ثمة أنماط عديدة تضبط نظام العلاقة بين مختلف التعبيرات والأطياف الفكرية والثقافية والسياسية، فيمكن أن تُبنى هذه العلاقة بعقلية الإقصاء ومنطق التحطيم والمحو، ولكن ومن خلال التجارب الإنسانية العديدة، فإن مآل هذه العلاقة، هو المزيد من القهر والعنف والأحقاد المتبادلة. لذلك فإن من الأجدى لنا جميعاً أفراداً وجماعات، أن تُبنى علاقاتنا بمنطق التواصل والحوار وبفتح أفكارنا جميعاً على حقائق التنوع والتعدد. لأن هذا المنطق هو الكفيل بإزالة ما تراكم من سوء في الخطابات والممارسات، في المواقف والقناعات، في الرؤية إلى الذات وإلى المختلف والمغاير. لذلك فإن المطلوب دائماً، هو الانخراط في مشاريع حوارية وذلك من أجل إرساء تقاليد للحوار والتعايش والتسامح. وبالتالي فإن مفهوم الحوار، ينطوي على قدر من المراهنة على تأسيس لواقع جديد لحياتنا الاجتماعية والثقافية والسياسية.
ومجلتنا وخلال مسيرتها الزمنية والثقافية، تؤمن إيماناً عميقاً، بضرورة الحوار، وضرورة العمل على إرساء أدبه وتقاليده في فضائنا الاجتماعي والثقافي. ويأتي هذا العدد، لضيف إلى قيمة الحوار أبعادها المعرفية والاجتماعية، من خلال التركيز على قيم حقوق الإنسان والتجديد والتسامح والوحدة الإسلامية.. فالكلمة الأولى تناقش طبيعة العلاقة بين مفهوم حقوق الإنسان والتنمية. وترى هذه الكلمة أنه لا تنمية مستدامة وشاملة، دون احترام وصيانة حقوق الإنسان.. ويشارك معنا في هذا العدد الأستاذ حافظ إسماعيل بدراسة متميزة بعنوان «نحن واللسانيات».
أما الأستاذ زكي الميلاد فهو يعمل على تظهير القيم الفكرية والمعرفية لأعلام الإصلاح في العالم الإسلامي. ويعمل في هذا العدد على دراسته للفيلسوف الإسلامي محمد إقبال بعنوان «محمد إقبال من ما وراء الطبيعة إلى تجديد التفكير الديني»..
ويبحر الأستاذ إدريس هاني في مفهوم التسامح، ويعمل على التأمل المعرفي في حقائق هذا المفهوم ومضامينه الجوهرية من خلال دراسته الموسومة بـ«إنها إشكالية مفهوم.. تأملات في سؤال التسامح».
إضافة إلى الدراسات والأبحاث الأخرى، التي توزعت على أبواب المجلة..
ونأمل أن نكون قد قدمنا عدداً متميزاً في إضافاته الثقافية والمعرفية... ومن الله نستمد العون والتوفيق.
والله الموفق.