مسألة التاريخ
عند الدكتور أبي القاسم سعد اللَّه
الدكتور مولود عويمر*
* أستاذ تاريخ الفكر المعاصر بجامعة الجزائر 2. البريد الإلكتروني: mouloud1968@yahoo.fr
مدخل
تطمح هذه المطالعة إلى دراسة موضوع مسألة التاريخ عند أبي القاسم سعد الله (1927 - 2013م)، وهي أحد القضايا التي اهتم بها مؤرخنا الكبير. وعلى الرغم من أنه لم يخصِّص لها كتابًا مستقلًّا، فإن أفكارًا كثيرة في هذا المجال المعرفي نجدها مبثوثة في ثنايا كتاباته المتعدِّدة، بخاصة في كتبه الثلاثة: «أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر» (الجزء الرابع)، و«حوارات» و«حصاد الخريف».
لماذا انتقل الدكتور سعد الله من دراسة الأدب إلى التخصُّص في التاريخ؟ هل اهتمَّ سعد الله بالتنظير التاريخي أم اكتفى فقط بالكتابة التاريخية؟ ما هي شروط الكتابة التاريخية في نظره؟ ما هي نظرته للمدارس التاريخية الحديثة؟ ماذا يقصد بقوله: لا «وجود للمؤرخ العملاق إلَّا في أمة عملاقة»؟ ماذا يقصد بمقولته: «الخوف من التاريخ»؟ ما هو رأيه في تجديد التاريخ العربي وإعادة كتابته؟ ما هو موقفه من المدارس الغربية في كتابة تاريخ الجزائر؟ ما هي نظرته لمستقبل التاريخ في ظل تحديات العولمة؟
من الأدب إلى التاريخ
بدأ أبو القاسم سعد الله مشواره الدراسي طالبًا في العلوم الإسلامية في جامع الزيتونة، ثم طالبًا للأدب في كلية دار العلوم بالقاهرة، واختار التخصُّص في التاريخ لما سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1961م وسجل لإعداد رسالة الدكتوراه. وقد تحدَّث سعد الله بالتفصيل عن هذا التحوّل في كتابه «مسار قلم»، وشرح في أماكن أخرى[1] كيف تطوّر عنده هذا الشغف بالتاريخ والتفرُّغ لدراسته ثم الاشتغال بالبحث التاريخي لعقود من الزمن.
ولا بأس أن أنقل هنا بلسانه واحدة من هذه الشهادات حول هذا الموضوع بقوله: «وقد وجدت من خلال دراستي سيما وقد حللت بأمريكا، تلك البلاد المادية والصناعية الكبرى، أن التاريخ هو أفضل ما يشبع نهمي العلمي وتطلعاتي العقلية، ففيه الشك قبل اليقين، وفيه التريُّث والتثبُّت قبل إصدار الأحكام، وفيه الموضوعية والاحتكام إلى العلم والضمير. وكل هذه المعايير تستجيب لنوازعي الأولى... أما ثورة الجزائر فقد أرغمتني على البحث وتطبيق التاريخ، أي جعلتني أدرس تاريخ بلادي الذي لم أدرسه من قبل في أي مدرسة أو جامعة، وأتحرَّق إلى معرفة إنجازات الأجداد والآباء، وأقارن بين ما قدموا به وما أنجزه الآخرون في الحروب والعلوم والحضارة على العموم...»[2].
درس التاريخ في الجامعة الأمريكية، واستفاد من محاضرات كبار المؤرخين المعاصرين الذين التقى بهم في الولايات المتحدة الأمريكية أمثال: المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي (1889-1975)[3] والمؤرخ اللبناني - الأمريكي فيليب حتي (1886-1978)[4]... إلخ.
وعلى الرغم من أن الدكتور سعد الله غاص في بحر التاريخ وارتقى في سماء المؤرخين، إلَّا أنه ظل متمسكًا بذوقه الأدبي مؤمنًا أن المؤرخ يحتاج أيضًا إلى الأسلوب الجميل والخيال الخصب، كحاجته إلى المعارف الأخرى، والوسائل المتعدِّدة لأداء مهنته على أحسن وجه.
التنظير للتاريخ
لقد كتب الدكتور سعد الله التاريخ وفق تصوّر واضح المعالم والأهداف، ولم يحد عنه طوال مشواره العلمي، حتى وإن انتقل من اشتغاله بالتاريخ السياسي للجزائر إلى الاهتمام بتاريخها الثقافي.
فهل يستطيع الباحث أن يستخلص منها نظرية في التاريخ أو الحضارة؟ بالنسبة للدكتور سعد الله وحسب قوله: «يمكن للمؤرخ أن يضع تصوّرًا لمسيرة التاريخ من وجهة نظره بناء على معطيات درسها وظروف عاشها وملاحظات بدت له، ثم يترك تصوّره للآخرين الذين ليسوا بالضرورة معاصرين له، ليستخرجوا نظريته ويبلوروها ويقيسوها بغيرها ويحكموا على أصالتها أو زيفها. ولكن لا يعلن هو ذلك بنفسه لأن المؤرخ ليس كالعالم الطبيعي له معادلات ثابتة ينطلق منها».[5]
فإذا كان هذا الكلام عامًّا يصلح لكل المؤرخين والعلماء، فما هي صلتها المباشرة بالدكتور سعد الله؟ يجيب قائلًا: «أنا لا أدَّعي أنني وضعت نظرية في التاريخ أو الحضارة، سواء بالنسبة لتاريخ الجزائريين أو تاريخ العرب والمسلمين أو غيرهم. ومن أراد أن يستنج شيئًا من ذلك من كتابتي، كاملًا أو منقوصًا، صحيحًا أو خطأً، فله أن يفعل ذلك، وله أن ينتقد ما شاء مؤلفاتي ووجهة نظري»[6].
ومن الأمثلة التي تُوضِّح هذا المعنى ما ذهب إليه كارل ماركس الذي كتب عن دور العامل الاقتصادي في حركة التاريخ، واكتفى بذلك ثم جاء تلامذته فبلوروا النظرية الماركسية في التفسير المادي للتاريخ ونشروها في الآفاق بكل الوسائل، ودافعوا عنها بقوة في كتاباتهم ومحاضراتهم... إلخ.
وهكذا فعل أيضًا تلامذة فريدريك هيغل (1770-1831م)، وشارل داروين (1809-1882م)، ومالك بن نبي (1905-1973م)، أخذوا الفكرة واستوحوا منها أفكارًا في مجالات مختلفة.
ويحقُّ لنا أن نتساءل الآن: ما هي أسس التنظير التي تقوم عليها إنشاء نظرية في التاريخ والحضارة؟
يجيب الدكتور سعد الله قائلًا: «في تصوري أن كل تنظير لا بد له من مقدمات، ومنها جرأة طرح الفكرة، ومواتاة ظروف العصر، كالخلدونية وعصرها، ونظرية صاحب نهاية التاريخ وعصره...، ومنطقية الاستنتاج، والتعمُّق في دراسة الظاهرة أو الظواهر المرصودة»[7].
لقد قدَّم الدكتور ناصر الدين سعيدوني تفسيرًا منطقيًّا لغياب التحليل الفلسفي في أعمال الدكتور سعد الله، مُعلِّلًا ذلك بإضافة شروط أخرى لم يذكرها الأستاذ سعد الله، قائلًا: «فسعد الله شأن كل أديب أصيل وباحث متقن لعمله، يشعر قبل أن يفكر، ويُدقِّق قبل أن يحلِّل، فضلًا على أن الروافد الثقافية التي نهل منها وحدود الوثائق التاريخية التي استعملها، والواقعية التي حاول الارتباط بها في معالجة المسائل، وعدم اطمئنانه للفرضيات، كلها عوامل حدَّت من تكوين النظرة الفلسفية الكفيلة بإعطاء نسق للأحداث يسمح بتشكل المفهوم التاريخي الذي يربط بين المواقف والآراء الشخصية لعطاء سعد الله الأدبي ومساهمته التاريخية»[8].
تفسير التاريخ
درس سعد الله الفكر التاريخي من خلال أعلامه المشهورين أمثال: ابن خلدون (1332-1406)، وآدم سميث (1723-1790)، وهيغل (1770-1831)، وكارل ماركس (1818-1883)، وفريدريك نيتشه (1844-1900) وأسوالد شبنغلر (1880-1936)، وأرنولد وتوينبي (1889-1975) وغيرهم.
كما درّس الدكتور سعد الله المدارس التاريخية المختلفة لطلبته في العديد من الجامعات دون أن يتأثَّر بواحدة منها. بل يرى أن تفسير التاريخ لا يكتمل إذا اعتمد المؤرخ على زاوية واحدة للنظر إلى الحدث التاريخي وتطوّره، بل المؤرخ مطالب بكشف الأسباب العميقة والعوامل المؤثرة والمحطات المختلفة لمسار الحدث.
غير أن الجدل المثار حول كتابة التاريخ سواء على المستوى القطري أو على المستوى القومي، كان دائمًا انعكاسًا فكريًّا للصراع الأيديولوجي المستمر بين مختلف التيارات القائمة. وهكذا ينتقد سعد الله الغربيين الذين يُفسِّرون التاريخ تفسيرًا ماديًّا أو ليبراليًّا.
وينتقد كذلك المؤرخين العرب والمسلمين الذين يُفسِّرون بدورهم التاريخ تفسيرًا دينيًّا أو قوميًّا. وإذا كان لا بد من التركيز على عامل واحد فذلك يكون مقبولًا إذا كان فقط من باب الأولوية وليس من باب الحصر[9]. لذلك صار التاريخ في حاجة ماسة إلى تحريره من قيود الأيديولوجية و«ربقة المفاهيم الجاهزة».
التاريخ عبرة
هل في التاريخ دروس وعبر أم أن ذلك هو من صميم خيال ووهم المؤرخين كما يرى بعض الفلاسفة الغربيين مثل الفيلسوف الشهير كارل بوبر؟
يرى الدكتور سعد الله أن الدرس التاريخي له مستويان: الفرد والأمة، فلكل طرف قدرة على الاستلهام والاستنباط، وتكتمل الصورة في حركة المجتمع كله لبناء نهضة، يقول في هذا الشأن: «على مستوى الأمة، عليها أن تعمل على التعلُّم العميق والمستمر للوصول إلى الفهم الجمعي للتاريخ وتأخذ حظَّها الوافر بين الأمم. وعلى مستوى الفرد، عليه بالتواضع العلمي والإخلاص في العمل والإيمان بأن {فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}»[10].
والمجتمع أو الفرد الذي لا يُراجع نفسه ولا يستفيد من الأخطاء التي وقع فيها في الماضي ينتابه الندم في وقت لا ينفع فيه الندم، بل يستمر في الخطأ دون شعور بذلك أو بإصرار على الخطأ عمدًا؛ لأنه لم يتعظ من التاريخ في الوقت المناسب، فيصبح التاريخ سلاحًا خطيرًا قد يترتَّب عنه الانزلاق.
وقد ضرب الدكتور سعد الله مثالًا على ذلك، تمثَّل في الردة الثقافية التي وقعت في الجزائر بعد الاستقلال، وتعثُّر مسيرة بناء المشروع الحضاري الذي كان يحلم به قادة الحركة الوطنية والثورة الجزائرية[11]، والخلاص -في نظره- لا يكون إلَّا في تصحيح مسار التاريخ، والمصالحة بين كل أفراد المجتمع والتعالي عن المصالح الفردية، والاعتراف بالآخر بغض النظر عن آرائه وأفكاره المختلفة[12].
لا شك أن دراسة التاريخ تساعد على «تثبيت الذات وحفظ الهوية وبعث الفخر والاعتزاز؛ لأن تاريخ كل شعب ما هو في الحقيقة إلَّا حجمه في التاريخ الإنساني»[13].
وتحقيقًا لهذا المقصد، اقترح الدكتور سعد الله مرارًا تأليف «الكتب المدرسية الجديدة، التي تُحبِّب التاريخ للناشئة وتُحبِّب لهم الوطن والانتماء الحضاري للإسلام والعروبة، من خلال المواقف والبطولات وحب الدين واللغة»[14]. إنها حقًّا أمنية علمية نبيلة ما زالت تنتظر دائمًا رجلًا رشيدًا ليُحقِّقها في حياة هذا المجتمع المتمسِّك بثقافته ومتفتح على عصره.
تجديد التاريخ
تكون الكتابة التاريخية تعبيرًا عن حقيقة مبنية على دراسة للوثائق وفق منهج معيَّن، وإذا ظهرت وثائق جديدة استمرت جهود المؤرخ ليصل إلى حقائق أخرى لم يكن قادرًا على الوصول إليها من قبل. وهكذا تبقى عملية الكتابة التاريخية مستمرة ومفتوحة، يُصحَّح الخطأ ويُضاف الجديد إلى القديم. وينظر المؤرِّخ إلى الأحداث من زوايا أخرى، ويفسِّرها وفق مؤثرات مغايرة. هذا بالنسبة للمؤرخ.
أما غيره من المؤرخين فهم كذلك يبقون في بحث دؤوب للوصول إلى الحقيقة التاريخية عن طريق السير في دروب مغايرة، أو إعادة قراءة النصوص الموجودة على ضوء ثقافة العصر وأدوات البحث الجديدة والوثائق المكتشفة.
وخلاصة القول هي أن «عملية التجديد والاجتهاد في التاريخ لا تتوقَّف، وإعادة القراءة تؤدِّي إلى إعادة الفهم الذي يؤدِّي بدوره إلى إعادة الكتابة... والمؤرِّخ في حاجة إلى إعادة قراءة إنتاجه ولو بعد طبعه مرة أو أكثر؛ ذلك لأنه كلما أعاد قراءة ما كتب سيكتشف أنه في حاجة إلى توثيق رأي أو تدعيم مصدر، أو تهذيب معنى أو حذف عبارة. وليس في ذلك أي حرج أو مأخذ لأن المؤرِّخ يكتشف مصادر جديدة من حين لآخر، وقد يهتدي إلى حكم أكثر توازنًا من الحكم الذي أصدره سابقًا وهكذا، وذلك هو معنى البحث الذي لا يعني اكتشاف الجديد فقط بل يعني أيضًا تصحيح القديم وإقامته على سوقه»[15].
المؤرِّخ لا يحتكر الحقيقة المطلقة، ووجهة نظر الدكتور سعد الله في هذه المسألة واضحة لا غبار عليها إذ يقول: «لا بد من مراجعة تاريخ الشعب الجزائري وتعهُّده بالتنقيح بواسطة كل جيل بما يملك من ثقافة ووثائق وقدرات على التحليل والبحث. وذلك ما يسميه البعض بإعادة كتابة التاريخ، وهي تسمية غير صحيحة على عِلَّاتها، فالإعادة هنا لا تعني في بعض الأذهان النقص الكلي أو الرفض الشامل للتاريخ السابق والبدء من الصفر... والصحيح أن نقول: مراجعة التاريخ وتنقيحه على ضوء المعطيات والثقافات الجديدة»[16].
وهكذا يظهر جليًّا أن الكتابة التاريخية جهد متواصل يبذله كل جيل ليحرِّر تاريخه من الرواسب والشوائب ليس بطريقة عشوائية أو انتقامية لعنصر من عنصر آخر، وإنما يكون التصحيح أو الزيادة بناء على معطيات جديدة توفَّرت لدى المؤرخ، يقرؤها بعين العصر وأدواته لكن في سياق تاريخي محدَّد للحادثة أو الشخصية التي صارت محل إعادة الدراسة، وتجديد النظر إلى الوثائق التي كانت محرمة لأسباب سياسية أو غيرها أو كانت مجهولة تمامًا من قبل[17].
ويميّز سعد الله بين إعادة الكتابة في كل جيل وبين رفض كل شيء باسم التجديد، ذلك أن إعادة الكتابة «لا تعني رفض المكتوب السابق أو الطعن فيه كلية ولكن تعني إعطاء تفسير جديد لمسيرة الأحداث ومواقف الرجال وتطوّر الأفكار، بناء على المعطيات المعرفية الجديدة، واستعمال تقنيات البحث واستغلال الوثائق التي كانت من قبل مجهولة أو ممنوعة الخ»[18].
بين الموضوعية والتحيّز
تمرُّ الكتابة التاريخية عبر مرحلتيْن أساسيتيْن، فالمرحلة الأولى تهتم بجمع المادة العلمية بصرامة وترتبيها بدقة وقراءتها بتمعُّن. أما المرحلة الثانية فتتمثَّل في تفسير الأحداث بناء على معطيات وتصوُّرات ومنهج واضح المعالم. وربما في هذه المرحلة الثانية تتدخل عواطف المؤرِّخ باعتباره ابن بيئته، ومتأثرًا بعصره فيتخذ مواقف ويتبنى آراء توافق الأفكار السائدة في عصره.
غير أن حجم التأثير يختلف من مؤرِّخ إلى آخر، وبناء على هذه القاعدة يحكم المؤرِّخ على كتابات غيره من المؤرخين بنظرة نقدية بعيدة عن أي تقديس، لكن عليه أن يأخذ في الحسبان تلك المؤثِّرات حتى لا يتهم غيره بـ«الاختلاق والتزوير والتجريح»[19]. ويرى سعد الله على المؤرِّخ أن يتحلَّى بـ«الضمير الحي والثقافة العميقة... والتجرُّد من الانحياز إلى أي جهة أو حزب أو فرد»[20].
والانسحاب من الزمن يساعد المؤرِّخ على بلورة نظرة دقيقة وشاملة؛ لأن الابتعاد يزيل الغشاوة عن الأبصار، «فكلما ابتعد المؤرِّخ عن عصر ازداد اقترابًا من الحقيقة، ومن الحكم الموضوعي لأن المعاصرة حجاب، كما يقولون»[21].
وهكذا يدعو الدكتور سعد كل جيل إلى مراجعة كتابات الأجيال السابقة حتى يُزيل عنها كل ما تعلّق بها من تحيُّز غير مبرِّر أو أخطاء، فقال في هذا السياق: «مراجعة التاريخ بشقيه القومي والقطري عملية صحية ضرورية، وهي تشبه إجراءات الفحوص الدورية لجسم الإنسان لمعرفة ما قد يطرأ عليه من أمراض والتخلُّص منها إن كانت»[22].
الخوف من التاريخ
لقد استخدم الدكتور سعد الله هذه العبارة نتيجة جهود بحث عميق في تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية. وقد استعملها لأول مرة في محاضرة في مبنى جامعة الجزائر يوم 29 ديسمبر 1987. وقد أعطاها مغزى عاطفيًّا تشاؤميًّا منذ الكلمات الأولى.
وقد اعتمد في محاضرته على كلمات قاسية تُبرز مدى حيرته من خمول الحس التاريخي، فلا يوجد سوى القليل من الأشخاص الذين يهتمون بالتاريخ، ويُقدِّرون أبطاله، ويهتدون برموزه.
وتتجلَّى ظاهرة الخوف من التاريخ في «التشرذم الثقافي وتحطيم الأبطال والرموز، وأمام غياب المركزية الواعية الموجهة وفقدان الحرية الفكرية، وغياب الحوافز كيف نتصوّر أن يولد المؤرِّخ ويمارس نشاطه وتجديد لتاريخ شعبه؟»[23].
وبصرف النظر عن أهمية العناصر السابقة، فإن الإحساس بالخوف من التاريخ يولّد سلوكًا مرضيًّا خطيرًا حيث «يُصبح إهمال التاريخ نوعًا من محاولة دفن آثار الجريمة الجماعية»[24].
ويصف الدكتور سعد الله حيرة المؤرِّخ أمام هذه الظاهرة، فيقول: «إنها مأساة المؤرِّخ المعاصر أن يرث تركة خطايا الأجداد الذين فقدوا ذاكرتهم أو مزَّقوا أوراقهم ورموا بها في النار في لحظة الغضب، أو أهملوا تداوي حياتهم فلم يعرف عنها الأحفاد سوى صورًا مشوّهة من رسم أعدائهم!»[25].
