تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

الحوار الإسلامي - الإسلامي المعاصر ..

صلاح الدين العامري

الحوار الإسلامي - الإسلامي المعاصر..

تجارب التقريب بين المذاهب الإسلاميّة نموذجاً

صلاح الدين العامري*

* باحث جامعي من تونس، البريد الإلكتروني: slaheddine_alamri@yahoo.fr

 

 

- رسالة دكتوراه في اللغة والآداب والحضارة العربيّة، اختصاص حضارة.

- إعداد الباحث: علي بن مبارك.

- إشراف: الأستاذ حسن القرواشي.

- جامعة تونس - مدرسة الدكتوراه بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعيّة.

- تاريخ المناقشة: 22 يونيو (حزيران) 2013.

 

الباحث: علي بن مبارك من مواليد مدينة صفاقس عاصمة الجنوب التونسي، ويمثّل الجيل الجديد من الباحثين بالجامعة التونسيّة، وتكمن ميزة هذا الجيل، في مواكبة انفتاح الجامعة التونسيّة على مناهج البحث الحديثة في الجامعات الغربيّة. وتحقّق هذا الأمر بمجهودات نخبة من الأساتذة الجادّين الذين جمعوا بين امتلاك ناصية اللغات الأجنبيّة باقتدار، والصرامة العلميّة في مقاربة التعليمة ومعالجتها.

البحث: يندرج هذا العمل ضمن سياقين، أوّلهما عام وهو ظهور رغبة عالميّة في الحوار بين الأديان والحضارات والتقارب بينها بدل التجاهل والصّراع، وقد مهّدت لهذه الحالة الفكريّة والنفسيّة مجموعة من العوامل، منها اعتراف الفاتيكان بعدد من الأديان الأخرى في مجمعه المسكوني الثاني المنعقد بين سنتي 1963م و1965م[1]، ومساندة عدد من المنظمات الدولية هذا التمشي بإصدار بيانات تتعلّق بالتنوع الديني والثقافي وحق الآخر في الاختلاف.

وينضاف إلى ذلك اتساع دائرة العلاقات الاقتصاديّة بين مختلف دول العالم وعبور رأس المال الحدود الجغرافيّة، وحاجة القائمين عليه إلى شبكة جديدة من العلاقات الإنسانيّة تساعد على نجاح هذا التوسّع.

وثانيهما خاص، وتمثّل في ظهور رغبة لدى مجموعة من رجال الدين الشيعة والسنّة في التقليص من حجم الهوة الفاصلة بين المذهبين الأكثر انتشاراً وتمثيلا للمسلمين في العالم.

وتعود أولى تجارب التقريب الجادة في العصر الحديث إلى شخصيّتي الشيخ محمد تقي القمّي[2] والشيخ محمود شلتوت[3] مؤسّسَي دار التقريب بالقاهرة.

وقد أشار علي بن مبارك إلى هذا السياق بقوله: «لا نبالغ إذا اعتبرنا الحوار أهمّ مشاغل العصر، يطرح اليوم في مستويات متعدّدة ومن خلال مداخل متنوّعة، إذ أصبح الحوار حديث الساعة ومشغل المثقفين والساسة والمبدعين ورجال الدين وأهل الاقتصاد والإعلاميين واللسانيين وخبراء علم الاجتماع وعلم النفس وغيرهم من المختصّين....»[4].

ولم يخفَ عن صاحب الأطروحة صعوبة الإحاطة بالمسألة ومقاربتها، في ظل الخلافات المتنوّعة والحادّة أحياناً بين مدونات المذهبين السنّي والشيعي. وقد اتضح هذا الوعي في توسيع الباحث لدائرة المدوّنة المشمولة بالدرس، فأدرج ضمنها ستين عدداً من مجلة (رسالة الإسلام) تمّ نشرها بين (1368هـ/ 1949م و1392هـ/1972م)، وشملت أيضاً مجموعة من أعمال المنظمة الإسلاميّة للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، وأعمال مؤتمرات الوحدة التي ينظمها المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة في طهران، وواحداً وثمانين عدداً من «مجلة التقريب» الصادرة عن المجمع ذاته، وسبعة أعداد من مجلة Le Débat المهتمة بشأن التقريب.

وأعمال تقريبيّة أخرى صدرت بالدوحة ومسقط وعمّان، وقد دفع هذا التنوّع الباحث إلى وضع مصطلحي حوار وتقريب بين قوسين: «حوار»/ «تقريب»، ونبّه علي بن مبارك إلى هذا التعقيد الحاصل فقال: «ليس من اليسير حصر تجارب التقريب كما تجلّت لدى مختلف الجماعات الإسلاميّة ورجالاتها في مدوّنة مضبوطة ونهائيّة»[5].

وبدا صاحب الأطروحة مسكوناً بمجموعة من الهواجس المنهجيّة والمفهوميّة التي ميّزت أعماله عامة، ومن بينها أهداف الحوار، وخصوصيّة أطرافه المشاركة، وخلفياتهم الصريحة والمضمّنة.

ولتجاوز هذه الحيرة المعرفيّة، في بعدها الإيجابي، استأنس علي بن مبارك بمجموعة من المداخل قامت أساساً على التعامل مع نصوص المدونة، والنصوص الحافة بها باعتبارها نسقاً تشكل وفق معطيات تاريخيّة، من أهمها السياقان الثقافي والاجتماعي. ودقّق اختياراته فأقرّ بأنّ هذا المعطى جعله يتعامل مع الدّين باعتباره ظاهرة سوسيوثقافيّة تحتاج في تحليلها إلى آليات تفكيكيّة تتعلّق بعلم الاجتماع الدّيني والأنثروبولوجيا الدينيّة وتاريخ الأديان والدراسات المقارنة للأديان والظاهرات الثقافيّة[6].

ولم يفوّت الإفادة من مناهج البحث الحديثة التي وفّرتها العلوم الإنسانيّة، وركّز خاصّة على مدارس تحليل الخطاب والدراسات اللسانيّة، إيماناً منه بأنّ هذه النصوص هي مجموعة من المعارف والفنون.

وقسّم بحثه إلى ثلاثة أبواب كالتالي:

ﷺ الباب الأول: تجارب التقريب بين المذاهب الإسلاميّة وأدبياته..
عرض المدونة وسياقاتها

طرح علي بن مبارك في هذا المبحث تاريخ فكرة التقريب في الثقافة الإسلاميّة، فعرض بعض الأطروحات السائدة، وحاول نقدها وتجاوز ما اعتبره قصوراً فيها[7].

وتجاوز التأريخ لمحاولات التقريب، وربطها بمرحلة استقرار الدولة الإسلاميّة، وظهور فقهاء كبار المذاهب، ليعيدها إلى مرحلة النبوّة دون ذكر دليل يدعم رأيه[8].

والتزاماً منه بالموضوع المطروح، ركّز على خصوصيات التجربة في المدونات الحديثة، وبذل جهداً محموداً في الإحاطة بمدونة ضخمة ومتنوّعة، واستنجد بما اكتسبه من معارف منهجيّة منها التصنيفي والتوثيقي.

وكان علي بن مبارك وفيًّا لهواية ممارسة النقد البناء، ولم يتوانَ أحياناً في استعمال مطرقة نيتشه لهدم خطابات المجاملة والتلفيق المصاحبة للنصوص المدروسة.

وتوصّل بفضل هذا المنهج التثويري[9]، إلى مجموعة من النتائج الهامّة، ومن بينها اتجاه هذه النصوص اتجاهاً واحداً أخلّ بمفهوم الحوار ومقوّماته الأساسيّة، ولخّص العلاقة بين أطراف الحوار في ثنائيّة «المهيمِن» والمُهَيمن عليه»[10].

ولاحظ الباحث هيمنة الإسلام الرسمي على خطابات هذه الحوارات هيمنة مارست الإقصاء والتهميش والانتقاء التلفيقي، وانتقد في هذا السياق تغييب مكوّنات هامة من الإسلام الرسمي ذاته مثل العلويّة والإسماعيليّة والدروز والأحمديّة وغيرها[11].

وتحدّث ابن مبارك في هذا السياق عن ثنائيّة الهامش والمحور، مستنداً في ذلك إلى طبيعة المشاركين في الندوات والمؤتمرات والكتابة والنشر، إلى تجاربه الشخصيّة في هذه الأعمال من خلال المشاركة في أكثر من مناسبة[12]. وذكر أنّ مؤتمرات الوحدة بطهران مثلاً تقع تحت هيمنة رجال الشيعة الموالين للولي الفقيه، مقابل تغييب تام لمخالفيهم من أبناء المذهب والوطن، ويطرح هذا المعطى مجدّداً علاقة السياسي بالديني في الصراع المذهبي الإسلامي.

وانتقد صاحب الأطروحة عدم جديّة المتحاورين وعجزهم عن التخلّص من ذاكراتهم المذهبيّة، وحضورهم أو مشاركتهم من أجل التعريف بالذات، والدفاع عن مقوّماتها دون الاهتمام بمعرفة الآخر أو محاورته وفق المعنى المتعارف لمفهوم الحوار.

يقول علي بن مبارك: «لا نبالغ إذا اعتبرنا الخطاب التقريبي في تعدّده خطاب الذاكرات بامتياز، فأغلب التجارب عملت على التأسيس الأيديولوجي من خلال ما أنجزه القدامى وما يراه المحدثون، وتحتوي كلّ تشكيلة خطابيّة في ذاتها ذاكرة مزدوجة، فهي من جهة تنخرط في ذاكرة خارجيّة باندراجها في تشكيلات خطابيّة سابقة، وهي من جهة ثانية تبدع ذاكرة داخليّة، وهذا يعني أنّ الخطاب يعتمد على التراث، ثم ينتج لنفسه بالتدرج تراثه الخاص»[13].

وإن كنّا نثمّن المجهودات التي بذلها علي بن مبارك في الإحاطة بهذا الكم الهائل من النصوص، فإنّنا لاحظنا نوعاً من الانتقائيّة في التركيز على بعضها مقابل إهمال البعض الآخر، تحت تأثير القناعات التي اكتسبها في خلال مشاركاته المباشرة في أنشطة التقريب المتنوّعة. وكان من الأجدى أن يختزل هذه المدوّنة الضخمة في تجربة أو تجربتين حتى يتسنّى له تعميق البحث والإفادة من جهة، وفسح المجال لغيره من الباحثين لطرح رؤى ومناهج يمكن أن تحقق مكاسب غابت عنه، ويمكن لمن يعرف الرجل عن كثب أن يفسّر مراكمة نصوص المدونة بالجشع[14] المعرفي الذي يميّزه، والرغبة في البحث غير المحدودة، والحسّ النقدي الذي يجعله يتخيّل ما يمكن أن يواجهه من أسئلة حول المبحث.

ﷺ الباب الثاني: في معاني التقريب بين المذاهب الإسلاميّة
والحوار الإسلامي – الإسلامي.. المفاهيم والسياقات

تدرّج علي بن مبارك من العام إلى الخاص، فسعى في هذا المبحث الثاني إلى الوقوف عند معاني التقريب ودلالات الحوار انطلاقاً من النتائج التي حصّلها في الإحاطة بنصوص المدوّنة. وعبّر عن هذا المشغل في مجموعة من الأسئلة طرحها كالتالي: كيف فهم التقريبيون التقريب؟ وكيف تطوّرت أفهامهم بتطوّر السياقات والمجالات؟ وهل استطاع روّاد التقريب توضيح تصوّراتهم المتعلقة بالتقريب والحوار، أم تراهم عجزوا عن ذلك فاقترحوا أفكاراً متناقضة ومفاهيم مضطربة؟ وإلى أيّ مدى استطاعوا التحرّر من هيمنة الأيديولوجيا والسياسة في ضبط المفاهيم التقريبيّة؟[15].

وتوصّل الباحث في أثناء إجابته عن الأسئلة التي طرحها، إلى مجموعة من النتائج من بينها التمايز الواضح بين القدامى والمحدثين في تشكيل مفهوم «التقريب». فقد أخذ المصطلح عند القدامى بعداً تعليميًّا قُصد به أساساً تبسيط المعارف وتيسيرها وشرح غموضها، وانتشر هذا المعنى خاصة بين كتب التفسير[16].

وبعداً سياسيًّا تعلّق أساساً بالعلاقة بين الحاكم والمحكوم، ونزّل في هذا المعنى الثاني كتاب (تبعيد العلماء عن تقريب الأمراء)[17]، وأخذ المصطلح عند بعض المعاصرين بعداً أيديولوجيًّا يهدف أساساً إلى تحقيق مصالحة بين التراث وهويتهم الحضاريّة الغريبة عنهم[18].

وتدرّج هذا المفهوم في الأدبيات الحديثة ليكتسي عند «جماعة التقريب» مثلاً معنى الاعتراف المتبادل بين المذاهب، والتعايش السلمي بينها، وفق الإقرار بمبدأ نسبيّة الحقيقة، وتشريع التنوّع والاختلاف، بعد مصادرتهما لقرون عدّة، واكتسب عند آخرين معنى أكثر أدلجة يهدف إلى توحيد المسلمين بقطع النظر عن اختلافاتهم الجوهريّة[19].

وركّز التقريبيون على البعد الإجرائي، فاقترحوا مجموعة من الحلول العمليّة التي تحوّل المفهوم المجرّد إلى عمل وممارسة، ونادوا بإيجاد «ثقافة للتقريب» تتجسّم في العمل المشترك والتفكير من خلال مساحات الالتقاء، وتحييد الاختلافات دون هدمها أو التعدّي عليها. وقد ثمّن علي بن مبارك هذا المعنى للحوار، باعتباره مدخلاً لمعالجة نفسيّة لقرون من الجفاء والصراع متعدّد الأوجه.

ورغم ما أبداه من تفاعل مع المطروح، فإنّه انتقد بشدّة طغيان المجاملات وتغييب البحث عن حلول فعليّة يمكن أن تعقب مرحلة الهدنة والتشاحن، وفسّر ذلك بتحكم الإرادات السياسيّة في توجيه هذه المحاولات التقريبيّة.

وبقدر ما تسلّح علي بن مبارك بشجاعة الناقد الذي لا يخشى لومة لائم في العلم والمعرفة، فإنّه بدا متوتّراً في نقد بعض المواقف، والقسوة على أصحابها الذين تعاملوا مع ظروف الحوار الصعبة بحكمة. ولم نجد في بعض مراحل هذا الباب حرصاً كافياً من صاحبه على تبويب الأفكار المطروحة للنقاش، مما أوقعه أحياناً في مجموعة من الردود على أفكار لأشخاص متعددين لا يحملون مشاريع دقيقة، بقدر ما يطرحون خواطر يغلب عليها الارتجال، ونعود مرّة أخرى لنذكّر بضريبة توسيع نصوص المدوّنة، ووقوع الباحث تحت ضرورة التعامل معها وعدم إهمالها.

ﷺ الباب الثالث: من قضايا الحوار الإسلامي- الإسلامي..
اختلاف الأنساق وتباين التمثّلات

يمثّل المبحث الثالث من أطروحة علي بن مبارك الجانب التطبيقي فيها، فبعد أنّ وثّق التجارب «الحواريّة» و«التقريبيّة» في الباب الأوّل، وحدّد مصطلحاتها في الباب الثاني، طرح في هذا الباب الأخير نماذج من مواضيع الحوار. وطرح مسألة الوحي والإمامة وتكفير المخالف والتقيّة، وقضايا فقهيّة مثل الصلاة، وأخرى تشريعيّة مثل السنّة والفتوى.

وقد لمس صاحب الأطروحة مجموعة من التباينات غير اليسيرة بين المتحاورين، وعزا ذلك إلى أسباب ذاتيّة تعلّقت بطبيعة المشاركين، فقد غلب عليهم عدم إدراك معاني الحوار ومقوّماته، فكانوا يعرّفون بذواتهم الجمعيّة والمذهبيّة دون القدرة على التقدّم تجاه الآخر.

وصنف علي بن مبارك خطاباتهم «التقريبيّة» خطابات سجاليّة، اعتماداً على ما وفّرته مدارس تحليل الخطاب من وسائط لتحليل النصوص، وهذه مزيّة من مزايا البحث التي انتشرت على كامل أجزائه.

واعتبر صاحب الأطروحة أن هذا الخطاب السجالي، وكل نص ديني هو خطاب سجالي بالضرورة، تعبيراً عن عمق الأزمة التي حكمت العلاقة بين المذاهب الإسلاميّة ولا زالت، ودليلاً على ضعف آليات المعالجة المطروحة في أعمال التقريب. وقال في هذا السياق: «اكتشفنا من خلال طرق باب مواضيع الحوار الإسلامي - الإسلامي جوانب من أزمة الخطاب الإسلامي قديماً وحديثاً، ولعلّ أبرز وجوه هذه الأزمة ما تعلّق بهذا الخطاب من تحوّلات خطرة أرست حول العقيدة في أصولها الأولى أسواراً منيعة، وسيّجت نصوص التأسيس بنصوص حافة، وأصبح الاهتمام بفروع الدين وجزئياته مشغل العامة والخاصّة، وامتزجت الأصول بالفروع، وشمل التقديس كلّ النصوص»[20].

ورغم تثمين الباحث لهذه المجهودات في مواضع عدّة من بحثه فإنّه لم يتوانَ في إعلان عجز هذه المحاولات التقريبيّة عن خلق مناخ حقيقي للتقريب والتقارب بين المسلمين الرسميين، باعتبار أنّهم سيّجوا هذه الحوارات، إمّا بأسوار قاعات الفنادق الفخمة، أو بأسوار الكتب التي لا يطلع عليها إلَّا جزء من النخبة.

وهذا يعني الفشل الذريع لقرابة قرن من المحاولات، يقول علي بن مبارك: «على هذا الأساس كان من العسير التقريب بين وجهات النظر الإسلاميّة المختلفة دون التحرّر من هذه التحولات الخطرة، ولم يظهر الخطاب التقريبي لكلّ أطيافه جرأة ورغبة حقيقيّة في فضح تلك التحوّلات وتجاوزها، فظلّ سجين حلقات مفرغة لا يكاد يبرحها، ويكتفي لحظة الأزمات الخطابيّة (Crises discursives) القصوى بالمجاملات والمغالطات»[21].

وبقدر ما حمل لنا البحث من تشاؤم إزاء هذه التجربة التقريبيّة بين المسلمين من خلال ممارسة عمليّة نقديّة معمّقة تعكس قيمة صاحبه، بقدر ما وفّر لنا من التفاؤل بميلاد أقلام جادة يمكن أن تضرب بقوّة مواطن الضعف في هذا المسار المهم، والسبيل الأوحد الذي يجب أن تبنى عليه العلاقة بين المذاهب الإسلاميّة.

ودون ذلك ستكون كلّ الجهود المبذولة في مهب رياح أي أزمة قد تعصف بالمسلمين، ولئن كان الامتياز مخصوصاً بعلي بن مبارك، فإنّ إدراج عمله ضمن جهود الجامعة التونسيّة في مقاربة النصوص التراثيّة مقاربة علميّة يثمّن دون شكّ مجهودات أساتذتنا الأجلاء الذين لم يتوانوا في غرس روح النقد البناء في طلبتهم، ودفعهم إلى الصرامة في مقاربة النصوص التراثيّة، مهما كان مضمونها ومصدرها وسياقها.

 

 

 



[1] يمكن العودة إلى وثائق هذا المجمع على العنوان التالي:

- http://www.vatican.va/archive/hist_councils/ii_vatican_council/index_fr.htm

[2] ولد الشيخ محمد تقي القمّي في مدينة قم الإيرانيّة سنة 1910م. شغل والده منصب كبار القضاة الشرعيين بطهران، وتعمّق تقي القمي في دراسة اللغتين العربيّة والفرنسيّة، وجسم رغبته في الانفتاح على الآخر برحلته إلى القاهرة سنة 1937م، طرح هناك على علماء الأزهر فكرة التقريب بين المذاهب الإسلاميّة، ورغم عودته إلى طهران بسبب الحرب العالميّة الثانيّة، فإنّه عاد إلى القاهرة سنة 1946م وطرح الفكرة مجدّداً ونجح في تأسيس دار التقريب بين المذاهب الإسلاميّة بالقاهرة سنة 1947م. وتوفي في باريس سنة 1990م. انظر هادي خسروشاهي: قصّة التقريب، أمّة واحدة ثقافة واحدة، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة، طهران، 2007م، ص ص 22- 31.

[3] عاش الشيخ محمود شلتوت بين 1893 و 1963م، هو فقيه مصري عرف بنزعته الإصلاحيّة في مناهج البحث والتعليم الديني، وقد واجه معارضة شديدة من قبل شيوخ الأزهر وطرد منه، لكنّه نجح في العودة إليه على رأس مشيخته سنة 1958م.

[4] علي بن مبارك: الحوار الإسلامي - الإسلامي المعاصر، ص2.

[5] م.ن، ص7.

[6] م.ن، ص3.

- يمكن العودة في هذه المسألة إلى:

- Claude Rivière : Socio-anthropologie des religions, 2e édition, Armand Colin, Paris, 2008.

[7] علي بن مبارك: الحوار الإسلامي - الإسلامي المعاصر، ص8.

[8] م.ن، ص9.

[9] ينظر معاني الجذر (ث، و، ر) في القاموس المحيط، تحقيق مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف نعيم مجمد العرقسوسي، بيروت، مؤسسة الرسالة،  1462هـ/2005م، ط8، ص ص 359-360.

[10] علي بن مبارك: الحوار الإسلامي - الإسلامي المعاصر، ص106.

[11] م.ن، ص106.

[12] م.ن، ص107.

[13] م.ن، ص106.

[14] جاء في القاموس المحيط: الجشع أشدّ الحرص، ص709.

[15] م.ن، ص108.

[16] م.ن، ص110.

[17] علي بن سلطان بن محمد القاري: تبعيد العلماء عن تقريب الأمراء، عالم الكتاب، سلسلة قضايا تربويّة.

[18] علي بن مبارك: الحوار الإسلامي - الإسلامي المعاصر، ص111.

[19] م.ن، ص 133 وما بعدها.

[20] م.ن، ص462.

[21] م.ن، ص464.

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة