شعار الموقع

أطروحة تعارف الحضارات .. بين التأملات الفلسفية والتحديات السياسية

قويدري الأخضر 2019-05-26
عدد القراءات « 885 »

 

 

أطروحة تعارف الحضارات

بين التأملات الفلسفية والتحديّات السياسية

الدكتور قويدري الأخضر*

*          أستاذ الفلسفة كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة عمار ثليجي، الأغواط - الجزائر. البريد الإلكتروني: lakhdarzaouia@yahoo.fr

 

 

أولًا: إشكالية صدام الحضارات

لقد أدرك المفكرون الغربيون أهمية المتغيّرات على الساحة الدولية بعد انهيار الشيوعية وانتهاء الحرب الباردة، فدعا بعضهم إلى الحوار الحضاري تواصلًا مع أطروحة روجيه غارودي (1913 - 2012)، ونادى بعضهم الآخر بالصدام الحضاري مثل هنتنغتون[1] الذي أوصى الغرب بأن يتعاون مع أوروبا الشرقية واليابان، ليواجه تحالف الحضارة الإسلامية والحضارة الصينية[2].

وردت فكرة صدام الحضارات في مقالة نشرها صامويل هنتنغتون صيف 1993م في مجلة (الشؤون الخارجية) الأمريكية، ثم حوّلها بعد ذلك إلى كتاب صدر سنة 1996م بعنوان (صدام الحضارات وإعادة صياغة النظام العالمي).

ومنذ ذلك الوقت احتدم النقاش بين الأكاديميين والسياسيين حول هذه المقولة، التي صارت واحدة من أكثر الأفكار تداولًا في العالم[3].

قسّم هنتنغتون الحضارات إلى ثمانية كتل حضارية مختلفة: الصينية، اليابانية، الهندية، الإسلامية، الغربية، الشرقية الأورثوذكسية، الأمريكية اللاتينية، وأخيرًا الحضارة الإفريقية. وكل حضارة ترتكز على دين معين ومجموعة من المعتقدات والقيم.

وسيكون الصراع مستقبلًا -في نظر هنتنجتون- ثنائي الأطراف، بين الحضارة الغربية من جهة، والحضارتين الإسلامية والكونفشيوسية (الصينية) من جهة أخرى[4]. لأن الحضارات –كما يعتقد- عبارة عن قبائل إنسانية، والصدام هو صراعٌ قَبَلي على نطاق كوني.

وقد تُقيم الدول والجماعات التي تنتمي إلى حضارتين مختلفتين، علاقات وتحالفات تكتيكية محدودة بغرض تنمية مصالحها، غير أن هذه العلاقات لن تكون في أغلب الأحيان سلْمية، بل ستكون باردة أو عدائية.

والدافع الأساسي للنزاعات مستقبلًا، لن يكون اقتصاديًّا ولا سياسيًّا ولا عسكريًّا، بل سيكون ثقافيًّا في جوهره[5].

ومن خلال ما سبق يتضح أن هذه النظرية تقوم على خلفية الحفاظ على مصالح الغرب، واستمرارية تفوّقه على بقية الحضارات، مبْطنة موقفًا عدائيًّا من الإسلام، مؤطرًا بقوالب أوروبية قروسطوية موبوءة بمخلّفات الحروب الصليبية[6].

لكن لا بد من الإشارة إلى أن أطروحة صامويل هنتنغتون هذه، قد حظيت بتغطية إعلامية واسعة أوهمت الرأي العالمي أنه هو من أنشأها. والحقيقة أن هذه الأطروحة أشار إليها من قبل بخلفيات مغايرة عالم المستقبليات المغربي المرحوم الدكتور المهدي المنجرة[7]، الذي سبق هنتنغتون بالحديث عن فكرة الصراع الحضاري في أوائل تسعينات القرن العشرين، وله مقالة في هذا الشأن نشرها في مجلة ديرشبيغل (Der Spiegel) الألمانية بتاريخ 11 يناير 1991م، وفي السنة ذاتها أصدر كتابًا بعنوان (الحرب الحضارية الأولى) نشر باللغات الإنجليزية، والفرنسية واليابانية، معتبرًا أن حرب الخليج الأولى هي بمثابة الحرب الحضارية الأولى[8].

تتأسس مقاربة المنجرة حول الصراع على تقسيم ثلاثي للمراحل التي تركت بصماتها على مدى تاريخ العالم خلال القرون الأخيرة، وهي على التوالي:

1- المرحلة الاستعمارية التي حدّدتها الرهانات الاقتصادية.

2- ثم تأتي بعدها مرحلة الاستعمار الجديد والمتأثرة بالرهانات السياسية.

3- وأخيرًا تبرز مرحلة ما بعد الاستعمار التي تبدأ بعد نهاية الحرب الباردة والتي تعرف صراعًا ثقافيًّا ناتجًا عن صراع المصالح بين دول الشمال ودول الجنوب.

وبداية هذا الصراع الجديد –حسب المنجرة- كانت مع حرب الخليج الأولى التي كشفت عن التعارض الثقافي بين الشرق والغرب.

وقد تنبأ المنجرة بثلاثة أحداث أساسية ستزعج الغرب مستقبلًا وهي:

1- الخوف من النمو الديموغرافي للدول غير الغربية، حيث إن الغرب لا يمثل إلَّا 20% من سكان العالم.

2- التخوّف من تكاثر عدد المسلمين، إذْ سيصلون إلى ما يقرب من 40% من سكان العالم.

3- التخوّف من تطور آسيا وخاصة اليابان.

أما فيما يتعلّق بدوافع الصراع فإن المنجرة يرى أن هناك محركات أساسية تحدّده هي:

أ - الأحادية القطبية لأمريكا.

ب- التقدم العسكري والعلمي الذي حصل في العراق وبدأ يهدد الغرب وإسرائيل.

ج- وأخيرًا رغبة الغرب الملحّة في التحكّم في الدول التي كانت تقع في قبضة الاستعمار.

وبمقارنة أفكار هنتنغتون بأفكار المنجرة في هذا الشأن، يتبين لنا أن المنجرة لم يكن يقصد إطلاقًا، تحريض الغرب على القيام بحملات استباقية للسيطرة على العالم، وإنما كان هدفه وقائيًّا يرمي إلى تنبيه المجتمع الدولي -خاصة الدول الغربية- لأن تعيد النظر في سياستها الخارجية تجاه الحضارات الأخرى من منظور الحوار لا الصراع. في حين نجد أن طرح هنتنغتون استفزازي عنصري يندرج ضمن خطة استراتيجية غربية أمريكية، ترمي للسيطرة على العالم.

ومن المهم أن ننبّه إلى محاولة أخرى سبقت هنتنغتون في الحديث عن فكرة صراع الحضارات، وهي محاولة أستاذ الدراسات الدورية بجامعة وورويك البريطانية باري بوزان[9] الذي نشر مقالة بمجلة (الشؤون الدولية) الأمريكية في يوليو 1991م بعنوان: (السياسة الواقعية في العالم الجديد)، توصل فيها إلى فكرة تصادم الهويات الحضارية، خاصة بين الغرب والإسلام.

ففي رأي بوزان أنه إذا اجتمع خطر الهجرة، وخطر تصادم الثقافات، أصبح من السهل وضع تصوّر لنوع من الحرب الباردة بين المركز (الغرب)، وجزء من الأطراف ومنهم المسلمون.

غير أن ما يختلف فيه بوزان عن هنتنغتون، هو إضافته للحضارة الهندية إلى جوار الإسلام في الحرب الحضارية المستقبلية مع الغرب، في حين يُضيف هنتنغتون الحضارة الصينية الكونفشيوسية بدل الحضارة الهندية[10].

ومن المرجعيات التي استفاد منها هنتنغتون في تأسيس نظريته حول الصراع، آراء المستشرق والمؤرخ الإنجليزي الأصل برنارد لويس[11]، المعروف بتحيّزه للأفكار المعادية للإسلام والعرب، والذي يعتبره البعض أنه يعد آخِر المستشرقين الذين يمثلون المدرسة الكلاسيكية[12].

هكذا يظهر لنا أن المنطق الصدامي، كان هو المرتكز الأساسي لنظرية صراع الحضارات، وهو المنطق الذي استندت إليه نزعة الهيمنة الغربية عامة والأمريكية منها على وجه الخصوص، حيث أصبحت هذه الأخيرة تبيح لنفسها التدخل العسكري في شؤون الدول المستضعفة، تحت ذريعة نشر الديمقراطية، والحرية، وحماية حقوق الإنسان.

وقبل أن نغادر الحديث عن أطروحة صدام الحضارات، نؤكد على أن هنتنغتون -ومن نحا نحوه- قد أقام هذه الأطروحة بالاستناد إلى الواقع السياسي من جهة، وإلى التراث الفكري للحداثة الغربية من جهة ثانية. ومن ثم فإنه لم يأتِ بشيء جديد، طالما أن هذه الأفكار كانت مخزونة أصلًا في اللاشعور الغربي، أي إن السيناريو الغربي ظل كما هو ولم يتغيّر منه شيء وإنما تغيّرت فقط طريقة إخراجه.

ثانيًا: ثقافة التسامح في الخطاب الغربي المعاصر

إن ما عرضناه من أفكار صاغها دعاة الصدام والهيمنة في الغرب، إلى جانب هؤلاء ظهر بعض المفكرين الغربيين الذين أدركوا أن البشرية على شفا جرف هارٍ من السقوط، إذا لم يتداركوها بتحصين أخلاقي يحدّ من جنون السياسيين.

ومن هؤلاء المفكر البولوني آدم منيك (1946-......)، الذي عبر عن قلقه قائلًا: «إني خائف من عالم قد تحكمه عقلانية بدون حدود، وثقافة بدون مقدّس؛ لأن ذلك معناه عالم بلا أخلاقية وبلا ثقافة»[13].

وفي السياق ذاته صاغ الفيلسوف الألماني هانس يوناس (Hans Jonas) (1993-1903) قاعدة أخلاقية تشكّل بيانًا للالتزام بالمسؤولية تجاه الإنسان والطبيعة على حد سواء، فقال مخاطبًا العقلاء: «تصرّفْ بشكل يجعل نتائج فعلك غير تدميرية بالنسبة لإمكانية الحياة مستقبَلًا، ولا تعرّضْ للخطر شروط بقاء الإنسانية في الأرض»[14].

وفي هذا السياق كذلك، نجد عالم الاجتماع الفرنسي ألان توران Alain Touraine (1925م-......) الذبّ عبّر عن استيائه من أمرين خطيرين هما: تمركز الغرب حول ذاته مُقصيًا الهويات الأخرى من جهة، وانغلاق المجتمعات الأخرى على نفسها من جهة ثانية. ويقول مستنكرًا هذه الوضعية: «كيف نتخلّصْ من الخيار الصعب، بين عولمة كونية خادعة تُغفل تنوّعَ الثقافات، والواقعَ المنغلق للجماعات المتقوقعة على ذاتها؟»[15].

إن الانكفاء الهوياتي للمجتمعات الضعيفة على نفسها، والهجوم المتعصب للعولمة الغربية عليها، كلاهما يشكّلان خطرًا قد يؤدي إلى انسداد آفاق التواصل بين الإنسانية. لهذا كان ينبغي إبداع فكر ديناميكي يكفل التعدّد، ويجعل من الاختلاف واقعًا مثمرًا في ظل حدّ أدنى من الانسجام والوحدة، وهذا الهدف هو الذي تأسست من أجله الأخلاق العالمية.

ولئن تأخر وضع هذا المصطلح (الأخلاق العالمية) إلى غاية سنة 1990م، فإن بوادر التفكير فيه قد ظهرت منذ قرن ونيٍّف، أي منذ أن تمّ عقد المؤتمر العالمي الأول للأديان في شيكاغو سنة 1893م، والذي عُرف فيما بعد باسم برلمان أديان العالم.

ولم يتم عقد المؤتمر الثاني لبرلمان أديان العالم، إلَّا بعد مضيّ قرن من الزمن على تاريخ انعقاده لأول مرة، وذلك سنة 1993م، بنفس المدينة الأمريكية، احتفاء بذكراه المئوية، وقد حضره أكثر من مائتي شخصية تمثل مختلف أديان العالم.

ومن النتائج التي أسفر عنها المؤتمر الثاني، إصدار بيان متميّز سُمِيَّ إعلان من أجل أخلاق عالمية، وكان منظموه قد عهدوا من قبلُ إلى عالم اللاهوت الكاثوليكي السويسري الأصل هانز كونغ[16] أن يضع مُسوّدته[17].

وترتكز الأخلاق العالمية التي صاغها كونغ على ثلاثة أسس جوهرية هي[18]:

أ- لا يمكن للإنسانية العيش والبقاء بدون أخلاقية عالمية.

ب- لن يكون هناك سلام عالمي بدون سلام بين الأديان.

ج- لن يكون هناك سلام بين الأديان بدون حوار بينها.

وما اتفق عليه دعاة الأخلاق العالمية أنه لن يستطيع دينٌ بمفرده -وضعيًّا كان أو سماويًّا- أن يشرّع نظامًا أخلاقيًّا لكل المجتمعات، ولن تقدر فلسفة لوحدها أن تخاطب كل العقول، ولذا فإنه من المهم أن يبحث الجميع عن الجانب المشترك في الديانات المختلفة والفلسفات المتعددة، من أجل صياغة أخلاق تحقق أواصر المحبة والتسامح والسلام بين كل أفراد الجنس البشري.

وقد تمّ التوقيع على البيان المشترك، والذي ارتكز على مبدأين أساسيين هما:

1- كل كائن بشري ينبغي معاملته بإنسانية.

2- كل شخص عليه أن يتصرف إزاء الآخرين كما يتمنى أن يتصرف الآخرون نحوه[19].

وهذان المبدآن يفضيان إلى توجّهاتٍ أربعة في شتى مجالات الحياة هي:

 أ - قاعدة الالتزام بثقافة المسالمة واحترام الحياة: وصيغتها لا تقتل، واحترم الحياة.

ب- قاعدة الالتزام بثقافة التضامُن والنظام الاقتصادي العادل: صيغتها لا تسرق، كن مستقيمًا وأمينًا.

ج- قاعدة الالتزام بثقافة التسامُح والصدق في الحياة: صيغتها لا تكذب، وكن في قولك وفعلك صادقًا.

د- قاعدة الالتزام بثقافة الحقوق المتساوية والشراكة بين الرجال والنساء: لا تزْنوا، ولتحترموا أنفسكم، وليحبَّ بعضكم بعضًا[20].

غير أن المفكر المغربي طه عبدالرحمن (1944م-......) أبدى بعض المآخذ على هذا الإعلان، وبيّن أنه أسقط قيمتين أساسيتين ينبني عليهما الدين، وهما الإيمان والعمل، ومن ثم فإن هذا الإعلان لا يحقق تمكينًا للدين في العالم حينما يقرر أن الإيمان الديني يحدّ من عالمية الأخلاق، كما أنه يخلّ بشرط التقدم الأخلاقي[21].

ثم يخلص الأستاذ طه عبدالرحمن إلى أن الدين الإسلامي يتضمن ما ورد في بيان الأخلاق العالمية ويزيد عليها، وذلك ما يتضح لنا جليا في المقارنات الآتية:

1. قاعدة الالتزام بثقافة الإيمان واحترام الدين، يقابلها في الدين الإسلامي مقصد حفظ الدين.

2. قاعدة الالتزام بثقافة المسالمة واحترام الحياة، يقابلها مقصد حفظ النفس.

3. قاعدة الالتزام بثقافة التسامح والصدق في الحياة، يقابلها مقصد حفظ العقل.

4. قاعدة الالتزام بثقافة التضامن والنظام الاقتصادي العالمي، يقابلها مقصد حفظ المال.

5.قاعدة الالتزام بثقافة المساواة في الحقوق والشراكة بين الجنسين، يقابلها مقصد حفظ النسل[22].

ثالثًا: من الحوار إلى التعارف

غني عن البيان أن الحوار هو لغة العلاقات الإيجابية؛ نعني بذلك علاقة الإنسان بنفسه، وعلاقة الإنسان بمجتمعه، ويمكن أن يتخذ الحوار أشكالًا أوسع وأشمل، ليصبح وسيلة للتفاعل الثقافي بين الشعوب، وأداة للتكيف مع الأفكار والتوجهات المتباينة، في مختلف المجالات الدينية والثقافية والسياسية والاقتصادية[23].

وفي ظل ما تشهده الإنسانية من دعوات إلى الصراع، والصدام، والتنازع، برزت أطروحة الحوار كضرورة ملحة نهض بها بعض العقلاء من دول مختلفة، من أجل مواجهة التحديات الكبرى التي تهدد أمن الدول واستقرار المجتمعات الإنسانية[24].

إن الحوار بين المفكرين يعتبر مرحلة أساسية وتمهيدية للحوار بين القادة والسياسيين[25]، وهذا ما نلاحظه بالفعل منذ النصف الثاني من سبعينات القرن العشرين، حيث تبنى المفكّر الفرنسي روجيه غارودي Roger Garaudy (1913 – 2012م) فكرة حوار الحضارات وشرَحها في كتابه الشهير (من أجل حوار بين الحضارات) الصادر سنة 1977م، وقد مرّت أطروحته بثلاث مراحل هي:

المرحلة الأولى: ميزتها الدعوة للحوار بين الماركسية والمسيحية، وقد كانت غاية غارودي من هذه الدعوة ربط التحرر الذي تمثله الماركسية، بالإيمان الذي تمثله المسيحية.

المرحلة الثانية: وتبدأ منذ سنة 1968م، حيث أكّد غارودي على أن الحوار بين الماركسيين والمسيحيين سوف يظّل إقليميًّا، ولن يتقدّم إلَّا في حدود منطقة الغرب فحسب، وإنه من المهم توسيع دائرته ليشمل الثقافات الأخرى.

المرحلة الثالثة: وفيها ركّز غارودي على الحوار بين الغرب والمسلمين، وهي الدعوة التي ظهرت واضحة ومتجلية في الكتاب الذي أصدره سنة 1981م بعنوان: (وعود الإسلام)، وفي كتابه: (الإسلام في الغرب: قرطبة عاصمة الروح والفكر)؛ حيث اعتبر أن العقبة الرئيسية التي تقف في وجه حوار الحضارات هي النظرة التي حملها الغرب منذ مئات السنين عن الإسلام[26].

لقد كان غارودي في كتاباته حول الحوار، يُشير بأصابع الاتهام إلى الغرب بقصد تقويم مساراته، بعد أن وصل إلى حالة من التأزّم لا يمكنه تجاوزها إلَّا بالانفتاح على الثقافات الأخرى، والتعلّم منها، لاكتشاف النقائص الأخلاقية التي تُعوزه والتي حددها في ثلاثة أبعاد رئيسة هي[27]:

1- رجحان جانب الفعل والعمل على النظر، بشكل تحوّل فيه الإنسان إلى مجرد آلة للإنتاج والاستهلاك.

2- طغيان النزعة العقلانية، واعتبار العقل قادرًا على حلّ جميع المشكلات.

3- تضخم فلسفة الكمّ، واتخاذها معيارًا لا نهائيًّا لكل شيء.

وفي هذا المنحى قام غارودي سنة 1976م بالتعاون مع منظمة اليونسكو بتأسيس (المعهد الدولي لحوار الحضارات)، من أجل إبراز دور البلاد غير الغربية وإسهاماتها في الثقافة العالمية، كي يتوقف الحوار ذو البعد الواحد من جانب الغرب، أو المونولوج الذي يقوم على وهم التفوّق عند الإنسان الغربي[28].

لكن مع دخول العالم حقبة ثمانينات القرن العشرين، تراجعت الدعوة إلى حوار الحضارات، وظهر ما سُمّي في الخطاب الغربي بالأصوليات، فنشر غارودي في هذا السياق كتابه: (الأصوليات المعاصرة)، بيَّن فيه أن كل الأصوليات تشكّل أخطارًا كبيرة على الإنسانية حاضرًا ومستقبلًا، موجّها نقده اللاذع للغرب، محمّلًا إياه مسؤولية انبعاث هذه الأصوليات بكل أشكالها في العالم الثالث، نتيجة إصراره على فرض نموذجه الثقافي على الشعوب الأخرى.

وفي وقت لاحق انتقلت أطروحة الحوار الحضاري من الفضاء الفكري الغربي إلى الفضاء الدبلوماسي والسياسي، عندما طُرحت الفكرة من طرف السيد محمد خاتمي[29] رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية آنذاك، ضمن خطابه الذي ألقاه بالجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1991م، مقترحًا أن تكون سنة 2001م سنة الأمم المتحدة للحوار بين الحضارات.

وقد وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثالثة والخمسين لسنة 1998م على هذا الاقتراح، وكان اختيارها لسنة 2001م أمرًا مقصودًا، الغرض منه أن يستقبل العالم الألفية الثالثة بفكر منفتح يسوده الأمن والسلام، وروح التواصل بين الأمم والشعوب[30].

وفي هذا ظل هذا الوضع الفكري والسياسي، برزت أطروحة أخرى عرفت بأطروحة (تعارف الحضارات) التي أبدعها المفكر السعودي زكي الميلاد[31] مقتبسًا إياها من قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾[32].

إن بعض التأملات المتأنيّة في هذه الآية الكريمة ستُوقفنا على كثير من المعاني العميقة المتضمَّنة في ثنياها، نذكر منها ما يأتي:

- فقوله تعالى: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ﴾، يشير إلى أن الناس جميعهم، يرجعون في جذورهم إلى أصل إنساني واحد.

- وقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ﴾، يؤكد على حقيقة اجتماعية، تقرّ بالتنوّع الإنساني، والتعدد العرقي.

لكن تنوّع الناس إلى شعوب وقبائل، ليس المقصود منه أن يتنازعوا ويتصارعوا، وإنما ﴿لِتَعَارَفُوا﴾.

لقد كان ظهور هذه النظرية ابتداء منذ سنة 1997م، حينما نشر الأستاذ زكي الميلاد دراسة حولها في مجلة الكلمة، ثم نُشِرت هذه الدراسة مجدّدًا في مجلة رسالة التقريب في طهران سنة 1999م، وفي السنة نفسها تمّ نشر كتاب (المسألة الحضارية).

وفي سنة 2000م، جرت نقاشات معمّقة حول هذه الأطروحة في ندوة عُقدت بدمشق بعنوان: (كيف ندخل سنة حوار الحضارات؟)، بعدها قدّم الأستاذ زكي الميلاد في سنة 2002م، ورقة بعنوان: (من حوار الحضارات إلى تعارف الحضارات) شارك بها في ندوة دولية كبرى عقدت في الرياض، وفي سنة 2006م نشر كتابه الشهير (تعارف الحضارات)، جمع فيه الكتابات التي كتبت حول هذه الأطروحة، من طرف باحثين من مصر وسوريا والعراق والمغرب والجزائر والسعودية، ومن بعدها توالت التطورات حول هذه الأطروحة وتجدّدت وتراكمت في جوانب عدة.

والمرتكزات التي تأسست عليها هذه الفكرة هي مرتكزات إسلامية بحتة، أما المقاصد التي تتغيَّا تحقيقها فهي مقاصد إنسانية؛ لأن السمة الكبرى للدعوة الإسلامية سمة إنسانية تراحمية لقوله تعالى مخاطبًا نبيه عليه الصلاة والسلام: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾[33].

وقد وردت في القرآن الكريم نصوص متعددة تؤكد على التنوع الثقافي، وتدعو إلى قيمه، بل وتؤصلها، من ذلك قوله تعالى: ﴿ومِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ﴾[34]، وقوله عز وجل: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾[35].

كما أن الإسلام أنكر نزعة المركزية المفرطة التي تريد أن تصب الإنسانية في قالب واحد منكرة على الآخرين حق التمايز والاختلاف، وذلك واضح في قوله تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾[36].

وبهذا برهنت الحضارة الإسلامية عبر تاريخها المجيد، على سمات التسامح والتراحم، فكانت بحق ثقافة إنسانية التأم فيها كل أنواع البشر على اختلاف ألوانهم وأديانهم وثقافتهم[37].

رابعًا: تعارف الحضارات والمعوّقات السياسية

إنه لمن الطريف حقًّا أن نجد تقاطعات مهمة بين نظرية التعارف الحضاري، ونظرية التواصل التي اشتهر بها المفكر الألماني يورغان هابرماس Jürge Habermas (1929-......).

فالتواصل في نظر هابرماس يعني تجاوز الذات، والعمل على الوصول إلى الآخر، وهذا ما تدعو إليه أطروحة تعارف الحضارات. لكن ما يلفت النظر أن النظرية التواصلية نالت من الحظوظ البحثية والإعلامية ما لم تنله النظرية التعارفية، لا أقل في العالمين العربي والإسلامي، مع أنها (أي التعارفية) ذات مضمون ديني وإنساني وأخلاقي يفوق ما عليه النظرية التواصلية بكثير[38].

ومهما يكن الأمر، فإن أطروحة التعارف تعطي الأولوية لما هو مشترك، لتؤسس هوية تشاركية في ظل احترام التنوع؛ لأن الكيانات الثقافية متعددة الهوية، والانحباس في أصل واحد سيؤدي ليس فقط إلى تخريب الثقافة، بل إلى أخطر الأصوليات على الإطلاق[39].

لكن وبالرغم من أن أطروحتي الحوار والتعارف وحتى التواصل تعدّ كلها من أنضج النظريات الحضارية المعاصرة، وأكثرها دعوة للانفتاح والتواصل بين الثقافات، إلا أن تحقيقها يكاد يكون متعذّرًا، على الأقل في ظل التعقيدات الحالية؛ لأن الغرب الغالب حضاريًّا، ليس على استعداد في أن يدخل في حوار متكافئ مع الحضارات الأخرى[40]، نظرًا لشعوره بالتفوق، ونظرًا لامتلاكه لكل الإمكانات العسكرية والاقتصادية والإعلامية والعلمية والتقنية، وإحساسه بحكم تركيبته النفسية، المبطَّنة بحبّ السيطرة، بأنه أرفع وأكبر من أن يحاور أو يتعارف أو يتواصل مع شعوب يعتبرها متخلّفة.

ثم إن الرغبة في الحوار أو التعارف، تستلزم قدرا من التقدم العلمي والتقني لكل أمة تنشد الانفتاح على الغرب، حتى يتمكن من مسايرته، وهي المشكلة التي تواجه شعوب العالم الثالث عامّة، والعرب على وجه الخصوص.

لقد ذهب الباحث المغربي إدريس هاني (1967-......) إلى أن الحوار ممكن مع غرب ما بعد الحداثة، لأنه يتميز باستهجانه لأنويته واستقباحه لمركزيته[41].

بيْد أننا لا نتفق مع هذا الطرح لاعتقادنا، ومن خلال قراءتنا للشهد السياسي العالمي، أنه حتى هذا الغرب المَبَاعْدَ حَدَاثِيِّ لم ينقل تنظيراته الفلسفية الداعية للحوار إلى الحقل السياسي، ومن ثم فهو لا يختلف عن الغرب الحداثي في هذا الشأن، بل ربما هو أشرس منه.

لذلك فما دام أن هناك فجوة سحيقة تفصل بين الأكاديميين المابعدحداثيين ونظرائهم السياسيين في الغرب، فإن الحوار الغربي مع غيره تعارفًا وتواصلًا، يظل بعيدًا عن الممارسات الواقعية، وإن كان حاضرًا بامتياز على المستوى الفكري.

وإن نظرة فاحصة للواقع السياسي، تثبت صعوبة مدّ جسور التعارف والحوار بين العرب والمسلمين مع الآخر الغربي بسبب ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية واللوبيات الصهيونية من ممارسات تنافي المبادئ الإنسانية، والمتمثل فيما يأتي:

1- تحكّمُ الولايات المتحدة الأمريكية في المؤسسات والمحافل والمنظمات الدولية، والتلاعب بمواثيقها وقوانينها وتفسيرها وتكييفها وفق مصالحها[42].

2- تحكّمها القوي في وسائل الإعلام والاتصال والدعاية والثقافة العالمية، وما يدور في فلكها من تكنولوجيات اتصالية ومعلوماتية وتوجيهها لمصالحها.

3- تغيير شكل وحدود الخارطة العالمية، ورسم معالم خارطة دولية جديدة، ولو بشن الحروب مباشرة.

هكذا يتضح لنا جليا أن الفكر الغربي الحداثي أو ما بعد الحداثي يُمارَس في الواقع سياسيًّا بشكل مخادع على الشعوب المستضعفة فارضا نفسه بالعنف المادي والرمزي[43]. وهذا ما أشار إليه المفكر المصري حسن حنفي (1935-......) من أن الغرب يسعى دائما للسيطرة على الآخر ولا يفكر في الحوار إطلاقًا، والدليل على ذلك محاولته إكساب مدنيته وثقافته وحضارته طابع العالمية، وتقديمها كبديل مرجعي وواقعي لتنظيم سائر شؤون الإنسانية، من خلال خطاب العولمة التي تعدّ أحد أشكال الهيمنة الغربية الجديدة[44].

هذا ولا بد أن نؤكد في هذا السياق على الدور الخطير الذي تقوم به المنظمات الصهيونية في رسم السياسات الغربية والأمريكية خاصة، من أجل خدمة المشروع الصهيوني وعلى رأسه إسرائيل، وذلك من خلال الشركات الرأسمالية، والهيئات المالية والإعلام، والمؤسسات العسكرية والسياسية، والدليل على ذلك نشاطات منظمة «الأيباك» AIPAC التي تعدّ القوة الأكثر تأثيرا في هذا المجال.

ومن ثمة فما دام حساب المصالح ومنطق القوة هما اللذان يحكمان العلاقات الدولية حاليًّا[45]، فإن قيمًا كالحوار أو التعارف ستصبح صعبة التحقيق إن لم نقل مستحيلة. بالإضافة إلى ما ذكرناه، لا بد أن نلفت الانتباه إلى أن تلك القيم ليست ترفًا زائدًا مخصصًا للمنتديات والمؤتمرات، بل عليها أن تتحوّل إلى حاجات أساسية تنطلق من داخل المجتمعات أولًا، ثم تنتقل بعد ذلك إلى الشعوب، والدول.

لهذا فإن من العبث التفكير في الحوار أو التعارف أو حتى التواصل بين الثقافات الخارجية (أي بين الأنا والآخر)، إن لم نحقق هذه المطالب أولًا داخل الثقافات والمجتمعات نفسها (أي بين الأنا والأنا).

الخاتمة

نصل في آخر دراستنا إلى أنه لا قيمة للحديث عن حوار الحضارات أو التعارف بينها، إن لم يسْعَ أتباع كل حضارة ودين إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة في أذهانهم عن الحضارات والثقافات الأخرى.

وإذا اعتبرنا نظرية التعارف معروفًا يجب على المسلمين القيام به تجاه الإنسانية، فإن الأقربين لهم أولى بهذا بالمعروف، وإلَّا كيف يتسنى لهم تحقيق التعارف والتحاور مع الآخر الغربي وغيره المختلف عنهم دينًا وثقافةً وتاريخًا ومصيرًا، وهم لم يجسدوا هذا المطلب في ما بينهم؟؟

إنهم مطالبون وفي هذا الوقت بالذات، بتمثّل قيم الإسلام التسامحية في يومياتهم، بحيث يتقبلوا اختلافاتهم المذهبية والسياسية والثقافية بصدور رحبة بعيدًا عن لغة التطرف وثقافة الإقصاء.

أما الآخر الغربي، فلا نعتقد أنه سيهتم بنجاح مشاريع كالحوار أو التعارف؛ لأن خلفيته الاستعمارية الاستعلائية، تمنعه من النزول إلى المستضعفين من شعوب الأرض والتحاور معهم، وهو وإن أقدم على التعرّف إلى غيره، فإنه لا يفعل ذلك من أجل تحقيق التعايش معهم أو احترام كرامتهم، بل من أجل اكتشاف ثغراتهم، ومعرفة مواطن ضعفهم، لتزداد سيطرته عليهم.

ومع ذلك فإن صوت عقلاء العالم من الغربيين أو من غيرهم، استطاع أن يواجه سماسرة السياسة العالمية، وينشر قدرًا من الوعي بأهمية القيم الحوارية والتعارفية مؤكدًا على أنها مطالب استراتيجية لا مناص منها للحفاظ على أمن الإنسانية جمعاء.

 

 

 



[1] صامويل فلبس هنتنغتون Samuel Phillips Huntington. ولد في 18 أبريل 1927 وتوفي في 24 ديسمبر 2008، أستاذ العلوم السياسية، اشتهر بتحليله للعلاقة بين العسكر والحكومة المدنية، وبحوثه في انقلابات الدول. في عام 1993، أشعل هنتنغتون نقاشًا مستعرًا حول العالم في العلاقات الدولية بنشره في مجلة فورين أفيرز (العلاقات الخارجية) مقالًا شديد الأهمية والتأثير بعنوان: «صراع الحضارات». المقالة تناقضت مع نظرية سياسية أخرى متعلقة بديناميكية السياسة الجغرافية بعد الحرب الباردة لصاحبها فرانسيس فوكوياما في كتابة «نهاية التاريخ». لاحقًا قام هنتنغتون بتوسيع مقالته إلى كتاب، صدر في 1996 للناشر سايمون وشوستر، بعنوان: «صراع الحضارات وإعادة صياغة النظام العالمي». المقالة والكتاب عرضا وجهة نظره أن صراعات ما بعد الحرب الباردة ستحدث أكثر وأعنف ما يكون على أسس ثقافية (غالبًا حضارية).

[2] صفاء عبد السلام جعفر، الحضارة الغربية الحديثة بين النشأة والتدهور (رؤية نقدية في فلسفة الحضارة من القرن التاسع عشر إلى القرن العشرين، عصر الأيديولوجيات بين النشأة والانهيار)، الإسكندرية: دار الثقافة العلمية، 1998م، ص133.

[3] زكي الميلاد، تعارف الحضارات الفكرة، والخبرة والتأسيس، مجلة الحوار الثقافي، جامعة مستغانم – الجزائر، مخبر حوار الحضارات (التنوع الثقافي وفلسفة السلم)، ص10.

[4] محمد عابد الجابري، قضايا في الفكر المعاصر، بيروت – لبنان: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 1997م، ص 99.

[5] صامويل هنتنغتون، صدام الحضارات إعادة صنع النظام العالمي، ص 335.

[6] زكي الميلاد، المسألة الحضارية كيف نبتكر مستقبلنا في عالم متغير؟، ص ص 61 – 64، (بتصرف).

[7] «المهدي المنجرة» (1933م - 2014م) اقتصادي وعالم اجتماع مغربي مختص في الدراسات المستقبلية، يعتبر أحد أكبر المراجع العربية والدولية في القضايا السياسية والعلاقات الدولية والدراسات المستقبلية. عمل مستشارًا أولًا في الوفد الدائم للمغرب بهيئة الأمم المتحدة، وأستاذًا محاضرًا وباحثًا بمركز الدراسات التابع لجامعة لندن. اختير للتدريس في عدة جامعات دولية، وشغل باليونسكو مناصب قيادية عديدة، هو خبير خاص للأمم المتحدة للسنة الدولية للمعاقين، وعيّن مستشار مدير مكتب العلاقات بين الحكومات للمعلومات بروما،كما عيّن مستشار الأمين العام للأمم المتحدة لمحاربة استهلاك المخدرات. كما أسهم في تأسيس أول أكاديمية لعلم المستقبليات، وترأس الاتحاد العالمي للدراسات المستقبلية. وكان عضو في أكاديمية المملكة المغربية، والأكاديمية الإفريقية للعلوم والأكاديمية العالمية للفنون والآداب، وتولى رئاسة لجان وضع مخططات تعليمية لعدة دول أوروبية، وألّف المهدي المنجرة العديد من الدراسات في العلوم الاقتصادية والسوسيولوجيا وقضايا التنمية، أبرزها «نظام الأمم المتحدة» و«من المهد إلى اللحد» و«الحرب الحضارية الأولى» والإهانة في عهد الميغا إمبريالية.

[8] زنفور قدور، مقالة: صدام الحضارات، [http://www.djazairnews.info]، الاثنين 08 يوليو 2013، الساعة 02 :00

[9] باري بوزان: الكاتب والصحفي المرموق وأستاذ الدراسات الدورية بجامعة «وورويك» البريطانية.

[10] زكي الميلاد، تعارف الحضارات الفكرة، والخبرة والتأسيس، مجلة الحوار الثقافي، جامعة مستغانم – الجزائر، مخبر حوار الحضارات (التنوع الثقافي وفلسفة السلم)، ص ص 10 - 11

[11] برنارد لويس أستاذ تاريخ الشرق الأدنى في جامعة برينستون إحدى أهم الجامعات الأمريكية السبع.

[12] زكي الميلاد، تعارف الحضارات الفكرة، والخبرة والتأسيس، مجلة الحوار الثقافي، جامعة مستغانم – الجزائر، مخبر حوار الحضارات (التنوع الثقافي وفلسفة السلم)، ص11.

[13] Michnik (Adam), La foi et la raison, un oecuménisme nécessaire, Le Courrier de L’Unesco, décembre 1994 p. 19.

[14] Jonas (Hans), le principe responsabilité: Une éthique pour la civilisation technologique, CERF, Paris; 1992, p. 30 - 31.

[15]Touraine (Alain), Pourrons nous vivre ensemble?, Fayard, Paris, 1997, p.2.

[16] الدكتور هانز كونج Hans Küng ولد بتاريخ 19-03-1922 في سورزيه (Sursee) في مقاطعة لوتسرن في سويسرا، وهو لاهوتي كاثوليكي سويسري، وحتى عام 2013 كان كونج رئيس الجمعية التي أنشأها «مؤسسة الأخلاق العالمية». توصَّل إلى أن الإسلام هو دين سماوي حقيقي، وأن محمدًا نبي حقيقي بمعنى الكلمة» انظر: شوقي أبو خليل، الإسلام نهر يبحث عن مجرى، دمشق: دار الفكر، ط1، 1996 ص15

[17] طه عبد الرحمن، سؤال العمل، الدار البيضاء، المغرب: المركز الثقافي العربي، ط1، 2012، ص ص 112 - 113

[18] Kung (Hans), Projet d›éthique planétaire, la paix mondiale par la paix entre les religions, Seuil, Paris, 1991.

[19] Hans Küng, Karl Josef Kuschel, Manifeste pour une éthique planétaire, Parlement des religions du monde, Cerf, Paris, 1995.

[20] انظر: طه عبدالرحمن، سؤال العمل، الدار البيضاء، المغرب: المركز الثقافي الغربي، ط1، 2012، ص ص 117 - 118.

[21] المرجع نفسه، الصفحات من 123 إلى140.

[22] المرجع نفسه، ص 138.

[23] محمد إبراهيم الفيومي، إشكالية التحدي الحضاري بين الإسلام والغرب ثقافة إزدراء وحوار مفقود وعولمة استيلاء، ط1، القاهرة: دار الفكر العربي، 2006م، ص 53.

[24] عبد العزيز بن عثمان التويجري، الحوار بين الحضارات ضرورة للعيش المشترك بين الشعوب ولدعم السلام العالمي، جريدة الجديد (يومية وطنية شاملة)، الجزائر، العدد: 973، الأربعاء 28 يناير 2015م، ص 9.

[25] حسن حنفي ومحمد عابد الجابري، حوار المشرق والمغرب إعادة بناء الفكر القومي العربي، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، 1990 م، ص 8.

[26] زكي الميلاد، تعارف الحضارات الفكرة والخبرة والتأسيس، مجلة الحوار الثقافي، جامعة مستغانم – الجزائر، مخبر حوار الحضارات (التنوع الثقافي وفلسفة السلم)، 2013 م، ص ص (6 - 8).

[27] روجيه غارودي، حوار الحضارات، ترجمة: عادل العوا، بيروت: منشورات عويدات، 1987م، الصفحات1، 8، 9.

[28] محمد عثمان الخشت، روجيه غارودي لماذا أسلمت؟ نصف قرن من البحث عن الحقيقة، القاهرة: مكتبة القرآن للطبع والنشر والتوزيع، 1986م، ص ص 58 - 59.

[29] محمد خاتمي: من مواليد أردكان يزد – إيران، عام 1943م، في أصفهان نال فيها إجازة في الفلسفة من جامعتها، وحصل على درجة الماجستير في التربية من جامعة طهران، تولى رئاسة المركز الإسلامي في هامبورغ، ثم انتخب عضوًا في مجلس الشورى الإسلامي، ثم تولى وزارة الثقافة والإعلام، وانتخب في الرابع والعشرين من أيار 1997م رئيسًا لإيران، له العشرات من الكتب والأبحاث والدراسات.

[30] زكي الميلاد، تعارف الحضارات الفكرة والخبرة والتأسيس، مصدر سابق، ص ص 12 - 13.

[31] زكي الميلاد: من مواليد سنة 1965م، محافظة القطيف، شرق المملكة العربية السعودية، متخصص في الدراسات الإسلامية، وباحث في الفكر الإسلامي والإسلاميات المعاصرة، رئيس تحرير مجلة الكلمة، فصلية فكرية تصدر من بيروت، له العديد من الكتابات والمؤلفات.

[32] الحجرات: 13.

[33] الأنبياء: 107.

[34] الروم: 22.

[35] هود: 118-119.

[36] المائدة: 48.

[37] سعيد بن سعيد العلوي، من أجل تعارف إيجابي للحضارات المركزية الفكرية الغربية في ميزان النقد، ضمن كتاب: تعارف الحضارات، مكتبة الإسكندرية، 2014م، ص143. وكذا عبد الله فراج الشريف، الانفتاح على الآخر رؤية وواقع، مجلة الكلمة، العدد 52، بيروت، لبنان السنة الثالثة عشرة، صيف 2006م/ 1427هـ، ص32.

[38] زكي الميلاد، تعارف الحضارات وفكرة التواصل عند هابرماس، صحيفة عكاظ، يومية سعودية، الأربعاء 19/01/1433.هـ، 14 ديسمبر 2011 م.

[39] Goytisolo (Juan), «Que peut la litterature?», Le Monde Diplomatique, Novembre 1999, p.28.

[40] زكي الميلاد، تعارف الحضارات، رسالة التقريب، طهران: المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب، [http://iranarab.com/Default.asp]، 38 : 00، 27/ 03 /2015.

[41] إدريس هاني، الحلقة المفقود ما قبل تعارف الحضارات، مجلة الكلمة، محلة فصلية تعنى بشؤون الفكر الإسلامي، العدد 23، السنة السادسة، ربيع 1999م - 1420هـ.

[42] انظر: إدريس هاني، الثقافة الإسلامية والعولمة أي مستقبل؟، مجلة الكلمة، عدد 22، السنة السادسة، 1999م/ 1420هـ، ص 137 و138، بتصرف.

[43] عبد الإله بلقزيز، العرب والحداثة كونية الحداثة ونسبيتها، ملتقى بدمشق بعنوان: العولمة والحداثة، عقد بالتعاون مع وزارة الثقافة السورية،21 -23 أيلول (سبتمبر) 2003م.

[44] حسن حنفي، الثقافة العربية بين العولمة والخصوصية: الإشكال النظري، دمشق، ملتقى: العولمة والحداثة، مصدر سابق.

[45] إدغار موران، الصفح مقاومة لبشاعة العالم، ضمن كتاب المصالحة والتسامح وسياسات الذاكرة، ترجمة: حسن العمراني، المغرب: دار توقبال للنشر، 2005، ص40 وص 142.