بم يكتسب الإنسان قيمته؟
وما هي القيمة التي تضمن له حريته وكرامته؟
هل هي جمال صورته؟
هل وفرة ماله؟
هل قوة سلطته؟
هل شرف حسبه ونسبه؟
لا جرم أن واقع الحال يجيب عن هذه الأسئلة بالنفي.
فكم من جميل البشرة؛ تدينه أخلاقه الذميمة!
وكم من ذميم؛ على جانب عظيم من العفة والأخلاق ونقاء الصفحة!
وكم من ثري؛ أدون من الأنعام!
وكم من فقير؛ يبجله الملوك!
فلو كان الغنى يرفع شأن صاحبه لما خسف بقارون الأرض. ولو كانت السلطة تحلق بقيمة صاحبها في أعالي السماء لما غرق فرعون مذؤوماً مدحوراً، في أسفل سافلين. ولو كان الشرف في النسب والحسب يقيم لصاحبه وزناً، لما تبرَّأ النبي إبراهيم من أبيه، والنبي نوح من ابنه.
بيد أنك لو سألت ذوي العقول السليمة -من أي دين كانوا-، لأجابوك كافة بجواب يكاد يكون بديهيًّا: «يكتسب الإنسان قيمته بما أوتي من حكمة».
ومن هذا المنطلق قال روشفوكو: «ضرورة الحكمة للروح كضرورة الصحة للجسد»[2].
* * *
لقد كانت الحكمة -عبر تاريخ الإنسانية الطويل- هي الضالة المنشودة، والجوهرة المكنونة، التي ادَّعى المصلحون والفلاسفة -وأيضاً الدجالون- الظفر بها، والعصا السحرية التي أضفت عليهم القداسة، من خلال ما جذبت نحوهم من أتباع انبهروا ببريق الحكمة، واعتقدوا أن صاحبها سيقدم لهم كيمياء السعادة، ويسقيهم إكسير الحياة.
ولكن ما طبيعة هذه الحكمة التي رفع لواءها هؤلاء الحكماء؟
فكل حكيم يزعم أنه صاحب الحكمة المطلقة، وأنه المنقذ للناس؛ بهذه الحكمة؛ من الضلال، والضامن للخلاص. ولعله ينعت حكمة غيره بالهرطقة، ويسم صاحبها بالتجديف.
فأين هو؛ إذن؛ مستودع الحكمة؟
هل مستقرها في الشرق أو في الغرب؟
إن الدراسات القديمة والحديثة تكاد تجمع على أن الحكمة أشرق ضوؤها من عالم الشرق، وذر قرن غزالها من معابد رجل الدين الشرقي.
لذا كانت مثار إعجاب كثير من مفكري الغرب وفلاسفته[3].
فقد وصفها المؤرخ فكتور كوسان بقوله: «إننا حينما نطالع بإمعان فلسفة الشرق -وخصوصاً الهندية منها- فإننا نقف على كثير من الحقائق العويصة، التي تكرهنا على أن ننحني، إجلالاً للفلسفة الشرقية...».
وقال فريدريك شليجل الفيلسوف الرومانتيكي الألماني: «إن أسمى فلسفة أوروبية، وهي مثالية التفكير، كما وصفها فلاسفة الإغريق، تبدو -حين قورنت بالحياة والنشاط الزاخرين للفلسفة الشرقية المثالية- كبصيص ضوء، مقابل فيض كامل من ضوء الشمس»[4].
إن هذا الانبهار يجعل كلمة «شرق» تحلِّق بالباحث عن الحكمة في عالم الأحلام، فينتابه الشوق، والحنين، إلى هذا الشرق، الذي قد يجد فيه ملتحداً، ومراحاً، لروحه المثقلة بعناء السؤال، والمنهكة بالبحث؛ بلا جدوى؛ عن جواب من سراب. وتتوق روحه إلى جواب شاف، عن حقيقة وجوده، ومصيره، وإنسانيته.
* * *
يحدثنا التاريخ عن أعظم إمبراطورية عرفها الشرق الأقصى. إنها إمبراطورية الصين[5]، المفعمة؛ منذ فجر تاريخها؛ بالحكماء، وأرباب التأمل الفلسفي العميق.
نخص بالذكر الحكيم كونفوشيوش Confucius، أكبر حكماء الصين[6]، الذي ظهر في القرن السادس قبل ميلاد السيد المسيح[7]، وصاحب مدرسة من أكبر المدارس الفلسفية في الصين القديمة[8]. إنه صاحب التعاليم الأخلاقية، الذي كرَّم الإنسان، وحرَّر؛ بحكمته؛ عقله من الجهل، وأصلح المجتمع، حين وسع نطاق التعليم، الذي كان حكراً على الطبقة الحاكمة، والأشراف والنبلاء[9].
وكلما أطلق؛ لدى الصينيين؛ لقب «الحكيم» انصرف ذهنهم إلى هذا الرجل.
لكن هل استطاع كونفوشيوش أن يحرر الإنسان حقًّا؟
كان سأله أحد مريديه: «يا معلم! حدثني عن الموت!».
فأجابه:
«أنت لم تعرف الحياة بعد، فَلِمَ تسأل عن الموت؟!».
فهل كان جوابه حكيماً؟
هل انتشلت حكمته ذاك التلميذ من أوحال الحيرة؟
تقضي الحكمة تبصيره، وفك اللغز الذي يؤرقه، ويعكر صفو الحياة التي لم تشغل باله، بالقدر الذي شغل باله الموت.
لقد أغرقه جواب أستاذه في خضم بحر أغمض من سؤاله.
لقد كان يبغي رفع النقاب عن أصعب عقدة في شبكة هذا الكون عجز الإنسان عن فك رموزها، وحل مغاليقها. لكن أستاذه رده خائباً يجر أذيال الشقاء، ويتجرع مرارة الحزن. لقد ألفى نفسه ينهك وراء السراب، حيث استنجد بحكمة أستاذه، فتركته هذه الحكمة أسير الرعب، من عالم مجهول يفزعه، ويؤرقه، دون أن يعرف عنه شيئاً.
لقد خاب ظن التلميذ التعيس. بل خابت وظيفة كونفوشيوش، إذ باءت حكمته بالفشل.
* * *
بيد أن هناك عالماً آخر، قد يكون مقرًّا للحكمة المحررة للإنسان، إنه عالم مشحون بالعجائب، عالم ساحر جذاب، عالم بنى حضارته على مهد خيال الأسطورة الجميلة، وتناغم مع الكون، بقيثارة تغني أعزوفة العواطف النبيلة.
إنه عالم الهند، بلد الحكمة الروحية، حيث الدر، والمرجان، والياقوت، تصوغه حكمة الإنسان، لا تفاعل الطبيعة. ومن نهل من أنهارها المقدسة، فاض حكمة، ونالته عناية الحقيقة المطلقة.
لكن، هل أطفأت هذه الحكمة عطش الروح الحارق؟
هل أجابت عن أسئلة الإنسان الغامضة؟
هل كرمت هذا الإنسان؟
هل جعلته حرًّا؟
لا جرم أن الحكمة الهندية قد أنتجت تحفاً أدبية رائعة، وصاغت كنوزاً قصصية، وأسطورية، وملحمية، وحماسية، جميلة ومسلية، بل «جذابة للغاية»، حيث ترجمت إلى مختلف لغات العالم[10]. وكتاب «بانجاتانترا»[11] يشفع لهذا الادِّعاء ويزكيه.
ونذكر أن هذا الكتاب؛ الذي ينطق بالحكمة على لسان الحيوان؛ كان المصدر الذي استوحى منه الأديب الأريب ابن المقفع رائعته الأدبية «كليلة ودمنة»[12].
لقد سطعت أنوار حكمة الهند لتضيء في شوارع بغداد!
ولا ننسى الإشارة إلى كتاب آخر «هو أجل كتب الهندوس، وفاق في شهرته جميع الكتب الدينية والعقلية عندهم»[13]، إنه كتاب «بهغافادكيتا»Bhagavad-gita المتضمن للحوار الذي دار بين كريشنا Krishna والأمير أرجنا Arjuna، والذي كشف عن «السبيل الأمثل للنجاح والفلاح، وهو النقاء والخلاص»[14].
وحيث إن الكلام لا يكتسب مصداقيته إلا إذا صيغ في مواقف عملية، فمن حقنا أن نتسائل:
ما هي القيمة العملية لحكمة الهند؟
إن النظر في واقع بلد الحكمة والخيال يجعل بصرنا يرتد إلينا خاسئاً وهو حسير. يقسم الأب الروحي والفكري للديانة الهندوسية؛ الحكيم «منو»؛ في كتابه «منو سمرتي»[15]Smrti، المجتمع إلى أربع طبقات[16]:
1- طبقة البراهمة Brahmanas: وهم الكهنة، ورجال الدين. خلقهم الإله براهما من فمه.
2- طبقة الكشتريا Kshartrias: وهم الجنود، وأهل الحل والعقد، من الملوك والأمراء. خلقهم الإله براهما من ذراعيه.
3- طبقة الفيشيا Vaisyias: وهم التجار. خلقهم الإله براهما من فخده.
4- طبقة الشودرا Sadras: وهم المنبوذون Intouchables، من أصحاب المهن السافلة والخدم. خلقهم الإله براهما من رجليه[17].
