تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

الإسلاميون والحراك العربي تحديات الموقف ورهانات المستقبل

إدريس هاني

الإسلاميون والحراك العربي

تحدّيات الموقف ورهانات المستقبل

إدريس هاني

نسعى هنا للإجابة عن أربعة أسئلة أساسية، تعطينا فكرة عن موقع الحركة الإسلامية من جملة الوقائع والأحداث في سياق ما عرف بالربيع العربي. فالحديث اليوم في غير ما مكان يتّجه نحو صحوة إسلامية جديدة، استطاعت أن تقطف ثمار الربيع العربي في سائر المجتمعات العربية بلا استثناء. هل الأمر يتعلّق يا ترى بحكاية فلسفة منسية اسمها النهوض العربي؟ وهل هذا الوعي الجديد الذي ميّز الحركة الإسلامية يمثل لحظة ثورية حقيقية في تجربتها السياسية؟ وما هي أولويات هذه الصحوة، وماذا يعني ذلك بالنسبة للإسلام؟ الإجابة عن هذه التساؤلات هو في حدّ ذاته مغامرة. فلا زلنا في العالم العربي في حالة انتقال سياسي ومسلسل ديمقراطي لم تنتهِ فصوله بعد، وفي بؤر أخرى لم يبدأ مساره أصلاً. نحن أمام قوّة الالتباس في الموقف وخطورة المخاض السابق للولادة المحتملة لبدائل سياسية بدأت تصطدم بالوقائع بعد أن مرّت من مرحلة الوعد المخملي بالثّورة. لكن هذا لا ينفي إمكان قيام مقاربة شمولية للحدث بعيداً عن المقاربات الاستعجالية والحقائق المتعلّقة بالفكر اليومي.

حكاية ميتافيزيقا منسية

ارتبط حلم الحركة الإسلامية في صحوتها الأولى بإحساس عارم بالظّلم وأمل كبير في النّصر. كانت اللحظة الأولى لتأسيس جماعة الإخوان المسلمين في عام 1928م على يد المعلّم حسن البنّا (1906 – 1949م)، المفصل التّاريخي لترجمة أحلام الجامعة الإسلامية التي دعا إليها السيد جمال الدين الأفغاني (1838 – 1897م) ومحمد عبده (1849 - 1905م)، فبلغت إلى البنا عبر أستاذه الشيخ محمد رشيد رضا (1865 - 1935م). فبين الجامعة بمدلولها الواسع والجغرافي والجماعة بمدلولها التنظيمي المغلق، وجدت حكاية الحركة الإسلامية بمعناها الحديث. فلقد كان البنا أكثر واقعية من رواد النهضة العربية والإصلاح الإسلامي؛ لأنّه اتجه إلى تأسيس حزب شكّل القاعدة الأولى لانطلاق الحراك الإسلامي الشعبي. حضر البعد التربوي عند حسن البنا في بداية التّأسيس، ليس بسبب التأثير الكبير لإرث الخطاب التربوي للإصلاحيين الإسلاميين في القرن التاسع عشر الميلادي فحسب، بل نتيجة كونه سليل حركة صوفية في الإسماعيلية أيضاً. يكشف العنوان الأثير لجماعة البنّا عن عنصر المظلومية؛ لأنّ العزلة الشعورية، كما سيحدّثنا عنها سيد قطب (1906- 1966م ) في «معالم في الطريق» بوصفها شرطاً لتحصين الجماعة ضدّ الاحتواء القيمي فضلاً عن السياسي، تمثل استراتيجيا لتكريس الشّعور بالمظلومية. وإذا كان مفهوم الأخوة على قاعدة الانتماء الإسلامي عنصراً كافياً للجماعة أيام حسن البنا فهي مع سيد قطب أضافت عنصر تجهيل المجتمعات المعاصرة غير الخاضعة للحاكمية الإلهية لتزداد صلابة وانكفاء. مع سيد قطب ستتعزّز فكرة العزلة الشعورية والمطالب التّاريخية للجماعة الإسلامية بعد عزلتها الشعورية، حينما استعار سيد قطب فكرة الحاكمية من أبي الأعلى المودودي ( 1903 - 1979م)، لتصبح الحاكمية هي المبدأ الذي يحدّد معنى الإسلام في حياتنا السياسية في كل عصر وفي كل جيل، أي تطبيق الشريعة الإسلامية وإحياء أمر الخلافة الإسلامية. نستطيع أن نميّز هنا بين ثلاث تجارب إسلامية كبرى: التجربة الهندية والتجربة العربية والتجربة الإيرانية. لقد انتاب الحركة الإسلامية إحساس بالعجز والفشل، مما جعل كلّ نشاطها في السنين الأخيرة تعويضيًّا بامتياز. فمعظم نشاطاتها تمّ خارج حدودها في بؤر التّوتّر فيما يعرف تاريخيًّا عند المسلمين بدول العجم. في أفغانستان والشيشان وحتى سراييفو مارس الإسلاميون العرب تعويضاً عن جهاد لم يوفّقوا لممارسته في بلدانهم. أما من لم يسعفه الحظّ من الإسلاميين العرب للالتحاق بالمجاهدين في أفغانستان أو الشيشان، فقد فضل نوعاً آخر من الجهاد: الجهاد بالمراسلة! هذا، بينما نجحت إلى حدّ ما فكرة المودودي في الاستقلال بباكستاني، وتشكيل مجتمع إسلامي منسجم على قاعدة الانتماء الإسلامي. أما في إيران فالحاكمية بمعنييها المودودي والقطبي وجدت لها صيغة جديدة تنسجم مع التراث الفقهي للإسلام الشيعي، أي ولاية الفقيه. الصّدمة الأولى التي واجهت الإسلاميين العرب، بعد إصدار الحكم بالإعدام على سيد قطب في موضوع التنظيم السّري، وكذا تتالت الضربات كما حدث على هامش حادثة المنشية (26 أكتوبر 1954 م) وحتى مقتل السادات (1981م). كان مصير الإسلاميين العرب أن يعانقوا وعيهم الشّقي ويزدادوا إحساساً بالعزلة والنكوص. لم تستطع محاولة الهضيبي الأولى أن تليّن من إرادتهم ولا ثنيهم عن الانكفاء، حينما كتب « دعاة لا قضاة». تمكن اليأس من الحركة الإسلامية بعد اقتناعها بعدم ظفرها بأي فرصة للحكم في البلاد العربية. كان أبناء الحركة الإسلامية العرب ينظرون إلى إيران وكأنها الاستثناء الوحيد. فيما شكلت أفغانستان والسودان والصومال التراجيديا الكبرى للصحوة الإسلامية. ستشهد الحركة نوعاً من الانكفاء، فيما فضّل قسم قليل منها بدافع اليأس أن ينخرطوا في العملية السياسية في بلدانهم بشروط مثقلة من قبل النظام السياسي. يمكننا الحديث أيضاً عن الشتات الإسلامي عشية موجة الاضطهاد والقمع الذي تعرّضت له الحركة الإسلامية في المجال العربي مع تفاوت بين قطر وآخر. بعض الدّول اختارت نهج المقاربة الأمنية وأخرى اختارت نهج الاحتواء. في مصر وسوريا والعراق وتونس والجزائر وليبيا كانت العلاقة بين الدّولة والإسلاميين حرجة للغاية بسبب غياب الثّقة بين الاثنين. في دول أخرى تمّ احتواؤهم ضمن شروط أذعن لها قسم من الإسلاميين فيما اصطدم الباقي بإكراهات الوقائع الاجتماعية. احتواء الإسلاميين في عهد الشتات من قبل المملكة العربية السعودية أوجد شكلاً من التعويض، بثمن باهض: التّحول القيمي والثقافي للحركة الإسلامية، نتيجة استحقاقات تطور الأوضاع الاجتماعية للقيادات الإسلامية بفعل الثروة وأثر البترودولار، وبفعل التأثير الفكري السلفي والإخواني المتبادل. سيجد الإسلاميون المضطهدون سواء القادمون من مصر أو من بلاد الشّام في المملكة العربية السعودية أمرين: المال والسلفية. التّأثير ظل هنا متبادلاً. فالإخوان تركوا آثارهم على الإسلام السلفي من خلال اقتطاع شريحة واسعة من المعجبين بتيار الإخوان المسلمين، أنتج مع مرور الوقت ما يعرف اليوم بالصحوات، وهم تيار نافذ ومهم داخل المملكة يقع فكريًّا وسياسيًّا في منطقة تتوسّط بين التيار السلفي المدخلي التقليدي وبين تيار القاعدة والجهادية السلفية[1]. بينما بلغ تأثير السلفيين في الإخوان المسلمين إلى مصر وغيرها، من خلال فائض البترودولار المتدفق على المشهد الإسلامي في البلاد العربية، عبر دعم وتمويل مشاريع ومؤسسات دعوية وخيرية ضخمة. في الأردن والمغرب تمّ احتواء الإسلاميين في العملية السياسية، وكان ذلك كفيلاً بوضعهم تحت رقابة الرّأي العام وشركائهم في العملية السياسية من الأحزاب السياسية. يتحدّد موقع الإسلاميين اليوم من الوقائع الراهنة من هذا المسار المتخم باليأس والأمل معاً. فالربيع العربي اصطدم أكثر مع البلاد التي فشلت في احتواء الإسلاميين، بينما كان أثر الربيع العربي على البلدان التي سلكت سياسة الاحتواء للحركة الإسلامية أقلّ كلفة.

الإسلام والوعي الجديد: هل هو وعي ثوري؟

لا يبدو ما جرى في المنطقة العربية، من حيث المبدأ، تجسيداً للمعنى الكلاسيكي للثورة كما ارتبط بالمخيال السياسي العربي وغير العربي[2]. فلقد فرضت الأحداث نفسها على اختيارات الشارع. ليس دائماً من باب الخطأ وضع العربة أمام الحصان. فمثل هذا حدث في العالم العربي عشية ما اصطلح عليه -من دون اتفاق مسبق- بالربيع العربي. لم يكن يدور في خيال المحتجين أي تصور عن الثورة يومئذٍ. أما الإسلاميون فقد كانوا أقلّ حضوراً، إن لم نقل: غابوا عن الحدث في انطلاقته الأولى، والتزموا التّأنّي والحذر. كل المؤشرات تؤكّد أن الثورة طرأت متأخرة على الوعي الإسلامي، حيث كان لا بد أن يصار إليها بأثر رجعي. قسم من هذا راجع إلى أن الحركة الإسلامية كانت الأكثر مسؤولية وحذراً في خطابها، نتيجة ثقل الضغوط عليها. وهي أيضاً المستهدف الرئيسي في حال فشلت الثورة. ثم هناك ما هو أهمّ: اليأس المرير للإسلاميين من الجمهور. فانعدام الثقة بين الإسلاميين والجمهور الذي لا يشاركهم تصوراتهم، جعل الإسلاميين أكثر قابلية للتفاهم مع الدولة بدل الجمهور. وهو ما ميّز سلوك الإسلاميين العرب في السنوات الأخيرة.

الأوردوغانية صحوة أم ردة؟

يتعيّن عدم النّظر إلى غزو النموذج الأوردوغاني للحركة الإسلامية العربية على أنّه تطوّر حقيقي في النظرة والموقف الإسلاميين. بل هو هروب من صورة نمطية سجنت فيها الحركة الإسلامية. قبول الإسلاميين العرب بالنموذج التركي هو استجابة لقوة الإيحاء التي مارستها النّظم العربية نفسها على الحركة الإسلامية، باعتباره نموذجاً مقبولاً للنظم العربية، لا سيما المنضوية تحت عنوان (دول الاعتدال)، فضلاً عن الإيحاء بأنه النموذج الوحيد القابل للتطبيق. بالنسبة للإسلاميين العرب شكّلت الأوردوغانية عنوان انتصاراتهم في سياق الربيع العربي. كان أحرى أن يسمّى الربيع التركي - العربي، حيث وجدوا في الأوردوغانية ما يقطع مع عهود الوعي الشّقي الذي كلّف الإسلاميين العرب الكثير من الإخفاقات. كما شكّلت الأوردوغانية بديلاً عن النّموذج الإيراني، مما استدعى إيحاء موازيًّا لتكريس النظرة الطائفية بغية الوصول إلى شكل من التّوزيع العادل للجغرافيا المذهبية، تصبح فيها الأوردوغانية بديلاً وحاجزاً في الوقت نفسه من التّأثير الإيراني على المنطقة العربية. بلغ تأثير الأوردوغانية في أوساط الإسلاميين العرب بمن فيهم المختلفين في الأفكار والمواقف إلى أقصاه. في المغرب يتقاسم هذا التّأثير كلّ من حزب العدالة والتنمية الحاكم وجماعة العدل والإحسان المناهضة للنّظام، والتي حتّى قبيل اندلاع أحداث الربيع العربي كانت تؤمن بضرورة إحياء الخلافة الراشدة على منهاج النّبوة؛ كتاب المنهاج النبوي الذي يعتبر محور مشروع التنظيم المذكور، كما أرسى أسسه النظرية الشيخ عبد السلام ياسين الذي وافته المنية قبل متمّ عام 2011م. لكن هذا لا يعني أن الأوردوغانية حقّقت كلّ أهدافها في المنطقة العربية عشية الربيع العربي. فهي خافتة إلى حدّ كبير داخل البلدان التي لا تملك مقوّمات النهوض الاقتصادي كما يحدث في تركيا. فمتى ما غاب موضوع الاقتصاد السياسي من بلد ما، انعكس ذلك على جاذبية الأوردوغانية، مثل اليمن والصومال والسودان وموريتانيا وغيرها؛ هنا لا محفل للأوردوغانية.تقوم هذه الدعاية على نزعة الأمل والإيحاء بتحقيق مثال الغرب من دون كلفة سياسية ودينية ضد الإسلاميين. أي يمكن للإسلاميين الوصول إلى السلطة من دون ثورة ومن دون تخلّي عن مرجعيتهم الدّينية. وهذا الإيحاء -كما قلنا- مرتهن بجدل الصعود والنزول في مراتب التنمية المحلّية. لم يكن موقف الإخوان المسلمين في مصر الذين ردّوا على دعوة رئيس الوزراء التركي لتبني العلمانية، بقوّة بمثابة الصّدمة الأخيرة لهذا الاجتياح الأوردوغاني للوعي الإسلامي العربي، بل ثمّة حسابات سياسية أخرى هالها النجاح الكبير الذي حققه هذا النموذج في البلاد العربية، لا سيما بعد أن بدأ العثمانيون الجدد يقتربون من المستنقع الليبي.خلال السنوات الأخيرة كان الإسلاميون يبحثون عن وسائل أقل كلفة لتحقيق أهدافهم ومطالبهم مما وضعهم في حرج شديد. وعليه، لا يمكن اعتبار وصول الإسلاميين إلى الحكومات في سياق أحداث الربيع العربي نتيجة منطقية لسيرورة الأحداث. فلقد وصل الإسلاميون إلى الحكم وهم منهكون مندهشون منهزمون مستسلمون شديدي الالتباس[3]. هذه المعطيات كانت كافية عند عدد من المراقبين ليروا في بعض الإسلاميين جزءاً من صفقة مباشرة وغير مباشرة لفرملة سيرورة الربيع العربي وقطع الطريق أمام تحقيق المطالب التاريخية للشعوب العربية. ساهم قسم من الإسلاميين في إخفات صوت الاحتجاجات، كما ساهموا في شكل من أشكال التبييض الديني لسرقة الثورات العربية. كان هذا سبباً في تقديرنا للحديث عن معيار مختلف، يجعل الاختيار الأكثر جدّية اليوم في سياق الربيع العربي هو اختيار خندق المعارضة لا الحكومة. ذلك لأنّنا نعيش عصر انبعاث الجماهير العربية.

المراجعات تراجعات أم وقفة تأمّل؟

لقد استفاد الإسلاميون من تجاربهم إلى حدّ ما. وسينعكس ذلك على خطابهم ومواقفهم. بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما رافقها من إجراءات أمنية ذات بعد كوني، كفّ الإسلاميون أن يظهروا أو يتظاهروا بمواقف ثورية. كانت المراجعات بمثابة استراتيجيا لإعلان التّحول من حركات عنيفة إلى حركات مسالمة تؤمن بالحوار. الثيمة الأساسية في مجمل المراجعات سواء ما جاء منها قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر كما فعلت الجماعة الإسلامية في مصر، أو ما جاء بعد ذلك كما فعلت المقاتلة في ليبيا وقسم من السلفية الجهادية في المغرب، هو التّخلّي عن المطالب الكلاسيكية للجماعات الإسلامية، وإعلان حسن النوايا تجاه المجتمع بدل تجهيله، والقبول بمفهوم الدّولة المدنية والديمقراطية، والتسامح ونبذ العنف. لا يوجد ما يؤكّد أنّنا أمام وعي جديد أو مراجعات بالمعنى الذي لا يعني أنّنا أمام حالة هروب إلى الأمام و استجابة لإكراهات السجون. في التاريخ المعاصر كنّا أمام حالتين من هذا الوعي: أحدهما موسوم بفكر المحنة كما يسميه البعض، نتج عن التحوّل في الفكر القطبي بعد تعرض سيد قطب للاعتقال والسجن. لك أن تتصوّر أديباً وناقداً كبيراً وريثاً لكرسي النقد عن العقاد وطه حسين بالإضافة إلى عريكته الانفعالية كونه رجلاً آتياً من الصعيد المصري، يتعرّض للسجن والإدانة من قبل من كانوا بمثابة رفاقه بالأمس! لكن السجون اليوم أنتجت لنا مراجعات لم تُذكِ فكر العزلة بل عزّزت فكر الانفتاح. فالبيئة السياسية والاجتماعية الحاضنة كان لها دور فعّال في مآلات المراجعات. تخلو المراجعات الأخيرة من فكر حقيقي. ومع أنها ذات طبيعة تلفيقية، إلاّ أنها شكلت رسائل للسلطات المعنية، في شكل ردّة ناعمة أثارت أحياناً نقمة رفاقهم الذين لا زالوا متشبثين بأفكارهم ومواقفهم، وبالتالي لازالوا لهذا السبب يرزحون تحت أقبية السجون.ومع ذلك، فإنّ الحديث عن الوضعية النهائية للحركة الإسلامية ضمن مكتسبات الربيع العربي قد يكون سابقاً لأوانه؛ ذلك لأنّ الأمر لا يزال رهين النّقلة الدّيمقراطية بمدلولها الانتخابي وخلفيتها السوسيوسياسية. ففي معظم هذه التجارب كنّا أمام صعود انتخابي للإسلاميين موسوم بمظاهر خاصة. لقد وصل الإسلاميون إلى الحكم لكنّهم بعد أن خفّفوا من الحمل الثقيل لمطالبهم واكتفوا بأقل المتاع. هذا يعني أن الإسلاميين وصلوا الحكم لكن بحمولة إسلامية أقلّ. وبأنهم وصلوا إلى الحكم بعد أن تحولوا إلى أحزاب عادية تنخرط في العملية السياسية على قاعدة الملف المطلبي المشترك بين سائر الأحزاب. لا نتحدّث هنا عن اكتساح حقيقي، بل عن أرقام عادية بالمعايير الانتخابية، اضطروا معها إلى إشراك أحزاب أخرى علمانية. هذا يعني أنهم لا يحكمون وحدهم بل يقودون حكومات ائتلافية. كوننا أمام ظاهرة انتخابية، يعني أنّ الشعب هو الذي يتحكم في مصير الإسلاميين. فبناء على التصويت العقابي، يمكننا أن نتوقع تراجعاً وشيكاً للإسلاميين، حيث يبدو أنّ مستقبلهم هو رهين باللعبة الانتخابية المتوقفة على مدى نجاح الإسلاميين في الاضطلاع بأكثر الملفات المطروحة على جدول أعمال الحكومات في قطاعات حساسة كالتشغيل والصحة والتعليم والدّين الخارجي واستقطاب الاستثمارات وما شابه ذلك. فنجاح الإسلاميين اليوم ليس مسألة أيديولوجية بل هو مسألة وعود ذات صلة ببرنامج انتخابي محدّد. لم يعد لتديّن الإسلاميين قيمة مضافة غير أنها في المجتمعات العربية تشكل ضمانة أخلاقية، حيث لا يزال الدّين هو المعيار والضّامن الأخلاقي للوفاء السياسي والاقتصادي. هنا تنطبق إلى حدّ ما مقاربة ماكس ويبر الـ«سوسيو-اقتصادية» في أثر التعاليم البروتستانتية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية. إنّ الوعي الجديد للإسلاميين، لا سيما الحاكمون منهم، هو وعي إصلاحي وليس ثوريًّا. ففي معظم هذه الدّول لم يعد الإسلاميون يطالبون بتغيير النّظم بل يكتفون بالدعوة إلى إصلاحها. وفي الربيع العربي كان الإسلاميون في مناطق كثيرة هم المنقذ الذي حال بين الحراك الاجتماعي وسقوط النظم. في ليبيا التي شارك فيها الإسلاميون بقوة للإطاحة بنظام معمر القذّافي، لعب غياب الثقة بين الإسلاميين والزعيم الليبي السابق دوراً كبيراً في تغيير موقف ومزاج الإسلاميين منه. فلقد ظلّت جماعة المقاتلة الإسلامية التي أخرجت من السجن لقاء ما قامت به من مراجعات، على وعدها بعدم الانقلاب على القذافي إلى حدود إقدام هذا الأخير على قتل بعض قياداتها بعد أن ظنّ انخراطهم في الثورة المسلّحة. كنّا سنشهد -لولا غياب الثقة تلك- مشهداً آخر لمقاتلة إسلاميين يحاربون إلى جانب القذافي ضدّ الغزو الخارجي. في مصر كان لنزلة السلفيين إلى ميدان التحرير بعد استعراضي شكّل منعطفاً في الحراك المصري، بموجبه تمّ تحرير الميدان بعد فترة وجيزة، وظهرت ملامح توافق بين الطيف الإسلامي والمجلس العسكري. عشية هذا الإنزال سألت عدداً من النشطاء والقيادات الإسلامية والسياسية من دون جدوى. كان آخرهم المستشار طارق البشري الذي كلّف برئاسة لجنة تعديل الدستور (16 فبراير 2011م)، حيث أجاب عن سؤالي: إن كان هذا الإنزال يشكّل خطورة على مستقبل مصر السياسي، بأنّنا في طور يجب معرفة كل الحساسيات السياسية ومدى نفوذها، أما بالنسبة إلى المجلس العسكري، فالرهان عليه لجهة كونه الجهة المنظّمة الوحيدة بعد سقوط النّظام[4]. وكان ذلك ما فهمته أيضاً من جملة حديث خاص مع القيادي في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الدكتور كامل الهلباوي[5]. تستطيع في مصر وتحديداً بعد نزلة السلفيين والإخوان وتطهير ميدان التحرير أن تعرف أنّ وجهتي النّظر بين الإخوان والمجلس العسكري باتت متوافقة جدًّا. في المغرب وقف الإسلاميون الحاكمون اليوم قبل الانتخابات، ضدّ حراك 20 فبراير وفرضوا هذا الخيار على شبيبتهم الحزبية. وفي تونس التي نجح حزب النهضة الإسلامي بزعامة الشيخ راشد الغنوشي بالفوز بالانتخابات وتشكيل الحكومة، لم يكن طليعة الثورة التي استلهمت من الإحساس العارم بالحيف والظلم الذي تفجّر في فعل الاحتراق التراجيدي للشاب البوعزيزي. لكن حزب النهضة لا يزال يتصرف اليوم كما لو كان في عهد ما قبل الثورة وليس في عهد الثورة. إنهم يطبقون محتوى المراجعات التي صاغوها قبل الثورة قبل أن يجدوا أنفسهم -ومن دون مشاركة حقيقية في الثورة- يقطفون كلّ ثمارها. بالنسبة للإسلاميين لا نتحدّث عن وعي ثوري، بل مهمّتهم اليوم هي في تقديم شهادة حسن السلوك، وأحياناً اختيار استراتيجيا الصفقات السياسية. فهم واعون بأن الالتفاف عليهم لا يزال وارداً. وأنّ ثمّة من يراقب سلوكهم وطنيًّا وإقليميًّا ودوليًّا.

الحدّ الأدنى من المطالب أولويات

تتحدد أولويات الإسلاميين في خطابهم السياسي الجديد وبرامجهم الانتخابية ومواقفهم السياسية في المطالب الاجتماعية المحلّية. ومع أنه لا يزال يخونهم التأصيل النظري لخطابهم الجديد، فهم اكتسبوا لغة مطاطة وخطاباً سفسطائيًّا مكنهم من الهروب من الماضي. تبدو تلك المطالب التي لا تحضر في تصوراتهم الحزبية ولا في برامجهم السياسية والانتخابية مؤجّلة إلى جيل آخر ومعلّقة على الإمكان. إن عبارة الإمكان باتت مفهوماً للهروب السياسي وليس مفردة ميتافيزيقية. يحدّثني العماد أمين حطيط عن سؤال وجّهه إلى راشد الغنوشي: هل تعتبرون إيران عدوًّا. سلّم الغنوشي الورقة لصهره وزير الخارجية التونسي، ليجيب هذا الأخير: إيران ليست عدواً مطلقاً وليست صديقاً مطلقاً. وفي سؤال موجّه للعثماني وزير الخارجية في حكومة البيجيدي بالمغرب، إذا ما كان حزبهم يقبل أن تقوده امرأة غير محجّبة؟ أجاب: هذا أمر ممكن وليس مستحيلاً. لا تجتمع لغة السفسطة مع المبدئية الثورية. وهذا يعني سلفاً أننا أمام تيار معنيّ بالسلطة والحكم والنفوذ تعويضاً عن سنوات المحنة والتهميش. وعلى هذا الأساس لا تبدو المطالب الاجتماعية للشعب كما تزداد أسهمها غداة الحملات الانتخابية مكلفة بالنسبة لجماعات كان سقفها لا ينزل عن تحقيق الخلافة الإسلامية. لذا لا أسهل على الإسلاميين العرب اليوم من الاضطلاع بهذه المطالب ولو في مستوى الإحراج كما تفعل حكومة العدالة والتنمية في المغرب هذه الأيام، من خلال وزارة التشغيل بخصوص مأذونات وسائل النقل، بحجة الشّفافية وفضح الفساد. باتت أولويات الإسلاميين تتجه نحو مقاربات اجتماعية؛ على أن أهمية الاجتماعي هنا تؤمّن هروباً من الاستحقاقات السياسية الكبرى. لكن إحساسهم ظلّ وافراً بأنهم يصلحون للعمل الاجتماعي أكثر مما يصلحون للعمل السياسي. فتجاربهم داخل النسيج الاجتماعي كما فعل الإخوان في مصر وبعض المجتمعات، يؤكّد على مدى قدرتهم على العمل الاجتماعي. كما أن تجربتهم في التسيير الجماعي للبلديات في دول أخرى وفّر لهم تجربة لمعرفة القضايا والملفات العالقة. لكن محاربة الفساد في البلاد العربية هي ذات غطاء سياسي، مما سيجعل الإسلاميين على طريق الصدام مع قوى وجيوب للمقاومة ضدّ الإصلاح، مما سيجعل المعركة السياسية القادمة هي المحكّ الذي إمّا سينتصر في هذا الرهان الإسلامي أو لا يكون. هذه الأولويات باتت واضحة في خطاب الإسلاميين. هناك إذن رؤية مشتركة انتقلت بالتداول أو العدوى بين سائر الإسلاميين المنخرطين في اللعبة السياسية، لا شيء يختلف بين محمد بديع وبنكيران وحكيم بلحاج والغنوشي والبيانوني.في مقابل ذلك هناك فتور وانسحاب تكتيكي غير معلن وخجول أيضاً من قضايا شكّلت دائماً أولويات بالنسبة للحركة الإسلامية؛ أولويات أيديولوجية تتمثّل في تحديد مصير الإسلام وتعاليمه وتمكينها من المجتمع. وأولويات سياسية تتعلّق بالموقف الفعلي من القضية الفلسطينية. تعلّم الإسلاميون العرب من أوردوغان كيف يتحدّثون عن حقوق الفلسطينيين دون أن يغيّروا شيئاً من الصّفقات السياسية بين بلدانهم وإسرائيل. إن مرور عدد من قيادات الإسلاميين من منابر ذات صلة بالأيباك هو موقف ورسالة تطمأنينة وإعلان مسبق بتعديل الأولويات. أو بتعبير الغنوشي: فلسطين ليست الآن من أولوياتنا. وبتعبير بنكيران: تازة قبل غزّة. لقد كان حظّ الإسلاميين العرب من البراغماتية كبيراً، حتّى أنّه شكّل مصدر إزعاج من منافسيهم في المشهد الحزبي والسياسي. ويصل الأمر هنا حدًّا ينذر ببدأ عهد التطبيع بين الإسلاميين وإسرائيل. فلقد واجه حزب العدالة والتنمية استنكاراً كبيراً إلى حدّ مطالبة قيادته بالاعتذار، عشية استدعائهم المستشار السابق لرابين، والفرنسي الجنسية، برونشتاين لحضور مؤتمرهم التاسع. كما أثارت رسالة الرئيس المصري مرسي إلى بيريز واصفاً أيّاه بالصديق وداعياً لإسرائيل بالرغد، استنكاراً واسعاً من قبل الرأي العام المصري والعربي.

ماذا يعني هذا للإسلام؟

بهذا الاختلاف والتّعدد في النطق عن الإسلام، بتنا أمام شكل من «النومينا» بمدلولها الكانطي. لسنا اليوم نتحدّث عمن له الحقّ في النّطق عن الإسلام، بل بتنا أمام استحقاق آخر: الحق في الاختلاف في النطق عن الإسلام، بعد أن نما اعتقاد بأنّ التعبير عن الإسلام في ذاته أمر في غاية الصعوبة. في واحدة من النّصوص الأثيرة للإمام عليّ بن أبي طالب، مفادها أنّ هذا النّص لا يملك لساناً ولهوات بل إنما ينطق عنه الرّجال. وهذا إنما يؤكّد أهمية وخطورة استنطاق النّص وتأويله. كانت ولا زالت مشكلة المسلمين في التّأويل. وتاريخ المسلمين هو تاريخ محنة التأويل. ثمة عنصر لا يزال يقيّد انطلاقة العقل الإسلامي: الفتنوفوبيا (رهاب الفتنة). الخوف من الفتنة جعل التاريخ الإسلامي تاريخ فتن ومقاتل لا فترة ولا فتور بينها. بينما الواقع يؤكّد أنه تاريخ صراع طبيعي إذا نظرنا إليه من منظور واقعي. لم يملك كثير من المسلمين الجرأة على قراءة تاريخهم قراءة واقعية خوفاً من الفتنة. فالتّأويل غير المضمون هو بالتّأكيد طريق للفتنة. وكان المفكر المصري الكبير رشدي فكّار قد أهداني قبيل وفاته كتاباً ضمن روائعه التي طبعت في دار البلاغ المصرية بعنوان: «بلاء الوجود في ديار الإسلام». هو حقًّا يلخّص هذه التراجيديا. هل لنا أن نتساءل إن كان مستقبلنا سيظل رهيناً لهذه المحنة، أي مستقبل ملاحم وفتن كما كان تاريخنا يا ترى؟ هناك تطور غير متجانس في خطاب الإسلاميين في سياق ما يعرف بالربيع العربي. فهم يمضون على بياض في استجابتهم لكل الأفكار التي تنتمي للكون السياسي الحديث. لكنهم أقل جرأة على تأمّل تراثهم الفكري. وهذا يجعلهم أكثر من أيّ وقت مضى على هشاشة وضعف في الاتجاهين معاً: المعرفة والسياسة. في المخيال العربي بما فيه الإسلامي لا تمييز بين الديمقراطية واستحقاقات الحداثة والتنمية والتفكير المادي للأشياء. فالديمقراطية تعني الحدّ الأدنى من الحداثة والتّحديث. وهذا الوعي بات يتبلور حتى في وعي الإسلاميين. وعليه، لم يعد الخوف على الحداثة من الإسلاميين مغريًّا، بل ثمّة إيحاء متبادل من الغرب والإسلاميين من أنّ هؤلاء هم المؤهّلون أكثر لحداثة حقيقية حتى لو تنكرت لهم في المستقبل كما تنكّروا لها في الماضي. تقوم هذه الفكرة على قناعة مفادها أنّ الإسلام يمكّنهم من كسر الكثير من طابوهات الثقافة المحلية. وهو عامل تجريء على هذه المكونات المحلية التي تضطر أن تتكيف مع الإسلام للنجاة من المحق الإسلامي. الذين حكموا قبل الإسلاميين كانوا مسلمين. لكنهم لم يكونوا أصوليين. أي كانوا مدينين للإسلام الشعبي القابل للتطويع، لكن في المقابل يتطلّب عدم الجرأة على الثوابت «السوسيو-تاريخية» واجتماعية ودينية. كثيرون مثل هشام شرابي اهتدوا إلى أن الأصولية الإسلامية قادرة على الاضطلاع بواجب تاريخي إيجابي للتخفيف من النزعة الباترياركية التي أنزلها شرابي منزلة منشأ المشكلات العربية كلّها[6]. وهذا ما يجعل الإسلام الذي كثيراً ما اعتبر عقبة ضد الفكر التاريخاني كما نفهم من محاولات عبد الله العروي[7] إلى عامل تاريخي يجرّئ حامله على تخطّي حدود الانحباس البنيوي للقيم. وفي هذا الإطار يمكّن الإسلام نفسه الجماعة الإسلامية -إن هي غيّرت موقع الرؤية- أن تقيم علاقة أكثر تكييفانية مع كل مكتسبات الحداثة ولو اقتضى الأمر التصرف في بعض آثارها، وهو ما يجعلها تكييفانية غير تامّة بالمعنى التاريخاني للعبارة، لكنها ضريبة الاعتقاد كحاجة لا يزال العالم الإسلامي يراها فوق تاريخية. في هذا المخيال الإسلامي لا شيء ينهي التاريخ أو يحتكره أو يجعله ينسى. يستطيع الإسلاميون أن يتنازلوا عن كل قيمة أو شعور محليّ من أجل الفكرة الإسلامية المجردة. هنا الخصوصية مجرد إقحام أنثروبولوجي. بل حتى حديث الإسلاميين عن الخصوصي هو تكتيك ليس إلاّ لبلوغ الكوني بأكثر الطرق مخاتلة، تماماً كما يوظّفون الممكن لبلوغ رأيهم الكلّي من دون عناء. لا يرفض الإسلاميون الكونية بل يرفضون ألَّا تكون إسلامية أو لا يكون للإسلام مكانة فيها تليق بتاريخه أو لايكون شريكاً في تحديد مصير العالم. من هنا لا شيء من حيث المبدأ يجعل التناقض قائماً بين أولويات الحركة الإسلامية اليوم والإسلام. يبرر الإسلاميون الحاكمون الجدد انزياحهم نحو هذه الأولويات بمقاربة براغماتية ليست فجّة كالتي ترى أن الإسلاميين ينافقون الديمقراطية ثم سرعان ما يجهزون عليها حينما يتمكنون من رقاب المجتمع. بل هناك شكل من الإقناع الذاتي بمبادئ الدولة المدنية الحديثة تحاوله الحركة الإسلامية اليوم. هذه القناعة مفادها أن الدولة المدنية تمكّن للدعوة وتنزع عن الإسلام الصورة النمطية التي حيكت حوله في العقود السابقة، بناء على القاعدة الشرعية: «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه».

ماذا بعد؟

ومع ذلك لا يزال الشارع العربي يتّسع لتعبيرات إسلامية مختلفة. والصراع الإسلامي - الإسلامي هو اليوم صراع على طهرانية الإسلام ونقائه الأوّل. ثمة خشية عارمة من أن تقود تجربة الإسلاميين الحاكمين إلى الفشل مما يؤدي إلى انعكاس ذلك على سمعة الإسلام ومصداقيته. لكن وفي الوقت نفسه ثمة اعتقاد كبير في الوجدان المسلم يرى أن الإسلام في ذاته منزّه عن أخطاء الإسلاميين. وأنه وطبقاً لقاعدة الإبدال، فإن أي خطأ يتحمله المسلمون وليس الإسلام، مما يفتح المجال أمام قوم آخرين لتمثّلات جديدة وناسخة لما سبقها. بل حتى في نطاق البوح، يشارك الإسلاميون الجدد غيرهم بأنهم ليسوا بصدد تطبيق الإسلام بل هم بصدد دفع الضّرر وجلب المصلحة والتمكين للإسلام في الحدّ الأدنى؛ إنها سياسة براغماتية لم تحقق حلم الإسلاميين بالخلافة المعلق في المنطقة العربية حتى إشعار آخر، لكنّها جنّبت الإسلاميين حتى الآن مواجع الوعي الشّقيّ. الآفاق لا زالت غير واضحة أمام تجربة الإسلاميين. والثورة لا زالت في مخاضها الأوّل. والوعي الإسلامي لا يزال في عنفوانه لم يُجب عن سائر تساؤلاته. نعتقد أنّ الحديث عن نهضة عربية أمر سابق لأوانه، لكن لا شيء يؤكّد أنّ ماضي العرب سيكون أفضل من مستقبلهم.

 

 

 



[1] لمزيد من الإطلاع انظر: إدريس هاني: جدل الجرح والموازنة .. الجامية في مواجهة خصومها، كتاب (جماعيّ) الجاميّة، دبي، إصدار مركز المسبار للدراسات والأبحاث، العدد 38 - فبراير 2010م.

[2] تأمّلات في سفر الثورات العربية، بيروت، مجلة الكلمة الفصلية، عدد 74، السنة التاسعة عشر، 2012م، ص 99.

[3] ظاهرة الالتباس ليست جديدة بل لقد رصدناها قبل هبوب رياح الثورات العربية. وقد أدرجناها ضمن التقرير السّنوي عن حالة المغرب، في الفصل المخصص للإسلاميين، انظر:

- كتاب: حالة المغرب 2009/ 2010م، (كراسات استراتيجية)، ط 1 - 2010م، المغرب، دار النجاح، منشورات وجهة نظر.

- كتاب: حالة المغرب 2010/ 2011م، الجهة نفسها، 2011م.

[4] في لقاء خاص مع الدكتور طارق البشري عام 2011م في القاهرة.

[5] حصل اللقاء في اليوم نفسه.

[6] إدريس هاني: خرائط أيديولوجية ممزقة، بيروت، مؤسسة الانتشار العربي، ط 1، 2006م، ص 335.

[7] انظر: المصدر نفسه، ص 174.

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة