شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
الدكتور أحمد صدقي الدجاني*
أنا أفضل أن نقول الحضارة العربية الاسلامية وتحديات العولمة، لأنني أميل للحديث عن ثقافات في إطار الحضارة الوافدة. وقد جرى شرح هذه النقطة في هذه الندوة «العرب والعولمة**»، وما أروع تنوع الثقافات في حضارتنا. ذلك لأني أميّز في تعريف المصطلح بين الثقافة والحضارة، فالحضارة هي الدائرة الاوسع، و الثقافة دائرة اضيق داخلها. أعتقد أن حضارتنا تتعامل مع هذه الظاهرة بمنطق الثقة بالنفس ووفق المنهج العلمي. الذي يقتضيýأول ما يقتضي أن نحيط برؤية هذه الظاهرة بجميع ابعادها.
وابعادها ليس مجرد الاقتصاد بل أيضاً السياسة والثقافة والاجتماع، والسلوك البشري. ومطلوب منا أن نتتبع جذور الظاهرة خلال هذا القرن بفعل الاستعمار الغربي، وقبل ذلك منذ عصر النهضة الأوربية كما يسمونه، بل نذهب إلى ما قبل ذلك التاريخ البشري، ولابن خلدون نظرات على هذا الصعيد قدمناها في ندوة أكاديمية المملكة المغربية. أخي وزميلي الدكتور عبد المجيد زياد، وآخرون أشاروا لها. ولنا أيضاً عدد من الكتابات في تاريخنا تتحدث عن هذا العمران البشري والنزوع إلى العالمية.
في حضارتنا كان التعبير الأدق هوالعالمية. الظاهر اليوم استخدمنا تعبير العولمة لأن فيها عامل فرض مباشر، وهذا الفرض المباشر ينطلق من قيم حضارية غربية، بعضها أورث التسلط. وأخطر ما في هذه الأزمة القيمية، وجود العنصرية، وفكرة الكسب، وفكرة النظر إلى الانسان على أنه مجرد مستهلك. من هنا تبرز حضارتنا الحقيقية، بعد أن تحيط بفهم الظاهرة وتتعمق أبعادها، وتسبر أغوارها. فإنها تستجيب لها. فتأبى موقف الانكماش، ولاموقف الانغماس، وتبحث عن هامش للتحرك.
لذلك الموقف هو إننا نعيش في عصر العولمة وهذا ناجم عن ثورة الاتصال، عن قيام شركات متعدية القارات، عن بروز نزوع انساني للانتشار الجغرافي، عن هجرة الكفاءات، من هنا وهناك لتتركز في إطار هذه الشركات عن تطلعýأجيال من الشباب إلى الهجرة، وهذا حقهم. عن هذا الاعلام الذي أصبح يتداول عبر التلفزة.
هذه الظاهرة موجودة فلنتعامل معها ولكن لنثق بقدرتنا على المواجهة. فعملية محاولة إنهاء الثقافات وتنميط البشر على ثقافة غربية واحدة يقيناً سيفشل. قد يندفع البعض من الشباب في مرحلة إلى أكل الهمبورغر مثلاُ، لكنه بعد فترة قصيرة يعود إلى روعة الأطباق التي تعودها هنا وهناك. وجاءت عبر تجربة عريقة.هذا على صعيد الطعام، وعلى صعيد الثياب قد يلبس الجينز أحياناً في فترة قصيرة، ولكن هل هناكýاروع من اللباس النابع من البيئة المنسجم معها. إذن نثق بأن هويتنا الحضارية ستكون راسخة، وخصوصاً أن الهوية دائماً جماع ثلاثة عناصر: العقيدة التي توفر رؤية كونية واللسان الذي يجري التعبير فيه، والتراث الثقافي الطويل المدى.
بالمنطق الفعل هذا نواجه هذه الظاهرة وكلنا ثقة أن قيم حضارتنا ستنجح في التغلغل دائرة في داخل دائرة تسيطر عليها العولمة وهي الدائرة الغربية، لأن في الانسان نزعة للتطهر. وهناك قيم في داخل تلك المجتمعات تلتقي مع قيمنا. ولذا سيحدث تغلب لها على قيم الاستهلاك والتسلية وما تأتي به العلمانية التي لاتنظر إلى الانسان إلا علىýانه مستهلك مادي ليس إلا.
بالنسبة للاحتياجات الأساسية للثقافة العربية والاسلامية كي تأخذ مكانها ضمن هذه العولمة؟ الحقيقة الاحتياجات الأساسية بعد فهم الظاهرة وتعمقها، أن نعنى بثقافتنا وحضارتنا وأن نحسن تقديمها العناية بثقافتنا وحضارتنا تحتاج إلى عناية بالتربية والتعليم، والواقع أن مناهج التربية والتعليم عليها ملاحظات كثيرة وأول هذه الملاحظات أننا لانعنى بمافيه الكفاية باللسان واستقامته، ولانعنى بتوفير الذاكرة الأدبية، ولانعنى بتوفير الذاكرة التاريخية، ولانقرأ التاريخ البشري والانساني ولا تاريخنا حتى إلا من منظور الآخر له، لأن المناهج فرضت علينا في غالبيتها، العناية بحضارتنا يقتضي أن ينشأ كل فرد فيها مدركاً رؤيتها الكونية أي عقيدتها مسلماً كان أو نصرانياً. الأمر يقتضي ذلك. بهذه الطريقة يفرز الفرد سلوكه، وبتصرفاته وباحتكاكه بالآخر يعبر عن ثقافته، فيكون خير داعية لها، ولابد أن نكون فاعلين في المؤتمرات الدولية، لأن في ظاهرة العولمة هناك أدوار للمنظمات الدولية وللمنظمات الأهلية، والناس تواقون وأنا واحد من الذين يشاركون في هذه المؤتمرات على الصعيدين وكنت ألاحظ أولاً كم أغتني بنظرات الأخرين، ولكنيýايضاً كنت ألاحظ كم يُهتم بسماع رؤيتنا الحضارية.
بالنسبة للاحتياجات الآلية والأدواتية، الحقيقة أنا دائماً أقول وقد بدأت في الجانب الأول الحديث عن ذلك بأن التقنية ملك عالمي وهي ليست ملك دائرة بعينها، وما وصل الغرب إلى هذه الثورة التقنية إلا بفعل ما وصلت إليه في حضارتنا، وحضارتنا ما وصلت إليه إلا بفعل من سبقوها، ولذا فالتقنية عامة، ويجب أن نستفيد منها إلى آخر مدى مع شرط واحد ألا تؤذي البيئة ولاتؤذي الانسان. ولذا لابد من وسائل الاتصال كلها أن يستفاد منها في تعميم هذه الثقافة.
* رئيس المجلس الأعلى للتربية والثقافة والعلوم في منظمة التحرير الفلسطينية.
** نظم هذه الندوة مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت في الفترة ما بين 18-20 كانون الأول /ديسمبر 1997 .
شرعية الإختلاف : دراسة تاصيلية منهجية للرأي الآخر في الفكر الإسلامي
يحاول الكاتب محمد محفوظ في 166 صفحة أن بضيئ الحديث عن السلم الأهلي والمجتمعي، في الدائرة العربية والإسلامية، بحيث تكون هذه المسألة حقيقة من حقائق الواقع السياسي والإجتماعي والثقافي، وثابتة من ثوابت تاريخنا الراهن.
ينتمي مالك بن نبي وعبدالله شريط إلى بلد عربي إسلامي عانى من ويلات الاستعمار ما لم يعانه بلد آخر، سواء في طول الأمد أو حدة الصراع أو عمق الأثر. إنهما مثقفان عميقا الثقافة، مرهفا الشعور، شديدا الحساسية للمعاناة التي عاشها ملايين الجزائريين من ضحايا مدنية القرن العشرين، بأهدافها المنحطة وغاياتها الدنيئة.
عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة الواقعة بين 6 و 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2012، مؤتمرًا أكاديميًّا عنوانه «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي: تجارب واتّجاهات»، في فندق شيراتون بالدوحة، وشهد الافتتاح حشدًا كبيرًا من الباحثين والأكاديميّين من دول عربية.
يأتي الاهتمام بالقضية الفنية في فكر الأستاذ عبدالسلام ياسين من منطلق أن الوجود الحضاري للأمة كما يتأسس على أسس القوة المادية التي يمليها منطق التدافع القرآني أي التدافع الجدلي بين الخير والشر الذي هو أصل التقدم والحركة، يتأسس كذلك على جناح تلبية الحاجات النفسية والذوقية والجمالية بمقتضى الإيمان الذي هو ...
ثمة مضامين ثقافية ومعرفية كبرى، تختزنها حياة وسيرة ومسيرة رجال الإصلاح والفكر في الأمة، ولا يمكن تظهير هذه المضامين والكنوز إلَّا بقراءة تجاربهم، ودراسة أفكارهم ونتاجهم الفكري والمعرفي، والاطِّلاع التفصيلي على جهودهم الإصلاحية في حقول الحياة المختلفة
لا شك في أن الظاهرة الإسلامية الحديثة (جماعات وتيارات، شخصيات ومؤسسات) أضحت من الحقائق الثابتة في المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي في المنطقة العربية، بحيث من الصعوبة تجاوز هذه الحقيقة أو التغافل عن مقتضياتها ومتطلباتها.. بل إننا نستطيع القول: إن المنطقة العربية دخلت في الكثير من المآزق والتوترات بفعل عملية الإقصاء والنبذ الذي تعرَّضت إليه هذه التيارات، مما وسَّع الفجوة بين المؤسسة الرسمية والمجتمع وفعالياته السياسية والمدنية..
لم يكن حظ الفلسفة من التأليف شبيهاً بغيرها من المعارف والعلوم في تراثنا المدون بالعربية، الذي تنعقد الريادة فيه إلى علوم التفسير وعلوم القرآن والحديث والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، وعلم الكلام وغيرها. بينما لا نعثر بالكم نفسه على مدونات مستقلة تعنى بالفلسفة وقضاياها في فترات التدوين قديماً وبالأخص حديثاً؛ إذ تعد الكتابات والمؤلفات في مجال الفلسفة، ضئيلة ومحدودة جدًّا، يسهل عدها وحصرها والإحاطة بها.