تسجيل الدخول
حفظ البيانات
استرجاع كلمة السر
ليس لديك حساب بالموقع؟ تسجيل الاشتراك الآن

تقارير ومتابعات

قسم التحرير

ملتقى دولي حول المسلمين في القرن الخامس عشر الهجري

 

عقد ملتقى دولي بعنوان: الإسلام والمسلمون في القرن الخامس عشر الهجري

-الواقع والآفاق- أيام 25-26-27 ربيع الأول 1425هـ الموافق لـ: 15-16-17 ماي 2004.

الملتقى نظمته كلية العلوم الاجتماعية والعلوم الإسلامية بجامعة باتنة بالجزائر، وقد دارت أشغاله في إحدى عشرة جلسة قدمت خلالها ثلاثون محاضرة، قدمها أساتذة وباحثون من مختلف الأقطار العربية والإسلامية، من تركيا، مصر، السودان، الأردن، المغرب، تونس، الإمارات العربية، المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى باحثين اثنين قَدِما من فرنسا، وثلة من الباحثين الجزائريين في مجال الدراسات الإسلامية. وقد عالجت هذه المداخلات ومن زوايا مختلفة ثلاثة محاور أساسية هي:

واقع الإسلام والمسلمين، علاقة الإسلام بالغرب، وملامح المستقبل الإسلامي.

الجلسة الأولى: وعرضت فيها محاضرتان، الأولى بعنوان: (ماذا خسر العالم بتراجع الدور الحضاري للمسلمين؟) للدكتور عبد الرزاق قسوم، أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الجزائر، تناول فيها الحديث عن بعض الآفات التي يعيشها المسلم المعاصر الذي غدا إما في تقوقع داخل الماضي بسبب الأنانية الحضارية، وإما في انسلابية أفقدته الثقة فيما عنده وأصبح لا يؤمن إلا بما عند غيره، وتساءل المحاضر عن سر استفحال هذه الثنائية القاصمة أهو الثقافة؟ أم الحكام؟ أم المناخ العالمي؟ ليؤكد أن هذه الأطراف كلها مسؤولة. وعن علاقة الإسلام بالغرب التي صارت علاقة دموية وهي ذروة الصراع أرجعها إلى وجود منهجين متناقضين في الحياة هما سبب الصراع بين الأصوليتين الغربية والإسلامية، فالإسلام يقوم على وحدانية الله، والإيمان بكل الرسل أما الأصولية الغربية فهي منغلقة، وبذلك فالعالم خسر بتراجع الدور الحضاري للمسلمين الاستفادة من التراث الإسلامي ومن منظومة القيم الإسلامية التي صار الإنسان المعاصر في أشد الحاجة إليها.

أما المحاضرة الثانية فكانت بعنوان: (الرسالة الحضارية للأمة الإسلامية) للدكتور يوسف بن علي رابع الثقفي، وهو أستاذ بجامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية. وكانت مداخلته مرتكزة على ما تمتلكه الأمة من إمكانيات حضارية تمكنها من أداء الرسالة المنوطة بها. وأشار إلى أن هذه الرسالة موجودة ولكن المسلمين لم يعملوا على تفعيلها ولا على تطبيق المثل التي جاء بها الوحي حتى يتحقق فيهم قوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}. وأشار الأستاذ المحاضر إلى أن من أوجه هذا الأداء الرسالي الوحدة الإسلامية، والوقوف في وجه الأعداء المتربصين بالإسلام.

الجلسة الثانية: وتضمنت ثلاث محاضرات. المحاضرة الأولى للشيخ أبو عبد السلام مدير التكوين بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر، تطرق فيها إلى المشاكل التي تعيشها الأمة من تخلف وانشقاق، وأشار إلى أن هذه المشاكل من عند المسلمين أنفسهم قبل أن تكون من عند أعدائهم والمتربصين بهم، ولذلك فما يجب عليهم هو تغيير أنفسهم وإصلاح شأنهم أولاً.

والمحاضرة الثانية للدكتور محمد عبد النبي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الجزائر، ركز في محاضرته هذه على اهتمامات النخب التي لم تعد اهتمامات سوية كانشغالهم بالخصومة، ولذلك اقترح تصحيح الخطأ أولاً، هذا الخطأ الذي صارت به تجليات  تؤكده؛ كتبني الشعارات وسرعة التنازل عنها كلما وجدت أدنى مسوغات لذلك، كما يتجلى الخطأ في التعامل مع السنن الكونية الذي صار تعاملاً فاشلاً، ولذلك اقترح عدة سبل لتصحيح هذا الخطأ وتجاوزه مثل:

- تحقيق مقصد اليسر الشرعي.

- ذم الغلو والتطرف.

- عدم الإنصات للأغرار.

والمحاضرة الثالثة بعنوان: (حاجة الإنسانية إلى الإسلام ماضياً وحاضراً ومستقبلاً) للدكتور ابن علي من جامعة سيدي بلعباس (الجزائر) وفيها تناول جانباً تاريخياً ركز فيه على الأوضاع الأخلاقية والعقدية التي كانت سائدة قبيل الإسلام ومن خلال ذلك برر حاجة الإنسانية للإسلام في الماضي، وعرج المحاضر على الدور الذي لعبه المسلمون الأوائل في نشر الإسلام لوعيهم بضرورته للحياة، تلك الضرورة استنبطت من خصائص الإسلام مثل: العالمية، الوسطية، والاعتدال، الواقعية، والتسامح..

أما عن حاجة الإنسانية للإسلام في الحاضر فقد أشار الأستاذ المحاضر إلى الانحرافات التي يعيشها العالم المعاصر وهي انحرافات شتى لا منقذ منها إلا الإسلام لأنه:

- جاء بمنهج كامل استوعب الدنيا والآخرة ويلبي متطلبات الإنسان.

- أنقذ البشرية في الماضي وبالتالي فهو قادر على إنقاذها في الحاضر.

- يقوم على العدل لا على الأهواء.

وحاجة الإنسانية للإسلام في الماضي والحاضر تؤكد حاجتها إليه مستقبلاً، لأن خروج الأمة الإسلامية للوجود عمل مقصود لذاته، فهي التي تتولى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لقوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ}.

الجلسة الثالثة: قدمت فيها أربع محاضرات.

كانت المحاضرة الأولى للدكتور حسن عزوزي من جامعة القرويين بالمغرب بعنوان: (متغيرات وتحديات أمام الواقع الثقافي الإسلامي في الغرب)، تناول فيها عدة تحولات مثل:

1- تحولات الإعلام الذي أفرز تحديات كبيرة على الثقافة الإسلامية بحكم احتكار الدول الكبرى للإعلام، فجعلت منه حاقداً على الإسلام خاصة بعد تزايد الإقبال على اعتناق الإسلام من طرف الغربيين، وقد أفرز الإعلام الغربي صورة نمطية مشوهة للإسلام جعلت الغرب يحاربه بوسائل مختلفة منها: تدمير منظومة القيم، تشويه العقيدة، إغراء الناشئة.

2- عولمة الثقافة التي توظف في عولمة هويات وخصوصيات إسلامية عن طريق:

- التأثير في الواقع الثقافي الإسلامي، وفي هذا نبه الأستاذ المحاضر إلى أن هذه ليست حتمية.

- التأثير في الهوية الثقافية للجالية المسلمة التي تجد نفسها أمام إغراءات العولمة الثقافية.

3- إذكاء روح الصراع بين الإسلام والغرب، وهذا ما تعمل عليه الأوساط الفاعلة في الغرب، وبعد عرض هذه المتغيرات، وضع الأستاذ المحاضر عدة حلول لهذه التحديات وللتعاطي مع هذه المتغيرات منها:

- تحصين الذات بالانتقال من الدفاع إلى الهجوم وذلك بنشر الثقافة الإسلامية.

- ضرورة إسهام المسلمين في تفعيل الثقافة الإسلامية بوضع برامج خاصة.

- تفعيل دور الأسرة المسلمة في الغرب.

أما المحاضرة الثانية: فقد كانت بعنوان (واقع التدين في المجتمع الجزائري) للأستاذ طاهر سعود من جامعة سطيف (الجزائر).

تناول فيها مفهوم التدين والفرق بينه وبين الدين، وربط مفهوم التدين بالفكر الاستشراقي الذي يرى أن القرن الحالي سيكون قرن الروح لا المادة. كما أشار إلى ما تعتقده المؤسسات الاستشرافية الغربية خطر النزوع الديني على مستقبل الريادة الغربية للعالم المعاصر، كما تناول المحاضر نموذج المجتمع الجزائري مبيناً أهم توجهات التدين فيه، كالتيار التقليدي والتيار الحركي، والتيار السلفي.

والمحاضرة الثالثة في هذه الجلسة كانت بعنوان: (واقع التدين بين الوسطية الإسلامية والتطرف) للدكتور بلقاسم شتوان (جامعة الأمير عبد القادر - الجزائر) تناول فيها خاصية الوسطية بوصفها خاصية إسلامية صار بها الإسلام منهجاً عالمياً، وذكّر بعدم توظيف هذا المفهوم في واقع الأمة، وحل بدله التطرف بوصفها ظاهرة سلوكية، وعدَّ هذه الظاهرة أحد أسباب فشل العمل الدعوي، ولذلك اقترح حلولاً علاجية لهذا الواقع منها:

- بث ثقافة اليسر ورفع الحرج.

- الاهتمام بمنصب الإفتاء والمفتي.

- القيام بحملات توعية.

- إصلاح البرامج التربوية.

لينتهي بعد ذلك إلى نتيجة مؤداها أن التدين الصحيح لا ينفك عن الفهم السليم والخلق الرفيع، والمعدن النفيس.

واختتمت هذه الجلسة بمحاضرة رابعة للدكتور محمد دباغ من جامعة أدرار (الجزائر) بعنوان: (مقومات الرسالة الحضارية للأمة الإسلامية في التناول الحضاري).

ومن أبرز المقومات التي ركزت عليها المحاضرة: الوسطية، الربانية، وقسمها إلى ربانية المصدر وربانية الوجهة، سمو الأهداف والأسس، كمال التشريع.

وعن استعادة الدور الحضاري للأمة أشار المحاضر إلى الوعد الإلهي بالنصر للمؤمنين إذا ما توافرت الشروط الموضوعية لقوله تعالى: {إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ}.

الجلسة الرابعة: تضمنت محاضرة واحدة بعنوان: (ماذا يقدم المسلمون للحضارة المعاصرة؟) للدكتور عبد الحليم عويس. وقد كان تركيزه على ثلاثة مسائل يراها أهم وأعظم ما يقدمه المسلم للحضارة المعاصرة هي:

1- الأخلاق: التي غدت أمراً مفقوداً في العالم المتقدم، وما يبدو من أخلاق فهي محلية تتجاوز خارج الأقطار، أما الخلق الإسلامي فهو خلق مطلق، وأشار إلى أن هذه الأخلاق من صميم الدين وليست شيئاً آخر منفصلاً عن الدين.

2- التوحيد: وهو صميم العقيدة الإسلامية وجوهرها، وهو أمر يمكن أن يقدمه المسلمون لغيرهم، لأن الأخلاق لا يمكن أن تنجح دون عبادة الله الواحد، لأن الخلق الفاضل يستمد من عبادة الله الواحد، وفي هذا أشار المحاضر إلى دور الإيمان بالله في مقاومة ظاهرة اليأس والتيه التي تطبع الحياة المعاصرة.

3- الإنسانية: لأن إنسانية الإنسان ضائعة بسبب شعار الحضارة الحديثة الذي هو الفتك بالآدمي.

