تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

تقارير ومتابعات

قسم التحرير

مؤتمر: «أبو الوليد ابن رشد: قراءات في فلسفته وفكره»

في سنة 1998م احتفل العالم بذكرى ثمانمئة سنة على رحيل الفيلسوف الأندلسي ابن رشد، وقد أقيمت عدة ندوات ومؤتمرات للاحتفال بهذه الذكرى وللكشف عن مساهماته في إغناء وإثراء الفكر الإسلامي خصوصاً ‏والفكر الإنساني عموماً ، (أنظر مجلة الكلمة عدد 19، ربيع 1998م). ولأهمية الفكر الرشدي وما قدمه من معالجات لبعض الظواهر الفكرية والاجتماعية التي عانى منها الواقع العربي والإسلامي، وبروز مثل تلك الظواهر في الواقع المعاصر، فإن الاهتمام بالفكر الرشدي لم يتوقف بل استمر الاهتمام به على كافة المستويات، حيث صدر عدد من الكتب والمقالات والدراسات التي تعالج هذا الفكر وتقارن بين الوضع الاجتماعي والفكري الذي عاش فيه فيلسوف الأندلس، وبين ملابسات الواقع الفكري والاجتماعي المعاصر، وكيف يمكن الاستفادة من الفكر الرشدي.
ضمن هذا السياق العام نظم المعهد العالي للدراسات الإسلامية التابع لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، مؤتمر: «أبو الوليد ابن رشد: قراءات في فلسفته وفكره» وذلك بين 25ـ26 كانون الثاني (يناير) 2000م.

شارك في جلسة الافتتاح عدد من أساتذة الفلسفة من لبنان والعالم العربي، وعدد من الطلاب، وقد عقد المؤتمر برعاية وزير الثقافة والتعليم العالي محمد يوسف بيضون.
وبحضور رئيس المعهد الدكتور هشام نشابة ورئيس لجنة التعليم العالي في جمعية المقاصد محمد غزيري.

في الجلسة الافتتاحية تحدث في البداية الدكتور رضوان السيد مشيراً ‏إلى أهمية ابن رشد الذي شغل الناس باعتباره «مايزال عابراً ‏للحضارات ومحطة فكر للباحثين والمفكرين، ثم تناول الكلمة د. هشام نشابة ممثلاً للمعهد ولوزير الثقافة والتعليم العالي، فأشار إلى مشاركة المعهد في احتفالات سنة 1998م، وذكر بوجود عدد من الجوانب في فكر ابن رشد مازالت تحتاج إلى دراسة ومعالجة، للاستفادة منها «لتعزيز مسيرة الفكر العربي والإسلامي المعاصر وتعميق تأثير منهجه الفكري في تطور هذا الفكر..» كما أكد على أهمية مدرسة ابن رشد الفلسفية التي حاولت تعليم الناس التفكير واعتماد المناهج العلمية للوصول إلى الحقائق.
وهذا ما جعله بحق أحد الملهمين للانبعاث الذي عرفته أوروبا في العصور الوسطى، أما رئيس لجنة التعليم العالمي في جمعية المقاصد محمد غزيري فقد أكد في كلمته على «دور ابن رشد في تحريك الفكر الإسلامي باستمرار نظراً لعقلانيته وانفتاحه وسعة أفقه وتسامحه مع من خالفه الرأي». وفي الأخير ألقى د. رضوان السيد كلمة رئيس جمعية المقاصد النائب تمام سلام.


الجلسة الأولى ترأسها د. هشام نشابة وتحدث فيها مجموعة من الباحثين:

قدم د. محمد المصباحي (المغرب) دراسة تحت عنوان: «نظرية العقل عند ابن رشد»، موضحاً فيها معنى العقل عند ابن رشد، واستعرض بعض المقارنات بين ابن رشد وغيره من الفلاسفة منتصراً لوجهة نظر الرشدية في عدد من الموضوعات الفلسفية والعلمية.
ثم تحدث بعده د. جورج زيناتي (الجامعة اللبنانية) عن: «ابن رشد الآخر»، كاشفاً عن موقعه في الغرب اللاتيني، وناقش فكرة اعتباره مجرد شارح لأرسطو، وكذلك إشكالية التوفيق بين الفلسفة والدين. الدراسة الثالثة قدمها د. فرنك غريغل الباحث الألماني حول: «أنواع الشروح الرشدية على أرسطو»، مستعرضاً ثلاثة أنواع من الشروح الرشدية على أرسطو وهي: الجوامع والتلخيصات والتفسيرات. أما د. حسن حنفي «مصر» فتحدث عن: «ابن رشد بين الأشعرية والظاهرية» وكيف ظهر تأثره بالظاهرية من خلال كتاب «بداية المجتهد»، وناقش حنفي الفكرة التي روج لها بعض المستشرقين والتي تعتبر ابن رشد ممثل العقلانية الأوحد.
واختتمت أعمال هذه الجلسة بورقة هاني نصري تحت عنوان: «لماذا ابن رشد؟» مجيباً ‏فيها عن مجموعة من الأسئلة مثل: لماذا ظهر ابن رشد، وما هي الحاجة اليوم لفلسفته؟.


ترأس الجلسة الثانية رئيس جامعة البلمند د. إيلي سالم، وتحدث فيها كل من:

محمد عاطف العراقي (جامعة القاهرة) حول: «الاتجاه النقدي في فلسفة ابن رشد»، وكيف رفض ابن رشد المنهج والطريق الصوفي واستعاض عنه بالمنهج العقلي، وكذلك موقفه من ابن سينا والغزالي، وأكد الباحث أن ابن رشد استطاع أن يقدم المنهج الذي يساعد على حل المشاكل التي كان مجتمعه يتخبط فيها وكذلك بالنسبة لنا. ثم تحدث علي زيعور‏(أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية) عن: «السمات الإنسانوية في شخصية ابن رشد المنتجة» فعرض للسمات البارزة في شخصيته وتتبع المحطات المهمة في تجربته على صعيد الفسفة والعمل وما قدمه ابن رشد لعلاج مجموعة من القضايا كانت مطروحة آنذاك وكيف استقبلت أوروبا الفكر الرشدي.
ثم تحدث جيرار جهامي (من الجامعة اللبنانية) عن: «فكر ابن رشد بين الذات والآخر»، وتبعه محمد رضوان حسن (من الجامعة اللبنانية كذلك) فقدم ورقة تحت عنوان: «ابن رشد في الاستشراق المعاصر». حيث استعرض أربع دراسات مهمة لكل من رينان وغوتييه داور فوا وأرنلديز، وكشف عن الأغلاط التي تضمنتها هذه الدراسات الاستشراقية.
في اليوم الثاني من أعمال المؤتمر ترأس الجلسة الأولى الصباحية الأب الدكتور لويس بوزيه، وقدمت فيها مجموعة من الأوراق، الورقة الأولى كانت للدكتور علي دحروج حول: «نظرية التأويل عند ابن رشد» حيث تتبع اتجاهات التأويل لدى الفرق واختلاف النظرة لهذه القضية، ثم بحث مفهوم التأويل لدى ابن رشد وقسم دراسته إلى ثلاثة أقسام تبعاً لذلك، القسم الأول حول مفهوم التأويل في الفكر الإسلامي، القسم الثاني موضوعات التأويل الأساسية، ثم وجهة نظر ابن رشد في الموضوع. الدراسة الثانية قدمها د. رفيق العجم حول: «ابن رشد والغزالي بين الإشكالية والتوظيف» فأشار إلى طبيعة اللقاء الذي تم بين ابن رشد والغزالي وكيف كان ينظر كل واحد منهما إلى الوجود والمعرفة واختلاف الفضاء المعرفي الذي انطلق كل واحد منهما منه وعلاقة ذلك بالفكر المعاصر. ثم تناول الكلمة الدكتور وليد خوري الذي تحدث حول كتاب «المستصفى في مختصره الرشدي» فتطرق أولاً لعلمي الأصول والفقه، واستعرض الإضافات والاختلافات التي أوردها ابن رشد على كتاب المستصفى للغزالي، وكيف اختلفا في المنهج وتصنيف العلوم.
أما الدكتور رضوان السيد فتحدث عن «ابن رشد واختلاف الفقهاء من خلال كتاب «بداية المجتهد» فأكد على دعوة ابن رشد للاجتهاد وأنه خالف بعض اجتهادات الفقهاء لكنه حافظ على النظام الفقهي وإن كان قد أدخل عليه بعض التقسيمات الجديدة. وأشار السيد إلى أن ابن رشد ظل مالكياً رغم الاختلافات المحدودة التي ظهرت عند مقارنته بباقي الاجتهادات الأخرى.


الجلسة الرابعة ترأستها الدكتورة سعاد الحكيم وتحدثت فيها في البداية د. منى أحمد أبو زيد حول:

 «الفلسفة السياسية عند ابن رشد» فاستعرضت الملامح المميزة لفلسفته السياسية،‏وقارنت بينها وبين كتابات الفارابي، ثم ردت على المستشرق رينان الذي انتقد ابن رشد واتهمه باتباع أفلاطون وضعف الابداع لديه في هذا المجال. كما استعرضت آراءه وأفكاره بخصوص الدولة ومؤسساتها.
ثم تحدث الدكتور رضوان السيد من جديد حول موضوع: «ابن رشد وجمهورية أفلاطون» فاشار إلى الجوانب الغامضة التي تلف هذا الموضوع،‏وأكد على أهمية ما قام به ابن رشد في تلخيص الفكر الأفلاطوني، أما حُسن عبود فعالجت موضوع: «المرأة في تفكير ابن رشد» وتحدثت عن آراء ابن رشد حول «عورة المرأة والنظر إلى المخطوبة، وحرية المرأة في عقد الزواج، وجواز إمامتها وتوليها القضاء،‏واستدلت على ذلك بمقتطفات من كتاباته. وأشارت عبود إلى إمكانية وأهمية الاستفادة من أفكاره التنويرية.


في الجلسة الختامية عقدت طاولة مستديرة ترأسها د. هشام نشابة، تحت عنوان: «ابن رشد في الفكر العربي الحديث والمعاصر» وشارك فيها:

د. محمد عاطف العراقي، د. علي زيعور، د. جورج كتورة، د. جيرار جهامي، د. محمد مصباحي وسميح دغيم. وقد تحدث د. هشام نشابة عن إمكانية توظيف فكر ابن رشد ومنهجيته لمصلحة الفكر العربي الحديث،

وفي الختام خرج المؤتمرون بالتوصيات التالية:

1ـ العمل على جعل ابن رشد يظهر بكل توهجاته.
2ـ إدخال الفلسفة كمادة مستقلة في منهج المعهد العالي للدراسات الإسلامية.
3ـ تكرار هذه التجربة من خلال مؤتمرات سنوية على نطاق أوسع.
4ـ ضرورة ترجمة نصوص وكتب ابن رشد المفقودة ذات الترجمة العبرية إلى اللغة الأم.
5ـ الاهتمام باللغات القديمة خصوصاً ‏اللاتينية لأهميتها ولعمقها التاريخي إذ يؤدي اتقانهاýإلى فهم حقبات تاريخية فكرية مهمة.
6ـ ضرورة الاهتمام بالمناهج اللبنانية التي تغفل عن منح الفلسفة كمادة مساحة أكبر، وذلك في سبيل نشر الفكر الفلسفي الذي يمثل ضرورة في العالم الفكري المعاصر.
7ـ القيام بالدراسات اللازمة لفهم التراث،‏واستعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة المتطورة لنشره.
8ـ الاهتمام بالمصطلحات الفلسفية في ضوء إصدار قواميس تضم مصطلحات الفكر العربي والإسلامي. وبدأ بهذا العمل البناء كل من رفيق عجم. جيرار جيهامي إلى عدد آخر من المفكرين والعاملين بهذا الحقل.

مؤتمر: «المرأة واستشراف المستقبل»

عقدت في بيروت الدورة الثانية للمؤتمر العام للاتحاد النسائي الإسلامي العالمي، تحت شعار: «المرأة واستشراف المستقبل» وذلك بين: 25ـ26 شباط (فبراير) 2000م. وكانت الدورة الأولى قد عقدت في السودان قبل ثلاث سنوات.
شارك في المؤتمر قرابة (150) امرأة عضواً في الاتحاد، وينتمين لعشرين بلداً ‏عربياً وإسلامياً ‏وعالمياً : «السودان، نيجيريا، اليمن، تايلاند، باكستان، اندونيسيا، مصر، الأردن، السعودية، المغرب، ماليزيا، الجزائر،‏النرويج، السويد، ألمانيا، ألبانيا،‏اليابان، السنغال، فلسطين، لبنان..».

حفل الافتتاح أقيم تحت رعاية الحكومية اللبنانية وحضور رئيس الوزراء د. سليم الحص وعدد من النواب والديبلوماسيين وفاعليات نسائية محلية.
في البداية تناولت الكلمة رئيسة مجلس الأمناء الشريفة أمينة القريض (ماليزيا) ثم تحدثت بعدها رئيسة المؤتمر د. منى حداد يكن (لبنان)، فاشارت إلى أن «من القيم التي ستكون محل اهتمام في المؤتمر شجب ورفض ومحاربة كل لون من ألوان العنف والإرهاب، سواء كان ذلك في إطار الأفراد أو الشعوب، أو الدول...». بعد ذلك أعطيت الكلمة لرئيسة اللجنة التحضيرية مزاهر محمد أحمد (السودان). وتلتها الأمين العام الدكتورة سعاد الفاتح البدوي التي أكدت أن للمرأة المسلمة قضية مهمة إلى جانب مثيلاتها في العالم، فإذا كانت النساء في العالم يطمحن لمستقبل يتجاوزن فيه مظاهر الاحباط والظلم، فإن المرأة المسلمة تنطلق من تاريخ مشرق لكنها اليوم تتخبط في الجهل والأمية والظلم، والسبب في ذلك،‏الرجل المسلم الذي مازال يتلكأ في الاعتراف بدورها الإنساني،‏وقدرتها على تحمل مسؤولياتها في عملية التغيير والنهوض. ثم توالت الكلمات لكل من: د. آنا صوفي روالد ممثلة القارات (السويد)، د. ماتبن فردوس كوثر (باكستان) ممثلة الأقطار، هدى صديق نوح (النيجر) ممثلة المنظمات الأعضاء، عفاف حكيم،‏رئيسة جمعية التكافل‏(اللبنانية) والعضو في الاتحاد، ليندا مطر، رئيسة المجلس النسائي اللبناني السابقة.
وأخيراً ‏تحدث راعي الحفل د. سليم الحص،‏فأشاد بالنهضة النسائية في هذا القرن، وأشار إلى أهمية ظهور قضايا المرأة وطرحها للمناقشة والعلاج، كما أشاد ببرنامج المؤتمر وخططه ومقترحاته من أجل: «إقامة مجتمع العدل والمساواة والتكافل والطهر» وكذلك «مشروع الطعام للجميع لمحاربة الفقر».

لقد كان المؤتمر مناسبة استطاعت فيها المشاركات كشف الوضع الحقيقي الذي تعيشه المرأة وخصوصاً ‏في العالم الإسلامي ومعاناتها اليومية من جراء مجموعة كبيرة من المشاكل والعقبات. وفي هذا الصدد تقول السيدة فاطمة كروبي (نائبة في مجلس الشورى الإيراني): «على رغم انتهاء القرن العشرين بأحداثه المرة والحلوة إلا أن حكاية المرأة ومشكلاتها لاتزال قائمة إلى اليوم،‏ولاتزال سحب العنصرية والتفرقة والمذابح الجماعية والحروب الرهيبة،‏وانتهاك حقوق الأطفال والمرأة واستغلالهم جنسياً ، وعصابات التهريب والفساد وهدم الطبيعة والبيئة، وزيادة خطر المجاعة والتمييز الطبقي بين الشمال والجنوب والكثير من الكوارث والحوادث الرهيبة،‏تغطي سماء هذا القرن وتعرض حياة الناس للخطر...». أما بخصوص تطور وضع المرأة فقالت كروبي: «إن هذا التطور لم يعد كافياً ، لأن هناك قيوداً ماتزال مفروضة على المرأة تمنعها من ممارسة أعمالها ومسؤولياتها بجد وحرية،‏فالمرأة المسلمة لاتلعب حالياً ‏دورها الحقيقي الذي منحها إياه الإسلام، بسبب التقاليد الجاهلية والمعادية للإسلام...».
ومن المواضيع التي نالت اهتمام المؤتمر: الإعلام ودوره في تشويه صورة المرأة المسلمة،‏لذلك فقد دعت المشاركات في المؤتمر، وسائل الإعلام لإيلاء قضاياهن ما تستحقه من عناية واهتمام، لكن بموضوعية وتجرد عن الخلفيات السياسية والأيديولوجية.

بعد نهاية أعمال المؤتمر صدرت التوصيات نذكر أهم ما جاء فيها:

ـ دعوة الاتحاد إلى تأصيل ورعاية الأسرة وحماية أفرادها.
ـ دعوة النساء لتحمل مسؤولياتهن الأساسية في التربية وتنشئة الأجيال.
ـ إيجاد آليات مناسبة لتأهيل المرأة مهنياً ووظيفياً .
ـ مقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني، وغرس روح المقاومة الشعبية وتربية الأولاد على كره اليهود الصهاينة.
ـ إيجاد آليات لمحاربة الأمية بجميع أشكالها، ومحاربة الفقر والمرض.
ـ اصدار قاموس يختص بالمصطلحات المتعلقة بشؤون المرأة.
ـ إنشاء لجنة متابعة دائمة في الدول الأعضاء للتصدي لمقررات المؤتمرات والاتفاقيات التي تهدف إلى تحطيم الأسرة المسلمة واختراق المجتمع الإسلامي.
ـ تفعيل دور مجلس العالمات المسلمات في التأهيل الفقهي لقضايا المرأة.
وقد انتخب المؤتمر إحسان الغبشاوي (من السودان) أمينة عامة للاتحاد، وفاطمة كروبي‏(إيران) رئيسة لمجلس الأمناء.

ندوة: «حقوق الإنسان في الإسلام»

نظمت رابطة العالم الإسلامي ومقرها مكة المكرمة ندوة دولية عن «حقوق الإنسان في الإسلام» في المركز الإسلامي بالعاصمة الإيطالية روما، وذلك في 25ـ26 شباط (فبراير) 2000م، أهداف الندوة كما حددها الأمين العام للرابطة تتلخص في «إيجاد أرضية مشتركة من التفاهم والحوار المثمر بين الحضارات»، بالإضافة إلى محاولة «تصحيح الصورة الذهنية السلبية عن الإسلام لدى المجتمعات الغربية وإحلال صورة إيجابية عنه». كما سعت الندوة وحسب الأمين العام للرابطة كذلك لكي «تبلور الرؤية الإسلامية الصادقة عن طريق الطرح الموضوعي الذي يتناول الدساتير والمواثيق وحقوق الإنسان، والقضايا الكبرى والتطبيقات الإسلامية لحقوق الإنسان في الإسلام».

شارك في الندوة عدد من المفكرين العرب والمسلمين والغربيين، بالإضافة إلى عدد من المنظمات الإسلامية والدولية المعنية بقضايا حقوق الإنسان، مثل: منظمة المؤتمر الإسلامي، وجامعة الدول العربية،‏والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة وكذلك الأزهر وهيئة الأمم المتحدة ومنظمة الدول والشعوب غير الممثلة في الأمم المتحدة، والاتحاد الدولي للمحامين، وممثلين عن الفاتيكان،‏وشخصيات سياسية، وفكرية عالمية، ما جعل الندوة ـ على حد وصف البعض ـ تظاهرة عالمية لدراسة هذا الموضوع والكشف عن نقاط الاختلاف والإلتقاء بين الأنظمة الحقوقية العالمية ونظام الحقوق الإنسانية في الإسلام.
قدمت خلال يومين من أعمال الندوة مجموعة كبيرة من الأوراق ناقشت عدة مواضيع محورية مثل: حقوق الإنسان من خلال المواثيق والإعلانات الحقوقية الدولية، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ورؤية الإسلام لهذه الحقوق، حقوق الإنسان بين النظرية والتطبيق، علاقة الحقوق بالتنمية، حقوق المتهم في الدفاع عن نفسه،‏وسائل الإثبات الشرعية، حقوق المرأة، ومن خلال نقاش هذه المواضيع وغيرها استطاعت الندوة أن توجه الأنظار إلى واقع حقوق الإنسان المسلم في كل من فلسطين ولبنان والانتهاكات اليومية التي تمارسها إسرائيل في حق أبناء هذين الشعبين، وكذلك ما يقع في الشيشان وكشمير بورما والقوقاز والبوسنة والهرسك وغيرها من المناطق العالمية حيث يتعرض المسلمون بانتظام لانتهاكات فظيعة لحقوقهم.

وقد اختتمت الندوة أعمالها بإعلان روما حول حقوق الإنسان في الإسلام،‏حيث اشتمل هذا البيان على خمسة مبادئ رئيسية تعتبر المنطلقات التي أراد المشاركون أن تستهدي بها المراجعات والتقييمات التي يمكن القيام بها حول المواثيق والإعلانات العالمية، هذه القيم أو المنطلقات هي: عدم إغفال أهمية القيم الدينية وما جاء في الرسالات السماوية بخصوص حقوق الإنسان،‏اعتبار كرامة الإنسان هبة من الله وغيرها من الحقوق كذلك والانطلاق من هذه المرجعية لحقوق الإنسان، اعتماد لغة الحوار بين الشعوب والحضارات لتجنب الصراع والحروب، عدم إغفال الخصوصيات عند إدعاء عالمية أي ميثاق أو إعلان حقوقي عالمي. وبشكل عام فقد كانت الندوة مناسبة للكشف عن وجهة نظر الإسلام الحقوقية وتعريف الغرب ومؤسساته بها بعيداً ‏عن تقاطعات المصالح السياسية والاقتصادية.

مؤتمر: «التعليم للجميع»

بدعم من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) والبنك الدولي، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبمشاركة المنظمة العربية العربية للتربية والثقافة والعلوم،‏والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو)، ومكتب التربية العربي لدول الخليج، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وبرنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية،‏والبنك الإسلامي للتنمية، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا،‏ومنظمة العمل الدولية،‏ومنظمة الصحة العالمية،‏ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، بدعم ومشاركة هذه المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية،‏استضافت القاهرة المؤتمر العربي الإقليمي حول: «التعليم للجميع»، الذي استمرت أعماله أربعة أيام بين 24ـ27 كانون الثاني (يناير) 2000م.

أهداف المؤتمر كما أعلن عنها مدير مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية،‏الدكتور فكتور بله تتلخص في: القيام بمراجعة لما تم إنجازه خلال عشر سنوات، أي منذ انعقاد المؤتمر الأول في جيومتين (تايلاند) سنة 1990م. ووضع إطار إقليمي من أجل تأمين حاجات التعليم الأساسية في المنطقة العربية،‏كما سيبحث المؤتمر التحديات التي تواجهها الدول العربية في هذا المجال، وتحديد الأولويات التعليمية، أما د. محمد يوسف بيضون وزير التربية والتعليم العالي اللبناني فأكد بأن من أهداف المؤتمر استخلاص برنامج عربي موحد حول التعليم للجميع يرفع إلى المؤتمر العالمي الذي سيعقد في داكار عاصمة السنغال خلال هذا العام، لذلك فهذا المؤتمر يأتي في إطار المؤتمرات الإقليمية التحضيرية للمؤتمر الدولي حول التعليم الذي سيعقد خلال هذه السنة.
شارك في فعاليات المؤتمر ممثلون لعشرين دولة عربية، عبر وفود ترأس معظمها وزراء التربية والتعليم، بالإضافة إلى أعضاء من كافة اللجان والهيئات والمنظمات ذات العلاقة بالشأن التربوي والتعليمي، وممثلين عن القطاعين الخاص والعام.

من خلال التقارير التي قدمتها الوفود المشاركة يمكن الحديث عن مجموعة من المحاور كانت هي أبرز المواضيع التي نوقشت خلال جلسات المؤتمر،‏أهم هذه المحاور: رعاية الطفولة والتعليم الابتدائي، التحصيل التعليمي ومخرجاته، التدريب على المهارات الأساسية، التعليم من أجل حياة أفضل، وكذلك معالجة مشكل الأمية.
هذه المواضيع وغيرها مما له علاقة بواقع التعليم وتطوره في العالم العربي، دار حولها النقاش في الجلسات العامة،‏أما الطاولات المستديرة التي نظمت خلال فعاليات المؤتمر فقد جاءت مواضيعها مكملة للمواضيع والمحاور الرئيسية التي شغلت الباحثين في المؤتمر،‏من هذه المواضيع: قضايا تطبيق التقنيات الحديثة في التعليم، اللامركزية ومشاركة المجتمع، تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة،‏تعليم الفتيات واللاجئين، الصحة والتغذية المدرسية، بيئة التعليم،‏الكتب المدرسية.

بالنسبة لمشكل الأمية أوضحت التقارير المقدمة أن نسبة الأمية في العالم العربي قد انخفضت مع بداية العام الحالي إلى 38.5% بدل 48.7% عام 1990م أي نحو 10%. وقبل عشر سنوات أي في (1990م) كان العالم العربي يحتضن 61 مليون أمي. وقد تركزت النسب الأكبر لدى الدول ذات الكثافة السكانية العالية. ومما جاء في الأوراق المقدمة حول الإحصائيات في هذا المجال نجد: أن نسبة الأمية في: السودان 43%، المغرب 55%، موريتانيا 54%، اليمن 56%، جيبوتي 43%، مصر 34%، تونس 32%، الجزائر 37%، عمان 32%، وهذه النسب كما أكدت التقارير مرتفعة وتحتاج لجهود مكثفة لتخفيضها.
أما على الصعيد العالمي فهناك 880 مليون أُمِّي من البالغين، ثلثهم من النساء، و120 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس.‏وكان كوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة قد وجه رسالة إلى المجموعة الدولية بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية،‏معرباً فيها عن تفاؤله بما جاء في آخر تقرير لليونسكو حول الأمية والذي تحدث عن تناقض نسب أمية البالغين باستمرار، من ثلث سكان العالم سنة 1970م إلى الربع سنة 1990م. كما توقع التقرير زيادة الانخفاض في بداية الألفية الجديدة.

أما ماجاء في تقرير اليونسكو بخصوص العالم العربي،‏فقد ذكر أن (6.7) ملايين طفل ممن هم في سن التدريس غير مسجلين في المدارس منهم: (2.4) مليون من الذكور، و(4.3) مليون من الإناث.

كما أشارت التقارير المقدمة إلى مشكلة تدني مستويات الإتقان في التحصيل التعليمي في مرحلة التعليم الأساسي بشكل عام،‏لكنها أشارت إلى ارتفاع معدلات الإلتحاق بالصفوف الأول الابتدائية، وتحسنت معدلات البقاء في الصف الخامس الابتدائي، وقد تراوحت النسبة في سنة 1998م بين 66.1% و68.8%. ومن المشاكل الأخرى التي وردت في التقارير، مشكلة صلاحية المباني المدرسية،‏والنقص في تدريب الهيئة التدريسية، وضعف المناهج التربوية المناسبة لحاجات الأطفال، ومشكل التمويل وإرهاق الميزانيات الوطنية، كما أشارت إلى مستويات التسرب والتأخر الدراسيين واعتبرت هذه المستويات مهمة وغير منخفضة. بالإضافة إلى تفاوت الانتاجية التربوية بين القطاعين الرسمي والخاص،‏ومشكل الهدر الذي يعاني منه القطاع العام أو الرسمي. وفي الأخير تحدثت مجمل التقارير عن الخطط المستقبلية،‏بعدما استعرضت الصعوبات والتحديات التي حالت دون تحقيق الأهداف والتوصيات التي نص عليها مؤتمر جيومتين سنة 1990م.

وقد عرضت خلال المؤتمر وثيقة تحت عنوان: «الإطار العربي للعمل حول التعليم للجميع في الدول العربية» وهذه الوثيقة قدمت للدول العربية «معلومات مهمة عن البرامج العامة والخاصة والنشاطات والخدمات التي تهدف إلى تلبية الحاجات التعليمية الأساسية للأطفال والشبان والراشدين» كما تقدم للدول صورة شاملة عما تحقق في سبيل تحقيق أهداف التعليم للجميع.
وبشكل عام وكما يقول الدكتور فكتور بله فقد أظهرت التقارير ونتائج التقييمات التي أعدتها الدول المشاركة، تقدماً ‏كبيراً حصل خلال السنوات العشر الماضية، لكن الأهداف التي حددت في مؤتمر تايلاند لم تتحقق كلها، بسبب عدة معطيات على رأسها الزيادة السكانية وارتفاع عدد من التلاميذ المسجلين في المدارس، الذين تضاعفت أعدادهم لتصل إلى 60 مليون في الصفوف الابتدائية،‏أما عدد الذين بقوا خارج فصول الدراسة فبلغ عددهم تسعة ملايين. وهؤلاء يشكلون تحدياً للشعار الذي تبناه المؤتمر «انطلاقة نحو الألفية الجديدة»، كما يثيرون التساؤل حول مصداقية اعتراف الدول العربية بحقوق الطفل في التعليم والتزامها بجعل التعليم الابتدائي إلزامياً ومتاحاً ‏مجاناً للجميع. هذا إلى جانب تطوير القطاع التربوي والتعليمي ككل على المستويين الهيكلي والمنهجي وجعله يساير التقدم العلمي ويواكب التطورات العالمية ويساهم بشكل فعال في تحقيق التنمية الشاملة داخل الوطن العربي..

مؤتمر: «مسالك الإبداع ومناهج البحث في الثقافة العربية: الأنا والآخر»

تقيم كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة صفاقس (جنوب تونس). في كل سنتين مؤتمراً‏فكرياً‏وعلمياً‏والغرض منه إتاحة الفرصة للطلبة للاحتكاك بالفعاليات الثقافية والإبداعية في العالم العربي, والانفتاح على الآخر, ومناقشة المواضيع والإشكاليات الفكرية التي تحبل بها الساحة الفكرية.
شعار المؤتمر هذه السنة هو: «مسالك الإبداع ومناهج البحث في الثقافة العربية: الأنا والآخر» وقد جاء استجابة كما قال محمد الحلواني عميد الكلية «لأسئلة القرن الجديد التي تحتم على العرب تحديد هويتهم», عقد المؤتمر في الأول من آذار (مارس) 2000م, واستمرت فعالياته ثلاثة أيام,‏نظمت خلالها ست جلسات

ناقشت عدة محاور مختلفة نذكر منها:

ـ موقع الثقافة العربية بين الثقافات الأخرى.
ـ سبل النهوض بالثقافة العربية.
ـ علاقة الثقافة العربية بالثقافات الأخرى: التأثر والتأثير.
ـ الحداثة والتراث وإشكاليات المنهج.

انطلقت أعمال الجلسة الأولى بورقة صبري حافظ الذي تحدث عن «الثقافة العربية في الغرب: تحولات الصورة ومتناقضاتها وكيف يرى الآخر صورتنا» تحدث الباحث عن تطور الاهتمام الغربي بالعرب, ليصل إلى الأزمة التي يعاني العرب منها الآن على مستوى الهوية والكيان الثقافي, كما تحدث عن مشاكل ترجمة الأدب العربي إلى اللغات العالمية والعوائق التي تحول دون إيصاله إلى الشعوب الأخرى لكي تطلع عليه, وكيف يتم استغلال هذه الترجمة في بعض الأحيان لرسم صورة مغايرة ومشوهة للواقع,‏وأكد الباحث أن صورة العرب التي تتحدث عنها بحوث الجامعات في الغرب تمتاز بالموضوعية إلى حد كبير بخلاف ماتبثه وسائل الإعلام هناك.

تحدث بعده محمد رجب البادري عن «حداثة الرواية,‏ورواية الحداثة», وهذه الورقة هي مقدمة لكتاب ينجزه تحت العنوان ذاته,‏فأشار إلى أهمية المراجعة وقد مر على الرواية العربية مئة سنة عرفت فيها الكثير من الظواهر الثقافية من تواصل وانقطاع وتأثر, وتساءل عن المآل الذي عرفته كتابة الرواية العربية وغياب الاتجاه الواضح فيها. وكيف تحول بعض رواد الكتابة الروائية المتمردون بالأمس إلى ممارسة السلطة. الورقة الأخيرة المقدمة في هذه الجلسة كانت للطيب بن رجب وجاءت تحت عنوان: «الآخر بين الانغلاق والانفتاح: من نشيد رولان إلى فولتير», يرى الباحث أن الأوروبيين في زمن فولتير كانوا يجهلون عقيدة المسلمين بشكل كبير, وانهم كانوا يخلطون بين الأتراك والعرب,‏وتساءل الباحث هل كان بالإمكان أن يغيروا من رؤيتهم المغلوطة هذه لو تعرفوا على عقيدة الإسلام وعلى العرب.

الجلسة الثانية تحدث فيها في البداية محمد بن عياد عن: «المواقف والمخاطبات للنفري: الإيقاع والدلالة» فأكد على أهمية التعاطي مع المناهج المعاصرة لمعالجة النص العربي القديم, وتحدث عن ظاهرة التكرار عند النفري معتبراً‏إياها إيقاعاً خطابياً. وهذا ما يجعل النثر لايقل إيقاعاً‏عن الشعر. ثم قدم عامر الحلواني ورقة بعنوان: «شعر أبي نواس في عين الأنا ومنهج الآخر: الخمريات أنموذجاً والوصف أسلوباً» وقد تحدث الباحث فيها عما أنجزه من تحقيق للقصائد الممنوعة والمحرمة لأبي نواس والذي صدر في كتاب عن دار رياض الريس في بيروت. رئيس قسم اللغة العربية في جامعة اليرموك (الأردن) د. علي الشرع تحدث عن الطرح الفكري في الشعر العربي وغياب البصيرة النقدية,‏فأشار إلى هيمنة التفكير الديني والخرافي على القصيدة العربية.

الجلسة الأولى في اليوم الثاني تحدث فيها أولاً موسى ربابعة من جامعة اليرموك عن: «النقد ونقد النقد: دراسة من تطبيق البنيوية على الشعر الجاهلي», ثم تحدث بعده التهامي الشريقي حول: «محمود السعدي: الإيقاع في السجع العربي والآخر في الايقاع العربي», وهي دراسة لمشروع السعدي وهو من كتاب القرن الماضي,‏ومحاولة لتسليط الضوء على إبداعه وخصوصاً‏كتابه حول السجع. وما تميز به وهو ينظر في هذا المجال. وأخيراً‏تناولت الكلمة عفاف عبد المعطي فتحدثت عن «مساءلة التغريب: بحث في الحداثة وما بعد الحداثة», محاولة طرح مجموعة من الأسئلة النقدية لواقع الحركة النقدية العربية, وتساءلت عن هذه الحركة النقدية وهل هي مجرد تمثل للغرب وتطبيق مناهجه على الأدب العربي القديم والمعاصر.

الجلسة الثانية تحدث فيها في البداية محيي الدين حمدي, فقدم دراسة عن «القصة القصيرة عند الطيب صالح» مشيراً‏إلى اغفال النقاد لهذا الجانب من ابداع الطيب صالح وتركيزهم على كتاباته الروائية فقط, وأكد الباحث علىýأن حداثة الطيب صالح نابعة من بيئته السودانية وليس خاضعة للتأثيرات الغربية. ثم تناول الكلمة بعده محمد الخزعلي من جامعة اليرموك فقدم دراسة حول «الإبداع والآخر: دارسة في الشعر الكوري» أي كوريا الجنوبية وقد عقد الباحث مقارنة بينه وبين الشعر العربي المعاصر. ثم تحدث محمد نجيب العمامي حول: «التمثيل الخلاق في الرواية العربية: ترابها زعفران لإدوار الخراط نموذجاً» فكشف عن ملامحها الشكلية من سرد وتماسك للنص وكيف لعب الوصف دوراً‏جوهرياً, كما تساءل عن بعض الظواهر المتعلقة بالوصف والمتعلقة بالمشاهدة ومعاينة الواقع,‏وقد فجر تساؤله هذا سؤالاً كبيراً‏حول قدرة من لايبصر على وصف وقائع لم يراها بأم عينيه مثل طه حسين,‏الذي أسهب في الوصف في روايته الأيام؟
أحمد السماوي قدم ورقة بعنوان: «الحكاية الواصفة بين الأصيل والوافد» معتمداً‏على أعمال وكتابات يوسف القعيد, كنموذج للدراسة والتحليل وتتبع هذه الظواهر.

اليوم الثالث والأخير تحدث في الجلسة الأولى منه محمود المصفار, وقدم دراسة حول «الحجاج في القرآن من خلال الأنا والآخر» ثم قدم بعده محسن القيلتلي دراسة تحت عنوان: «عقيدة رؤية الله من كلام الأشعري», ثم قدم سعيد يقطين رئيس قسم الأدب العربي‏بجامعة محمد الخامس في الرباط, دراسة حول: «الثقافة العربية بين المحاكاة والتفاعل من أجل دخول العصر الإلكتروني» وقد طرح يقطين مجموعة من الأسئلة المهمة,‏مثل ماذا أنجزنا قبل الدخول إلى القرن الجديد؟, وما هو مسار تفكيرنا؟ كما أكد الباحث على الاهتمام بالاختصاص.

الجلسة الثانية خصصت لشهادات المبدعين,‏فكانت الشهادة الأولى للقاصة الكويتية فاطمة يوسف العلي,‏ثم محمود السعدي وعبد الرحمن منيف, وشهادة شوقي بزيع. وانتهت أعمال هذا المؤتمر الثقافي بطرح أسئلة كثيرة والإجابة على عدد قليل منها,‏لكنه ربما حقق جزء من هدفه عندما تمكن الطلبة من التعاطي مع فعالياته بحماس ومشاركة كثيفة في الحضور وطرح الأسئلة.
متابعات في الاستعداد لعام حوار الحضارات 2001م
[5]
مازلنا كدأبنا في الأعداد الماضية من مجلة الكلمة نتابع الفعاليات والأنشطة المختلفة التي تقام للتحضير والاستعداد لعام الحوار بين الحضارات الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بناء على اقتراح من الرئيس الإيراني السيد محمد خاتمي,‏وذلك سنة 2001م. بالإضافة إلى الفعاليات الأخرى من لقاءات ومحاضرات وندوات تعالج وتناقش موضوع الحوار بين الحضارات. ومن هذه الأنشطة والمتابعات أعمال لجنة الخبراء التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي لصياغة وثيقتين تمثلان التصور الإسلامي لحوار الحضارات وذلك في 5 شباط (فبراير) 2000م, وقد أعلن الدكتور عز الدين العراقي الأمين العام للمنظمة بأن «فكرة الحوار بين الحضارات خطت خطوات مهمة وحققت في الفترة الأخيرة تقدماً‏كبيراً في المحافل الدولية». وأضاف بأن: «إقامة حوار مع الحضارات أصبح ضرورة تفرضها التطورات والتحولات العميقة التي تشهدها المجتمعات».
أما بخصوص صياغة الوثيقتين فقد أعلنت بعض الصادر من داخل المنظمة بأن التركيز سيكون على الأصول التي لاخلاف حولها, ومحاولة تجنب القضايا الإشكالية والحساسة مثل الاختلافات المذهبية,‏كما ستعطى الأولوية للقضايا الثقافية والحضارية بشكل عام, والتأكيد على قيم التعاون بين الشعوب والاعتراف بالتنوع الثقافي واحترام حرية المعتقد.

وضمن فعاليات مهرجان فجر السينمائي الذي انطلق خلال شهر شباط 2000م في ايران دعت اللجنة المنظمة إلى مناقشة «دور السينما في حوار الحضارات» الذي كان شعار المهرجان وقد شارك في هذه المناقشة عدد من المخرجين السينمائيين ومدراء بعض المهرجانات السينمائية الدولية من: «سوريا, بولونيا, إيطاليا,‏فرنسا, الولايات المتحدة الأمريكية,‏استراليا». وقد أكد المشاركون في هذه المناقشات على «أهمية الصورة في تقريب الحضارات والثقافات إلى بعضها,‏سيما وأن للصورة في عصرنادوراً طاغياً في تشكيل المفاهيم والمواقف عن الذات والآخر», وفي مداخلة للمخرج البولوني كريستوف زانوسي أشار إلى أن الحوار «يفترض الرغبة في التواصل والاستفادة من الآخر. لكننا نرى عكس ذلك تماماً فحواراتنا أشبه بالمونولوج الداخلي, عمقه زمن العولمة الذي نعيش مفرداته, إنه استعباد يفرضه القوي, من دون حسبان لحضارات وتواريخ يمتلكها الآخر..».
أما المخرج والناقد الفرنسي إيف بواسيه فقد تحدث عن موضوع الحوار بين الحضارات مشيراً‏إلى الموقف الفرنسي من العولمة ومحاولة أمركة العالم وقال: «إنه حوار متعسف بين الأسد والفأر وعليكم تصور ما سيترتب على هذه المقارنة..».

وفي الولايات المتحدة الأمريكية رفضت وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت خلال مأدبة الافطار التي أقيمت في وزارة الخارجية (أواخر شهر رمضان 1420هـ ـ2000م) وحضرها عدد من الشخصيات الإسلامية من بينهم رجال دين ومثقفون, رفضت الدعوات التي يروج لها البعض والتي تؤكد على حتمية الصراع بين الحضارات, وأن الصراع سينفجر بين الإسلام والغرب في المستقبل. وقالت بأن «هذا الاحتمال غير مقبول لنا كلنا,‏بمن في ذلك المسلمون الذين يعيشون في الغرب», وأكدت على الحوار واحترام الخصوصيات الحضارية للشعوب لأنه وحسب قولها: «لا توجد هناك قومية أو ثقافة لوحدها تحتكر الحكمة أو القيم المثالية», وأضافت: «نحن نستمد الثقة من قناعاتنا بأن حقوق الإنسان كونية,‏وأن جميع الناس في كل مكان يشاركوننا المصلحة في السلام والتنمية والعدالة..» وأشارت إلى التعاون بين بلادها وبين الجمهورية الإسلامية الايرانية خلال الشهر الماضي لرعاية قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة,‏القاضي بإقامة حوار بين الحضارات..

وفي لبنان وبدعوة من مركز الإمام الخميني الثقافي ألقى السيد محمد حسن الأمين, أواخر شهر آذار (مارس) 2000م, محاضرة بعنوان: «الحوار والصراع في منطق الحضارات», أكد فيها على أهمية النهوض الإسلامي على جميع المستويات وخصوصاً المادية حتى يكون الحوار متكافئاً وممكناً مع الغرب وأشار إلى خطأ الغربيين عندما رفضوا الاعتراف بالمساهمة الإسلامية والعربية في الحضارة المعاصرة واكتفوا بالإشادة بالجذور الاغريقية والرومانية,وهذا ما جعلهم يفقدون «عنصر الغاية,‏لأن الحرية التي اكتشفتها الحضارة الأوروبية هي حرية من دون غاية..».

وأخيراً وأثناء لقائه مع السيد يوشكا فيشر وزير خارجية ألمانيا الذي زار إيران في النصف الأول من شهر آذار (مارس) 2000م, أشار السيد خاتمي إلى البعد الثقافي والفكري والفلسفي لمشروع حوار الحضارات وقال: «إن إثارة مشروع الحوار بين الثقافات إنما هو لإزالة معالم الظلم والإجحاف والتمييز والفقر والقتل والهيمنة اللاشرعية..».

 

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة