شعار الموقع

تقارير و متابعات

قسم التحرير 2004-10-15
عدد القراءات « 522 »
بحث جامعي حول ((الكلمة))

بعد ثمان سنوات من العمل الثقافي الجاد والنشاط الفكري الدؤوب ودون انقطاع، استطاعت مجلة الكلمة أن تحتل موقعاً متميزاً في المشهد الفكري والثقافي الإسلامي، وهذا ما ظهر بوضوح في حجم التفاعل معها كدورية فكرية تعنى بشؤون الفكر الإسلامي وقضايا العصر والتجدد الحضاري، ولها مشروعها الخاص ولها قراؤها المتابعون لها والمساهمون فيها. كما ظهر حضورها في وسائل الإعلام من صحف وجرائد ومجلات التي تبعت أخبار صدورها وأشادت بمحتوياتها. إلى جانب الإهتمام الذي لاقته المجلة في الأوساط الجامعية، ليس على مستوى المتابعة والمساهمة فيها، ولكن من جعل الكلمة موضعاً للدراسة ومادة للبحوث الجامعية، وهذا ما قام به الطالب السعودي علي المدلوح في جامعة دمشق، كلية الإعلام الذي أنجز بحثاً بإشراف الدكتور بوران مريدن بعنوان : (( مجلة الكلمة : النشأة والتطور والخطوات، دراسة تحليلية في حقل الإعلام الثقافي الإسلامي )) وذلك بتاريخ 4 كانون الأول – ديسمبر 2001م.

 في بداية البحث أشار الطالب المدلوح إلى كثافة الإصدارات في المجلات والدوريات الثقافية الإسلامية التي صدرت في العشر سنوات الأخيرة من القرن العشرين ، ما شكل ظاهرة تستحق الدراسة والبحث. ثم انتقل إلى للحديث عن الدوافع التي جعلته يختار مجلة الكلمة كموضوع للدراسة والبحث وأهمها (( خصوصية الخطاب الثقافي والذي يتصف بالانفتاح والاعتدال والوسطية والدعوة إلى التجديد والاجتهاد والإبداع ومواكبة العصر والتجدد الحضاري، بالإضافة إلى  دوافع أخرى ذاتية، ثم قدم لمحة سريعة عن المجلة، ذكر فيها الجهة التي تصدر عنها المجلة،  ومكان تسجيلها القانوني ومن يشرف على طباعتها، ورئاسة  وإدارة تحريرها، وهيئة التحرير والهيئة الاستشارية . كما ذكر تاريخ صدور أول عدد من المجلة ( خريف 1993م )، مشيراً إلى أهمية هذه المرحلة على المستوى الثقافي وتداعياتها على الواقعين العربي والإسلامي، ما استدعى الانشغال بعدد من القضايا الفكرية التي جعلتها الجلة من أولوياتها منذ ذلك الحين، وعلى  رأسها المساهمة والمشاركة في صنع وبلورة مشروع ثقافي إسلامي حضاري يساهم في تغيير الوضع الداخلي العربي والإسلامي إلى الأحسن والأفضل، مع الانفتاح على المشروع الحضاري الإنساني، والاستفادة منه.

 فكان أن وضعت المجلة نصب أعينها بعض المبادئ التي اعتبرتها منارات تهتدي بها وحدوداً يجب ألا تتجاوزها. من هذه المبادئ تجاوز رواسب الماضي السلبية من نزاعات وبؤر تغذي الاختلاف والتحارب الداخلي، والعمل من أجل صياغة مشروع وحدوي متحرر من الحزبية الضيقة والطائفية البغيضة،  والاهتمام بنشر مبادئ العقلانية والشورى والاجتهاد والتجديد وتفعيل دور العقل الإسلامي لجعله ينخرط من جديد في معالجة قضايا الواقع والعصر بإيجابية.

 بعد ذلك تحدث الباحث بالتفصيل عن ظروف صدور المجلة وأسباب اختيار إسم (( الكلمة )) ومدلولاته المعرفية، وكذلك سبب اختيار بيروت كمكان تنطلق منه المجلة إلى  قارئها.

 ويشارك في الكتابة نخبة فكرية لها هموم ثقافية مشتركة وتفاعلات مع الواقع، ورغبة ملحة للإسلام في نشر وعي ثقافي متجدد وبناء خطاب إسلامي، تشرك فيه جميع العقول المبدعة في العالمين العربي والإسلامي، من خلال منبر المجلة وعبرها.

 ثم تحدث بعد ذلك عن قواعد النشر في المجلة وشروط قبول الدراسات والبحوث ونشرها والتي يمكن حصرها في شرطين أساسيين هما : اهتمام الدراسات بمعالجة المشكلات الثقافية  والاجتماعية  والدينية والسياسية .... إلخ ، وقضايا الإنماء والتقدم والتجدد الحضاري العام،  وأن تلتزم هذه الدراسات بشروط البحث الأكاديمي ، على أن تلتزم بقيم الحرية والحوار والانفتاح والتسامح والوحدة، وتبتعد عن المعالجات المثيرة للحزازات والفتن الطائفية  والسياسة المذهبية. بعد ذلك إنتقل الباحث لاستعراض محتويات المجلة في كل عدد ، وأن هذه المحتويات تنقسم إلى قسمين، قسم ثابت غير متغير وقسم يخضع للمتغيرات حسب المستجدات والقضايا الفكرية المتغيرة وتوفر المادة الخاصة به. كما تحدث عن تطور بعض أبواب المجلة،  وإلغاء بعضها، مواكبة للتغييرات والتطورات التي تخضع لها المجلة سنوياً على مستوى الشكل أو المضمون، وقد تحدث بالتفصيل عن محتويات كل قسم وباب.

 القسم الثاني من الدراسة خصصه الباحث، للحديث عن مجموعة من القضايا المتعلقة بخصائص المواد التي تنشرها المجلة على المستويين الشكلي والمضموني، فعلى مستوى الشكل يلاحظ الباحث بأن مستوى الخطاب يتميز بالنخبوية، سواء من حيث الدراسات المنشورة وهي عادة من طرف مفكرين وباحثين لهم باع طويل في مجال البحث والكتابة، وهذا ما يجعل لغة الخطاب نخبوية إلى حد ما. لكن الباحث يلاحظ أن المجلة ليست ذات توجه أكاديمي صرف، ما يجعل تداولها منحصراً في نخبة النخبة من المتخصصين، وإنما تحاول الموازنة بين تحقيق شروط الأكاديمية في البحوث والدراسات المنشورة  كي تكون لها مصداقيتها العلمية، في الوقت نفسه الارتباط بالقضايا الفكرية ذات الاهتمام الواسع من طرف القارء، ومعالجتها بما ينسجم مع خدمة أهداف المجلة بالمساهمة في بناء المشروع الإسلامي. بالإضافة إلى أن الحكم القاطع في هذا المجال يمكن أن يكون سابقاً لأوانه، لأن عمر المجلة لم يتجاوز بعد العقد من الزمن، وبالتالي لابد من انتظار تحقيق التراكم المعرفي الذي يمكن فعلاً من رصد خطاب المجلة واكتشاف مميزاته وخصائصها العامة. لكن ذلك لا يمنع من التأكيد على كون المجلة تنحو فعلاً باتجاه التخصص والأكاديمية كصفة مميزة لشخصيتها لكن ليس على حساب القطاعات الواسعة من القراء، لأن المشاركة في المجلة مفتوحة ومتيسرة للكل إذا توفرت الشروط المنهجية ، لأن – وكما هو معلوم -  مصداقية أية دراسة أو بحث مرتبطة بموضوعيته وعلميته.  وهذا ما تأكد لدى القائمين على مشروع المجلة بعد هذه السنوات من العمل والتراكم العلمي والمعرفي الذي حققته المجلة.

 

 ملاحظة أخرى تحدث عنها الباحث وتتعلق بتركيز المجلة على بعض الموضوعات والاهتمام بها، فإلى جانب القضايا العامة المتعلقة بالمشروع الفكري الإسلامي العام، وقضايا  التجدد والاجتهاد وغيرها من المواضيع ذات الصلة، تواكب المجلة القضايا الفكرية الطروحة في الساحة  كجزء من تابعاتها وانخراطها في الشأن الفكري والثقافي المحلي والعالمي الذي يستحوذ على إنشغال الشرائح المفكرة والمثقفة، لذلك نجد المجلة تواكب قضية حوار الحضارات في أعدادها الأخيرة باهتمام بالغ إلى جانب اهتماماتها الأخرى. وكذا الحال مع أي موضوع أو قضية يتم تداولها على الساحتين العربية والإسلامية والعالمية، مادامت لها  تداعياتها على الواقع العربي والإسلامي، وبالتالي على المشروع الإسلامي، وهذا جزء لا يتجزأ من رسالة المجلة وحصرها على أن تكون حاضرة وفاعلة في السجلات الفكرية والعلمية المحلية والإقليمية والعالمية.