التواصل والحوار مع جميع المؤسسات الدينية والفكرية والثقافية مع باقي الدول الإسلامية التي تعترف بالتعددية.
* التجربة الإسماعيلية في التسامح
وقبول الآخر (الدولة الفاطمية مثالاً)
لقد كَثُر الحديث هذا الأيام عن دعوات الحوار والتسامح الديني والمذهبي، وقامت معظم الدول العربية والإسلامية تتبارى في هذا المضمار وكأنه وليد هذا العصر الذي نعيشه، ولو رجعت هذه الدول إلى التاريخ الإسلامي لما احتاجت إلى سن القوانين والأنظمة التي تحث على التسامح الديني والمذهبي، فالشواهد التاريخية موجودة والدولة الفاطمية العربية الإسلامية التي قامت في بداية القرن الرابع الهجري خير مثال يحتذي به، وتعالوا لنقرأ ملامح من التاريخ المشرق لهذه الدولة الإسلامية التي نشرت العلم والمعرفة وثقافة التسامح الديني والمذهبي.
يذكر المؤرخون المنصفون أن أئمة الدولة الفاطمية كانوا بطبيعتهم ميالون إلى جيد القول وصدق الكلام، يقرونه ويجلونه في نفوسهم ويبذلون كل شيء في سبيل تشجيعه، وقد قرَّبوا العلماء وخلعوا على الأدباء وأجازوا الشعراء، وكانوا موضع فخرهم واعتزازهم.
والمؤرخون المحايدون يذكرون أن الدولة الفاطمية الإسلامية أثناء نشرها العلم والمعرفة والتسامح الديني والمذهبي أقامت المكتبات الكثيرة، التي كانت تجمع خزائن الكتب والتي لا تختص بعلوم وفقه المذهب الإسماعيلي الفاطمي فحسب، بل بجميع المذاهب الإسلامية الأخرى بالإضافة للعلوم الإنسانية المختلفة، وقد بلغت الثقافة المعرفية في عصر الإمام المعز لدين الله أعلى مبلغها، ونبغ في عهده علماء أفذاذ وشعراء وأدباء وشارك المعز لدين الله الفاطمي في هذه النهضة العلمية، كما كان أبوه المنصور من قبله مشهوراً بسعة الاطلاع، ولم تشغله مهام الدولة عن البحث والتأليف، وقد كانت مكتبة الإمام المعز لدين الله بالمنصورية بالقاهرة تعد من أكبر الخزائن للكتب في العالم الإسلامي، وقد وصفها المقريزي بأنها كانت من عجائب الدنيا، وأنه لم يكن في جميع بلاد الإسلام دار كتب أعظم منها، حيث اشتملت على مليون وستمائة ألف كتاب في مختلف العلوم والمعارف، وعلى الرغم من أن مذهب الدولة كان هو المذهب الإسماعيلي في ذلك الوقت، إلا أن التاريخ لم يذكر أن أئمة الدولة الفاطمية قد فرضوا اعتناقه بالقوة، مع أنهم يستطيعون ذلك، بل كان الخيار متروكاً لمن شاء، وقد تمتع أهل الكتاب من اليهود والنصارى بممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية، وتم مساواتهم من حيث المواطنة مع المسلمين، كما عرف عن أئمة الدولة الفاطمية تسامحهم مع العلماء الذين لم يدخلوا في مذهبهم أو يستجيبوا لهم، وكان هناك أعداد كثيرة من الوزراء ورؤساء الدواوين والقضاة من المنتمين للمذاهب الإسلامية المختلفة من السنة والشيعة على حد سواء، كما تم الاستعانة بذوي الاختصاص من أهل الكتاب من النصارى واليهود في إدارة المصالح التي ليس لها علاقة بالدين أو الشريعة، مثل الشؤون المالية والمحاسبية والتي تعتمد على التخصص والخبرة.
وسوف نورد بعض الأسماء من رؤساء الدواوين والقضاة الذين لم يكونوا من أتباع المذهب الإسماعيلي.
