مؤتمر: «دور العلماء في نهضة الأمة ووحدتها»
لمعرفة أهمية ما يمكن أن يلعبه العلماء في مواجهة التحديات التي تعيشها الأمة، وللكشف عن الأسباب التي جعلت العلماء يتقاعسون عن أداء واجبهم تجاه أمتهم وشعوبهم، ولتفعيل دور العلماء ودفعهم لتحمل مسؤولية التغيير وتحفيز الأمة لاسترجاع حقوقها والدفاع عنها؛ اجتمع لفيف من العلماء من السودان والعالم العربي لحضور مؤتمر نظمه قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم بعنوان: >دور العلماء في نهضة الأمة ووحدتها» وذلك في الثالث من أيلول 2006م. وقد استمرت فعاليات المؤتمر خمسة أيام قدمت فيها مجموعة من الأوراق والتعقيبات.
أما المحاور الأساسية فهي:
- دور العلماء في التوعية والإرشاد.
- العلماء والتأثير في الأمة.
- وسائل تفعيل دور العلماء في المجتمع.
- العلاقة بين العلماء والحكومات.
في الجلسة الافتتاحية ألقى الرئيس السوداني عمر حسن البشير كلمة رحب فيها في البداية بالعلماء وضيوف المؤتمر، مؤكداً على أهمية دور العلماء وخصوصاً في الظروف التي تعيشها الأمة الإسلامية، فهم قادة الرأي والقدوة، لذلك يتحملون مسؤولية كبيرة، داعياً العلماء الى توعية الأمة بالتحديات التي تواجهها والمساهمة في إسداء النصح والمشورة لأجهزة الدولة قائلاً: نتطلع لدور كبير للعلماء ينعكس على مجمل أداء العمل الإداري في الدولة، كما عبَّر عن أمله في أن تخرج توصيات المؤتمر ببرنامج عمل يعزز وحدة وتضامن الأمة الإسلامية.
مدير جامعة الخرطوم د. محمد أحمد الشيخ أكد بدوره أهمية دور العلماء في مواجهة الاستعمار الغربي الذي يختلق الأعذار والمبررات لانتهاب ثروات الأمة الإسلامية والتحكم في قرارها السياسي. لذلك فالأمة اليوم في حاجة إلى نصح العلماء وتوجيههم. بدوره أشار د. عبد الرحمن النعيمي رئيس الحملة العالمية لمكافحة العدوان، إلى أهمية مواجهة المؤامرات الاستعمارية الجديدة التي تختفي تحت شعارات الديموقراطية وحقوق الإنسان، كما دعا إلى ضرورة أن يقوم العلماء بدورهم كذلك في جمع دعوتها إلى الاعتصام بحبل الله المتين وتحذيرها من سلبيات ومخاطر التفرقة.
أما الدكتور الداعية جعفر شيخ إدريس فقد أشار إلى أهمية الجمع بين التقدم العلمي والتقني والاهتمام بالقيم الروحية لتحقيق النهضة المطلوبة، لأن تخلف العامل الروحي والقيمي يؤدي إلى الفساد. كما طالب بمواجهة جميع أشكال الاستعمار الجديد. وفي الأخير ألقى مستشار الرئيس السوداني كلمة أكد فيها دور العلماء في نهضة الأمة ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
ثم انطلقت أعمال المؤتمر بورقة قدمها د. حاكم المطيري أستاذ الشريعة بجامعة الكويت بعنوان: «العلاقة بين العلماء والحكومات: الإشكالية والحل» فبعد أن أكد على أهمية الموضوع وحساسية معالجته أشار إلى مكانة العلماء في الإسلام وكيف أنه حث على اتباع العلماء وتقديمهم، وهذا ما يفسر لنا المكانة والوظائف التي احتلوها في التاريخ وخصوصاً تولي القضاء. كذلك أشار إلى مشاركتهم في عدد من الثورات على السلطات الجائرة من أجل التغيير وتحقيق العدالة، بالإضافة إلى دورهم في المراقبة. كما أشار في ورقته إلى محاربة الاستعمار للعلماء زمن الاستعمار لشعوره بأهمية ما يمكن أن يقوموا به من توعية الأمة والدعوة إلى مواجهة الاستعمار وألاعيبه. وقد ابتكر الاستعمار مجموعة من الطرق لمحاربتهم، مثل التهميش والإقصاء، محاولة التوظيف والاحتواء، المحاصرة والإلغاء. أما كيف يواجه العلماء هذه العوائق والعقبات فقد اقترح د. المطيري عدة حلول وإجراءات منها: العمل على استقلالية العلماء بتأسيس اتحاد عالمي لهم يعبرون فيه عن رأيهم مما يجنبهم استغلال السلطة لهم، كذلك العمل على تحقيق الاستقلال المالي لهم، وإنشاء معاهد ومدارس علمية لتخريج العلماء، كما طالب د. المطيري بالدعوة إلى الطريقة التقليدية في تدريس العلوم الدينية لأنها في نظره طريقة مجربة وقد خرَّجت علماء كباراً.
وقد عقَّب على هذه الورقة الشيخ د. عبد الحي يوسف الذي انتقد علماء السلاطين، كذلك من يحترفون نقد الحكام بحق أو دون حق. أما بخصوص طرق ومناهج التدريس فقد دعا إلى الاستفادة من الجوانب الإيجابية للمناهج الحديثة.
من جهته أكد البروفسور أحمد علي الإمام على أهمية دور العلماء ومسؤوليتهم في الدعوة والدفاع عن الحق وعدم الركون إلى الحكام، كما انتقد البعض ممن يحترف مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهو لا يريد وجه الله بذلك، بل للشهرة والرياء. وهؤلاء يؤثرون سلباً في الدعوة.
وتحت عنوان: «العلماء وقضايا العصر» تحدَّث الشيخ سلمان بن فهد العودة (المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم) فأكد في البداية على أهمية أن يتحمل العلماء مسؤولية قيادة الأمة وهدايتها، متسائلاً: هل نحن مصابون بعلل في التفكير والنظر، ولماذا نردد أشياء دون نظر عميق، أو نقول أحياناً ولا نعمل. أهذه هي العلة، أم هناك علل أخرى؟ وأضاف: إذا نكص العلماء عن القيام بدورهم قلَّ تأثيرهم في الحياة، وكيف نلوم الحكام على التفرق ونحن دعاة الإسلام وحركاته أشد فرقة وشقاقاً. وقد عقَّب على هذه الورقة الشيخ محمد حسن الددو.
في اليوم الثالث شارك الأستاذ خالد مشعل المسؤول السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) كلمة مرئية (بالفيديو) أشار فيها إلى التحديات التي تعيشها الأمة، وأهمها الهجوم الاستعماري والعسكري الجديد، وكذا محاولة الهيمنة السياسية والاقتصادية، مشيراً إلى المحاولات الحالية للتسلل إلى السودان عبر القرارات الأممية. وأضاف مشعل إن الأمر تجاوز ذلك إلى تهديد القيم والأخلاق، لأن أعداء هذه الأمة لا يريدون لها أن تنهض. بالإضافة إلى تحديات داخلية مثل الاستبداد السياسي وغياب الديموقراطية وحقوق الإنسان، مما عمَّق حالات التخلف والانقسام.
أما بخصوص محفزات النصر القادم الذي بشر به الأمة فقد أشار مشعل إلى أن أهم هذه المحفزات يكمن في يقظة الأمة واستجابتها لمواجهة العدوان، ودور العلماء في تفعيل هذه اليقظة وتحفيز الشعوب لاختيار المقاومة التي ستحقق النصر. بالإضافة إلى تعاظم دور العلماء في ظل تخاذل الدور الرسمي. وبالنسبة لدور العلماء في هذا الواقع طالب مشعل العلماء بالعمل على ترسيخ نهج الاعتدال في الأمة والدعوة إلى الوسطية، والانتصار لقضايا الأمة وهمومها، والسعي لتحقيق طموحاتها في العدل والحرية، كما طالب العلماء بمعالجة أسباب الصراعات والخلافات التي تعاني منها الأمة، وفي الأخير طالب العلماء ألا ينسوا القضية الأولى للأمة وهي قضية فلسطين والقدس، وأن تبقى حية في نفوسهم إلى أن تتحرر من الاستعمار الصهيوني.
