هذا العدد
يتضح من مختلف تجارب النهوض والتقدم الإنساني، أن التربية والتعليم يحتلان الموقع المتميز في هذا السبيل. إذ عن طريقهما تصاغ الطاقات الإنسانية، وتتوجه نحو غاياتها المنشودة، وبهما تزداد معالم الوحدة الوطنية، وتنصهر الفروقات في سبيل إعلاء الهدف العام. ولم تخل تجربة إنسانية في هذا السياق من دور كبير وحيوي في حقل التربية والتعليم. ومن هذا المنطلق، نجد أن الدول المتقدمة، تعيش الحساسية المفرطة من تأخر هذا الحقل، لأن تأخره سينعكس على مستوى الأداء الاجتماعي والحضاري. فالولايات المتحدة الأمريكية مثلاً تعتني بهذا المجال، وتصرف الأموال الطائلة من أجل مراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية والعلمية.
فالتعليم يشكل البوابة الأساسية لدخول عالم التقدم الإنساني والتنمية الشاملة ولا يمكن لأي مجتمع إنساني، أن يحقق التقدم الاجتماعي والاقتصادي والحضاري دون التعليم. إذ إنه البوابة الأساسية لعالم التقدم في مختلف المجالات والحقول. فلا يمكن أن يتحقق التقدم الاجتماعي، إلا عبر تطوير مناهج التعليم وتوسيع دائرته بحيث يشمل جميع المواطنين. ولا تقدم علمي إلا بمؤسسات التعليم ونهوضها العلمي والمعرفي. ولعلنا لا نعدو الصواب حين القول: إنه لا تقدم إنساني إلا عبر بوابة التعليم، فهو أداة التطور ووسيلته الفعالة..
وإيمانا منا بأهمية هذا الحقل، يخصص ملف هذا العدد لهذه المسألة الهامة والحيوية.. فعنوان الملف «التربية وإشكالية التنمية والتحديث في الوطن العربي: الراهن والرهانات» والذي أعد الملف هو الدكتور مصطفى محسن، وقام بتنسيقه والتقديم إليه الأستاذ إدريس هاني.
وهو يضم مجموعة من الدراسات والأبحاث، كتبها بحاثة، متخصصون من المغرب الأقصى. فلهم منا جزيل الشكر والامتنان؛ ونتطلع إلى المزيد من التعاون العلمي والثقافي، بما يخدم المعرفة في أرجاء عالمنا العربي والإسلامي. وإلى جانب هذا الملف، هناك بقية أبواب المجلة الثابتة.
ونأمل أن تساهم دراسات هذا العدد في تعزيز خيار البناء العلمي والنهضة التربوية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
ونسأل الباري عز وجل أن يلهمنا دوماً التوفيق والسداد.
والله الموفق.