ففي عهد الإمام المستنصر بالله معد أبي تميم، الذي يعتبر عهده أطول العهود في تاريخ الدولة الفاطمية حيث تجاوزت المدة التي قضاها في الخلافة ستين عاماً؛ بلغ عدد الوزراء الذين عينهم أكثر من خمسين وزيراً، منهم 13 وزيراً من السنة نورد بعضاً منهم على سبيل المثال لا الحصر.
1- صاعد بن مسعود الملقب بزين الكفاة رئيس ديوان الشام.
2- الحسن بن علي اليازوري الملقب بغياث المسلمين أشهر وزراء القلم في المجال الداخلي والخارجي.
3- محمد بن جعفر المغربي رئيس ديوان الإنشاء.
4- المشرف بن أسعد بن عقيل (أبو المكارم) رئيس ديوان الذخيرة.
وفي عهد الإمام العزيز بالله نزار الإمام الخامس قاهر القرامطة الذي اشتهر بالعفو وتفضيله السلام على الحرب، وكان مولعاً بالبناء والتشييد؛ فقد بلغ التسامح الديني والمذهبي في عهده الذروة في التعامل مع غير المسلمين من أهل الكتاب ومساواتهم مع بقية المواطنين من حيث حقوق المواطنة، حيث تم تعيين بعضاً منهم رؤساء للدواوين التخصصية التي ليس لها علاقة بأمور الدين والشرع نظراً لخبراتهم في ذلك المجال، فقد عيَّن يعقوب بن كلس رئيس ديوان المال (أي وزير المالية والاقتصاد)، ومنحه الصلاحيات للنهوض باقتصاد البلاد نظراً لخبرته السابقة في ذلك لدى كافور الأخشيدي، وبعد وفاته عيَّن الوزير عيسى بن نسطورس النصراني حيث ضبط الأمور المالية وجمع الأموال ووفر كثيراً من الخراج وأدار دفة البلاد الاقتصادية بمهارة حتى تجاوزت الأزمات الاقتصادية التي تعرضت لها بالرغم من المجاعات في ذلك العصر.
أما في عهد الإمام الحاكم بأمر الله الخليفة والمصلح الاجتماعي الكبير فيكفي قوله المأثور: «إن كل واحد في دولتنا حر في اختيار مذهبه، وإظهار ما في ضميره، ولا إكراه في الدين» وقد ذكر في أكثر من مصدر تاريخي أنه سمح لأتباع مذهب مالك بأن يدرسوا أصول مذهبهم في دار الحكمة، واعتبر ذلك من مآثر الإمام الحاكم وبُعد نظره، وهذه المصادر تؤيد ما تم ذكره وكان متسامحاً مع الفرق الدينية الأخرى الإسلامية وغير الإسلامية، وقد عيَّن في رئاسة القضاء بمصر قاضياً سنياً هو (ابن العوام)، وعندما قال بعض خاصته أنه ليس على مذهبك ولا على مذهب من سلف من آبائك، أجاب:
«يكفي أنه ثقة ومأمون، ومصري، وعارف بالقضاء وبأهل البلد». كما عرف عن الإمام الحاكم بأمر الله أنه أصدر تحريماً يمنع سب السلف في أي مكان جرياً على سنة آبائه الحميدة، وله مرسوم بذلك ينص على الآتي:
بسم الله الرحمن الرحيم
«من عبد الله ووليه (أبي علي) الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين إلى كل حاضرٍ وبادٍ.. أما بعد:
فإن أمير المؤمنين يتلو عليكم آية من كتاب الله المبين {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} مضى أمس بما فيه وجاء اليوم بما يقتضيه الصلاح، والإصلاح بين الناس أصلح، والفساد والإفساد بينهم مستقبح. ألا إن من شهد الشهادتين أحق ألا تنفك له عروة، ولا توهى له قوة، يحيا على خير العمل، يؤذن المؤذنون - ولا يؤذنون، ويخمس المخمسون، ويربع المربعون في الصلاة على الجنائز، ولا يعترض أهل الرؤية فيما هم عليه صائمون، ولا يشتم السلف، ولا يبغي الخالف على من قبله خلف، تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم.
ولا تسألون عما كانوا يعملون.
معشر المؤمنين:
نحن الأئمة وأنتم الأمة عليكم أنفسكم لا يغركم من قبل إذا اهتديتم، إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون، والحمد لله رب العالمين وصلواته على رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وآله الأكرمين».
ومما سبق يتضح لنا أن الدولة الفاطمية سارت على قواعد ومنهاج متطور، يسوده التسامح الديني والمذهبي، في فكر راقٍ يدعو لضم الأقطار الإسلامية في دولة واحدة، وإعادة مجد العرب والمسلمين إلى ما كان عليه في آخر عهد صاحب الرسالة المحمدية، ولكن العوائق برزت قاسية، والعواصف هبت عاتية، فأثارت النفوس وأيقظت الحروب، مما جعل المنهاج يتوقف، وتلك إرادة الله. وقد انتهت تلك الدولة سنة 576 بعد أن خلّفت إرثاً حضارياً إسلامياً باقياً حتى الآن ينطق بالعظمة والمجد والخلود.
* التعريف بالمذهب الاسماعيلي المستعلي الفاطمي ومريديه
نبدأ بتعريف أنفسنا بأننا جزء من هذا الوطن نشكل أحد طوائفه ومذاهبه المختلفة، نؤمن بالله ربًّا وبمحمد نبيًّا ورسولاً، وبالإسلام ديناً، ونعتبر اختلافنا مكوِّناً من مكونات نسيج هذا الوطن المعطاء، لا يسبب خلافاً بقدر ما يكون وحدة واحده ورمزاً بارزاً على توحد إنسان هذه الأرض وتسامحه. يعنينا ما يعني سوانا من شؤون وجودنا وحوائجنا التي من أهمها إرادتنا أن نكون سعداء في كيانٍ متماسك من المواطنين المخلصين، الذين لا يحيفون على من يبغضون ولا يأثمون فيمن يحبون، يعملون معنا لتحقيق أمنهم من الجوع والخوف، منطلقين مما تحتمه تعاليم الدين الحنيف المستندة إلى المبادئ العميقة الثابتة الأصول والواضحة المعالم، التي تنظر إلى الحياة على أنها ميدان للتعاون وليس للتناحر، وترى أن أصل التكاتف هو تقدير الاختلافات واحترامها، والتشييد على نقاط القوة، والتعويض عن نقاط الضعف، وتنظر إلى أن كافة المواطنين على مختلف مذاهبهم وطوائفهم يؤلفون وحدة إنسانية تامة الشروط، مصالحها واحدة وقضاياها واحدة وغاياتها واحدة، وكذلك آلامها وأفراحها، يجب أن تستفيد من أخطاء الماضي وأن تسير مع الحاضر نحو غد أفضل من العدالة والمساواة وقبول الآخر.
وقبل أن نبدأ أسس وقواعد ومرتكزات الحوار فإنه يلزمنا أيضاً التعريف بالمذهب الإسماعيلي المستعلي الموجود في منطقة نجران منذ نهاية القرن الخامس الهجري.
فعندما نتحدث هنا عن المذهب الإسماعيلي الفاطمي فإننا نقصد بذلك المذهب والعقيدة التي سارت عليها الدولة الفاطمية اقتداء بفقه وعقيدة وتشريع الإمام جعفر الصادق. وكتاب الفقه الإسماعيلي (دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام والقضايا والأحكام عن أهل بيت رسول الله عليه وعليهم أفضل السلام) خير دليل على ذلك، وهو لم يتغير منذ نهاية الدولة الفاطمية وحتى الآن، وهو الموجود في نجران. فبعد نهاية الدولة الفاطمية انتقل إرثها العلمي والمذهبي من كتب في الفقه والشريعة والعلوم الإنسانيه من تراث وثقافة إلى الدولة الصليحية الإسماعيلية في اليمن التي كانت امتداداً للدولة الفاطمية، ثم انتقل ذلك الإرث العلمي والثقافي من كتب ومخطوطات تخص ذلك المذهب الإسلامي بعد نهاية الدولة الصليحية إلى مناصريها من ملوك وسلاطين وقبائل يام وهمدان الذين خلفوا الدولة الصليحية مثل آل الزريع و آل حاتم الياميين التي كانت نجران تابعة لهم في ذلك الوقت، بعد أن استوطنتها قبيلتا يام وهمدان. ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن وهم حراس لذلك الإرث الاسماعيلي الفاطمي من حيث العقيدة والفقه والتشريع وبما يحوي من الكتب والمخطوطات العلمية والفكرية، وذلك جزء من تراث هذا الوطن الذي نفخر بتنوع أطيافه الفكرية والعلمية، والذي يكوّن نسيجاً رائعاً تكمن روعته في تشكل أطيافه.
أما الفِرق والملل والنِّحل التي خرجت عن النهج الإسماعيلي الفاطمي فهي كثيرة، وقد خرج من إيران والهند طوائف مرقت على مذاهبها الأصليه بعضها ينتمي إلى الشيعة وبعضها ينتمي إلى السنة، فهل يتخذ مثل هذا المروق عن الإسلام قاعدة تبنى عليها الأحكام وتقيّم بها حقائق التاريخ للمذاهب الإسلامية سواء كانت من السنة أو الشيعة. وهل تقيّم المذاهب بمتطريفيها والخارجين عن نهجها.
وهناك بعض المؤرخين الذين يربطون بين النزاريين أتباع الآغا خان أصحاب قلعة الموت والحسن بن الصباح وبين المذهب الإسماعيلي المستعلي الفاطمي الموجود في نجران، على الرغم من أنه لا يوجد علاقة بينهم من قريب أو بعيد، لا من حيث العقيدة أو الفقه أو الشريعة. وفي ذلك قلب للحقائق، وهو من باب الإمعان في التشويه وخلط الملفات. وهو نتيجة لتداخل السياسي بالثقافي بالديني. وهذه حقيقة ليست وليدة اليوم ولكنها مع الأسف بدأت منذ وقت مبكر، فقد ظل الفاطميون أحفاد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مطاردين ومعرضين لسيوف أعدائهم، حتى إذا قامت دولتهم وازدهرت بعد استتار إمامتهم بدأ أعداؤهم بسن سيوف المطاعن يشهرونها عليهم، وأخذوا يؤلفون المحاضر ويستكتبون ويغرون الكتاب ذوي المصالح بالمال والجاه وذلك لتشويه سمعتهم، تارة بالطعن في نسبهم لآل البيت، وتارة عن طريق التركيز على المنحرفين عن العقيدة بغية تنفير الناس من مذهبهم.
أما الآن وبعد أن تحررنا من الأغلال والقيود السياسية للدول السائدة في ذلك الوقت فقد وجب علينا إيضاح الحقائق، وإنقاذ الأجيال القادمة من خطأ الأجيال الماضية، التي شوَّهت معالم التاريخ الإسلامي وأحداثه بما يخدم تلك الأغراض التي اختلط فيها الدين بالسياسة.
خصوصاً أن الإسماعيليين الفاطميين لا ينكرون أن هناك من خرج عن العقيدة الإسماعيليه الصحيحة من أصحاب الملل والنحل، مثلما خرج بعض من يدعون السنة على مذهب السنة المعتدلين من التكفيريين والمتطرفين والخوارج والفئة الضالة، الذين نراهم كل يوم، وبالتالي فهم ليسوا وحدهم. ولكنهم يرون أن ذلك ليس مدعاة للتشاؤم؛ لأن الباحث عن نصرة الحق سوف يكتشف أن الإسماعيلية كانت السبَّاقة على مر التاريخ في اقتحام ميادين الحوار والتسامح لفتح مغاليق النفس البشرية إلى عالم روحاني يزخر بالعلم والمعرفة، مسترشدين في ذلك بنهج محمد وال بيته عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام.
