شعار الموقع

منتدى أصدقاء القلم بالقطيف : حفل تأبين في ذكرى أربعينية السيد فضل الله

قسم التحرير 2012-10-03
عدد القراءات « 1049 »

أقام (منتدى أصدقاء القلم) بالمجيدية في محافظة القطيف شرق المملكة العربية السعودية، مجلسًا تأبينيًّا في ذكرى أربعينية السيد محمد حسين فضل الله، مساء الأحد: 27 شعبان 1431ه/ 8 يوليو 2010م.

وقد بدأ الحفل، الذي شارك فيه نخبة من المثقفين، بقراءة الفاتحة على روح السيد، ثم ألقى الشاعر ياسر الغريب قصيدة بعنوان: «يا مرجعًا للحبِّ»، اخترنا منها هذه الأبيات:

يا عازفًا بالناي روحانية

في حين أضرمتِ الحروبُ طبولا

لله كمْ تحصي جراحَ الأرض مٌذْ

«قابيلُ» حزَّ شقيقَهُ «هابيلا»

لن تستريحَ من الأذى إلا إذا

انتفضَ الثرى وأزاحَ «إسرائيلا»

إلا إذا عُدْنا لبسملةِ الهد

وتنفستْ أيامُنا التهليلا

لغةٌ معاصرةٌ على شفةِ الدُّنا

ينسابُ معجمُكَ الثريُّ جزيلا

تستلُّ ما بينَ الأضالع ِوالحشا

قلمًا شحذتَ به النفوسَ صقيلا

حتَّى إذا مارستَ أقدسَ حرفةٍ

فاضتْ كتاباتُ الرَّشادِ سيولا

لتخطَّ في «دنيا الشبابِ» مصائرًا

وتدير من «فقهِ الحياةِ» دليلا

و«البيناتُ» تبثُّ أخبارَ الضُّحى

وتقارعُ التزييف والتضليلا

وتركتَ غاباتِ الكلامِ قطيعة

مذ كنتَ من صيغِ الفعال فعولا

و«مَبَرَّةٌ» أعلى الحنان فتحتَها

فإذا اليتامى تستحيلُ خميلا

وأعقبها نص نثري للكاتب عبدالإله التاروتي ختمه قائلاً: أيتها الوردة المطمئنة، بزغ فجرك، فاخلع نعليك وأسبغ وضوءك، فالمصطَفون الأخيار، وحدهم يولدون مرتين، الأولى كما الآخرون، والثانية ساعة يرحلون، فاضرب بعصاك البحر، واقطف بيمينك ثمار السبعين آية ومعها رضوان من الله أكبر، لربيع لا خريف معه، وإشراقة شمس لا تعرف الأفول، لأنك وأنت الخبير الحاذق بأن سرّ النصر والتجلي يتخلق في رحم الواقع خلقاً بعد آخر لتجعلها بفضل الله كلمة باقية.

كما شارك الشاعر هادي رسول بقصيدته «لستَ في الموت»، ومما قال فيها:

عجباً...

كيف احتوت روحُك أضدادَ الثنائياتِ... بأساً وندى!

ليسَ تحويكَ الجهاتُ الستُّ

قل لي: كيف كوَّنتَ على الصحراءِ ظلاً

وفرشتَ الرملَ عُشباً أغيدا

ياترى.. كيف أقامَ الحبُّ في روحِكَ قلباً

فاستوى خافقُك الورديُّ محراباً

وأسرجتَ نُهى التنويرِ في الدنيا

وشيَّدت بها ركنَ الحوارِ معبداً

وكانت لعضو هيئة تحرير مجلة الكلمة الكاتب حسن آل حمادة كلمة بعنوان: «خطوات على طريق فضل الله.. الصالح المصلح»، قال فيها: إن السيد فضل الله عنوان يجمع المؤتلف والمختلف تحت راية الإنسانية، بعيدًا عن العناوين الدينية أو المذهبية والحزبية الضيِّقة.. فـ«الناس –كما تعلّم فضل الله، من مولاه أمير المؤمنين (عليه السلام)- صنفان، إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق»! وأضاف قائلاً: ومن فكر السيد فضل الله ورؤاه تشكل وعيًا، دينيًّا وحركيًّا ملأ المعمورة، لذا فإن رحيله عنّا، يمثِّل غيابًا جسديًا/ ماديًّا، لا أكثر، ومثل فضل الله يبقى عصيًّا على الموت، بما قدَّم من عطاء، تجاوز ساحة لبنان، وهو البلد الصغير مساحة، والكبير حضورًا وعطاءً ومقاومة.

ونوَّه آل حمادة إلى جانب مهم في شخصية السيد فضل الله، وهو «اهتمامه بالتفسير الحركي للقرآن الكريم، فقد أسهم -كما يقول- بتقديم ثروة قرآنية فريدة في أسلوبها، تميزّت بأصالتها وحداثتها في الآن نفسه؛ إذ قدّم فكرًا قرآنيًّا يسع الوجود، ولم يقصر تناوله المفردات القرآنية بطريقة تقليدية، تتمحور في تبيان سبب النزول، أو استظهار النكت اللغوية أو المعنى الروائي والفلسفي وغير ذلك! بل استنطق القرآن ليعالج من خلاله واقعنا المريض والمكبل في معظم جوانبه. لذا وجدنا أن الثقافة القرآنية التي قدَّمها السيد فضل الله، دفعت العاملين في الساحة الإسلامية، لأن يتجاوزوا الحالة الانهزامية التي تجعلهم لا يفكرون أبعد من أرنبة أنوفهم، أو تدفعهم للتخندق في أُطر حزبية منغلقة، تكرس فيهم حالة من رفض الآخر وشطبه من حق الوجود، وكأن الساحة على سعتها، هي حرمهم الآمن، ولا يحق لأيٍّ كان أن يرفدها بما من شأنه الارتقاء بواقعها نحو الأفضل»!

يذكر أن التأبين تميز بمشاركات نقاشية ساخنة لنخبة من المثقفين، منهم الحاج أبو معمر السليمان، والشاعر قيس المهنا، والأستاذ غسان الشيوخ، والأستاذ باسم البحراني، والأستاذ بشير البحراني والشاب بدر السليمان. ودار النقاش حول الأساليب العملية: التقليدية والمعاصرة لعلماء الدين، إضافة للعقبات والصعوبات التي يواجهها المصلحون في مجتمعاتهم عادة. واتفق الحضور على أن السيد فضل الله من أبرز رجالات الصحوة الإسلامية، كما أنه حاز على مؤهلات قلّ أن يحوزها غيره، فهو أمير من أمراء البيان، كما أنه من الشعراء المجيدين، ومن المفسرين البارزين، وأحد رعاة الحركة الإسلامية، وهو في طليعة آباء المقاومة الإسلامية.

الحفل التأبيني لرحيل السيد محمد حسين فضل الله (رحمه الله) بالقطيف

دعوة للسير على نهجه الإسلامي المنفتح

تقرير: محمد آل محسن

تحت شعار «الفقيه الإنسان»، أقيم في محافظة القطيف شرق السعودية مساء الأربعاء 20/ شوال/ 1431ﻫ الموافق لِ 29/ 9/ 2010م حفلاً تأبينيًّا للراحل السيد محمد حسين فضل الله (رحمه الله). وقد شارك في الحفل الذي أقيم في مجلس المبارك بالقطيف العشرات من رجال الدين من القطيف والأحساء والمدينة المنورة بالإضافة إلى مشاركة علمائية من الكويت والبحرين، مع حشد كبير من أبناء المنطقة.

نجل الفقيد السيد جعفر فضل الله: التواضع وقربه من الناس كان من عناوين الفقيد الكثيرة

وكانت بداية الحفل انطلقت بعرض كلمة وجدانية مسجلة للسيد جعفر فضل الله نجل المرجع الراحل (رحمه الله)، استهلها بقوله: «إنه من الصعب أن يؤبن الابن والده، وإن هذا لصعب المنال، ولكن حسبنا هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي وصفه القرآن الكريم ﺑ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّين﴾، فقد كان رسول الله قدوته ونهجه في حياته فكلما تكالبت عليه الأزمات كانت كلماته: «إني ظُلمت كما لم يُظلم أحد، ولكني أحبهم لأني ربيتهم، وأشعر بأبوتي لهم جميعًا».

وأضاف السيد جعفر فضل الله مخاطبًا والده: «إن التواضع كان عنوانًا من عناوينك الكثيرة، وقربك من الناس وخدمتهم حتى وأنت ترتقي بهم في روحانيتك، فها نحن نكتشفها اليوم أكثر، فأنت لا تشعر في نفسك إلا أفقر الفقراء إلى الله».

الشيخ التسخيري: فقدنا العلامة الإنسان، ففقدنا به مفكراً يصنعه عقل مبدع

وفي كلمةٍ ألقاها نيابة عنه رئيس اللجنة المنظمة للحفل سماحة الشيخ حسين المصطفى أكد الشيخ محمد علي التسخيري أن المرجع الراحل فضل الله كان من الرجال الأفذاذ الذين أثَّروا برحيلهم في نفسه كالإمام الخميني والإمام الصدر والشهيد مطهري، فقال في حقه: «فقدنا العلامة الإنسان، ففقدنا به مفكرًا يصنعه عقل مبدع، ومتحرّقًا عاطفيًّا يقوده فكره، ومتحركًا كأجمل ما تكون الحركة يقوده قلبه، ومتحسسًا للواقع، بأروع ما يكون التحسس وأرهفه، تقوده إرادته الحرة المتمرّدة على كل قيد موهوم، أو عرف مصطنع، أو تقليد أعمى، أو ضغط ظالم أو صنمية متوارثة، أو انزوائية غير عرفية».

وأضاف: «من عرفه عرف فيه أنه كان مفكرًا يهديه عقله إلى نظريات وأطروحات يفترضها أولاً، ويقيم عليها الدليل بروح اجتهادية-وهو المجتهد الحق الذي درس على العلماء الأفذاذ في النجف من أمثال الأئمة الخوئي والحكيم والشاهرودي والحلي-، فإذا تمت عملية الاستدلال تفاعل معها وآمن بها وراح يصرح بها بقوة دون أن يمنعه مانع أو يوقفه معارض، إنها حقيقة شهدناها في مختلف مواقفه التي أعلنها دون مواربة».

وشدد سماحة الشيخ التسخيري على أننا «سواءً اتفقنا مع (الراحل) أم اختلفنا في الاستنتاج والاستنباط فإن علينا أن نُكبر ونُجل هذه الروح، لأنه المطلوب المفروض من الإنسان. المهم أنه كان أصيلاً في فكره، معتمدًا على الدليل القوي، منظّرًا بعيد النظر يصوغ فكرُه عاطفتَه، فتملأ عاطفتُه وجوده، وينطلق من هذا الجو كل سلوكه الحياتي، بإرادة قوية لا يقف أمامها شيء».

واستعرض الشيخ التسخيري شخصية السيد فضل الله في عدة أوجه، منها: عطاؤه على الصعيد الفقهي، حيث أجاز التبعيض في التقليد، واعتمد قاعدة مساواة المرأة للرجل في الحقوق والواجبات، وأفتى بطهارة الإنسان عمومًا، وحرم العادات المبتدعة في مراسم العزاء، واعتمد الحسابات الفلكية لتحديد بدايات الأشهر القمرية.

وعلى الصعيد الفكري رأى سماحته أن الراحل آمن بقضية الحوار أيّما إيمان، ودعا للحوار مع الغير مهما كان، ولكنه حوار واعٍ لا يفسح المجال للاستغلال مما ينحرف به عن دوره الأساس. وآمن بالتقريب بين المذاهب الإسلامية وعمل له بما يستطيع. وله أفكاره الرائعة في هذا المجال، فهو يعتبر (المذهبية) مجرد وجهة نظر في فهم الإسلام، ويدعو إلى إيجاد واقع تقريبي على صعيد الجماهير وعدم الاقتصار على النخبة، وأمثال ذلك.

اما في المجال السياسي، قال سماحة الشيخ التسخيري أن الراحل «حدّث عنه بكل قوة، واستعرض مواقفه المميّزة بالنظرة الصائبة والموقف الاستراتيجي، والصلابة والثبات، رغم كل المؤامرات المعادية التي تعرض لها، مما أنتج أحيانًا العشرات من الشهداء، والمئات من التهم والمواقف العدائية الظالمة حتى من المقربين إليه، ومن أولئك الذين لا نتوقع منها هذا الابتذال في الموقف».

وأشار بقوله: «لقد آمن بالصحوة الإسلامية في هذه الأمة ونظّر لها في تأليفاته ومواقفه وخطبه، ودافع عنها، وزار الأقطار المختلفة وحضر المؤتمرات العالمية في الجزائر وإيران وأمريكا والغرب، وقد حضرتُ بعضها وشهدت مدى التوعية والتأثير الذي كان يحظى به. كما آمن بالحركة الإسلامية في كل مكان، ورآها أملاً في خلاص الأمة من وضعها البائس. وقد تجلّى ذلك في دعمه للحركة الإسلامية في العراق أيام سيطرة الشيوعيين والبعثيين، وبقي داعمًا لها فكريًّا وسياسيًّا وعمليًّا إلى نهاية حياته. لقد كان صاحب مدرسة حركية غذّت الكثيرين بالفكر الأصيل وكتابه (خطوات على طريق الإسلام) ينبئ عن ذلك».

ولفت سماحته الى أن الراحل «آمن بالثورة الإسلامية في إيران وقيادتها الرشيدة المتمثلة في الإمام الخميني الكبير (رحمه الله) وبعده الإمام الخامنئي، فنذر نفسه للدفاع عنها حتى آخر نفس». وذكر بمواقف الراحل من العدو الصهيوني قائلاً: «ومن جوانب حياته السياسية المميزة موقفه من النظام الصهيوني الغاصب لفلسطين، فقد نظر إليه عدوًّا أكبر لهذه الأمة، ورصد كل تحركاته وفضح كل أساليبه، وعبّأ الجماهير العربية والمسلمة ضده. ولم يألُ أي جهد في محاربته. وهو ما يفسر رعايته المستمرة للمقاومة الإسلامية البطلة في لبنان ليعتبر بحق الأب الروحي لها وليقول السيد حسن نصر الله قائد المقاومة: «لقد فقدنا اليوم أبًا رحيمًا ومرشدًا حكيمًا وكهفًا حصينًا وسندًا قويًّا في كل المراحل».

الشيخ الراضي: الفقيد كان مؤمنًا بأن المستقبل للإسلام.

وقال الشيخ حسين الراضي في كلمته التي ألقاها في الحفل: «إن المرجع الراحل كان يمثل الفكر النابض للعصر الحاضر»، مضيفًا: «أن همه وفكره وحركته كان دائمًا هو الإسلام» و«أن الطائفية والعصبية لم تكن في حركته أو في لسانه، بل كان الإسلام هو مايختزل فكر ونهج سماحته».

واستشهد الشيخ الراضي بقصة له مع المرجع فضل الله (رحمه الله) قبيل وفاته بفترة، قائلاً: «قلت له: سيدنا، إن المستقبل هو للفكر الذي تطرحونه، فكان جوابه: المستقبل للإسلام وليس لنا».

وتطرق الشيخ الراضي للقرآن الكريم في فكر السيد، ممثِّلاً بتفسيره (من وحي القرآن) الذي ألفه السيد فضل الله، وما كان يقوم به من ربط بين الآيات القرآنية وبين الأحداث التي تحصل في عصرنا الحاضر بشكل سلس ومبسط لكل الناس. كما أنه تطرّق أيضًا لموضوع الوحدة الإسلامية في فكر السيد فضل الله، مؤكدًا أن السيد كان يركز على المساحة المشتركة بين المسلمين، سواء كانت فقهية أو عقائدية أو جهادية، وليس ذلك منه تكتيكاً وقتيًّا كما يفعل البعض.

علماء دين: منهج الراحل اتسم بواقعية الطرح وتحسس أوضاع مسلمي العالم.

وألقى الشيخ علي حسن غلوم من دولة الكويت كلمة بهذه المناسبة تطرق فيها إلى أهمية تفسير (من وحي القرآن) وكيف كان يربطه بالإحداث الحاصلة الآن، مؤكِّدًا أن الراحل كان يقدم من خلال مرجعيته إجابات عملية وواقعية في الطرح، بعيدًا عن التعقيد الذي قد يصعِّب على الناس حياتهم العملية دون دليل شرعي واضح.

كما تحدث الشيخ كاظم العمري من المدينة المنوّرة عن مفهوم الوحدة الإسلامية في نهج السيد فضل الله، مبينًا أنه كان يقتدي بأجداده الأئمة (عليهم السلام) وذلك في مواجهتهم لمختلف المشاكل والخلافات.

بدوره، أشاد الشيخ حسن الصفار في كلمة مسجلة أن السيد الراحل كرّس حياته لجمع كلمة المسلمين ووحدتهم، مضيفًا أن فكر أهل البيت (عليهم السلام) كان له أثر كبير في فكر السيد فضل الله ونهجه من خلال تحسسه لأوضاع المسلمين، وبخاصّة في الأقطار التي تعرضت للاحتلال والظلم كالعراق وفلسطين وباكستان. كما أشاد الشيخ محمد حسن الحبيب بمزايا المرجع الراحل الفقهية والجهادية والسياسية.

وتخلل الحفل عدة كلمات عبر شاشة العرض لكل من: الشيخ محمد هادي معرفة، والسيد عبد الله الغريفي والدكتور محمود المظفر، وكلمة لرئيس الوقف الشيعي في العراق الشيخ صالح الحيدري تطرقت لمزايا وتاريخ المرجع فضل الله.

كما ألقى الشاعران جاسم الصحيح وحبيب المعاتيق قصيدتين بهذه المناسبة تناولت سيرة المرجع الراحل ومزاياه على مدى مراحل حياته الكبيرة.

اللجنة المنظمة: الفقيد كان داعية الإسلام الحركي وأحد أبرز منظريه.

بدوره ألقي الاستاذ عبدالله بن محمد آل داوود كلمة اللجنة المنظمة للحفل، ذكر فيها أن الراحل طبق شعار «أنا موكل بالإسلام أتَّبِعُه» في أحلك الظروف بمثابرة واستقامة تثير الإعجاب، واهبًا حياته لغرس بذرة الإسلام في نفوس خيرة، فأثمر مفاخر للإسلام والإنسان لا يمكن لجاحد أن ينكرها.

وشدّد على أن المنتمين لمدرسة الفقيد يجب أن يتخذوا المحبة شعارًا والوحدة دثارًا وملاذًا والحوار نهجًا، والإسلام ورضا الله غايةً وأمنيةً ليستطيعوا بذلك الانفتاح على الحياة كما أراد الله، مبيِّنًا أن الفقيد جسَّد الأصالة بأدق تفاصيلها في صورة معاصرة، وذلك بإخراجه للمفاهيم الإسلامية العظيمة من ركام التجربة الإنسانية التي تستبطن الممارسة الاجتماعية بكل مافيها من عقد وتراكمات وقصور إلى صفاء الحقيقة كما جاء بها الوحي وطبقها المعصوم.

وأضاف: إن السيد الفقيد استقى الإسلامَ من منابعه، وسعى ليبشر به ويزيح عنه غبار التخلف ليغدو مصنع الإنسان كما أرادته السماء ومنهج الكرامة التي تليق بالإنسان وسبيل السعادة التي يتطلع لها الإنسان، منوهًا بأنه كان يستوحي القرآن في رسالته ليؤصل الواقع في حركته، حتى كان داعية الإسلام الحركي لنصف قرن، وأحد أبرز منظريه.

وبَيَّن آل داوود معنى الإسلام الحركي بقوله: «إنه الإسلام الذي يتطلع إلى الحياة كلها ليحرك طاقاتها وليبدع فيها ولينطلق الإنسان متحملاً مسؤولياته، كما أنه المستجيب لحاجات البشر لهدايته والإجابة عن أسئلته حتى يبقى غضًّا طريًّا متجددًا عبر الزمن».

وذكر آل داوود أن الفقيد وقف ثابت القدم راسخ العزم أمام تخلف الداخل وضعفه وتحيزه وصمته وكل أمراضه وويلاته وهناته، مشيرًا إلى أن النوايا الحسنة في حياة الإنسان المسلم وحدها لا تكفي، إذ لا بد من المثابرة والهمة المضاعفة والإبداع الدائم لسلوك ذلك السبيل.

وختم آل داوود كلمته بقوله: «إن السيد دعوة تتحدى الموت؛ لأنه ذاب في رسالة السماء الخالدة، وهي رسالة الحياة الكريمة، آثرنا أن نقرأ السيد فكرًا ونتمثله منهجًا وسلوكًا ونخلده منارًا ودعوةً لنأخذ من هديه قبسًا نستنير به في ظلمة الواقع وعتمته، فكان هذا اللقاء الحزين في تأبين الفقيه الإنسان، والسيد الفقيد موجةً مباركةً في نهر الإسلام العظيم وكوثرًا عذبًا في دفق الولاية الهادر وإضاءةً مباركةً في شمس الصحوة الإسلامية المتصاعدة»، مضيفاً أن «قطيف الولاء والفكر والأصالة إذ تحتفي بأحد أبرز رموز الحركة الإسلامية فهي تعلن وفاءَها التليد لنبع الولاية العذب وانتماءَها الأصيل للفكر الإسلامي المتجدد وحملها لرسالة المحبة والوحدة والإباء».