تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

حـــوار الحضارات

حسن أوريد

أبتدئ بالقول: إن الموضوع ينطوي على مغالطة أو على الأقل عدم وضوح، أو على تورية مقصودة تخفي حقيقة، والصواب أن نتحدث عن حوار الغرب والإسلام.. حوار الحضارات إذن فضفاض لا تتحدد غايته إلا أن تكون أكاديمية صرفة.. فقد يفيد خبراء محدودين أن يقفوا على أوجه التشابه والتقاطع بين الفراعنة والأنكا، وقد يكون مثيراً أن نقف على أوجه المقارنة بين الزولو والتيبت.. لكن كل هذه التمارين الأكاديمية محدودة الأثر عملياً.. حوار الحضارات هذا ينطوي إذن على عدم وضوح، وهو يأتي بديلاً لمفهوم آخر كانت التورية فيه مقصودة: صِدام الحضارات.
فهنتنجتون حين ألقى محاضرته حول الموضوع ذاته في أكتوبر 1992م لم يتحدث إلا عن الإسلام والغرب، ولمسوغات تروم أن تكون موضوعية نقّح محاضرته التي صدرت في صيف 1993م بمجلة Foreigne affairs لتنظم حول صدام الغرب والآخرين the west and the Rest. إذن حين نقرأ ونسمع دعوة حوار الحضارات إنما يراد بذلك في حقيقة الأمر دعوة لحوار الإسلام والغرب.

من المآخذ التي يُجريها برنارد لويس في كتاب يحمل العنوان ذاته Islam and the west صدر قبل أحداث 11 سبتمبر أنه يقابل بين الإسلام ديناً وبين الغرب، وهو يحيل في كتابه إلى أوروبا، فضاءً جغرافياً ومنظومةً حضاريةً.. كان الأولى أن تتم المقابلة بين المسيحية وبين الإسلام. لكن لمبررات إجرائية يحتفظ برنارد لويس بهذه المقابلة.. لكنها قراءة مبتسرة لرأي برنارد لويس لأن الإسلام صحيح أنه عقيدة ينصرف إلى علاقة المؤمن بالله وتنظيم هذه العلاقة في عبادات وطقوس، ولكنه أيضاً ثقافة ينتظم فيها سلوك الناس بغض النظر عن شعورهم الديني، كما في رمضان، أو في الأعياد أو في الأفراح -مثلاً- أو الأتراح كما في الجنازات والمآتم.. ثم إن الإسلام فضلاً عن كونه عقيدة وثقافة هو أيضاً حضارة.
مفهوم الحضارة أوسع وأشمل من الثقافة، فالثقافة تنصرف إلى الحاضر، والحضارة تنصرف إلى الماضي والحاضر والمستقبل. والثقافة قد تكون سلوكاً سلبياً يتأثر به الإنسان لأنه يعيش في محيط معين، وقد يكون له موقف في هذه الثقافة أو ما تقوم عليه من عقيدة، أو ما تترجمه من انتماء حضاري.

