شعار الموقع

جدل الذات والآخر يتجدد ، إشكاليات الإعلام العربي في ظل التحولات الإتصالاتية - المعلوماتية المعاصرة

طاهر عبد مسلم علوان 2004-10-15
عدد القراءات « 771 »

* أستاذ بكلية الإعلام ـ‏جامعة الفاتح ـ طرابلس ـ ليبيا

( 1 )

تبدو التساؤلات المتعلقة بالإعلام العربي اليوم كثيرة ومتشابكة بتشابك الواقع الاتصالي وتعقيداته وتداخلاته. فإن كان العرب قد دخلوا كغيرهم من الداخلين من بلدان العالم النامي والفقير إلى حلبة الحوار وطرح قضية (الهوية), فإنّ دخولهم كان مسبوقاً بجاهزية مطلقة كونتها وقائع محدودة.. تلك الجاهزية المتعلقة بمن يصنع الخطاب الإعلامي ومن ينشئ ماكنته.. ومما لا شك فيه أن تمركز ذلك الخطاب ومع مطلع هذا القرن في مراكز إعلامية غربية معروفة تمثلها الوكالات العملاقة لصوغ الخبر وتشكيل الرأي العام..‏تمركزه في حدود بضعة مؤسسات عابرة للقارات قد عمق من الإحساس بالهوة السحيقة بين (الذات) ومن ذلك الواقع الاتصالي ـ الإعلامي العربي كونه الوليد الحديث لحقبة الاستقلال وبين (الآخر) الذي تبلورت في أجندته بنى الخطاب الإتصالي المعلوماتي وارتقى شكل ومحتوى الخطاب إلى مزاوجة بين لغة الاتصال بالجماهير (mass communication) وبين ثمار المعلوماتية المعاصرة (Informatics). إن المعضلة تكون بهذا قد تجسمت بتحقيق هذه المزاوجة/ الحدث أمام إعلام محلي بقي زمناً ليس بالقصير وهو أسير ما تبثه وكالات الأنباء والإعلام الغربية, كما بقي زمناً ليس بالقصير معنياً بمخاطبة المجتمع المحلي وخدمة الوجه الرسمي والبروتوكولي لشكل النظام السياسي القائم. وبعد هذا تجد الحديث حول إشكالية الواقع الاتصالي العربي يتأرجح في ظل مرجعيات (الاندلاع) الإعلامي وفرط الاتصال والتدفق الهائل للمعلومات في مقابل اللهاث لامتلاك أسباب الوجود والكينونة التي تسعى إليها المؤسسة الإعلامية العربية. على أن الصورة الكلية التي نحن بصددها تقدم لنا محصلات متواضعة هنا وهناك لا تقاس بما هو قائم وما هو آت. لاسيما وإن المشكل الإعلامي يجسّم العلاقة مع تكنولوجيا الاتصال الحديثة واستحقاقاتها التي تتطلب استعداداً يبدو حتى الآن غير متكامل ولا ناضج في شكله المطلوب والأكثر الحاحاً.

ولذا كان الإحساس بالاحباط إزاء كل تغيّر معجز وكبير يقود إلى تقهقر وعودة إلى الوراء.. وذلك ما يعلّق عليه الأستاذ أسامة الخولي في معرض حديثه عن الموقف من التكنولوجيا الحديثة بأنها تقدَّم للمواطن على أنها «أمور خلابة مبهرة تثير الدهشة والإعجاب الممتزجين بشعور ضمني بالعجز وأننا نتناول الحديث عنها وكأنها أمور لا تمس حياتنا ولا تعنينا بشكل مباشر لأنها من شأن قوم أكثر تقدماً منا. ثم اننا قلما نتعرض للنظر في الجوانب الاجتماعية لظاهرة التكنولوجيا ولتبصير المواطن العادي أو حتى المثقف العربي بدورها المؤثر سلباً‏أو إيجاباً في المجتمع. وإذا ما ركّزنا على سلبيات هذه التكنولوجيا سمعنا في الوقت نفسه دعوة رجعية للهروب من مواجهة هذا الواقع ونظرة متخلّفة تمجّد حياة الماضي وتهويلاً غير مقبول لمخاطر التطورات التكنولوجية تعكس جهلاً‏متعمداً أو غير متعمد وعزوفاً عن النظر في أمرها نظرة موضوعية مدققة» (1) . في ضوء هذا كله نجد أن الحيوية والتواصل والحماس والتخطيط المرحلي والستراتيجي الدقيق, كل هذه قد رافقت التحولات الجديدة فيما يخص المنظومة الاتصالية للبلدان الأكثر تقدّماً وهي جوانب تشكّل أهم ملامح المشكلات التي تواجه الواقع الاتصالي العربي والنامي عموماً وهي مشكلات ينبغي الاعتراف بها لا من باب التراجع والعجز كما يقول الدكتور الخولي بل من باب (الواقعية) وتدبّر الواقع واستشراف المستقبل.

وإلا فإنّ التمويه بأن ليس ثمة مشكلة وما عندهم عندهم وما عندنا عندنا, بمعنى أن المسالة الاتصالية تخص الآخر ونحن نعمل بممكنات قائمة بين أيدينا‏دون أن نقوى على التطلع إلى الضفة الأخرى لأننا غير معنيين بها. إن هذا هو أبرز مؤشرات العجز والتراجع وبقاء مفردات العملية الاتصالية زمناً طويلاً وهي تدور في مدار واحد نمطي مكرر مما أدّى إلى غياب النظرة الصحيحة لما هو قائم فعلاً من تعزيز الترسانة الاتصالية المعلوماتية الأورو أمريكية وتحوّلا إلى تكتل ضخم وقوىً مؤثرة في تشكيل المفاهيم وصنع القرار السياسي!! حيث أن «أداء التكنولوجيا السمعية البصرية من طرف البلدان النامية يطبعه القصور وعدم المعرفة بالقدر الذي يجعل الطرف الآخر موفقاً ومتألقاً لتوفره على جميع الشروط التي تتطلب ذلك وأهم هذه الشروط اعتبار ما يمارسه يقوم على أسس علمية وعلى نظريات تستقي مرجعيتها وقوتها من نظريات علوم إنسانية واجتماعية أخرى» (2)  إن مسألة الارتكاز على ركائز متينة من البحث العلمي الدقيق والدراسات الميدانية ربما كانت هي المنطلق الأهم من بين المنطلقات التي ينبغي على وسائل الاتصال العربية النظر فيها والعمل بها بكل جدّية وحرص, ذلك أن تقويم المفاهيم وسياق البث الذي يتطلب الموازنة والتوجه إلى هدف مخطط له من الرسالة الاتصالية, كانت ولا تزال إحدى أهم مشكلات المواقع الاتصالي العربي والتي أعطت (للآخر) فرصة سانحة لمحاكاة محتوى الهوية الوطنية ورموزها ومكوناتها ومخاطبتها من زاوية أخرى بل قل من زوايا متعددة وكثيرة تسعى قدماً إلى تحقيق أهدافها. ولعل هذا المعطى الخطير يتعدى النظرات العجلى التي تردد مصطلحاً مثل (الغزو الفضائي), إذ من الواضح أن تدبّر هذا المصطلح بشكل جيد سيؤدي حتماً إلى رد فعل تجاه (الغازي) ولكن عند التدقيق في الأمر لا تجد لهذا الغازي من أثر سوى أنه يرفّه عن الناس بالأغنية والمسلسل والفيلم والإعلان وهذا كل ذنبه, هكذا بكل بساطة! بينما غُيّبت صورة الغازي المألوفة: ملامحه وسلوكه وأفعاله. إن الخطاب المتدفق اليوم والذي تشعر باستهدافه (الهوية) إنما «خطاب يبرز بنتيجة التكرار والاستمرار والتصديق ومن ثم المجاراة والاجترار في السلوك وذلك من منطلق تحول وسائل الاتصال السمعية البصرية إلى مصادر أساسية للمعلومات والمعرفة والتعليم والتربية الثقافية وانتشار نشاطها على نطاق واسع, ولذا اتضحت لنا أهمية ما تبثه من رسائل وخطورة تلك الرسائل إذا كانت مستوردة تنقل أفكاراً وصوراً‏ومفاهيم ومظاهر غريبة ومواقف سلبية وضارة في كثير من الأحيان. ولذا سنفهم جيداً واقع تشكيل الاتجاهات والمواقف في إطار الظروف السائدة في بلدان العالم الثالث ومنها الأقطار العربية فنفهم جيداً‏ما تعنيه غلبة الأفلام والبرامج التلفزيونية المستوردة على مجمل ما يعرض على الجمهور وما تقدّمه المحطات التلفزيونية الوطنية من مادة كثيراً‏ما تطرح صورة مشوهة أو منتقاة للمجتمع سواء أكان ذلك على أسس عرقية أو طبقية أو مهنية أو اجتماعية أو سياسية وتقدم من الأفكار والقيم والبدع ما يتعارض مع واقع مجتمعات البلدان المذكورة» (3) .

(2)

ولعل من الأمور الملفتة للنظر أن ثمّ تتابعاً ملحوظاً فيما يتعلق بالواقع الاتصالي المعاصر,‏هذا التتابع يرتبط عضوياً‏بالتحوّلات الاقتصادية وبالموقف السياسي,‏ولذا وجدنا أن المناداة بالحق في الاتصال إنما ترافق مع نزوع دول العالم النامية والفقيرة إلى قدر من التوازن والاستقلالية بينما كان هذا النزوع يسير في طريق مختلف عمّا هو مخطط له دولياً‏بمعنى أنه لا يتناسب واقعياً‏وموضوعياً‏مع ما يراد من سيادة سياقات ومفاهيم بل وقوانين تتحكم فيها القوى التكنولوجية والاتصالية الكبرى, ولذا لن يكون مستغرباً ذلك الموقف الحاد والشديد الذي اتخذته الولايات المتحدة الأمريكية تجاه (اليونسكو) التي وصلت إلى رفض برامج عملها وإيقاف دفع الحصص المترتبة عليها للمنظمة وغيرها من الإجراءات التي لا يخفى أنّ جانباً كبيراً‏منها كان يهدف إلى تحويل مسار وقرارات ومواقف المنظمة إلى ما يتناسب مع السياسات الإعلامية والاتصالية والثقافية عموماً التي تتخذها الولايات المتحدة على صعيد فهمها وتوجّهاتها نحو بلدان العالم النامي والأكثر فقراً,‏ولبلورة مفاهيم جديدة لا تكون فيها المناداة بالاستقلالية والانصاف والحق في الإعلام والاتصال واردة على أجندتها. ولعل هذا الأمر غير بعيد عن مواقف لا تحسب على ما هو آني مرتبط بحال أو ظرف أو مؤتمر, أي أن موقف الدول المتحكمة بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات لم تنطلق في نظرتها ومواقفها آنفة الذكر من رد فعل تجاه نداء لجنة ماكبرايد أو ما شابه بقدر ما هو ما أشرنا إليه من (تتابع) متلاحق في العلاقات الدولية وموازناتها السائدة والتي ينبغي أن تسود على صعيد مفهوم ستراتيجي شامل. وكما يقول أحد علماء الاتصال الأمريكان أنه «إذا كان الاقتصاد العالمي المعاصر يسعى إلى تعزيز سيطرته من خلال تحالف رأس المال وتحطيم الحواجز القومية وتوحيد السوق العالمية فإن القضية في المجال الثقافي تصبح كيفية توظيف الإعلام والثقافة في مجتمعات العالم النامي لخدمة هذه الأهداف أي ترسيخ تبعيتها الاقتصادي بوضع امكانياتها الثقافية والإعلامية في خدمة مصالح رأس المال العالمي وأجهزتها» (4)  وبناءً على ذلك نجد أن بعض الطروحات (التجزيئية) القائمة على عزل البنى الاتصالية ـ المعلوماتية المعاصرة عن مجمل ترابطاتها الجدلية العميقة هي أطروحات تنقصها كثير من الموضوعية والمنطق,‏ولربما كان مردّ ذلك إلى ما اعتاد عليه هؤلاء المنادون بهذه الطروحات من سياقات في بلدانهم تقيم فجوات غريبة وغير موضوعية بين قوانين الاتصال والمعلومات‏(في حدها الأدنى المتوافر) وبين استراتيجيات الاقتصاد والموقف السياسي,‏ولربما كان مردّ ذلك أيضاً إلى الاهتزازات الملحوظة التي ترافق غالباً‏الخطاب الاتصالي في بلدان الجنوب, ذلك ان هذه الاهتزازات مرتبطة بعدم استقرار السياسات نفسها وعدم رسوخ البنى الاقتصادية وعدم تبلور الممارسات التنفيذية في العديد من الحقول الاجتماعية والتنموية خاصة إلى سياقات عمل تحمل طابع الثبات والنمو المضطرد. ومن هنا فقد تعمّقت شكوى بلدان الجنوب يوماً بعد يوم لاسيما بعد انهيار الكتلة الاشتراكية الشيوعية بانهيار الاتحاد السوفيتي السابق وما تبع ذلك من تفاعلات فضلاً‏عن تبلور النزعة القطبية الدولية الواحدة واستراتيجيات النظام الدولي الجديد.

وتحدد الدكتورة عواطف عبد الرحمن هذه (الشكوى) في ثلاث قضايا رئيسية إن كانت قد وجدت في مطلع عقد الثمانينات تحديداً‏لها مع ازدياد حدة التدفق الاتصالي والتطورات في تقنيات الاتصال فإنها قد تفاقمت اليوم لكنها لم تخرج عن إطار هذه الشكوى الثلاثية الوجوه:

1ـ سياسة الصمت حول القضايا الحيوية لبلدان الجنوب وأهمها مشكلات التنمية والتخلف.

2ـ‏التشويه الذي تزخر به الأخبار المنشورة في صحف وإذاعات وتلفزات دول الشمال عن دول الجنوب.

3ـ الدعاية الثقافية المضادة الموجهة من دول الشمال إلى دول الجنوب (5) .

إن هذه الشكوى الثلاثية الأبعاد هي في واقع الأمر تأكيد للنظرة التجزيئية في تكريس (الإعلامي) في معزل عن الاقتصادي والسياسي وهي شكوى (إشغالية) بمعنى أنها تشغل الناظر إليها عن خلفياتها وامتداداتها الواسعة والعميقة,‏ذلك أن استقراء النظرية الليبرالية في الإعلام يكشف عن تحوّلات هذه النظرية وافرازاتها وهي تنمو وتتطور في فضاءات من المعطيات المتتابعة المعروفة, فهي تستمد قوتها من التحولات الارتكازية العميقة التي يشهدها المجتمع الرأسمالي وانتشار نفوذ الشركات متعددة الجنسيات عبر القارات, ولربما كان هذا الانتشار قد أقام وجوده عبر رحلات الغزاة والفاتحين والقراصنة في نهج مميّز معروف وصولاً إلى غزو نابليون لمصر الذي يجسّد صورة حية لتتابعات الغزو الفكري والثقافي وإرهاصاته العميقة,‏ولذا يجيء امتداد الشركات متعددة الجنسيات مدججاً برأس المال والنمو الرأسمالي وفائض رأس المال وقيم الربح والانتشار والفائدة والاستثمار متعدد الأوجه, يجيء هذا الامتداد ليخضع الدائرة الاتصالية المعلوماتية لتوجهاته وخططه وينمي من داخلها أهدافه في معزل عن تلك الشكاوي التي يتقدم بها خبراء الإعلام والاتصال في بلدان الجنوب, لأن هذه الشكاوى ربما اكتسبت شكل تحصيل الحاصل في ظل التدابير المتواضعة للأنظمة الاتصالية المعلوماتية للجنوب والعجز الفاضح عن تجديد الوسائل والرؤى والأساليب والتراجع عن الابتكار وفي ظل الانتشار المحدود للصحيفة والكتاب وكثافة مشكلات الفقر والأمية.. وإذا كانت هذه الوقائع المعتمة التي تسود القطاع الأكبر من دول الجنوب قد عمّقت الإحساس بالخسارة والضعف فإنها ولاشك قد وفّرت قدراً واسعاً من الموضوعية والواقعية في النظر لمشكلات الاتصال والمعلومات تحت ضغط المعميات وطمس الحقائق الذي ساد تلقي الجنوب لخطاب الشمال, لكون هذا الأخير قد احتفظ بأسرار توجّهاته وعزل الشمال عزلاً‏شبه تام عن تدبّر واقعه والسؤال عن مستقبله. ورغم هامش التفاؤل الذي يشعر به الجنوب إزاء تفهّم الشمال للمشكلات والشكاوى المتفاقمة والمتمثلة في تفهّم شرعية مطالب الدول الفقيرة حيث أن الشمال لا يرى «اي تناقض بينها وبين المبدأ الخاص بحرّية الإعلام الذي يعلنه الديمقراطيون الغربيون من منطلق الرغبة في صيانة الشخصية القومية (الهوية القومية) من الأخطار التي تهددها وكونها لا تتعارض مع أفكار (التنوير) التي نشرتها العولمة في العالم كله ونقول, أنه رغم ذلك كله فإن هنالك من يستنكر الرؤية القائمة على النفاق التي تهدف إلى تحقيق ما يطلق عليه بـ (دمقرطة الإعلام) من خلال قوىً خارجية» (6) .

(3)

وكما ذهبنا قبل قليل فيما يخص النظرة (التجزيئية) القاصرة في عزل المشكل الاتصالي ـ المعلوماتي عن دائرته الدولية الأوسع فإننا نجد أحد أبرز خبراء الاتصال في الغرب وهو (فرانسيس بال) ينكر تلك المطالب والشكاوى‏(من الجنوب) والمنادية بالتوازن والموضوعية إزاء قضايا ومشكلات وأخبار الجنوب فيقول: «إن أية محاولة للقضاء على مؤامرة الصمت إزاء أخبار الفقراء في العالم النامي سوف تصطدم بحرية الإعلام في دول الشمال», ولذا فإن رأياً كهذا سيُفرغ تلك الشكاوى من متنها الموضوعي ويحيلها إلى تذمّر أو رد فعل عابر في أحسن الأحوال!!, ذلك ان إحالات خبراء الغرب لهذه اللاموضوعية واللا توازن التي تحكم فعالية الشمال الاتصالية ـ المعلوماتية باتجاه الجنوب إنّما هي إحالات تصبّ في مدار حرية تدفق المعلومات وحرية الرأي وحقوق الإنسان وحرية الثقافة.. الخ.. بمعنى أن توجّهات الاتصال الغربي استراتيجياً تصرف عن بنودها مفهوم (الهويات) المجاورة فلا تقيم لهذه الهويات منظومة إشكالية كما هي لدى دول الجنوب عموماً..‏بمعنى أنها ان كانت تمعن في التدفق الاتصالي المعلوماتي عبر القنوات الأكثر فاعلية وسخونة عبر الأقمار الصناعية والتوابع فإنها لا يمكن أن تجهل أو تتجاهل الأهداف الاتصالية التي تريدها في كسب جمهورها وتحقيق أوسع انتشار لها. لكننا وفي ظل هذا نجد أن ثمّة تناقضات صارخة وغير موضوعية تطبع الإحالات إلى حرية الإعلام وحرية تدفق المعلومات كما ينادي بها اتصاليو وإعلاميو الشمال في كون هذه الإحالات ترتكز على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومفاهيم النظرية الإعلامية الليبرالية, نقول أن هذه الإحالات إن كانت تكرّس الحق في الإعلام والحق في الاتصال فإنها تصطدم مع الحق في الاتصال والحق في الخصوصية والحفاظ على الهوية الثقافية وهو ما ينادي به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نفسه, إذ نصّت المادة الثامنة عشرة من الإعلان المذكور على أن‏(لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين), ونصت المادة التاسعة عشرى على أن (لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق في حرية اعتناق الرأي دون أيّ تدخل) (7) , ولذا فإن حرية (الرأي ـ‏التعبير ـ‏التفكير) كلها تقع في إطار الخصوصات الخاصة للإنسان في أرجاء العالم وبكافة دوله وشعوبه وهي خصوصيات محفوظة للفرد لا ينبغي التعرّض لها,‏لكن واقع الحال أن استراتيجيات التدفق الاتصالي اليوم غير معنية بطريقة مباشرة بالحساسيات التي تولّدت لدى العديد من الدول, تلك الحساسيات المتأتية من أسباب اجتماعية أو اثنية متصلة بالتدفق الاتصالي القائم اليوم الذي يمس تلك الحساسيات وينتهك معها الخصوصيات, ولعلّ النظر في تركيبة الواقع السوسيولوجي لبلدان الجنوب ومنها الأقطار العربية تؤكد لنا أن الرسائل الاتصالية إن كانت تتدفق من منطلق حرية الاتصال وحرية الإعلام فإنها في الحقيقة تتجه إلى مجتمعات تعتمد التلفزة أداة رئيسية في الاتصال بسبب التراجع المخيف في انتشار الصحف والكتاب من جرّاء الأمية المتفشية بمستويات عالية جداً ولا يخرج تقييم التلفزة اليوم في بلداننا العربية عن تقييمها في العالم أجمع, إذ تشير مسوحات (معهد روبرت للبحوث) «أن وسيلة التلفزيون أكثر الوسائل مصداقية بالنسبة للمشاهدين» (8) . ويقول الباحثان (جون ميرل) و(رالف لوبنشتاين) إنه «في معظم الحالات ولأنّ المستقبل نادراً‏ما يكون في موقع يؤهله للتأكد من الحقيقة والصحة والتوازن في التقارير الصحافية مثلاً, ولذا فإنّه في الواقع يقع تحت رحمة الصحافيين والمحررين,‏كما أن المستقبل يكون في موقع منفصل عن رجل الإعلام ولهذا فإنه لا يعرف حقيقة الهدف أو الدافع أو حتى المعايير الأخلاقية للذين قاموا بتصميم الرسالة الإعلامية, صحيح أن المتلقي يمكن أن يفترض أن معظم الرسائل الإعلامية مضلّلة وغير حيادية, ويمكن أن يشك في كل هذه الرسائل ولا يصدّق كل ما يقرأ أو يسمع أو يشاهد هنا قد يحمي نفسه ولكن إذا وضع نفسه في هذا الموقع فإنه سوف يكون بعيداً‏عن الأحداث والاتجاهات التي تدور في العالم» (9) . ولذا يحيلنا هذان الباحثان إلى السؤال الشكسبيري القديم الجديد في مسرحية (هاملت) الذي مفاده (أأكون أو لا أكون), فأن تصغي وتصدّق القناة الاتصالية فإنك تكون وإن ترفضها ولا تصدقها فلن تكون!! إن هذه الستراتيجية في التأثير على المتلقي إنما هي شكل من أشكال طرح الخيارات بين التقوقع والانكفاء وبين الرضا ومن ثمّ التصديق والتآلف مع ما تقدّمه الوسيلة الاتصالية,‏وبالتالي خضوع الخصوصيات إلى النقاش ومن ثم خضوعها إلى التأثير التراكمي الذي تصنعه قنوات البث الفضائي المباشر عبر الأقمار الصناعية. وفي هذا الصدد يقول (فكتور سحاب) إنّ علماء الغرب يؤكّدون أن أثر المؤسسات التقليدية في تكوين الفرد وهي المدرسة والمؤسسة الدينية والعائلة في الإجمال قد وهن وهناً شديداً فملأت وسائل الإعلام العامة فراغاً‏كبيراً ومساحة كبيرة من الزمن, وتشير إحصاءات أمريكية مثلاً‏إلى أن 60% من العائلات الأمريكية بدّلت عادات نومها, وأن 55% منها غيّرت أوقات طعامها بسبب التلفزة, وانخفض الوقت الذي يصرفه الأمريكي للنوم واللقاءات الاجتماعية خارج البيت ووسائل اللهو والتسلية الأخرى (10) .

وربما كانت هذه الصورة في إحداث تغييرات بنيوية في برنامج الحياة اليومي للفرد هو الذي يجري تصديره والترويج له لخلق مشاهد متماهٍ تماماً مع هذا النموذج الغربي للفرد الذي أخضع ولو جزءاً أو حيزاً من مفردات حياته إلى القناة الاتصالية.

يقول (انطوني سمث) في كتابه الجغرافيا السياسية والإعلام: «وهكذا تسيطر ثقافة الغرب على العالم لأن الإعلام هو مرتكز السيادة.. ان منتجي المواد الإعلامية الغربية يحتاجون إلى أسواق متجانسة ليخفّضوا كلفة الانتاج ويزيدوا المبيعات ولذا فإن الإعلام الغربي يدرّب الشعوب على أن تريد ما يقدّمه لها..‏ان المنتجات الثقافية والإعلامية أشدّ فتكاً في كيان الشعوب من الكوكاكولا والهمبرغر. إن الاستقلال القومي يرتكز الآن أكثر من أي وقت مضى على القدرة على اتخاذ قرارات مستقلة تتعلق بتداول الإعلام, واكتشفت شعوب كثيرة الآن أن السيادة والهوية القومية والاستقلال لا تنشأ فقط بقرارات رسمية سياسية لكنها تنشأ بالأحرى من الظروف الثقافية والحياة الاقتصادية» (11) .

(4)

إن هذا الرأي المباشر من (سمث) يؤطّر لنا جملة من أهم القضايا موضوع البحث والتدبّر وهي قضايا تكشف عن استراتيجيات الإعلام عبر الأقمار الصناعية خاصة,‏ولذا وفي ضوء كل ما تقدم من آراء لابد لنا من الخروج بعدد من المعطيات التي نجملها بما يأتي:

أولاً: إذا كان الإعلام اليوم هو المرتكز في بلدان تثابر في تصعيد وتائر النمو الاقتصادي والمعلوماتي والثقافي, فإنّ ذلك إنما يحيل إلى أن معطيات هذا النمو إنما تمرّ عبر القناة الإعلامية,‏أي أن القناة الإعلامية صارت كشّافاً لتلك المعطيات وبواسطتها يجري تجسيم المنجز الحضاري وتمهيد الأذهان في عموم المجتمعات المستهدفة من الرسالة الإعلامية لتقبل صورة الواقع والمستقبل الحضاري للشمال والتفاعل معها, فضلاً عن أن استراتيجيات الاتصال الغربي تضع ثقلاً‏ملحوظاً على وسائل الاتصال في كونها جزءاً‏مهماً من الهياكل الاقتصادية الرأسمالية أي أنها ليست عملاً‏(خيّرياً) بل هي حقاً ركيزة للسيادة وركناً حيوياً في التركيب السياسي ـ الاقتصادي للبلدان المالكة للتكنولوجيا, ففرض السيادة وفق هذه الستراتيجية خرج عن تلك الأطر النمطية الصاخبة التي اعتادت عليها بلدان العالم الثالث عموماً وتفاعلت معها وأقامت معها سلسلة طويلة من الأخذ والرد وتباينت مواقفها إزاءها سلباً أو إيجاباً, ولذا فإن مفهوم السيادة السياسية إن تفحّصناهُ جيداً في إطار دوائر المعارف الخاصة بنظريات السياسة المعاصرة, نجده قد اتسع ليشمل منظومات قيمية بقيت زمناً‏طويلاً‏خارج إطار الأولويات الموضوعية المطلوب العناية بها والحرص عليها وفي المقابل فإن التأثيرات الجدية التي تلحقها وسائل الإعلام في المس بسيادة المجتمعات وخصوصياتها صارت هي المسألة الأكثر خطورة. لأن مفهوم المساس بالسيادة هو الآخر خرج عن مشكلات الحدود والتدخل في الشؤون الداخلية والحملات الإعلامية المضادة, وأخذ إطار الاقتراب المضطرد من المفردات الإنسانية الشخصية وهو أحد استراتيجيات الاتصال المستقبلية في تطوير قابلية التأثير وغرس مراكز استشعار في كل مجتمع ما تلبث أن تزيد وتتكاثر وما مراكز الاستشعار تلك إلا عموم المتلقّين الذين ينجذبون إلى الخطاب المتلفز القادم عبر الشاشات والمحمّل بشيفرات المحاكاة والتأثير التراكمي وإعادة تشكيل المفاهيم وإعادة النظر في المواقف والآراء وصولاً للمعتقدات.

ثانياً: نأتي إلى المحور الثاني من هذه الإشكالية الاتصالية المركّبة وهي مسألة الإجابة عن سؤال تطرحه مؤسسات الشمال الكبيرة وهو سؤال مفاده: أين يذهب منتجو المواد الإعلامية بإنتاجهم ليجنوا الأرباح ويقلّلوا كُلف الانتاج ويجددوا الوسائل والإمكانيات ويخططوا للجديد,‏إن المليارات الـ (500) التي أنفقت سنة (1997) على حقول الاتصال والترويج والإشهار أو الإعلان وعلى عموم مفاصل الانتاج الإعلامي,‏وفي الطليعة منها الانتاج التلفزي الفضائي لا يمكن في أي حساب أو وجهة نظر المرور عليها والانتقال إلى غيرها بل النظر جدّياً إلى هذا التراكم الهائل لرؤوس الأموال والانتاج الذي ما انفكت الشبكات الكبرى تغدق عليه الكثير الكثير من الانفاق لأجل أهداف محددة, ولذا سيبرز لنا هدف آخر مستقبلي مهم وهو أنّ من المشكلات الحيوية المقبلة التي تواجه منظومات الاتصال بالنسبة للدول النامية والفقيرة هي مشكلة البحث عن موقع يحقق لها ثقلاً ما ومن ثمّ يحقق لها وجوداً وتأثيراً‏في وقت تشهد فيه الثقل بأبعاده الهائلة ممثلاً في التكتّل الاقتصادي لمنظومات الاتصال الغربية,‏ولذا فإنّ الإطار المستقبلي سيفعل فيه العامل الاقتصادي دوراً خطيراً في تطوير تكنولوجيا الاتصال وتحديث الوسائل والأساليب وزيادة ثقل مراكز الأبحاث الاتصالية في الشمال, ولذا فإنّ مسألة الحرص على ثقافات المجتمعات وخصوصياتها ستعتبر بمثابة (السواقي الصغيرة) بينما سفن الاتصال تبحر بثقلها في أعالي البحار. فكيف يمكن لهذه السفن إلا أن تتجاوز وحتى تتجاهل ولربما ترفض تلك الخصوصيات المتمثلة في السواقي الصغيرة من منطلق أن تلك المنظومة الاستراتيجية العملاقة تنطلق من قاسم مشترك يضمّ جميع البشر فيلبي رغباتهم ويطمئن حاجاتهم من القناة الإعلامية ويخرجهم في ما يشبه السحر من عالمهم المثقل بالمشكلات إلى عالم أكثر انفتاحاً وتحرراً وشاعرية وجمالاً‏وإثارة. يضاف إلى كل ذلك أنه إذا كانت الماكنة (المنتجة) للرسائل الاتصالية تزيد باضطراد من طاقاتها الإنتاجية فإنها وكما هي الشركات المنتجة لأية صناعة ستبحث لها عن أسواق تروج لها انتاجها وإذا كانت بلدان العالم الثالث عموماً ولا تزال هي السوق الأزلية للشراء وكانت ولا تزال تعاني بشدّة من وطأة العجز في ميزانيات المدفوعات ومن التضخم وكلّها تمثل اليوم وجوهاً‏للعلاقة المختلّة مع أسواق تحرص على الاقتناء المستمر ولذا فإن هذا الإدمان على شراء الصناعة الاتصالية الغربية هو بعد آخر أشدّ وطأة من أبعاد مسالة الحفاظ على الهوية ذلك أن رفض المنطق الاتصالي القادم من الآخر لن يشكل شيئاً أمام قيام الرافض نفسه بتوفير سوق ومشترين للصناعة الاتصالية موضع الجدل وسبب المشكل!!

ثالثاً: إن الخلاصة الأخرى التي نتلمسها هنا هي المقولة المستقبلية التي مفادها (أن الإعلام الغربي يدرّب الشعوب على أن تريد ما يقدّمه لها) هي مقولة تكشف عن مسألة بالغة الأهمية والخطورة وتقع في استراتيجية الاتصال المعاصر في الصدارة من تلك الستراتيجية, إذ ما قيمة تصدير الإعلام الغربي ان لم يجد له سوقاً‏ومستهلكين? ولذا فإن مسألة (تدريب الشعوب) على النمط الاتصالي الغربي هو اقتراب من أشدّ المناطق حساسية في بنى المجتمعات وتركيبتها الاجتماعية والأثنية وهو اقتراب يقيم منطلقاته وثوابته من نظريات التأثير التي طورها خبراء الاتصال المعاصر ابتداءً من التأثير القصير المدى من الخبر والمشهد صعوداً‏إلى التأثير التراكمي الأخطر والقائم على التتابع الزمني الطويل نسبياً لإحداث تغيير في أنماط التفكير وأساليب العيش وطرق التعامل مع البيئة والمحيط ومن ثم تبني الأفكار والقيم ثم التطعيم والتقليح القائم على فرضية خلق اللامبالاة وتبلّد الأحاسيس ضد كثير من الظواهر الخاطئة والسيئة, ومن ذلك (فرط الاتصال) في مشاهدة أفلام معينة ومثال ذلك أفلام الجريمة التي يؤدي فرط الاتصال بمعنى اعتياد المشاهدة لها, يؤدي إلى خلق حالة من اللامبالاة تجاهها وعدم رفضها أو النفور منها ـ والمسألة الأخرى التي تثار في سياق (تدريب الشعوب) هي ما يؤشره أحد الباحثين بقوله «إن ما تبثّه القناة الاتصالية من رسائل قد لا تؤثر فينا كثيراً وقد لا نعيره أدنى اهتمام لكنّ (قادة الرأي) وهم الأشخاص البارزون والمؤثرون في أية مجموعة مهما كانت صغيرة سواء أكان قائد الرأي صديقاً أو زميلاً أو أخاً أو أي شخص آخر له نفوذ وتأثير مادي أومعنوي, هؤلاء (القادة) يجعلون الآخرين المحيطين بهم حتى ولو كان شخصاً‏واحداً يجعلونه يقبل تفسيرهم ورؤيتهم الخاصة مما يؤدي في الغالب إلى التأثير بكل أو جزء من محتوى الرسالة الاتصالية» (12) . إن خلق (قاعدة) من المتلقّين الشغوفين بالرسالة الاتصالية هو المقصود بتدريب الشعوب ونلاحظ كيف يخرج هذا التأطير من حدود الفردي إلى الجماعي بمعنى أن الصعود من الحالة الفردية للتأثير هو بمثابة تحقّق ركن (التدريب) لكي يأخذ طريقه قدماً من الفرد إلى المجتمع إلى الشعوب عامة..‏وعند هذا سيكون من المحيّر حقاً‏مناقشة موضوع (الهويات) وحدودها وحدود البلدان وخواصها ومشكلاتها وشكاواها تلك التي عرضناها قبل قليل..‏ذلك أن المشكلة في هذا الرسم الستراتيجي تكون قد اتّسعت إلى مستوى تكون فيه دعوات الشمال لتفهّم قضايا الجنوب التنموية كما ذكرنا في سلسلة المشكلات التي طرحها خبراء الإعلام,‏وهذه الدعوات لا ندري أين نضعها وسط هذه التهيئة المربكة..! إن عدم (درايتنا) هذه تنبع من كون مسألة (تدريب الشعوب) هي من الخطورة ما نشعر إزاءه ان استعدادات بلدان الجنوب وتصوّراتهم لا تتناسب مع هذا الأمر الكبير.. إذ كيف يمكن الحدّ من (تدريب الفرد)? أبالمنع أم بالنصيحة أم بإطلاق حرية الخيارات? وفي واقع الأمر ان هذه الخيارات الثلاث هي التي تحكم عملياً المواقف الاتصالية في عموم البلدان النامية والفقيرة ومنها البلدان العربية,‏ولا نجد في أي منها ما يستقيم مع هذا التدفق الاتصالي الذي لن تصمد أمامه لا أوامر النهي والمنع ولا النصائح الأبوية, ومن المؤكد أيضاً‏أن المشكلة الحقيقية هي في ما يطالب به (مدرّبو الشعوب) أنفسهم بفتح البوابات على مصاريعها من منطلق حرية تدفق المعلومات وحرية الإعلام. ومن هنا تبرز مسألة التدابير التي اتخذتها وتتخذها الأجهزة الاتصالية لبلدان الشمال نفسها وينسحب الأمر على عموم المفاصل المتّصلة بتنشئة الفرد وبناء قيمه السلوكية والتربوية والأخلاقية التي ينبغي أن تأخذ دورها في ظل هذا الواقع بشكل عملي وعقلاني وعاجل.

رابعاً: تثار مسألة أخرى مهمة هي الكيفية التي يرى فيها المتنبئون بمخاطر البث الفضائي وتفاعلاته المستقبلية,‏فهم سرعان ما يشيرون إلى مظاهر يومية في الشارع مثل رواج زجاجات الكوكاكولا وانتشار مطاعم الماكدونالد وكثرة مرتدي سروال الجينز وغيرها, ان هذه المظاهر هي ليست في الحقيقة من ثمار البث الفضائي فالجينز وجد في الأسواق العربية وغير العربية منذ كان التلفزيون باللونين الأبيض والأسود! وكذلك المشروبات الغازية وأنواع الطعام الغربي التي نجدها في كتب (فن الطبخ)! من هنا نجد أن انشغالات البعض بهذه الظواهر سعياً‏للحد منها أو القضاء عليها وهي قضية أخرى لن نناقش أبعادها هنا إذ بقدر تعلق الأمر بما نريد مناقشته هنا نقول ان من الجوانب السلبية المرفوضة هي ملاحقة القشور الغربية من خلال المظاهر المختلفة, لكنّ الجوانب الأكثر سلبية هي الانعكاسات التربوية والأخلاقية التي تفعل فعلها الأخطر على مستقبل الشعوب.

* أستاذ بكلية الإعلام, جامعة الفاتح بطرابلس/ ليبيا.

الهوامش:

1ـ د. أسامة أمين الخولي. العلم والعطاء العلمي,‏مركز دراسات الوحدة العربية, بيروت, ط1, 1985, ص33.

2ـ د. محمد طلال. الثقافة الموجهة للأطفال والشباب في القنوات الفضائية العربية,‏المجلة العربية للثقافة,‏المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم,‏العدد 33, 1997, ص111.

3ـ د. سنان سعيد. خصائص وسائل الإعلام في الاتصال الثقافي, مجلة التوثيق الإعلامي, مركز التوثيق الإعلامي لدول الخليج العربي, العدد 2, 1989, ص21.

Schiller. H. «Mass communication and American Empire» New York. 1968. P66.

5ـ د.‏عواطف عبد الرحمن. قضايا التبعية الإعلامية الثقافية في العالم الثالث. دار الفكر العربي, القاهرة,‏ط2, 1987, ص330.

6ـ المصدر السابق نفسه. ص251.

7ـ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. الأمم المتحدة, 1948.

8ـ جون ميرل وزميله. الإعلام وسيلة ورسالة,‏ترجمة: د. ساعد الحارثي, دار المريخ, الرياض, ط1/1989, ص190.

9ـ المصدر نفسه, ص283.

10ـ فكتور سحاب. أزمة الإعلام العربي الرسمي,‏دار الوحدة, بيروت, ط1, 1985. ص11ـ12.

11ـ المصدر نفسه, ص77.

12ـ د. محمد بن عبد الرحمن الحفيف. كيف تؤثر الرسالة الإعلامية, مكتبة العبيكان, الرياض ـ ط1/1994, ص20ـ21.

المراجع

(1) Everett. m. Rogers & Francis Ball: «The medea Revolution in America and Western Europe» Ablex Puplishing Corp. NewJersy. U.S.A. 1985.

(2) James Halloran. «mass media and society» The Challenge of Research. An lnaugural lecture un. of Leicester. England.

(3) Charles Wright. «mass communication» H.Y. Ramdan House. 1980.

(4) Mcluhan. m.«understanding media» McGraw Hill New York. 1966.

(5) Mequail. D. «communication models for the study of mass communication» Longman London. 1993.