كذلك قدَّم د. حاكم المطيري ورقة للدكتور عبد الرحمن النعيمي جاءت تحت عنوان: «تجربة جمعية العلماء بالجزائر». وقد تحدَّث النعيمي عن الملابسات التاريخية لاستعمار الجزائر وما قامت به فرنسا في محاولاتها لاستغلال بعض العلماء ومشايخ الطرق الصوفية لخدمة التواجد الاستعماري. لكن فريقاً آخر من العلماء استطاع أن يتحرر من هذه السياسية عندما تحمل مسؤولية مواجهة هذا الاستعمار عن طريق نشر الثقافة الإسلامية وبث روح الجهاد في الشعب ومواجهة الثقافة الاستعمارية. من هنا تأسست جمعية العلماء في الجزائر واستطاعت في فترة وجيزة أن تخرج قادة الثورة الجزائرية. لكن ما يؤخذ على هذه الجمعية أنها لم يكن لديها أي مشروع للدولة بعد الاستقلال، لذلك استلم الحكم العلمانيون وبدؤوا في تنفيذ خططهم لإقصاء الدين من الحياة الجزائرية.
والسبب في ذلك حسب الكاتب يكمن في كون الجمعية نشأت وتأسست كجمعية دينية لا علاقة لها بالسياسة بالإضافة إلى عدم وجود تصور واضح للنظرية السياسية الإسلامية، وهذا انعكس سلباً على أداء الجمعية إلى هذا المستوى، وأدى بأعضائها إلى الانزواء.
وقد عقَّب على هذه الورقة الشيخ محمد سيد حاج الذي أبدى إعجابه بجمعية العلماء في الجزائر خصوصاً تجربتها في إصلاح العقائد والاهتمام بالتعليم وإنشاء المدارس. وكذلك الاهتمام بالشأن الاقتصادي ليكون رافداً لأعمال أخرى.
ومن الأوراق التي قُدِّمت في هذا المؤتمر ورقة الشيخ محمد الحسن الددو بعنوان: «نماذج من مواقف العلماء مع السلاطين» أكَّد فيها على دور العلماء ومسؤولياتهم الكثيرة تجاه الأمة، ثم استعرض نماذج من علاقة العلماء بالحكام وكيف عمل عدد منهم على إسداء النصيحة للحكام والوقوف في وجه انحرافاتهم. وصولاً في بعض الأحيان إلى الثورة عليهم كما وقع مع ثورة عبد الرحمن بن الأشعث الكندي التي وصفت بأنها ثورة الفقهاء. وهذا الدور للعلماء كانت له بعض السلبيات عندما تعرض بعضهم إلى محن وشدائد فأدت إلى استشهادهم وسجنهم.
وقد عقَّب على هذه الورقة الشيخ حسين عشيش الذي أشار إلى أن موقع العلماء تزعزع وهمشوا عندما هُمِّش الحكم بالشريعة الإسلامية، وهذا أثَّر بدوره على مكانتهم داخل المجتمع.
ومن الأوراق المقدمة كذلك ورقة للدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود بعنوان «العلماء ومزالق الهوى» أشار فيها في البداية إلى ضوابط العلاقة بين العلماء والدين، فحددها في الرجوع والأخذ بالكتاب والسنة فقط والاستئناس بقصص العلماء، ثم استعرض بعض الأمراض المقترنة بالهوى مثل حب المال والجاه والشهوة وعدم العلم واتِّباع أهل البدع والأهواء. كما أشار إلى مزالق أخرى قد تؤدي بالعلماء إلى الانزلاق في الأهواء مثل عدم الثبات في المنهج والغلو في فقه التيسير، وعدم فهم الواقع أو الانجرار إلى قضايا شاذة، أو تجاوز النصوص بحجة تقديم العقل أو المعاصرة. وقد عقَّب على هذه الورقة الشيخ محمد الحسن الددو.
كذلك قدَّم الأستاذ عادل الماجد (نائب المدير العام لقناة المجد الفضائية) ورقة بعنوان: «الصوارف» أشار فيها في البداية الى أهمية إدارة الخلاف، لأنها من أسباب وحدة الأمة، ثم عدَّد ما أسماه بالصوارف، مثل عدم قدرة العالم على الانعتاق من تأثير مريديه وطلابه، اتِّباع السلطة في الحق والباطل، الحرص على طرح بعض القضايا لتكون محل جدل وخلاف. كذلك تحدث عن بعض الظواهر الحزبية السلبية التي أصبحت تصرف الناس عن الحق.
وقد عقَّب على هذه الورقة د. نواف التكروري فأكد أن التربية التي تعتمد القرآن والسنة وسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، هي التي تمنع من السقوط في هذه الصوارف.
وفي اليوم الختامي للمؤتمر قدَّم الشيخ حافظ الزاكي ورقة بعنوان: «تجربة تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان» أشار فيها في البداية إلى أن الشريعة الإسلامية كانت مطبقة في السودان عبر التاريخ وترسخ في عهد الدولة المهدوية، ثم حاول الاستعمار الإنجليزي إلغاء أحكام الشريعة، لكن المطالبة الجماهيرية بتطبيق الشريعة أثمرت وخصوصاً في عهد الرئيس النميري حيث بدأ التطبيق الفعلي، فكانت المصارف الإسلامية ثم الأحوال الشخصية وبقية الجوانب. وقد تتبع الشيخ الزاكي مراحل تطبيق الشريعة في السودان من مرحلة الدعوة إلى مرحلة التقويم، ثم أكَّد على أن التطبيق يراعي التدرج، وأنه لم يلتزم بمذهب معين. أما أهم إيجابيات هذه التجربة فهي حسمها للتوجه الحضاري للسودان وتأكيد هوية غالبية الشعب السوداني.
وبعد نهاية فعاليات المؤتمر، أصدر المشاركون توصيات نذكر منها:
- دعوة علماء الأمة ودعاتها إلى أداء الدور الذي تنتظره الأمة منهم، من الصدع بالحق، وتعرية الباطل، والقيام بأمانة الكلمة.
- حث العلماء والدعاة وطلاب العلم ومثقفي الأمة على تجلية الحق في النوازل والمستحدثات.
- ضرورة استقلالية العالم، وحذره الشديد من استغلال اجتهاداته وفتاواه، أو رهن مواقفه برضا حكومة ما.
- أهمية عناية أهل العلم بترتيب الأولويات في القضايا والنوازل التي تواجههم.
- دعوة العلماء إلى أن يعيشوا لأمتهم المسلمة في كافة بلدانها وبجميع فئاتها، وأن يترفعوا على الأطر الإقليمية المحدودة..
- ضرورة تفعيل الاجتهاد الجماعي.
- الاهتمام بإعداد علماء المستقبل.
- ضرورة تبني علماء الأمة ومؤسساتها العلمية للإصلاح الشامل الذي يمزج بين العلم والإيمان.
الملتقى الدولي الثاني: (للتربية والثقافة حول تحالف الحضارات)
تنفيذاً للتوصيات الصادرة عن الملتقى الدولي الأول للتربية والثقافة من أجل حوار الحضارات الذي عقد في مدينة شفشاون (المغرب) السنة الماضية، ومن أجل العمل على ترسيخ قيم التسامح واحترام التنوع والتعدد، ولتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني؛ نظمت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) بالتعاون مع جمعية الدعوة الإسلامية العالمية بطرابلس (ليبيا) وجمعية الدعوة الإسلامية في شفشاون (المغرب)، الملتقى الدولي الثاني للتربية والثقافة حول تحالف الحضارات. وذلك في مدينة شفشاون بين 30 أكتوبر والأول من نوفمبر 2006م.
شارك في الملتقى عدد كبير من المفكرين والباحثين والأكاديميين من المغرب والجزائر وتونس وليبيا والسعودية وإيران وأسبانيا وفرنسا وإيطاليا والدانمارك والسويد وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وقد ناقشت الجلسات الستة التي ترأسها المدير العام للإيسيسكو د. عبد العزيز بن عثمان التويجري، عدة محاور نذكر منها:
- تجارب بعض الدول في مجال تعزيز حوار الثقافات وتحالف الحضارات.
- تحالف الحضارات والتربية والثقافة.
- التنوع والحوار والتعايش.
- المسلمون في الغرب ودورهم في تعزيز حوار الحضارات.
- المرأة والتربية في تحالف الحضارات.
- التخطيط التربوي أمام التعددية الثقافية.
حضر الجلسة الافتتاحية إلى جانب المنظمين الدكتور عباس الجراري مستشار الملك المغربي، والسيد سعد العلمي الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان ورئيس المجلس البلدي لمدينة شفشاون، ومحافظ المدينة السيد محمد هدان والسيد إبراهيم الربو ممثل جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، وعدد من الشخصيات الأوروبية.
في كلمته في هذه الجلسة أكد د. التويجري أنه وعلى الرغم من الآثار السلبية للحملة المعادية للإسلام ورموزه إلا أن عقلاء العالم وحكماءه لا يداخلهم الشك في تهافتها وفشلها، لما بلغه الوعي الإنساني من درجة عالية من اليقظة والنضج والإصرار على مواصلة الجهود من أجل إقامة أسس ثابة للحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، باعتبار أن هذه هي السبيل للخروج من المأزق الحالي الذي تتخبط فيه الإنسانية في هذه المرحلة الدقيقة، والانتقال إلى مرحلة التعايش الثقافي والحضاري في ظل قيم الحق والعدل والسلام.