ولأدلل على ما أقول أعطي مثالاً لشخص ما، ولنسمه عمرًا، يعيش في دولة دينها الإسلام ولتكن المغرب، ليس له ارتباط عقدي، ولا يشعر بانتماء حضاري للإسلام أو للأمة الإسلامية، لا يتفاعل مع قضاياها، ولا يشعر بانتماء لتراثها ولا لمصيرها.. ولكنه يتأثر بالثقافة السائدة، فيسمي أولاده أسماء مرتبطة بمرجعية إسلامية. يختن أبناءه، قد يصوم لا عن عقيدة ولكن نزولاً للمواضعات، يجري مراسيم المآتم وفق الطقوس الإسلامية.. يفعل ذلك متأثراً وبطريقة سلبية..
أما الانتماء الحضاري فأشمل وأوسع. قد ينبني على قوام عقدي لشخص مؤمن يصلي ويصوم تقرباً لله ورجاءً لمغفرته وثوابه، وقد لا يفترض هذا المقوم، إذ من الناس من لا يرتبطون بطقوس ولكنهم يرتبطون بانتماء حضاري..
والعكس ممكن وإن يكن نادراً، إذ من الناس من هم على تمسك متين بالدين وطقوسه ولكنهم لا يشعرون بضرورة ترجمة ذلك إلى انتماء حضاري.. شوهد ذلك أثناء الاستعمار لعلماء دين وشيوخ طرق عندنا كانوا عملاء للدولة الفخيمة كما كانوا يسمونها.. بل كانوا يصدون عن الانتماء الحضاري الإسلامي ويفتون في ذلك..
إذن الانتماء الحضاري أوسع، لأنه ينصرف إلى الحاضر مع ما يستتبع ذلك من تماهٍ مع قضايا العالم الإسلامي.. وهو يشمل الماضي لأنه يقوم على تبني الموروث الحضاري، كما يشمل المستقبل.
الانتماء الحضاري فعل إرادي واعٍ، على خلاف الثقافة التي قد تكون تماهياً سلبياً غير واع.. هذا الانتماء الحضاري هو ما كان يعبر عنه فيما سلف بدار الإسلام أو حديثاً بالأمة دونما حاجة إلى صفة.. لذلك حينما نتحدث عن الإسلام فنحن هنا نحيل إلى الإسلام بوصفه انتماءً حضارياً وليس عقيدةً ولا ثقافةً ولا إيديولوجية..
أعطي مثالاً لصحافي مغربي مرموق لا يتحرج من الإعلان عن لائكيته، بل يدعو جهاراً للائكية على مستوى الشأن العام، وليس يرتبط بثقافة إسلامية -ماعدا ما تفرضه مواضعات الأسماء وبعض الطقوس-، ولكن ما إن أقدمت الولايات المتحدة على شن حربها على العراق، حتى كتب مقالاً ينفّر من ذهنية العملاء أو من أسماهم البشمركا، وليعلن -وهذا شيء غير مسبوق- انتماءه لميراث الرازي وابن سينا وابن رشد.. فهو لا يدّعي الإسلام عقدياً، ولا يلتزم به ثقافياً، ولكن يتبناه حضارياً.
بل هناك حالات لأشخاص وجماعات غير مسلمة، تتبنى الانتماء للحضارة الإسلامية.. كان ذلك واضحاً أثناء الدولة العثمانية من خلال تنظيمات، وهو يظهر اليوم من خلال انخراط غير المسلمين في معارك التحرير أثناء الاستعمار، أو دعمهم للقضية الفلسطينية اليوم.
والخلاصة أننا حين نتحدث عن الإسلام فإننا نعني به انتماءً حضارياً، وبذلك يجوز أن نجري مطابقة بينه وبين الغرب، الذي هو أيضاً انتماء حضاري انبنى على ميراث مسيحي، ذلك أن الغرب إن هو إلا تحول في التسمية لما كان يسمى المسيحية chrétienté, chritiandom، بعد معاهدة westphalie، ثم إن الصراع الذي كان يجري ما بين الدول الأوروبية والإمبراطورية العثمانية يقوم على مرجعية دينية.. وإلى اليوم، تقدم وسائل الإعلام الأمريكية الرئيس الأمريكي بصفته قائداً لعالم الغرب ـ وهي تورية للغرب. في الوقت الذي يطفح خطابه بمرجعية دينية مسيحية.. لذلك حين نتحدث عن الغرب فالمرجعية الدينية قائمة وإن تكن مستترة، وحين نتحدث عن العالم الإسلامي فالمرجعية الحضارية ثابتة وإن كانت مضمرة وراء تعبير ديني.
هناك مشكل يثور حينما نتجاوز المطابقة بين الغرب والإسلام، وهي أن الغرب مفهوم فضفاض وغير دقيق، فهو وإن يكن يرتبط بمرجعية ثقافية واحدة، تلك التي تبلورت مع الأنوار، والقائمة على الانتماء للميراث الإغريقي اليوناني، واليهودي المسيحي، إلا أنه ـ أي الغرب ـ تعتوره تمايزات واختلافات.. بل لقد خاض حروباً ضد بعضه بعضاً ـ الحربان العالميتان؛ الحرب الباردة ـ وله اليوم مواقف متضاربة كما برز أثناء الحرب على العراق ما بين أمريكا وأوربا التي لم تساند أمريكا في حربها، أو على الأقل الدول الوازنة فيها ـ فرنسا وألمانيا - التي تريد أن تكون الناطقة باسم أوربا سياسية ذات سياسة موحدة..، بل إن بوادر شرخ كبير برزت وهي مرشحة لأن تتصدع..
إذن الغرب متمايز، متباين..
وهو متباين من حيث مواقف الدول ومواقف الرأي العام أو المجتمع.

فقد تتخذ حكومة ما موقفاً لا يتطابق مع اتجاهاتٍ للرأي قائمة بهذا البلد، بل سائدة، كما حدث في إسبانيا؛ إذ كانت غالبية المجتمع -مثلما عبرت عنه استطلاعات الرأي- تعارض الحرب، لكن ذلك لم يثن حكومة أزنار عن الوقوف ضد الرأي العام لمجتمعها..
إذن ينبغي أن نميز داخل كل دولة من الدول الغربية ما بين الحكومات والمجتمعات، خاصة وأن العالم الغربي -وهذا أمر لا ينبغي أن نذهل عنه- ديموقراطي، ليس لأن له ميكانيزمات حرة لاختيار قادته، بل لأن هذه الميكانيزمات
ـ انتخابات، صحافة حرة، مؤسسات تمثيلية، قضاء نزيه ـ تمكن من إفراز أفكار جديدة وتوجهات جديدة.. فالديموقراطيات دينامية، وهي تفرد للأفكار حيزاً هاماً، ليس كما هو الأمر في الأنظمة الجامدة التي تحكم بخطاب واحد، ومغلقة عن دينامية المجتمع، ولا تتغير ـ إن تغيرت ـ إلا تحت الضغط الخارجي، أو تحولات داخلية غالباً ما تكون عنيفة.
جماع الأمر أن نتكلم عوض الغرب، عن العالم الغربي، ونضع نصب أعيننا طبيعة الديموقراطية الدينامية.
والشيء نفسه ينبغي أن يقال عن العالم الإسلامي، فهو نفسه تعتوره تمايزات مذهبية: (سنة، شيعة)، وأخرى سياسية: (أنظمة ذات مرجعية دينية وأخرى وضعية)، وبداخل الأنظمة ذات المرجعية الدينية هناك اختلافات، مثل السعودية التي هي أشبه بنظام ثيوقراطي، أو إيران التي هي مزيج ما بين نظام ديموقراطي، إذ يجري اختيار القادة من خلال انتخابات حرة نزيهة ويتوافر البلد على مؤسسات حقيقية، وطابع ثيوقراطي لوجود مؤسسة ولاية الفقيه التي هي أسمى من المؤسسات المنتخبة، وهناك باكستان التي هي نظام عسكري ذو مرجعية دينية..
لكن الاختلاف الكبير ليس ذلك الذي يطبع الدول أو المذاهب ولكن الذي يطال المجتمعات.. فالمجتمعات الإسلامية متنوعة، فشرائح منها ترفض الغرب أو العالم الغربي منظومة عيش وثقافة وسياسة، وأخرى تميز ما بين العالم الغربي بوصفه منظومة حضارية، وبين العالم الغربي أو دوله أو على الأصح سياساتها.. ترفض الغطرسة الأمريكية مثلما رفض جيل سابق الاستعمار، ولكن تؤمن بإمكانية التعاون، بل تلقيح العالم الإسلامي أو دوله من خلال النتاج الغربي ـ لأن الغرب حضارة إنسانية، وبالنظر إلى النزوع الإنساني الذي يطبعه رغم جموحه المادي وغطرسته، مثلما آمن جيل سابق بأن الاستعمار إن كان بغيضاً فإنه لا يمنع الدول الإسلامية من الاستفادة من علوم دوله ونظمها وحضارتها.
هذه الخريطة التي قدمتها ـ رغم أنها تقريبية ـ ضرورية لمن يروم إجراء حوار للحضارات، لأننا إذ نتحدث عن العالم الإسلامي فلسنا أمام وحدة متراصة، وإذ نتحدث عن العالم الغربي فهو كذلك ليس كتلةً منسجمةً.
هل الحوار ممكن؟ أو على الأصح هل هو مجدٍ ومفيد؟ يمكن أن نقيم ندوة كبرى ما بين مفكرين من العالم الإسلامي والعالم الغربي يتطارحون لب القضايا التي تشكل بؤر توتر، ويفتون بتوصيات وحلول عملية دون أن يغير ذلك عملياً أي شيء من الواقع.. ليس هذا الاحتمال فرضية مدرسية بل واقعاً.. اتفاقيات جنيف التي جمعت حمائم إسرائيل وفلسطينيين ليبراليين وبمباركة العالم أغلبه، لم تغير شيئاً على أرض الواقع.. سياسة إسرائيل هي: حائط يقام ـ هو عنوان اختراق القانون الدولي والمنظومات الأخلاقية ـ وتقتيل وتدمير واغتيالات.. إننا حين نتحدث عن الحوار فلسنا نتحدث عن تمرين أكاديمي ولكن عن عمل من شأنه تذويب احتقان سياسي، وتعبيد طريق. لكن القوي فرداً كان أو جماعة أو دولاً لا ينصاع لدعوة الحوار.
القوة صماء أمام دعوة الحوار..
كما يقول المتنبي:
من أطاق التماس شيء غلابا واغتصاباً لم يلتمسه سؤالا

لكن مكر التاريخ يجعل صمم القوي يتحول إلى عمى فيتخبط خبط عشواء.. التاريخ يعلمنا أن القوة لا تحسم إلى الأبد النزاعات، والتاريخ يعلمنا أن مراكز القوة متحولة، والحوار إذن هو الجسر بين جزر هوياتية أو ثقافية أو حضارية تدير ظهرها لبعضها بعضاً. ورغم أنه يبدو عبثياً أمام صمم القوة أو الجهالة فإنه ضروري:
أولاً: لأن كل الحالات متحولة، ولا شيء يبقى كما كان. ولذلك يتعين تعبيد السبيل في أفق التحولات الممكنة.
ثانياً: لأن الديموقراطيات تعرف ديناميات قوية، فهي ليست جامدة ولا منعزلة عن أصوات رأيها العام.. ومثال إسبانيا دليل على ذلك..
الحوار ضرورة إذن. هو سبيل لتجاوز الاحتقان وتحقيق التفاهم ومن ثم السلم، لكن من يجري الحوار؟ آمنت فيما مضى أن حوار الأديان هو السبيل لحوار الحضارات، وتبينت مقولة أحد القساوسة من أنه لا سلم في العالم من دون سلم ما بين الأديان.. لم أعد أرى هذا الرأي.. ذلك أن حوار الأديان الذي كانت ترعاه الكنيسة بالأساس كان له مسوغ أثناء الحرب الباردة، حينما كانت الإيديولوجية الشيوعية قائمة ومتقدمة، وهي تقوم على رفض الدين. لذلك كان منطقياً أن تقوم جبهة روحية إن صح هذا التعبير، ضد المد الشيوعي المادي. هذا المعطى لم يعد قائماً الآن.
ثم إن حوار الأديان يكاد يكون حواراً أكاديمياً ليس له تأثير كبير على الواقع.. لأنه ينطلق من حقائق مطلقة وينتهي إلى حقائق مطلقة هي عين منطلقاته. فمن الصعب أن يصبأ راهب يجري حواراً مع إمام، ومن الصعب كذلك أن يرتد فقيه لأنه يجري حواراً.. يزدادان معرفة بالآخر، وقلما يزدادان تفهماً له.. وهي نفس النتيجة التي انتهى إليها أحد رواد حوار الأديان لعقود، وهو المؤرخ التونسي محمد الطالبي.. يُجري الحوار في تصوري أناس لهم مسافة معينة مع ثقافتهم انطلاقاً من قراءة نقدية لها، دون تنكر لها.. هذه هي المعادلة الصعبة، وهي تنطبق علينا ـ نحن المسلمين ـ وتنطبق على العالم الغربي؛ إذ الحوار ممكن مع من لهم نظرة نقدية لثقافاتهم وسياسات بلدانهم دون تنكر لحضارتهم وقيمها..
أعطي مثالاً مضاداً لمن لا يمكن أن يكون جسر تفاهم ـ لأن غاية الحوار هو أن يكون جسراً - مثقف فرنسي من أصل جزائري تُفتح له القنوات الإعلامية، وتستضيفه مختلف الجمعيات، ويتبارى الإعلام المكتوب في رجع صداه هنا وهناك.. له قراءة نقدية لمقومات الخطاب الديني وأسسه، لكنه تنكر لانتمائه الحضاري.. هذا عينة من أشخاص لا يمكن أن يكونوا قنوات لحوار بناء مخصب. وبالمقابل أعطي مثال إدوارد سعيد، الذي هو مسيحي المولد، له قراءة نقدية للغرب، ولم يتنكر لانتمائه للحضارة الإسلامية.. هذا المثال يصرفني إلى شرط آخر لمن هم مؤهلون لإجراء الحوار، هو معرفة الآخر.. لا يمكن أن يتم حوار مع جهل للآخر، أو تجاهل له.. ينطبق ذلك علينا كما ينطبق على العالم الغربي..