نفاجأ حين نرى هذه الحكمة تضع قوانين جائرة في حق طبقة المنبوذين. فلا يحل قراءة الكتب المقدسة؛ الحاوية للحكمة؛ أمامهم، ولا حق لهم في لباس شيء، إلا لباس الأموات. ولا امتلاك شيء، إلا الحمير والكلاب. ولا يتزوجون، إلا من طبقتهم، إلخ[18].
* * *
فأية حكمة شرقية؛ إذن؛ تكسب الإنسان قيمته؟ وتسربله بسربال العز والكرامة؟ وترفع النقاب عن عالم سينتهي إليه مصيره؟
هل هي حكمة غوتاما ساكياموني Gautama Sakyamuni الملقب بـ«بوذا»[19] Buddha، الحكيم المتيقظ L’Eveillé، أوالمتنور L’Illuminé [20]، الذي ثار على الطبقة الهندوسية[21]، وأعاد للإنسان كرامته في المجتمع؟
لقد حرر «بوذا»[22] أتباعه من ربقة الظلم الطبقي المقيت، وهذب أرواحهم بممارسة «اليوغا».
لكن هل حرر هذه الروح من نير العبودية؟
سيكون الجواب بـالنفي، إذا علمنا أن أولئك الأتباع قـدموا حريتهم قرباناً مذبوحاً أمام الأصنام، التي جسمت صورته بعد مماته[23].
ضاعت حريتهم بتسليم أنفسهم عبيداً لحجارة لا تضر ولا تنفع!
ولا يخالف عاقل أن عبودية الروح أمقت من عبودية الجسد. ألم يقل السيد المسيح: «فماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟! أو ماذا يقدم الإنسان فداء عن نفسه؟!»[24].
لقد أفقدتهم الحكمة نفوسهم، من حيث سعوا إلى الحفاظ عليها. لله در حكمة السيد المسيح: «من يسعى لإنقاذ حياته، يفقدها. ومن يفقدها، يحافظ عليها»[25].
* * *
أين هي الحكمة؛ إذن؛ بعد أن انكشف زيف الحكمة الشرقية؟
هل يمكن أن ننشدها في عالم الغرب؟
هل نبحث عنها في تراثهم الديني؟
أو نتفقدها في فلسفة التنوير؟
لقد بيعت الحكمة في القرون الوسطى بثمن بخس دراهم معدودة، حين عرضها الباباوات في صكوك الغفران[26]، وأقبرت ملطخة بدماء التعصب في محاكم التفتيش[27].
وقبل ذلك كله مسخت الحكمة، حين اعتقدوا في صاحبها -الإله القدير سبحانه- تجسد بشراً[28]، يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق[29]، ثم يصلب مهاناً[30]، كفارة لخطايا مخلوقيه من بني البشر[31].
* * *
فهل تستقر الحكمة في أحضان فلسفة التنوير التي شقت عصا الطاعة لهذا الدين؟ واعتنقت الإلحاد ديناً بديلاً؟
يذهب أكثر أصحاب هذه الفلسفة إلى إقصاء الروح عن ميدان التقدم والليبرالية[32]، ولا حق لهذه الروح في الظهور خارجاً. عليها أن تظل رهينة مكانها الغيبي. عليها أن تحرم من تحقيق مطالبها، وتحصيل مقاصدها.
لقد كان فولتير يكرر قائلاً: «الأخلاق صادرة عن الإله: إنها متشابهة في كل مكان. واللاهوت صادر عن الإله: إنه متباين في كل مكان، ويستحق السخرية»[33].
لقد خنقت الروح، ثم حبست في قمقم مظلم بئيس. لقد صنع بها كما صنع سليمان النبي حين سجن العفاريت المتمردين عليه في قماقم ختمت عليهم بالنحاس، ثم ألقي بها في عمق بحار مظلمة، كما تزعم أساطير «ألف ليلة وليلة»[34].
حقًّا، إن حكمتهم التي أفرزها عقلهم المجرد قد نظمت مجتمعهم تنظيماً جيداً، وبنت علاقة إنسانية تضمن فيه مطالب الحرية والعدالة والمساواة، وتتمرد على من يجرؤ على انتهاك هذه المطالب المقدسة، أو يخدش كرامة الإنسان، باعتباره كائناً مقدساً.
إن هذه الحكمة هي التي أنتجت لنا أدباً راقياً، وأدباء مبدعين، من أمثال الأديب الفرنسي المتميز «la Rochefoucauld» (1613-1680)، الذي أغنى التراث الغربي بكتابه الرائع «Maximes»[35].
إن هذه الحكمة هي التي بنت حضارة سامقة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، حضارة تكنولوجية أبهرت الأبصار، وألهبت المشاعر.