أما كلمات المشاركين فقد أجمعت كلها على اعتبار هذا الملتقى بمثابة فضاء حقيقي للحوار ومساهمة فعلية لتجاوز جميع أشكال التطرف والتشنج الفكري، كما أملوا أن يكون فرصة لتصحيح الصورة النمطية الخاطئة عن الإسلام والمسلمين في الغرب.
انطلقت أعمال الملتقى بعد ذلك لتناقش المحاور الأساسية، المعروضة على جدول أعمال الملتقى، حيث أكدت جميع الأوراق والمداخلات على كون الثقافات والأديان هي اليوم في أمس الحاجة إلى الحوار وتعزيز قيم التعايش والكشف عن القيم الإنسانية المشتركة والعمل على ترسيخها والالتقاء عليها، مثل قيم الحب والإخاء الإنساني واحترام الآخر والعدل.
وقد تضمن مشروع البيان الختامي خلاصات لأهم ما ورد في هذه الأوراق وكذلك ما دعت إليه واتفقت آراء المشاركين حوله.
فقد أكد البيان على:
- أهمية العناية بجودة التربية، لأنها من شروط نجاح الحوار الحقيقي بين الثقافات، والمقدمة الضرورية، لخلق التفاعل بين الثقافات والحضارات والشعوب.
- تعزيز التربية على روح المواطنة من خلال نشر الوعي بالقيم الإنسانية المشتركة، كالعدل واحترام الآخر المختلف.
- التنبيه على خطورة الصورة النمطية المسيئة للثقافات والأديان والشعوب. وسلبيات الترويج لها عبر الكتب المدرسية، لأنها ترسخ لدى التلاميذ ومنذ البداية صورة منفرة ومغايرة للواقع، وتؤسس للكراهية، وهذا ما يؤثر سلباً على مستقبل العلاقة بين الشعوب والثقافات وتحالف الحضارات. لذلك طالب المشاركون باعادة النظر في المقررات المدرسية وتنقيتها من هذه الشوائب.
- العمل من أجل فضح نوايا من يروج لفكرة حتمية الصراع بين الحضارات، ومواجهة التيارات الفكرية المتطرفة التي تتبنى منهجاً صراعيًّا الغائيًّا، لأن هذه التيارات تسيء إلى الأديان والثقافات وتباعد بين أصحابها ولا تصب في نهاية المطاف إلا في تأجيج الصراع وتفجيره بدل العمل على نشر قيم التسامح والتعايش والتقارب بين الثقافات والحضارات.
- تشجيع المسلمين في بلاد المهجر -الغربي خصوصاً- على الاندماج واعتبار أنفسهم مواطنين وليسوا أقليات وجاليات منغلقة على نفسها، والتفاعل مع ثقافات هذه البلدان والشعوب، بما يخدم التقارب بينهم وبين غيرهم، ويساعد على إزالة الصورة النمطية الخاطئة عنهم وعن دينهم وثقافتهم.
- الاتفاق على أهمية منطقة البحر الأبيض المتوسط باعتبارها فضاء مؤهلاً أكثر من غيره لإنجاح الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، لأن هذه المنطقة تلتقي فيها مختلف الشعوب والأديان والثقافات وتتجاور فيها كذلك مختلف الحضارات، ومنها خرجت ونبعت الأديان السماوية.
- كما أوصى المشاركون بالعمل على مراجعة المناهج الدراسية وتطوير مضامينها بما يخدم هذا الحوار والتقارب والتحالف، وإدراج مادة الحوار بين الثقافات ضمن المقررات المدرسية. وإدماج التعليم متعدد الثقافات في مختلف مراحل التعليم، وإنشاء المرصد المتوسطي حول الصور النمطية ومظاهر الإجحاف والمفاهيم الخاطئة عن الثقافات والحضارات والأديان السماوية في هذه المنطقة.
- كما دعا المشاركون إلى ضرورة دعم المؤسسات الأهلية لتقوم بعملها وجهودها في خدمة ثقافة الحوار والتحالف بين الحضارات. ودعم الجمعيات الثقافية والشبابية والنسائية لإقامة أسابيع ثقافية.
- كما أعرب المشاركون عن قلقهم على مستقبل الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، بسبب تصاعد الحملات المعادية للإسلام وثقافته ورموزه.