شعار الموقع

العشق والعقل في فكر جلال الدين الرومي

نادية درقام 2019-06-04
عدد القراءات « 983 »

العشق والعقل

في فكر  جلال الدين الرومي

الدكتورة درقام نادية*

 

*             أستاذة بقسم الفلسفة، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة وهران 2 محمد بن أحمد، الجزائر.

 

 

 

مقدمة

يعد موقف المتصوفة المسلمين من العقل، من المواقف المعرفية التي أثارت عدة إشكاليات انتهى بعضها إلى أن الصوفية يهمشون العقل، والبعض الآخر يقر بأن الصوفية توصّلت إلى محدودية العقل في الوصول إلى نوع من المعرفة تعرف بالمعرفة القلبية، أو ما يعرف بالمعرفة الشهودية التي تتحقق عن طريق العشق. وحسب قول هيفروديركي: إن المعرفة الصوفية هي ضرب من المعرفة الحدسية[1].

وهذا لأن المعرفة تتم بشكل مباشر فهناك إلغاء تام للأدوات المعرفية بين الذات العارفة وموضوع المعرفة، وهذا لن يتحقّق عن طريق العقل الجزئي، لكن عند جلال الدين الرومي يطرح نوع آخر من العقل يصفه بالعقل الكلي، فما هو الفرق بينه وبين العقل الجزئي وما موقفه منهما؟ وما حقيقة العشق عنده؟

ماهية العشق

يعتبر الرومي من الذين زاولوا العشق فكان حديثه عن العشق من منطلق تجربته العرفانية، وتفرد في تجربته بميزة العشق الذي أطّر كل منظومته العرفانية، ودلّ على ذلك قوله: «عدا العشق، عدا العشق ليس لنا عمل آخر»[2].

يعد العشق قضية أساسية عند المتصوف فاقت أي اهتمام بها في باقي المباحث الفكرية كالأدب والفلسفة مثلًا، «فالعشق هو أحد العناصر الرئيسية للرؤية العرفانية والتي تكون حقيقة العرفان وماهيته، ومع ذلك، ورغم أهمية العشق فإن العرفاء أبدوا عجزهم عن تحديد معناه، وقالوا بأن العشق ليس مما يدرك بالعقل، وإنما يلمس بالذوق، وليس مما يوصل إليه بالفكر، وإنما يمكن أن يتذوق بالتجربة»[3].

اقترن مفهوم العشق عند أهل التصوف والعرفان بمفهوم المحبة الذي ورد في القرآن الكريم، فالعشق هو إفراط المحبة، وكُنِّي عنه في القرآن الكريم بشدة الحب في قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ}[4]، وقوله: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}[5] أي صار حبها ليوسف على قلبها كالشغاف وهي الجلدة الرقيقة التي تحتوي على القلب فهي ظرف له محيطة»[6].

والعشق هو بذل ما لك وتحمل ما عليك، وقيل: هو آخر مرتبة المحبة، والمحبة أول درجة العشق، وقيل: «هو عبارة عن إفراط المحبة وشدتها» وقيل: «نار تقع في القلب فتحرق ما سوى المحبوب، وقيل: قيام القلب مع المعشوق بلا واسطة»[7].

موقف الرومي من العقل الجزئي

يفصل العارف في رؤيته للوجود التي محلها القلب في اختيار العشق لرؤية الجميل، فكانت رؤيته شهودية قلبية لا تعتمد وسائط البرهان والاستدلال. من هذا المنطلق كان الصراع الأزلي بين العقل المفكر والعشق المطلق الذي لا يعترف بأحكام العقل لأن حكمه لا يطال إلَّا ما يقع تحت أدواته الحسية.

لكن الرومي لا يرفض مطلق العقل، بل هو يصنف العقل إلى صنفين: أحدهما جزئي والآخر كلي، إلَّا أن هناك علاقة بينهما يشبهها الرومي بعلاقة القشر مع اللب. غاية التصنيف بين العقل الجزئي ذي الطاقة الإدراكية المحدودة، وبين العقل الكلي الذي يصفه الرومي بعقل العقل، هي تبيان مرتكز الرؤية التي يتبناه الرومي التي عنوانها العشق وليس العقل.

يقول الرومي: «وهكذا من أول القرآن إلى آخره رفض للأسباب والعلل والسلام. وكشف هذا لا يكون من العقل الذي يعقّد الأمور فزاول العبودية حتى يكشف لك. فالمشتغل بالفلسفة أسير للمعقولات بينما امتطى الصفي عقل العقل»[8].

يتبنى المتصوفة المسلمون من العقل والنظر العقلي موقفًا نقديًّا، فلم يكن الرومي الوحيد الذي انتقد الفيلسوف، فهم يجمعون أن المعرفة العقلية محدودة، «لأن العقل لا يقدم إلَّا حقائق تتعلق بالواقع المادي الطبيعي، وعندما يبحث هذا العقل في الحقيقة المطلقة (الله) فإنه لا يتجاوز في أقصى طاقته البرهان على وجود الله»[9].

إن محدودية العقل الجزئي تنحصر في حدود تقديم البرهان، فتصير حركته من معقول إلى آخر فيقع صاحبه في أسر المعقولات، «إن المعرفة العقلية تقبل الخطأ؛ لأنه بالتحليل المعرفي الإبستمولوجي فإنه في المعرفة العقلية يوجد شرخ وفاصل بين المعلوم مباشرة وبين المعلوم بشكل غير مباشر. إذ إن المعلوم مباشرة هو تلك الصورة الذهنية الموجودة في النفس، بينما المعلوم بشكل غير مباشر هو ذلك الشيء الموجودة خارجًا»[10]. ومعنى ذلك أن النظر العقلي الذي ينبني على المبادئ العقلية الفطرية يتوصل إلى المعرفة غير المباشرة التي تحتاج إلى آليات العقل وأدواته.

العقل الكلي عند الرومي

هناك فروق معرفية بين العقل (الجزئي) وغايته التحصيل العلمي، وبين العقل (الكلي) وغايته الإيصال إلى أصل المعرفة، فالعقل الجزئي يتميز بطبيعة محدودة مقارنة بالطبيعة النورانية للعقل الكلي.

يرى العرفاء أن العلم الذي يتوصَّل إليه العقل الجزئي حجاب أمام اتصال العارف بمعروفه؛ لأن المعرفة تقذف في قلب العارف فيصير نوراني الرؤية. كما أن العقل الجزئي ينطلق من حالة الجهل ليصل إلى حالة العلم، مما يعني أن له قابلية الوقوع في الخطأ. أما العقل الكلي فينطلق من حالة اليقين للوصول إلى معرفة المطلق. يصف الرومي هذا التمايز فيقول:

«إن عقل العقل هو بالنسبة لك لب وعقلك قشر ومعدة الحيوان غالبًا ما تطلب القشر.

وطالب اللب يملّ القشور أشد الملل لكن اللب صار حلالًا للأذكياء.

وبينما يقدم قشر العقل مائة برهان متى يخطو العقل الكلي خطوة واحدة دون يقين.

إن العقل يسود الدفاتر كلها لكن عقل العقل ذو آفاق مليئة بالأقمار.

فهو فارغ من سواد الحبر ومن بياض الورق ونور قمره بازغ من القلب والروح»[11].

يميز الرومي بين معارف العقل الكلي ومعارف العقل الجزئي، بحكم مفارقة العقل الكلي لقيود عالم الطبيعة (عالم الملك) فهو يتميز بالخاصية الملكوتية، هذه الخاصية التي على أساسها ينعت الرومي العقل الكلي باللبيب. أما العقل الجزئي فينعته بالضعيف لطاقته المحدودة المحصورة في عالم الطبيعة وعجزه على اختراق العوالم الأخرى.

هذا الوصف يعكس مستوى الإدراك لكليهما، فالتنقل من المرتبة الحيوانية للتحقق بالمرتبة الإنسانية يكون بالعقل الجزئي وهذا يليق بعالم الطبيعة، أما الانتقال من عالم الطبيعة إلى عالم ما وراء الطبيعة فهو الخروج من قيود البشرية للاتصال بالعقل الكلي، وحركة العقل في السيرورة المعرفية تقتضي السير الدائم. يقول الرومي: «فاقتل كل الحيوان من أجل الإنسان واقتل كل البشر من أجل اللب. وما هو اللب؟ إنه العقل الكلي اللبيب والعقل الجزئي عقل لكنه ضعيف»[12].

المستويات الإدراكية وطبيعة الأداة المعرفية

يحدد الرومي المجال المعرفي لكل مستوى إدراك، بحيث تتفاوت مستويات الإدراك حسب درجة المعرفة التي ترتبط بطبيعة وسيلة الإدراك ذاتها، ولما كانت هذه الوسائل تختلف من حيث القدرة على استيعاب المعرفة. من هذا المنطلق كان التفاضل بينها وليس الإقصاء، فالرومي يقر بوجود العقل الجزئي الذي تقتصر إدراكاته في مجال محدود، فهو ينفي إمكانيته للوصول إلى الحقائق، بل إن الوقوف عند حدوده هو حجاب في حد ذاته يحول دون التعرف إلى الحق تعالى الذي يقف العقل الجزئي عند حدود الاستدلال على وجوده من خلال آثاره.

في حين أن العقل الكلي على درجة من اليقين، مما يجعله مؤهلًا للوصول، فهو له القدرة الاستيعابية لكل مستويات المعرفة. لأن السير المعرفي لكل وسائل الإدراك سواء ما يصنف ضمن طور العقل (العقل الجزئي) أو ما فوق طور العقل، يعكس تنوع القدرات المعرفية الكامنة في الإنسان مع تفاوتها وتناسبها مع طبيعة موضوع المعرفة، وهذه القدرة التي يتمتع بها العقل الكلي هي التي تجعله لا ينفي أي منحى إنساني يلتزمه الإنسان للوصول إلى الحق تعالى.

إن ما يفسر موقف الرومي من العقل، ينسجم مع مرتكزات الرؤية التي يتبنَّاها فيقول: «وكل من حجابه من العقل والوهم أحيانًا محجوب وأحيانًا ممزق الجيب. والعقل الجزئي حينًا منتصر وحينًا منقلب والعقل الكلي آمن من ريب المنون. فبع العقل والفضل واشتر الحيرة وامض نحو الذلة لا إلى بخارى أيها الابن. فكيف انغمسنا نحن في الكلام صرنا من حكاية حكاية. إنما أنمحي وأصير عدمًا في أنيني حتى أجد التقلب في الساجدين»[13].

موقف العقل الجزئي من العشق

يتبيّن مما سبق أن الرومي يعترض على العقل الذي ينعته بالجزئي، وهو نعت ليس اعتباطي؛ لأن محدوديته تدفعه إلى إنكار العشق وهذا لا يتنافى مع المنطق، فرغم إمكانية العقل التحليلية والبرهانية إلَّا أنه لا يستوعب الفناء الذي هو أهم خصائص العاشق، ففي الفناء يغيب العقل الجزئي مما يجعله لا يقر بشيء لم يشهده، فإمكانية الشهود منعدمة لديه؛ لأن موضوع الرؤية هنا لا يستوعبه أي مقيد فهو مطلق حتى عن الإطلاق وهو رؤية الحق عز وجل؛ لأن حالة الفناء هي انعدام لإنية وأنانية العاشق في رؤيته للوجود، وهي حالة الوجد التي تهيمن على وجدان العاشق؛ لأن عدمية الوجود الوهمي هي عين التحقق الوجودي.

وممارسة العقل هي إثبات لوجودين، وجود مستعار لذات المفكرة وللوجود الحقيقي مما يفسر أن توحيد العامة يثبت الاثنينية، أما توحيد الخاصة الذي يسعى إليه العارف لا يقر إلَّا بالوجود الإلهي شهوديًّا، فتنعدم الكينونة المستعارة لرؤية الوجود الحق، ولذلك يقول الرومي: «والعقل الجزئي يكون منكرًا للعشق وإن كان يبدي أنه صاحب سر. إنه ماهر وعالم لكنه ليس عدمًا وما لم يصر عدمًا فهو منسوب إلى الشيطان»[14].

يرى الرومي أن العقل يبقى عاجزًا أو ضئيلًا جدًّا أمام العشق، فالإدراك العقلي أقصى ما يتوصل إليه هو إثبات الوجود الإلهي، إن النظر العقلي يوجب علينا تعظيم الخالق وتنزيهه، والإقرار بربوبيته، وقد أمر الخالق بهذا النظر العقلي، فهو يصف أصحاب العقل والاستدلال فيقول عنهم: «إن قدم أصحاب العقل والاستدلال قدم خشبية مهزوزة غير ثابتة»[15]. والعشق يتجاوز طور العقل إذ يقول: «جاء العشق فتشرد العقل وحل الصبح فأضحى شمع العقل بائسًا تعيسًا»[16]. لذلك فالعقل لا يمكنه إدراك العشق بل يتخبط العقل في شرح العشق كما يتخبط الحمار في الوحل، وأن شرح العشق لا يمكن لأحد إلَّا للعاشق المماثل في العشق»[17].

يستوفي الرومي تقديم الدليل على عجز العقل الجزئي عن إدراك طبيعة العشق، إذ لا يمكن الحديث عن العشق إلَّا من عاشق فهو أخبر وأدرى، ورغم ذلك فهو يعجز في الكثير من المواضع عن التعبير عنه، وهذا يعود لطبيعة العشق في حد ذاته، ولأن العبارة تعجز أمام المعنى، أو بعبارة أخرى: يعجز المقال عن التعبير عن الحال.

كما أن سير العارف لا يتوقف، فهو ينتقل بين الأحوال والمقامات عاشق جمال الحق تعالى، فجاذبية الجمال الإلهي تدفع الإنسان إلى طلب الغرق في بحر الجمال الإلهي لا محاولة الإحاطة به فهمًا وإدراكًا، وهذا ما يتميز به الجمال المحدود في عالم الحس، والمعنى في حدود الطبيعة كإحدى تمظهرات الجمال الإلهي والجمال للمنتوج الفني الذي هو انعكاس لتحسس الجمال خلقًا، ومحاكاة الذي يصعب إدراكه عقلا فما بالك بالجمال المطلق.

«وثمة بحث فيما وراء البحث وأنا لا أدريه وإن كنت تدريه قل. وهناك حال ومقال وراء الحال والمقال غارق في جمال ذي الجلال. غرقًا لا يكون منه خلاص ولا يعرفه أحد اللهم إلَّا البحر. إنك عقل جزئي لا تكون متحدثًا عن العقل الكلي إن لم يكن لك طلب وراء طلب. وعندما يصل يتوالى الطلب بعد الطلب يصل موج ذلك البحر إلى هذا المكان[18].

العشق وأصناف العشاق

نستفيد من هذه المقابلة بين العشق والعقل التي قام بها الرومي لتوضيح محدودية العقل الجزئي من جهة، ومن جهة ثانية يوضح مدى صعوبة إدراك العشق، لذلك المقابلة بينهما سهلت على الرومي تقديم تعريف للعشق انطلاقًا من محدودية العقل فيقول: «وما هو العشق؟ هو بحر العدم، أما العقل فقدمه عرجاء هناك لا يمكنها السير»[19].

يوضح الرومي الأسباب التي تجعل العقل أعرج في سيره المعرفي، فلما كان العقل طلبه محدود حسب النتائج التي يتوصل إليها التي تدخل كلها فيما يعرف بسوى الله، بينما لا يتنازل العشق عن طلب الحق تعالى، وقد ورد في العديد من المواضع في شعر الرومي أو نثره المفاضلة بين العشق والعقل، يقول بلسان العقل: «إن الجهات الست في الحد وليس ثمة طريق إلى الخارج».

يقول بلسان العشق: «هناك طريق وقد مشيته مرات».

رأى العقل سوقًا وبدأ يتاجر.

رأى العشق أسواقًا أخرى هذه السوق...»[20].

ويقول أيضًا: «العشق ليس للعقل، بل اللامبالاة والمجازفة، فالعقل إنما يتحرى ما فيه منفعة وربح»[21].

هكذا نجد مولانا ينعت العقل بالنفعية والربح، وهذا طبعًا يرتبط بالعالم المحدود بقوانين الاستدلال والمنطق، وبهذا يكون العقل قاصرًا محدودًا سرعان ما يصاب باليأس «ومتى كان العقل يسير في طريق اليأس؟ إن العشق هو الذي يسير في ذلك الطريق على الرأس (بدل الأقدام)؟»[22]. وهذا ما يجعل الهوة واسعة بين العقل والعشق، فمنطق العشق ليس الربح والخسارة: «العشق لا يمتحن الرب، ولا يفكر في الربح والخسارة»[23].

يفرق الرومي بين العاشق للحق وغايته رؤية الجمال والحسن الإلهي، وبين العاشق للحق المنتحل صفة العاشق وليس بعاشق فهو يتقرب من الله من أجل العطاء الإلهي، والعشق يسمو عن أي غرض ما عدا شهود الجمال الحقيقي والفناء فيه، وهو بذلك ينتقد الدرويش المنتحل للصفة. التعلق بالعطاء، وليس بصاحبه له انعكاسات على الإدراكات التي تقع تحت قيد التوهومات، وبهذا تكون الرؤية بحسب طبيعة العشق فعاشق الحق غير عاشق الظل، «إن لديه فقر اللقمة لا فقر الحق فكفاك وضعًا للأطباق أمام صورة ميتة.

إن درويش الخبز سمكة مشكّلة من الطين لها صورة السمكة لكنها خاملة عن البحر.

إنه طائر منزلي ليس عنقاء طباق الجو، إنه يأكل الدسم ولا يأكل من العطاء الإلهي.

إنه عاشق للحق من أجل النوال وليست روحه عاشقة للحسن والجمال.

وهو وإن كان يتوهم أنه عاشق للذات فالذات ليست أوهام الأسماء والصفات.

فالوهم مخلوق ومولود من المتوهم والحق لم يلد كما أنه لم يولد.

وعاشق تصورات هي أوهامه متى يكون من عشاق ذي المنن»[24].

نفهم من خلال هذه المقارنة التي قام بها الرومي بين العشق والعقل، أن العقل يكتفي بمستوى معرفي محدود، بينما لا يكتفي العشق بمستوى معرفي معين. إن العشق هو وسيلة الإنسان للتعرف إلى الحقائق، وأول هذه الحقائق اكتشاف ذاته وأصلها، وما قصة شكوى الناي إلَّا تأكيد على ذلك. فالعشق هو الذي يكشف عن معادلة معرفة النفس ومعرفة الحق، «إن العشق توأم المعرفة، إذ إن الإنسان بكينونته وبوجوده لديه ذاك الميل إلى الكمال، لديه ذلك الميل إلى صفات الجلال والجمال، وهذا الميل إلى الكمال مودع في كينونة الإنسان، ومغروس في جبلته، وبالتالي للإنسان ميل إلى العشق»[25].

يشير الرومي إلى أن هناك تراتبية في السير المعرفي، يقرّ بها ولكن لا يركن إليها، فهي تؤدي وظيفتها المعرفية وتُبدي قصورها أمام المرتبة الأعلى منها من حيث إمكانيتها على تحصيل معرفي أعمق. لذلك كان الإدراك الحسي أقل من المعرفة العقلية، وطور العقل يخضع لما يوصف طور ما فوق العقل وهو طور تهيمن عليه الروح.

والرومي يشير إلى التكامل المعرفي، وقيمة العقل تظهر في حدود تلك الوظيفة المعرفية حيث لا يتم الاستغناء عنه في مرتبته، وعن ذلك يقول: «وكما يكون الحس أسير العقل يا هذي اعلمي أن العقل بدوره أسير للروح.

وقد غلت الروح يد العقل وقيدتها وجعلته معتادًا على الأمور المحدودة. والأحاسيس والأفكار فوق الماء الصافي تكون كالقذى فوق سطح الماء. لكن يد العقل تزيح هذا القذى دفعة واحدة فيظهر الماء صافيًا أمام العقل»[26].

أهمية العقل وحدوده

تظهر أهمية العقل في كونه لا ينكر الوجود الحق فهو دال عليه، لكنه لا يمكن أن تتحقّق الرؤية للوجود الحق بالعقل، فهو قاصر عن ذلك من باب أن المقيد لا يحتوى المطلق، لذلك يطلب الرومي من السالك الذي يسعى إلى التحقّق برؤية الوجود الحق التخلّص من العقل في مرحلة تستدعي الفناء والتسليم الوجودي للحق تعالى، فتنتفي أي فاعلية عقلية لتحل محلها حالة عشق يفنى فيها العاشق في المعشوق فيصير العشق هو مرتكز الرؤية، يقول الرومي: «أنت تقول: ملأت مسكًا [جلدًا] من البحر، البحر لا يخزن في مسكي».

هذا محال. نعم، لو قلت: «إن مسكي ضاع في البحر، لكان ذلك ممتاز، ذلك أصل المسألة، العقل رائع جدًّا ومطلوب من أجل أن يأتي. فإذا وصلت إلى بابه فطلق العقل. لأن العقل في هذه الساعة مضر بك، وهو قاطع طريق. إذا وصلت إلى الملك فسلم نفسك إليه، لا عمل لك عندئذٍ بكيف ولماذا»[27].

يشيد الرومي بأهمية العقل في المثال التالي: «أنت مثلًا، لديك قماش غير مفصل تريد أن تفصله قباء أو جبة، العقل جاء بك إلى الخياط، حتى تلك اللحظة كان العقل رائعًا، جلب القماش إلى الخياط. الآن في هذه اللحظة ينبغي أن يطلق العقل، وأنت ينبغي أن تترك تصرفاتك أمام الخياط. وعلى النحو نفسه، العقل جميل جدًّا للمريض، لأنه يأتي به إلى الطبيب، فإذا ما أتى إلى الطبيب، بعدئذٍ لا يكون لعقله عمل، وينبغي أن يسلم نفسه إلى الطبيب[28].

العشق ومعرفة الله

تعد مسألة عودة الإنسان إلى أصله مسألة محورية في طروحات الرومي، ولما كانت العودة إلى الأصل هي التحقّق الوجودي الذي يجب حسب الرومي أن تسعى إليه الذات الإنسانية بدون استثناء، فالتحقّق الوجودي يكفله العشق لأنه سبيل إلى معرفة الله والارتباط به، وهو الذي يكفل عودة الفرع إلى الأصل، «وهذا العشق هو نداء وجدان كل إنسان، وهو قابلية العشق لله تعالى والنزوع للعودة إليه بالقوة ذلك النزوع المودع في ذات كل بشر، وهذا والسر في الاضطراب الدائم للإنسان، العشق؟ ظاهر من أنين القلب، إذ ليس من ألم كألم القلب»[29].

يقول الرومي: «استمع إلى الناي كيف يقص حكايته أنه يشكو آلام الفراق.

......

إنني منذ قطعت من منبت الغاب والناس رجالًا ونساء يبكون لبكائي.

إنني أنشد صدرًا مزقة الفراق، حتى أشرح له ألم الاشتياق.

فكل إنسان أقام بعيدًا عن أصله، يظل يبحث عن زمان وصله.

......

إن صوت الناي هذا نار لا هواء، فلا كان من تضطرم في قلبه مثل هذه النار.

وهذه النار التي حلت في الناي هي نار العشق كما أن الخمر تجيش بما استقر فيها من فورة العشق»[30].

ينظر الرومي إلى موضوع العشق كضرورة وجودية لا تنفك عن تعلّق الموجودات بموجدها دون استثناء، لا يقف العشق عند حدود البشر بل يتعداه لكل مخلوق. مما يعطي للقضية بعدًا آخر، فلما كان فعل الخلق والإيجاد أصله المحبة، فإن البقاء في عالم الإيجاد والاستمرار فيه يشترط على الموجودات هذا التعلق العشقي.

من هذا المنطلق يرى الرومي أن فعل العودة يضمنه عشق الموجودات إلى أصلها التي شخص أكثر في الإنسان لأنه الأنموذج الإلهي في عالم الإيجاد، يقول الرومي:

«العشق خليقة فطرية في كل شيء مخلوق.

الذئب والديك والأسد تعرف ما العشق.

وأخس من الكلب من هو أعمى عن العشق.

كل أجزاء العالم عاشقة.

وكل جزء من العالم ثمل باللقاء»[31].

وإذا وصلنا الحديث عن أهمية العشق في فكر الرومي وحياته فهو يرى أن العشق يملأ الوجود وقوته في كل مكان.

«العشق بحر والسماء فوقه زبد.

مثارًا مثل زوليخا في هوى يوسف.

فاعلم أن دوران الأفلاك مثل موج العشق.

ولولا العشق لتجمد العالم»[32].

وكأنه يريد أن يقول لنا: إنه إذا كان أساس الخلق محبة وعشق وهذا ما أخبرنا به الله سبحانه وتعالى «كنتُ كنزًا مخفيًّا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق ليعرفوني»، فلهذا يبقى العشق القوة الرابطة للمخلوق بخالقه ويبقى هو الإكسير الذي به يعرف الله، فحسب درجة العشق تتحدد درجة القرب والمعرفة.

«فالعشق يجعل البحر يغلي كالقدر

العشق يجعل الجبل ناعمًا كالرمل.

ليس العشق إذن مقصورًا على الخالق والمخلوق، بل إن الذي يجعل الكون كله على درجة من الانسجام والتناسق هو العشق، إن الظمآن يجأر بالشكوى قائلًا أين الماء العذب والماء يشكو أيضًا قائلًا أين الشارب، إن هذا العطش في أرواحنا جذب للماء نحن له وهو أيضًا لنا وكلمة الحق في القضاء والقدر قد جعلت كلامنا عاشقًا للآخر.

وكل أجزاء الدنيا من ذلك الحكم السابق صارت أزواجًا كل عاشق لزوجه.

وكل جزء في العالم طالب لزوجه تمامًا كما يجذب الكهرمان قطع القش»[33].

يشرح إبراهيم دسوقي شتا هذه الأبيات قائلًا: «وبدون الأرض متى ينمو الورد والأقحوان وماذا يتولد إذن من ماء السماء وحرارتها، ومن أجل هذا يكون الميل في الأنثى إلى الذكر حتى يكمل كل منهما الآخر. لقد وضع الحق الميل في الرجل والمرأة حتى تجد الدنيا البقاء من هذا الاتحاد، ويضع الميل أيضًا في كل جزء إلى جزء ومن اتحادهما معًا يوجد توليد وهذا البقاء يعقبه فناء، فيعود كل جزء إلى أصله في الفلك ومن ثم تعود الروح إلى أصلها، فالعشق حركة صوب الكمال وأصل من أصول التوحيد»[34].

يعد العشق أحد مبادئ الاتحاد والفناء، وهناك قوى جذابة في كل ذرة من ذرات الوجود وبها تنجذب العناصر إلى بعضها، وتحدث أشكال الحياة وصورها، ومن هنا تصبح الحياة كلها تجليًا للعشق وأمور الكسب فيها قائمة على العشق، «فهو المحرك لكل مظاهر الحياة، إن لم يكن العشق متى كان الوجود ومتى رزقك بالخبز ومتى خلقت ومن أي شيء صار لك الخبز من العشق والاشتهاء وإلَّا فمتى كان لك لتنجو بروحك»[35].

إذا كان الرومي يقرّ بأن حالة العشق موجودة في كل الأشياء، فقيمة العاشق ترتبط بقدر شرف معشوقه إذ يقول: «في الثمانية عشر ألف عالم، كل شيء محب لشيء من الأشياء، عاشق شيء من الأشياء وشرف كل عاشق بقدر شرف معشوقه، وكلما كان المعشوق ألطف وأظرف وأشرف جوهرًا كان عاشقه أعز»[36].

العشق الحقيقي هو العشق الذي يتميز به الإنسان، وهناك أنواع من العشق وكأغلب الصوفية مولانا يقرّ بنوعين من العشق: عشق أرضي وعشق سماوي، وما العشق الأرضي سوى إعداد للعشق السماوي. «يعطي الناس بناتهم الصغيرات دمى ليعلموهن واجباتهن بوصفهن أمهات المستقبل، ويعطون أولداهم سيوفًا خشبية ليعودوهم على القتال والفروسية، وبالطريقة نفسها يمكن أن يربى قلب الإنسان بالعشق البشري على الطاعة الكاملة والاستسلام لمراد الحبيب»[37].

وليس هذا فحسب، بل كل تمظهرات الحب تعدّ ضربًا من ضروب المحبة الإلهية، «ومن ثم فإن كل ضروب الرغبة والميل والمحبة والشفقة التي يكنها الناس لأنواع الأشياء، للأب والأم والحبيب والسماوات والأرضين والبساتين والقصور والعلوم والأعمال والأطعمة والأشربة تعدّ ضروبًا من محبة الحق والتوق إليه»[38].

يعتبر الرومي كل هذه المحبوبات حجاب في حالة الاستغراق فيها، لأن المطلوب الحقيقي من ورائها هو رؤية الحبيب، وعن ذلك يقول: «وتلك الأشياء جميعًا حجب، وعندما يمضي الناس من هذا العالم ويرون ذلك الملك من دون هذه الحجب يعلمون أن هذه الأشياء جميعًا لم تكن سوى حجب وأغطية، مطلوبهم على الحقيقة ذلك الأوحد، كل الشكلات ستحل عندئذٍ، وسيسمعون إجابات لكل الأسئلة والإشكالات التي في قلوبهم، وسيرى كل شيء عيانًا»[39].

يتميز عالم الكثرة بتنوّع المعشوقات لكنها كلها لها خاصية الزوال، «إن مجرّد عشق الخبز ليحيا الميت ويجعل الحياة باقية فيه. وإذا كان العالم الأرضي يحركه العشق لميت زائل، فكيف لا يحركه العشق للحي الذي لا يموت... إن لكل واحد منهم شهوة مع ميت أملًا فيمن عنده ملامح حي فكن مجتهدًا على أمل الحي الذي لا يتحول بعد يومين إلى جماد. لقد زاول الناس عشقهم مع من مصيره إلى الزوال في حين أنهم إن زاولوه مع الحي الذي لا يموت، فإن ما يظنونه موتًا سوف يكون حياة متجددة، فالعشق بجذبه يقضي على كل ما هو زيف في وجود البشر ويقدم لهم بدلًا منه حياة جديدة»[40].

العشق أداة تطهير

إن كمون حالة العشق في الذات الإنسانية لا يعنى دائمًا أن ظهورها قد يرتقي إلى العشق السماوي، بل هناك ذوات ينحصر عشقها فيما هو أرضي بسبب موقفها من علاقة الروح والجسد، فالبقاء في قيد الجسد يعني الحرمان من الترقي الروحي، وإذا كان العرفاء يجمعون على أن الرياضات والمجاهدات هي وسيلة للتحرر والترقي، فإن العشق أكثر الوسائل فعالية للتحرر من القيود المختلفة، ولذلك فكما العشق هو منطلق للسير وغاية الوصول فهو وسيلة للترقي أيضًا. فالعشق يعتبره الرومي براق الترقي من حالة الضياع والشتات في عالم الإيجاد إلى حالة التحقّق الوجودي بالتعلق العشقي بالوجود الحق.

يصف الرومي فاعلية العشق في هذه الأبيات: «وهذا عندما تقع صنارة العشق في حلق الإنسان.

يجذبه الحق تعالى تدريجيًّا، وهكذا تخرج منه تلك الصفات السيئة والدماء التي تكون فيه شيئًا فشيئًا.

ولو سبح الإنسان في بحر العشق المواج المترامي لتنزه عن جميع الأدناس النفسانية والنزاعات الأهوائية.

من شق جيبه من العشق، تنزه عن الطمع وعن كل عيب»[41].

لأن العشق دواء وترياق لجميع الانحرافات الأخلاقية للبشر، ولا يوجد سبيل آخر غير العشق الذي به يتم التطهير والترقي والعودة إلى الحالة الروحانية الصافية، أي العودة إلى الأصل، وبهذا يعني الرجوع إلى الوجود الحق.

وهكذا يعتبر مولانا أن بالعشق نربي أنفسنا، وهو الذي يبعدنا عن الرذائل وكل من تمزقت ثيابه من العشق، فإنه يصبح طاهرًا من الحرص ومن كل العيوب. ويواصل مولانا في تأكيد فاعلية العشق، مبينًا ذلك في الأبيات التالية: «ولتحطم القيد ولتكن حرًّا يا بني فحتام تظل عبدًا للفضة وعبدًا للذهب.

وكل من مزّق ثوبه من عشق ما فقد بريء تمامًا من الحرص ومن كل العيوب.

ولتسعد إذن أيها العشق الطيب يا هوسنا يا طبيبًا لكل عللنا.

يا دواءً لكبريائنا وعنجهيتنا، يا من أنت لنا بمثابة أفلاطون وجالينوس.

لقد سما الجسد الترابي من العشق حتى الأفلاك وحتى الجبل بدأ في الرقص وخف.

أيها العاشق لقد حل العشق بروح طور سيناء فثمل الطور وخر موسى صعقًا»[42].

ونجد بالإضافة إلى استخدام كلمة عشق سيتناول الرومي كلمة المحبة فيقول:

«بالمحبة تصير الأشياء المرة حلوة.

وبالمحبة تصير الأشياء النحاسية ذهبية الصفات.

بالمحبة تصير الأشياء العكرة صافية.

وبالمحبة تصير الآلام شفاء.

بالمحبة يحيا الميت.

وبالمحبة يصير الملك عبدًا»[43].

وبهذا فجلال الدين الرومي يولي أهمية كبرى للعشق فهو رأس المال المحب، بل هو براق السير في ملك وملكوت الجمال يطوي به مسافات الفصل محولًا إياها على وصل أو لنقل يطوي الكثرة المعبر عنها بالصور الجمالية ليستغرق في الوحدة الحقة أي وحدة الجمال ويفنى فيه.

 

 

 



[1] ديركيهيفرو ( محمد علي)، العقل في النصوص الصوفية، دمشق، سوريا: دار التكوين، ط1، سنة 2010، ص10

[2] أنيماري شيمل، الشمس المنتصرة، ترجمة: عيسى علي العاكوب، طهران، إيران: مؤسسة الطباعة والنشر، ط1، سنة 2001،ص541.

[3] محمد شقير، فلسفة العرفان، بيروت: دار الهادي، ط1، سنة 2004، ص 112

[4] سورة البقرة، الآية: 165

[5] سورة يوسف، الآية: 30

[6] رفيق العجم، موسوعة مصطلحات التصوف الإسلامي، بيروت، لبنان: مكتبة لبنان ناشرون، ط1، سنة 1999، ص641.

[7] أنور فؤاد أبي خزام، معجم المصطلحات الصوفية، بيروت، لبنان: مكتبة لبنان ناشرون، ط1، سنة 1993، ص 127.

[8] جلال الدين الرومي، المثنوي، ترجمة: إبراهيم دسوقي شتا، تركيا: قونية الثقافي، دون ط، سنة 2006، ج3، ص 223.

[9] محمد علي هيفرو(ديركي)، العقل في نصوص الصوفية، ص 10.

[10] محمد شقير، فلسفة العرفان، مصدر سابق، ص 47.

[11] جلال الدين الرومي، المثنوي، ترجمة: إبراهيم دسوقي شتا، ج 3، ص 224.

[12] المصدر السابق، ج1، ص 303.

[13] المصدر نفسه، ج3،ص 115.

[14] المصدر السابق، ج1، ص 196

[15] جمال الهاشمي، رسالة الإلهام بين مدرسة جلال الدين الرومي وعلم النفس الحديث، ترجمة: عبد الرحيم مبارك، بيروت، لبنان: دار الهادي، ط 1، سنة 2003، ص173.

[16] المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

[17] المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

[18] جلال الدين الرومي، المثنوي، ترجمة: إبراهيم دسوقي شتا، ج1، ص 214.

[19] المصدر نفسه، الصفحة نفسها.

[20] أنيماري شيمل، الشمس المنتصرة، ص 548.

[21] جمال الهاشمي، رسالة الإلهام، ص 174.

[22] المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

[23] المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

[24] جلال الدين الرومي، المثنوي، ترجمة: إبراهيم دسوقي شتا، ج1، ص 259.

[25] محمد شقير، فلسفة العرفان، ص 113.

[26] جلال الدين الرومي، المثنوي، ترجمة: إبراهيم دسوقي شتا، ج3، ص 169.

[27] جلال الدين الرومي، فيه ما فيه، ص 170.

[28] المصدر نفسه، ص 170.

[29] جمال الهاشمي، رسالة الإلهام بين مدرسة جلال الدين الرومي وعلم النفس الحديث، ص 177.

[30] جلال الدين الرومي، المثنوي، ترجمة: عبد السلام الكفافي، صيدا، بيروت: المكتبة العصرية، ط1، سنة 1966، ج1، ص 73، 74.

[31] أنيماري شيمل، الشمس المنتصرة، ص541.

[32] المرجع نفسه، ص 544.

[33] جلال الدين الرومي، المثنوي، ترجمة: إبراهيم دسوقي شتا، ج3، ص 19.

[34] المصدر نفسه، ص 20.

[35] المصدر نفسه، ص17.

[36] أنيماري شيمل، الشمس المنتصرة، ص 543.

[37] جمال الهاشمي، رسالة الإلهام بين مدرسة جلال الدين الرومي وعلم النفس الحديث، ص 181.

[38] جلال الدين الرومي، فيه ما فيه، ترجمة: عيسى علي العاكوب، دمشق، سوريا: دارالفكر، ط1، سنة 2002، ص 71.

[39] المصدر نفسه، الصفحة نفسها.

[40] جلال الدين الرومي، المثنوي، ترجمة: إبراهيم دسوقي شتا، ج3، ص 17.

[41] جمال الهاشمي، رسالة الإلهام بين مدرسة جلال الدين الرومي وعلم النفس الحديث، ص 181.

[42] جلال الدين الرومي، المثنوي، ترجمة: إبراهيم دسوقي شتا، ج1، ص 38.

[43] المصدر نفسه، ص141.