تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

مجلة الكلمة آفاق التفاعل الفكري

عبدالهادي الصالح

مجلة الكلمة وآفاق التفاعل الفكري

 

عبد الهادي الصالح*

* كاتب وباحث - الكويت.

 

 

لا شك في أن إعمال الفكر الجاد الذي يبحث في عمق أزمات الإنسان المعاصر في التعامل مع محيطه المتعدد، يُواجه تهديدات على عدة مستويات لا تخفى على المراقب المثقف، لكن أبرزها ما يلاحظ  في الآونة الأخيرة من محاولات لتقليص  مساحات حرية الرأي والبحث العلمي، وما قد يتمخَّض عنه من نتائج من شأنها أن تُلغي أو تصادم قناعات موروثة ممَّا يثير حفيضة الرأي والفكر الآخر. ولعل ذلك من سمات البحوث العلمية المعتادة.

لكن الملفت أن يتحوَّل ذلك إلى صراع في المحاريب العلمية ويتسرَّب بتعمُّد إلى الشارع العام كأداة للتراشق المذموم وتجريح الذمم، وما يتبع ذلك من إسقاطات تُهدِّد البحث العلمي ذاته، وتُرهب العلماء وتضغط عليهم لمجاراة الواقع بكل زيف لحرف قناعاتهم الذاتية.

ومن ناحية أخرى وسعياً لمعالجة ذلك، فإننا  نتطلَّع أن تُولي مجلة (الكلمة) اهتمامها المعهود  بصفتها داعمة لأعمال الفكر التفاعلي عبر الرأي والرأي الآخر، بتبني أداة الملتقيات التي تجمع أصحاب الرؤى المختلفة على طاولة الحوار المستديرة، مع الالتزام بضوابط حرية الكلمة المسؤولة، لتُوثّق كمادة علمية تنقلها (الكلمة) بوصفها -كذلك- أداة لتسويق  لغة الحوار القائمة على التعاطي بواقعية، وبنَفَس الانتصار للرأي الصائب والموقف الرشيد، دون أن يعني ذلك بالضرورة -كما هو واضح- التطابق فيها بين أطراف اللقاء. لكن من المؤكد أن المجلة بهذا تكون قد فتحت آفاق التفاعل الفكري عبر الحوار الرصين الذي طالما -للأسف الشديد- افتقدته أغلب مؤسسات ورموز الفكر الإسلامي المعاصر. إن مثل هذه الملتقيات تقدّم الصورة المشرقة لأصل لغة الحوار القرآني، لمعالجة الصورة المُشوَّهة للحوار التي تقدّمها بعض أدوات التواصل الإعلامي والاجتماعي الإلكتروني واسع الانتشار عالميًّا، والذي يتعاطاه اليوم العلماء وأصحاب الفكر، سواء بالكلمة المكتوبة أوالمسموعة، وإن كان بعضها قد انحدر إلى الانتصار للذات أكثر من الاعتبار للحق المنشود.

إننا نأمل من مجلة (الكلمة) التي استمرت زهاء عشرين عاماً استقطاب العلماء والمفكرين والأدباء والمثقفين بمختلف مشاربهم واتِّجاهاتهم، أن تستمر في منهجية صيانة حرية الكلمة الحرة الرصينة وحمايتها من ضغوطات  التوجيه القسري أيًّا كان مصدره، ويبتعد بها عن التعاطي السوقي المؤسف، والذي لا مناص من الإقرار برواجه متسرباً نحو بعض الأوساط العلمية، ممَّا في ذلك من عدم مراعاة أصول البحث العلمي وصون مصالح الأمة العليا.

وفي اعتقادنا، إن كل ذلك لا يمس وقار المجلة ولا ينتقص من رزانتها، بل إن من شأن ذلك أن ينحو بالمجلة إلى المزيد من الواقعية في عالم اليوم الذي يشهد طفرة نوعية في أدوات نشر الثقافة الإنسانية.

 

 

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة