شعار الموقع

قواعد التفسير وأصولها المنهجية

ليث عبدالحسين العتابي 2019-05-22
عدد القراءات « 1639 »

قواعد التفسير وأصولها المنهجية

دراسة في الأصول المنهجية للقواعد التفسيرية

الشيخ ليث عبد الحسين العتابي*

 

*         كاتب وباحث من العراق.

 

 

أولًا: قواعد التفسير: مدخل عام

توطئة: في أصل التقعيد

إن كلمة (التقعيد) هي مصدر قَعَّدَ، يُقَعِّدُ. وهو فعل اشتق -بواسطة إجراء القياس اللغوي- من كلمة (قاعدة)[1]؛ من أجل أن يدل على عملية إنشاء القاعدة وتركيبها وصياغة عناصرها[2].

فالتقعيد أصلٌ مهم يفيد في عملية إنشاء وبناء القاعدة، ومن ثم تركيبها، وصياغة عناصرها، حتى تكون متكاملة البنية والأطراف، فيصح إطلاق لفظ (القاعدة) عليها، وذلك لأن التقعيد هو بناء.

لكن مما يؤسف له حقًّا هو عدم وجود عِلم خاص بـ(التقعيد)، وكذلك عدم وجود بحث أو بحوث تتناول كيفية صناعة وصياغة القاعدة، وأسباب التقعيد، وشروط القاعدة وأقسامها، بل إن كل ما هو موجود مجرّد إشارات عامة جدًّا مبثوثة هنا وهناك، مما سيضطر الباحث أن يكون ملاصقًا في شرحه للأخذ بالمعنى اللغوي لمفردة (قاعدة) حتى لا يخرج عن حريمها، خوفًا من أن يؤدي به التفصيل إلى الدخول في علمٍ آخر، فضلًا عن التداخل والتضارب الموجب للتعارض.

ضوابط التقعيد

يراد بضوابط التقعيد «تلك الأسس والعناصر والمقومات العلمية التي يجب أن يراعيها الفقيه وهو يصوغ القاعدة الفقهية، حتى ينتهي بعد الصياغة إلى شيء يستحق أن يسمى قاعدة بميزان البحث العلمي الفقهي»[3].

فلا بدّ -إذن- من وجود أسس وعناصر ومقومات علمية يجب مراعاتها لمن يريد صياغة القاعدة، كل ذلك من أجل أن يُصنع شيء يستحق أن يسمى (قاعدة)، وذلك بحسب ميزان البحث العلمي الرصين القائم على الجودة والجدوى المعرفية.

وقد ذكر التعريف المتقدم مثالًا بـ(الفقيه)، وهذا مجرد مثال، إذ إن الأمر يجري على كل (عالمٍ)، وفي كل (علمٍ)، من دون تخصيص.

أما بخصوص قواعد التفسير فإن ضوابط التقعيد هي: تلك الأسس والعناصر والمقومات العلمية التي يجب أن يراعيها المفسر وهو يصوغ القاعدة التفسيرية، حتى ينتهي بعد الصياغة إلى شيء يستحق أن يسمى قاعدة بميزان البحث العلمي القرآني الرصين والصحيح.

وبذلك يمكن للبحث تناول موضوع ضوابط التقعيد، لما له من أهمية في فهم كل الموضوع، أو الإحاطة به بنحوٍ من الأنحاء ليتحقق فهم مسار عملية (التقعيد) وما لها وما عليها، فرغم أهميتها إلَّا أن الكتب لم توضحها، ولم تؤلف الكتب في مجال معرفة فن وأصل وكيفية التقعيد، أو كيف يتم بناء القاعدة.

إن على الباحث عن (التقعيد) الالتفات إلى ضوابطه، وذلك من خلال الالتفات إلى جانبين أو ضابطتين مهمتين في هذه العملية وهما:

1- تحديد معنى القاعدة

وهو أول الضوابط؛ إذ لا بدّ من تحديد معنى القاعدة من خلال ذكر ما يميزها، ويشخصها؛ وذلك من أجل وضعها وفق المقومات العلمية الصحيحة.

ويتم التحديد من خلال بيان ما يميز القاعدة عن غيرها؛ لأن التقعيد لا يسلم من الميوعة والاختلال وفقدان المقومات العلمية[4]. إلَّا أنه وتارة أخرى يكون تحديد المعنى من خلال الانتماء لعلمٍ معين[5].

إذن فمن اللازم تحديد معنى القاعدة؛ وذلك من خلال ذكر ميزاتها، وضوابطها، وفوائدها، واختصاصها، وجريانها؛ حتى لا تختلط مع غيرها في نفس العلم فضلًا عن قواعد باقي العلوم المغايرة الأخرى.

إن من أهم أسس التقعيد هو تحديد معنى القاعدة، وتوضيح ما يميزها؛ دفعًا لأي خلل في المقومات العلمية والعملية للقاعدة ولفن التقعيد.

2- تحديد عناصر القاعدة

لا بدّ من تحديد العناصر الأساسية للقاعدة؛ التي بموجبها تتكون القاعدة؛ ذلك لأنها هي الضوابط الرئيسة والذاتية في قوام القاعدة وقيامها.

إن عناصر القاعدة «هي المقومات العلمية التي تتكون منها حقيقة القاعدة، وماهيتها، والحديث عن هذه العناصر حديث عن الضوابط الذاتية للقاعدة»[6].

إن هذين الشرطين المهمين يُعدان أساسيين للانطلاق؛ إذ يمكن إضافة ضوابط أخرى قد تستوجبها العملية التقعيدية، أو يضطر لها العلم المبحوث، أو تُلجئ لها ضرورات البحث من مقومات ونماذج وما شاكل ذلك.

التقعيد بالنص

بعد أن عَرّفنا المراد بالتقعيد، فلا بدّ ان نُعرِّفَ المراد بالنص.

فهو في اصطلاح الأصوليين وفي معناه المشهور يشمل كل دليل شرعي؛ إذ إن ما هو موجود في مصادر التشريع عند المسلمين هو نصٌ شرعي، ولذلك فقد عرفه الشيخ عبدالهادي الفضلي (ت1434هـ) بأنه: «الكلام الصادر من المشرع الإسلامي لبيان التشريع، وينحصر هذا في المصدرين الأساسيين للتشريع الإسلامي وهما الكتاب والسنة»[7].

وهذا التعريف هو للنص الشرعي حصرًا، أما النص مطلقًا وبشكله العام فقد عُرف بعدة تعريفات، وذلك بحسب العلم، وبحسب الجنبة المبحوثة منه، كما وأن له سمات ومزايا اعتنت بذكرها الكتب المختصة، وميزت فيما بينها تجنبًا لعدم الخلط بين الشرعي منها وغيره.

صور التقعيد بالنص

يراد بالنص عند الفقهاء والأصوليين والمفسرين هو؛ القرآن الكريم والسنة، والتقعيد بواسطته له صورتان هما[8]:

1- أن ترد الآية أو الحديث في تعبير موجز جامع دستوري، فيكون ذلك بالنسبة للفقهاء كلية تشريعية جاهزة الصياغة، كاملة الحبك، ناطقة بشرعيتها لكونها نصًا شرعيًّا.

2- أن يراد بالنص القرآني أو الحديثي ان يحمل حكمًا عامًا صالحًا لكثير من الفروع والجزئيات، فيعمد الفقهاء إليه ويستنبطون منه قاعدة أو قواعد كلية.

وبذلك يتم فهم أهم صورتين من صور التقعيد بالنص الشرعي، والتي هي أهم موارد التقعيد وبالخصوص في مورد قواعد التفسير التي لها ارتباط بنائي وتكويني مع النص الشرعي.

كيفية بناء القواعد

إن بناء القواعد أما أن يكون أصليًّا نابعًا من النص نفسه، حاكيًا عنه بعباراته. أو أن يكون استنباطيًّا من خلال النظر بالنص لاستخراج القاعدة منه، أو يكون تكوين القاعدة ابتداعيًّا صناعيًّا من خلال صناعتها وتشكيلها بعد أن لم تكن موجودة قبلًا.

والتقعيد جاء من القاعدة؛ وهي تشابه الركائز التي يَقعُد عليها الشيء، ومن ثَمَّ فإن المشهور أن يكون للشيء أربع ركائز أساسية، وكذلك القاعدة فإن من ركائزها: الحاجة، والبناء المصطلحي، والشمول والإحاطة، ووجود النماذج التي تمثّلها؛ فهذه أربعة ركائز مهمة وأساسية في بناء القاعدة وتكوينها وصيرورتها.

القاعدة بين كونها حكمًا كليًّا أو أغلبيًّا ورأي المدارس فيها

لقد وقع الخلاف في الحكم على القاعدة، فهل هي حكم كلي شامل لجميع جزئياتها، أم هي حكم أغلبي لا يشمل الكل بل الأكثر أو الأغلب؟

للجواب عن ذلك لا بدّ من استعراض آراء المدارس الإسلامية، وكيفية نظر كل مدرسة للمسألة، ومن ثَمَّ معرفة الفائدة المترتبة على ذلك.

1- رأي المدرسة السنية

إن قولهم عن القاعدة في تعريفهم لها؛ بأنها (حكمٌ كُلي) لا يرد عليه وجود الاستثناءات في كثيرٍ من القواعد (الوضعية)، ذلك أن العبرة بـ(الأغلب)، أما النادر و الشاذ فلن يخرم كيان القاعدة، وبمعنى أدق: لن يخرم كليتها.

وفي هذا الصدد يقول الشاطبي (ت790هـ): «الأمر الكلي إذا ثبت كليًّا فتخلُّف بعض الجزئيات عن مقتضى الكلي لا يُخرجه عن كونه كليًّا. وأيضًا؛ فإن الغالب الأكثري معتبر في الشريعة اعتبار العام القطعي؛ لأن المتخلفات الجزئية لا ينتظم منها كلي يعارض هذا الكلي الثابت. هذا شأن الكليات الاستقرائية... وإنما يُتصور أن يكون تخلف بعض الجزئيات قادحًا، في الكليات العقلية»[9].

ذلك أن الاستقراء لا يعطي حكمًا كليًّا جزميًّا قطعيًّا، بل يعطينا حكمًا إجماليًّا أغلبيًّا فقط، فالاستقراء يراد به: «أن يدرس الذهن عدّةَ جزئيات فيستنبط منها حكمًا عامًّا»[10].

وبهذا الصدد يقول علي أحمد الندوي: «إن القواعد في سائر العلوم لا تخلو عن الشواذ والمستثنيات، إنما الاختلاف اختلاف نسبة التفاوت فيما بينها؛ ثم إن تلك المستثنيات لا تغض من شأنها، ولذلك تُحفظ المستثنيات كما تُحفظ الأصول، حتى يتم الموضوع من جميع الجوانب؛ لكن القواعد العقلية هي القواعد الوحيدة التي لا تَقبل الاستثناء ولا تنخرم في حالٍ من الأحوال»[11].

وتأكيدًا على ذلك الأمر قال الكفوي (ت1049هـ): «وتخلف الأصل في موضع أو موضعين لا ينافي أصالته»[12].

بسبب ذلك نجد أن البعض قد استعار لفظ (أغلبي)[13]. خروجًا من الإشكال المثار على لفظ (الكلي). ذلك أن القواعد التي تندرج تحتها جميع الجزئيات تسمى (كلية)، وكذلك تلك القواعد التي لها استثناءات تسمى كلية، فالكلية هنا نسبية، وهذا الأمر يشمل قواعد الفقه والأصول والنحو وسائر القواعد الاستقرائية[14]. لذلك قالوا بأن القاعدة أعم من أن تكون كلية أو أكثرية، ولا تُقيد بذلك مطلقًا[15].

إن إشكالية (الكل) و(الأكثر)موجودة في مدرسة العامة وبشكل واضح وكثير، فنجد أن إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المعروف بالشاطبي (ت790هـ) في كتابه الموافقات يقول: «ولما كان قصد الشارع ضبط الخلق إلى القواعد العامة، وكانت العوائد قد جرت بها سنة الله أكثرية لا عامة، وكانت الشريعة موضوعة على مقتضى ذلك الوضع، كان من الأمر الملتفت إليه إجراء القواعد على العموم العادي، لا العموم الكلي التام الذي لا يختلف عنه جزئي ما»[16].

إن لشرط (الكل) مؤيديه الذين قالوا في تعريفهم للقواعد: «هي أصول فقهية كلية في نصوص موجزة دستورية تتضمن أحكامًا تشريعية عامة في الحوادث التي تدخل تحت موضوعها»[17].

وقد أطالوا البحث للتفريق بين الموردين إلى حد الخروج عن الفائدة العلمية والعملية في كثيرٍ من جنبات هذا الموضوع، فخرج من جانبه الطريقي لينحو منحىٍ آخر يكون فيه هو أساس الموضوع ومنطلقه.

2- رأي المدرسة الإمامية

إن الخلاف بين(الكل) و(الأكثر) في أُس القاعدة لا يُرى له وجود فعلي في مدرسة الإمامية، ذلك أن الخلاف ناشئ عن (عدم التدبر) بما يخص مفهوم القاعدة، وكذلك جاء -عند من قالوا به- نتيجة الخلط بينه وبين الاستثناء، فالكلية وإن كانت تعد من خصائص (القانون)، إلَّا أنه لا ينافيها بعض الاستثناءات.

لذلك قالوا: «إن القواعد غير العقلية غالبية لا كلية بحيث لا تقبل أي استثناء. فتخيلوا أن الاستثناء في قضية يخرجها عن كونها قاعدة، مع أنه لا يخرجها عن ذلك العنوان، بل هو حكم شاذ، فمثلًا قاعدة «المؤمنون عند شروطهم» قاعدة فقهية مسلّمة، ولها استثناءاتٌ ذُكرت في مبحث الشروط، كعدم كون الشرط مخالفًا للكتاب والسنة، وغير ذلك»[18].

إن القواعد الوحيدة غير القابلة للاستثناء هي القواعد العقلية فقط. أما غيرها فإن مورد الاستثناء جارٍ فيها، بل إنه مورد سعة، ومورد تخفيف. وذلك نجده أصلًا في موارد كثيرة من الشرع سببها الاستثناءات في موارد (الحرج) و(العذر) وغيرها.

قال تعالى: {...وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ...}[19].

فعن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):رفع عن أُمّتي تسعة: الخطأ، والنسيان، وما أُكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطرّوا إليه، والحسد، والطيرة، والتفكّر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة»[20].

ففي الآية المتقدمة، والرواية التالية لها؛ نجد أن الاستثناء وارد حتى في الأمور الشرعية، وذلك عند موارد الضرورة، وسواء اقتصرنا عليها أم لا فإن هناك استثناءات، وهذا عام شامل قد ورد في الأدلة الشرعية، وبذلك لا مانع أن يجري في غيرها من الأدلة غير الشرعية.

وبذلك، وبالخصوص في موارد (الحرج) يسقط القول بـ(الأكثر) فضلًا عن (الكل)، إذ قد تحول الحكم في موارد (الحرج) و(العذر) و(الرخصة) إلى حكم آخر مغاير للأول.

القواعد بين الاستنباط والاستقراء

إن البحث عن القواعد يستلزم البحث عن موردي الاستنباط والاستقراء، وبما أن القاعدة هي حكم كلي، إذ لا تصبح قاعدة حتى تكون حكمًا كليًّا، فكان من اللازم البحث في أيٍّ من الموردين تتكون القاعدة.

إن صناعة القاعدة يبدأ من استقراء التجارب التطبيقية على حالات منفردة، وحيث إن تكثر التجارب الجزئية يحصل الاطمئنان بالكلي فتنشأ القاعدة، وهذه الكليات المجموعة من تلك التجارب الجزئية هي التي تكون القاعدة، التي لها علاقة بفئة خاصة أو عامة أو غير ذلك.

إن الحكم العام هو قاعدة، فمثلًا؛ (كل حديد يتمدد بالحرارة)، قاعدة كلية واضحة، وهذا ينطلق من تطبيق (الاستقراء)، أي؛ من الخاص إلى العام، وبذلك يتبين أن أصل نشوء القواعد هو الاستقراء، كما وأن الاستقراء الناقص هو عمدة مبحث الاستقراء، أما الكامل فهو في حقيقته (استنباط) لأنه ينطلق من العام إلى الخاص[21].

يقول السيد محمد باقر الصدر (ت1400هـ): يقسم الاستدلال الذي يمارسه الفكر البشري إلى قسمين: الأول: الاستنباط، والثاني: الاستقراء. فإن الاستنباط هو السير من الكلي إلى الفرد، ومن المبدأ العام إلى التطبيقات الخاصة، أما الاستقراء فهو السير من الخاص إلى العام[22].

إن «الاستقراء نوع من أنواع الاستدلال يتوخى طلب الجمع والضم؛ لأجل الفهم، وذلك من خلال النظر في جزئيات تُدرس وتُتعهد وتُدقق ليتبين؛ أنها تقع تحت (كلي) يشملها وتندرج فيه، فتكون بذلك شواهد له وأمثلة وصورًا»[23].

وبذلك يتبين الفارق واضحًا ما بين الاستنباط والاستقراء، ليتحقق ضبط كل واحدٍ منهما، ومعرفة مجاله واستعمالاته. فإن من مباحث الاستدلال المهمة؛ الاستقراء، والذي يعد استعماله في العلوم عمومًا، وفي العلوم الشرعية بشكلٍ خاص؛ أحد مصادر القواعد الكلية تأسيسًا أو ترجيحًا أو نقدًا وتصحيحًا[24].

وقد أشير إلى أنه «بين الاستقراء والاستنباط نقطة التقاء في دور الانتزاع، إذ المعقولات الثانوية في مثل الأمور الكلية تأخذ وجودًا حركيًّا في ابتداء الانتزاع وأمرًا ثابتًا بعد الانتزاع»[25].

كما ويشير الشيخ محمد رضا المظفر (ت1383هـ) إلى دور الاستقراء المهم بقوله: «والاستقراء هو الأساس لجميع أحكامنا الكلية وقواعدنا العامة؛ لأن تحصيل القاعدة العامة والحكم الكلي لا يكون إلَّا بعد فحص الجزئيات واستقرائها»[26].

إن تأسيس القواعد، ووضع الكليات؛ يقع ضمن دائرة المعرفة البرهانية؛ ذلك لأنها قضايا يقينية نظرية، فهي تشكل الأساس للمعرفة، والتي قسمها العلماء إلى ستة قضايا هي: الأوليات، والمحسوسات، والتجريبيات، والمتواترات، والحدسيات، والفطريات. والتي تسمى بـ(القضايا اليقينية الرئيسية)؛ والتي تشكل المنطلقات الأولية لليقين في المعرفة البشرية، وتضع بداية للتسلسل في استنتاج القضايا بعضها من بعض[27].

وبهذا يتبين ما للاستقراء من أهمية كبيرة ومهمة في بناء وتكوين القواعد، وبالخصوص القواعد الكلية.

فوائد القواعد العلمية والعملية

من اليقين أن يكون للقواعد فوائد (علمية) و(عملية) وإلَّا فما الداعي لها أصلًا، ومن دون ذلك إما أن تكون لغوًا، أو تكون ترفًا لا فائدة منه.

فالقاعدة مضافًا إلى انها قائمة على الإجمال والاختصار، والإحاطة بالمعلومة العلمية، والاحتواء على الكيان العلمي، وتوفيرها للجهد والوقت، فإن لها فوائد أخرى (عملية) مهمة تندمج مع المنهج والمصطلح، ومن فوائد القواعد:

1- فائدة الانتقال من القاعدة إلى المنهج

فـ«عندما تعجز القاعدة الواحدة عن الحل تتضافر القواعد ذات النسق الواحد، فتشكَّل نسقًا مركَّبًا من ذاتها هو المسمَّى بـ(المنهج). فالمنهج هو تركيب نسقي أعلى لمجموعة من القواعد ذات الطبيعة المشتركة أو المجتمعة على قاسم مشترك معّين»[28].وذلك واضحٌ وجليٌّ في الانتقال إلى منهج (الاجتهاد)؛ ذلك أن الاجتهاد تركيب نسقي أعلى منظم لقواعد شتى. فإن الاجتهاد إذن؛ هو إعمالٌ منظمٌ وممنهجٌ لجملةِ قواعد، وهذه القواعد في نسقها الوظيفي، تُشكل عملية مركبة، هي: (منهج الاجتهاد).

إن المنهج والمصطلح هما وجهان لعملة واحدة، فلا يحسن الحديث عن أحدهما بمعزل عن الآخر؛ إذ إن كل واحدٍ منهما شاهدٌ على وجود الآخر، وباعثٌ على ظهوره[29]. لكن لم يفرق في المناهج العلمية الحديثة بين (المنهج) و(المصطلح) لأهميتهما، ولعنصر الاشتراك المعرفي فيما بينهما.

2- فائدة الانتقال من المصطلح إلى القاعدة

إن المصطلحات: «تنتقل من كونها أوصافًا لمفاهيم بسيطة في توظيف المصطلحات إلى سبكها في نسق مركَّب، هو المسمى بـ(القاعدة)؛ لأن المصطلحات أوصاف لمفاهيم بسيطة، فإذا انتقلت الحاجة من العلمية من مستوى البساطة إلى مستوى التركيب والتعقيد؛ عندها يحدث تطوُّر في توظيف المصطلحات، وذلك بسبكها في نسق مركَّب هو المسمى بـ(القاعدة)»[30].

ومثال ذلك مورد الإباحة والحظر؛ إذ على ضوئه تولَّدت القاعدة الأصولية المشهورة: «الضرورات تبيح المحظورات»[31].

فكان الانتقال من المصطلح إلى القاعدة من أهم الفوائد العلمية والعملية في مجال بناء القواعد، وبالخصوص دور المصطلح العلمي والمعرفي في تكوين وبناء القاعدة، وهذا ما يحتاج إلى مزيد تتبّع وتركيز من قبل العلماء عمومًا، وعلماء التفسير بشكلٍ خاص.

التأصيل والتقعيد الشرعي

يصل الكلام في البحث إلى المورد الأساسي والذي هو حول (القواعد القرآنية) بشكلٍ عام، و(قواعد التفسير) بشكلٍ خاص. لندخل إلى موضوع البحث من أجل تحقيق الجدوى المطلوبة منه. فإن لعملية التقعيد والتأصيل الشرعي موردين أساسيين هما:

أولًا: التأصيل والتقعيد القرآني

إن «بعض قواعد التفسير مستخرجة من القرآن، كقاعدة إرجاع المتشابهات إلى المحكمات، فهي مستفادة من الآية السابعة من (سورة آل عمران)[32]. قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ»[33].

«فالأم لغةً هي الأصل الذي يرجع إليه الفرع»[34].

وهو يمثل تقعيدًا (أصليًّا) أو(أصيلًا)، كونه ينطلق من النص القرآني نفسه، وبالعبارات نفسها.

ثانيًا: التأصيل والتقعيد الحديثي

إن كثيرًا من (القواعد التفسيرية) أُخذت من (الروايات الشريفة)، فقد أُسس لقاعدة (تعدد الوجوه القرآنية)من خلال وصية الامام علي (عليه السلام) لعبد الله بن عباس عندما بعثه للحوار مع الخوارج، فقال له: «لا تخاصمهم بالقرآن فإن القرآن حمّال ذو وجوه»[35].

وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: «إن القرآن حي لا يموت، والآية حية لا تموت، فلو كانت الآية إذا نزلت في الأقوام ماتوا ماتت الآية، لمات القرآن، ولكن هي جارية في الباقين كما جرت في الماضين»[36]. فاستفيد من هذه الرواية قاعدة: الجري والتطبيق.

وانبثقت قاعدة (البطون القرآنية)  من رواية الإمام الصادق (عليه السلام) القائل: «وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكم وباطنه علم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له نجوم، وعلى نجومه نجوم»[37].

كل هذا يعد تقعيدًا (أصيلًا)، كونه قد انطلق من النص الشرعي الحديثي وبالعبارات نفسها كذلك.

أهمية قواعد التفسير

إن البحث عن تاريخ وأصول قواعد التفسير يعد من أهم البحوث، وذلك لمدخليته في فهم القرآن الكريم؛ إذ إن للقرآن -وكما هو معلوم- أصولًا وقواعد ومناهج وضوابط، هي مهمة في تحصيل الفهم، لكن القوام التفسيري لا يستقيم من دون معرفة (قواعد التفسير).

