شعار الموقع

من أزمة العقلانية إلى الافق الجمالي

كمال بومنير 2019-05-27
عدد القراءات « 891 »

من أزمة العقلانية إلى الأفُق الجمالي..

قراءة في أعمال أدورنو، بنيامين وماركوز

الدكتور كمال بومنير*

* أستاذ محاضر بجامعة الجزائر 2. الجزائر.

 

 

يعتبر البُعد الجمالي بعداً أساسيًّا ومركزيًّا بالنسبة إلى مفكري النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت، وخاصة بالنسبة إلى ثيودور أدورنو (Theodor Adorno) وفلتر بنيامين (Walter Benjamin) وهربرت ماركوز(Herbert Marcuse). لقد اهتم هؤلاء المفكرون بالفن والجمالية قصد الخروج من الأزمة التي عرفتها المجتمعات المعاصرة في ظل تحكم كلي للعقلانية الأداتية أو التكنولوجية، وحل تناقضات الحداثة وإشكالاتها، حيث تحوّلت هذه العقلانية في هذه المجتمعات إلى أداة مضادة للتحرّر الإنساني، والتقدم إلى ارتكاس وتقهقر، والسعادة إلى شقاء وتمزق، والعقل إلى اللاعقل.

لكن إلى أي مدى يستطيع الفن أو الجمالية تقويض هذه العقلانية، وهل باستطاعته الإسهام في تحقيق وضع إنساني يتجاوز انسداد أفق الحداثة في صورتها العقلانية الأداتية؟

لقد سلك هؤلاء المفكرون الثلاثة وجهات نظر متباينة أحياناً، وقد نجد فوارق أساسية فيما بينهم فيما يتعلق بتحليل القضايا والمسائل الجمالية والفنية، ولكنها كانت متقاربة في كثير من الأحيان،و هذا بحكم انتمائهم الفلسفي المشترك، أي إلى مدرسة فرانكفورت النقدية[1]. وهي مدرسة فلسفية تضمنت نواة فكرية واحدة واستلهمت تراثاً فلسفيًّا مشتركاً (الكانطية،الهيغيلية، الماركسية، الفرويدية، إلخ).

-1-
ثيودور أدورنو[2]: من العقلانية الأداتية إلى النظرية الجمالية

تمثل الجمالية في منظور أدورنو بُعداً مركزيًّا في الفكر الفلسفي المعاصر، باعتبارها منبع احتجاج وأداة للانفلات من العقلانية الأداتية التي تكرس السيطرة الكلية والهيمنة على الناس بصورة شاملة من خلال المؤسسات الاقتصادية والسياسية والإدارية والإعلامية التي تشبه آلات هائلة يحاول الناس أن يكيفوا أنفسهم معها، ولهذا يمثل الفن عنده خلاصاً من هذا الوضع المأسوي الذي يعيشه هؤلاء الناس، بل أصبح الفن هو البعد الوحيد الذي يمكنه إنقاذهم ونقلهم إلى وضع إنساني جديد مغاير لما هو قائم في مقابل العقلانية الأداتية. يؤكد الفن التفرد والاختلاف والتميز، وبواعثه منوطة بعوامل أو شروط ذاتية، لكن هذا لا يعني انكفاء الفنان على ذاته فيقتصر عليها بل يسمو عالياً ويستجيب للحياة الاجتماعية؛ لأن الجمالية كلحظة نقدية تضمن قيام نقد لوضع لوظيفة الفن من داخل المجتمع نفسه، وكمجال للتعبير عن التناقضات الاجتماعية القائمة[3] فيعطيها معناها لا من خلال وصف الواقع الاجتماعي؛ لأن الفن حسب أدورنو لا يتصل اتصالاً مباشراً بهذا الواقع على نحو ما تفعل العقلانية الأداتية، وتباعده عن الواقع هو الذي يكسبه قوته النقدية وقدرته على التجاوز، ولهذا يجب أن ننطلق من الشكل الجمالي بدلاً من أن ننطلق من الواقع؛ لأنه بإمكان أن يعيد الفن صياغة العالم على نحو مغاير تماماً لما هو موجود، ويظهر المضمون المباشر في أسلوب العمل الفني وبناء منطقه الداخلي، ولذلك فالفن حين يتجاوز الواقع المباشر فإنه يحطم العلاقات المشيّئة للعلاقات الاجتماعية القائمة ويفتح بعداً جديداً للتجربة الإنسانية، وهو بعد التمرد الذاتي على ما هو متاح، ويبدو كإمكانية جديدة للوجود الإنساني[4].

وبهذا المعنى فإن العمل الفني أو الجمالي يعبر عمَّا هو ذاتي من خلال تباعده للواقع الاجتماعي، لكن من دون أن ينفصل عنه، وهذا ما يؤكده أدورنو بقوله: «إن الطابع الاجتماعي للفن يتمثل في حركته الداخلية ضد المجتمع. وليس أي بيان واضح بخصوص ذلك المجتمع والإيماءة التاريخية تقاوم الواقع القائم، رغم أن الأعمال الفنية هي في حقيقة الأمر جزء من ذلك الواقع»[5].

إنّ الفن –حسب أدورنو- ليس كياناً متعالياً، إذ تنطبع في جسد العمل الفني تلك الافتراضات البديهية المسلَّم بها في ظروف تاريخية محددة. غير أنّ أدورنو كان يعتقد أيضاً، وبخلاف معظم الماركسيين (الأرثوذوكسيين)، أنّ العمل الأصلي يبدي علائم الاستقلال من حيث قدرته على تخطي الشروط التي أنتجته، ومن حيث طريقته الفريدة في كشف حقيقة تلك الشروط. فلا شك أنّ الفن الأصيل المستقل نتاج مجتمع معيّن، لكنه ليس ذلك وحسب. وعلاوة على هذا، فإنّ كشف تلك الشروط ينطوي، ولو بصورة سلبية، على إمكانية تصوّر واقع بديل، فالفن المستقل Autonome يتسم بصفة هدامة تتحدى الوضع القائم، بخلاف المنتجات التي تكتفي بالتعبير عن هذا الوضع القائم وتعززه[6].

غير أن الشكل الفني -حسب أدورنو- ليس مجرد قوة ابتكار ذاتية أو بحث عن أسلوب ما، أي لا يمكن اختزاله في الطابع الذاتي الذي يخلق أو يبدع الآثار الفنية مثلما هو عليه الحال في الجمالية الكانطية باعتبارها جمالية ذاتية بحكم أن الذات نفسها هي شرط إمكان قيام الجمالية نفسها. إن الشكل -حسب أدورنو- هو تحويل للمضمون نفسه، ولهذا لا يكون العمل الفني حقيقيًّا أو أصيلاً بحكم مضمونه أو اشتماله على تمثيل «صحيح» لما هو قائم، وإنما لأن المضمون يتم تحويله إلى شكل، ولهذا يتمتع العمل الفني بمقتضى شكله بقدر واسع من الاستقلالية التي يتمتع بها والتي لا تنتج «وعياً زائفاً» أو مجرد وهم، بل ينتج بالأحرى وعياً نقديًّا أو -على حد تعبير أدورنو- يمثل الفن احتجاجاً ضد وضع اجتماعي يعتبره كل فرد معادياً، غريباً، بارداً، خانقاً (...)، ومن خلال هذا الاحتجاج يعبر الفن عن الحلم بعالم يمكن أن يكون مغايراً عمَّا هو سائد[7].

وبهذا المعنى يكون الفن مضادًّا للامتثال للواقع الزائف، لأن الفن -كما قلنا- يعارض ويناقض، كما أنه يبدع أنماطاً جديدة من الحياة الاجتماعية، ويتيح للإنسان التطلع إلى آفاق جديدة في محاولة مواجهة ما هو قائم. والشكل الفني هو الذي يحمل معنى هنا وليس المضمون، ولهذا لا يجب الحكم على عمل فني ما من خلال مضمونه وإنما من خلال الشكل الذي يستطيع أن يعبّر عن واقع مليء بالتناقضات، وكشف النقاب عن الوجه الحقيقي للعقلانية الأداتية التي أفرزت أشكال السيطرة والقمع والهيمنة التي أحكمت قبضتها على الإنسان المعاصر.

ولهذا يجب على هذا العمل أن يقصد تحقيق استقلالية الفن، غير أنّ هذه الاستقلالية لا تعني –في منظور أدورنو- انغلاق الفن على ذاته وابتعاده عن الواقع الاجتماعي والسياسي والتاريخي، وإنما تعني عدم تبعيته لآليات «الصناعة الثقافية» التي حولت الفن إلى سلعة ظاهرة التناقض. فهي تخضع كليًّا لقانون التبادل مع أنه لا يمكن تبادلها بحد ذاتها؛ فهي تخضع كليًّا لقانون التبادل مع أنه لا يمكن تبادلها بحد ذاتها؛ إنها سلعة تذوب بشكل أعمى في الاستهلاك رغم عدم قابليتها لذلك. أما الدوافع فهي اقتصادية في العمق. صحيح أنّه يمكن العيش دون هذه الصناعة الثقافية التي لا تقدر سوى أن تخلق مزيداً من الإشباع والفتور عند المستهلكين، إلَّا أنه ليس بمقدورها أن تفعل من نفسها شيئاً تجاه هذا التطور»[8].

تمنح الاستقلالية للفن قوته السلبية، وبفضلها يفجّر من الداخل ما تحاول العقلانية الأداتية فرضه من الخارج، فلا يقاس «الطابع النقدي للفن» بما يحمله من مضمون، وما يحتوي عليه من موعظة سياسية أو أيديولوجية أو دينية، بقدر ما يحفل به من جدة في الأشكال. فمهما كانت الغايات سامية فإنها لا تجعل منه فنًّا عظيماً، بل قد ينقلب الفن الملتزم إلى ضده ونقيضه، أي إلى خدمة الأيديولوجيا القائمة، والاندماج في الوضع القائم. لا يكون الفن نقديًّا بمضمونه، بل بالثورة التي يحدثها في الشكل: حيث يمكن أن يكون الفن الملتزم محافظ النزعة بينما الفن المجرد أكثر نقدية»[9].