لكن هل حسمت هذه الحكمة في علاقة الإنسان بنفسه؟
هل لفتت نظره إلى البحث عن سر وجوده، وغايته في هذا الكون، ومصيره بعد أن يتربص به ريب المنون؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة بالنفي يؤكده الفصام النكد بين علم الحكيم الغربي وعمله.
غريب جدًّا أن نرى أديباً مرموقاً من أمثال الفرنسي «Marquis de Sade» (1740-1814)، الذي أسهم بنصيب وافر في بناء الثقافة الفرنسية، واعتبروه عنصراً مهماً من العناصر المكونة لهذه الثقافة، يقضي معظم حياته في السجون، برفقة المجرمين، وسفلة القوم، بل تبلغ جرائمه حدًّا تجعل القضاء يعيد النظر في جرائمه، ليأخذ صفة «مختل عقليًّا»، عوض صفة «مجرم». وبذلك يتغير مقر استقباله، من السجون، إلى مستشفيات الأمراض العقلية.
وكتابه «la philosophie dans le boudoir» يكشف عن عقلية مريضة، وأخلاق عفنة، بعنوان «الفلسفة». وهو في تقديمه له يدعو إلى التحلل من كل المبادئ الأخلاقية والدينية، والتمرد على تعاليم الآباء والأجداد، ويهنِّئ المنحلين أخلاقيًّا والمتفسخين، بل يشجعهم، ويدعوهم للانطلاق؛ بشكل أوسع؛ في عالم اللذة الجسدية، والنزوات الشهوانية[36].
لقد أثبتت الحكمة الغربية فشلها الذريع في صنع الإنسان، وباءت بعجز مشين، في تحصيل مطالب الروح، وتحقيق مقاصدها، بل تعمدت خنقها، وحاكت المكائد، تآمراً عليها.
* * *
من حقنا؛ إذن؛ أن نتساءل: هل نجد الحكمة المُخلِّصة للإنسان في الإسلام؟
إن الدعامتين الأساسيتين لهذا الدين هما: القرآن، والسنة النبوية. فهما اللذان صنعا الإنسان المسلم، وشكَّلا عقله، وحدَّدا معالم سلوكه. فإليهما مرجع المسلم للنظر في الحكمة، وتمحيص طبيعتها.
جاء في القرآن الكريم: {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء، وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا، وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ»[37].
والقرآن لا يرسل الكلام مطلقاً بدداً، ولا طرائقَ قدداً، إنه يكشف عن طبيعة هذه الحكمة، وخصائصها: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ}[38].
الحكمة؛ بهذا المنطق؛ لا قيمة لها إلا إذا قوَّمت الأخلاق، وطهَّرت النفوس، وصقلت الروح، من الأدران والأكدار. وبعبارة القرآن: «يزكيهم». فإن لم يتحقق ذلك، فهي موقعة «في ضلال مبين».
وهذه الحكمة تظل؛ مع ذلك؛ ناقصة يعتورها العيب، ما لم تربط صاحبها، والعامل بمقتضاها، بعالم الغيب، وتخضع لخالقها بتوحيده: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلهِ، وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ، وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ، وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللهِ، إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[39].
فلقمان -قبل أن يحدد المعالم الرئيسية للحكمة العملية، التي تضبط سلوك ابنه من الشطط، وتقيها من الزلل، عبر وصايا خالدة[40]- يربط روحه بالقوة المطلقة، وتوجيه الشكر والثناء، بالقلب واللسان، وبالطاعة، وبالجوارح والجوانح، من خلال الكفر بكل الآلهة، سواء كانت حجراً، أم بشراً، أم هوى نفس، أم شيطاناً.
إنها حكمة تزكي القلب بالإيمان، والعقل بالمعرفة، والروح بالصفاء، والجوارح بالطاعة.
فالحكيم؛ بهذا المنظور؛ هو من كان حكمة تمشي على الأرض. وهذا هو معنى قول عائشة (رضي الله عنها) في رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «كان خلقه القرآن»[41].
إن العلم في الإسلام ليس مقصوداً لذاته، بل للعمل به، حتى العلم بالله تعالى، لا فضل فيه دون العمل به، وهو الإيمان[42].
ومن هنا، أخذت الحكمة في المجال التداولي الإسلامي هذا التعريف: «تحقيق العلم، وإتقان العمل»[43]، وعرفوا الحكيم بقولهم: «الحكيم عند الله: هو العالم العامل»[44].
فإذا انفصل العلم عن العمل، كان نفاقاً لا حكمة. وإذا اقتصر على أحدهما، كان ترفاً علميًّا، أو عملاً مرتجلاً. وإذا انفصلا عن الله -واهب العلم والعمل- فجحداه، وأنكرا فضله، كانا كفراً أو شركاً.
والحكمة؛ بهذا المنظور؛ هي التي تجعل من الدنيا حرثاً للآخرة، كما هو مؤدى قول الحكيم الترمذي في تعريفه للحكيم: «فالحكيم: من طالع تدبير الله تعالى في أمر الدنيا والآخرة، فيقوى قلبه على ترك الدنيا، وطلب الآخرة بنور الحكمة»[45].
وبذلك تكون الحكمة الإسلامية قد أجابت عما عجز عن إدراكه حكماء الشرق والغرب، وأطلقت الروح، لتحلق بصحبة الجسد، في فضاء الإبداع، والبحث العميق.
وهذه الحكمة، الجامعة بين العلم والعمل، والموازنة بين الروح والجسد، هي التي جعلت الإنسان مظهراً للتجلي الإلهي، وبعبارة عبد الكريم الجيلي: «التحقيق بالحقائق الإلهية»[46].
كما حققت الانسجام بينه وبين الكون، بل جعلت من مصطلح «إنسان» مقسماً للإنسان الأصغر(= الإنسان)، والإنسان الأكبر (= الكون): مقسماً محفوظاً فيهما، موجوداً بوجودهما؛ يقول الملا صدرا: «وكما أن مجموع العالم الذي يقال له الإنسان الكبير مظهر الأسماء الإلهية تفصيلاً، فالإنسان الكامل مظهرها إجمالاً، فهو مظهر لأسماء الله.
وكما أن طبقات العالم كلها، بحيث يجمع في رباط، ويتصل بعضها ببعض، كسلسلة واحدة، يتحرك أولها بتحرك آخرها، بأن يتناول الآثار، ويتصاعد الهيئات، من العالي إلى السافل، ومن السافل إلى العالي، ولكن لا على وجه ينافي قواعدهم، من لزوم التفات من العالي للسافل، أو تأثير من السافل في العالي، بل على وجه يعرفه الراسخون في العلم والعرفان.
وكذلك هيئة النفس والبدن، يتصاعد ويتنازل، من موطن أحدهما إلى موطن الآخر. فكل منهما ينفعل عن صاحبه، سواء كانت تلك الهيئات علمية أو عملية. فكل صفة بدنية؛ فعلية أو إدراكية؛ صعدت إلى عالم النفس، صارت عقلية. وكل ملكة نفسانية؛ فعلية أو إدراكية؛ نزلت على عالم البدن، صارت حسية»[47].
* * *
لكن رافعي لواء الحكمة في الإسلام كثر. فهم؛ وإن اتفقوا في عموم ما قلناه؛ فحكمتهم درجات، بعضها فوق بعض. وذلك راجع إلى اختلاف الفعل الذي أنتج هذه الحكمة؛ وهو «العقل»[48].
فبمقتضى التقسيم الذي وضعه الدكتور طه عبد الرحمن، نقرر أن المقارب المتوسل بالعقل المجرد، يسعفه في بناء علم إلهي، يفضي إلى ملابسة الحكمة بحقائق الغيب. فإذا ارتقى في هذه الحكمة -علماً وعملاً- صار قربانياً، مشتغلاً بالعقل المسدد، بما ينبه عن وجوه جلب المصلحة، ودفع المضرة، في ممارسة الحكمة. بيد أن المقرب الذي نفذ قلبه إلى أغوار الحكمة، مصدقاً ذلك بسلوك رباني، ينجلي له التأييد الإلهي، فيصير عقله مؤيداً، ويرفع هذا التأييد بارتفاع الهمة في العمل الحي، بمقتضى الحكمة، والتجربة الذوقية الفياضة، التي تنزه الحكمة الإلهية عن الترف الفكري والنفاق العلمي أو العقدي[49].
* * *
إن النظر في التراث الصوفي والعرفاني -ناهيك عن الانخراط في تجربتهم الذوقية- يفضي إلى الإقرار بأن حكمتهم هي أعمق الحكم؛ وبكلمة أبي حامد الغزالي (ت. 505 هـ/1111م) في «المنقذ من الضلال»: «لو جمع عقل العقلاء، وحكمة الحكماء، وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء، ليغيروا شيئاً من سيرهم، وأخلاقهم، ويبدلوه بما هو خير منه، لم يجدوا إليه سبيلاً»[50].
لقد تميز الصوفية بجعل الحب هو الوقود الذي يحرك الحكمة، ويبعثها دوماً على الحيوية والنشاط، حب سكروا بخمرة حكمته، فانفتحت بصيرتهم -بعد انفتاح بصرهم- على الحادث والقديم، على الكثيف واللطيف، على الكون والمكون[51].
ولذا جعل الحكيم الترمذي (ت. 318 هـ/ 930 م) الحكمة من ثمار المحبة، كما هو مؤدى تفسيره لقوله تعالى: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ، وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ، وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ، فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَنِعْمَةً}[52]: «من الحكمة، فضلها لآخرها، فهذا العبد؛ بالرغبة والمحبة؛ ترك شهوة الشرك، وبنور التوحيد وحد»[53]. بل المحبة عنده هي أساس الولاية[54].
فكلامهم يُحيي القلوب، ويحفز على العمل، ويبعث على الاتصال الدائم بالخالق.
لقد رفعوا الحجاب عن عالم غامض، فاطمأنت نفوسهم، وبرزت لهم معالم ذلك العالم المجهول المهول، الذي يأتي بعد الموت.
كلامهم مثقل بروح المسؤولية مع الله، ومع أنفسهم وسواهم، وناظر إلى نتيجة عملهم، بمقتضى الحكمة الإلهية التي جعلوها أمانة يُسألون عنها، ويُحاسبون عليها، بعد موتهم.
لذا، كانت صحبتهم تُورث الحكمة، وتُنبتها في القلب. قال أحكم الحكماء محمد عليه الصلاة والسلام: «عليكم بمجالسة العلماء، واستماع كلام الحكماء، فإن الله تعالى يحيي القلب الميت بنور الحكمة، كما يحيي الأرض الميتة بماء المطر»[55].
* * *
إن «الحكم العطائية» لابن عطاء الله السكندري، و “مثنويات» الحكيم سنائي الغزنوي، والحكم الأخلاقية[56] لأوحد الدين الكرماني؛ على وجازتها واختصار عبارتها؛ كانت، وما زالت، نموذجاً حيًّا -وغيرها كثير- للحكمة النبوية المذكورة. فقد صنعت أجيالاً من الصالحين العاملين، وأنبتت كثيراً من العارفين الإحسانيين.
إن قراءة قلبية، لأي حكمة منها، تغرق بالقارئ في بحر الإخبات والخشية، وتجعل السامع يطرق، كأن على رأسه الطير.
فما سر هذه الروحانية الحية، المنبعثة من بين ثنايا سطور تلكم، مهيجة للجوارح والجوانح، من أجل العمل بمقتضاها، على الرغم من موت أصحابها؟
قد يكون من المفيد أن نترك السؤال معلقاً، ما دامت الإجابة عنه رهينة بالممارسة الحية لهذه الحكمة.
[1] كاتب من المغرب.
[2] La Rochefoucauld, Maximes, Booking International, Paris, 1994, p.125.
[3] باسمة كيال، أصل الإنسان وسر وجوده: «فلسفة الروح»، دار ومكتبة الهلال، بيروت، ط 2، 1982، ص 44.
[4] نقلاً من المرجع السابق، الصفحة نفسها.
[5] هيجل، محاضرات في فلسفة التاريخ: «العالم الشرقي»، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام، سلسلة «المكتبة الهيجلية»، دار التنوير، بيروت، ط 1، 1984، ج 2، ص 61.
[6] l’humanité à la recherche de Dieu, Watch Tower Bible and tract Societty of Pennsylvania, brooklyn,
[7] L’humanité à la recherche de Dieu, op. cit., pp. 174-179.
[8] Encyclopédie des religions, Bayard Editions, Londrai, 1997, T.I, pp. 1079 -1080.
[9] L’humanité à la recherche de Dieu, op.cit., pp.176-179.
[10] حسين توفيقي، دروس في تاريخ الأديان، ترجمة أنور الرصافي، منشورات «المركز العالمي للدراسات الإسلامية»، مكتب مطالعة وتدوين المناهج المدرسية، مطبعة التوحيد، قم، ط 1، 1423، ص 39.
[11] The Pancatantra, «The book of
وتعني كلمة «بانجاتانترا» باللغة السنسكريتية : الأجزاء الخمسة (حسين توفيقي، دروس في تاريخ الأديان، ص 38).
[12] مقدمة مترجم The Pancatantra، ص. xliii.
[13] حسين توفيقي، دروس في تاريخ الأديان، ص 39. - Encyclopédie des religions, op.cit, T.I, pp. 940-941.
[14] حسين توفيقي، دروس في تاريخ الأديان، ص 39.
- Encyclopédie des religions, op. cit., T.I, p.930.
- L’humanité à la recherche de Dieu, op. cit, p. 103, 105.
[15] أي قوانين «منو».
[16] ألغيت هذه الطبقية في الهند رسميا عام 1955، لكن آثارها لا تزال باقية إلى الآن.
[17] حسين توفيقي، دروس في تاريخ الأديان، ص 42 -43.- Encyclopédie des religions, op. cit., T. I, p. 986.
- L’humanité à la recherche de Dieu, op. cit., pp. 106 -111.
[18] حسين توفيقي، دروس في تاريخ الأديان، ص 43.
- L’humanité à la recherche de Dieu, op. cit., pp. 111
[19] أطلق عليه في البداية اسم سيذارتا Siddharta، وتعني «الذي حقق غايته»:
- Encyclopédie des religions, op. cit., T.I, p. 964.
- L’humanité à la recherche de Dieu, op. cit., p.130.
- حسين توفيقي، دروس في تاريخ الأديان، ص 54.
[20] Encyclopédie des religions, op. cit., T.I, p.965.
- L’humanité à la recherche de Dieu, op. cit., P. 137.
[21] حسين توفيقي، دروس في تاريخ الأديان، ص 55.
- Encyclopédie des religions, op. cit., T.I, p. 966.
- L’humanité à la recherche de Dieu, op. cit., p 108.
[22] اشتهرت قصة بوذا بين المسلمين باسم قصة يوذاسف (حسين توفيقي، دروس في تاريخ الأديان، ص 54 - 55، الملا صدرا، المبدأ والمعاد، دار الهادي، بيروت، ط. 1420،1 / 2000، ص 509). وقد ذكر قصته بتفصيل ابن بابويه القمي في كتابه «كمال الدين وتمام النعمة»، تصحيح علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، ط 2، 1395، ج 2، ص 577-638.
[23] اختلف العلماء المسلمون في شأن «بوذا»، فذهب بعضهم إلى أنه كان نبيًّا، وممن ادّّعى ذلك محمد الحسين آل كاشف الغطاء (المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون، دار الوعي الإسلامي، بيروت، ط 5، 1400 / 1980، ص 63). ومنهم -وهو قول الأغلب- من اعتبره وثنيًّا مشركاً، بل اعتبره الملا صدرا «رئيس الشياطين، المنكر للبعث» (المبدأ والمعاد، ص 509).
[24] إنجيل متى، الإصحاح 16، العدد 26.
[25] إنجيل لوقا، الإصحاح 17، العدد 33.
[26] حسين توفيقي، دروس في تاريخ الأديان، ص 209.- Encyclopédie des religions, op. cit., T.I, p. 586.
[27] محمد رزوق، الأندلسيون وهجراتهم إلى المغرب خلال القرنين 16-17، مطابع إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 1989، ص 83-85.
[28] «والكلمة صار بشراً، وخيم بيننا، ونحن رأينا مجده» (إنجيل يوحنا، الإصحاح الأول، العدد 14).
[29] «قال لهم: «أعندكم هنا ما يؤكل؟»، فقالوا: «قطعة سمك مشوي». فأخذها أمامهم، وأكل» (إنجيل لوقا، الإصحاح 24، الأعداد 41 - 43).
[30] «وبعدما أوسعوه سخرية، نزعوا عنه رداء الأرجوان، وألبسوه ثيابه، وساقوه إلى الخارج، ليصلبوه» (إنجيل مرقس، الإصحاح 15، العدد 20).
[31] «هذا هو حمل الله، الذي يزيل خطيئة العالم» (إنجيل يوحنا، الإصحاح الأول، العدد 29).
[32] من أبرز الاتجاهات الفلسفية في ذلك اتجاه المدرسة الوضعانية Positiviste، التي نضجت مع الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت (أندريه كريسون، تيارات الفكر الفلسفي من القرون الوسطى حتى العصر الحديث، ترجمة نهاد رضا، منشورات بحر المتوسط - منشورات عويدات، بيروت - باريس، ط 2، 1982، ص 311- 384).
[33] أندريه كريسون، تيارات الفكر الفلسفي من القرون الوسطى حتى العصر الحديث، ص. 140.
[34] ألف ليلة وليلة، حكاية في شأن الجن والشياطين المسجونين في القماقم من عهد سليمان عليه الصلاة والسلام، المكتبة الثقافية، بيروت، 1417/1997، ج 3، ص 203- 214.- عبد الفتاح كيليطو، العين والإبرة: «دراسة في ألف ليلة وليلة»، ترجمة مصطفى النحال، نشر الفنك للترجمة العربية، الدار البيضاء، 1996، ص 119 - 144.
[35] معناها بالعربية : «الحكم» - جمع حكمة -.
[36] International, 1994, pp. 11- 12. Sade, La philosophie dans le boudoir, Bookking
[37] سورة البقرة، آية 269.
[38] سورة آل عمران، آية 164.
[39] سورة لقمان، آيتان 12 - 13.
[40] راجع سورة لقمان، آيات 14-19.
[41] رواه أحمد في مسنده، ومسلم، وأبو داود، ورمز إليه السيوطي؛ في «الجامع الصغير»؛ بالصحة (جلال الدين السيوطي، الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1410،1/1980، ج 2، ص 423، حديث رقم 6831).
[42] الشاطبي، الموافقات في أصول الشريعة، شرحه وخرج أحاديثه عبد الله دراز، دار الكتب العلمية، بيروت، د.ت.، ج 1، ص 41 - 74.
[43] البيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، المطبعة العثمانية، 1305، ص. 62.
[44] الزمخشري، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، دار الفكر - دار الرشاد الحديثة، ط 1، 1397/1977، ج 1، ص 396.
[45] الترمذي، كتاب الأكياس والمغترين، تحقيق أحمد عبد الرحيم السايح، والسيد الجميلي، دار الجيل، بيروت - المكتب الثقافي، القاهرة، ط 2، 1410 / 1990، ص 30 .
[46] الجيلي، الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل، تحقيق صلاح بن محمد بن عويضة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1418/ 1997، ص 278.
[47] صدر المتألهين الشيرازي، المبدأ والمعاد، ص 635.
[48] يعتبرالحكيم الترمذي العقل فعلاً لا ذاتاً، مخالفاً بذلك الاعتقاد السائد في الثقافة الإسلامية العربية، المتأثر بنظرية الفكر اليوناني في العقل؛ يقول الحكيم الترمذي: «فهذا فعل العقل» (الترمذي، جواب المسائل التي سأله أهل سرخس عنها، ضمن كتاب «ثلاثة مصنفات للحكيم الترمذي»، تحقيق بيرند راتكه، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1422/ 1992، ص 142). ويؤكد ذلك أنه يسند العمل إلى العقل، ولا معنى للعمل إلا الفعل، كما هو مؤدى قوله : «ومن رزق عقلاً، فاعتمل عقله، فيما فتح له من الباب، فعقد قلبه على طاعة الناصح الرشيد، وهو العقل الدال على الله تعالى، وعلى مراشد أموره...» (الترمذي، الأمثال من الكتاب والسنة، تحقيق علي محمد البجاوي، دار التراث، القاهرة، 1975، ص 256). وممن قال بفعلية العقل، وأنكر ذاتيته وجوهريته، من الفلاسفة المعاصرين، الدكتور طه عبد الرحمن (طه عبد الرحمن، العمل الديني وتجديد العقل، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء - بيروت، ط 2، 1997، ص 17-21).
[49] انظر تفصيل الكلام على «العقل المجرد»، و«العقل المسدد»، و«العقل المؤيد»، عند الدكتور طه عبد الرحمن، في كتابه «العمل الديني وتجديد العقل» (قسَّمه إلى ثلاثة أبواب، كل باب تولى كشف النقاب عن واحد من العقول المذكورة).
[50] الغزالي، المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي العزة والجلال، تحقيق جميل صليبا، وكامل عياد، دار الأندلس، بيروت، 1416/1996، ص 139.
[51] تقول المستشرقة الإيطالية لورا فيشيا فاغليري Laura Vecci Vaglieri : «لقد اتسع أفق الدين، وارتد إلى طهارة الفكر والعاطفة وتكاملهما، وأصبح خبرة ذات أصل باطني عميق، كان حب الله هو نقطة الدائرة فيها. وعلى هذا النحو أثر في حياة المسلمين تأثيراً نبيلاً رحيماً، إلى أقصى حد مستطاع» (فاغليري، دفاع عن الإسلام، ترجمة منير البعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، ط. 3، 1971، ص 119-120).
[52] سورة الحجرات، آيتان 7-8.
[53] الترمذي، منازل القربة، تحقيق خالد زهري، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة نصوص ووثائق رقم 3، ط 1، 1423 / 2002، ص 70. وانظر تفصيل الكلام على المحبة وعلاقتها بالحكمة، وبخلق الإنسان، عند الحكيم الترمذي في :- G. Gobillot, U penseur de l’amour (Hubb), le mystique Khurasanien al-Hakîm al-Tirmidhî, Studia Islamica, fasc. LXXIII, 1991, pp. 25-44.
وانظر أيضا المحبة عند الصوفية في :- P. Nwyia, Exégèse coranique et langage mystique, Beyrouth, 1970, pp. 285 -286.
[54] Gobillot (Geneviève), « Le langage, science des saints, selon al-Hakîm al-Tirmidhî », colloque de « Mystique musulmane », parcours en compagnie d’un chercheur, Roger Deladrière, éd. Caricript, Paris, 2002, p.85.
[55] أخرجه ابن حجر العسقلاني في «الاستعداد ليوم المعاد»، دار القلم، بيروت، ط.3، 1984، ص.9.
[56] نشرت بعضها، بالاشتراك مع المستشرق الألماني برند مانويل فايشر، في صحيفة «الإشارة»، الرباط، العدد 17، سنة 2001.