لا بدّ -إذن- من معرفتها «إذ من دون رعاية الأصول والقواعد اللازمة ينتهي تفسير القرآن إلى التفسير بالرأي المذموم، والانحراف عن المبادئ، وإلى القول في القرآن بما لا يرتضي به الله ورسولهُ، فلا بدّ من تأسيس علم يتكفّل تبيين قواعد التفسير وضوابطه»[38]. من أجل الابتعاد عن الوقوع في الخطأ في عملية التفسير.

إن القواعد التفسيرية تساعد على فهم القرآن الكريم؛ ذلك إن فائدة التقعيد هي ضبط النظام العام للعلم، وتقعيده؛ أي وضع قواعد وركائز يرتكز عليها، وهي بذلك علوم آلية وأدوات مساعدة على الفهم، تحتل منزلة الطريقية وليس الموضوعية.

إن لقواعد التفسير أهمية في سير القرآن الكريم، وفي استكشاف مراد الوحي من أجل هداية البشر وإرشادهم لجادة الصواب[39].

«إننا نحتاج في فهم مفاد كلامه سبحانه وفي تفسيره إلى القواعد والأصول التي بها نصون آيات التنزيل من الأخذ بالرأي الممقوت، ونصد بها كل انحراف عن المبادئ السماوية التي جاء بها القرآن الكريم، وهذا يُحتّم علينا أن نضع قواعد بها تُيسّر سُبُل التفسير المؤدية إلى مرضاة الله ورسوله. وأيضًا أن قواعد التفسير بمنزلة الميزان والقانون الذي به يفسّر القرآن الكريم. وهذا كافٍ في شرف هذا البحث ومكانته»[40].

فهي إذن وكما تقدم تمثّل (القانون) الذي يستفيد منه المفسِر في تفسيره للقرآن الكريم.

«إن قواعد التفسير توضّح القوانين الأساسية للتفسير ضمن إطار معين، وإن عدم مراعاتها تجعل عملية التفسير لا طائل منها، فلا يتمكّن مفسِّر القرآن من فهم النص بصورة صحيحة، ولا يستطيع أن يدرك بشكل سليم معاني الآيات ومقاصد الله تعالى»[41].

وبذلك يتوضح جليًّا أهمية قواعد التفسير، وندرك بأن الغفلة عنها، أو عدم العمل بها سيتسبب بالخطأ والوقوع في براثن الاختلاف.

إذ إنه عِلم مهم، لا بدّ من اعطائه مكانته الحقيقية والصحيحة، وهو يتلاءم مع أساسيات العقل، وعمومات النصوص في التوقي والوقاية، والتحرّز والمحافظة على الكيان العلمي.

فـ«لما تشعبت العلوم، وتناثرت تفاصيلها وجزئياتها، بحيث أصبح من الصعوبة بمكان الإحاطة بجزئيات فن واحد من فنون العلم فضلًا عن الإحاطة بجزئيات الفنون المختلفة، عمد العلماء إلى استقراء وإبراز الأصول الجامعة والقضايا الكلية التي ترجع إليها تلك الجزئيات تيسيرًا للعلم، وإعانة على حفظ ما تناثر من جزئياته، مع اختصار لكثير من الجهد والوقت، إضافة إلى تربية ملكة الفهم، وضبطه بضوابط تحجزه عن الخطأ. هذا ولا يمكن للراغب في دراسة فن من الفنون أن يُحصَّل فيه تحصيلًا معتبرًا إلَّا بمعرفة قواعده، والأصول التي تبنى عليها مسائله»[42]، حتى يتم للباحث السير العلمي الصحيح، وبالخصوص في فهمه للقواعد عمومًا، ولقواعد التفسير بشكلٍ خاص.

إن القواعد والضوابط تشكّل المانع من الوقوع في الخطأ، وهي بمثابة القوانين الحافظة، يقول السيد محمد حسين الطباطبائي (ت1402هـ): «إن المجتمع لا يقدر على حفظ حياته وإدامة وجوده إلَّا بقوانين موضوعة معتبرة بينهم»[43].

وإلى ذلك يشير خالد عبد الرحمن العك (ت1420هـ) بقوله عن أهمية القواعد: «لتكون موازين ضبط للفهم والإدراك منعًا للانحراف»[44].

فهذه القواعد التي هي بمثابة القوانين تشكل دستورًا لتنظيم المعرفة، كما وتشكّل عاصمًا من الخطأ لدى الباحث فكريًّا وعلميًّا.

الفرق بين القواعد والضوابط

لقد اختلف أهل العلم والنظر في مسألة التفريق بين القواعد والضوابط من عدمه، ذلك أن قسمًا منهم قال بوجود الفوارق، والقسم الآخر لم يقل بذلك، وهنا لا بدّ من أن نتطرق لكلا الاتجاهين وهما:

الاتجاه الأول: يرى أصحاب هذا الاتجاه وجوب التفريق بين (القواعد) و(الضوابط)، وذكروا جملة لأهم الفروقات بينهما وهي[45]:

1- القاعدة تجمع فروعًا في أبواب شتى. والضابط يجمعها باب واحد، وعليه فالقاعدة أوسع من الضابط.

2- الخلاف الواقع في الضابط من حيث قبوله أو رده أكثر من الخلاف الواقع في القاعدة؛ لأن القواعد يقع الخلاف في بعضها غالبًا على مستوى التفاصيل لا على مستوى الأصل. أما الضوابط فيقع الخلاف كثيرًا في أصولها؛ وذلك لكونها محدودة، فهي كالأجزاء بالنسبة للقاعدة.

3- أن المسائل التي تشذ عن القواعد وتُستثنى منها أكثر بكثير من المسائل التي تشذ عن الضوابط؛ لما مضى من سعة القواعد وضيق مجال الضوابط.

الاتجاه الثاني: أما أصحاب الاتجاه الثاني فيذهبون إلى عدم التفريق ما بين (القواعد)و(الضوابط) فعرفوها به، وعرفوه بها[46]، دمجًا لها وكونها -عندهم- أمرًا واحدًا. وهنا سنذكر بعض هذه الآراء للاستدلال بها على هذا الرأي وهي:

1- قال البركتي (ت1395هـ) في كتابه (قواعد الفقه) معلقًا على قول ابن نجيم الحنفي في التفريق بينهما: «أما أنا فقد أطلقت في كتابي هذا على كل من القاعدة والضابطة (القاعدة) ولا مشاحة في الاصطلاح»[47].

2- قال الرهاوي الحنفي (ت بعد 942هـ): «واعلم أن القاعدة والقضية والأصل والضابط والقانون بمعنى واحد، وهو أمر كلي منطبق على جزئياته، ليعرف أحكامها منه»[48].

فتوضح الخلاف ما بين الاتجاهين، إذ إن الأول يورد الفوارق ويقرّ بوجودها، والآخر يعتبرهما شيئًا واحدًا إذ يدخلهما في باب الترادف.

ثانيا: الأصول المنهجية للقواعد التفسيرية

المصدرية والاستمداد

إن كل علم لا بدّ له من مصادر يستمد منها وجوده، والتي تُشكل له المنابع التي تديم بقاءه، وتختلف مصادر الاستمداد من علمٍ إلى آخر، وتتنوع بحسب طبيعة العلم.

و«إن نظرة باثولوجية نقدية إلى مسار إنتاج العلم الديني التاريخي العام، في مختلف ميادينه (الفلسفة وعلم الكلام، القرآن والحديث، الفقه والأصول، وغيرها)، تدل على أن هذه العلوم والمعارف على الرغم من ارتباط كل زوجين منها معًا وتفاعلهما، لم تتأسس على قواعد دينية عامة موحّدة، وفي النتيجة، لم تُقطف ثمار هذه الجهود الفكرية من شجرة واحدة، في حين أن المنهل الواحد والمنشأ الواحد لجميع العلوم المنسوبة إلى الدين يجب أن يكون القرآن الكريم»[49].

ويتأكّد ذلك في بحثنا هذا، والذي يعتمد بالدرجة الأولى على القرآن الكريم، بل هو ينطلق منه كمنبع أصيل في احتوائه على الكليات، وفي تأسيسه للقواعد، وكذلك في مساره وتطبيقاته، وفي نماذجه وتصويراته.

قواعد التفسير وأصولها المنهجية

قد مرت عملية التأصيل والتأسيس المناهجي لعلم التفسير بمخاضات، واستقلابات، وصعود ونزول، إلى أن وصل إلى ما يمكن أن نسميه بـ(النضج المنهجي)، بعد أن كانت مباحثه مشتتة ومتناثرة في العديد من الكتب والمؤلفات، منها ما هو مختص ومستقل في تأليفه، ومنها ما قد كان ضمن أبحاث يجمعها إطار جامع توحيدي، ومنها ما ذُكرت ضمن المرجعيات العامة للعلم. وسيتناول البحث أهم الأصول المنهجية الأساسية والمفيدة في تأسيس وشرح وتقعيد قواعد التفسير.

إذ يراد بالأصول المنهجية: «البنى التحتية التي تبتني عليها القواعد الكلية الحاكمة لصياغة أي منهج جديد على وفق منظومة تشتمل على فلسفة وإجراءات تهدف للوصول إلى نتيجة متوخاة»[50].

وقد يراد بالأصول: (موارد الاستمداد)، والتي يُستمد منها المَعين للإعانة والديمومة، وقد أشار محمد الطاهر بن عاشور (ت1393هـ) إلى ذلك بقوله: «استمداد العلم يراد به توقفه على معلومات سابق وجودها على وجود ذلك العلم عند مدونيه، لتكون عونًا لهم على إتقان ذلك العلم، وسمي ذلك في الاصطلاح بالاستمداد عن تشبيه احتياج العلم لتلك المعلومات بطلب المدد، والمدد؛ العون والغوث، فقرنوا الفعل بحرفي الطلب وهما؛ السين والتاء، وليس كل ما يُذكر في العلم معدودًا من مدده، بل مدده ما يتوقف عليه تَقَوُّمُه»[51].

فيراد بالاستمداد العلمي لعلمٍ معين هو؛ توقفه على معارف يسبق وجودها وجوده، حتى تكون عونًا ومعينًا في إتقان تدوين وتكوين ذلك العلم.

ويراد بالأصول المنهجية: «خطوات البناء الفكري الأولى التي تقوم عليها وسائل معيارية لاستعمال أدوات متمثلة بالمناهج على وفق إجراءات نظرية متمثلة بالأنموذج المعرفي»[52].

أما بخصوص منهجية التناول فقد «كان للمفسرين مناهج في التفسير، وقد توصّل كلّ منهم إلى قواعد وضحت له في فكره، فكانت هادية له في تفسيره، سواءٌ أذكر هذه القواعد وأبانها منهجًا له، أو لم يذكرها، لكنّها كانت ماثلة في تصوّره، والباحث يلاحظ ذلك من خلال ما قدّم في تفسيره من فهم في كتاب الله. وتابع كثير منهم بعضهم بعضًا، واعتنى بعضهم بجمع الأقوال والآراء، واعتنى بعضهم بالمتن اللغوي، وبعضهم بالمسائل الفلسفية، وبعضهم بالظواهر الكونية وما في القرآن من إشارات إليها»[53].

فإن لقواعد التفسير أصول منهجية قد استُمدت منها، ولا يمكن لعلم أن يقوم مستقلًّا من دون موضوع وغاية وموارد استمداد، و لا بدّ للباحث في قواعد التفسير من الوقوف على أصول استمدادها، وهي ما يعرف بالأصول المنهجية لها، وهذا ما سيتطرق له البحث لتوضيح وتبيين الأصول المنهجية لقواعد التفسير.

الأصول المنهجية لقواعد التفسير

إن عملية البحث عن الأصول المنهجية للقواعد التفسيرية تضعنا أما مستويين من الأصول هما:

الأول: الأصول المنهجية الرئيسة (الأولية).

الثاني: الأصول المنهجية الثانوية.

وهذان المستويان من الأصول هو ما سيتناوله البحث في مطالبه القادمة.

الأصول المنهجية الرئيسة (الأولية)

لقد ذكر المختصون عدة مصادر يمكن للمفسر أو الباحث استخراج القواعد التفسيرية منها[54] وهي:

1- القرآن الكريم

إن القرآن الكريم «هو كتاب الله تعالى الذي نزل بطريق الوحي لفظًا ومعنى على رسوله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بلسان عربي، ونقل إلينا نقلًا متواترًا، والذي تضمه دفَّتا المصحف الشريف البادئ بسورة الفاتحة والمنتهي بسورة الناس، وجاء تنزيله منجمًا استغرق ثلاثة وعشرين عامًا، وتم تدوينه في حياة الرسول الكريم ويحتوي على مائة وأربعة عشر سورة توزّعت على ثلاثين جزءًا»[55].

إن القرآن الكريم «هو أصدق مرجع، وأصح مصدر يرجع إليه في تقنين القوانين، واستخراج الأصول؛ لأن العربية لم تشهد كتابًا أحيط بالعناية، واكتشف بالرعاية منذ زمن مبكر، فحوفظ على تراكيبه، وأحصيت كلماته وحروفه، وكيفية ترتيله بلهجاته، مع إتقان متناهٍ في التلقين، ودقة بالغة في الأخذ والأداء مثل القرآن الكريم»[56].

وتتجلّى مصدرية ومرجعية القرآن الكريم في جملة قواعد تفسيرية مهمة كـ«قاعدة إرجاع المتشابهات إلى المحكمات»[57]، وغيرها من القواعد القرآنية الأخرى الصريحة، أو المروية، أو المصطادة، أو المستنبطة.

إن القرآن الكريم مصدر المعارف الأول، ومصدر التشريعات بلا منازع، ثم إن فهمه أو عدم فهمه من قبل البشر لا ولن يؤثر على كونه مصدر المعارف الأول؛ إذ إن لكل موضوع طبيعته الخاصة به، فعدم الفهم عند البعض لن يؤثر على مكانة القرآن مطلقًا.

2- السنة

وقد «ذكر علماء المسلمين -ولا سيما علماء الأصول- أنها ما صدر عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من قول أو فعل أو تقرير، فقالوا: ثبت هذا الحكم بالسنة لا بالكتاب، وعليه فإن السنة عند الأصوليين دليل من أدلة الأحكام وعند الفقهاء حكم شرعي يثبت للفعل بالدليل»[58].

«توجد أحكام وقوانين عامة ومجملة في القرآن، ولأجل معرفة تفاصيلها لا بدّ من الرجوع إلى السنة. وقد بيّن القرآن عموم العبادات والمعاملات والقوانين الجزائية والإرث والزواج والطلاق وغيرها، فألقيت مسؤولية البيان على عاتق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن بعده على أهل بيته الكرام (عليهم السلام). ولا يمكن استيعاب الأحكام الجزائية لهذه الموارد إلَّا بتفسير الآيات اعتمادًا على الروايات»[59].

إن السنة هي المصدر الثاني من مصادر الاستمداد في الشريعة، وفي باقي العلوم الشرعية، بل وبكل ما يتعلق بها بشكلٍ عام، وتتأكد في مورد القواعد التفسيرية بشكلٍ خاص؛ لأنها المبينة لما أجمله القرآن الكريم، والشارحة والمفسرة والمؤكدة لكثيرٍ من الآيات القرآنية.

3- البديهيات العقلية

إن «من القواعد العقلية معرفة أحكام العقل البديهية وأحكامه النظرية البرهانية، وتمييزها عن المغالطة والجدل المنجرين إلى السفسطة والمكابرة»[60].

وأجلى مصداق على مصدرية البديهيات العقلية هو: «لزوم مراعاة قواعد اللغة العربية لفهم القرآن»[61].

فـ«البداهة أول كل شيء، وما يفجأ من الأمر، والبديهة: المعرفة يجدها الإنسان في نفسه من غير إعمال للفكر ولا علم بسببها»[62].

إن «البديهية قضية اعتُرِفَ بها ولا يُحتاج في تأييدها إلى قضايا أبسط منها، مثل أنصاف الأشياء المتساوية متساوية»[63].

قال الجرجاني (ت816هـ): «البديهي: هو الذي لا يتوقف حصوله على نظر وكسب، سواء احتاج إلى شيء آخر من حدسٍ أو تجربة أو غير ذلك أو لم يحتج، فيرادف الضروري. وقد يراد به ما لا يحتاج توجه العقل إلى شيء أصلًا فيكون أخصّ من الضروري كقصور الحرارة والبرودة، وكالتصديق بأن النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان»[64].

وقد ذكروا للبديهيات قسمين من حيث مصدر البداهة هما:

الأول: «ما جاءت بداهته من حيث إن النص الثاني نتيجة بهية للنص الأول مثل: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}. حيث قال بعدها: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}. وهي نتيجة حسابية لا تحتاج إلى أكثر من توجه العقل ويستند إدراكها إلى النص الأول مع التوجه العقلي الأول لإدراكها»[65].

الثاني: «ما جاءت بداهته من التوجه العقلي الأولي دون استناد إلى نص سابق كمقدمة له، مثل: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ}. فإن إدراك هذا الأمر البدهي معلوم لا يحتاج إلى أكثر من توجه العقل توجهًا أوليًّا حتى ولو لم يسبقه نص يقرره أو يؤدي إليه بالضرورة»[66].

إن البديهيات أو (البدهيات) تعد من مصادر الاستمداد المهمة في جميع الموارد لجملة من العلوم، وقضايا الفهم والتعامل، وكذلك فإنها تُعد مورد استمداد مهم في موضوع القواعد التفسيرية، وبذلك نفهم بأنه لا يمكن الغفلة عنها أو إهمالها وذلك لأهميتها الكبيرة.

4- القطعيات والمسلمات الشرعية

قال الجرجاني (ت816هـ) عن المُسلمات: «وهي قضايا تُسَلّمُ من الخصم ويبنى عليها الكلام لدفعه سواء كانت مسلمة بين الخصمين أو بين أهل العلم كتسليم الفقهاء مسائل أصول الفقه»[67].

ومثالها: «قاعدة لزوم مراعاة القراءة الصحيحة والمعتبرة في تفسير القرآن»[68].

«ومن أمثلة المسلمات الاحتجاج على الخصم بما لا يجد بُدًّا من التسليم به، فحين احتج إبراهيم على المَلِك بأن الرب هو الذي يُحيي ويُميت، كابَرَ وأنكر التسليم بذلك فغالط وادعى أنه يُحيي ويُميت فَرَدَ عليه إبراهيم (عليه السلام) بقضيةٍ مُسلمة لا يستطيع الملك إنكار هذه القضية {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}. ومن أمثلة ذلك الاحتجاج بالمبدأ وهو مُسلمٌ لإثبات المعاد على من ينكره»[69].

وقد قسمها الشيخ محمد رضا المظفر (ت1383هـ) إلى عامة وخاصة ووضح كل واحدٍ منها بما يتيسر فهمها والعمل وفقها[70].

فالقطعيات والمسلمات وبقيد (الشرعية) تعد من أهم مصادر الاستمداد في موضوع قواعد التفسير؛ لما لها من أهمية كونها تحاكي الذات الإنسانية، وتتماشى مع اساسيات فطرته السليمة.

5- الارتكازات العقلائية

إن الارتكاز أو المرتكز هو السند و المتكأ، فيمثل ذلك العوامل المساندة الموجودة عقلًا، والتي تتعلق بالقضايا العقلية المتسالمة.

ومثالها: تخصيص وتقييد الكلام العام والمطلق للمتكلم، وذلك عن طريق استعمال المخصصات والمقيدات المتعارفة، كـ«قاعدة التخصيص وتقييد الكلام العام والمطلق للمتكلم عن طريق المخصصات والمقيدات»[71].

يقول السيد عبد الأعلى السبزواري (ت1414هـ) : «قد استقرت السيرة العقلائية على الاعتماد على الظواهر في المحاورات والمخاصمات والاحتجاجات ويستنكرون على من تخلّف عن ذلك. وهذا من أهمّ الأصول النظامية المحاورية (نظام التفاهم) بحيث يستدلّ به لا عليه»[72]. ويدخل في هذا البحث تخصيص العام بقرائن متنوعة كالحس والعقل والعرف.

وحول ذلك يقول الغزالي (ت505هـ) : «فعادة الناس تؤثّر في تعريف مرادهم من ألفاظهم، حتى إن الجالس على المائدة يطلب الماء، يفهم منه: العَذب البارد»[73].

ودليل كون المرتكزات العقلائية مصدرًا للاستمداد؛ هو سيرة العقلاء التي جرت وفق ذلك، واعتمدت عليها في محاوراتها وتعاملاتها.

6- اللغة العربية وآدابها

إن ذلك يعني ويراد به: «علم اللغة، والمعاني والبيان، والصرف والنحو، فإن كثيرًا من القواعد مستلهمة منها»[74].

أي: «معرفة مقاصد العرب من كلامهم، وأدب لغتهم، فإن القرآن كلام عربي فكانت قواعد العربية طريقًا لفهم معانيه وبدون ذلك يقع الغلط وسوء الفهم، والمعنيّ بقواعد العربية؛ مجموع علوم اللسان العربي، وهي فن اللغة والتصريف، والنحو والمعاني والبيان وغير ذلك»[75].

«إن معاني القرآن ومعارفه العالية ومطالبه الشامخة لا تُدرك و لا تُفهم إلَّا بطريق العلم بألفاظه ومفرداته والقواعد المبتنية عليها الخطابات والآيات القرآنية. فإن القرآن إنما نُزّل بلسان قوم العرب، حتى يتحقق به تبيين حدود الله وأحكامه وتفهيم المعارف الحقّة الإلهية للناس، فلو لم يكن القرآن بلسان القوم لم يفهموه حتى يهتدوا بهدايته»[76].

فاللغة العربية الخالصة تُعد من أهم مصادر الاستمداد في مجال التفسير، وفي مجال بناء وفهم قواعد التفسير.

7- أصول الفقه

أما أصول الفقه «فلم يكونوا يعدونه من مادة التفسير، ولكنهم يذكرون أحكام الأوامر والنواهي والعموم، وهي من أصول الفقه فيحصل أن بعضه يكون مادة للتفسير، وذلك من جهتين: إحداهما أن علم الأصول قد أودعت فيه مسائل كثيرة هي من طريق استعمال كلام العرب وفهم مواد اللغة، وقد أهمل التنبيه عليها علماء العربية مثل مسائل الفحوى ومفهوم المخالفة، وقد عدّ الغزالي علم الأصول من جملة العلوم التي تتعلق بالقرآن وبأحكامه، فلا جرم أن يكون مادة للتفسير. الجهة الثانية، أن علم الأصول يضبط قواعد الاستنباط ويفصح عنها؛ فهو آلة للمفسر في استنباط المعاني الشرعية من آياتها»[77].

وقد جُعل (علم الأصول) من مصادر الاستمداد في موضوع قواعد التفسير، وأضيف إليها بعد أن أصبح لعلم (أصول الفقه) مدخلية كبيرة في مجال التفسير عمومًا، وفي مجال موضوع قواعد التفسير بشكلٍ خاص.

8- النقل

إن المراد به هو النقل الخاص كـ«بعض المواضيع المنقولة عن صحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الخاصين، نظير ما نُقل في بعض الأحاديث عن الإمام علي (عليه السلام) باستنطاق الآيات القرآنية عن طريق آياتٍ أخرى، ولزوم مراعاة النظام والترابط بين الآيات في التفسير»[78].

فتارة يكون النقل خاصًّا، وتارة يكون المنقول خاصًّا؛ إذ قد يكون الحديث خاصًّا بشخصٍ معين سمعه أو نُقل إليه، وهو الذي أشاعه، وقد يكون عِلمًا خاصًّا موجودًا في حديث أو كتاب خاص كالكتب التي دوّنها أصحاب الأئمة عنهم، وما شاكل ذلك.

ويراد بالصحابة الخاصين: الصحابة العدول، سواءً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو للأئمة المعصومين (عليهم السلام).

وبشأن القرآن الكريم وما يتعلق به، فإن لدينا أحاديث صحيحة وردت عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، بأنه هو الأعلم والأقدر على فهم القرآن الكريم قالها النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بحقه.

الأصول المنهجية الثانوية

وتسميتها بالثانوية؛ لأنها تعتمد على المصادر الأولية في وجودها، وإن كان من ضمنها كتب مختصة بالتفسير والقرآن، إلَّا أنها لم تؤلف حول قواعد التفسير حصرًا، وهذه الأصول تتمثل بـ:

1- المصنفات والمؤلفات المستقلة

فـ«بعد شعورهم بالحاجة لاستقلال التدوين للأسس المنهجية، ألف جماعة من أهل العلم كتبًا بهذا العلم، مشيرين إلى ضرورة توظيف ضوابط خاصة تحكم العملية التفسيرية من خلال هذه الأسس التي قد وسمها بعضهم بأصول التفسير أو القواعد التفسيرية، ولم تكن هذه المصنفات على نسق واحد من الترتيب، أو من حيث المادة العلمية؛ إذ إنها كانت بمنزلة إرهاصات العملية التأسيسية، كما هو الحال في أي مشروع بناء نظري لعملية فكرية»[79].

إن كل من يتصدى لتأليف كتابٍ ما في موضوعٍ غير مشبع تتملكه حالة حب التوسع فيه[80]. وبذلك تم تأليف كتب تهتم بالضوابط التفسيرية تباينت اسمائها ما بين كونها أصول أو قواعد، إلَّا أن استقر العنوان الأخير على أن يطلق عليها مصطلح قواعد التفسير.

2- مصنفات علوم القرآن

إذ قد احتوت مصنفات علوم القرآن على الكثير من الأصول المنهجية الخاصة بالتفسير والقواعد التفسيرية.

«إن مصنفات علوم القرآن تناولت في ثناياها الكثير مما يخص أسس التفسير؛ إذ إن أسس التفسير تدخل في عموم علوم القرآن، فمنها ما حمل تفصيلات عن هذا الموضوع، ومنها ما مرّ عليه استطرادًا»[81].

فـ«مبحث قواعد التفسير حظي بعناية المسلمين قديمًا. إلَّا أنه كان متناثرًا في طيات الكتب المختلفة»[82].

نعم، إن هناك جملة من قواعد التفسير موجودة في كتب علوم القرآن بفروعه المختلفة وأبحاثه المتنوعة، وهذا مما لا غفلة عنه بسبب العلاقة فيما بينهما، والتي هي علاقة الجزء بالكل.

3- المصنفات التفسيرية (كتب التفسير)

إن المصنفات التفسيرية يراد بها بالخصوص؛ مقدمات التفاسير التي احتوت على ذكر الأصول المنهجية للقواعد التفسيرية.

فهذه المقدمات اختصت ببيان الأصول المنهجية التفسيرية و«مراحل تطورها ومعالجة موضوعها، وتأصيلها بوصفها علمًا مستقلًا له وظيفته التنظيرية المهمة في العملية التفسيرية التي تأهله للاستقلال في مدونات خاصة يرجع إليها المفسر والباحث، لضبط العملية التفسيرية أسوة بسائر العلوم، ولا سيما وأن التفسير أسمى العلوم وأهمها بلحاظ شرف موضوعه، وأهمية متعلقاته»[83].

فإن قواعد التفسير منثورة بين تفاصيل وطيات كتب التفسير لمن يريد البحث عنها أو الاستزادة منها[84].

لقد كانت «نشأة قواعد التفسير مواكبة لعلم التفسير، إلَّا أنها كانت متفرقة ومنثورة ضمن كتب التفسير، ثم ازدادت بازدياد كتب التفسير»[85].

لقد تناولت كتب التفسير، وبالخصوص في مقدماتها أصول التفسير وقواعده، والمنهجية التي سيسير وفقها المؤلف، والأسس والضوابط، والطريقة والمنهج، ثم وفي مجال التطبيق التفسيري على جملة من الآيات لم يغفل عن ذكر القواعد التفسيرية المهمة التي تتطابق وتتزامن مع المقام التفسيري.

 

 

 



[1]انظر: ابن منظور الأفريقي، لسان العرب، ج 2 ص 3273.

[2] ظ: التهانوي، كشاف اصطلاحات الفنون، ج 3، ص 505.

[3] محمد الروكي، نظرية التقعيد الفقهي وأثرها في اختلاف الفقهاء، الرباط - المغرب: منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ط1، 1994م، ص 37.

[4] ظ: محمد الروكي، نظرية التقعيد الفقهي، مصدر سابق، ص37.

[5] ظ: هادي حسين الفائزي، قواعد تفسير القرآن الكريم، رسالة ماجستير، كلية الفقه، جامعة الكوفة، 2010م - 2011م، ص 178.

[6] محمد الروكي، نظرية التقعيد الفقهي، مصدر سابق، ص37.

[7] عبد الهادي الفضلي، النص الشرعي مفهومه وفهمه،(بحث)، مجلة الكلمة، العدد23، السنة السادسة، 1420هـ - 1999م، ص6، عبد الهادي الفضلي، الوسيط في قواعد فهم النصوص الشرعية، بيروت - لبنان: مركز الغدير للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، 1428هـ.

[8] ظ: عبد الهادي الفضلي، النص الشرعي مفهومه وفهمه، مصدر سابق، ص 7- 8.

[9] أبو إسحاق الشاطبي، الموافقات في أصول الشريعة، منشورات بيروت - لبنان: دار الكتب العلمية، ط1، 1425هـ، ص248.

[10] محمد رضا المظفر، المنطق، قم - إيران: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، ط3، 1424هـ، ص309.

[11] علي أحمد الندوي، القواعد الفقهية مفهومها (نشأتها، تطورها، دراسة مؤلفاتها، أدلتها، مهمتها، تطبيقاتها)، دمشق - سوريا: دار القلم، ط4، 1418هـ/ 1998م، ص 41.

[12] أبو البقاء، الكليات الكفوي، بيروت - لبنان: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، ط2، 1419هـ/ 1998م، ص122.

[13] علي أحمد الندوي، القواعد الفقهية، مصدر سابق، ص41.

[14] ظ: أبو الفضل الحدوشي، نثر العبير في منظومة قواعد التفسير، دون طبعة، دون تاريخ، ص33.

[15] ظ: علي أحمد الندوي، القواعد الفقهية، مصدر سابق، ص41.

[16] ظ: أبو إسحاق الشاطبي، الموافقات في أصول الشريعة، بيروت - لبنان: منشورات دار الكتب العلمية، ط1، 1425هـ، ص475.

[17] مصطفى أحمد الزرقا، المدخل الفقهي العام، دمشق - سوريا: دار القلم، ط1، 1418هـ/ 1988م، ج2، ص941.

[18] سعيد هلاليان، نظرة تحليلية إلى القواعد الفقهية، قم - إيران: مؤسسة بوستان كتاب، ط1، 1431هـ، ص108 - 109.

[19] سورة الحج، الآية: 78.

[20] أبو جعفر الصدوق، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، قم - إيران: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، دون طبعة، دون تاريخ، ص417، والحر العاملي، وسائل الشيعة، تحقيق: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، قم - إيران، ط4، 1429هـ، ج15، ص369.

[21] جواب سؤال تقدمت به إلى المفكر المغربي الأستاذ إدريس هاني حول مبحثي الاستقراء والاستنباط وعلاقتهما بالقواعد.

[22] ظ: محمد باقر الصدر، الأسس المنطقية للاستقراء، طبعة المؤتمر العالمي للإمام الصدر J، قم - إيران: مطبعة شريعت، ط2، 1427هـ، ص17.

[23] حمو النقاري، معجم مفاهيم علم الكلام المنهجية، بيروت - لبنان: المؤسسة العربية للفكر والإبداع، ط1، 2016م، ص55.

[24] ظ: محمد أيمن الزاهر، الاستقراء ومجالاته في العلوم الشرعية، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 29، العدد الأول، 2013م، ص449.

[25] محمد محمد طاهر آل شبير الخاقاني، إبداع الاجتهاد، النجف الأشرف - العراق: مركز الاستنباط الفقهي والأصولي، ط1، 1438هـ، ص151.

[26] محمد رضا المظفر، المنطق، مصدر سابق، ص309 - 310.

[27] ظ: محمد باقر الصدر، الأسس المنطقية للاستقراء، مصدر سابق، ص470.

[28] عبد الرحيم البشير القرشي، المصطلح الشرعي ومنهجية الدّراسة المصطلحية في العلوم الشرعية، السودان: مجلة جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، العدد 13، 1427هـ/ 2006م، ص123.

[29] ظ: جواد حسني، إشكالية المنهج والمصطلح النقدي (ندوة)، الرباط - المغرب: مجلة اللسان العربي، العدد 23، 1985م، ص265.

[30] عبد الرحيم البشير القرشي، المصطلح الشرعي ومنهجية الدّراسة المصطلحية في العلوم الشرعية، السودان: مجلة جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، العدد 13، 1427هـ/ 2006م، ص121.

[31] ظ: عباس علي الزارعي، القواعد الفقهية في فقه الإمامية، قم - إيران: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، ط1، 1430هـ، ج 1، ص 32.

[32] محمد علي الرضائي، منطق تفسير القرآن، مصدر سابق، ص213.

[33] سورة آل عمران، الآية: 7.

[34] ظ: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مصدر سابق، ج1، ص 21.

[35] ابن أبي الحديد المعتزلي، شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمد إبراهيم، بيروت - لبنان: دار الكتاب العربي، ط1، 2007م، ج 3، ص 136.

[36] محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (البحار)، تحقيق: لجنة من العلماء والمحققين والأخصائيين، بيروت - لبنان: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط1، 2008م، ج35، ص 403.

[37] محمد بن يعقوب الكليني، الكافي، بيروت - لبنان: منشورات الفجر، ط1، 2007م، ج2، ص 374.

[38] محمد فاكر الميبدي، قواعد التفسير لدى الشيعة والسنة، طهران - إيران: مركز التحقيقات والدراسات العلمية التابع للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، ط1، 1428هـ، ص8.

[39] ظ: محمد السند، تفسير أمومة الولاية والمحكمات للقرآن الكريم، تقرير: محسن الجصاني، قم - إيران: مطبعة شريعت، ط1، 1434هـ، ج1، ص 21-22.

[40] محمد فاكر الميبدي، قواعد التفسير لدى الشيعة والسنة، مصدر سابق، ص15.

[41] محمد علي الرضائي، منطق تفسير القرآن، مصدر سابق، ص209.

[42] خالد بن عثمان السبت، قواعد التفسير جمعًا ودراسة، الرياض: دار ابن عفان، ط1، 1421هـ، ص 36.

[43] محمد حسين الطباطبائي، تفسير الميزان، بيروت - لبنان: منشورات مؤسسة الأعلمي، ط1، 1997م، ج 1، ص 186.

[44] خالد عبد الرحمن العك، أصول التفسير وقواعده، بيروت - لبنان: دار النفائس، ط2، 1406هـ/ 1986م، ص 34.

[45] أبو عبد الله المقري، القواعد، تحقيق: أحمد بن عبد الله بن حميد، معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي، مكة المكرمة - المملكة العربية السعودية: جامعة أم القرى، دون طبعة، دون تاريخ، ج 1، ص 108، وخالد بن عثمان السبت، قواعد التفسير، مصدر سابق: 31، ومحمد صدقي البورنو، الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية، بيروت - لبنان: مؤسسة الرسالة، ط4، 1416هـ/ 1996م، ص 20.

[46] ظ: أحمد بن محمد الفيومي، المصباح المنير، بيروت - لبنان: مكتبة لبنان، ط1، 1987م، ص 195، وأحمد الزيات، المعجم الوسيط، مصدر سابق، ج 2، ص 748.

[47] محمد عميم البركتي، قواعد الفقه، كراتشي - باكستان: مطبعة الصدف، ط1 ، 1407هـ، ص 50.

[48] يحيى بن قراجا الرهاوي، شرح المنار وحواشيه من علم الأصول، حاشية الرهاوي، القاهرة - مصر: دار سعادت، 1315هـ، ص 20.

[49] نجف علي ميرزائي، فلسفة مرجعية القرآن المعرفية في إنتاج المعرفة الدينية، ترجمة: دلال عباس، بيروت - لبنان: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، ط1، 2008م، ص 10.

[50] عدي جواد الحجار، الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني، كربلاء - العراق: قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية المقدسة، ط1، 2012م، ص 26.

[51] محمد الطاهر بن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، تونس - تونس: الدار التونسية للنشر، ط1، 1984م، ج 1، ص 18.

[52] عدي جواد الحجار، الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني، مصدر سابق، ص 26.

[53] عبد الرحمن الميداني، قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله عز وجل، دمشق - سوريا: دار القلم، ط5، 2012م، ص 11 - 12.

[54] ظ: محمد علي الرضائي، منطق تفسير القرآن، مصدر سابق، ص 215 - 216.

[55] مصطفى الزلمي، وعبد الباقي البكري، المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، بغداد - العراق: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ط1، 1986م، ص 64.

[56] مهدي المخزومي، مدرسة الكوفة ونهجها في دراسة اللغة والنحو، القاهرة - مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط2، 1958م، ص 51.

[57] محمد علي الرضائي، منطق تفسير القرآن، مصدر سابق، ص 215 - 216.

[58] حسن الربيعي، المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، النجف الأشرف - العراق: المكتبة القانونية، ط1، 2009م، ص 40.

[59] محمد علي الرضائي، منطق تفسير القرآن، مصدر سابق، ص 37.

[60] علي أكبر السيفي المازندراني، دروس تمهيدية، مصدر سابق، ص 140.

[61] محمد علي الرضائي، منطق تفسير القرآن، مصدر سابق، ص 215 - 216.

[62] فهد بن عبد الرحمن الرومي، البدهيات في القرآن الكريم دراسة نظرية، الرياض - المملكة العربية السعودية: مكتبة التوبة، ط1، 1997م، ص 9.

[63] أحمد الزيات، المعجم الوسيط، مصدر سابق، ج 1، ص 44.

[64] الشريف الجرجاني، التعريفات، مصدر سابق، ص 241.

[65] فهد بن عبد الرحمن الرومي، البدهيات في القرآن الكريم، مصدر سابق، ص 11-12.

[66] فهد بن عبد الرحمن الرومي، البدهيات في القرآن الكريم، ص 12.

[67] الجرجاني، التعريفات، مصدر سابق، ص 241.

[68] محمد علي الرضائي، منطق تفسير القرآن، مصدر سابق، ص 215-216.

[69] فهد بن عبد الرحمن الرومي، البدهيات في القرآن الكريم، ص 10-11.

[70] ط: محمد رضا المظفر، المنطق، مصدر سابق، ج 3، ص 352.

[71] محمد علي الرضائي، منطق تفسير القرآن، مصدر سابق، ص 215-216.

[72] عبد الأعلى السبزواري، تهذيب الأصول، بيروت - لبنان: الدار الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، ط2، 1406هـ، ج 2، ص 66.

[73] أبو حامد الغزالي، المستصفى من علم الأصول، تحقيق: حمزة بن زهير حافظ، المدينة المنورة - المملكة العربية السعودية: شركة المدينة المنورة للطباعة، ط1، 1406هـ، ج 2، ص 350.

[74] محمد علي الرضائي، منطق تفسير القرآن، ص 215-216.

[75] خالد عبد الرحمن العك، أصول التفسير وقواعده، مصدر سابق، ص 43.

[76] علي أكبر السيفي المازندراني، دروس تمهيدية، مصدر سابق، ص 145.

[77] خالد عبد الرحمن العك، أصول التفسير وقواعده، مصدر سابق، ص 45، ومحمد الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، مصدر سابق، ج 1، ص 16.

[78] محمد علي الرضائي، منطق تفسير القرآن، مصدر سابق، 215-216.

[79] عدي جواد الحجار، الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني، مصدر سابق، 72.

[80] ط: محمد الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، مصدر سابق، ج1، ص 46.

[81] عدي جواد الحجار، الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني، مصدر سابق، ص 98.

[82] محمد علي الرضائي، منطق تفسير القرآن، ص 213.

[83] عدي جواد الحجار، الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني، مصدر سابق، ص 97-98.

[84] ظ: خالد بن عثمان السبت، قواعد التفسير جمعًا ودراسة، مصدر سابق، ص 35.

[85] محمد علي الرضائي، منطق تفسير القرآن، مصدر سابق، ص 213.