لقد خلفت الأحداث الأخيرة التي شهدها العالم في أيلول/ سبتمبر 2001 م، أو ما صار يعرف في التاريخ الأمريكي بالثلاثاء الأسود، انقساماً في أوساط الأنتلجنسيا العالمية حـول مسبباتـها والمستفيـد منها، على اعتبار أن المثقـف أو المفكـر أو السياسي ـ على حد رؤية الجابري ـ لا يعبر عادة عن قيمه الخاصة، بقدر مـا يعبر بطريقة شعورية أو لا شعورية عن قيم جمــاعة اجتماعيـة أكبـر ينتمي إليها، فالمتتبع لتطــورات وتداعيات الوضع بعـــد ذلـك، يقف على تشكـل صورتين متناقضتين عبر استعـادة الأطروحــة الهنتنجتونية، فارتسمــت على الأولى ملامح تحقق عملي لتـــلك الأطروحة، وأصـرت الثانيـة عبر ألوانها وتقاسيمـها على بقاء الأطروحة مجــرد نبوءة، لا تملك الأسس العلميـة التي تجعل الحديث عنها حديثاً علمياً، وهي ازدواجية ذات منطلقات إيديولوجية بحتة .
إن التفريق من حيث الدلالة بين مصطلحي "نظرية"و "أيديولوجيا" ضرورة ملحة لمواصلة الرحلة والتمكن من مناقشة الأطروحات القادمة في حينه، وانطلاقاً من ذلك فالنظرية في أبسط تعريف معجمي لها تشير إلى: " مجموعة من القواعد التي يقوم عليها موضوع أو مهارة علمية"(1) وهـــو المصطلح الأكثر مرونة والأوسع رحابة إذا ما قورن بمصطلـح "علم" الأكثـــر انضبـاطاً وتحديـداً، وأما مصطلح "أيديولوجيا" فبعد المرونة والرحابة اللتان لحقتاه نتيجـة لاستعماله خارج المعطى الماركسي، فإنه بات يعني: "نمطاً من المعتقدات والأفكار والقيـم المتعلقـة بالجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصـادية والثقافيـة والأخلاقيـة، التـي تسود المجتمع في عصر معين وتشكل اتجـاهات الأفراد ونظرة المجتمع "(2)، وما دامت النظريـة ـ في عرف عبدالعزيز حمودة ـ إنتـاج مجمـوعة عقـول أو جيــل واحد من العقول أو إنتاج مجموعة عقول تنتمي لعدد من الأجيــال، فهل يعني هذا أن معطى وفكـرة "نهـاية التاريخ" - التي تعود إلى هيغل وماركس ففوكوياما وهنتنجتون تشكل نظرية أم أنها توجهات أفراد وتمركز مجموعة بشرية حول نفسها.
تعد فكرة نهاية التاريخ الموجه الرئيس والمنطلق الأساس للإنسان الغربي لتحقيق أسطورة التفوق والوصول إلى الفردوس المفقـود. فهو الفاتح/ المركز/ النموذج/المتحضر. الساعي دون هوادة للظفر بالاعتراف الكلي والمطلـق، بداية من الثورة على الكنيسة، والسيطرة على الطبيعة، وانهيار سلم التصـور اللاهوتي للحقيقة. فالذات الأوروبية ومنذ ذلك الانتصار وهي تعتبر المركز المشع بالمعرفة المطلقة . ونهاية العالم التي سيصل إليها الإنسـان، انطلاقاً من طروحـات هيغل الذي حدد تلك النهـاية بتحقق الفكـرة الشاملة في الوجـود، والوصول إلى العالم المثالي "عالم المفاهيم" الذي ترجع إليه جل المظاهر المادية. وهي الغايـة نفسها التي انتهى إليها الفكر الماركسي الثائر على المعطيات الهيغلية. فالإنسان عـن طريق فعله وصراعـه الكفيـل بامتصاص التناقضـات الطبقيـة وإذابة التعارضات الاجتماعية، يصل إلى عالم مطلق من المساواة باعتلاء البروليتاريا منصة الحكـم أين تسود الشيوعية، وعلى الرغم من البون الشاسع بين منطلقات هيغل وماركس فالغاية واحدة، أكمل مسارها التمركزي فوكوياما الذي سار إلى تبشير جديد بنهاية التاريخ، كانت اللبنة الأساس في تشكيل الأطروحة الهنتنجتونبة المصرة على وصول الإنسان الغربي إلى المدينة الفاضلة.
يجمـع الخائضون في تجميـع أوراق ملف صراع الحضارات، علـى أن الحديث حول تبلـور أسس نظرية للصراع لم يبدأ قبل إعلان العملاقين (الولايات المتحدة، الاتحاد السوفياتي) انتهاء الحرب الباردة سنة 1989م وقد كان ذلك إيـذاناً بدخول العالم مرحلة ما بعد الحرب الباردة، التي لا شك تختلف عـن سابقتهـا من خلال دلالة البادئة (post ) على مرحلة حرب جديدة على مستوى الأذهان، ادتها الأفكار، يقودهـا الساسـة والمفكرون، شكلت حلقات مسلسـل جديد أبطاله لا يختلفون عن أبطـال مسلسل الحرب البـاردة، يعزى الفضـل في صدور حلقته الأولى أو جزئه الأول إلى انتشاء المفكـر الأمريكي "فرانسيس فوكوياما" المغمور آنذاك، حيث أصـدر مقالة "نهاية التاريـخ" نشرت في مجلة National Intérest سنة 1989 وطورها إلى كتابه "نهاية التاريـخ والإنسان الأخيـر"،"وهو بحـث تقدم به الخبير في وزارة الخارجية الأمريكيـة ونشـر عام 1989، وقد كثر حوله الجـدل آنذاك بشكل واسع، يتناسب وسعـة التمدد الذي يريـده سياسيو الولايات المتحدة لنفوذهم وهيمنتهـم على العالم أجمـع، باعتبارهم أصحاب نموذج "طلائعي" لا بد لبني البشر من قبوله شاءوا أم أبوا"(3).
وقد هدأت حناجر المؤيديـن والمعارضين قليلاً بعد ذلك، فظن العـالم أن المسلسـل انتهى، ولكـن الحقيقة أن نهاية المسلسـل كانت مفتـوحة تبحث عن أجزاء مكملة، أجـزاء كتبها أمريكي آخـر إثر القضـاء على الاتحاد السيوفياتي، واستئصـال سـم أحـد ثعابين الغابة (العراق) ـ على حد رؤيـة أحـد أعضاء الكونغرس.
وبانتهاء حرب الخليج التي نقلتها محطة CNN الأمريكيـة إلى كل بيت :"انتشى الغرب نشوة لم يسبق لها مثيل، وأعلن بوش رئيس الولايات المتحدة ولادة النظام الدولي الجديـد، و كما انتشى القادة العسكريون ... والسياسيون، كذلك انتشى المفكرون، صاموئيل هنتنجتون أعلن أن الحضارة الغربية هي نهاية التاريخ، وكل حضارة أخرى عليها أن تكتب بيدها شهادة وفاتها"(4)
و هكذا أخذ سيناريو تلك الحلقات يتأزم، وتتنازعه الأيدي المبدعة التي أبت إلا أن تكون أمريكية الأصل أو الولاء .فقد ترجل على الساحة بعد سنتين أمريكي آخر بأطروحة غير بعيـدة الأهداف والمـرامي عن السابقتين شكلاً ومضموناً، صاحب الأطروحـة يدعى "كنيشي أوهمال Kenichi Ohmal بكتاب حمل عنوان "نهاية الدولة القومية" سنة 1995 وحوى :"تبشيراً ببعض المقولات والأفكار التي نشأت مع سقوط الاتحاد السوفياتي وبداية ما يسمى بالنظام الدولي الجديد"(5).
بعد القضاء على آخر عدو ظهر على المسرح العالمي (العراق)، دخل الغرب مرحلة البحـث عن عدو جديـد يحقق ويؤكد التفـوق والمركزيـة، فأتت أحداث أيلول 2001 مؤكدة الأطروحة الهنتنجتونبة وهواجس الخطر القادم رهاب الإسلام "الإسلام فوبيا".و لعل هذا العـدو الجديد يطرح أكثر من تساؤل حـول مستقبل الصراع . أفعلاً تشكل تلك الأطـروحات أسساً موضـوعية وعلمية للحديث عن نظرية للصراع ؟ أليست مجـرد أبحاث قامت بقراءة راهنة للوضع آنذاك ؟ وإذا كانت نظرية فلماذا لا تكمل عناصـرها ويثبتها الواقع العلمي (التطبيق) بناء على الفلسفة البراغماتية ؟ ألا تعد إشكالية لم تتح فرصة صياغتها انتظرت أحداث أيلول لتشكل نظرية ؟ أوليست وبعد محـاولات تصحيح صورة الإسلام ـ و لو جزئياً ـ في المتخيل الغربي إيديولوجيا تكرس وتبحث عن شروط تطابق الواقع تمكنها من بلوغ درجة اليقين في العلوم الطبيعية.
قبل الإجابة عن هذه التساؤلات يجدر بنا أن نطـرح المضمون للأطـروحة الهنتنجتونبة والوقوف على الأسباب التـي جعلتها فاعلة وأدامت تلك الفعالية عند صناع القـرار الأمريكي، حتى يتسنى لنـا فيما يأتي مناقشـة باقي الأطروحات.
لقد كتب هنتنجتون مقالته "صدام الحضـارات" سنة 1993 التـي نشرتها مجلة "شؤون خارجية"، وطورها لاحقاً في كتابه الشهير الذي حمل العنوان نفسه، ضمنه عرض النموذج الأمثل لصدام الحضارات قائلاً:"إن الصراع الرئيسي سيكون بين الغرب ونوع من التحالف الكبير بين الحضارتين الإسلامية والكنفوشيوسية، الحضارة الغربية بقوتها الاقتصادية والعسكـرية والحضارة الإسلاميـة بثرواتها النفطيـة وملاصقتها الجغرافية للغرب .فالصراع بين الغرب والإسلام هو النموذج الأكمل لصدام الحضارات "(6).
إن الأطروحة المذكورة منذ صدورها أحدثت ضجة كما أحدثتها "نهاية التاريخ" الفوكويامية، فبقيت تحمل الإثارة والإغراء عند شتى شرائح المجتمع الغربي ذات فاعلية عند صناع القرار، وازدادت تلك الفعالية بعد الأحداث الأخيرة، وستستـمر لأسباب يعرضها البروفيسور جون فول(*) في النقاط التالية :
1/ اعتمـاد الأمريكي والغربي على الإعـلام والمـدارس والمعلومات العامة المتوافرة، وغياب المعلومات الخاصة والصحيحة عن الإسلام.
2/ المعلـومات المتحصل عليها سلبيـة يشوهها أكثر الإعـلام، وتعمقها نمطية الأفلام السينمائية التي تتحدث عن العرب والمسلمين.
3/ وجود تيار معادي للتيار المتفهم لأطروحات الإسـلام، هذا التيار يقوده دانيال بايبس وبرنارد لويس، يحـاول التصدي والترويـج وضرب جهـود ذلك التيار المتفهم الذي يتزعمه جون اسبوزيتو وجون فول.
4/ عدم تفهـم بعـض المسلميـن لأطروحات التيـار المتفـهم، ومهاجمته عبر الانترنيت باتهامه بالترويج للإسلام على الطريقة الأمريكية.
5/ تضافر جهود القوى العدائية للعـرب والمسلمين (اليهـود) وجهود الجماعات المتشددة التي ترفض التعامل مع الغرب ـ باعتبار الاختلافات العقائدية ـ للترويج لتلك الأطروحة.
يكاد المطلع على مقال :"ماذا يتبقى من صراع الحضارات" يجزم بتلاشي النظرية ويعتبـر الحديث عنـها حديثا في الفراغ، من قبيل الحـديث عن العنقاء والغول والسعلاة، ولكن تلاشيها حقيقة يوجـب علينا أن نعـرض مضامين تلك الأطروحات، ونحاول مناقشة الأسس التي ارتكـزت عليـها، توازياً مـع الترتيب الزمني لصدورها، فتكون البداية من نهايـة التاريخ الفوكويامية التي أكـد صاحبها آنذاك :"أن الديمقراطيـة الليبرالية أصبحت بعـد انهيار الاتحـاد السوفياتي فكرة عالمية، ولابـد لبني البشر ولدول العـالم من قبولها شاءوا أم أبـوا، وأن جيوب المقاومة التي نلحظها في الصين وإيران وغيرها ليست إلا مقاومة لشتـات جيش مندحر وسوف لا نحتاج إلى وقت طويـل لدحرها، لأنـها مقاومة ضعيفة وغير واقعية ويكفي أن نصبر قليلاً لنشهد نهايتها "(7).
و ما دام المثقف أو المفكر أو السياسي يعبر بطريقة شعورية أو لا شعورية عن قيم جماعة ينتمي إليها . فإن فوكوياما شكل ذلك الوعي الجماعي، وعبر عنه عبر الحلـم الغربي بتحقيـق الهيمنة والتفوق، وتأكيـد الذات من خلال التيموس (*)، خلاصة الرغبـة والعقـل في تحقيـق الاعترافـات المجازية بالقيمة والجدارة ـ على رأي جميـل قاسم ـ وهو الحلـم الذي لا مشـروعية ولا منطقيـة ولا موضوعية له إلا على مستـوى الذهن الفوكويامي، المنتشي بنهاية الحرب الباردة وتضعضع المعسكر الشيوعي، والذي يندثر من ناحيتين، ناحية استحضار تاريخ الغرب الذي نشد المدينة الفاضلة، والوصول إلى عالم مطلق من العدل والمساواة (أمريكا) وصول سيطرت فيه الذات دون رقابـة العقل، قاد في المحصلة إلى إبادة الهنود الحمر، وحول المقهور الهارب من بطش الكنيسة إلى قاهر للحرية، كما أدت تلك الرغبة في تحقيـق رسالة الرجـل الأبيض المعتمـدة على دكتاتوريـة الحلم والفكر اليوتوبي إلى اختزال وإضمار العداء للآخر، ومن ناحية ثانية يؤكد الواقع بعـد تصفح الخارطة الجيوسياسيـة أن جيـوب المقاومة تلك مازالت فاعلة أيام الأطروحة وبعدها إلى يومنا هذا، تلعب دورها في صنع مستجدات المشهد العالمي والخارطة الجغرافية لمنطقتي الشرق الأوسـط والأقصى، ولا أدل على ذلك من انبراء إيران ـ وفي زمن الإصلاحيين ـ لتكون القاعدة الخلفية التي تقف وراء صفوف المقاومة الباسلة في الجنوب اللبناني، المنتقمة للكبرياء العربي الإسلامي من البنت المدللة "إسرائيل"، كما شكلت دعماً معنوياً وما زالت للصمـود السوري في وجه الغطرسة الصهيونية أما عملاق آسيا النائم فإن نهوضه قد يكون بين فينة وأخرى، وما مشروع محاصرته اليوم إلا دليـل على بداية تململه، إذ :"تمثل الصين تنويعة على مقولة تجدد الحرب الباردة تلك، فهـي بمسـاحتها الهائلـة، وتعدادها السكاني الكبيـر، وجيشها الضخم وترسانتهـا النوويـة والتقليدية المعتبـرة، وبوضعها الاقتصادي القوي واستمرار نظامها الحزبي الشيوعي، تبقى عدواً محتملاً للولايات المتحدة"(8).
إن راهنيـة القراءة جعلـت الطـرح الفوكويامي نبوءة تستعاد، لا تختلف عن مقولات الماركسيـة التي لم تبلغ حتى درجة الإيديولوجيا الساعية إلى الربط بين الفكر والواقـع ربطاً قريباً من التطبيـق، مختزلة الواقع لصالح فكرة الهيمنة والتفوق، فكانت وعياً زائفاً يعمـق ويكـرس عدم المساواة الاجتماعية، ويحقق مصالح القوى الكبـرى، وتبريـراً للفكر المسيطـر ونمط الإنتاج السائد بعلاقات الهيمنة والخضوع، فمحمد عابـد الجابري يذهب إلى أن عمليـة الربـط بين الفكر والواقع تمر بمرحلتين:
1/ تحليل الواقـع تحليلاً يهـدف إلى الكشـف عن بنيتـه إلى استخراج ثوابته ومتغيراته واستخلاص نموذجه الصوري.
2/ تحليل الصـورة المرآوية المشـوهة، أي صـورة الواقع "العامية" كما يراها تنعكس في وعي الناس "مطلـق الناس"، وإعـادة مفصلتهـا وترتيب العلاقة بين أجزائهـا لاستخلاص صيغتهـا (العالمة)، أي الصورة التي تؤسس الوعي الطبقي الصحيح .
ويؤكد أن عـدم اعتماد هاتين العمليتين يصبح الربط الجدلي بين الفكر والواقع ربطاً مرآوياً ساذجاً في أحسـن الأحوال، يتعـامل ميكانيكياً مع الظواهر الإنسانية المعقدة المتموجة المتطـورة، وكأنها ظواهر طبيعية صماء جامدة قارة، ظواهر الجسم الصلب، وذلك مما يطرح تساؤلاً على فوكوياما، أليست عملية الربط بين فكرة المنتشي ودنيا الواقع ربطـاً آليـاً يختزل الوقائع، ويتعامل معها تعامل الفيزيائـي المنتقل إلى الحكـم على الكل من خلال الجـزء ؟ فهـل يعني اندحار وتضعضـع الاتحـاد السوفياتي انتهـاء المقاومة، وإذابـة الخصوصيات الثقافية والحضارية والتسليم بالنموذج الليبرالي كنموذج أمثل للحضارة القادمة ؟
لقد أفضـت عملية الاختـزال تلك ـ و هي دون شـك الأولى ـ بالحلم الفوكويامي الحامل لبذور الديكتاتورية، إلى مقولات جوفاء، تسعى لفـرض الحيز الجبري الذي جاهدت الذات الأوروبيـة المتعجرفة منذ بكرة أبيها للتخلص منه في ثورة أحدثها التنويـر، في إن كل مرة تحقق فيـه الذات الأوروبية المغرورة حيزاً من الحرية تجعلها رهينة سجن آخر، وكل مرة تظن أنها كسرت قيود وأغلال سجن تجد نفسهـا في آخر أدهى وأمر، من سجن الطبيعـة (المعادلات الرياضية) إلى سجن العقل مع الفلسفة المثالية، إلى سجن الشك والعدمية (فلسفة النيتشوية)، وانطلاقاً من ذلك فالدعوة الفوكويامية "نبوءةً تبشر بدين جديد والويل لمن لا يؤمن به أو يرتد عنه، إنها العولمة التي تخلى فيها الغرب عن مقولات الحياد والحرية والموضوعية وحقوق الإنسان، وانزلق إلى القالـب الجبري الذي لا خيار لأحد في التمرد على قوانينه الحتمية الصارمة" (9).
فالهيمنة عبر تأكيد الـذات هدف الغرب الذي لا يتوانى عن بلوغه ولو كان ذلك عبر الخرافـة والأسطـورة واليوتوبيـا ،يوتوبيا ذهب حلف الناتو ليفعلها براغماتياً فأعطـت أكلها عملياً فكـانوا حفارين للقبـور ـ على رأي غارودي ـ لا يختلفون عن الدكتاتوريات الشيوعية، مما أحال الأطروحة، إلى :"نبوءة أكثر صخباً من حتميـة ماركـس، والقائمون علـى تطبيقهـا وفرضها أكثر بطشاً من ستالين ولينين وحكومات العنف الثوري المدججة بالسلاح والإيديولوجيا"(10)
وإذا تعلق الأمر بأطروحة هنتنجتون فإن مراجعتها من قبل صاحبها والردود التي تلت صدورها، أدت إلى خبوت جذوتها، لتكون الأحداث الأخيرة فتيل اشتعالها من جديـد من طرف صناع القـرار الأمريكي، خاصـة المؤسسـة اليهودية التي استطاعـت أن تروض المتخيـل الغربي وتصيب سويـداء قلبـه، من خلال فن الصورة وصناعـة الأفـلام فـي هوليود، المنتجـة لصورة نمطيـة عن العرب والمسلمين خدمت بها صراعها في الشرق الوسط :" هذه هوليود ليس من عادتها المرافعة عن حقوق الشعوب، ولا رسالة فكرية لها سوى الترويج لأسطورة التفوق الأمريكي، وقد يغتفر لهـا أن ما تتضمنه أفلامها من إساءة للفلسطينيين أو العرب عموماً ليس سوى نسخة مكررة لصـورة الإساءة، التي تحملها الأفلام ذاتها لأغلب بقية شعوب الأرض من فيتنام إلى أمريكا ومن روسيا إلى الصين "(11)
وهكذا اضطلعت كل الوسائل المتوفرة لدى الجماعات الضاغطة(اللوبيات)التي تتولى صنع القرار بتشكيـل العـدو المرتقب، الذي دغدغت به أطروحة هنتنجتون أحاسيس الإنسـان الغربي المتلهـف لتحقيق إنشاءات جديدة، تفرض تلك السيطرة والهيمنة على العالم واقعـا موضوعيـاً يرضي مـن خلاله غروره وغطرسته.
وظهر العدو الجديد بعد توجه أصابع الاتهام إلى الإسلام، أي تذكرت شرائح المجتمـع الغـربي المتلهـف لتحقيق إنشـاءات جديـدة المـترسب التاريـخي و تاريخ العلاقات المشوهة، على لسان الرئيس الأمريكي بوش (الابن) الذي أعلن تجدد الحروب الصليبية من منطق اللاوعي الجماعي.
إذا اعتمد هنتنجتون أوان صدور أطروحته على جملة من الأطر الاستشرافية التي أكدت اندلاع صراعـات بين الحضـارات (الإسلامية/ الغربية/ الأرثوذكسية) تحقق بعضها في بعض بقاع العالم :"فالصراعـات في يوغسلافيـا بين المسلمين و الصـرب والكروات هي صراعات بين الحضارات الإسلامية والأرثوذكسية والغربيـة، وحرب ناجورنوكاراباخ هي صـراعات بين المسلميـن الآذارييـن والأرمـن الأرثوذكس"(12) ولا يعنـي بأي حـال من الأحوال أن وقوع بعض الصراعات المفترضة تأكيد لصحة الأطروحة وموضوعيتها، فالحجر الأساس في بنائها هو حجر هش، فهذا مفهوم الحضارة يطلقه هنتنجتون على عواهنه ليزيد من إيديولوجية الأطروحة، فالفرق الجوهري بينه وبين الدين ماثل في أن الحضارات تدمر وتقوم على أنقاضها أخـرى، ولكن الديـن يبقى ما بقيت حياة الإنسان فوق الكون، فالإسلام والقول لرئيس تحـرير العربي : "اليوم يبقى ديناً وليس حضارة ذات دولة مركزية تقودها في مواجهـة الحضارات الأخـرى، والحضارات تقوم وتزدهر ثم تهزم وتأفـل، ولكن الديـن يبقى جزءاً جوهرياً من النسيج الروحي المكون للبشر، ولا يمكن لأحـد انتزاعه"(13).
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أي الحضارات يتكلـم عنها هنتنجتون؟ ونحن نعرف أن المفهوم السائد للحضارة في الاستعمالات الأكاديمية هو مفهوم الحضارة عند "الكسيس كارليل" الذي يؤكد على ضرورة توازن الجوانب الروحية في أي عمران بشري، والمتصفح لتاريخ الغرب وتحولاته الفكرية والمعرفيـة التي صنعت حاضـره وجعلته يحلم بنهاية التاريخ، يدرك أن قيام حداثتـه كانت على أنقـاض القطيعة مع الدين والجوانب الروحية، قطيعة تجلت من خلال التسمية من "العالم المسيحي" إلى "الحضارة الغربية" إذ :"لم يظهر مصطلح (الحضارة الغربية) إلا في أوائـل القرن العشريـن وهو مصطلح ينطوي ضمناً على الوعي بأن هذه الحضارة على النقيض من الحضارات المهيمنة التي لا تضع الدين في مكانة محورية بالنسبة لها "(14).
لا شك أن هنتنجتون وبعد سنوات أدرك الفوارق الجوهرية بين الدين والحضارة، بعدما ظل مفهومهـا يلتبس بمفهوم الثقافة، انطلاقاً من تعريف إدوارد برنيت تايلور الذي عرفها في كتابـه (الحضارة البدائية) بأنها :"تشمل المعارف والعقائد والفن والأخـلاق والقانون والعادات وكل المؤهلات الأخرى التي تمكن الإنسان من أن يكون عضواً في مجتمـع معين "(15)، وهو الإدراك الذي دفع به إلى مراجعة أطروحته وبالتالي مراجعة فكـرة "الصدام الحتمي " ذات العلاقة الوشيجة بنهاية التاريخ، إذ يقول :"إن نظريتي السابقة عن الإسلام التي ذكرتها في كتابي (صراع الحضارات) وقلت: إن الإسلام سينتهي أمره لا محـالة، أدركت فيما بعد أنها كانت خاطئة، لقد أخطأ من قبلي علماء آخرون... من أمثال (أجناتس تسيهر) الذي زعم أن الإسلام كدين ودولـة انتهى يوم ألغى مصطفى كمـال الخلافة، ولكن الأحداث الأخيرة أكدت على أن الحضـارة الإسلاميـة لم تنته بعد بل، هي قابلة للتجدد"(16).
إن التعديل والتغيـير في الطـرح يعني اختلال العلاقة بين الفكر والواقع وخضوعه لراهنية القراءة، فقد اندثـرت الخلافة العثمانية ومفهوم الخلافة في حد ذاته، ولكن الإسلام بقي وسيظل إلى الأبد متغلغلاً في أبسط مظاهر الحياة، يعتري معظم صفحات النشاط الإنساني على صور شتى، في إطاره المتطرف أو المعتدل اللذين لا يسلم منهما أي فكري بشري أو نشاط حضاري، وهو التطرف الذي يتجلى بصورة واضحة في الأطروحة الأخيرة للأمريكي "كنيشي أوهمال Keniehi Ohmal " دين أمريكـا (العولمة) البديـل عن النمـط الاستعماري الغربي الذي انتهت إليه الرأسمالية ،فهي أطروحـة التبشير بالنمط الأحادي للعالـم الذي يحمل هذه المرة الطابع الاقتصـادي، أي سيتـولى الرباعي المقدس (الاستثمار،رأس المال،اليـد العاملة،المعلوماتية) اختزال الخصـوصيات والفوارق الثقافيـة والعقائدية وتكسير الحواجـز القومية معلناً اندثارها :"إنكم على خطأ،سـارعوا إلى التكيف مع حكم انفجار المعلومات العالمي وبخاصة في مجـال الاقتصـاد، واتركوا عشق التحكم المركزي والصالح القومي، حيث أصبحت هنالك حرية لرباعي مقدس هو الاستثمار ورأس المال واليد العاملة والمعلومات وسقوط شعارات القومية والولاء الوطني والعرقي والديني "(17).
والبديـل المقـدم للـدولة القوميـة هـو الدولة المناطقية، التي ستتولى الشركـات المتعددة الجنسيات عبر الرباعي المقدس تأسيسها ،رافعة شعار"المنطق العالمي أولا"مـن خلال تشكيل فضاءات اقتصـادية تختزل فيها الثقافات وتقـدم التنـازلات بجميـع أنواعهـا لصـالح الاقتصـاد القـوي مثل "هونـغ كونـغ" و"سنغافورة"و"ماليزيا"و "تايوان" .
إنها نهاية التاريخ بمنطق الاقتصـاد، حيث:"يصبح المحـك الرئيس لحركة الشركات المتعددة الجنسيـات هو : "خدمة الأسواق الجذابة، والتواصل مع معين الموارد حيثما يوجد، وتنقل الشركات الوافدة معها بجانب رأس المال الاستثماري التقنية والدراية الإدارية، وتمتطي صهوة تكنولوجيـا المعلومات لتخترق بها كل حصون العقبـات التي تحـول دون المشـاركة والتحـالف الاستراتيجي عبر الحدود"(18).
وهكذا بمنطق الدولة المناطقية تخضع الدول القومية لاختراقات اقتصادية، بدعوى الاستفـادة من الأطر الجبائية لزيـادة ميزانياتها ومداخيلها السنوية، غير أن انسحاب الشركات المتعددة الجنسيات يضطر تلك الدول إلى تقديم تنازلات خاصة السياسيـة منها، فتتخـلى عن تحالفاتهـا الاستراتيجيـة للـدول المالكة وللشركات المختـرقة لتغطية عجزها، وما أزمة مشروع النمور الأسيوية سنة 1999 الذي كاد يتدمر بعد الانسحاب المفاجئ لأصحاب الأسهم الممولة للمشروع، فقد انطلق انطلاقة اقتصـادية ضخمة في بدايته، انتعشت مـن خلالها الأسواق المالية، وأحدث ذلك ديناميكيـة للاقتصـاد، غير أن ضلـوع رجـال الأعمال الأمريكان ( اليهود ) في إغراقه، حال دون استمرار قوته الاقتصادية حيث عمـد أولئك إلى :
1/ ـ الطلب المتزايـد على الأسهـم ( شراء الأسهـم بكثافة ) بمعنى كلما زاد الطلب ارتفعت الأسعار.
2/ ـ توقيف الطلب المتزايد بإيعاز منهم، فانخفضت الأسعار والأسهم والسندات، مما أدى إلى انهيار تلك الميزانيـات والمداخيـل المبنيـة على أساس الأطر الجبائية المحصلة ونتيجة لارتباطـها ببعضها اقتصادياً فقد تـأثر الكل بألـم الجزء مما جعلها تلجأ إلى بعض الحلول السريعة لرأبه .
والمتأمل لأساس الأطروحة الأخيرة هذه يدرك حتمية المصير الذي سوف ينقاد إليه العـالم شاء أم أبى على هدى الحتميـة الماركسيـة والأطروحتيـن السابقتين ( فوكوياما وهنتنجتون ) ’ إنها يوتوبيا السيطرة والخرافة وتحقيق الغاية المرجوة بكل الوسائل ’ وتبشيـر لا يستنـد إلى حقائق علمية وبحثية راسخة، وإنما إلى بعض الحقائـق والقراءات الوقتيـة للواقع وتطوراته بعـد انهيار الاتحاد السوفياتي، فالكـاتب ( كنيشي أوهمال ) وبعد ثورتـه على طرح فوكوياما والقول بخطئـه، راح يقـول : " والأدهى والأمر أن البعض يقدم للدول القومية وساستها قراءات خاطئة، تزيدهم إمعانا في التفكير المنبت الصلة بحقائق الواقع المتطورة ’ ففرانسيس فوكوياما يقـرأ انتهاء الحرب الباردة بيـن النمط السوفياتي من الشيوعية والنمط الغربي من الديمقراطية الليبرالية على أنه نهاية التاريخ، في حين أن وضـع تلك الحـرب أوزارها هو البداية الحقيقية لدخول جمهرة من الشعوب من كل أرجاء المعمورة إلى ساحة التاريخ " (19).
ليقرأ هو أيضاً الوضع من الموقف نفسه، لأن التفوق المعلوماتي والاستثماري إذا ما استثنينا اليابان هو ملك للأقوى ( الغرب ) المنتشي بانتصاراته على أعدائه.
على الرغم من فرض الأمـر الواقع على دول العالم، فالعولمة دين الغرب الجديد الجدير بالاحترام والتقدير والقبول، يلاقي اليوم المعارضة الشديدة من أهلها مرتدين عنها، نتيجـة لتحكم رأس المال في ضوابط تلك الدولـة المناطقية، مما استعبـد إنسان الحداثة وقتل إنسانيته وحوله إلى قطعة غيار، فقد انعكست النتائج ضداً على المقدمات، فبدل أن يتحرر الإنسـان ويصبـح سيداً ظهر سيد جديد ليستعبده، وهذا السيد الجديد هو الرأسمال فالرأسمالي ليس إنساناً بل هو رأسمال مشخص، هكذا قال صاحب كتاب رأس المال" (20) .
وقاد ذلك في نهاية المطـاف إلى تطـرف فردي وجمـاعي نتيجة رغبة الذات الجامحة في تأكيد تفوقها دون رقابـة العقل ، ظهر ذلك بداية في حركة الاستعمار والحربين العالميتيـن الأولى والثانيـة، وتلقفته العولمة ليشهد العالم مظاهرات مناهضـة مزورة عـن الدين الجديـد، فقد : "استمرت الثقافات المضادة في عصر العولمـة في تظاهـرات سياتل وبـراق ولندن وباريس ودافوس وجنوة ، ترفض البون الشاسـع بيـن الأغنياء والفقراء، والهيمنة باسم ثورة الاتصالات والعولمة باسم العالم قرية واحدة " (21)
و هكذا فصراع الحضارات حقيقة يقينية يقرها النص القرآني من خلال سنن التدافع، ولكن طرحها بوجهة النظـر الغربية يبعدها عن الحقيقة العلمية، وينأى بها عن الموضوعية، ويجعلها قراءات راهنـة لأوضاع متغيرة، لتصبح استراتيجية هيمنة جديدة عبر الخرافة والأسطورة واليوتوبيا، مواصلة لفكرة التمركز حول الذات الطامحـة لاختـزال الآخر المختلف، والوصول إلى المدينة الفاضلة ولو كان بحفر قبور الإنسانيـة بواسطة حلف الناتو، الذي استطاع في الكثير من الأحيان تفكيك معظم التكتلات القومية كمنطقة البلقان، مثيراً النعرات الدينية والخصوصيـات الإيديولوجـية التي تنتهـي إلى سيادته على المنطقة فارضاً في كل مرة قيمه على الآخرين ولو بالقوة .
الإحـــــــالات :
(1) ـ عبد العزيز حمودة : المرايا المقعرة ، نحو نظرية نقدية عربية ، ع272 ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت ، أوت 2001 ص 198
(2) ـ أحمد محمود صبحي وصفاء عبد السلام جعفر : في فلسفة الحضارة (اليونانية ، الإسلامية ، الغربية ) ، ط 1 ، دار النهضة العربية للطباعة والنشر ، بيروت ، لبنان 1999 ص 195
(3) ـ مصطفى محمد الطحان : " هل هي نهاية التاريخ " مجلة المجتمع الثقافي ، ع1313 ، ربيع الآخر 1419هـ / 1998 بيروت ، لبنان ص 46
(4) ـ خضير جعفر : " نحن وفوكوياما ونهاية التاريخ " مجلة المجتمع الثقافي ،ع1313 ، ربيع الآخر 1419 هـ / 1998 بيروت ، لبنان ص 45 .
(5) ـ كنيشي أوهمال : " نهاية الدولة القومية " عرض داوود حسن ، مجلة المجتمع الثقافي ع 1308 ، ربيع الأول 1419 هـ /1998 بيروت ، لبنان ص51.
(6) ـ سليمان العسكري : " ماذا يتبقى من صراع الحضارات " مجلة العربي ، ع518 ، شوال 1422 هـ / جانفي 2002 ، الكويت ص 10 .
(* ) ـ جاء ذلك في حوار أجراه معه هشام العوضي في لندن ، مجلة المجتمع الثقافي ، ع 1274 ، رجب 1418 هـ / 1997 بيروت لبنان ص 46 .
(7) ـ خضير جعفر : " نحن وفوكوياما ونهاية التاريخ " مجلة المجتمع الثقافي ،ع1313 ، ربيع الآخر 1419 هـ / 1998 ، بيروت ، لبنان ص 45 .
(*) ـ كان أفلاطون في الجمهورية قد رأى أن الكائن يتكون من ثلاثة مركبات :جزء عاقل وجزء راغب وفسر بعض السلوكيات باندماج العنصرين ( الرغبة والعقل ) أما التيموس فهو خلاصة الرغبة والعقـل في تأكيد الذات وطلب الاعتراف المجازي بالقيمة والجدارة والتحقق .
(8) ـ سليمان العسكري : " ماذا يتبقى من صراع الحضارات " مجلة العربي ،ع518 ، شوال 1422 هـ / جانفي 2002 الكويت ص 10 .
(9) ـ خضير جعفر : " نحن وفوكوياما ونهاية التاريخ " مجلة المجتمع الثقافي ، ع 1313 ، ربيع الآخر 1419 هـ / 1998 بيروت ،لبنان ص 45 .
(10) ـ مصطفى محمد الطحان : " هل هي نهاية التاريخ " مجلة المجتمع الثقافي ، ع 1313 ، ربيع الآخر 1419 هـ / 1998 بيروت ، لبنان ص 45 .
(11) ـ مقال في جريدة الخبر الأسبوعي الجزائرية تحت عنوان " القضية الفلسطينية في السينما الغربية غائبة في أوروبا ومشوهة في أمريكا " الاثنين 19 أوت 2002 الموافق لـ10 جمادى الثانية 1423 صاحب المقال رمز شخصه ب (ع.ت) ص 13
(12) ـ سليمان العسكري :"ماذا يتبقى من صراع الحضارات " مجلة العربي، ع 518، شوال 1422 جانفي 2002 . الكويت ص 13
(13) المرجع نفسه ص 11
(14) المرجع نفسه ص 12
(15) محمد سيد أحمد :" تصاعد الإرهاب وصدام الحضارات" مجلة العربي ع 518، شوال 1422 جانفي 2002 الكويت ص 153
(16) مصطفى محمد الطحان :"هل هي نهاية التاريخ " مجلة المجتمع الثقافي ع 1313، ربيع الآخر 1419ه /1998 ص 45
(17) كنيشي أوهمال :"نهاية الدولة القومية "عرض داوود حسين، مجلة المجتمع الثقافي ع 1308 ربيع الأول 1419/1998 ص 51
(18) المرجع نفسه ص51
(19) المرجع نفسه ص 51
(20) محمد مزوز :"أزمة الحداثة وعودة ديونيزوس " مجلة فكر ونقد ،ع 02 أكتوبر 1997 الرباط المغرب 1997 ص 19.
(21) حسن حنفي :" الغرب وأزمة البحث عن عدو " مجلة العربي ع 518 شوال 1422 جانفي 2002 الكويت ص 136 15