شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
ينقسم موقف العلماء من مشاورة المرأة وما يترتب على ذلك من دخولها لمجلس الشورى إلى قسمين، بين معارضٍ ومؤيد.
يستدل المعارضون بكتاب الله وسنة نبيه محمد «ص» فقد ورد في الكتاب:
1ـ {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض} النساء/34.
جاء في تفسير الآية: «القوّام: اسم لمن يكون مبالغاً في القيام بالأمر، يُقال: هذا قيِّم المرأة وقوامها للذي يقومُ بأمرها ويهتم بحفظها، قال ابن عباس: نزلتْ هذهِ الآية في بنت محمد بن سلمة وزوجها سعد بن الربيع أحد نقباء الأنصار، فإنهُ لطمها لطمة فنشزت عن فراشه، وذهبت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام «واقتضى منه ثم قال لها: اصبري حتى أنظر» فنزلت هذه الآية {الرجال قوامون على النساء} أي مسلطون على أدبهن، وللأخذ فوق أيديهن، فكأنه تعالى جعلهُ أميراً عليها ونافذ الحُكم في حقها» (1) .
والذين يستدلون بالآية يقولون بإطلاق لفظ (الرجال) ولفظ (النساء) يقول السيد محمد حسين الطباطبائي عن ذلك: «أي الحكم مجعول لقبيل الرجال على قبيل النساء في الجهات العامة، كجهتي الحكومة والقضاء مثلاً اللتين يتوقف عليهما حياة المجتمع» (2) .
ويردُّ على ذلك: «شأن النزول وكذا السياق شاهدان على كون المراد قيمومة الرجال بالنسبة إلى أزواجهم، إذ لايمكن الإلتزام بأنّ كل رجلٍ بمتقضى عقله الذاتي، وبمقتضى إنفاقه على خصوص زوجه له قيمومة على جميع النساء حتى الأجنبيات، ولو سلم الشكُ ايضاً فصرف الإحتمال يكفي في عدم صحة الإستدلال» (3) ، ولو اتفقنا مع الرأي الأول: فإنّ الآية تُشير إلى قيمومة الرجال في الحكم والقضاء وهي لاتشمل الأمور الأخرى من قبيل العضوية في مجلس الشورى.
2ـ ويستدلون بالآية {وقرن في بيوتكن ولاتبرجن تبرج الجاهلية الأولى} الأحزاب/33، (4) .
والآية لاتمنع خروج المرأة لقضاء بعض الأمور المهمة التي فيها مصلحة المسلمين ومصلحتها فقد أورد المؤرخون عن نساء اشتركن في حروب الرسول (ص) كمداواة المجروحين. هذا إن لم نقُل بأنّ المراد بالآية نساء النبي (ص) لوضعٍ خاصٍ بهنّ، كما يقول الشيخ حسين المنتظري: «فلعل لهن لإنتسابهن إلى النبي (ص) خصوصية، وقال الله {يا نساء النبي لستن كأحدٍ من النساء إن اتقيتن فلا تخضن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرضٌ وقلن قولاً معروفاً} الأحزاب/32 فيكون التستر والتحجب فيهن آكد» (5) .
والذين اعترضوا على مشاركة المرأة في مجلس الشورى ذكروا في اسباب المنع، إختلاط المرأة والرجل الأجنبي والذي سيؤدي إلى كشفها عن جسدها، غير الوجه واليدين وسفرها وحدها خارج بلدها (6) ، وهي ليست بقاعدة عامة، فمع تقيّد المرأة في مكان عملها، بحيث لاتكون مشاركتها في العمل مدعاة لإرتكاب المحرمات من كشف زينتها أو إثارة شهوة الآخرين ينتفي المحذور الذي ذكره المانعون، فصرف وجود المرأة في العمل ليس أمراً محرماً شرط أن يكون هذا العمل مشروعاً، وذكروا أيضاً في اسباب المنع، «ما تستلزمه الحياة النيابية من جرأة وشجاعة في الدفاع عن مصالح البلاد وهي غير متوفرة عند المرأة» (7) ، استناداً إلى نظرية القيمومة.
وهذه الفكرة أيضاً ليست بقاعدة عامة، فكم جاء في التاريخ نساء عُرفن بالشجاعة والجرأة والدفاع عن مصالح البلاد بما لم يُعرف بها الكثير من الرجال.
ويستدل المعارضون بالسنّة النبوية:
1ـ قال رسول الله (ص): «لن يفلح قومٌ ولّوا أمرهم امرأةٌ» (8) . والحديث كما رواه البخاري: حدثنا عثمان بن الهيثم، حدثنا عوف عن الحسن بن أبي بُكرة قال: لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله (ص) أيام الجمل بعدما كدتُ أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم، قال لما بلغ رسول الله (ص): أنّ أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى قال: «لن يفلح قومٌ ولّوا أمرهم إمرأة».
واستدل البعض منهم الأستاذ أبو الأعلى المودودي: «بأنّ المناصب الرئيسية في الدولة رئاسة كانت أو وزارة أو عضوية مجلس الشورى، أو إدارة مختلف المصالح الحكومية لاتفوضّ إلى النساء» (9) .
ويردُّ على ذلك: بأن الحديث محددٌ وهو ولاية الحكم، وهما، الرئاسة والقضاء، فلا يشمل بقية الأمور التي ذُكرت.
2ـ واستندوا إلى الحديث المروي عن أحمد بن سعيد الأشقر عن يونس عن محمد وهاشم بن القاسم قالا: حدثنا صالح المروّي عن سعيد الجريريّ عن أبي عثمان النهدي عن ابي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحاءكم، وأموركم شورى بينكم فظهرُ الأرض خير من بطنها، وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم نجلاءكم وأموركم إلى نسائكم فبطن الأرض خيرٌ لكم من ظهرها».
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لانعرفه إلاّمن حديث صالح المروي، وصالح المروي في حديثه غرائب ينفرد بها، لايُتابع عليها، وهو رجل صالح (10) . وحتى لو سلمنا بصحة الحديث ووثاقته في رجال سنده، فإنّ معناه، أن لايكون للمرأة القيادة والزعامة في الأمور المهمة التي هي أساسية في حياة المجتمع، وينصرف هذا المعنى عن عضويتها في مجلس الشورى، لأن وجودها في المجلس بين أهل الشورى لايعني أن لها سلطة قيادية على أفراد المجتمع إلاّ بحدود معينة. فالحديث المذكور فيه نهيٌّ عن تولي الحكم والسلطات العليا، وإذا كانت الآيات والأحاديث منصرفة عن مسألة وجود المرأة في مجلس الشورى، فإنّ هناك أحاديث توجّه الأنظار إلى خطورة مشاورة المرأة استند إليها البعض، فكان لابد من بحثها بدقة.
1ـ عن هارون بن موسى عن محمد بن علي عن محمد بن الحسين عن علي بن اسباط عن ابن فضال عن الصادق عن آبائه عن رسول الله (ص) إنه قال: «شاوروا النساء، وخالفوهن فإن خلافهنّ بركة» (13) .
وذكر الهندي (14) في كنز العمال عن عمر بن الخطاب قال: «خالفوا النساء فإن خلافهن بركة» (15) .
2ـ «روى عن أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد أنه قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال حدثنا ثوابة ابن يزيد قال حدثنا أحمد بن علي بن المثنى عن محمد بن المثنى عن ثبابة بن سوار، قال حدثني المبارك بن سعيد بن خليل الفراء عن أبي المجبر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اربعٌ مفسدة للقلوب الخلوة بالنساء والإستماع منهن والأخذ برأيهن ومجالسة الموتى» (16) .
وعند تفحّص الرجال السند ظهر،ýأن أبو الحسن علي بن خالد لم تثبت وثاقته كما يذكر السيد الخوئي (17) .
3ـ حديث: «عقولهن في فروجهن» ذكره السخاوي في المقاصد الحسنة، وقال عنه لا أصل له (18) .
وبعد استعراض هذه الأحاديث وآراء العلماء فيها لابد من ذكر حقيقة مهمة هي أن المرأة بطبيعتها ضعيفة، وإن حالتها هذه تنعكس في أكثر الأحيان على آرائها لذا كان من الضروري ملاحظة هذا الأمر عند مشاورة النساء، لكن إلى جانب هذا الأمر، هناك نساءٌ امتلكن الحكمة والرأي الصائب فأصبحنَ يفقن الرجال في الرأي السديد وكان رسول الله (ص) يستشير المرأة كما سيأتي ذلك في أدلة المؤيدين.
أولا: الكتاب، إذ ذكروا في الآية {وأمرهم شورى بينهم} الشورى/38 «لم يخص فئة من القوم دون سواهم بأداء مقتضيات الشورى، وإذن الشعب كله، أي كل مكلف راشد فيه من ذكرٍ أوýانثى يجب أن يشترك على الأقل في أهمِّ العمليات التي تقتضيها الشورى ومنها عملية الإنابة» (19) .
ويردُّ على هذا الرأي إن {بينهم} مطلقة لكن جاءت السنّة وقيدتها فأجيب عن هذا الرأي: لم يثبت هذا القيد كما تبين، وكما سيتبين أكثر من أدلة السنّة.
ثانيا: السُّنة، ويذكر هنا الأدلة التالية:
1ـ في الحديبية عندما فرغ رسول الله (ص) من الصلح أمر المسلمين أن ينحروا ويحلقوا فرفض المسلمون ذلك، «فلما لم يقم منهم أحدٌ، دخل (ص) على أم سلمة» (20) فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحبُّ ذلك. اخرج ولاتكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بذلك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنة، ودعا حالقه فحلقه فلمّا رأوا ذلك، قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلقُ بعضاً حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً» (21) .
2ـ سماح النبي (ص) لأسماء بنت يزيد أن تمثّل النساء بين يديه وطلبه منها أن تنقل اليهن بعض كلماته: «روي عنها [أسماء بنت يزيد] إنها أتت النبي (ص)، فقالت: إني رسول ومن ورائي من جماعة نساء المسلمين يقلن بقولي، وعلى مثل رأي، أن الله بعثك إلى الرجال والنساء فآمنّا بك واتبعناك ونحن معشر النساء مقصوراتٍ مخدرات قواعد بيوت وموضع شهوات الرجال وحاملات أولادكم، وإن الرجال فُضلوا بالجماعات وشهود الجنائز، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم وبيننا أولادهم، أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله، فالتفت رسول الله (ص) بوجهه إلى أصحابه، وقال لهم: سمعتم مقالة إمرأةٍ أحسن سؤالاً عن دينها من هذه، فقالوا: لا يا رسول الله، فقال رسول الله (ص): «انصرفي أيتها المرأة واعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكُنّ لزوجها وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته يعدل ذلك كله»، فإنصرفتýاسماء وهي تهلل وتكبر استبشاراً بما قال لها رسول الله (ص)» (22) .
3ـ جاء في (عيون الأخبار) عن الزيادي، قال: حدثنا حماد بن زيد عن هشام عن الحسن قال: «كان النبي (ص) يستشير حتى المرأة فتُشير عليه بالشيء فيأخذ به» (23) .
مما تقدم يتبين لنا مشروعية عضوية المرأة في مجلس الشورى، فهي والرجل على حدٍ سواء في هذه العضوية، ولايُحظر عليها إلا ما منع الشرع وهو الإمامة وعند الأغلبية القضاء.
وعلى هذه الأدلة ذهب البعض إلى تجويز دخول المرأة في مجلس الشورى منهم الشيخ تقي الدين النبهاني الذي ناقش الدول المعارضة واستنتج قائلاً: «فلأن مجلس الأمة ليس من قبيل الحُكم ولايدخل في الحديث الشريف الذي يتعلق بولاية المرأة، ولأن الثابت عن سيدنا عمر أنه كان حين تعرض له نازلة يُريد أخذ رأي المسلمين فيها، سواءٌ أكانت النازلة تتعلق بالأحكام الشرعية (التشريع) أم تتعلق بالحكم، أم رأي عملٍ من الأعمال التي للدولة، كان إذا تعرضت له نازلة دعا المسلمين إلى المسجد، وكان يدعو النساء والرجال ويأخذ برأيهم جميعاً. وعلاوة على ذلك فإن للمرأة الحق في أن توكل عنها في الرأي، ويوكلها غيرها فيه، لأنّ لها حقُّ إبداء الرأي، فلها أن توكل فيه، ولأن الوكالة لاتشترط فيها الذكورة، فلها أن توكل عن غيرها» (24) .
وعلى هذا الإتجاه ذهب الشيخ محمد مهدي شمس الدين فيقول: «من الناحية الفقهية المرأة باستثناءات قليلة في التشريعات التعبدية هي مماثلة للرجل في كل الحقوق والواجبات وإن أهليتها كاملة في تولي مسؤوليات أخرى، وأنها في جزء من ولاية الأمة على نفسها» (25) .
ويذهب الشيخ شمس الدين إلى أبعد مما قيل حتى الآن حول مشاركة المرأة في الإسلام حيث أجاز لها تولي رئاسة الدولة أيضاً بالإضافة إلى المشاركة في الحياة السياسية كناخبة ومنتخبة (26) . وعلى نظرية ولاية الأمة التي يعتقد بها الشيخ شمس الدين فإن رئاسة الدولة هي أعلى منصب في الدولة، أي للمرأة الحق في تولّي اعلى منصب في الأمة عبر الإنتخاب.
أما ما ذهب إليه البعض كالمارودي في منع المرأة عن تسلم منصب الوزارة فهو قد أخذ شروط الوزارة في شروط الإمامة معتبراً الوزير نائباً عن الإمام، يقول في ذلك: «ويعتبر في تقليد هذ الوزارة شروط الإمامة إلا النسب» (27) .
الهوامش
1ـ الرازي: التفسير الكبير، 1/88.
2ـ الطباطبائي، السيد محمد حسين. الميزان، 4/343
3ـ المنتظري الشيخ حسين، ولاية الفقيه ج1/350،
4ـ استدل به قحطان الدوري في كتابه الشورى بين النظرية والتطبيق، ص205.
5ـ المنتظري، ولاية الفقيه ج1/353،
6ـ الدوري: الشورى بين النظرية والتطبيق، ص 205.
7ـ البدوي، حسين سامي، عضوية النساء بمجلس النواب، مجلة الإسلام، القاهرة السنة الرابعة، العدد واحد التاريخ 15 ابريل سنة 1935م.
8ـ رواه البخاري: كتاب النبي(ص) إلى كسرى وقيصر، 3/90، وأخرجه النسائي عن أبي بكرة، 8/227، ورواه الحراني في تحف العقول، ص 25.
9ـ المودودي، أبو الأعلى، نظرية الإسلام وهديه، ص 316.
10ـ أخرجه الترمذي في سننه، 3/361، كتاب الفتن حديث (2266) وأخرجه السيوطي في الجامع الصغير، 2/28 وذكره الحراني في تحف العقول ص 26.
11ـ أورده جامع أحاديث الشيعة 16/86 باشراف أقاحسين البروجردي. ومن مصادر علماء السنة أورده الزبيدي في اتحاف السادة 5/356، وابن عراق الشافعي في تنزيه الشريعة 2/210 وملاعلي القاري في الاسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ص 222.
المصدر الأول ذكره في جملة الأحاديث الصحيحة، أما المصادر الثلاثة الباقية فذكرته في الموضوعات، وذكر ابن عراق بأنه لعمر بن الخطاب.
12ـ هو أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد الهمداني المصري السخاوي.
13ـ السخاوي: المقاصد الحسنة، ص 248 حديث (585).
14ـ هو علاء الدين علي بن حسام الدين الهندي الشهير بالمتقي.
15ـ الهندي: كنز العمال، 3/451.
16ـ المفيد: الأمالي، ص 315.
17ـ الخوئي، السيد أبو القاسم: معجم رجال الحديث، 12/8.
18ـ السخاوي: المقاصد الحسنة، ص 285، حديث (698).
19ـ العربي، محمد عبد الله: نظام الحكم في الإسلام ص 84.
20ـ هي «هند» أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشية.
21ـ العسقلاني: فتح الباري، 5/265-266 كتاب الشروط.
22ـ الهندي: كنز العمال، 16/411 حديث رقم (45157) وكذلك أورده الكتاني في نظام الحكومة النبوية، 2/119.
23ـ ابن قتيبة: عيون الأخبار، 1/82.
24ـ النبهاني، تقي الدين: نظام الحكم في الإسلام، ص 213-214.
25ـ أنظر كتاب مسائل حرجة في فقه المرأة، الكتاب الثاني أهلية المرأة لتولي السلطة، الشيخ محمد مهدي شمس الدين، بيروت: المؤسسة الدولية للنشر، 1995م.
26ـ المصدر نفسه.
27ـ الماوردي. الأحكام السلطانية، ص 22.
شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يحاول الكاتب محمد محفوظ في 166 صفحة أن بضيئ الحديث عن السلم الأهلي والمجتمعي، في الدائرة العربية والإسلامية، بحيث تكون هذه المسألة حقيقة من حقائق الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي، وثابتة من ثوابت تاريخنا الراهن.
ينتمي مالك بن نبي وعبدالله شريط إلى بلد عربي إسلامي عانى من ويلات الاستعمار ما لم يعانه بلد آخر، سواء في طول الأمد أو حدة الصراع أو عمق الأثر. إنهما مثقفان عميقا الثقافة، مرهفا الشعور، شديدا الحساسية للمعاناة التي عاشها ملايين الجزائريين من ضحايا مدنية القرن العشرين، بأهدافها المنحطة وغاياتها الدنيئة.
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة الواقعة بين 6 و 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2012، مؤتمرًا أكاديميًّا عنوانه «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: تجارب واتّجاهات»، في فندق شيراتون بالدوحة، وشهد الافتتاح حشدًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميّين من دول عربية.
يأتي الاهتمام بالقضية الفنية في فكر الأستاذ عبدالسلام ياسين من منطلق أن الوجود الحضاري للأمة كما يتأسس على أسس القوة المادية التي يمليها منطق التدافع القرآني أي التدافع الجدلي بين الخير والشر الذي هو أصل التقدم والحركة، يتأسس كذلك على جناح تلبية الحاجات النفسية والذوقية والجمالية بمقتضى الإيمان الذي هو ...
ثمة مضامين ثقافية ومعرفية كبرى، تختزنها حياة وسيرة ومسيرة رجال الإصلاح والفكر في الأمة، ولا يمكن تظهير هذه المضامين والكنوز إلَّا بقراءة تجاربهم، ودراسة أفكارهم ونتاجهم الفكري والمعرفي، والاطِّلاع التفصيلي على جهودهم الإصلاحية في حقول الحياة المختلفة
لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها.. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسَّع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية..
لم يكن حظ الفلسفة من التأليف شبيهاً بغيرها من المعارف والعلوم في تراثنا المدون بالعربية، الذي تنعقد الريادة فيه إلى علوم التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، وعلم الكلام وغيرها. بينما لا نعثر بالكم نفسه على مدونات مستقلة تعنى بالفلسفة وقضاياها في فترات التدوين قديماً وبالأخص حديثاً؛ إذ تعد الكتابات والمؤلفات في مجال الفلسفة، ضئيلة ومحدودة جدًّا، يسهل عدها وحصرها والإحاطة بها.