ثمة حقيقة قائمة في فضائنا العربي والإسلامي، هي أن واقعنا بكل مستوياته، قد ورث خلال الحقب التاريخية المديدة، العديد من المشاكل والعقد والرواسب التمزيقية، وأن الإنصات إلى هذه الرواسب يكلفنا الكثير على مستوى حاضرنا وراهننا.. لذلك فإن المطلوب هو إطلاق عملية حوارية مستديمة، لا تقف حائرة أمام عناوين التمزق، وإنما تسعى بعقل منفتح وحكمة ونفس طويل إلى تفكيك هذه العناوين، ومنع تأثيرها السلبي على راهننا.
وإن العمل على منع تسرب عقدنا وأزماتنا التاريخية إلى واقعنا المعاصر، بحاجة منا جميعاً الوعي العميق بمبدأ الوحدة والتعاون على البر والتقوى، وتجاوز كل الإحن النفسية التي تحول دون تنمية المشتركات والاستجابة الفعالة إلى التحديات.
ونحن في المجلة، أخذنا على عاقتنا القبض على مفهوم الوحدة ومشروعها وتغذيته ثقافيًّا ومعرفيًّا، وتحصين واقعنا الإسلامي من كل الفتن ومحاولات الاحتراب الداخلي.. وتأتي مواد هذا العدد لتخدم هذه الرؤية.
فالكلمة الأولى التي كتبها الأستاذ رئيس التحرير بعنوان: «الشيخ محمد مهدي شمس الدين والنقد المنهجي لأصول الفقه» جاءت للتعريف بأحد شخصيات الوحدة والوفاق بين المسلمين في جانب مهم من جوانب عطائه العلمي والفكري.
ويشاركنا الأستاذ محمد الناصر صديقي بدراسة متميزة بعنوان: «الغيرية المذهبية بُعداً فكريًّا في الثقافة العربية الإسلامية».
والأستاذ الهاني إدريس جاءت مشاركته الموسومة بـ«تأملات في سفر الثورات العربية» لصياغة تفسير فكري ومعرفي لظاهرة الربيع العربي، التي اجتاحت العديد من البلدان العربية والإسلامية.. وغيرها من الدراسات والأبحاث التي غطت أبواب المجلة المختلفة.
وكلنا أمل أن تكون مواد هذا العدد إضافة معرفية جديدة لتعزيز خيار الوحدة والتلاقي والتعاون بين المسلمين.
ونسأل الباري عز وجل التوفيق والسداد..
والله الموفق