فهل مختصو العالم الغربي يعرفون العالم الإسلامي معرفة دقيقة.. هل هم على مستوى المعرفة التي كانت لدى المستشرقين الأوائل، الذين كانوا يعرفون لغاتنا وثقافتنا، ويصدرون عن معرفة عملية موضوعية، وإن كانت أغراضها لخدمة أهداف واضحة أو مستترة.. هناك أزمة للاستشراق.. خبراء اليوم يصدرون عن جهل، أو عن قراءات سطحية، أو منظور إيديولوجي، أو علاقات وثيقة أشبه ما تكون بزنا المحارم مع المخابرات..
وشروط المتحاورين هي التالي:
ـ قراءة نقدية للأسس الحضارية التي تقوم عليها حضارة ما، ومسافة مع الأحداث ومع السياسات، دون التنكر للحضارة التي يترع منها الحوار.
ـ معرفة الآخر معرفة عميقة.
أختم بالقول: إن خير الحوارات هي تلك التي تبدأ مع الذات اقتباساً من المثل الفرنسي، تبدو مجتمعاتنا الإسلامية طرائق قدداً والمغرب عينة من هذا العالم.. ينبغي والحالة هذه أن يتم حوار بين مختلف المدارس الفكرية والمذهبية، لغاية فك الاحتقان، ولغاية تيسير ما نروم من تقدم بأقل تكلفة.
ليست الغاية إذن أكاديمية وتمريناً ذهنياً..
لكن الحوار الداخلي -مثله مثل الحوار مع الآخر- يستلزم شروطاً إن لم أحددها إيجابياً أحددها سلبياً:
ـ يستثنى من الحوار كل اتجاه غمس يده في الدم أو يدعو إلى العنف سواء أكان مادياً أم معنوياً.
ـ لا يمكن للحوار أن يتم كلية بين اتجاهات فكرية أو مذهبية متباينة أو متضاربة، وإنما الأسلم في نظري أن يتم وفق كل حالة ـ أي: بتعبير آخر فالحوار قطاعي، وليكن حول المرأة مثلاً، أو حول التعليم أو حقوق الإنسان.. إن الدعوة لحوار عام تتضمن إعادة النظر في الأسس الفكرية أو المذهبية لاتجاه معين مآلها الفشل ـ لا حوار مع من يصدر عن حقيقة مطلقة، ولست أعني بالحقيقة المطلقة العقيدة، أعني به كل بناء فكري أو مذهبي يعتقد أنه ينطلق من حقائق مطلقة، ويروم من خلال ذلك إما أن يستقطب من هم ليسوا معه وإلا قطع دابرهم. كل بناء فكري أو مذهبي يقوم على حقيقة مطلقة ينطوي على عنف سافر أو كامن.
ـ لا جدوى من إجراء الحوار مع من تنكر لانتمائه الحضاري.

الهوامش:

?* رئيس مركز طارق بن زياد، والناطق الرسمي باسم القصر الملكي.

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة