شعار الموقع

أهميّة التضامن الإسلامي وصعوباته عند عبد العزيز الثعالبي

علي بن مبارك 2009-03-14
عدد القراءات « 1018 »

 

كتاب (روح التحرّر في القرآن) نموذجاً

علي بن مبارك[1]

* مقدمة

يندرج هذا العمل ضمن مبحث أعمّ يتعلّق بدراسة شخصيات فكرية تونسية أسهمت في بلورة الفكر الإسلامي عصر «النهضة» إن صحّت هذه التسمية، ولقد استطاع عبد العزيز الثعالبي -كما هو حال ثلّة من المفكرين المسلمين في عصره- أن يتجاوز بهموم الفكر الإسلاميّ وقضاياه من حيّز الاهتمام المحلّي الضيّق إلى مجال إسلاميّ وإنسانيّ أرحب. وهذا المنزع نلحظه بجلاء عنده سيرةً وتأليفاً، وفي هذا الإطار يندرج كتابه «روح التحرّر في القرآن» الذي تضمّن، فيما تضمّن، وعياً بأهمية التضامن الإسلامي الإسلامي، وتمثّلاً لأهمّ الصعوبات في زمن هيمن فيه الاستعمار وطغى، وتمكّن من الشعوب الإسلامية فاستعمرها واستغلّها على كلّ الأصعدة. فكيف نظر عبد العزيز الثعالبي إلى مسألة التضامن بين المسلمين؟ وما هي الخلفيات الفكرية التي اعتمدها في ذلك؟ وإلى أيّ مدى استطاع أن يوفّق بين منزعين إسلامي وإنساني في زمن دمّر فيه الاستعمار كلّ القيم الإنسانية؟

سنحاول أن نتناول هذه الإشكاليات وغيرها ممّا لم نذكر علّنا نتبيّن معالم فكر رجل شغل معاصريه[2] ومعاصرينا[3] على حدّ سواء، وقبل أن نعالج ما طرحناه من إشكاليات لا بدّ أن نقف عند سيرته وسيرة كتابه، على أن تكون الترجمة موجزة وموظّفة توظيفاً يخدم مقصدنا من البحث.

1- الثعالبي وكتابه «روح التحرّر في اقرآن»: مسيرة رجل وسيرة كتاب

ليس من اليسير أن نقف عند كلّ محطّات عبد العزيز الثعالبي الاجتماعية والفكرية والسياسية، فالرّجل متنوّع الاهتمامات كثير التنقّلات، ولئن اتفقت كلّ المصادر على تاريخ ووفاته (2 أكتوبر 1944) فإنّ تاريخ الولادة لم يكن محلّ اتّفاق (1847/ 1846). ولعلّ ما يهمّنا من ولادته وطفولته الأولى أنّه نشأ وترعرع في أحضان جدّه للأب عبد الرحمن الثعالبي الذي كان يشتغل قاضياً في الجزائر، ثمّ قرّر الانتقال إلى تونس إثر الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830، ونزل بعاصمتها واستقرّ في حيّها العريق (حي باب سويقة)، حيث وُلد حفيده عبد العزيز. وألحقه جدّه بالجامع الأعظم جامع الزيتونة، فقضى فيه سبع سنوات (مرحلة التعليم الثانوي بمرحلتيه) وتخرّج منه بشهادة (التطويع)[4] سنة 1896.

ويبدو أنّه لم يكن راضياً بالتكوين الديني التقليدي الذي تلقّاه في «الزيتونة» فالتحق بالمدرسة الخلدونية[5] وأقبل على دروس أساتذتها النجباء من قبيل سالم بوحاجب والبشير صفر وعلي بوشوشة وغيرهم من روّاد النهضة الفكرية بتونس، ولقد أظهر الثعالبي وعياً عميقاً منذ بداية شبابه بأهمية وحدة المسلمين وتحقيق التضامن والتعاون بينهم فأصدر سنة 1896 -وهو في العقد الثاني من عمره- مجلة «سبيل الرشاد»باللغة العربية، وهي مجلّة ذات توجه إسلامي وحدوي تنويري تحرّيري، ولكن الجريدة لم تلبث أن تعطّلت من قبل السلطات الفرنسية لجرأة محررها ومواضيعها. وسافر إلى الآستانة مروراً بطرابلس وبنغازي، ثمّ نزل بمصر حيث اكتشف عن قرب أفكار روّاد الجامعة الإسلامية من قبيل: جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي... وهذه المرحلة ستؤثّر لاحقاً في فكره ومؤلّفاته، وخاصّة في كتابه «روح التحرّر في القرآن». وبعد مغادرته القاهرة رجع إلى تونس سنة 1904 مروراً بالجزائر والمغرب الأقصى، وعمل على نشر فكره الإصلاحي متأثّراً بمنهج محمد عبده ممّا أثار حفيظة «كبار الشيوخ الناقمين على التطوّر، فأثارتهم ثورة أدمجت الخلدونية والمنار والثعالبي، وتقدّمت بدعوى إلى النيابة العمومية وجرت المرافعات، والرعاع يترصدون للثعالبي في ذهابه إلى المحكمة ورجوعه يهاجمونه بالسبّ والأذى، ثمّ حكم عليه بالسجن»[6]، وهكذا نلاحظ أن الثعالبي وجد نفسه منذ البداية في صراع مرير مع الفكر الديني التقليدي المحافظ الذي استطاع الاستعمار توظيفه، بطريقة أو بأخرى، في ردع الثعالبي وتجميد أنشطته.