الجلسة الخامسة: وقدمت فيها أربع محاضرات على النحو التالي:

المحاضرة الأولى بعنوان: (الأخلاقيات الدينية في زمن العولمة والتكنولوجيا) للدكتور محمد بوزغيبة من جامعة الزيتونة (تونس)، وقد استهل محاضرته بالحديث عن أصالة الأخلاق في الإسلام انطلاقاً من قول النبي عليه الصلاة والسلام: >إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق<، ثم سلط الضوء على الواقع الأخلاقي الإسلامي مؤكداً أنه في تدهور كبير ورأى أن هذا التشخيص للواقع الأخلاقي الإسلامي من قبيل النقد الذاتي الذي لابد منه، ودعا إلى ضرورة تجاوزه عن طريق العودة إلى المخزون الديني والعلمي الذي تمتلكه الأمة، وأشار المحاضر إلى أن هذه المرحلة أساسية لنتوجه بعدها لمجابهة غيرنا الذين صاروا يشكلون تحديات حقيقية أمام الإسلام والمسلمين، كما أشار المحاضر إلى الإنجازات التكنولوجية وانعكاساتها السلبية على الأخلاق الدينية مثل: الاستنساخ، والتلقيح الاصطناعي وغيرها..

أما المحاضرة الثانية فقد كانت بعنوان: (صراع قديم وأسلحة حديثة) للأستاذ محمد الهادي الحسني، أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة الجزائر. تناول فيها مسألة الصراع وأشار إلى أنها سنة كونية، فالصراع قديم قدم الصراع بين الخير والشر أو بين العدل والظلم..

وإنما تغيرت أسلحة هذا الصراع ووسائله من هذه الوسائل المستحدثة في عملية الصراع بين الإسلام والغرب ذكر الإعلام، والإنترنت، كما أشار إلى أن الغرب صار يوظف هذه الأسلحة وغيرها لخدمة أهداف كثيرة تضمن له البقاء مسيطراً على العالم، من هذه الأهداف:

- منع المسلمين من العودة إلى الإسلام.

- منع المسلمين من امتلاك قاعدة صناعية.

- منع المسلمين من تأسيس الديموقراطية.

- منع المسلمين من تحقيق اكتفاء ذاتي حتى في المواد الغذائية.

ثم كانت المحاضرة الثالثة بعنوان: (صورة الإسلام والمسلمين في الإعلام الغربي وسبل تحسينها) قدمها الدكتور عبد الكريم الوريكات من جامعة اليرموك بالأردن، استهلّ محاضرته بالحديث عن الدور الذي يلعبه الإعلام في العالم المعاصر، وكيف أنه قادر على إثارة مشاعر الغضب والتعاطف، وقادر على التأثير على التوجيه والقيادة، أما صورة المسلمين في هذا الإعلام فقد رآها المحاضر صورة تبعث على التشاؤم، فيصور المسلمين على أنهم عدوانيون. أهل عنف، سفاكو الدماء. منعزلون اجتماعياً، يضطهدون المرأة.. والطفل ويسيئون معاملة الحيوان. وبيَّن المحاضر خلفية هذه الصورة ورأى أنها بسبب عقدة التاريخ المتوتر بين الإسلام والغرب، واعتماد دراسات المستشرقين، وسيطرة اليهود على الإعلام الغربي، وضعف الإعلام الإسلامي. واقترح حلولاً لتحسين هذه الصورة مثل: دعم الجاليات الإسلامية في الغرب، إنشاء شبكة إعلامية قادرة على المنافسة، تفعيل دور المفكرين، إنشاء حركة ترجمة تسهل عملية التواصل بين الإسلام والغرب.

ثم قدمت المحاضرة الرابعة بعنوان: (الخلفية التاريخية للعلاقة بين الإسلام والغرب) للدكتور نذير حمادو رئيس قسم الفقه وأصوله (جامعة الأمير عبد القادر، الجزائر).

وقد قدم محاضرته في ثلاثة محاور أساسية:

1- نشأة الاستشراق: ورأى أنها بدأت باحتكاك الغرب بالمسلمين في الأندلس حيث أتيح لبعض الغربيين الاتصال بالمسلمين خاصة الفرنسيين، والإيطاليين والإنكليز.

2- أهدافهم: وقسمها إلى قسمين، هناك الهدف العلمي البحت الذي كان أصحابه يتطلعون إلى معرفة علوم الإسلام وحضارته ومدى إمكانية الاستفادة من هذه المعارف الإسلامية، والقسم الثاني كان غرضه الدس والتشويه والسعي في تغذية الصراع بين المسلمين وغيرهم.

3- مراحلهم: وفي هذا أشار المحاضر إلى عدة مراحل منها: الكتابة، والترجمة، ثم مرحلة الكتابات الخاصة بعدما هاجر المسلمون من غرناطة.

الجلسة السادسة: وقدمت فيها محاضرتان:

المحاضرة الأولى بعنوان: (الأمة الإسلامية الواقع والمأمول) للدكتور عمار جيدل أستاذ بجامعة الجزائر، وقد قسم محاضرته إلى قسمين:

1- الواقع الإسلامي: وعدّه واقعاً غاب عنه الإحساس بالوحدة وشاع فيه قبول الكثير من المظاهر المنافية للدين مثل: الانحلال والتخلف، وعدم واقعية البدائل السياسية والثقافية، وعدم أصالتها، وهذا ما أدى إلى إفراز نتائج مرضية كثيرة منها: مزاحمة التدين للدين، العيش في التاريخ، التعصب بدل الالتزام، التهافت على الدنيا، فقد النزوع للعمل الجماعي..

2- المأمول: وعدّ أكبر أمل تتوق إليه الأمة أن يصبح التقدم مهمة جميع المسلمين، واقترح سبلاً لتحقيق هذا الأمل مثل:

- تحرير العمل على التقدم من الضغوط السياسية.

- تجاوز الطرح الحزبي إلى حضارية مسعى التقدم.

أما المحاضرة الثانية بعنوان: (المسلمون في الغرب الواقع والمستقبل) للدكتور مولود عويمر وهو باحث بمركز الدراسات الحضارية بباريس، الذي آثر الحديث عن الوجود الإسلامي بوصفه واقعاً لا صورة نمطية، ووقف عند الملامح الكبرى للوجود الإسلامي في الغرب وقد لخصها في عدة مشاهد منها:

- المشهد الديني: تناول فيه الحديث عن تزايد عدد المسلمين في الغرب وكذلك عدد المساجد، وانتشار المكتبات الإسلامية بالإضافة إلى تأسيس مرجعية دينية تجسدت في (مركز البحوث والإفتاء الأوروبي).

- المشهد السياسي: وتناول فيه الحديث عن مشاركة المسلمين في الحياة السياسية، ومحاولات الاستفادة من الانفتاح القانوني الغربي، تمكن المسلمين هناك من الوجود في المجالس المنتخبة، بما فيها البرلمانات، أما مستقبل المسلمين في الغرب فقد دعا المحاضر إلى ضرورة حمايته عن طريق استغلال الفضاءات المتاحة مثل: حوار الأديان، الحوار السياسي، الإسهام في المواضيع المطروحة (العدل، الحرية، السلم..).

الجلسة السابعة: وقدمت فيها أربع محاضرات:

المحاضرة الأولى بعنوان: (من أسلم من أهل الغرب حديثاً) للدكتورة أنكة بوزنيتة أستاذة بجامعة باتنة - الجزائر - أشارت فيها إلى تنامي الإقبال على الإسلام في الغرب وأن الأرقام المعطاة عن عدد المسلمين في الغرب ليست دقيقة، وأشارت الدكتورة إلى أن الأزمات المعاصرة شدت انتباه الغربيين إلى الإسلام والإقبال عليه. وقد ركزت الأستاذة على بعض المسائل أهمها:

1- الصورة المهيمنة عن الإسلام والمسلمين، والتي صارت حاجزاً يحول دون التعرف على الإسلام بالنسبة للغربيين، ووقفت عند جذورها ووظيفتها في الواقع الاجتماعي الغربي.

2- الأسباب التي تجعل الإنسان الغربي يتجاوز هذه الصورة وأحكامه المسبقة والطرق التي تؤدي به إلى اعتناق الإسلام، نقداً للمجتمع من خلال البحث عن الحقيقة.

3- تبادل الحضارة من خلال ردود أفعال المجتمع. الأمر الذي يجعل البعض يكتم إسلامه من خلال التثقف بالإسلام وهو الأمر الذي يقتضيه التدين بالإسلام، وما يجد من صعوبات في سبيل ذلك كمشكلة اللغة، وانتهت إلى تأكيد مسؤولية هؤلاء أمام الأمة.

وكانت المحاضرة الثانية بعنوان: (حقوق المسلمين وحرياتهم في بلاد الهجرة) للدكتور مصطفى معوان، من جامعة وهران - الجزائر، تناول: (مسألة الحجاب بين شرعية القبول وعنصرية الرفض)، وقد بدأ معالجة موضوعه في الإطار العام لحقوق الإنسان، ثم وقف عند الأبعاد التاريخية لمعركة الحجاب والسفور في المجتمعات الإسلامية والجدل الذي عرفته هذه المسألة بين الأصوليين والعلمانيين، لينتقل إلى الحديث عن وضع المرأة العربية المهاجرة في فرنسا التي تعاني من العنصرية الفرنسية، كحرمانها من العديد من الوظائف رغم امتلاكها المؤهلات والحرمان من السكن، وتعرضها أحياناً لضغوطات كاشتراط تغيير الأسماء الإسلامية للقبول في الوظائف.

أما المحاضرة الثانية فقد كانت بعنوان: (دور الاستشراق في تأزم العلاقة بين الإسلام والغرب) للدكتور عبد القادر بخوش من جامعة الأمير عبد القادر - الجزائر، وقد بدأ يطرح إشكالية التوتر بين الإسلام والغرب ووقف عند الخلفية التاريخية لهذا الصراع مبرزاً دور الاستشراق خاصة اليهودي منه في تأزيم هذه العلاقة.

وكانت المحاضرة الرابعة بعنوان: (الإسلام وصراعات الحضارات في القرن 15هـ) للأستاذ محمد بلبشير من جامعة تلمسان - الجزائر، الذي افتتح محاضرته بالحديث عن فكرة صراع الحضارات التي أثارها هنتنغتون، وما أفرزت هذه النظرية من جعل الولايات المتحدة تبحث عن عدو جديد تمثل في الإسلام والمسلمين.

الجلسة الثامنة: وقدمت فيها أربع محاضرات:

المحاضرة الأولى بعنوان: (أهم الوسائل العلاجية لظاهرتي الغلو والتطرف) للدكتور سلمان نصر أستاذ بجامعة الأمير عبد القادر - الجزائر، عرض فيها أهم الوسائل الكفيلة بمعالجة ظاهرة التطرف المستفحلة في المجتمع الإسلامي من هذه الوسائل.

1- بث ثقافة التيسير ورفع الحرج.

2- الاهتمام بمنصب الفتوى والمفتي.

3- الاهتمام برسالة المسجد.

4- احترام التخصص العلمي.

5- عدم مقابلة التطرف بالتطرف.

6- إصلاح البرامج التعليمية.

7- الحفاظ على وحدة المسلمين.

أما المحاضرة الثانية فقد كانت للدكتور نوزات صواش وهو باحث في الدراسات الإسلامية بتركيا بعنوان: (ملامح عامة حول الدعوة إلى الله) ركز فيها على الجوانب الروحية والإيمانية التي ينبغي أن تتوافر في الداعية إلى الله عز وجل، من خلال التعريف بطبيعة الدعوة التي ليست مزاجاً بل هي علم وفن، تقتضي في الوقت الراهن جهداً مؤسساتياً أكثر مما تحتاج إلى الجهد الفردي وإن كانت لا تستغني عنه، وأشار إلى ضرورة انفتاح المؤسسات الدعوية على العصر. وضرورة الحوار مع الآخر والتركيز على الجانب الروحي، كل ذلك من أجل إنقاذ الإيمان.

ثم قدمت المحاضرة الثالثة بعنوان: (البعد الحضاري لقضية المرأة) للدكتورة نعيمة نصيب أستاذة بجامعة قالمة - الجزائر، استعرضت فيها صفحات من تاريخ المرأة في الحضارات القديمة، وعند العرب قبل الإسلام، وكيف كانت مهانة، إلى أن جاء الإسلام وأكرمها، ثم وقفت عند نموذج المرأة الجزائرية أيام الاستعمار الفرنسي الذي أراد أن يجعل منها قضية يبعد بها الجزائريين عن الإسلام وكيف فشل ذلك الاستعمار في اختراق قضية المرأة الجزائرية نتيجة تمسكها بدينها.

أما المحاضرة الرابعة في هذه الجلسة فقد كانت بعنوان: (ملامح مستقبل الإسلام والمسلمين) للدكتور محمد حسين مقبول أستاذ بجامعة الجزائر، وقد كانت نظرة استشرافية لهذا المستقبل المنشود لخصها الأستاذ المحاضر في إعادة المجد الإسلامي الذي قام على عقيدة التوحيد.

الجلسة التاسعة: وقد تضمنت ثلاث محاضرات.

المحاضرة الأولى بعنوان: (ملامح مستقبل الإسلام) للأستاذ إحسان مصطفى من مركز رسائل النور بتركيا، عالج فيها علاقة الإسلام بالغرب الذي أقصيت فيه حقائق الإيمان، ولذلك رأى المحاضر أن المستقبل الإسلامي ينبغي أن يكون مشعاً بالإيمان عن طريق:

1- قراءة الكون لتصحيح عقائد المسلم.

2- امتزاج العقل والقلب حتى يتكامل أداء الملكات الإنسانية من أجل ترسيخ الإيمان.

3- تكامل الحس الأخروي؛ أي تجلي حرارة الإيمان بالآخرة في سلوك المسلم.

أما المحاضرة الثانية، والتي كانت بعنوان: (مستقبل المسلمين في ضوء التحولات الاقتصادية) فقد كانت للدكتور المعز لله صالح أحمد وهو باحث في الإسلاميات من السودان، أشار فيها إلى خطر التحولات الاقتصادية التي يعرضها العالم على الإسلام والمسلمين، هذا الخطر الذي يتمثل في التدخل الأمريكي عبر المؤسسات المالية، والسيطرة على رأس المال العربي وتضخم الديون الخارجية للدول العربية واختراق السوق العربية، أما عن مجابهة هذه الأخطار مستقبلاً، فقد رأى المحاضر ضرورة العودة إلى الإسلام والاعتصام به لمجابهتها، كما ذكّر بإمكانية الاستفادة من الجوانب المضيئة من العولمة.

ثم كانت المحاضرة الثالثة بعنوان: (البديل الذي يحقق السعادة للبشرية) للدكتور نور الدين صغيري وهو باحث بدار البحوث في دبي بالإمارات العربية المتحدة، وقد أكّد أن أهم البدائل هو الإسلام الذي ينبغي أن يقدم للغرب لإكمال نقص الحضارة المعاصرة، وذلك يقتضي تفكيك الفكر اليهودي الذي صار يهيمن على العالم.

الجلسة العاشرة: وقدمت فيها ثلاث محاضرات.

المحاضرة الأولى بعنوان: (الإسلام رافد روحي حتمي لديمومة مدنية الغرب) للدكتور سليمان عشراتي من جامعة وهران - الجزائر، بدأ محاضرته بالحديث عن التقدم الإسلامي في الغرب وأشار إلى تراجع الكنيسة وبقاء الإسلام الدين الوحيد المرشح لاستخلافها، والقادر على تقديم البديل الروحي للحضارة الغربية.

أما المحاضرة الثانية فقد كانت بعنوان: (مستقبل المسلمين في ظل تحولات النظام العالمي الجديد) للدكتور إبراهيم التهامي أستاذ بجامعة الجزائر، وقد بدأ بتشخيص واقع المسلمين المؤسف وكيف أنه باعث على تجاوزه، وركز المحاضر على ضرورة الأمل والعمل على تحقيقه انطلاقاً من التاريخ الذي فيه الكثير من العبر، وقبل ذلك الوعد الرباني الذي جاء به القرآن الكريم الذي وعد المؤمنين بالنصر إن هم عملوا على تحقيقه {إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ}.

ثم كانت المحاضرة الثالثة بعنوان: (مستقبل التدين بالإسلام في الغرب) للدكتور أحمد العلمي باحث في الدراسات الإسلامية بفرنسا، تناول فيها الحديث عن واقع المسلمين في الغرب وقسمهم إلى فئات:

1- مسلمين مهاجرين ومعظم أبناء هذه الفئة من ذوي المستوى البسيط.

2- الطلبة واللاجئين السياسيين ويشكلون أقلية.

3- أبناء الجيل الثاني.

وفي هذا أشار الدكتور العلمي إلى أن المسلمين في الغرب استقروا في الغرب ولذلك يمكن تسميتهم بالطائفة المسلمة بدل الجالية المسلمة.

الجلسة الحادية عشر: وخصصت لقراءة التوصيات وهي:

1- التنديد بانتهاك حقوق الإنسان في فلسطين والعراق.

2- الاعتناء بالتكوين العلمي لتأهيل الأمة إلى أداء رسالتها.

3- مقاومة تيار التيئيس الذي انتشر في الأمة.

4- الاهتمام بشؤون وأحوال الأقليات الإسلامية في الغرب.

5- العمل على إنشاء مركز بحوث باتنة يختص في شؤون المسلمين في الغرب.

6- الدعوة إلى الحوار لتنمية ثقافة التعايش.

7- إحداث موقع على الإنترنت يخصص للبحث في شؤون المسلمين في الغرب.

ملاحظة: كان عقب كل جلسة يفسح المجال للأسئلة والمناقشات والردود.

 

مؤتمر:

نظام الحكم الإسلامي والديموقراطية: الفروق وإمكانية التعايش

بمشاركة نحو ثمانين مفكراً وباحثاً وعالماً من أربعين دولة عربية وإسلامية وأجنبية نُظّمت الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر مؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي في عمان بين 21-23 آب (أغسطس) 2004م، تحت عنوان: (نظام الحكم الإسلامي والديموقراطية: الفروق وإمكانية التعايش). قُدِّم خلال الأيام الثلاثة للمؤتمر 31 بحثاً ناقشت محورين أساسيين هما: الشورى والديموقراطية وأوجه الاختلاف والاتفاق بين النظامين، وإمكانية التعايش بينهما من خلال المعاهدات الأورومتوسطية.

من الأوراق التي قدمت ورقة المؤرخ العراقي وأستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة الأردنية عبد العزيز الدوري تحت عنوان: (مسألة الشورى في المجتمع والدولة: التطور التاريخي) تتبع فيها المسيرة التاريخية لتطبيق الشورى في التاريخ الإسلامي فأكد أن بني أمية هم من انقلب على الشورى التي طبقت في عهد الراشدين وحوّلوا الحكم إلى حكم وراثي وحاولوا إضفاء الشرعية عليه عن طريق نشر عقائد الجبر، لذلك فقد أكدت الثورات التي قامت باسم الشورى مفهوم حق الأمة في الاختيار، كما كان اتجاه الفقهاء ضد الوراثة. ولم يتغير الوضع مع العباسيين ومن جاء بعدهم، فجميع الحكومات ألغت دور الأمة في العمل السياسي. كما استعرض الكتابات الرسمية الإسلامية التي تأثرت بهذا الوضع وبرّرت قسماً منه، والتعايش الذي دار بين الفقهاء حول إلزامية الشورى، وأهل الحل والعقد وكم عددهم ودورهم في اختيار الحاكم.

من الأوراق المقدّمة كذلك ورقة د. وهبة الزحيلي (أستاذ الفقه الإسلامي جامعة دمشق) عن: فصل السلطات وشروط الحكم، فتحدّث عن مبدأ فصل السلطات معتبراً إياه مبدأ وهمياً في الحقيقة لأنه لابد مع الزمن من أن تتعاون هذه السلطات، كما أشار إلى أن هذا المبدأ أفرزه المذهب الفردي، وهو مذهب رأسمالي تقف وراءه طائفة من المثقفين البرجوازيين ويخدم مصلحة هذه الطبقة على حساب الطبقة العاملة. أما بالنسبة للإسلام فقد أكد د. الزحيلي أن الإسلام لم يأخذ بمبدأ فصل السلطات على النحو المتشدّد، وإنما كان الوازع الديني القوي عند الخليفة الراشدي هو العوض عن مبدأ فصل السلطات الذي لم يكن درعاً ضد إساءة السلطة ومنع الاستبداد، على عكس ما حققه الوازع الديني، كما أن جماعة المجتهدين إلى جانب الخليفة، هم المستشارون العدول الأمناء بمثابة جمعية تشريعية..

وأضاف د. الزحيلي: الديموقراطية الإسلامية أو نظام الشورى أخذت بقدر معين أو خاص من الجانب السياسي للديموقراطية الغربية، وبتوسع واضح من الجانب الاجتماعي لحكم الشعب، فالشعب في الجانب السياسي للديموقراطية الإسلامية هو الذي يشارك في الشؤون العامة، وهو الذي ينتخب الخليفة بالغالبية بعد ترشيح المناسب والأكفأ من أهل الحل والعقد، بحرية وتجرد ونزاهة ومراقبة لله تعالى، وقد حقق النظام الإسلامي مدلول الجانب الاجتماعي للديموقراطية..

وقد انتقد د. الزحيلي الديموقراطية الغربية مؤكداً أن ليس لها شيء من الوازع الديني، لأنها أخذت بالعلمانية وفصل الدين عن الدولة، لذلك وضعت ضمانات أخرى لمراقبة الحكام ومساءلتهم، وكل ذلك مشكوك فيه.. كما تحدث د. الزحيلي عن الشورى والشروط الواجب توافرها في رئيس الدولة ودور أهل الشورى في الترشيح والانتخاب.

من المشاركين كذلك د. حسن حنفي (أستاذ الفلسفة بحامعة القاهرة - مصر) الذي تحدث عن الشورى والديموقراطية: وجوه الاختلاف، فقدم مجموعة من التعاريف اللغوية والاصطلاحية لكل من الشورى والديموقراطية، حيث كشف من خلالها أوجه الاختلاف المتعددة.

فالشورى - حسب د. حنفي - اصطلاحاً ضد الاستبداد بالرأي والتفرد بالقرار، وتعني الاسترشاد برأي الآخر وتبادل وجهات النظر، في حين أن الديموقراطية هي سلطة الشعب، وقد يقوم الشعب بلعب دور الحاكم الفرد فيستبد كما هو الحال في حكم الغوغاء.. الشورى توافقية إجماعية برضا الجميع، وليست بفرض الغالبية رأيها وإرادتها على الأقلية، في الشورى لو عارض واحد فقط رأي الجماعة يؤخذ رأيه بالحسبان، ويكون الإجماع ناقصاً وليس تاماً، الشورى تصورٌ كيفيٌّ للحياة، يقوم على احترام الرأي بصرف النظر عن عدد المنتسبين إليه.

في الديموقراطية الحكم للغالبية عن طريق صناديق الاقتراع والتشريع والقوانين إنما تصدر باسم الغالبية، وتلزم الأقلية باسم طاعة القوانين، ويكون همها هو الاحتفاظ بالسلطة أكثر من تحقيق مصالح الناس.. الشورى ليس لها شكل محدد بل هي روح وقصد ضد الاستبداد والتفرد بالرأي، لا يهم طريقة التنفيذ، قد تكون حكماً رئاسياً يستشير فيه الرئيس أهل الحل والعقد.. وقد تكون رئاسية وزارية وقد يكون على قمتها الخليفة أو الإمام أو السلطان أو الملك.. أما الديموقراطية فلها شكل نموذجي، وهي الديموقراطية البرلمانية التمثيلية بمجلس أو مجلسين. وأهم الفروقات تتمثل في أن منظومة القيم التي هي غاية الشورى منظومة ثابتة دائمة وعامة يتفق عليها جمهور العقلاء، أما الديموقراطية فبإمكان تغيير الحق باطلاً والباطل حقاً بإرادة الغالبية، فحق الإجهاض وحق العري وحق الشذوذ الجنسي مكفول إذا قررته الغالبية التشريعية..

من الأوراق المقدمة كذلك ورقة الباحث العراقي بشار عواد معروف الذي تحدّث عن: الجماعة والسلطة: قراءة في المبادئ والقواعد والوقائع التاريخية. فأشار في البداية إلى الاختلاف بين المفكرين المسلمين حول الموقف من الديموقراطية وأن منهم من رفضها ورأى أن الشورى هي البديل، ومنهم من حاول في سعيه للتجديد والمعاصرة إلى محاولة التقريب بين الشورى والديموقراطية، ومنهم من دعا إلى الأخذ بالديموقراطية بوصفها نظام حكم وآلية للمشاركة، وأن الاختلاف بين المشروع الحضاري الإسلامي وبين الديموقراطية هو من باب التنوّع والتمايز لا التضاد والخصومة.

وفي نظره: إن مفهوم الشورى الذي عرفه الإسلام بنصوصه أو تطبيقاته، هو غير مفهوم الشورى السائد بين الأوساط السياسية الإسلامية، كما تحدث عن الاختلاف بين المفاهيم الجديدة في الفكر الإسلامي السياسي المعاصر للشورى وبين مفهومها النظري كما جاءت به النصوص. وقد خلص الباحث إلى اعتقاده بأن: الإسلام وضع قاعدة كلية اسمها الشورى حين أمر بالمشاورة، فالمشاورة بين المسلمين مأمور بها، لكن الإسلام لم يضع التفاصيل كما هو الحال في كثير من الأمور، لتكون ملائمة لكل زمان ومكان، وليمكن تطوير مؤسساتها بحسب الحاجة. فالمجتمع الإسلامي يستطيع اليوم أن يضع القوانين والنظم والتعليمات الخاصة بالشورى بحسب ما يراه ملائماً لعصره دفعاً للاستبداد بالرأي من غير اعتبار للتطبيقات العملية التي مورست عبر التاريخ..

بعد انتهاء أعمال المؤتمر أصدر المشاركون بياناً ختامياً مما جاء فيه:

1- كان الإسلام أول حضارة وضعت تصوراً لقانون دستوري لا يتغير بتغير رغبات المشرعين مهما بلغ حجم الأكثرية التي يتمتعون بها، وألزم التشريعات الأخرى أن تتوافق معه، ويمكن كتابة دستور إسلامي بصياغة حديثة، يحدد نظام الدولة والحقوق الأساسية للمواطنين، وصلاحيات رئيس الدولة وسلطاتها الثلاث.

2- من الخصائص التي يتميز بها نظام الحكم في الإسلام من غيره من أنظمة الحكم أن السيادة فيه للشريعة، وأن السلطان فيه للأمة وأن هدفه تحقيق العدل في المجتمع الإنساني..

3- إن الدولة الإسلامية وليدة القانون، ولا مكان فيها للسلطة الاستبدادية، والحكام كغيرهم معرضون للمساءلة، ولا يُمنح أحد أية حصانة، وحقوق الإنسان فيها غير قابلة للانتهاك بوصفها مواثيق مقدسة من الله تعالى..

4- هناك قضايا كثيرة تتعلق بالفكر السياسي والقانون الدستوري الإسلامي، ما تزال محاطة بالغموض، وذلك لأن هذه الموضوعات ظلت وما تزال من أقلّ مجالات الفقه تطوراً، ويمكن العثور على جهود العلماء حولها في المؤلفات الأدبية والسياسية أكثر من مؤلفات الفقهاء.

5- إن وضع الإسلام في مواجهة الديموقراطية لأن الأول مجهول والآخر معلوم، يعبر عن موقف نفسي تحكمه الآراء المسبقة ويغيب عنه الحياد. فالإسلام دين وحضارة وثقافة ونظم ومؤسسات ومذاهب ونظام الحكم فيه جزء منه، أما الديموقراطية فهي إحدى النظريات السياسية في الثقافة الغربية وهي لا تشير إلى المسيحية كما يشار للإسلام في الطرف الأول، كما أن لكل منهما فلسفته وظروفه الاجتماعية والسياسية التي نشأ فيها..

 

مؤتمر:

المعرفة الدينية:

جدلية العقل والشهود

واكب المعرفة الدينية منذ وجدت منهجان تفاعلا معها تأثيراً وتأثراً، وهما المنهج العقلي والمنهج الشهودي، وكلاهما حاول تقديم فهم للدين أو تفسير لنصوصه وأحكامه وقيمه، كما ساعد على فهمه وتمثله على المستوى الواقعي والتطبيقي، ولاختلافهما فقد اختلفت نتائجهما مما أثار جدلاً بين المتبنين لهذين المنهجين، ظهر جليًّا في جدلية معرفية بين العقل والشهود أو العرفان في مقاربته المعرفة الدينية.

للكشف عن طبيعة هذه الجدلية بين العقل والعرفان وعلاقة المعرفة الدينية بهذين المنهجين، نظَّم معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية في بيروت مؤتمراً علمياً تحت عنوان: (المعرفة الدينية: جدلية العقل والشهود) وذلك يوم الجمعة 23 تموز 2004م.

بعد الجلسة الافتتاحية انطلقت أعمال المؤتمر بالجلسة الأولى التي ترأسها الشيخ عبد الناصر الجبري، وتحدث فيها في البداية الدكتور أسعد علي (سورية) عن (الصمت المتكلم بالشهود)، تحدث بعده الدكتور محمد صادق الموسوي (إيران) عن: (برهان الصديقين بقراءة بعض فلاسفة الشرق والغرب) فاستعرض آراء ثلاثة من الحكماء في تقرير برهان الصديقين، الرأي الأول لصدر المتألهين الذي عَدَّ برهان الصديقين أَسَدَّ البراهين وأشرفها، فعن طريقه نصل إلى الحق عن طريق الحق ذاته، وقد تحدّث عنه في الحكمة المتعالية، وخلاصته أنه: لو لم يكن هناك موجود غني متناهي الكمال على رأس سلسلة الوجود، لما تحققت سائر مراتب الوجود، ذلك أن سائر المراتب هي عين الربط والتعلق. فإذا تحققت من دون أعلى مراتب الوجود لزم أن تكون غنية عن تلك المرتبة الأعلى غير محتاجة إليها، ولذا نضطر للحكم أن أعلى مراتب الوجود هي غاية كمال الوجود، وهي الأتم واللامحدود، ولا يتصور ما هو أتم منها.

الرأي الثاني هو للسيد الطباطبائي، وقد انطلق من الأصل الفطري الذي يؤكد وجود الواقع ليقرر برهان الصديقين.

الرأي الثالث هو للشيخ الأصفهاني الذي يرى أن تصور مفهوم واجب الوجود يقودنا إلى تصديق وجوده.

الجلسة الثانية ترأسها الدكتور عبدو القاعي وتحدث فيها في البداية الدكتور غلام حسين الإبراهيمي الديناني عن: (العقل والعشق الإلهي) أشار فيها إلى صعوبة إدراك العقل والعشق معاً، وبالتالي صعوبة إدراك الإنسان؛ لذلك يرى أن وحدة الحقيقة الإنسانية التي يعبر عنها بالشهود الحضوري هي الكفيل بالإجابة عن مثل هذه الإشكالية. ويخلص الباحث إلى أن: من يدقق في بواطن المعنى سيكتشف أن عمق وجوده يتحد فيه العشق والمعرفة والإرادة، مستشهداً بالآيات والروايات التي ترى أن حقيقة الإيمان تكمن في تفاعل الفكر والذكر.

الورقة الثانية للدكتور جاد حاتم تحت عنوان: (الحب الخالص عند ملا صدرا) تحدث فيها عن نظرية الحب الخالص لدى الملا صدرا من خلال ثلاثة عناوين:

1- الرحمة للهالك: عالج فيه نظرة الملا صدرا للرحمة، مفترضاً أن الإنسان يجب أن يكون رحيمًا بجميع الخلق وأن يُظهر الرحمة لعباد الله تأسياً برحمة الله لعباده.

2- الحب الهالك: حيث قدّم الملا صدرا رؤية خاصة للنعيم والجحيم يقول فيها: إن جهنم العشاق هي النعيم الحقيقي.

3- رغبة الموت: بوصفها مدخلاً حقيقياً لفهم موضوع الحب. وخلص الباحث إلى أن الحب الخالص يعني عبادة الله لأنه أهل للعبادة.

الجلسة الثالثة ترأسها السيد محمد حسين هاشمي وتحدث فيها في البداية الشيخ شفيق جرادي (لبنان) عن: (العقل في جدلياته) عالج موضوع العقل في حقليه المفاهيمي والاصطلاحي، مع الاستفادة منهما بعرضهما على النص بوصفه ميدان تأسيس لبناء العقل الإسلامي، كما حاولت الدراسة إبراز وكشف منطق التوحيد الارتقائي الذي يقوم في إطاره المعرفي على جدلية العقل الشامل.

الورقة الثانية كانت للدكتور كرستيان بونو (يحيى العلوي) من فرنسا، بعنوان: (هل العقل هو العقال؟).

الجلسة الرابعة ترأسها الشيخ علي جابر وتحدث فيها أولا د. حبيب فياض (لبنان) عن: (جدلية المنهج والمعرفة في إطار العرفان والفلسفة) فعالج إشكالية المنهج في المعرفة الدينية من حيث علاقته بالمعرفة المنبثقة عنه، لأن دراسة العلاقة بين المنهج والمعرفة تؤدي إلى مقاربة أكثر شمولية وموضوعية لموضوع المعرفة الدينية التي لا يمكن النظر إليها إلا بما هي إطار يشتمل على المنهج والمعرفة معاً. وقد خلص الباحث إلى أن الاختلاف المنهجي بين العرفان والفلسفة يؤثر على نتاجاتهما المعرفية.

الورقة الأخيرة قدمتها د. مهين الرضائي (إيران) (لايبنتس والعدل الإلهي) عالجت فيها مشكلة الشر وموقعها من العدل الإلهي والعلاقة بينهما، انطلاقاً من آراء الفيلسوف الألماني لايبنتس الذي طرح إشكالية الشر في الفكر الغربي، وقد خلصت الباحثة إلى أن الأصل هو الخير، والشر إنما هو أمر جزئي يتسرب للخير الإلهي، إلَّا أن ما يميز طرح لايبنتس جعله الشر من الأمور الوجودية في حين أن الحكماء يرونه نتيجة فقدان الوجود..

آخر الإصدارات


 

الأكثر قراءة