غير أنّ الأعمال الفنية –حسب أدورنو- لا تنتقد الواقع القائم بتصويره في صورة واقعية، مستغلة بذلك الصور أو مضامينها، وفق متطلبات الفن التشبيهي. كما يرفض أدورنو الأعمال التي تدّعي التعبير عن مضمون سياسي محدّد، أو تدعو إلى تسييس العمل الفني مثلما دعت إلى ذلك الماركسية الأرثوذوكسية من خلال ما يسمى بـ«الواقعية الاشتراكية»، ونظرية الانعكاس التي عملت على إدماج الفن في المجتمع وإفراغه من أبعاده النقدية و«التجاوزية». يقول أدورنو: «إنّ الانتقال إلى أسبقية الشكل المشفّر من قبل الجميل قد تختزل إثر ذلك إلى ما يسمى بالنزعة الشكلية، وإلى مطابقة الموضوع الجمالي مع التحديدات الذاتية الأكثر عمومية، التي يعاني منها مفهوم الجميل، ولا داعي هنا من معارضة هذا الجميل من الناحية الشكلية بالطبيعة المادية، لذلك كان من اللازم فهم المبدأ على ما سيكون من خلال حيويته، ومن ثمة من خلال مضمونه. إن صورة الجميل، وهي صورة متميزة، تظهر إثر التحرّر من الخوف أمام «الكلية» الساحقة ومع كثافة الطبيعة. وبهذا المعنى، تم انقاد الشعور بالرعب أمام الطبيعة، بواسطة مفهوم الجميل الذي تم إدماجه بمقتضى لا منفذيته أو انغلاقه أمام الموجود المباشر، وكذا من خلال وجود منطقة يتعذر بلوغها. إن الأعمال الفنية تأخذ طابعاً جميلاً حينما تعارض الوجود الخالص»[10].

وهكذا، فإنّ العمل الفني حسب أدورنو هو استحضار ما لم يتعدد بعد، وبهذه القدرة فهو يشكل قطيعة مع ما هو موجود أو قائم، أما ما يتم استحضاره في هذا العمل هو البُعد التحررّي الذي يعيد خلق الواقع بدل أن يكون مغترباً عنه. والحقيقة التي يصطنعها الفن هي الحقيقة الأكثر أهمية بالنسبة لوضع الإنسان ولحريته وسعادته من الحقيقة الموضوعية التي تدعيها العقلانية الأداتية، لأن الفن هو المجال الوحيد الذي يمكنه مواجهة أو مقاومة هيمنة هذه العقلانية وطغيانها، فهو يخلق حقيقة تتباعد فعلاً عن الواقع وتتجاوزه كما قلنا سابقاً، وهذا ما يظهر بجلاء في الأعمال الفنية ولهذا يرى أدورنو أن الأعمال الفنية والجمالية، وخاصة الطليعية منها، وهي الأعمال التي عرفت في الأدب والرسم والموسيقي وغيرها من الفنون التي شهدت نشاطاً كبيراً في بداية القرن العشرين وخاصة أثناء الأزمات الكبرى التي عرفه العالم الغربي، كالحربين العالميتين والأزمات السياسية والاقتصادية والفكرية والروحية.

ضمن هذا السياق، ظهرت المدارس الفنية والجمالية الطليعية، كالدادئية والسريالية والتكعيبية في مجال الرسم، أما في المجال الموسيقي فقد نجد أعمالاً ناقدة وثائرة على الوضع القائم. لذلك فإنّ الفن المستقل، كفن شونبرغ، ينقض الوضع القائم ويقدم بذلك نوعاً أصيلاً من الممارسة، وإن تكن ممارسة مختلفة تماماً عن التصورات الأداتية المألوفة[11].

وهكذا، فإن الفن الحقيقي في نظر أدورنو هو ذلك البُعد الذي لا يخضع لقوانين وقواعد الواقع القائم بحيث يبقى محتفظاً باستقلاله وبمنطقه الداخلي الخاص وبقدرته النقدية.

-2-
فلتر بنيامين[12]: مكانة الجمالية في عصر الاستنساخ التقني

إنّ ما يميّز العمل الفني حسب بنيامين هو أنّ الفن يحمل دائماً حقيقة ما. وهذه الفكرة تقترب كثيراً من نظرة هيغل للفن بخصوص دور الفن في إظهار الحقيقة وفي تمثيل «الفكرة»، وذلك لأن هذه الأخيرة –كما يقول هيغل في كتابه الجمالية - تفصح عن نفسها وفق هذا المنظور بوصفها تجليًا حسيًّا جماليًّا،و بالتالي فالفن يشارك في إجلاء الحقيقة بصورة حسية»[13]. لذلك كان للفن مكانة مركزية، لأنه يمثل ذلك البُعد الذي تنكشف فيه الحقيقة.

لا شك في أنّ بنيامين استفاد من فلسفة هيغل فيما يخص طبيعة العلاقة القائمة بين الفن والحقيقة، غير أنّه أكد أيضاً أن الحقيقة لا تنفصل عن الوضع التاريخي والاجتماعي الذي يعيشه الإنسان، وهذا بحكم تأثره بالماركسية، ولذلك كان من اللازم أن يتوجه الفن في رأيه إلى تغيير هذا الوضع، في ظل وقع التغييرات التي تعتري المجتمعات الإنسانية، وفي ظل تحكم وتوجيه المنظومة الاقتصادية الرأسمالية التي استقوت بالتقنية الجديدة التي أثرت دون شك أيضاً في طبيعة العمل الفني نفسه.

لقد بيّن بنيامين كيف تأثرت الأعمال الفنية بالوسائل التقنية الجديدة بعد التحولات الكبيرة التي شهدتها الحداثة التقنية، وخاصة بعد ظهور وانتشار التصوير الفوتوغرافي والسينما في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وهي وسائل أثّرت كثيراً في طبيعة العمل الفني نفسه، كمفهوم العبق Aura على وجه الخصوص. ضمن هذا السياق يقول بنيامين معرّفاً العبق: «إنه الظاهرة المتفردة بقيام مسافة تفصل بيننا وبين الشيء، مهما قصرت»[14].

إنّ العبق هو أيضاً ما يميّز العمل الفني الذي يغلفه نوع من القداسة أو الهالة المرتبطة بفعل تفرده، وخاصة حينما ننظر إليه من حيث تشكله وتكونّه التاريخي، عندما كان العمل الفني في خدمة التقاليد والطقوس الدينية في العصور القديمة والوسيطة. هذا، ونحن نعلم بأن الأعمال الفنية والجمالية الأكثر قدماً قد تبلورت خدمة للأغراض السحرية في بداية الأمر ثم الدينية لاحقًّا، كانت القيمة المتفردة لهذه الأعمال الأصيلة تجد أساسها في الطقوس المصاحبة لها، غير أنه بدءاً من عصر النهضة الأوروبية، تعرض الفن لاضمحلال العبق الذي ميز الأعمال الفنية والجمالية، حتى اندثر كليًّا في العصر الحديث، وخاصة مع ظهور وسائل وأدوات الاستنساخ التقني أو الآلي، كالتصوير الفوتوغرافي والسينما.

إنّ الاستنساخ التقني قد سمح للعمل الفني من الابتعاد عن الطابع الديني والطقوسي الذي ميزه في الماضي لصالح الوظيفة الاجتماعية والسياسية التي يمكن بل يجب أن يقوم بها في ظل الشروط التاريخية والاجتماعية التي يعيشها الناس اليوم قصد تجاوز تناقضات المجتمع؛ لأن الفن يكشف –حسب بنيامين- هذه التناقضات لكي يدفع المجتمع إلى تغيير وضعه وتاريخه، ومن هنا يصبح للفن مكانة ودور في الواقع، ولا يقتصر دوره في التعبير عن الوضع القائم وتبريره. «ففي اللحظة التي يبطل تطبيق معيار «الأصالة» على العمل الفني تنقلب وظيفة الفن رأساً على عقب. فبدل أن تنطلق هذه الوظيفة من الشعائر فإنها تعتمد على شكل آخر من الممارسات السياسية»[15].

إنّ وسائل الاستنساخ الجديدة التي ظهرت نتيجةً للتطور التقني -كما قلنا سابقاً– قد لعبت دوراً كبيراً في تغيير وظيفة الفن نفسه، ففي الماضي كانت قيمة الأعمال الفنية تتحدد من خلال «عبقها» أو في مدى تضمنها لهذا العبق وفي «تفردها» أيضاً، لذلك كان الفن نخبويًّا وخاصًّا بفئة المثقفين، غير أن التطور التقني وتأثيره في الحقل الفني، «قضت قضاء تامًّا على هذا الشعور شبه المقدس بالفنون، وتركت أعمق الأثر على موقف الفنان من هذا الإنتاج، ذلك لأن استنساخ الأعمال الفنية بأدوات قد صُممت بالفعل لكي تكون قابلة للاستنساخ»[16]، أدى ذلك، في آخر المطاف، إلى انتشار وشيوع الأعمال الفنية في الأوساط الثقافية الجماهيرية، ولم تعد حكراً على نخبة أو صفوة مثقفة ومتذوقة لوحدها لهذه الأعمال، فالحفل الموسيقي الذي كانت تتمتع به النخبة فقط يمكن أن يسمعه أو يشاهده الملايين من الناس عبر شاشات التلفزيون أو السينما أو باستعمال أسطوانة أو قرص مضغوط.

إنّ السينما –حسب بنيامين- هو النموذج الأكثر دلالة على التحوّل الذي عرفته الأساليب المختلفة للاستنساخ الآلي للعمل الفني الذي ميّز عصرنا هذا، لأنّ «الصورة التي تقدمها السينما أكثر دلالة بالنسبة للإنسان المعاصر من تلك التي يقدمها له الرسّام، والسبب في ذلك هو أنّ السينما تستطيع بفعل تشبع الواقع بالآلات الميكانيكية تقديم جانب من الواقع خالٍ من أية آلة. وهو ما يحق للفرد أن يتطلب من العمل الفني»[17].

بهذا المعنى تعتبر السينما الشكل الفني الأكثر تطوراً في الحقبة المعاصرة، والأكثر ارتباطاً بالوسائل التقنية، وقد عبّر بنيامين عن ذلك قائلاً: «لقد كانت مهمة من مهام الفن البعيدة إثارة تطلعات لا يمكن إشباعها إلَّا في المستقبل. يكشف لنا تاريخ كل شكل من الأشكال الفنية عن لحظات حرجة يتطلع فيها الشكل الفني إلى إبداع مؤثرات جديدة لم يكن من الممكن التوصل إليها إلَّا بتطوير المستوى التقني، أي شكل فني جديد»[18].

ولا ينبغي أنّ نقلل من أهمية السينما بسبب ارتباطها بهذه الشروط؛ «لأنّ الخصائص المميزة للفيلم في الطريقة التي يظهر بها الإنسان أمام الأجهزة فحسب، ولكنها تكمن أيضاً في الطريقة التي يتمثل بها العالم الذي يحيط به. لقد مكنتنا السينما من فهم أفضل للضرورات التي تسود حياتنا من خلال التصوير عن قرب للأشياء التي تحيط بنا، والتركيز على تفاصيل خفية للأشياء المألوفة، واستكشاف أماكن عادية تحت إرشاد الكاميرا العبقري. لأنّ ما يُعرض أمامنا في الفيلم السينمائي هو عالمنا. وجمهور السينما يشاهد الأفلام بدرجة معينة من عدم الانتباه والاهتمام تجعله يتقبّل الابتكار أو التجديد البصري الثوري. ففي حين كانت ردود أفعال الكثيرين سلبية على اللوحات المجزَّأة التي رسمها بيكاسو، فإنّ هؤلاء تقبلوا التشظّي البصري في أفلام شارلي شابلن واعتبروه تقدميًّا ومثقّفاً.

وما يهم بنيامين هو التغيّر في الموقف السياسي الذي ينبع من هذه التغيّرات المادية/الثقافية. وهو تغيّر قد يتجلى مباشرة على صورة موقف مختلف من قضايا سياسية معينة وقد لا يتجلى، إلَّا أنّه يمثّل تحولاً دقيقاً باتجاه رؤية للعالم أكثر ديمقراطية لا رجعة عنها[19].

تكمن أهمية السينما أيضاً في قدرتها على التأثير في وعي الجماهير أو الشعب، والتحكم في انفعالات وخيال ومشاعر المشاهدين أكثر من أي فن آخر، سواء تصويراً أو رسماً أو مسرحاً، وهذا التأثير الذي تمارسه السينما يتم من خلال تلك الصورة والضوء والديكور والموسيقى التي يتم تركيبها قصد تمرير رسائل سياسية قصد تجنيدها وتعبئتها، وهنا تكمن وظيفتها السياسية، «إنّ من أصعب المهام التي يقع على عاتق الفن معالجتها هي تعبئة الجماهير، وهو ما يفعله الفن اليوم من خلال السينما»[20].

غير أنّ لأدورنو وجهة نظر بهذا الصدد تختلف جذريًّا عن موقف بنيامين، خاصة ما يتعلق بالتقنية وطرق إعادة الإنتاج أو الاستنساخ الآلي (التقني)، لذلك وجّه أدورنو انتقادات كثيرة لبنيامين بخصوص هذه المسألة، فحينما ينظر أدورنو إلى التقنية وانتشارها (عن طريق الاستنساخ الآلي) في المجتمع الجماهيري الحديث على أنها تُمثل اتجاهاً نحو مجتمع إنساني مضاد لهمجية النظام الرأسمالي، وعلى أنها تحمل طاقات تحررية، وأنها تجعل من الفن الحديث فنًّا جماهيريًّا يتناقض مع الامتيازات والتراتبيات القمعية التي يغرسها النظام الرأسمالي وتجعله من ثم فنًّا سياسيًّا وثوريًّا، فإنّ أدورنو يبدي تشاؤماً في مقولة الفن الجماهيري أو ما يسمى «الثقافة الجماهيرية». فبدل أن تحمل التقنية للفن هذه الطاقة التحررية تسلبه منها، وتجعل من الصناعة الثقافية خداعاً جماعيًّا[21].

إنّ ما يميّز الأعمال الفنية في عصر سيطرة التقنية هو الطريقة التي يتم نقلها ونشرها على المستوى الجماهيري، بحيث أصبح الطابع التجاري والربح المادي أمراً أساسيًّا، بل يمثل في كثير من الأحيان كل شيء، فتحولت هذه الأعمال نفسها إلى سلع تباع وتشترى وتفرض محتوياتها على الناس من خلال عمليات الاستهلاك الواسعة، فيتحول هؤلاء الناس إلى متلقين سلبيين للأعمال الفنية، دون أن يكون لهم من الحصافة إلى ما يدفعهم إلى اتخاذ موقف نقدي لما يُقدم لهم أو يُعرض عليهم من أعمال، وخاصة الأعمال السينمائية، كما أشرنا إلى ذلك من قبل.

-3-
هربرت ماركوز[22]: الجمالية كأفق للتحرّر الإنساني

لم يكن اهتمام ماركوز بالجمالية والفن منفصلاً عن فلسفته النقدية، وخاصة بنقده الراديكالي لما يسمى بالعقلانية التكنولوجية أو التقنية التي ارتكزت على آليات جديدة للتحكم الأداتي في الإنسان المعاصر في المجتمعات المتقدمة علميًّا وتكنولوجيًّا، وهذا على الرغم أن هذه المجتمعات توجد فيها كل الإمكانات والشروط التي تسمح بتحقيق حرية وسعادة الإنسان، لكن المفارقة أنّ ما تعرفه هذه المجتمعات هو على العكس من ذلك تماماً: ازدياد القمع والسيطرة بأشكال وصور جديدة لم تعرفها الإنسانية من قبل، وما هو جديد في نوع السيطرة التي يعانيها الإنسان اليوم، أنها شاملة وكلية، فهي تمس كل أبعاده النفسية والعقلية والجسمية والاجتماعية، بحيث أصبح مندمجاً ومتكيفاً مع الوضع القائم ومؤسساته الاقتصادية والسياسية، التي لم تعد تسمح له بأن يحتفظ لنفسه حتى ببعده الداخلي، أي بحياته النفسية والعاطفية والعقلية الخاصة، أو على الأقل بحرية إراداته. لقد «ابتلعت» هذه المؤسسات الإنسان بأكمله.

وهذا ما دفع ماركوز إلى القول بأن البُعد الجمالي «الإستيطقي» يمثل بُعد تحرّر وانعتاق الإنسان المعاصر، ضمن هذا السياق كانت الجمالية خلاصاً من العقلانية التكنولوجية التي أحكمت قبضتها على الإنسان المعاصر وهيمنت على أبعاده الداخلية والخارجية.

وفي مواجهة ماركوز النزعة إلى السيطرة التي أصبحت تلازم هذه العقلانية، والتي اتجهت نحو تدمير الوجود الإنساني برمته، أصبحت الجمالية هي «ملاذه الأخير» الذي قد ينقله إلى وضع إنساني متحّرر.

انطلاقاً من هذا، يمكننا القول: إن الفن -في منظور ماركوز- ليس هروباً من الواقع ولا انطواء على ذات يأست من تغيير واقعها وبالتالي من تحرّرها، بل ينطوي الفن على إرادة الإنسان في تغيير واقعه وفي تجاوز ما هو قائم، وبذلك نستطيع القول: إنّ الجمالية تتضمن بُعداً سياسيًّا، ما دام أن الفن يمثل قوة احتجاج ونقد لما هو قائم.

ولهذا يرى ماركوز أن الوظيفة الأساسية للجمالية تتمثل في نقد ما هو قائم وسائد في المؤسسات السياسية التي تكرّس السيطرة، قصد خلق وضع جديد يحقق فيه البشر حريتهم وسعادتهم. وبذلك ستكون الجمالية ثورية، مادام أنها تمارس عملية النقد والاحتجاج على ما هو قائم، وترسم صورة للتحرر الإنساني؛ «لأنّ الفن يعارض المؤسسات القمعية بصورة الإنسان من حيث هو ذات حرة، ولكن الفن ينفي ظروف الانسلاب، لا يستطيع أن يقدم صورة الحرية هذه إلَّا باعتبارها نفياً للانسلاب،فمنذ يقظة الوعي بالحرية ليس من عمل فني حقيقي لم يكشف عن المضمون النموذجي لنفي الانسلاب، وسوف نرى فيما بعد كيف أنّ هذا المحتوى عندما نجح في تأكيد الشكل الجمالي إنما توصل إلى ذلك باتِّباعه لمبادئ الجمالية (...) وحتى يتحقق نفي الانسلاب (بواسطة الفن) فإنه ينبغي أن يظهر الانسلاب عبر الفن بمظهر الواقع، باعتباره الواقع الذي تم تجاوزه والتحكم فيه، فمظهر التحكم هذا يُخضِع الواقع بالضرورة إلى معايير جمالية»[23].

غير أن هذا لا ينطبق على الجمالية الماركسية الأرثوذكسية التي دافعت عن الواقعية الاشتراكية ونظرية الانعكاس، واعتبرت أن العمل الفني الأصيل هو العمل النابع من وعي طبقة البروليتاريا، وأن من واجب الفنان الملتزم أن يعبّر من خلال عمله الفني عن مصالح هذه الطبقة وحاجاتها وأن يشارك دوماً في الصراع الطبقي من خلال إسهامه في تطوير الوعي السياسي وتأييد نضال الطبقة البرولتارية[24].

لكن لا يجب حصر الجمالية -كما يرى ماركوز- في إطار طبقي محدود أو فيما يسمى بـ«التصور البروليتاري للعالم». كما أن ما ذهبت إليه الماركسية الأرثوذكسية لم يعد يطابق الوضع الاجتماعي الجديد السائد في المجتمعات المعاصرة، وخاصة المتقدمة منها، حيث أصبحت الطبقة العاملة مندمجة، وبالتالي فإن الجمالية الماركسية مطالبة بإعادة النظر في موقفها من العمل الفني نفسه.

إن الجمالية بما تتضمنه من صور «خيالية»مغايرة نوعيًّا لمقتضيات ومحددات العقلانية التكنولوجية قد بقيت حرة إلى حد كبير تجاه مبدأ الواقع وعقلانيته المسيطرة، وذلك أن هذه الصور هي في حقيقة الأمر نشاط ذهني خلاّق ومبدع لا يستهدف نقل أو محاكاة ما هو قائم وتمثيله، بل تستهدف بالدرجة الأولى ما هو قائم والاحتجاج عليه، وهذا ما سيفتح بعداً جديداً في الواقع القائم الذي يمكن أن يحقق فيه الإنسان حريته وسعادته، وهذا لا يتم بصورة مباشرة، لأن علاقة الفن بتغيير الواقع هي بالضرورة غير مباشرة، إنه يسهم في تغيير هذا الواقع من خلال رسم صورة التحرر الإنساني، وذلك لأنّ الفن عبّر بطريقة متعارضة مع ذلك، عن عودة التحرّر المكتوبة.

ولهذا فقد كان الفن مقاومة، وفي المرحلة الراهنة، في هذه اللحظة من التجنيد الكلي، فإنّ هذه المقاومة ذاتها متعارضة جدًّا، لا تبدو قابلة للاستمرار؛ ذلك أنّ الفن لا ينبعث إلَّا حيث يقوم بالنفي، حيث ينجو بجوهره، وهو ينفي شكله التقليدي، وبذلك ينفي التوافق، وحيث يصبح رمزيًّا وغير قياسي»[25].

إنّ الجمالية تنتقد وتحتج على الواقع القائم ومؤسساته السياسية القمعية، وعلى العكس مما ذهبت إليه الجمالية الماركسية الأرثوذوكسية، فإن البعد السياسي للجمالية يكمن في الأساس في العمل الفني نفسه، وتحديداً في تلك الصور والأشكال المتخيلة التي تحقق استقلالها وتباعدها عن الواقع القائم، فتعارضه وتنتقده قصد تجاوزه. وهذا بدلاً أن يكون العمل الفني مجرد أداة لتكريس الوضع القائم وتثبيت مؤسساته المهيمنة، وعندئذ، لا يكون الالتزام السياسي والحزبي المباشر للفنان معياراً أساسيًّا للحكم على العمل الفني، إذ ليست وظيفة الفنان تحويل العمل الفني إلى واقع سياسي مباشر، بل عليه أن يحول الواقع نفسه إلى صورة فنية، وهذا ما يمكن أن يتحقق على المستوى الفني والجمالي كما يرى ماركوز بواسطة ما يسمى بالشكل الجمالي الذي يظهر فيه «واقع» آخر مغاير تماماً للواقع القائم، فمن خلال الشكل الفني يمكن أن يقدم الفن صورة أخرى وجديدة التي تجعله يمثّل ذلك البعد الإنساني المتضمن صور الحرية والسعادة والعدالة ولكنها صور خالية من كل قهر. يقول ماركوز ضمن هذا السياق: «إنّ صفات الفن الجذرية، أي وضع الواقع القائم موضع اتهام واستحضار صورة جميلة للتحرر، ترتكز تحديداً إلى الأبعاد التي بها يتجاوز الفن تعيينه الاجتماعي وينعتق من عالم القول والسلوك المتواضع عليهما، مع صونه في الوقت نفسه الحضور الساحق لهذا العالم. وبذلك يخلق الفن المضمار الذي فيه يغدو ممكناً ذلك الهدم للتجربة الذي هو سمته الأولى، وعندئذ يجري تعرّف العالم الذي يخلقه الفن على أنه عالم مكبوح ومشوه من قبل الواقع المعطى»[26].

إنّ الفنَّ –في منظور ماركوز- لا يستطيع أن يغيّر الواقعَ مباشرة لكنه يستطيع أن يسهم في تغيير وعي ودوافع الناس الذين يستطيعون تغيير الواقع. إنّ الفن يكون ثوريًّا –كما يقول ماركوز- عندما يحتج على الواقع القائم ويرسم صورة التحرّر الإنساني. وبنقده وثورته على الواقع يمكن أن يفتح أبعاداً جديدة للوجود يكون فيها الإنسان حرًّا من كل أشكال السيطرة، بحيث لا يعود فيه الوجود خاضعاً لمبدأ الواقع القائم ومؤسساته القمعية.

 

 

 

 



[1] يمكن الإشارة هنا إلى أن فلتر بنيامين لم ينتم إلى مدرسة فرانكفورت بصورة «رسمية»، فقد طلب منه ماكس هوركهايمر وثيودور أدورنو المشاركة في كتابات مجلة معهد الدراسات الاجتماعية، وقد كتب فعلاً بعض المقالات والدراسات الهامة وتعاون مع المعهد منذ عام 1934، غير أن انتحاره عام 1940 –حسب أدورنو- حال دون انتمائه الرسمي إلى المعهد. للتوسع في مسألة علاقة بنيامين بمعهد الدراسات الاجتماعية أو ما سمي بعد ذلك بمدرسة فرانكفورت، انظر كتاب جان ميشيل بالمييه المتخصص:

Jean Michel Palmier, Walter Benjamin. Un itinéraire théorique, Paris, Les Belles Lettres, 2010, pp 371 - 411.

[2] ثيودور أدورنو (1903-1969) فيلسوف ألماني معاصر. انظم إلى معهد الدراسات الاجتماعية بفرانكفورت بعد تعرفه على ماكس هوركهايمر الذي تعاون معه في تسيير المعهد وكتب العديد من المقالات والبحوث التي لعبت دوراً كبيراً في تعميق النظرة النقدية ونشر أفكارها. تقوم فلسفته في مجملها على نقد جذري للعقلانية الأداتية وفضح ما آلت إليه هذه العقلانية من أشكال جديدة للسيطرة والاغتراب والتشيؤ، كما اهتم بدراسة الفن والأدب والموسيقى، وذلك لأن دورها مهم جدًّا في عملية النقد ومقاومة الإنسان المعاصر وتحرير وعيه من كل أشكال الاغتراب التي تحاصره في ظل النظم الشمولية المتسلطة عليه، فالفن -حسب أدورنو- أداة تحرر وانعتاق، من أهم مؤلفاته «جدل التنوير» بالاشتراك مع ماكس هوركهايمر «فلسفة الموسيقى الجديدة»، «نظرية جمالية»، «ملاحظات حول الأدب»، «لحظات موسيقية»، «الموسيقى والموسيقى الجديدة».

[3] Marc Jimenez, Adorno et la modernité. Vers une esthétique négative, Paris, Edition Klincksieck, 1986, p 51.

[4] بسطاويسي، محمد رمضان، علم الجمال عند مدرسة فرانكفورت أدورنو نموذجاً، بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع 1998، ص 63.

[5] Théodor Adorno, Théorie esthétique, trad. Marc Jimenez, Paris, Edition Klincksieck,1974, p 237.

[6] آلن هو، النظرية النقدية.. مدرسة فرانكفورت، ترجمة ثائر ديب، القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2010، ص123.

[7] Theodor Adorno, Notes sur la littérature, trad. Sibylle Muller, Paris ,Edition Flammarion, 1984, p 48.

[8] ماكس هوركهايمر وثيودور أدورنو، جدل التنوير، ترجمة جورج كتورة، بيروت: دار الكتاب الجديد المتحدة، 2006، ص23.

[9] عبد العالي معزوز، جماليات الحداثة.. أدورنو ومدرسة فرانكفورت. بيروت: منتدى المعارف، 2011، ص243.

[10] Théodor Adorno, Théorie esthétique, trad. Marc Jimenez, Paris, Edition Klincksieck, 1974, p74.|

[11] هو آلن، النظرية النقدية مدرسة فرانكفورت، ترجمة ثائر ذيب، القاهرة: المركز القومي للترجمة،2010، ص 124.

[12] فلتر بنيامين (1892-1940) فيلسوف وناقد أدبي ألماني، وُلد عام 1892 في مدينة برلين، انظم في 1935 إلى معهد الدراسات الاجتماعية الذي كان يترأسه ماكس هوركهايمر، كان صديقاً لأدورنو وبريشت، مات منتحراً عام 1940 بعد عجزه عبور الحدود الفرنسية - الألمانية قصد الهجرة إلى أمريكا هروباً من السلطات النازية، قدم بنيامين أعمالاً فلسفية وأدبية كان لها تأثير كبير في الأدب والفن والفلسفة، ومن أهم هذه الأعمال: «مفهوم النقد الجمالي في الرومانسية في الألمانية» عام 1920، «أصول دراما الباروك الألمانية»، 1925، «الطريق ذو الاتجاه الواحد» 1928، «العمل الفني في عصر الاستنساخ الآلي» 1936، «في بعض المباحث البودليرية» 1939.

[13] Hegel (G.W.F), Esthétique. Traduit de l’allemand par S. Jankélévitch.Editions Aubier, 1944, p77.

[14] فلتر بنيامين، العمل الفني في عصر الاستنساخ الفني، ترجمة سيزا قاسم، مجلة شهادات وقضايا، العدد 2، السنة 1991، ص 242.

[15] المصدر نفسه، ص 243.

[16] محمد رمضان بسطاويسي، علم الجمال لدى مدرسة فرانكفورت، ط1، بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1998، ص150.

[17] فلتر بنيامين، العمل الفني في عصر الاستنساخ الفني، ص251.

[18] المصدر نفسه، ص 253.

[19] آلن هو، النظرية النقدية (مدرسة فرانكفورت)، ص120.

[20] فلتر بنيامين، العمل الفني في عصر الاستنساخ الفني، ص256.

[21] عبد العالي معزوز، جماليات الحداثة.. أدورنو ومدرسة فرانكفورت، ص 232.

[22] هربرت ماركوز فيلسوف ألماني معاصر، وُلد عام 1898 ببرلين، تأثر بهيغل وماركس وهيدغر وفرويد. انظم عام 1934 إلى معهد الدراسات الاجتماعية بفرانكفورت إلى جانب ماكس هوركهايمر وثيودور أدورنو، فأسهم في تعميق النظرية النقدية من خلال مقالاته وبحوثه، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأصبح ممثلاً لما يسمى بالتيار الفرويدو-ماركسية، وخاصة بعد صدور كتابه «إيروس والحضارة، مساهمة في فرويد» عام 1955، ثم «الإنسان ذو البُعد الواحد» عام 1960. لقد أعطى ماركوز للجمالية كامل الأهمية ويرى فيها أساسيًّا ومركزيًّا يستطيع الإنسان المعاصر توظيفها واستعمالها في نقد المجتمع القائم والعلاقات السائدة فيه، وفي تجاوز أشكال السيطرة. إن البعد الجمالي –حسب ماركوز- هو سبيل التحرر والانعتاق. ومن أهم مؤلفاته أيضاً: «الرواية عند الفنانين الألمان»، «البُعد الجمالي». ولقد توفي هربرت ماركوز في 1979.

[23] هربرت ماركوز، الحب والحضارة، ترجمة مطاع صفدي، بيروت: دار الطليعة، 2007.

[24] Andrei Jdanov. Sur la littérature, la philosophie et la musique. Paris, les éditions de la nouvelle critique, 1950, p15.

[25] هربرت ماركوز، الحب والحضارة، ص163.

[26] هربرت ماركوز، البُعد الجمالي، ترجمة جورج طرابيشي، بيروت: دار الآداب، ص19.