إنّ المتتبّع لمسيرة الرّجل يلاحظ قدرته على طرح القضايا في سياقات إسلامية وإنسانية عامّة تتجاوز المشاغل المحلية الضيّقة، ولعلّ هذا المنزع ناتج عن كثرة تحرّكاته ورحلاته وسفراته قبل كتابة «روح التحرّر في القرآن» وبعده[7]. وهذا البعد الإسلامي الإنساني سيلازم عبد العزيز الثعالبي في مختلف مراحل حياته السياسية، بداية منذ تأسيسه «الحزب الحر الدستوري» مع ثلّة من السياسيين، وصولاً إلى نصرته القضية العربية الفلسطينية، وتنبيهه المبكر لأخطار الحركة الصهيونية، ودوره في بعث المؤتمر الإسلامي العام الأوّل بالقدس (ديسمبر 1931)...

ويثير كتاب «روح التحرّر في القرآن» عدّة إشكاليات تتعلّق بعنوان الكتاب ذاته، وسياقات التأليف، وبنيته ومحتواه. ولقد أثار فينا عنوان الكتاب مجموعة من الاستفهامات، فما المقصود بالروح؟ وما ماذا يعنيه التحرّر؟ وما دلالات حضور القرآن في كتاب يُعنى أساساً بالإصلاح الاجتماعي؟

يبدو أن مصطلح «روح» ينفتح على فضاءين ثقافيين مختلفين، ويمسّ ذاكرتين دينيتين في الآن ذاته: الذاكرة الإسلامية التي اهتمّت بالرّوح اهتماماً مخصوصاً، ووسّعت المعاجم من دلالاتها فشملت الفرح والقرآن والأمر والنّفس والوحي وجبريل وعيسى[8]... والملاحظ أنّ الذاكرة المسيحية التي اهتمت بدورها بهذا الاصطلاح جعلت من روح القدس محور الوحي وأساس المعتقد، ولعلّ الثعالبي أراد من خلال هذا التوظيف الاصطلاحي الطريف أن يحقّق التواصل بين المنظومتين، وهذا ما سنلحظه بجلاء في الكتاب. ولا ندري إن كان عنوان النصّ الفرنسي في نسخته العربية الأصلية المفقودة يتماشى مع ما اقترحه حمادي الساحلي مترجم الكتاب، ولمزيد تمثّل دلالات «الروح» كما تجلّت في عنوان الكتاب عدنا إلى العنوان الفرنسي «L’esprit libéral du CORAN» فوجدنا المعنى يكاد ينحصر في المبادئ والمميّزات كما تدلّ على ذلك معاجم الفرنسية[9]، وكأنّه أراد الحديث عن خصوصيات التحرّر كما تجلّت في نصّ التأسيس، ولكن ما المقصود بالتحرّر؟ وممّن يكون؟ وكيف السبيل إليه؟ ما الغاية منه؟ وهل يعني مطلب التحرّر وجود المسلمين في وضع نقيض «وضع عبودية واستعباد»؟ إن صحّ هذا التخمين هل هي عبودية الاستعمار، أم هو التوق إلى التحرّر من قيود أخرى ثقافية ودينية واجتماعية سياسية أنتجت الاستعمار واستقدمته؟

لقد اختار الثعالبي أن يشتغل في كتابه على القرآن، وبحث فيه عن «روح التحرّر». ولكنّنا نتساءل لماذا التركيز على القرآن، والحال أنّه تطرّق إلى قضايا اجتماعية وسياسية ودينية تمسّ أساساً التشريع والمعاملات؟ هل يعني ذلك أنّ مشكلة المسلمين الأساسية وخلافهم يتعلّق بمسألة تأويل النصّ؟ وإلى أيّ مدى يمكن فهم القرآن فهماً بعيداً عن وصاية الأوصياء من مفسّرين وأصوليين وفقهاء؟ وهل سيساعد تحرير النصّ من وهم الدلالات المغلقة النهائية على تجاوز المسلمين لأزمتهم الحضارية والتحاقهم بركب المتقدّمين من الأمم الأوروبية؟

هذه الأسئلة وغيرها ممّا لم نطرح حاول الثعالبي الإجابة عنها من خلال كتابه «روح التحرّر في القرآن»، الذي ألّفه في سياقات تاريخية مخصوصة. فالرّجل دخل السجن نتيجة مؤامرة حاكها له علماء الدّين التقليديون بالتواطئ مع الاستعمار الفرنسي، وبعد خروجه (1904) اعتزم مواصلة مسلكه التنويري الإصلاحي الذي بدأه، وانتقاد الفكر الدّيني ورجاله «الناقمين على التطوّر» على حدّ تعبير محمد الفاضل بن عاشور. ويتنزّل تأليف هذا الكتاب في هذا السياق، ولكنّه اختار نشره في باريس باللّغة الفرنسية. ولقد رجّح حمادي السّاحلي أن يكون «الشيخ الثعالبي هو الذي حرّر النصّ العربي للكتاب، ونقله إلى الفرنسية الهادي السبعي، وأعاد صياغة النصّ الفرنسي سيزار بن عطّار»[10].

ويعكس هذا الكتاب -فيما يبدو لنا- طموح الثعالبي الشّاب، وكأنّه أراد من خلاله تحقيق هدف مزدوج فمن جهة اجتهد في نقد الفكر الديني التقليدي القائم أساساً على المغالطات والتحريفات، ومن جهة ثانية أراد أن يؤسّس لرؤية واقعية في التعامل مع الواقع الجديد واقع فرنسا المستعمرة، فأكّد ضرورة الاستفادة من الحضارة الغربية بصفة عامّة والثورة الفرنسية بصفة أخصّ، ولكنّه سيعدل لاحقاً عن عدّة أفكار خاصّة عندما أصبح زعيماً مؤسّساً للحركة السياسية، مقاوماً للاستعمار وجبروته، متحملاً قهره واستبداده، وهذا ما يكشف عنه كتابه «تونس الشهيدة».

وقبل أن نشرع في تناول مسألة التضامن عند الثعالبي لا بدّ من إبداء مجموعة من الملاحظات تتعلّق ببنية الكتاب ومحتوياته. ويبدو لقارئ الكتاب في لسانه العربي أنّه غير منسجم مع الطبعة الفرنسية، وآية ذلك أنّ الكاتب أورد في الطبعة الفرنسية مجموعة من المقالات رتبها ترتيباً عدديًّا من واحد إلى اثنين وعشرين، في حين اجتهد معرِّب الكتاب فوضع هذه الأقسام ضمن فصول خصّ كلّ واحد بعنوان اختاره لها، وهذه الفصول المعنونة قد توجِّه قراءة النصّ العربي بطريقة مختلفة عن قراءة النصّ الفرنسي. وبصفة عامة يهيمن على الكتاب البعد التجديدي التنويري الناشد للإصلاح الديني الاجتماعي، الذي أراد من خلاله إعادة الاعتبار للإنسان قيمةً وفكراً.

2- أهمية التضامن الإسلامي وصعوباته

أظهر عبد العزيز الثعالبي منذ بدايات وعيه المعرفي أهمية التضامن الإسلامي الإسلامي في زمن هيمن فيه الاستعمار، وأصبح العالم الإسلامي يعاني من ويلات الجهل والفرقة. ويبدو أنّ هذا الوعي ازداد تبلوراً وتأسّساً عند زيارته مصر، ولقائه برُوَّاد الإصلاح الديني، ودعاة الجامعة الإسلامية من تلاميذ جمال الدين الأفغاني (الأسد آبادي) وخاصّة محمّد عبده، الذي كان يدعو إلى الإصلاح الاجتماعي والتعليمي. ونظراً لصعوبة تناول مختلف جوانب المسألة في هذا الإطار البحثي الضيّق فإنّنا سنركّز على مجموعة من المداخل قد تُيسِّر لنا فهم الثعالبي ونصوصه المترجمة، وسنهتمّ في هذه المداخل بعلاقة التضامن الإسلامي بالتضامن الإنساني، وأهمية إصلاح المجتمع وتحريره من عقلية العجز والشلل، وشمولية مطلب التضامن، وضرورة تذليل بعض الصعوبات الموضوعية والذاتية الحائلة دون تحقيق المطلوب.

* التضامن الإسلامي محوره الإنسان

لقد تناول عبد العزيز الثعالبي مسألة التضامن الإسلامي في إطار مفاهيم أعمّ تتعلّق بالإنسان وحقوقه، ولعلّه أراد من خلال هذه المقاربة أن يقدّم للأوروبيين صورة مشرقة عن المسلمين تختلف عن الصورة النّمطية الكامنة في مخيالهم الجمعي، فالكتاب صدر في باريس ويهمّ أساساً القرّاء الفرنسيين. وهذا الخطاب الموجّه للآخر الأوروبي نلحظه منذ مستهلّ الكتاب؛ إذ افتتحه ببيان وطادة العلاقة بين الشرق والغرب، فالشرق «يبدو في نظر الشعوب الأوروبية بمظهر بلاط حكايات ألف ليلة وليلة العجيبة...»[11]، في حين تُعتبر «مصالح الأوروبيين لدى لمسلمين لهي من الأهمية بمكان...»[12]، وعلى هذا الأساس حاول الثعالبي التقريب بين الحضارتين وإن رصد ما بينهما من بون على مستوى التقدّم الحضاري، كما عمل قصارى جهده على استحضار الذاكرتين الإسلامية والمسيحية في مختلف فصول الكتاب، بل نجده في مواضع مختلفة يستعمل اصطلاحاً مسيحيًّا غربيًّا للتعبير عن مشغل إسلاميّ، ويمكن لنا ذكر بعض الأمثلة على سبيل الاستشهاد فحسب، فالرّجل اعتبر الخلفاء «بمثابة الآباء بالنسبة إلى المسلمين»[13] بما تحتويه كلمة آباء من خلفيات لاهوتية مسيحية. ولعلّ الثعالبي أراد من خلال الجمع بين الثقافات والذّاكرات أن يؤكّد إنسانية القيم «وهي القواعد التي اتّبعها لا اليهود والنصارى فحسب بل أيضا أتباع الديانات الأخرى وحتّى من لا دين لهم»[14].

لقد أدرك الثعالبي أنّ قيمة التضامن لا تستمدّ مشروعيتها من القرآن فحسب بل كذلك من المكاسب الإنسانية بمفهومها الحضاري العام، كما تجلّت أساساً في الثورة الفرنسية؛ لذلك نجده يصرّح دون تردّد بإعجابه الشديد بأعلام الثورة ومبادئها. ويتجلّى هذا التوجّه بصفة كبيرة في القسم الثاني من كتابه الذي عنونه المترجم بـ«مقارنة بين مصر وبقية الأقطار الإسلامية»، وفيه أكّد الثعالبي أنّ مصر زمن محمد علي أصبحت قويّة متقدّمة حتى بلغت ما بلغته «الأقطار الأوروبية من تقدّم»[15] بفضل «الضباط والعلماء الفرنسيين الذين مازالوا آنذاك متشبّعين بمبادئ الثورة الفرنسية»[16]، «وما الفرنسيون اليوم إلاّ أحفاد أولئك الذين أعلنوا عن مبادئ حقوق الإنسان والمواطن، وساعدوا محمد علي على القيام بتطوير المسلمين في الميدان الثقافي، ومدّ يد المساعدة إليهم للقيام بعمل مشترك في سبيل التقارب بين البشر»[17]، ويبدو الثعالبي من خلال هذه المواقف مفرطاً في الحماس للنموذج الفرنسيّ، ولعلّه حماس الشباب النازع إلى التحرّر دون وعي حقيقي بصدمة الاستعمار كما تجسّدت لاحقاً في بقية مؤلّفاته.

ونظراً لأهمية علاقة الأنا بالآخر في مقاربة مسألة التضامن والتعاون اهتمّ الثعالبي في القسم الثامن من كتابه بـ«العلاقات بين المسلمين والنصارى[18]» كما عنونه المترجم، وانتقد تحريفات المسلمين والمسيحيين على حدّ سواء لصورة «الآخر» إلى درجة «ندرك مدى الغبطة والحماس اللذين كان المسلمون يتقبّلون بهما كلّ تفسير يعمد إلى تحريف النصوص وإبراز ما تعبّر عنه من حقد وتعصّب تجاه المسلمين»[19]، ونتج عن ذلك حروب متبادلة و «هجمات القراصنة المتواصلة»[20]، ممّا أضرّ بمبادئ التضامن في بعده الإنساني، ونتج عن كلّ ذلك عزلة؛ إذ «تمّ عزل المسلمين في إفريقيا وآسيا، ولم يتمكّنوا من البقاء في القسم الأوروبي من تركيا إلاّ بحدّ السيف...»[21]، و«أُغلقت أبواب «الإسلام» واعتزل المسلمون في ديارهم وانصرفوا إلى شؤون دينهم»[22]، وعلى هذا الأساس لا يمكن القبول بتحريفات المفسّرين ومن تبعهم من أعداء التحرّر والتطوّر[23]؛ لأنّ في «العصر الذي نعيش فيه... أصبح التقدّم مطّرداً، وصارت البشرية متضامنة مع بعضها بعضاً، تسعى إلى الاعتماد على الجهود الفردية لفائدة المصلحة المشتركة»[24]. ونلمح من خلال هذا الخطاب دعوة ضمنية لمساهمة المسلمين في مسيرة التضامن الإنساني العالمي، وعدم الاقتصار على الفرجة دون الفعل، «باعتبار أنّ المسلمين يستطيعون اليوم -إذا ما أزالوا كلّ تلك الأفكار الخاطئة التي أملاها عليهم بعض المفسرين والعلماء والفقهاء، وإذا كانوا جديرين بتلقي ثقافة متماشية مع مبادئ الرقيّ والحضارة- تحقيق ما وعدوا به في الماضي والحاضر»[25].

* تحرير المرأة وجهٌ من وجوه التضامن الإسلامي

اعتبر الثعالبي مسألة التضامن في بعده الإسلامي القرآني مسألة عميقة تحتاج منّا حفراً وتفكيكاً، وثورةً على الفكر الديني التقليدي، الذي ابتدع الفروقات بين فئات المجتمع ورتّبها ترتيباً تفاضليًّا. وفي هذا الإطار انتقد وضع المرأة بما هي عنصر أساسيّ في المجتمع، ورأى أنّ صلاح حال المجتمع لا يتحقق إلاّ بصلاح حالها، وأنّ التضامن الاجتماعي لا قيمة له دون حضور المرأة الإيجابي في التاريخ. وفي هذا الإطار انتقد موقف علماء الدين من المرأة وإلزامها بحجاب[26] ما أنزل الله به من سلطان؛ محتجاً بنصوص ووقائع تدلّ «بكلّ وضوح على أنّه من الخطأ أن تستر المرأة المسلمة وجهها، وأن تنزوي في عقر دارها، وتبقى منعزلة تماماً عن الحياة والحضارة»[27]. ودعا إلى إعطاء المرأة حقوقها المسلوبة من قبيل التعلّم، والمشاركة في الحياة الاجتماعية، ومحاسبة زوجها عند «التهتّك وارتكاب الفواحش وتبديد أموال العائلة وأملاك أطفاله»[28].

فكيف للمجتمع أن يتقدّم ونصفه محجوب مشلول؟! لذلك رأى أنّ المرأة «لا ينبغي أن تكون محجوبة»؛ لأنّ «خلع ذلك الحجاب معناه تحرير المرأة المسلمة، وإشهار الحرب على التعصّب والجهالة، ونشر أفكار التقدّم والحضارة، وصيانة المصالح العليا للأسرة والتراث العائلي، وهذا يعني في آخر الأمر إعادة تركيب المجتمع كما كان في عهد الرّسول (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه (رضي الله عنهم)، أي مثل المجتمع الأوروبي»[29]. وهكذا يصرّح الثعالبي بمواقفه الإصلاحية الجريئة ملتزماً بمرجعيتين تكمّل إحداهما الأخرى: مرجعية الإسلام الأوّل إسلام النبوّة والصحابة، ومرجعية الحضارة كما تجسّدت في المجتمع الأوروبي. وكأنّه أراد أن ينقل لنا موقف رواد الجامعة الإسلامية الذين رأوا في معاملات الأوروبيين تطبيقاً للإسلام دون اعتناقه.

وبذلك يتّضح لنا تداخل الذات المسلمة مع الآخر الأوروبي المسيحي في مشروع الثعالبي الإصلاحيّ. وعلى هذا الأساس أكّد ضرورة إعادة قراءة النّصوص[30] «التي استند إليها المفسّرون لزجّ المرأة المسلمة في أعماق البيوت، وجعلها في عزلة تامة عن الحياة»[31]، فأعاد فهمها وتأويلها بعيداً عن وصاية الأوصياء ووساطة الوسطاء. وتساءل مستغرباً: «هل يمكن أن يُرهق أكثر من ذلك نصّ هو على غاية من الوضوح والدقّة؟ أليس من حقّنا عند قراءة تلك التأويلات أن نقول: إنّ التفاسير المذكورة لم يسدها حسن النّظر؟»[32].

* التضامن كلّ لا يتجزّأ: في شمولية المفهوم

لقد تجنّب عبد العزيز الثعالبي تناول مسألة التضامن الإسلامي من خلال الفروع دون الأصول، أو بالنّظر في المعاملات دون تمثّل المرجعيات الفكرية المؤسّسة لها. وفي هذا الإطار يتنزّل السؤال المتعلّق بتأخّر المسلمين «عدّة قرون إلى الوراء»[33] وتقدّم الأوروبيين كما أثاره روّاد النهضة. ولأنّ النهضة لا تتعلّق بمجال دون آخر بل تشمل مختلف أمور الحياة، فإنّ الثعالبي رأى أنّ التعاون الإنساني والتضامن الإسلامي لا بدّ أن يكتسح عدّة فضاءات؛ لذلك تحدّث في القسم التاسع من كتابه عن «المذاهب الإسلامية»[34] مباشرة بعد حديثه عن علاقة المسلمين بالنصارى وغيرهم من الأمم والثقافات، ورأى أنّ ظهور الأحزاب الموالية لعلي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان والخوارج كان وراء تشتت المسلمين وتفرّقهم، خاصّة أنّ «جميع تلك الأحزاب كانت في أوّل الأمر سياسية ثمّ ما لبثت أن تحوّلت إلى أحزاب دينية»[35]، ثمّ «انبثقت عنها المذاهب الأربعة التالية: المذهب الشيعي (حزب علي) والمذهب اليزيدي (حزب معاوية نسبة إلى ابنه يزيد) والمذهب الإباضي (مذهب الخوارج) والمذهب السنّي»[36].

ورغم بساطة قراءة الثعالبي لظهور المذاهب الكبرى في الإسلام فإنّه حاول جاهداً الوقوف عند أسباب الخلاف المؤدّي إلى الفرقة، فبيّن أخطار التعصّب إذ «ادّعى كلّ مذهب فيما بعد أنّه يمثّل المذهب الإسلامي الحقّ الحائز للحقيقة باستثناء سائر المذاهب الأخرى»[37]، ولقد عمل العلماء لاحقاً على إبراز محاسن مذاهبهم و«لم يهملوا مصالحهم الشخصية؛ لأنّ جميع أعمالهم كانت ترمي إلى الرّفع من شأن أمرائهم وتبرير اغتصابهم وجرائمهم ومظالمهم التماساً لمرضاتهم»[38]، ورغم استثنائه لبعض العلماء فإنّه اعتبر أنّ «مؤلّفات العلماء المذكورين مضرّة وراجعة بالوبال؛ لأنّ كلّ واحد منهم إذا بحث في نظرية دينية أو تشريعية أو قانونية أو أخلاقية كان يستند إلى نظرية مذهبه حول ذلك الموضوع»[39]، وهنا تكمن -حسب الثعالبي- خطورة تأويل النصوص وفق مقتضيات المذهب ومصالح أصحابه، وهذا ما يهتمّ به الكتاب بصفة عامّة، فكلّ صاحب مذهب «يعمد إلى إرهاق النصّ بما لا يطيقه إلى أن يصل إلى استنتاجات لا معنى لها»[40]. ونظراً لخطورة مسألة تأويل آي القرآن ذكّر الثعالبي بهذه المسألة في مختلف أجزاء كتابه، بل خصّص لها القسم الأخير منه الذي عنونه المترجم بـ«التأويل الصحيح للقرآن»، وانطلق فيه الثعالبي بقاعدة مفادها أنّ «القرآن واحد والإسلام واحد، ولا ينبغي أن يوجد أيّ خلاف بين المسلمين في المذاهب والفرق، وكيف يمكن الوصول إلى هذه النتيجة إن لم يكن بتأويل القرآن تأويلاً سليماً ومتحرّراً واجتماعيًّا؟ وهكذا يمكن أن يحصل ذلك التقارب بين الشعوب الذي كان يرمي إليه الرّسول»[41].

إنّ التأويل بهذا المعنى سلاح ذو حدّين؛ فهو وسيلة للوحدة والتضامن والتقارب إن سار في مساره الصحيح الذي يمثّله المؤلّف[42]، وهو أيضاً سبب التفرقة والتشتت والخلاف ولذلك تساءل الثعالبي بإلحاح «هل يمكن أن يصبح تأويل القرآن تأويلاً حقوداً ومتعصّباً ومناهضاً للحرية سبباً من أسباب الحيلولة دون التقارب بين البشر؟»[43]. وهكذا يحيلنا صاحب كتاب «روح التحرّر في القرآن» إلى إحدى أخطر معوّقات التضامن في بعديه الإسلامي والإنساني، لذلك دعا بكلّ وضوح إلى «تخليص العقلية الإسلامية من شوائب الجهل والأوهام والتعصّب»[44]، وإلى تحرير الفكر من سلطة الأوصياء عليه من علماء الدّين وعيون الحكّام ولذلك تساءل بألم: «هل يستطيع أيّ مسلم يتحلّى بشيء من التحرّر أن يكتب أو يقول أيّ شيء في سبيل ذلك التحرّر دون أن يُتّهم بالكفر والإلحاد، ويحكم عليه باسم ذلك القرآن ذاته الذي ينادي بحرية الرأي»[45]، وكأنّه أراد أن يذكّر بمحاكمته من أجل أفكاره الإصلاحية، وهي نموذج من محاكمات كانت (ومازالت) تجرى هنا وهناك بدعوى حماية الدين وصونه من كلّ تحريف.

وفي إطار إعادة الاعتبار للتواصل البشري والتضامن بين المجموعات الإنسانية من خلفية تأويل النصوص تناول الثعالبي بالتحليل والنقد مسألة الجهاد، وخصّها بقسم[46] من الكتاب تعرّض فيه إلى تحريفات المفسّرين، وقرن أحكام الجهاد بأسباب نزول الآيات الدّالة عليها؛ إذ «لا نزاع بالنسبة لكافة المسلمين أنّ لكلّ آية من الآيات سبباً معيّناً واضحاً لا يمكن أن يتطرّق إليه أيّ شكّ»[47]، وكأنّه لم يكن مقتنعاً بما أقرّه الأصوليون حين اعتبروا أنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وأنّ صورة السبب داخلة دخولاً أوّليًّا في النصّ، ورأى أنّ المفسّرين اجتهدوا «في الانتقال من الخاص إلى العام بدون أيّ عذر وبطرق ملتوية لا يدركها معظم القرّاء»[48]، وفي هذا الإطار أعاد قراءة آيات الجهاد[49]، وذهب إلى أنّ «هذه الايات لا تبيح إلاّ القيام بحرب دفاعية، وهي تدعو المؤمنين إلى الإمساك عن هدر الدماء بدون جدوى، وتوضّح لهم أنّ الله يمكن أن يغفر حتى للأعداء إذا وضعوا حدًّا لهجوماتهم، فكيف أمكن للمفسّرين أن يستخرجوا من تلك الآيات تلك المشاعر المشحونة بالحقد والبغضاء وتلك الدعوة إلى شنّ حرب على غير المسلمين»[50]

إنّ التضامن الإسلامي من هذا المنظور كلٌّ لا يتجزأ يكتسح كلّ المجالات ويمسّ الإنسان فرداً وجماعة روحاً ومادة، ولذلك «يوصي القرآن بإغاثة بني الإنسان والتصدّق على الفقراء والمساكين»[51]، وهذا السلوك التضامني لا يخصّ فئة دون أخرى، بل هو ميزة إنسانية إذ «إنّ النّاس يعتبرون سواسية في نظر الإسلام فلا وجود لأيّ فرق بينهم على أساس الولادة أو الثروة أو الجاه أو القوّة، ولا فضل لأحد على أحد إلاّ بالتقوى»[52].

* خاتمة

نخلص في خاتمة هذا العمل إلى القول بأنّ كتاب «روح التحرّر في القرآن» يمثّل مرحلة مهمّة من مراحل حياة عبد العزيز الثعالبي الفكرية، وهي مرحلة تتميّز أساساً بحماس الشباب وانبهاره المفرط بالحضارة الغربية والتجربة الفرنسية على وجه الخصوص، وجاء هذا الكتاب بعد أزمة صراع عاشها الثعالبي مع المؤسسة الدينية التقليدية انتهت بسجنه، لذلك كان نقده لاذعاً لعلماء الدين القدامى والمعاصرين له على حدّ السّواء، ولقد تحوّل هذا النقد في مواضع مختلفة من الكتاب إلى انتقاد مشحون بروح الانتقام من فكرٍ رأى الثعالبي أنّه كرّس التخلّف وجذّر الجهل.

ولقد وقع الثعالبي وربّما المترجم في تعميمات وأخطاء[53] عمل المعرّب حمادي الساحلي على تصحيحها وتعديلها، ولعلّ السبب الكامن وراء هذه التعميمات يعود أساسا -فيما نعتقد- إلى أربعة أمور:

- فمن جهة لا يبدو الثعالبي ملمًّا بالعلوم الدّينية تمام الإلمام فكان مضطرباً في عرض بعض المسائل الأصولية أو الكلامية أو التفسيرية، ولعلّ هذا ناتج عن قصر مدّة الدراسة التي قضاها في جامع الزيتونة ( سبعة سنوات).

- ومن جهة ثانية حاول (وسايره في ذلك المترجم إلى الفرنسية) تبسيط المفاهيم قدر المستطاع وتقريبها من ذهنية القارئ الفرنسي متقبّل الكتاب الحقيقي في ذلك الزمن، ونتج عن ذلك انزياح في بعض الأحايين عن خصوصيات المصطلح الإسلامي كما تجلّى في سياقه الحضاري.

- من جهة ثالثة بدا لنا صاحب كتاب «روح التحرّر في القرآن» متأثراً تأثّراً كبيراً برواد الإصلاح الديني كما اكتشفه في الشرق عند زيارته، فأخذ عن جمال الدين الأفغاني جرأته ونقده اللاذع ورغبته في التغيير الديني والسياسي، وتأثر بمحمد عبده فيما يتعلّق بالإصلاح الاجتماعي وتطوير سلوك المسلمين، كذلك تأثّر بمحمد عبدالوهاب فيما يتعلّق بمحاربة المظاهر الفاسدة المضرّة بالشريعة، وفي هذا الإطار يتنزّل انتقاده اللاّذع للتصوّف وطرقه واعتباره معوّقاً حال دون تطوّر الحضارة لإسلامية دون أن يميّز بين التصوّف والطرقية.

- من جهة رابعة كتب هذا الكتاب بعد صراع مع المؤسسة الدينية التقليدية؛ لذلك غلب على الكتاب التهكّم على رجال الدين ومنهجهم في فهم القرآن وتأويله، وسادته روح الانتقام منهم، ولذلك كانت بعض المواقف انفعالية تفتقد إلى التعمّق والتدقيق.

 



[1] كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.

[2] نقصد بالقدامى معاصريه بالأساس ولقد وجّه له علماء الدين عدّة انتقادات، واستطاع الاستعمار أن يزرع فكرة «كفر الثعالبي» عند شريحة كبير من المجتمع، ويتجلّى ذلك بالأساس عند محاكمته وما حفّ بها من أحداث.

[3] من أهمّ من كتب في عبد العزيز الثعالب نذكر على سبيل المثال فحسب:

* الجندي (أنور)، الشيخ عبد العزيز الثعالبي: رائد الحرية والنهضة الإسلامية، الناشر: دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1984: وفي هذا الكتاب سيرة الثعالبي، وقد توزعت هذه السيرة ضمن أبواب الكتاب الأربعة: وفي الأول منها تناول المؤلف معالم حياة عبد العزيز الثعالبي، منتقلاً في الباب الثاني وضمن فصول ثلاثة للحديث عن قضايا بحثها الثعالبي وهي قضية تحرير تونس ونهضة العرب وبناء ثقافة إسلامية عربية، مخصصاً الباب الثالث للحديث عن رحلة الثعالبي إلى الآفاق وموقفه من قضايا العالم الإسلامي وتحديداً قضيتي المدرسة والاقتصاد، وقضية المنبوذين في الهند، ثمّ متناولاً أيام الثعالبي في بغداد، منهياً الكتاب بفصول تناولت الثعالبي بوصفه شخصية عملاقة، وآراء أعلام العصر فيه، مختتماً هذا الباب والكتاب في آن معاً بالحديث عن عودة الثعالبي إلى الوطن، وعن حفلات التكريم التي أقيمت له.

* صميلي (مسعودة مسعود بو الخضرة)، الشيخ عبد العزيز الثعالبي ودوره في الإصلاح الإسلامي، المكتبة العصرية. بيروت، 1995.

* الخرفي (صالح)،

- الشيخ عبد العزيز الثعالبي، من آثاره وأخباره في المشرق والمغرب، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1995: هذا الكتاب يقدم بعضاً من تراث الثعالبي الذي نشر في مجلة الرابطة العربية القاهرية، التي كانت علاقة الثعالبي بها تتجاوز علاقة الكاتب بمنبر لأفكاره، إلى كونها علاقة الزعيم بثمرة من ثمرات جهاده. ومن بين التراث الضخم الذي تركه الثعالبي يحوي هذا الكتاب مقالات تناول فيها صاحبها مسألة نهضة العرب، والوحدة العربية، وأمراض العالم العربي وكيفية نشأتها، إضافة إلى مقالات أخرى يتناول فيها مسألة وحدة المغرب العربي، والكفاح السياسي في تونس. كما يضم الكتاب أيضاً مجموعة مقالات كُتبت في وداع الثعالبي إلى بعد الاحتفاء به في القاهرة. ومعلومات عن رحلته إلى الهند للدفاع عن قضايا المسلمين هناك.

- عبد العزيز الثعالبي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1996.

* خالد (أحمد)، الزعيم الشيخ عبد العزيز الثعالبي وإشكالية فكره السياسي، الدار العربية للكتاب، (سلسلة أمهات الكتب التونسية): يتضمن الكتاب 679 صفحة من الحجم الكبير، ويذكر الأستاذ أحمد خالد في توطئة كتابه أنه أراد من خلاله الإسهام في تصحيح ما رسخ في الذاكرة الجماعية عن الزعيم والمفكر الشيخ عبد العزيز الثعالبي الذي طالما عانى من الغبن والتعتيم والتشويه في وطنه حيًّا في خريف حياته وبعد مماته.

* الجريبي (جلول)، أسس النهضة عند الشيخ عبد العزيز الثعالبي، أطروحة دكتوراه، جامعة الزيتونة.

 

[4] يذهب حمّادي الساحلي في تقديمه لكتاب «روح التحرّر في القرآن» أنّه «انقطع عن المدرسة قبل الحصول على التطويع» (مقدمة روح التحرر في القرآن، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1985، ص7).

وشهادة التطويع هي الشهادة التي تختم بها الدراسة قبل إحداث نظام شهادة التحصيل سنة 1933.

[5] المدرسة الخلدونية هي أول مدرسة ذات طابع تجديدي تم إنشاؤها في تونس وذلك في 1896، وكانت تقع في تونس العاصمة. تم إنشاؤها من قبل حركة الشباب التونسي بقيادة بشير صفر. كان الهدف منها إعطاء ثقافة علمية في وسط المجتمع الثقافي العلمي وخصوصاً خريجي جامع الزيتونة، ذلك لأن تعليمهم ديني فقط. كان يدرّس فيها علوم الجغرافيا و الرياضيات والحقوق، وكانت تدرس فيها اللغة الفرنسية والعربية. كانت تُموَّل من خلال هبات وتبرعات من قبل أعضاء حركة الشباب التونسي. ولقد زارها محمد عبده في 20 سبتمبر 1903 وألقى فيها محاضرة.

[6] ابن عاشور (محمد الفاضل)، الحركة الأدبية والفكرية في تونس، الدار التونسية للنشر، تونس، 1987، ص74.

 

[7] سوف لن نهتمّ كثيراً بهذه المرحلة، ويمكن أن نُحيل قاصد التعمّق على الباب الثاني من كتاب أحمد خالد «الزعيم الشيخ عبد العزيز الثعالبي وإشكالية فكره السياسي» وعنوانه «أهمية التعريف برحلاته لتعميق فهم فكره السياسي»، وفيه استعرض الباحث الرحلات العديدة التي قام بها الشيخ عبد العزيز الثعالبي أثناء حياته عبر كل الأقطار العربية والإسلامية، ومنها رحلته الطويلة التي استمرت حوالي 14 سنة من عام 1923 إلى 1937، وتخللتها أنشطة نضالية متنوعة ومكثفة.

[8] ابن منظور، لسان اللسان، ج1، ص522 (مادة روح).

[9] جاء في معجم «LQROUSSE» ، مادة «Esprit» مجموعة من المعاني من بينها: principe de la pensée, caractère, comportement, manière de pensée...

 

[10] ن، م، ص10.

 

[11] الثعالبي (عبد العزيز)، روح التحرّر في القرآن، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1985، ص10.

 

[12] ن، م، ص10.

[13] ن، م، ص44.

[14] ن، م، ص28.

[15] ن، م، ص15 - 16.

[16] ن، م، ص17.

[17] ن، م، ص41.

 

[18] ربّما كان من الأفضل استعمال «مسيحيين» عوض «نصارى».

[19] ن، م، ص37.

[20] ن، م، ص38.

[21] ن، م، ص38.

[22] ن، م، ص39.

[23] ن، م، ص40.

[24] ن، م، ص40.

[25] ن، م، ص 41.

 

[26] الحجاب في استعمال الثعالبي يعني أحد أمرين: ما يحجب المرأة عن الناس (مجتمع الذكور) وما يحجب وجهها ولعلّ المعنى الثاني أكثر استعمالاً عنده.

[27] ن، م، ص23.

[28] ن، م، ص31.

[29] ن، م، ص24.

[30] تناول بالدرس أساساً الآيات 32 و33 و35 و55 من سورة الأحزاب، والآيتين 30 و31 من سورة النور.

 

[31] ن، م، ص 35.

[32] ن، م، ص29.

[33] ن، م، ص56.

[34] وهو العنوان الذي اختاره المترجم للفصل الخامس.

[35] ن، م، ص47.

[36] ن، م، ص 47 - 48.

[37] ن، م، 48.

 

[38] ن، م، ص49.

[39] ن، م، ص49.

[40] ن، م، ص50.

[41] ن، م، ص116 - 117.

[42] يقول الثعالبي «إلاّ أنّ تأويلنا هو الذي يبدو لنا الأقرب من الحقيقة لأنّه الأكثر اتصالاً بالواقع والأشدّ اقتراباً من النص» (ن، م، ص115).

[43] ن، م، ص117.

 

[44] ن، م، ص 118.

[45] ن، م، ص118.

[46] القسم العشرون.

[47] ن، م، 109.

[48] ن، م، ص110.

[49] تناول الآيات 90 و191 و192 من سورة البقرة.

[50] ن، م، ص111.

 

[51] ن، م، ص93.

[52] ن، م، ص 92.

[53] من ذلك:

- جعل تحريم ظهور النساء السبب الأساسي في انتشار الشذوذ الجنسي (ص31).

- اعتبار الهلال الموجود في أعلى المآذن وفي الرايات الإسلامية ترسُّباً لمعتقد وثني (ص33).

- الجمع بين التعصب والعلم من خلال الحديث عن «تعصب علمي» (ص40).

- جعل مذهب «اليزيدية» مذهباً إسلاميًّا رسميًّا (ص48).

- الخلط بين المذاهب الفكرية والمذاهب العقدية (ص49).

- الربط بين رسالة الشافعي والقيمة العددية للحروف (ص52).

- الخلط بين صلاة الجمعة وصلاة الجماعة فيما يتعلّق في اختلاف المذاهب في اشتراط عدد المأمومين (ص57).