أما بالنسبة لمن يكرر باستمرار بأن المنتمين للإسماعيلية الفاطمية في نجران هم أتباع المكرمي أو على مذهب المكارمة، وكأنهم جاؤوا بمذهب جديد فنود توضيح الآتي:
المكارمة هي قبيلة من القبائل التي تقطن منطقة نجران، ويعود أصلها إلى حمير، وهي إحدى قبائل وطننا الكريم، ومثلها مثل باقي القبائل الهمدانية التي استوطنت منطقة نجران، وقد ظهرت أسرة ضمن هذه القبيلة تمكّن أبناؤها من طلب العلم، حيث درسوا وتتلمذوا على أيدي دعاة وعلماء هذا المذهب، وذلك مثل باقي المذاهب الإسلامية الكثيرة التي باب الاجتهاد فيها مفتوح لكل الناس، وكما هو معروف فإن بيوت العلم يتم أحياناً توارثها نتيجة لإقبال بعض الأسر على طلب العلم جيلاً بعد جيل، ولكن هذا لا يعني أن المرجعية فيها قد لا تنتقل إلى أي أسرة أخرى تحرص وتجتهد في طلب العلم فالعلم ليس حصراً على أحد.
ولقد سبق هذه الأسرة أسر كثيرة تبوأت المرجعية للمذهب الإسماعيلي المستعلي في اليمن ونجران منذ نهاية الدولة الصليحية وحتى الآن، مثل بنو الأنف القرشيين وآل الحامدي وغيرهم من المرجعيات الذين يبلغ عددهم أكثر من خمسين داعيًا منذ نهاية الدولة الصليحية وحتى الان.
نعود فنقول: نحن كلنا أبناء الإسلام من حنابلة وشافعية ومالكية واثني عشرية وإسماعيلية وزيدية، نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ونؤمن بالثوابت من أركان الإسلام وأركان الإيمان، أبناء وطن واحد وعقيدة واحدة، وهدف واحد نسعى للحياة والعيش الكريم في ظل دولة واحدة تطبق الشريعة ويكون الحكم بيننا لله تعالى يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون.
ثم نعود ونقول: كل من أتى بقول أو عمل يخالف ما جاء به صاحب الرسالة محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وسلم) فهو مردود عليه. والمتطرفون والتكفيريون وأصحاب الغلو من المذاهب السابقة جميعاً خارجون عن الثوابت ومرفوضون من الجميع.
* قواعد وأساليب الحوار
لقد اهتم الإسلام بالحوار اهتماماً عظيماً؛ وذلك لأن الإسلام يرى أن الطبيعة الإنسانية تميل بالفطرة نحو الحوار واستخدام العقل والمنطق في لزوم الحق واتباعه. ولأن الحوار ضروري وملح في الدعوة الإسلامية فقد رسم الرسول الأكرم أروع الأخلاق في الحوار وأنبلها لأنها أولاً مطلب إلهي أوصى الله به رسوله في كثير من الآيات القرآنية العظيمة والتي من بينها قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالموْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}([2])، وكذلك قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا
الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}([3]).
وعليه ومن هذا المنطلق فإنه قبل البدء في الحوار يجب الاتفاق على الأسس والقواعد والأساليب التي يقوم عليها ذلك الحوار، بحيث يكون حواراً إيجابياً تتحقق منه الأهداف النبيلة التي تؤلف بين القلوب وتبني جسور الثقة والمحبة بين أبناء الوطن الواحد، تحت راية التوحيد بالله والإيمان به وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
وذلك بناءً على القواعد الآتية:
أولاً: الاعتراف بوجود الآخر المختلف؛ فإذا أردت أن تحاور طرفاً معيناً فإنه يقتضي الاعتراف بأن له وجوداً وكياناً، إذ إنه من الاستهانة أن تتعامل مع جهة ما وأنت في قرارة نفسك لا تعترف بوجودها. ولذا يلزم الاعتراف بالندية التي تؤسس قاعدة الاحترام المتبادل والقبول بفكرة التعددية.
ثانياً: التعرف بصدق على من تريد التحاور معه وما تريد التحاور فيه؛ لأن ذلك يحقق مجموعة المصالح لدعم قضية الحوار، وهو يشعر الطرف الآخر باهتمامك وبالتالي بتواضعك وعدم تعاليك على من تحاوره، وهو مطلوب أكثر من الطرف الأقوى من حيث النفوذ والسلطة في طرفي الحوار.
ثالثاً: أن يجري الحوار بعيداً عن البغي والعدوان وحب الانتصار والسيطرة والتعصب للرأي. وأن يتبع حسن الخطاب واحترام آراء الآخرين بحيث يصدر بناءً على القاعدة التي قدرها علماء المسلمين، والمبنية على: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، والحق ضالة المؤمن وضالة الانسان العاقل. واتباع الغي واتباع الشهوات مما عابه القرآن الكريم والله تعالى يقول: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}([4]) صدق الله العظيم.
رابعاً: الابتعاد عن جميع ألوان الحوار السلبي بما فيه من سلطوية وتسفيهية، وحوار المناورة الذي يعتمد على التفوق اللفظي بصرف النظر عن الحقيقة، وبذلك يتم الابتعاد عن الأمور الجوهرية وتسطيح القضايا رغبة في تهميش ما لدى الآخر.
خامساً: أن مبدأ تكافؤ الفرص في الحوار مطلب أساسي؛ فشعور أحد الطرفين بالقهر أو الضعف لن ينتج عنه أي حوار وإنما سيكون إملاءً من طرف وقبولاً واستسلاماً من طرف آخر. ومن الفضائل الهامة ألَّا يستنكف أي المتحاورين من قبول الحق ولو جاء ممن هو دونه مكانة ونفوذاً. وقد أكدت الشريعة على ذلك بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}([5]).
سادساً: اتِّباع الهوى يعتبر من المزالق الخطيرة التي يمكن أن تؤثر على المتحاورين وتخرجهم عن الطريق الخيرة؛ فصاحب الهوى لا يمكن أن يكون موضوعياً أو منهجياً في حواره، فهو يبحث فقط عما ينصر به رأيه فإن وجد خلاف ذلك غضَّ الطرف وأعرض عن الحوار.
* أسس الحوار ومنطلقاته
إذا اعترفنا بدايةً بأن الاختلاف سنة كونية وإرادة إلهية فإننا أيضاً يجب أن نقر بأن التعايش بين جميع المذاهب الإسلامية في الوطن حتمي وضرورة شرعية، ومرحلة ينبغي أن تكون مخرجاً من الحاضر المتأزم، ومعبراً لحياة متكاملة تكون فيها مصلحة الأمة فوق مصالح الأفراد والجماعات. ولذلك فإنه يلزمنا عند الدخول في هذا الحوار الانطلاق من الأسس الآتية.
1- تحديد الثوابت المتفق عليها في جميع المذاهب المتحاورة والتي تشكل الأساس الراسخ المتين بين هذه المذاهب الإسلامية: من وحدانية الله، وأركان الإسلام، وأركان الإيمان، وما أجمع عليه علماء المسلمين من القواعد الشرعية والفقهية التي لا خلاف عليها، ومن ثم التأسيس على ذلك للانطلاق إلى آفاق أوسع.
2- قد يظهر بعض الاختلافات الجزئية بين هذه المذاهب والتي قد لا يمكن التوصل إلى الاتفاق عليها وهي من خصوصيات كل مذهب، وقد يكون لدى أتباع كل مذهب أدلتهم التي يرونها ملزمة لهم ولا يجدون أنه يمكنهم التنازل عما ثبت لديهم بالأدلة العقلية والشرعية. فهل يلزم ذلك أحد الطرفين أن يتنازل عن قناعاته؟ ومن هذا المنطلق يجب ألَّا تكون هذه الاختلافات عقبة في طريق التعايش والاحترام المتبادل خصوصاً أن مثل هذه القضايا تاريخية قديمة وليست من نتائج عصرنا الحديث، وهي لا تُخرِج من دائرة الإسلام؛ ولذلك يجب احترام هذه الاختلافات وعدم الإساءة لها بقدح أو سب وخلافه من كلا الطرفين.
* دور المؤسسات الرسمية في تعزيز خيار التعايش والمواطنة
في نهاية الحوار يتم الاتفاق على إصدار بيان ختامي يوضح ما تم التوصل إليه من رؤى وأهداف تجاه التعايش السلمي بين مختلف المذاهب الإسلامية على أرض الوطن، ويعرض لولي الأمر رغبة المتحاورين في تفعيل ما تم التوصل إليه من أهداف نبيلة، لتوجيه مؤسسات وقيادات الدولة كلٍّ فيما يخصه، على اختلاف مستوياتها، سواء كانت القيادات الدينية أو القيادات الاقتصادية والسياسية والأمنية والإعلامية والعلمية والثقافية، بحيث تصبح قضية التعايش السلمي وحقوق المواطنة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين بغض النظر عن أي اعتبارات مذهبية أو طائفية، وبحيث توجه طاقات الوطن على اختلاف مظاهرها وتعدد أبعادها وغاياتها إلى خدمة قضية المواطنة بما يدعم بناء هذا الكيان الوطني ووحدته وعزته؛ وذلك لتحقيق الأهداف المرجوة من هذا الحوار.
* الأهداف المرجوة من هذا الحوار
1- تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص لكافة الفئات المذهبية في كل مجالات ومواقع صناعة القرار في الدولة، مثل مجلس الشورى، ومجلس الوزراء، وجمعيات حقوق الإنسان، والسلك الدبلوماسي والعسكري، وذلك دون استثناء، مما يحول دون حرمان الكفاءات والعقول الفاعلة من خدمة وطنهم لأسباب مذهبية. وذلك مما يرسخ مفهوم الوحدة الوطنية، وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية، وقطع الطريق على أعداء الوطن الذين يحاولون بث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وذلك بالحديث عن مواطنين من الدرجة الأولى ومواطنين من الدرجة الثانية.
2- وضع حدٍّ وبشكل نهائي لكل ما يسيء للمذاهب الإسلامية على أرض الوطن، ابتداء من مناهج التعليم، ووسائل الإعلام، وما يصدر عن أي مؤسسة حكومية رسمية في هذا الجانب.
3- اعتماد سياسة وطنية تثقيفية في وسائل الإعلام تحث على التسامح والاعتراف بالمذاهب الإسلامية القائمة فعلاً في الوطن، وتأكيد مبدأ الحرية المذهبية وفقاً لمبدأ الاختلاف سنة كونية.
4- منح سجناء القضايا المذهبية والفكرية من جميع المذاهب عفواً شاملاً. وفي هذا ما يحفظ للوطن كرامته، ويعيد الاطمئنان والاستقرار الأسري لهؤلاء السجناء بما يساعد على الوحدة الوطنية ولَمِّ الشمل.
5- إلغاء القيود والمضايقات على الشعائر والممارسات المذهبية، والسماح لأبناء المذاهب المختلفة بطباعة كتبهم، ودارسة فقه وعلوم مذاهبهم ضمن نطاق حوزاتهم ومساجدهم.
في الختام فإن ثقتنا بالله ثم في قيادة الوطن ممثلة في خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه بكل ما من شأنه التطوير والإصلاح فيما يخص قضية التعددية المذهبية وروح المواطنة التي نتشرف جميعاً بحملها.
حمى الله وطننا من كل مكروه وأدام علينا نعمة الأمن والإيمان في ظل رعايته الكريمة.