هنا نطرح السؤال التالي: هل يواصل المؤرِّخ مهنته بصرامة علمية يستنطق الشواهد والوثائق، ويستفيد من المعطيات المستخلصة أم يحيد عن هذا المسلك فيصير عمله «نوعًا من الأدبيات الخرافية والأساطير»؟[26]، فإذا كان ذلك عيبًا في البحث العلمي فإنه مقبول في الوجدان الشعبي الذي يتمسَّك بالأساطير أكثر ممَّا يتمسَّك بالحقائق التاريخية التي كثيرًا ما كانت مُرة.
المؤرِّخ العملاق
ينطلق الدكتور سعد الله من التاريخ العربي الإسلامي وتواريخ الأمم الأخرى ليصل إلى فكرة المؤرِّخ العملاق. ويضرب على ذلك أمثلة عديدة كالمسعودي والطبري وابن خلدون في الحضارة الإسلامية، وهيرودوت وبوليبياس وتاسيتس في الحضارة الإغريقية، وأرنولد توينبي وفرناند برودل في الحضارة الأوروبية المعاصرة... إلخ.
وقد شرح فكرته في هذا الموضوع بتفصيل أكثر قائلًا: «إن هناك جدلية بين المؤرِّخ العملاق والأمة العملاقة... إن كبار المؤرخين ظهروا في خطٍّ موازٍ مع نضج دولهم وحضارتهم... ولعل أسوأ أنواع المؤرخين هم الذين يرضعون أثداء النظم القائمة أو يمتصُّون أصابع الحكام، أعني أولئك المؤرخين المعوّقين دائمًا الذين تمرُّ بهم الأيام ولا ينضجون بل يظلّون طوال حياتهم في مرحلة الحضانة، وبالتالي لا تنضج النظم ولا الحكام الذين يرضعونهم أو يمدّونهم بأصابع»[27].
هناك إذن علاقة قوية بين المؤرِّخ وأمته، فلا يكون -في نظر سعد الله- المؤرِّخ عملاقًا إلَّا في أمة عملاقة[28]. فالأمة العظيمة هي فقط التي تلد المؤرِّخ العظيم، أما الأمة القزمة فلا تلد إلَّا المؤرِّخ القزم[29].
لكن أحيانًا نجد الدكتور سعد الله يُغالي في دور البيئة في صناعة الأبطال والعظماء، فيقول على سبيل المثال: «إن المؤرِّخ هو ابن بيئته وظروفه وأسير ثقافته ووثائقه، ومن ثمَّة فهو مرآة شعبه، إن تعلَّق بالعظائم عظم، وإن تسفّل للصغائر صغر!»[30].
وربما كان للعظمة معنيان: المعنى الأول أن يستفيد الإنسان من فرص المجتمع فيرتقي في سلّمه حتى يصير عظيمًا. فالعظمة تكون في هذا المثال هي التكيّف وحسن استغلال الفرص المتاحة والإقدام لتحقيق النجاح. أما المعنى الثاني فهو أن الفرد يصنع بنفسه فرص العظمة، ويكافح في سبيل تحقيق أهدافه رغم كل المعوّقات، وينتصر عليها في النهاية، هذا هو المعنى الأبلغ للعظمة.
الكتابة التاريخية
إن المؤرِّخ كغيره من العلماء والباحثين مقيّد بمجموعة من المواصفات تضبط عمله حتى يستوفي الشروط اللازمة للبحث العلمي، وإنتاج المعرفة. والدكتور سعد الله مدرك تمامًا لهذه المسألة وأهميتها؛ لذلك يقول بكل وضوح: «على الباحث أن يكون متزوّدًا بالروح العلمية التي تعني التسامح وقبول الآخر، والقدرة على الفهم والتحليل، والاستفادة من منهج البحث الحديث، مع التواضع»[31].
ويُولي المنهج العلمي مكانة خاصة ذلك أن «المؤرِّخ أولى الناس بالتزام المنهج العلمي لأن حقائق الكون ثابتة، وهي قائمة على قوانين لا تتخلَّف، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن العقل الإنساني ينتج ويبدع بناءً على تجارب وبراهين علمية. والتاريخ لا ينفي ظاهرة التخلُّف ولكنه يردُّها إلى أسباب وعلل منطقية»[32]. فلا بد أن تكون عند المؤرِّخ القدرة على التمحيص والتحليل والاستنتاج والبناء.
وهناك شروط أخرى لا بد من مراعاتها من جانب المؤرِّخ قبل الشروع في الكتابة، وهي: «الثقافة العالية والمناخ الحر والمحفّزات وبطولات الشعب، كلها تساعد على خلق المؤرِّخ الذي يكون صوْت الجيل الذي يعيش فيه في تدوين أو تجديد عملية الكتابة التاريخية»[33].
كما يحتاج المؤرِّخ إلى «جوٍّ ديمقراطي أو حرٍّ يعبّر فيه المؤرِّخ عن قناعاته بكل حرية»، أو بمعنى آخر: «ومهما كان الأمر، فالمؤرِّخ يحتاج في كل وقت إلى الظروف المواتية للبحث وحرية التعبير عن رأيه، ولو خالف المتعارف عليه والمعتاد عند الناس»[34].
غير أن ذلك لا يعني أن الحرية هي مفتاح لكل الأبواب الموصدة، فالحرية هي نسبية دائمًا وتتَّسع حدودها وتتقلَّص حسب الظروف والأحوال، فربما «هي آخر ما يحتاج إليه المؤرِّخ لكي يبوح بآرائه ونتائجه التي توصل إليها (بعد) البحث والثقافة والتوثيق»[35].
كما يحتاج المؤرِّخ إلى وسائل الإبلاغ والإقناع والنشر حتى يساهم في تعميم القيم السامية في مجتمعه ليكون سليمًا ومزدهرًا.
وتأتي الشواهد التاريخية لتؤكِّد أن هذه الظروف المساعدة كانت دائمًا غائبة في الجزائر عبر عصورها، فالثقافة كانت دائمًا محدودة، والجو الحر غائب، والمحفّزات نادرة، وتحطيم الأبطال سلوك دائم. وما من شك أن الدكتور سعد الله قد تجاوز كل هذه المعوّقات، وكتب الكثير عن تاريخنا عبر العصور.
لا ريب أن كل الشروط السابقة مهمة لكن هناك أيضًا شروط أخرى يحتاجها المؤرِّخ لتأدية مهنته كالتميّز بعقلية التنظيم، والتحلِّي بالصبر، وجمال الأسلوب، والتمتّع بالحس النقدي، وسعة الخيال... إلخ. وقد صدق المؤرِّخ المصري محمد شفيق غربال (1894-1961) F حين قال: «إن عمل المؤرِّخ وبحثه يجدان الحقيقة، وخياله وفنه يوضّحان مدلولها».
وكتابة التاريخ ليس حكرًا على المؤرخين وحدهم، فالدولة تشارك بمؤسساتها في كتابة التاريخ الوطني الرسمي، بينما يساهم الصحفيون والأدباء في كتابة التاريخ الشعبي أو الحفاظ على الذاكرة الجماعية، مع الالتزام «بالموضوعية وشروط النقد الداخلي والخارجي للوثائق»[36]. ويتكفَّل المؤرخون الأكاديميون بكتابة التاريخ العلمي[37].
نقد المدرسة التاريخية الاستعمارية
كانت المدرسة التاريخية الاستعمارية تهدف إلى هدفين أساسين: تشويه تاريخنا الوطني والتشكيك في انتمائنا الحضاري. وهذه النظرة تشمل كل المؤرخين الاستعماريين الإنجليز والأمريكان والأسبان والفرنسيين، فقد كانوا يؤمنون بنظرية التفوّق العرقي للرجل الأبيض حتى صاروا مجحفين تجاه العرب والمسلمين وكل ما له بهم صلة من دين ولغة وثقافة وحضارة[38].
وإن خدموا تراثنا بالحفاظ على المخطوط من الاندثار والتلف وتحقيقه بشكل علمي فإنهم ساهموا «في تشويه حقيقة المسار الذي اتَّبعه التاريخ الإسلامي» في العالم.
ولا شك أن الجزائريين الذين ينتقدون المدرسة الفرنسية هم مُحِقُّون في ذلك، لكنههم يكتفون بالقول، ولا يُجسِّدون ما يقولونه على أرض الواقع بالعمل والإنتاج العلمي الرصين لتجاوز كتابات المؤرخين الاستعماريين وإعطاء البديل. إن رواج الكتابات الاستعمارية كان سببه بالدرجة الأولى «الفراغ المخيف الذي ملأه الغير، ونحن... عبر العصور، نتفرَّج كالأطلال»[39].
ولم يكن تفوّق الباحث الغربي متصلًا بعرقه أو بجغرافيته... وإنما يعود تفوُّقه إلى توفُّر شروط العمل الأكاديمي والإمكانات المادية والمعنوية التي تسمح له بالتقدُّم والتخطِّي خطوات عملاقة في ميدان البحث العلمي[40]، بينما يحرم منها الباحث الجزائري أو العربي فيتعثَّر عمله باستمرار، و لا يتقدَّم مسافات نحو الأمام إلَّا بمشقة.
ولقد اهتم الدكتور سعد الله بكتابات المؤرخين الأمريكيين[41] والفرنسيين[42] حول تاريخ الجزائر، وترجم إلى اللغة العربية العديد من دراساتهم، فأشاد بالأعمال المنصفة[43]، وانتقد الدراسات التي استعملت كل وسائل البحث والنشر لتحرّف تاريخنا وتشوّه تراثنا.
لذلك صار من مسؤولية المؤرِّخ الجزائري تطهير تاريخنا من الشوائب التي لحقت به من جراء تلك الكتابات، وإزالة الرواسب التي استقرت في الأذهان لكيلا تفسد مجتمعنا غير المحصّن بالشكل الكافي. وربما هذا الجهد الذي يميّز الدكتور سعد الله عن سواه من المنتقدين للمدرسة الفرنسية فلا يكتفي بالنقد فهو يبذل جهدًا كبيرًا لتقديم البديل.
وسيبقى تأثير المدرسة الاستعمارية الفرنسية قائمًا ما دامت الكتابات الجزائرية قليلة وضعيفة، أو بعيدة عن الصرامة العلمية، وتجديد الرؤية، والارتقاء بأدوات البحث، والتنقيب عن المغمور، والنقد العلمي، والبناء المرصوص.
والخلل ليس عند المؤرخين الغربيين وحدهم، فإن العديد من تلامذتهم العرب يقومون بأدوار لا تختلف عن أدوار أساتذتهم في تحطيم الذات العربية الإسلامية والانخراط في مشروع التغريب. وربما هنا يكمن الخطر الأكبر، وهو الانتقاص من مؤرخي الحضارة الإسلامية، والتقليل من إبداعاتهم العلمية، والجري وراء كل ما ينتجه العقل الغربي في مجال تاريخنا بدون تمحيص.
لذلك أصبحت أعمال العديد من المؤرخين الغربيين المعاصرين عمدة في تاريخنا، بينما أهملت أسماء المؤرخين العرب والمسلمين الذين كانوا بحق مؤرخين عمالقة، وكانت مؤلفاتهم أجدر من غيرها في الاعتماد عليها في كتابة تاريخنا عبر العصور[44].
مستقبل التاريخ في زمن العولمة
شغل مستقبل التاريخ ومصيره في ظل تحديات العولمة الزاحفة التي تستمر موجاتها بسرعة، فتؤثِّر سلبًا وإيجابًا في الفكر الإنساني. وصار البحث عن أفضل طرق التعامل مع هذه الظاهرة الجديدة هاجسًا يُؤرِّق العلماء والمفكِّرين خاصة المشتغلين منهم بالعلوم الاجتماعية التي تعتبر أضعف حلقة في سلسلة البحث العلمي، ومن ثم أقل مناعة من غيرها من العلوم. والسؤال الملح الآن هو: ما هو رأي الدكتور سعد الله في تأثيراتها على التاريخ العربي والإسلامي؟
أجاب الدكتور سعد الله عن هذا السؤال قائلًا: «من المتوقَّع أن يشن المستشرقون والأصوليون الجدد، أمريكيون ومن والاهم، حملة من النقد على تاريخ الإسلام تحت ذريعة تجريده من الخرافة والتحيّز وإخضاعه للمنهج العقلي والتفكير المنطقي، وتخليصه من الروح العربية، ومن فكرتي (الخلافة في قريش) وتقديس النصوص الشرعية، والدعوة إلى تأويل هذه النصوص بما يتلاءم ومصلحة الإنسان والعصر، مع التركيز على دور الأقليات والطوائف العرقية والمذهبية التي طالما عانت من اضطهاد الأغلبية في دعواهم، وكذلك التخلُّص من سيطرة آراء أهل السنة والجماعة القائمة على تكريم الصحابة والتحفظ من لومهم على اجتهادهم السياسي»[45].
كان الدكتور سعد الله من الذين اعتبروا العولمة خطرًا على مستقبل الثقافة العربية الإسلامية؛ لأن أهلها ما زالوا غارقين في سباتهم العميق، ولم يُعِدُّوا لحد الآن العدَّة للاستفادة من محاسنها، ومواجهة سلبياتها.
وبخصوص التاريخ، يرى الدكتور سعد الله أن المعركة القائمة حول الهوية ستزداد شراسة، وسيحفر أنصار العولمة المتطرِّفون ثقوبًا في جدران قلعة التاريخ للولوج إلى شخصيتنا وذاتيتنا لإضعافنا وفرض ثقافتهم للهيمنة علينا والتحكُّم في مستقبلنا.
هل نكتفي بوصف هذه المشاهد، فنتألم من وضعنا القائم ونبكي على غدنا القادم، أم نستجيب للتحديات ونتجاوز المعوّقات، ونعمل جاهدين من أجل مستقبل أفضل؟
وقد يفهم مما سبق أن سعد الله يعترض على الاستفادة من محاسن العولمة مثل طرق البحث الحديثة التي يشترك فيها كل الباحثين في العالم بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والعرقية والقومية...، غير أن هذا الاعتقاد بعيد عن مقصده إذ هو يعترض فقط على الأيديولوجية التي تفسّر الأحداث التاريخية وفق خلفيات فكرية وليس بناء على قراءات علمية صرفة.
وتحدَّث في هذا السياق قائلًا: «لا أرى مانعًا أن يستفيد المؤرخون الجزائريون من مناهج البحث العلمي المعمول بها في فرنسا وغيرها وتطبيقها على قضايانا التاريخية. أما «النقل» الحرفي لآراء الآخرين في تاريخنا أو إفساح المجال لهم ليقولوا فينا ما شاؤوا ويفسّروا مواقفنا بطريقتهم فذلك ما نرفضه».
وقد أُضيف أنه كان من المقدِّرين للتطوّر التكنولوجي الحديث الذي هيّأ للباحث المعاصر وسائل البحث والنشر والاتصال والتنقل، ووفّر عليه الجهد والوقت والصحة والمال. وقد استفاد الدكتور سعد الله من كل ذلك خاصة في سنواته العشر الأخيرة وهو يجمع مادته العلمية لموسوعته «تاريخ الجزائر الثقافي»، ويحرّر صفحاتها ويصحّح فصولها ويطبع أجزاءها وينشر مجلّداتها.
الدكتور سعد الله هو إذن ذلك المؤرِّخ العملاق الذي انتظره الجزائريون منذ بضعة قرون، ليكتب تاريخهم الكامل، فبدأ بكتابة تاريخ الجزائر السياسي، وانتهى بكتابة تاريخها الثقافي. وقد أثَّرت فيه هذه المسؤولية الثقيلة التي استشعر بها مبكرًا على التنافس مع الزمن والصراع مع المعوّقات من أجل أن يحقّق جزءًا كبيرًا من هذا المشروع الضخم في حياته.
وقد نجح الدكتور سعد الله في ذلك إلى حدٍّ بعيد، إلَّا أنه ركَّز كثيرًا في أعماله على السرد واستحضار الوثائق ونشر المخطوطات، بينما تعرَّض قليلًا في كتبه إلى الجانب التنظيري والفلسفي للتاريخ الجزائري وتحليل إشكالياته وتفسير تطوّراته.
ولحسن الحظ كان الدكتور سعد الله يفتح قلبه للصحفيين الذين كانوا دائمًا يسألونه عن آرائه في التاريخ ومساراته وقضاياه المتعدِّدة، لذلك وجدتُ في إجاباته عن أسئلة الصحفيين ما سدَّ فضولي العلمي، وساعدني على الإجابة عن الأسئلة التي طرحتُها في بداية هذه الدراسة.
حقًّا، إنه لم يُكتب كتابًا في مجال فلسفة التاريخ لكنه حرص دومًا على استنطاق التاريخ بالنظرة الثاقبة لدراسة التجارب السابقة، والنظر العميق للأحداث المتسلسلة في سجل الأمم والشعوب من أجل استلهام العبر، والاستفادة من دروسها للنهوض والتقدم والازدهار.
[1] أبو القاسم سعد الله، حوارات، بيروت: دار الغرب الإسلامي، 2005، ص 154-155، قضايا شائكة، بيروت: دار الغرب الإسلامي، 2005، ص 130-131.
[2] سعد الله، حوارات، ص 154-155.
[3] سعد الله، مسار قلم، يوميات، الجزائر: عالم المعرفة، 2009، ج 3، ص 68.
[4] مصدر سابق، ص 67-68.
[5] حوارات، مصدر سابق، ص 212.
[6] مصدر سابق.
[7] المصدر نفسه، ص 212-213.
[8] ناصر الدين سعيدوني، أبو القاسم سعد الله كلمة وفاء، دار البصائر الجديدة، د.ت، ص 39-40.
[9] حوارات، ص 214-215.
[10] سعد الله، أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر، بيروت: دار الغرب الإسلامي، 2005، ج 4، ص 7؛ حوارات، ص 197.
[11] سعد الله، حصاد الخريف، الجزائر: عالم المعرفة، 2011، ص 88-90.
[12] المصدر نفسه، ص 90.
[13] حوارات، ص 157.
[14] نفسه، ص 142.
[15] نفسه، ص 213.
[16] نفسه، ص 135.
[17] نفسه، ص 142؛ أبحاث وآراء، ج 4، ص 10.
[18] سعد الله، قضايا شائكة، بيروت: دار الغرب الإسلامي، 2005، ص 104.
[19] حوارات، ص 213.
[20] قضايا شائكة، ص 80-81.
[21] حوارات، ص 142.
[22] قضايا شائكة، ص 104
[23]أبحاث وآراء، ج 4، ص 9.
[24] نفسه، ص 7.
[25] نفسه، ص 11.
[26] نفسه، ص 7.
[27] نفسه، ج 3، ص 14.
[28] قضايا شائكة، ص 126.
[29] أبحاث وآراء، ج 4، ص 9.
[30] نفسه، ص 10.
[31] حوارات، ص 215.
[32] نفسه، ص 97.
[33] أبحاث وآراء، ج 4، ص 8.
[34] حوارات، ص 142.
[35] نفسه، ص 103.
[36] حوارات، ص 113.
[37] قضايا شائكة، ص 144-145.
[38] مصدر سابق، ص 134-135.
[39] أبحاث وآراء، ج 3، ص 11.
[40] نفسه، ج 5، ص 5؛ قضايا شائكة، ص 106.
[41] أبحاث وآراء، ج 3، ص 161-172.
[42] نفسه، ح 1، ص 13-37.
[43] قضايا شائكة، ص 139.
[44] حصاد الخريف، ص 84.
[45] أبو القاسم سعد الله، التاريخ والعولمة، أعمال الملتقى الدولي «العولمة وأثرها في الثقافة الإسلامية»، الجزائر: منشورات المجلس الإسلامي الأعلى، 2005، ص 97-98، خارج السرب، ص 36.