شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
العولمة بمفهومها الإقتصادي, محاولة للتعاون الإقتصادي, وهذا مفهوم طبيعي, وأمر لابد منه, ونحن نريد أن يكون هناك تعاون لتطوير إمكانات الإنسان, وتطوير الموارد الطبيعية, أما إذا أريد بالعولمة السيطرة على الثقافات الوطنية. فهذه عولمة استعمارية وشكل من أشكال الإستعمار, وهذه العولمة يجب أن تقاوم, كما أن هذه العولمة لاتستطيع أبداًأن تواجه الثقافات الوطنية, لأن هذه الثقافات قادرة دائماًعلى الدفاع عن ذاتها بإمكاناتها المحدودة, فالشعوب دائماً عندما تشعر بخطر يهددها تجد الآليات لتقاوم ذلك الخطر ولو عن طريق إغلاق النوافذ والأبواب لكي تحتفظ بذاتيتها وخصوصيتها, إلى أن تتمكن من توليد القدرة للدفاع عن ذاتها, فهي لن تستسلم, نظراً لبعدها الديني ولبعدها الإنساني.
أما الثقافة الإسلامية فهي ثقافة شمولية وذات إمكانات كبيرة في مواجهة جميع التحديات التي تفرض عليها, وقد استطاعت هذه الثقافة خلال التاريخ الإسلامي ان تواجه كثيراً من التحديات, وفي هذا العصر, الثقافة الإسلامية هي أكثر الثقافات المعاصرة قدرة على الصمود, وهي قادرة على تحصين نفسها من جميع أنواع الأخطار التي يمكن أن تأتي عن طريق ثورة المعلومات, لأنها ثقافة أصيلة, ولأنها تعتمد على قيم, وتعتمد على مرجعية موحدة, وليست ثقافة وضعية قابلة للإندثار. إنها مرتبطة بمرجعية ثابتة لها مكانة القداسة في النفوس, وتعتمد على قيم أساسية وثابتة, والثقافات التي لها جذور في أعماق الشخصية الإنسانية, لايمكن أن تندثر أبداً, بل تبقى قادرة على الصمود والمواجهة والنمو.
أما إذا أردنا أن نتحدث عن آليات النهوض بهذه الثقافة لكي تأخذ مكانها ضمن العولمة الثقافية الغربية, فلا بد من أن نعطي لهذه الثقافة القدرة على النمو الطبيعي عن طريق الإعتراف الحقيقي بدور العقل في إنماء الثقافة الإسلامية, ولابد من الإعتماد على العقل البشري والتجربة الإنسانية, وأن نستفيد من معطيات الجيل الجديد, فلا يمكن أن تبقى هذه الثقافة. ثقافة تعتمد علىالماضي, لابد من أن يسهم كل جيل في إغناء هذه الثقافة من خلال تجربته, وكل جيل مسؤول عن عطائه في مجال الثقافة, ولايمكن لجيل واحد أن يقول لقد أغناني الجيل السابق, الجيل الذي لايسهم في نمو ثقافته يعتبر جيلاً عاجزاًعن العمل, كل جيل عليه أن يسهم بقدر ما في إنماء ثقافته, لكي تكون ثقافته متجددة معاصرة وقادرة على التفاعل مع تطور الإنسان وحركة المجتمع باتجاه التطور.
قد يفهم من الإعتماد على العقل الإنساني, الإشارة إلى الإجتهاد, والإجتهاد طبعاً في مفهومه اللغوي العام, ليس معناه الإجتهاد الفقهي فقط وإن كان له دور كبير في هذا المجال, ولكننا نتحدث عن الإجتهاد, أي الجهد العقلي الذي يبذل عن طريق التجربة الإنسانية, ومن الطبيعي أن هذه الثقافة طالما أنها معتمدة على مرجعية أصيلة, وعلى قيم ثابتة فلا خطورة أبداً على نموها المعرفي عن طريق العقل الإنساني.
أما بخصوص الإحتياجات الأساسية التي لابد من توفرها لكي تسلك الثقافة الإسلامية طريق العالمية؟
أولاً: لابد ـ كما قلت ـ من الإعتماد على العقل البشري وأن نثق بهذا العقل هذه نقطة اساسية, فلابد من إعطاء العقل البشري الدور الكبير في إنماء الثقافة الإسلامية.
ثانياً: لابد من الإعتماد على التقنيات العلمية المعاصرة في إنماء ثقافتنا, ولابد من تطوير هذه الإمكانيات عن طريق العلم والتكنولوجيا المعاصرة, فالثقافة التي لاتستفيد من معطيات عصرها تبقى ثقافة ضعيفة وغير قادرة على المواجهة, وربما بعد فترة تصبح في مرحلة الركود والتراجع, فلابد لثقافتنا أن تستفيد من معطيات التطور العلمي والتكنولوجي.
ثالثاً: أن تكون ثقافة أصيلة تعتمد على الإنسان العربي المسلم. كما يجب أن نؤمن بأن الثقافة الإسلامية تحتاجýإلى تطوير الإنسان المسلم لكي يستطيع أن يبدع ثقافة قادرة على الصمود, قادرة على النمو, لابد أن تعتمد على تجربة الإنسان, وأن تعتمد على آليات لتطوير ذاتها, لكي تكون لا أقول تتحدى الثقافة الغربية, ولكن لتواكب العصر, وأن تنمي المعرفة الإنسانية.
إن الثقافة الإسلامية تتميز عن الثقافات المعاصرة ببعدها الإنساني الروحي, لأنها ثقافة ذات صفة عالمية, وهي أقدر من العولمة الثقافية بمفهومها المعاصر, لأن الثقافة الإسلامية بطبيعتها ثقافة عولمة وثقافة عالمية, ليست مرتبطة بأمة وليست مرتبطة بلغة أو شعب, وقيمها قيم إنسانية, كانت في الماضي وستبقى في المستقبل, فهي قيم إنسانية ذات طبيعة أخلاقية, مهيئة لتكون الثقافة القادرة على ان تكوِّن مجتمعاً متعاوناًمتكافئاً في سبيل الأفضل..
* مدير دار الحديث الحسنية بالمغرب
شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يحاول الكاتب محمد محفوظ في 166 صفحة أن بضيئ الحديث عن السلم الأهلي والمجتمعي، في الدائرة العربية والإسلامية، بحيث تكون هذه المسألة حقيقة من حقائق الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي، وثابتة من ثوابت تاريخنا الراهن.
ينتمي مالك بن نبي وعبدالله شريط إلى بلد عربي إسلامي عانى من ويلات الاستعمار ما لم يعانه بلد آخر، سواء في طول الأمد أو حدة الصراع أو عمق الأثر. إنهما مثقفان عميقا الثقافة، مرهفا الشعور، شديدا الحساسية للمعاناة التي عاشها ملايين الجزائريين من ضحايا مدنية القرن العشرين، بأهدافها المنحطة وغاياتها الدنيئة.
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة الواقعة بين 6 و 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2012، مؤتمرًا أكاديميًّا عنوانه «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: تجارب واتّجاهات»، في فندق شيراتون بالدوحة، وشهد الافتتاح حشدًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميّين من دول عربية.
يأتي الاهتمام بالقضية الفنية في فكر الأستاذ عبدالسلام ياسين من منطلق أن الوجود الحضاري للأمة كما يتأسس على أسس القوة المادية التي يمليها منطق التدافع القرآني أي التدافع الجدلي بين الخير والشر الذي هو أصل التقدم والحركة، يتأسس كذلك على جناح تلبية الحاجات النفسية والذوقية والجمالية بمقتضى الإيمان الذي هو ...
ثمة مضامين ثقافية ومعرفية كبرى، تختزنها حياة وسيرة ومسيرة رجال الإصلاح والفكر في الأمة، ولا يمكن تظهير هذه المضامين والكنوز إلَّا بقراءة تجاربهم، ودراسة أفكارهم ونتاجهم الفكري والمعرفي، والاطِّلاع التفصيلي على جهودهم الإصلاحية في حقول الحياة المختلفة
لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها.. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسَّع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية..
لم يكن حظ الفلسفة من التأليف شبيهاً بغيرها من المعارف والعلوم في تراثنا المدون بالعربية، الذي تنعقد الريادة فيه إلى علوم التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، وعلم الكلام وغيرها. بينما لا نعثر بالكم نفسه على مدونات مستقلة تعنى بالفلسفة وقضاياها في فترات التدوين قديماً وبالأخص حديثاً؛ إذ تعد الكتابات والمؤلفات في مجال الفلسفة، ضئيلة ومحدودة جدًّا، يسهل عدها وحصرها والإحاطة بها.