تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

أسس العلاقة بين المرأة والرجل من منظور قرآني

نادية الشرقاوي

أسس العلاقة بين المرأة والرجل

من منظور قرآني[1]

الدكتورة نادية الشرقاوي**

 

** باحثة في علم الأديان وقضايا المرأة في الفكر الإسلامي من المغرب. البريد الإلكتروني: charkaouinadia@hotmail.com

 

 

 

تقديم

انحصر موضوع المرأة في الفكر الإسلامي ضمن خندق ضيّق، في عناوين معيّنة مثل: «قضية المرأة» و«حقوق المرأة في الإسلام»، وشعارات من قبيل: «الإسلام يكرم المرأة»... إلخ، شعاراتٌ في عمق حقيقتها صحيحة، لكنها مفرّغة من الداخل، يحكمها فكر معيّن وواقع معيّن، بعيدة عن المفاهيم التي أسّست لها رسالة الإسلام، كمفهوم «إنسانية المرأة» و«تحرير المرأة من الاضطهاد والتمييز».

ولتجاوز هذه المقاربة التقليدية الضيقة التي همّشت المرأة، وجعلت لها أدوار ثانوية ووظائف تكاملية بالنسبة لموقع الرجل، لا بد إذن من الرجوع إلى المفهوم القرآني التحريري للإنسان، وإلى المبادئ الأساسية للقرآن الكريم، وأهمها مبدأ «المساواة بين الرجل والمرأة في الإنسانية».

فرسالةُ الإسلام رسالة تحرّرية بامتياز، حرّرت الإنسان، رجلًا كان أم امرأة، من كل أشكال الاستعباد المادي والمعنوي، وقد تناول القرآن الكريم موضوع تحرير الإنسان[2]، وأفرد له مساحة كبيرة بل اعتبرها القضية الكبرى التي تنبثق منها كل القضايا الأخرى؛ ولذا لا بد لنا من استعادة هذا المفهوم، وبلورة مقاربة جديدة للنصوص القرآنية.

إذن كيف قدّم لنا القرآن صورة المرأة الإنسان؟ وما هو هذا المفهوم التحرّري الذي جسَّدته الآيات القرآنية للمرأة والرجل كإنسان؟

ما هي القراءة التجديدية لموضوع علاقة المرأة بالرجل، في ضوء قراءة شمولية للقرآن الكريم (الآيات الكونية، الآيات السياقية، الآيات الخاصة)؟

أولًا: استيعاب القرآن وتطبيقه كرسالة تحرّرية

يعدّ القرآن الكريم الكتاب السماوي الوحيد الذي تعهّد الله عز وجل بحفظه من أي تحريف زمانًا ومكانًا، وقد فهمه الناس فهومًا مختلفة تتّفق أحيانًا، وتختلف أحيانًا أخرى، حسب ما يوفّره كل عصر من معارف جديدة، وحسب اختلاف ثقافات ومعارف الناس.

يدعو هذا النص المعجز، في الكثير من آياته الكريمة، إلى التأمّل والتدبّر والفهم العميق، فالجيل الذي تلقّى القرآن على يد المعلم الأول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، أخذ القرآن وحفظه وفهمه، ولم يفصل بين فهم القرآن وحفظه، فكما تسابقوا في حفظ القرآن تسابقوا في فهم معانيه، وانعكس ذلك الفهم على حياتهم اليومية، لينتج مادّة اسمها العمل بكتاب الله، وتغيّر نمط حياتهم للأفضل، «وبما أن القرآن ليس تراثًا، وجب علينا أن نفهم أن صياغته متشابهة، وأنه جاء من حي إلى أحياء، فالله حي والعرب في القرن السابع الميلادي أحياء، فتفاعلوا معه حسب أرضيتهم المعرفية، ونحن الآن في القرن الخامس عشر الهجري أحياء والله حي، فما علينا إلَّا أن نتفاعل معه طبقًا لأرضيتنا المعرفية، ففي هذه الحالة فقط لا يكون القرآن تراثًا لأننا نفهمه على أساس أنه تنزّل علينا»[3].

وفي هذا السياق أيضًا، أذكر كلامًا نفيسًا للشاعر والمفكر محمد إقبال (1877-1938م) يُبيّن فيه أهمية القرآن في تغيير حياته: «قد كنت تعمّدت أن أقرأ القرآن بعد صلاة الصبح كل يوم، وكان أبي يراني فيسألني: ماذا تصنع؟ فأجيبه أني أقرأ القرآن، وظلّ على ذلك ثلاث سنوات متتاليات، يسألني سؤاله، فأجيبه جوابي، وذات يوم قلت له: ما بالك يا أبي تسألني نفس السؤال، وأجيبك جوابًا واحدًا، ثم لا يمنعك ذلك عن إعادة السؤال من غد؟ فقال: إنما أردت أن أقول لك يا ولدي: اقرأ القرآن كأنما نزل عليك، ومنذ ذلك اليوم بدأت أتفهم القرآن وأُقبل عليه، وكان من أنواره ما اقتبست، ومن دُرره ما نظمتُ»[4].

وحقًّا، فتدبّر القرآن الكريم، والتفاعل معه، باعتباره النقطة المركزية والمرجعية العليا في الإسلام، يضْمن لنا رؤية جلية وواضحة، إذا اهتدينا به في تدبير الأمور الشائكة في موضوع علاقة المرأة والرجل، فهو كتاب هداية يرشد الحائر إلى غايته: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّر المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾[5].

وكتاب ينير طريق الحق، إذا تجلّت البصيرة مع البصر، لقوله تعالى: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾[6].

وبالتفاعل مع القرآن الكريم، نستوعب القرآن ورسالته التحريرية للإنسان، ولذا فعلينا لفهم هذا التحرير، أن نجمع بين أمور أساسية هي:

1- إعادة قراءة النصوص القرآنية بالرجوع إلى المفهوم التحرّري للوحي.

2- عدم استئصال الآيات القرآنية من سياقها الأصلي.

3- احترام الرؤية الشمولية للقرآن: كرؤية شمولية للإنسانية.

4- تطوير جديد للمفهوم القرآني للإنسان.

عندما نقف مع البناء القرآني للإنسان، نجد آيات كثيرة تقدّم لنا صورة هذا الإنسان كما خلقه الله عز وجل، وكما أراده في كونه، فقوله تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾[7]، يُبين بناء الإنسان -رجلًا وامرأةً- في تكوينه الجسدي والبيولوجي الذي جمع بين حسن التركيب وحسن التقويم والتعديل، الدال على عناية الخالق بهذا المخلوق، وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾[8] يبين تشريف بني آدم الإنسان وتكريمه على بقية الخلق، بالتمييز والعقل والمعرفة والاستخلاف في الأرض وتحقيق العدل، وهو ما يتعارض مع الخطاب التمييزي الذي ينعت المرأة بالنقص الجسدي والضعف العقلي، ليكرّس تفوّق الرجل على المرأة.

فحينما نتأمّل النصوص القرآنية، نجد أن الإنسان في القرآن مخلوق بشري، بغض النظر عن عرقه أو أصله أو جنسه أو لونه أو عقيدته، بينما الإنسان في الخطاب التمييزي المتطرّف، يُعدُّ، أولًا وقبل كل شيء، رجلًا، وبالضرورة عربيًّا، وفي الوقت الذي ينسب فيه القرآن الكريم الضعف للإنسان عمومًا: ﴿وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾[9]، ينسب الخطاب التقليدي قيمة الضعف للمرأة.

يقدّم القرآن إذن مفهومًا شموليًّا للإنسان، يجمع بين القيم الأخلاقية والقيم الاجتماعية (التوحيد، العدل، العقل، حرية الاعتقاد، العلم، الأمانة، الاختلاف، المحبة، الرحمة، الكرامة)، حيث تنعكس هذه القيم على المحيط الاجتماعي، الذي تنطلق نواته من الأسرة: الصورة المصغرة للمجتمع.

ثانيًا: نحو مقاربة جديدة

لطرح مقاربة جديدة في موضوع أسس العلاقة بين المرأة والرجل من المنظور القرآني، لا بد من قراءة تدبرية للقرآن الكريم، تستحضر ثلاثة أنواع من القراءات للآيات القرآنية: القراءة الشمولية، والقراءة المقاصدية، والقراءة الاجتهادية.

أولًا: القراءة الشمولية

تعكس هذه القراءة تناول القرآن الكريم لكل الجوانب الإنسانية، حيث إن القرآن الكريم لم يقف عند حدٍّ واحد من الجوانب الإنسانية، بل تحدّث عن مجالات متعدّدة، تجمع بين الجانب العقدي، والجانب التشريعي، والجانب العملي، والجانب الأخلاقي، والجانب الحقوقي، والجانب التربوي، في إطار تنظيم العلاقات الإنسانية بين المرأة والرجل.

والمقصود بالقراءة الشمولية عدم استخلاص الأحكام واستنباطها إلَّا بعد جمع كل الآيات القرآنية في الموضوع، ومراعاة السياق الواردة فيه، وتحديد الموضوع العام للسورة التي وردت فيها كل الآيات، فأحكام النساء الواردة في سورة البقرة، أو في سورة النساء، لا يمكن أن تتنافى مع الأحكام العامة الواردة في السورتين، فلا يمكن فصل أحكام النساء الواردة في سورة البقرة -مثلًا- عن أحكام اليتامى وأحكام الوصية، فكلها أحكام تتّفق مع باقي أحكام السورة في المقاصد العامة التي يجب تحديدها، ولعل أهمها تحقيق العدل والمساواة بين الناس، قال تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاحًا﴾[10]، وقال تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾[11]، وقال تعالى: ﴿ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُواْ﴾[12].

ثانيًا: القراءة المقاصدية

والمقصود بها القراءة التي تهدف إلى استنباط أحكام تتوافق ومقاصدَ الشريعة، ولا يتأتَّى ذلك إلَّا من خلال القراءة الشمولية للآيات موضوع الدرس، فإذا كانت الأحكام المستنبطة مخالفة لمقاصد الشرع، وجب إعادة النظر فيها، فإذا كان الحكم بعيدًا عن مقصد العدل ومقصد المساواة، وجب إعادة قراءة النص، ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾، ظاهره مناقض لقوله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾، فالآية الأخيرة تقرّ تسوية تامّة بين المرأة والرجل، بخلاف الأولى التي تجعل للرجال على النساء درجة، من هنا وجب ضرورة تحديد مفهوم «الدرجة»، وذلك بالرجوع إلى هذه الكلمة في كل الآيات القرآنية، لمعرفة هل قوله تعالى: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ يراد منه إثبات تفوّق الرجل على المرأة، أم أن المقصود أمر آخر؟

فالقراءة المقاصدية تحفظ للقرآن خصوصياته، وتحقّق مقاصده، من خلال معرفة مراد الله تعالى من خطابه، وإحالته إلى واقع عملي كما كان يفعل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما كان يعمل على تحويل تعاليم السماء إلى واقع معيش، فكان خير نموذج لتنزيل وتجسيد تعاليم القرآن الربانية، حتى وصفته السيدة عائشة بقرآن يمشي على الأرض.

وكما كان الصحابة -رضوان الله عليهم- من بعده يراعون مقاصد الشرع، فكانوا إذا توصّلوا إلى فهم معيّن لكتاب الله، ووجدوه يخالف مقاصد الشرع ولا يحقّقها، عدَلوا عنه، ولعل ما فعله عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقدّم أفضل مثال، فقد أوقف العمل بزواج الكتابية فترة من الزمن، تحقيقًا للمصلحة العامة للمجتمع الإسلامي[13]، مع أن النص القرآني قد أجازه، والآية القرآنية موجودة، فلم يتّهمه أحد بتوقيف العمل بالنص القرآني، فالقراءة المقاصدية إذن، تبيّن للناس ما يحقّق صلاحهم في الحال، والفلاح في المآل، وهي قراءة تجمع بين أبعاد ثلاثة: التلاوة والتدبر والتطبيق.

ثالثًا: القراءة الاجتهادية

والمقصود بها أن نعيد قراءة نصوص القرآن بهدف مراجعة الأفهام السابقة، فأفهام الناس تتطوّر مع تطوّر آليات الفهم والاكتشافات العلمية وتقدّم المعارف المختلفة، وكثير من آي القرآن فُهمت فهمًا موافقًا لزمن صاحبه، ليتّضح فيما بعد أن المقصود من قول الله تعالى في تلك الآية غير ما وصل إليه فهم ذلك الزمان، ولعل الآيات القرآنية المتعلّقة بموضوع الرجال والنساء، والعلاقة بينهما من أكثر النصوص حاجة لإعادة القراءة وإعادة الفهم، إذ غالبًا ما يوجّه الفكر الذكوري معاني الآيات عن قصد أو غير قصد، فالثقافة المجتمعية السائدة مؤثّرة ضرورة في الفهم.

فالقراءة الاجتهادية إذن هي استنباط من القراءة الشمولية والقراءة المقاصدية لأحكام تنسجم مع القرآن، وما دام القرآن لا يعيق عمل العقل[14]، ما دام ما يتوصّل إليه العقل الصريح، على حدِّ تعبير الشيخ ابن تيمية، يمكن أَلَّا يتعارض مع النص الصحيح[15].

وانطلاقًا من هذه القراءات الثلاث، ينبغي أن نستخلص علاقة المرأة والرجل من المنظور القرآني، وأن يكون تناولنا لهذا الموضوع بناءً على استحضار القراءات الثلاث، فالقراءة الشمولية تفرض علينا تجاوز القراءة التجزيئية، التي تقف عند الآيات التي تخدم فهمًا معيّنًا، والقراءة المقاصدية تفرض علينا استحضار ومراعاة المقاصد العامة التي جاء بها القرآن، كالعدل والحرية والاختيار والمسؤولية الفردية، والقراءة الاجتهادية تفرض علينا ألَّا تكون الثقافة العُرفية موجّهة لفهمنا للنص القرآني، وتتعامل مع الآيات القرآنية بعيدًا عن الفكر المقيّد بالزمان، والمحصور بالمحيط خاص به.

ثالثًا: المفهوم القرآني للإنسان: المرأة الإنسان

عندما نطّلع على النصوص القرآنية، وخصوصًا فيما يتعلّق بموضوع «المرأة»، نجد القرآن يتميَّزُ في تناوله لهذا الموضوع، فهو يختلف عن تعامل نصوص العهدين القديم والجديد، حيث تعامل مع المرأة بإنصاف، تمتّعت في ظل مبادئه بالمرتبة ذاتها التي يتمتّع بها الرجل، فلم يفرّق بين الرجل والمرأة في الجنس، بل أكدَّ عدم التمايز بين الذكر والأنثى، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾[16].

ويظهر عدم تمييز الحق سبحانه وتعالى بين الذكر والأنثى في قصة ولادة مريم أم المسيح (عليهما السلام)، حيث أكد الحق سبحانه وتعالى سمو الأنثى، ومساواتها لأخيها الرجل حتى في خدمتها لأشرف البيوت الطاهرة: بيت الله، وذلك في قوله تعالى: ﴿لَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ[17] وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا﴾[18]، ففي هذه الآية الكريمة تظهر جليًّا مكانة الأنثى عند الخالق سبحانه وتعالى، فلم يفرّق عز وجل بينها وبين الذكر، بل تقبّلها بقبول حسن، وأنشأها إنشاءً صالحًا حسنًا لتكون في خدمة بيت الله.

كما أشار القرآن إلى أن الرجل والمرأة من نفس واحدة، وذلك في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾[19]، لا يمكن أن يستغني أحدهما عن الآخر ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ﴾[20]، بمعنى أنهن ستر لكم وأنتم ستر لهن، يستر بعضكم بعضًا، كما يستر اللباس الجسد، ولفظ اللباس يجمع عدّة معاني منها: السَّكن والسكينة والستر والمخالطة والإحصان والأمن.

والمرأة إلى جانب الرجل داخل المنظومة القرآنية، تُسهم في إدارة شؤون الحياة على قدم المساواة، وتستقلّ بشخصيتها عن الرجل، كما في قوله تعالى: ﴿وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾[21].

ولا فرق إذن بينها وبين الرجل إلَّا بالتقوى، فهي مسؤولة مثله، ومكلّفة بجميع الواجبات الإيمانية والتعبّدية والمالية والاجتماعية..، فلكل من الرجل والمرأة حقوق وواجبات، لا أفضلية لأحدهما على الآخر، وإنما التساوي في الحقوق والواجبات وفق الهدي الإلهي: ﴿إِنَّ المُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ وَالمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالمُتَصَدِّقِينَ وَالمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾[22].

فلم يميّز بينها وبين أخيها الرجل في الأوامر والنواهي، والحقوق والواجبات، وما يترتّب على ذلك من الجزاء، والأفضلية بينهما تكون بالأعمال الصالحة، قال تعالى: {فاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ﴾[23]، وقال تعالى: ﴿وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾[24].

وهي أولًا وقبل كل شيء المرأة الإنسان، فهي والرجل جنبًا إلى جنب تتحمّل أعباء الرسالة الإلهية، وتتحمّل مسؤولية أدائها على أحسن وجه، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[25]، وقال تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا. لِيُعَذِّبَ اللَّهُ المُنَافِقِينَ وَالمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾[26].

رابعًا: العلاقة بين المرأة والرجل من المنظور القرآني

1- المفاهيم الأساسية لمبدأ المساواة

اهتم القرآن الكريم بالقيم الإنسانية التي تحكم العلاقة بين الرجل والمرأة، وخصوصًا التي تؤطّر دائرة العلاقة الزوجية، حيث أولى عناية كبيرة بكل ما يتعلّق بتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة في هذا السياق، فتحدّث عن القوامة والولاية والزواج والطلاق والدرجة والإرث والمساواة... وغير ذلك من الأمور التي تهم بناء الأسرة بناءً متينًا على قواعد سليمة.

ولفهم العلاقة بين الرجل والمرأة لا بد من الوقوف مع مبدأ أساسي، يؤطّر هذه العلاقة من منظور قرآني، انبثق عن مجموعة مفاهيم أسَّس لها القرآن الكريم، وهو مبدأ المساواة.

ففي الوقت الذي نجد فيه مبدأ المساواة غائبًا في الفكر التقليدي[27]، الذي كرّس فكرة التمايز بين الذكر والأنثى ودونية المرأة، ليحرمها فيما بعد ويقصيها من أخذ الوظائف المنوطة بها، والتي قامت بها في عهد مجتمع النبوة، لتكون النتيجة هي التهميش، نجد نصوص القرآن الكريم تُرسخ لهذا المبدأ، وتؤسّس له بمجموعة من المفاهيم، ليكون الإسلام بقيمه السامية سبّاقًا في ترسيخ القيم الإنسانية، وفوق كل فكر منغلق تحكمه قيود المجتمع بخيوط التطرّف والجمود.

وهذه المفاهيم القرآنية التي تلخّص مبدأ المساواة يمكن إجمالها في:

أ- النفس الواحدة أو المساواة في أصل الخلق: يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء﴾[28]، إشارة إلى المساواة في أصل خلق الإنسان، ليبيّن لنا أن الرجل والمرأة خُلقا من نفس واحدة، ومنهما معًا تكوّنت الخلية الأولى للأسرة، ليكَوِّن لنا مجموع أسر المجتمع الإنساني.

ب- الخلافة أو المساواة في بناء الحضارة الإنسانية: يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾[29]، ويقول تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا. لِيُعَذِّبَ اللَّهُ المُنَافِقِينَ وَالمُنَافِقَاتِ وَالمُشْرِكِينَ وَالمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾[30]، فالّآية الكريمة تُبيّن بوضوح الاختيار الإلهي للإنسان -نساءً ورجالًا- لتحمُّل مسؤولية الاستخلاف في الأرض وبناء المجتمع الإنساني، مسؤوليةٌ يتساوى فيها كلا الجنسين لتحقيق الإرادة الإلهية.

ج- التقوى أو المساواة في تحقيق مطلب العدل: يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾[31]، فالتقوى تأتي على رأس الأخلاق كلها، والمرأة والرجل على حدٍّ سواء، مُطالبيْن بتحقيق مطلب العدل بتقوى الله، وتجنب البغضاء والعداوة التي تقضي على الإنسانية، وتقف حجر عقبة أمام استمراريتها، وبصلاح حال كلا الجنسين يصلح حال المجتمع الإنساني، بما في ذلك نواة المجتمع الصغير الأسرة وكل ما يحيط بها من الأفراد.

د- صناعة المعروف أو المساواة في تخليق الحياة العامة: لا يفصِل القرآن الكريم الأعمال الإيمانية التعبّدية عن عموم الأعمال التي يقوم بها الإنسان، فكلها في ميزان واحد تخضع للثواب والعقاب، يقول تعالى: ﴿وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾[32]، والمعروفُ هو خُلق عظيم يشمل سائر الأفعال الصالحة التي يمكن تقديمها للإنسانية -علمًا أو مالًا أو جاهًا أو معاملةً-، وقد ذُكر خُلق المعروف مرات عديدة[33] فيما يتعلّق بتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة في إطار مؤسّسة الأسرة (الزواج، الطلاق، الرضاع...)، في مقابل فكرة التمليك والتمكين التي يرسّخها الفكر التقليدي في تعريفه لمؤسّسة الزواج[34]، والتي أسهمت بشكل مباشر في خلق تراتبية بين الذكر والأنثى.

هـ- الميثاق الغليظ أو الاتفاق المتبادل بين اثنين: حينما يصف القرآن الكريم الزواج بالميثاق الغليظ، فهو يستخدم كلمة شديدة في معناها، فيها من القوّة والتشابك ما يحول بينها وبين التفكّك أو التحلّل، وقد استعملها القرآن الكريم في وصف رابطة الزواج، لاعتبارها من أهم العلاقات الإنسانية، ولم يصف سبحانه وتعالى أي ارتباط آخر بهذا الوصف إلَّا ميثاق النبوة، قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ﴾[35].

وتعني هذه الكلمة اتّفاق بين طرفين، يقوم على تبادل الثقة والالتزام الطوعي بين اثنين، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا كَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾[36]، ويندرج تحت هذا المفهوم مفاهيم متعدّدة، منها: السكن والمودة والرحمة... قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾[37].

2- آيات عن المساواة

هذه أهم المفاهيم التي تؤسّس مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة من المنظور القرآني، ولو وقفنا مع الآيات التي تنصّ على المساواة سنجدها كثيرة، منها ما تعرّضت للعمل الصالح، الولاية، الكرامة، الأهلية، التكليف، الحساب، العقاب، الجزاء، نذكر منها:

- الآية 195 من سورة آل عمران: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾.

- الآية 7 من سورة النساء: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا﴾.

- الآية 35 من سورة النساء: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾.

- الآية 124 من سورة النساء: ﴿وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾.

- الآية 130 من سورة النساء: ﴿ وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا﴾.

- الآية 22 من سورة الأعراف: ﴿ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾.

- الآية 71 من سورة التوبة: ﴿ وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.

- الآية 97 من سورة النحل: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾.

- الآيات من 6 إلى 9 من سورة النور: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾.

- الآية 2، 3، من سورة النور: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِينَ الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى المُؤْمِنِينَ﴾.

- الآية 30، 31 من سورة النور: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾.

- الآية 35 من سورة الأحزاب: ﴿إِنَّ المُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ وَالمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالمُتَصَدِّقِينَ وَالمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾.

- الآية 36 من سورة الأحزاب: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا﴾.

- الآية 40 من سورة غافر: ﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.

- الآية 5 من سورة الفتح: ﴿ لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

- الآية 13 من سورة الحجرات: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.

- الآية 12 من سورة الممتحنة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.

خلاصة

خلاصة القول أن ما يمكن تسجيله هنا، هو أن المنظور القرآني قدَّم نظرة جديدة للإنسان -نساءً ورجالًا-، ورغم وضوحه إلَّا أن الفهم التقليدي تأثر بالمنظومة الثقافية والأعراف السائدة، فأنتج فكرًا يتماشى مع المحيط الاجتماعي، ويكرّس أفضلية الرجل على المرأة، لتكون النتيجة من ثمّة خضوع المرأة للرجل وتبعيتها لإرادته.

فما ينبغي التركيز عليه اليوم هو بناء إطار مرجعي جديد للمفهوم القرآني للإنسان، وفق القيم الأخلاقية الكونية والمفاهيم الأساسية للمساواة التي يؤسّس لها القرآن الكريم، وإعادة قراءة الآيات على ضوء رسالة القرآن الأخلاقية، وضرورة إعادة قراءة القرآن اليوم كرسالة أخلاقية كونية تحمل مبادئ صالحة لكل زمان ومكان كالحرية والعدالة واحترام التنوع الإنساني والمساواة.

 

 



[1] موضوع العلاقة بين المرأة والرجل في القرآن من المواضيع التي تشتغل عليها الباحثة المغربية الدكتورة أسماء المرابط، وينصب اهتمامها عليه بشكل كبير في محاضراتها داخل المغرب وخارجه، ولها فيه كتابات عديدة، من بينها:

Femmes et hommes dans le Coran: quelle égalité? éditions al Bouraq paris, Asma Lamrabet.

و«الإسلام والمرأة: الطريق الثالث»، د. أسماء المرابط، ترجمة: بشرى لغزالي ، المغرب: دار النشر مرسم، 2014، ويمكن الرجوع لموقعها الإلكتروني، الذي يضمّ مجموع مقالاتها في هذا الباب:

http://www.asma-lamrabet.com/

[2] يمكن الاستفادة في هذا الموضوع من مقال الكاتب الفلسطيني أحمد أبو رتيمة: «تحرير الإنسان في القرآن» المؤرخ بـ 21 سبتمبر 2011، والمنشور في موقع إيلاف:

http://www.elaph.com/Web/opinion/2011/9/683743.html

[3] محمد شحرور، الكتاب والقرآن قراءة معاصرة، بيروت - لبنان: دار الساقي، الطبعة الأولى 2011م، الصفحة 237.

[4] أبو الحسن الندوي، روائع إقبال، دمشق - سوريا: دار الفكر، الطبعة الأولى: 1379هـ/1960م، الصفحة: 31.

[5] سورة الإسراء، الآية: 9.

[6] سورة المائدة، الآية: 16.

[7] سورة التين، الآية: 4.

[8] سورة الإسراء، الآية: 70.

[9] سورة النساء، الآية 28.

[10] سورة البقرة، الآية: 228.

[11] سورة البقرة، الآية: 228.

[12] سورة البقرة، الآية:231.

[13] موسوعة بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات، إعداد: مجموعة من العلماء، دار نهضة مصر، 2012:

http://www.bayanelislam.net/Suspicion.aspx?id=01-05-0007&value=&type=

[14] يمكن الرجوع إلى مقالنا: دراسة موضوعية لمصطلح العقل من القرآن الكريم، منشور بمجلة الربيئة، الصادرة عن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، العدد 13، 18 يونيو 2019.

[15] يقول ابن تيمية: «ليس في العقل الصريح ما يخالف النصوص الثابتة عن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم»، كتاب: درء تعارض العقل والنقل أو موافقة صريح المعقول مع صريح المنقول، أحمد بن عبدالحليم بن تيمية، تحقيق: د. محمد رشاد سالم، الطبعة الثانية، السعودية: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1411هـ/1991م، الجزء الأول، الصفحة 351.

[16] سورة الحجرات، الآية: 13

[17] قرأ الأسود ويحيى بن وثاب وأبو جعفر وشيبة ونافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي: (بما وَضَعَتْ) بفتح العين وجزم التاء، لأنه من كلام الله، وقرأ إبراهيم وابن عامر «وَضَعْتُ» بتسكين العين وضم التاء، لأنه من كلام أم مريم.

[18] سورة آل عمران، الآيات: 36-37.

[19] سورة الأعراف، الآية: 189.

[20] سورة البقرة، آية: 187.

[21] سورة التوبة، الآية: 71.

[22] سورة الأحزاب، الآية: 35.

[23] سورة آل عمران، الآية: 195.

[24] سورة النساء، الآية 124.

[25] سورة النور، الآية: 55.

[26] سورة الأحزاب، الآية: 72.

[27] تقول الدكتورة عائشة الحجامي: «إن إقصاء المرأة من المشاركة في الحياة العامة والمساهمة في مختلف الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، باسم قاعدة سد الذرائع، أدّى إلى حرمان المجتمع من طاقات نصف مكوّناته في الوقت الذي أصبح فيه الإنسان يشكّل محورًا للتنمية المستدامة وهدفًا أساسيًّا لها. فعوض الاشتغال على تقويم الأحوال وإصلاحها من خلال ترشيد التربية والتنشئة الاجتماعية ونشر العلم والمعرفة، وفتح المجال للطاقات المبدعة والعقول المفكّرة، انصبّ الاهتمام على سد ذرائع الفتنة وتجفيف منابعها باستنباط أحكام معطّلة لأصول الشريعة وملغية لمقاصدها»، من كتاب: الإسلام: الدولة والمواطنة نحو خطاب إسلامي ديمقراطي مدني، أعمال مؤتمر مركز القدس للدراسات السياسية، سنة 2007، الصفحة 147.

[28] سورة النساء، الآية: 1

[29] سورة البقرة، الآية: 30.

[30] سورة الأحزاب، الآية: 72.

[31] سورة المائدة، الآية: 8.

[32] سورة التوبة، الآية: 71.

[33] ذكر «المعروف» في آيات عديدة، أغلبها له علاقة بمؤسسة الزواج، البقرة: 180- البقرة: 228، البقرة: 232، البقرة:233 (مرتين)، البقرة: 234، البقرة: 235، البقرة: 241، النساء: 6، النساء: 19، النساء: 25.

[34] عرَّفت المذاهب الأربعة الزواج تعريفات مختلفة لكنها تشترك في اعتبار المتعة مقصدًا له، والتعاريف الآتية مبيّنة لهذا الأمر: «فعند الشافعية: عقد يتضمّن ملك الوطء، فإن المعقود عليه في المرأة هو الانتفاع بها.وعند المالكية: عقد لمجرّد متعة التلذّذ بآدمية.

وعند الحنابلة عقد بلفظ النكاح على منفعة الاستمتاع.وعند الحنفية: عقد يفيد ملك المتعة قصدًا، وهو معقود للرجل دون المرأة، وليس للمرأة على الرجل هذا الحق إلَّا مرة واحدة عند الزفاف» إبراهيم فوزي، أحكام الأسرة في الجاهلية والإسلام، بيروت: دار الكلمة، الطبعة الثانية، 1983، ص 49.

[35] سورة آل عمران، الآية: 81.

[36] سورة النساء، الآية: 20-21.

[37] سورة الروم، الآية: 21.

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة