شعار الموقع

الفكر الاسلامي الجديد, ملامح وقضايا

زكي الميلاد 2004-10-15
عدد القراءات « 1905 »


[1]
الأرضيات والشروط الموضوعية
تحددت مراحل الفكر الإسلامي وتحقيباته وتقسيماته الزمنية والتاريخية, حسب اختلاف وتمايز الوضعيات والسياقات والمكونات الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ارتبط بها في كل مرحلة, وحسب القضايا والظواهر والمفاهيم التي تفاعل معها, والاحتكاكات والتواصلات والانفتاحات التي تداخل معها. هذه الشروط والعناصر هي التي تفرض على المنظومات الفكرية والمذاهب الاجتماعية, محددات وجهتها العامة ومساراتها ومسلكياتها, وتكوينات خطاباتها وبياناتها ومدوناتها. والذين يؤرخون للفكر الإسلامي منذ القرن الثامن عشر الميلادي إنما ينطلقون من القضايا الأكثر حضوراً واشتغالاً, ومن الوضعيات الأشد تأثيراً, ومن البيئات وشروطها واحتكاكاتها, ومن الخطابات وتكويناتها وموضوعاتها. وحسب التقسيم الكلاسيكي السهل الذي لم ينقض أو يعاد النظر فيه, فإن الفترة التي مر بها الفكر الإسلامي منذ القرن الثامن عشر إلى نهاية النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلاديين يؤرخ لها بظهور الدعوات السلفية التي ارتبطت في أكثر قضاياه بأمور العقيدة والدفاع عنها وتنقيتها من الظواهر والمفاهيم والسلوكيات التي تناقض مبدأ التوحيد, كما في رؤية أصحاب هذه الدعوات, وفي مقدمتهم دعوة الشيخ «محمد بن عبد الوهاب» [1115 ـ 1206هـ / 1700 ـ 1792م] في نجد. وأكثر احتكاكات هذه الدعوات كان بالدولة العثمانية. وفي نظر الدكتور «محمد عمارة» ان هذه الدعوات «كانت تعيش في إطار الفكر القديم الذي استقر منذ العصور الوسطى» (1) .
ومنذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي إلى نهاية الخلافة العثمانية, هذه الفترة يؤرخ لها بظهور حركات الاصلاح والتجديد الاسلامي التي ارتبطت في أكثر قضاياها بالغرب, تارة في مقاومته كتهديد على البلاد الإسلامية والخلافة العثمانية, وتارة في الاقتباس منه لما يمثل من تجربة في التطور والتقدم على الصعيد العلمي والصناعي. والوصف الذي يطلق على هذه الفترة هو الفكر الإسلامي الحديث, ومن أبرز رجالاته السيد «جمال الدين الأفغاني» [1254 ـ 1315هـ / 1838 ـ 1897م].
أما الفترة التي جاءت بعد نهاية الخلافة العثمانية في النصف الأول من القرن العشرين, وبعد قيام الدولة العربية الحديثة في النصف الثاني من القرن نفسه, فيطلق عليها بالفكر الإسلامي المعاصر. وبرزت في هذه الفترة كتابات [حسن البنا, وعبد القادر عودة, وسيد قطب, ومحمد البهي, ومالك بن نبي, وعلي شريعتي, وأبو الأعلى المودودي, والشيخ مرتضى مطهري, والسيد محمد باقر الصدر, والشيخ محمد الغزالي,..] وارتبطت هذه الكتابات بالواقع الذي جاء بعد نهاية الخلافة العثمانية وتفكك أجزائها واقتسام فرنسا وبريطانيا لتركتها, ودخول العالم الإسلامي تحت الهيمنة والنفوذ الاستعماري الأوروبي, ثم بالواقع الذي جاء بعد قيام الدولة العربية القطرية التي ارتبطت في تشريعاتها وقوانينها وأنظمتها ومؤسساتها بالمرجعية الفكرية الأوروبية بشقيها الليبرالي الغربي والاشتراكي الشرقي. وهذا ما يفسر اهتمام الفكر الإسلامي الواسع والمتشدّد بقضايا الهوية واشكالياتها والدفاع عن المرجعية الإسلامية من خلال شعار «الشريعة الاسلامية صالحة لكل زمان ومكان», في ذلك الظرف.
ومع نهاية حقبة السبعينات اختلفت صورة المرحلة بشكل واضح, وتغيرت الظروف والأوضاع بنمط جذري ومتسارع, ودخلت عليها عناصر ومكونات شديدة الفاعلية والتأثير, قلبت معها توازنات الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية. ولهذه الطبيعة والخصوصيات فقد خضعت هذه المرحلة للعديد من الدراسات والتحليلات والاستشرافات الشاملة, ولازالت تستقطب أوسع الاهتمامات البحثية على مستوى النطاقات العالمية كافة. وصدرت حولها أكثر الدراسات والمؤلفات تحريضاً على المقاومة والمواجهة والصدام من كل الأطراف المتنازعة داخلياً وخارجياً, بما في ذلك قضية الإسلام والغرب, والعلاقة بين الحضارات. حيث أظهر الغرب بمراكزه ومعاهده وجامعاته واعلامه السمعي والبصري, اهتماماً هو الأوسع من نوعه في نشاطه البحثي منذ الجمود الذي أصاب حركة الاستشراق, ودفع بالمستشرق الفرنسي «جاك بيرك» لأن يعلن في عام 1975 عن نهاية الاستشراق. وحسب الدكتور «رضوان السيد» لم تكن كتابات الغربيين والمستشرقين من بينهم على الخصوص, كثيرة في الإسلام المعاصر حتى السبعينات. وأبرز هذه الكتابات بعد الحرب العالمية الثانية كتابا هاملتون جب: الاتجاهات الحديثة في الاسلام, و ولفريد كانتول سميث: الإسلام في العالم المعاصر. وكانت دراسة ميتشل عن الاخوان المسلمين بمصر أبرز ما صدر عنهم حتى اليوم. أما بعد العام 1978م فإن الدراسات والندوات والمؤتمرات عن الإسلام المعاصر, والحركات الإسلامية, والنهوض الإسلامي والثورة الإسلامية, ومستقبل الإسلام, كل ذلك تكاد تستعصي على الحصر (2) .
لذلك فإن من الممكن موضوعياً ومنهجياً أن يؤرخ لهذه الفترة في سياق تقسيمات الفكر الإسلامي وتحقيباته الزمنية والتاريخية, فالوضعيات التي ارتبط بها كانت في غاية الاندفاع والتغير, والقضايا والمفاهيم التي تفاعل معها كانت مختلفة ومتحولة, إلى جانب احتكاكات وتواصلات شديدة التشابك والتوتر. حرضت الفكر الإسلامي على اهتمامات ومسارات جديدة وجد نفسه مدفوعاً إليها ومنشغلاً بقضاياها وموضوعاتها, الأمر الذي استدعى أن يستحضر ما عنده من أفكار ومفاهيم وتصورات, ويدخل في مراجعات وتقويمات ونقديات, وينطلق نحو تجديدات وتأصيلات واجتهادات جديدة, ويعيد النظر في منهجياته وآلياته وطرائقه, وذلك بعد أن اكتشف مناطق الفراغ التي كانت تتسع مع مرور الوقت في منظوماته, والانقطاع الطويل عن العصر وتطوراته وعن العلوم وتراكماتها. لذلك فقد أصبح الفكر الاسلامي شديد الوعي بمسائله وقضاياه وموضوعاته, وبمهماته وعلائقه, نتيجة الاقتراب الحي والواسع بالواقع وتعقيداته وتناقضاته وتشابكاته. الاقتراب الذي أيقظ فيه هذا الوعي وحرضه على الاندفاع. لقد كان الفكر الإسلامي في حاجة ماسة لأن يواجه ذاته, ويمتحن أطروحاته, ويجرب تصوراته, وينظر لطرائقه ومنهجياته, فكان من المؤكد ان يزداد قناعة بضرورة التجديد والتطوير والتحديث, والانتقال من المثالية إلى الواقعية, ومن التنظير إلى التجريب, ومن الاطلاقات إلى النسبيات, ومن الاجمالات إلى التفصيلات, ومن التراث إلى المعاصرة, ومن الماضي إلى المستقبل.
هذه التحولات والانتقالات والمآلات ما كان من الممكن أن يلتفت إليها الفكر الإسلامي, أو أن يتقدم نحوها, في ظل ظروف الانكفاء والانقطاع والانكماش, وهي الوضعيات التي كان عليها في العقود الماضية.
وفي عقد الثمانينات برهن الفكر الإسلامي إلى حد كبير على حيوية ودينامية فائقتين, الظاهرة التي أذهلت وفاجأت الكثيرين نتيجة ما تشكل في أذهانهم من انطباعات مغايرة تصف الفكر الإسلامي بالجمود والنزعة التراثية, والاحتماء بالماضي, والانغلاق عن العصر, وعدم القدرة على مواكبة التقدم والحداثة والحضارة. إلى غير ذلك من أوصاف وعناوين يفترض أنها تراجعت وانحلت. والماركسيون العرب الذين كانوا من أشدّ هؤلاء عنفاً وتعسفاً في إطلاق مثل هذه الأوصاف من سوء حظهم ان زمن انبعاث الإسلام وصعوده في العالم, هو زمن سقوط ايديولوجيتهم الماركسية وانهيار معسكرهم الشيوعي في النطاق العالمي, وكأن القوانين الصارمة والحتميات التاريخية التي وضعتها الماركسية قد انتقمت منها وانقلبت على أصحابها.
فهذه الوضعيات والسياقات, والقضايا والموضوعات, والتحولات والتطورات التي ظهرت في العقدين الأخيرين, هي التي على أساسها نطلق وصف الفكر الإسلامي الجديد ونؤرخ له مع هذه المرحلة. وهذا الوصف مسبوق بالطرح في بعض الكتابات الإسلامية (3) . لكن من دون أن تتحدد إطاراته التفسيرية ووضعياته السياقية, وعلائقه بالمراحل والتقسيمات الزمنية والتاريخية.
ويرى الدكتور «رضوان السيد» «ان الثمانينات شهدت عودة لشيء من التروي والتوازن في نطاق الفكر الإسلامي في سائر المسائل» (4) وفي نظري ان هذا التروي والتوازن ظهر واضحاً أكثر في التسعينات, لأن الثمانينات والنصف الأول منه بالذات سيطرت على الفكر الإسلامي في وجهته العامة حالة من الحماس والاندفاع الشديدين تجعل من الصعوبة عليه ان يظهر قدراً واضحاً من التروي والتوازن. والأرضيات والسياقات التي تشكل منها الفكر الإسلامي الجديد, من أبرزها مايلي:
أولاً: ـ لقد ارتبط الفكر الإسلامي لأول مرة منذ حركة السيد «جمال الدين الأفغاني» بمشروع دولة أعلنت انحيازها الكامل للمرجعية الإسلامية, وانبثقت إلى الوجود عبر حركة اجتماعية شديدة الفاعلية والنهوض سنة 1979م, وفي بلد مثل ايران المعروف بتاريخه الحضاري العريق, وبتراثه الإسلامي الضخم الذي طالما رفد به العلوم الإسلامية والفكر الإسلامي بعطاءات من أمثال «أبو حامد الغزالي» [450 ـ 505هـ / 1058 ـ 1111م]. ولقد كان لهذا التحول أعظم الأثر على حركة الفكر الإسلامي عموماً, واستنهاض الفكر الاسلامي الشيعي خصوصاً الذي أخذ ينتفض من ركام ورواسب الجمود والركود, وينطلق بزخم واندفاع منتقلاً من العزلة إلى الحضور ومن الجمود إلى الحركة ومن التراث إلى المعاصرة. وبعد عقد كامل من الزمن حصل تحول آخر أضاف للفكر الاسلامي يقظته وانطلاقته بالتحول الإسلامي الذي حصل في السودان سنة 1989م. وبذلك يكون الفكر الاسلامي الجديد قد ارتبط بتجربتين في إدارة الدولة وأسلمة الحياة العامة, في التجربة الأولى ارتكز على الاجتهاد الإسلامي الشيعي, وفي التجربة الثانية ارتكز على الاجتهاد الاسلامي السني. هذا الارتباط فرض على الفكر الإسلامي أوسع الاشتغالات الفكرية والتشريعية والفقهية والدستورية في تاريخه الحديث والمعاصر, وأوسع التطبيقات الجذرية والشاملة على مستوى القوانين والتشريعات والنظم بما يحقق أسلمة الدولة والمجتمع. لاشك ان اشتغالات بهذا المستوى الكمي والكيفي من المهام الفكرية والتشريعية, وهذه السعة من التطبيقات والتجريبات, لابد أن تغير من وضعيات الفكر الإسلامي واتجاهاته العامة وتدفعه نحو تحولات ومسارات جديدة.
ثانياً: ـ الانبعاثات الاسلامية التي أيقظت العالم الإسلامي من سبات طويل, وأعادت له الروح في عصر هيمنت فيه مفاهيم الاستهلاك والقيم المادية التي تمتص كل حوافز النهوض, وتقمع في الانسان الاحساس بالمسؤولية. والانبعاثات الاسلامية الراهنة هي من أكثر الظواهر وضوحاً في العالم العربي والإسلامي, وهي الظاهرة التي أدرك الغرب جديتها وخطورتها كما يتضح ذلك من نشاطه البحثي والفكري الواسع والكبير حول هذه الظاهرة وكأن الاستشراق يعاد إحياؤه من جديد, وهي من الظواهر التي أوصلت المفكر الأمريكي «صامويل هنتنغتون» إلى أن يعلن عن أكثر المقولات حساسية وخطورة بعد نهاية الحرب الباردة, وهي مقولة «صدام الحضارات».
فالأرضيات التي يقف عليها الفكر الإسلامي الجديد هي التي تشهد هذه الانبعاثات واكتسب منها صحوة ويقظة وطموحاً باتجاه مستقبل حضاري جديد.
ثالثاً: ـ في العقدين الأخيرين نشأت بعض المؤسسات والمعاهد والجامعات التي كان لها دور مهم في تطوير العمل الفكري والبحث العلمي في النطاق الإسلامي, وتجديد الأفكار الاسلامية, واقتحام مجالات معرفية جديدة. وفي مقدمة هذه المؤسسات «المعهد العالمي للفكر الاسلامي» الذي تأسس سنة 1981م في العاصمة الأمريكية واشنطن, المعروف باسهاماته البارزة والمتقدمة في ميادين الفكر الإسلامي وبالذات في مجال إسلامية المعرفة وإصلاح مناهج الفكر الاسلامي. وعلى مستوى الجامعات تأسست ثلاث جامعات إسلامية مهمة هي «الجامعة الإسلامية العالمية» بماليزيا نشأت في 1983م, و«الجامعة الاسلامية» في لبنان سنة 1994م, و«جامعة العلوم الاسلامية والاجتماعية» في أمريكا سنة 1997م. تحاول هذه الجامعات أن تعالج ازدواجية التعليم بين النظام القديم والنظام الحديث, والقطيعة المعرفية بين العلوم الاسلامية والعلوم الانسانية والاجتماعية, وتشكيل عقلية الانسان المسلم الذي يتواصل مع العصر ولا يتخلى عن هويته.
وقد ساهمت هذه المعاهد والجامعات في تجسير التواصل بين الباحثين والعلماء والمفكرين الإسلاميين خصوصاً بين الموجودين في العالم العربي والإسلامي, والموجودين في الغرب, كما ساهمت في تراكم الخبرات, وهيأت الأجواء للعمل الفكري والبحثي الجماعي, وانطلقت منها سلسلة متلاحقة من الندوات والمؤتمرات والحلقات الدراسية التي ناقشت قضايا فكرية وثقافية بارزة وأساسية على مستوى الفكر الإسلامي والمعارف الاسلامية, وصدرت عنها مجموعة من الدراسات والأبحاث الهامة والجديدة.
رابعاً: ـ إلى ما قبل الثمانينات كانت مجلة «المسلم المعاصر» التي صدرت أولاً من بيروت سنة 1974م, ثم من الكويت, وتصدر حالياً من القاهرة أبرز دورية إسلامية انطلقت من شعار معالجة شؤون الحياة المعاصرة في ضوء الشريعة الاسلامية ومازالت ترفع هذا الشعار إلى هذا الوقت. أما بعد الثمانينات فقد صدرت مجموعة هامة من الدوريات التي تجاوزت وتفوقت فكرياً وعلمياً على مجلة «المسلم المعاصر» التي لا ينكر لها دورها المبكر. وقد كشف صدور هذه الدوريات عن تنامي الادراك واتساعه بأهمية العمل الفكري وضرورة الارتقاء به واعطائه أولوية أساسية, كما سعت هذه الدوريات أيضاً إلى تجديد وتطوير الخطاب الفكري الاسلامي بما يواكب تحولات العصر والقضايا المعاصرة, والعمل على بلورة وصياغة مشروع حضاري إسلامي معاصر.
خامساً: ـ في العقدين الماضيين برز جيل جديد من الباحثين والمفكرين والاكاديميين الاسلاميين, كانýأكثر وعياً وإدراكاً بضرورة التجديد والتطوير في منظومات الأفكار والمفاهيم, وفي مناهج التفكير وطرائق البحث. ومتسلحاً بثقافة معاصرة ومستوعباً لروح العصر من غير انقطاع عن التجربة التاريخية وثوابت وأصالة المرجعية الاسلامية. واستطاع هذا الجيل ان يظهر نشاطاً وحيوية وينهض بالعديد من المشروعات الاسلامية الجديدة والمهمة بكفاءة عالية, وبالذات المشروعات التي كانت غائبة وغير مكتشفة مثل مراكز الدراسات والتخطيط والبحث العلمي واستشراف المستقبل. ويعد بروز هذا الجيل من أهم دعامات النهضة الاسلامية المعاصرة والبناء الحضاري الجديد. ويعطي ثقة بمستقبل واعد.
[2]
الأرضيات والشروط الثقافية
كما يمكننا أن نؤرخ للفكر الاسلامي الجديد من خلال حركة الأفكار والمفاهيم واتجاهاتها وقضاياها, والمستوى الكمي والكيفي من الأعمال والأدبيات المنجزة حولها. ففي العقدين الأخيرين برزت أكثر الدعوات مطالبة بالتجديد والتطوير والتغيير وبالمراجعة والنقد والتقويم على مستوى الأفكار والمفاهيم والنظريات والأطروحات وهكذا على مستوى المنهجيات والآليات والطرائق. وقد عبرت هذه الدعوات عن صحوة معرفية في الفكر الإسلامي توصله بروح العصر وقضايا الحياة المعاصرة.
وهذا ما نرصده ونستكشفه في الدعوات والأعمال والأفكار التي تشتمل مجالات عديدة, منها هذه المجالات:
الفقه وأصوله: في 1980م اصدر الدكتور «حسن الترابي» كتاباً بعنوان «تجديد أصول الفقه الإسلامي» (5) دعا فيه إلى تطوير منهج أصول الفقه بوصله بواقع الحياة, وبفقه حي يجابه التحديات العملية, ويفي بحاجاتنا المعاصرة. وفي 1989م اعتبر الامام «الخميني» [1322 ـ 1409 / 1902 ـ 1989م] ان الاجتهاد المصطلح عليه اليوم ليس كافياً لادارة الحياة والمجتمع, فدعا إلى الاجتهاد في المسائل الاجتماعية والسياسية والحكومية, بما يؤهل الفقيه لادارة وقيادة المجتمع والحكومة الاسلامية (6) . كما دعا الشيخ «يوسف القرضاوي» إلى فقه جديد بقوله: «الحق أننا في حاجة إلى فقه جديد نستحق به أن نكون ممن وصفهم الله بأنهم قوم يفقهون» (7) . كما دعا إلى تجديد الاجتهاد في كتابه «مدخل لدراسة الشريعة الاسلامية» (8) . وذات الدعوة أكدها السيد «محمد تقي المدرسي» في كتابه «التشريع الإسلامي أصوله ومناهجه» (9) حيث تساءل «لماذا لم يتطور الفقه?» واعتبر ان التطوير ضرورة دينية. وفي 1994م نشر الدكتور «محمد الدسوقي» رئيس قسم الفقه والأصول بكلية الشريعة والقانون والدراسات الاسلامية بجامعة قطر, بحثاً بعنوان «نحو منهج جديد لدراسة علم أصول الفقه» (10) , وطالب الشيخ «محمد ابراهيم الجناتي» إلى أن يكون الاجتهاد بأسلوب جديد ومعاصر (11) . وفي نظر الشيخ «محمد مهدي شمس الدين» «ان علم الأصول بصيغته السائدة قاصر عن الاستجابة لحاجة الاستنباط الفقهي المتجدد بسبب ما يطرأ من تغيرات على المجتمع في حركته وتفاعله مع المجتمعات الأخرى» (12) .
مجال القرآن والتفسير: حاولت التفاسير الجديدة التي صدرت منذ الثمانينات أن تميز حالها عن التفاسير السابقة عليها بخاصية الاستجابة لمتطلبات العصر وقضايا الحياة المعاصرة. وعياً منها بهذه الحقيقة وبقدرة القرآن الكريم على الاستجابة والمواكبة, والتي هي من حكمته ومقاصده على خلفية ان هذا الكتاب لكل العصور والأزمان, ومع كل عصر جديد تبرز الحاجة لتفسير جديد. وعن هذا التصور يقول الشيخ «مكارم الشيرازي» الذي أشرف على تفسير «الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل» «ان أولى الخصوصيات التي يمتاز بها هذا التفسير هي أنه أعد ليكون شاملاً لمسائل العصر... والهدف من تأليفه هو مطالعة القرآن وتفسيره بالقياس إلى عصرنا الحاضر, لا أن ننقل أنفسنا عدة قرون إلى الوراء ثم نفسره بالقياس إلى ذلك العصر. فهدفنا أن ننظر للقرآن بعين العصر الحاضر» (13) . وقد خصص هذا التفسير في مقدمته موضوعاً بعنوان «متطلبات العصر» جاء فيه «لكل عصر خصائصه وضروراته ومتطلباته وهي تنطلق من الأوضاع الاجتماعية والفكرية السائدة في ذلك العصر. ولكل عصر مشاكله وملابساته الناتجة عن تغيير المجتمعات والثقافات, وهو تغيير لا ينفك عن مسيرة المجتمع التاريخية والمفكر الفاعل في الحياة الاجتماعية هو ذلك الذي فهم الضرورات والمتطلبات, وأدرك المشاكل والملابسات» (14) .
وحسب هذا التصور أيضاً, يقول الدكتور «وهبة الزحيلي» عن تفسيره ـ التفسير المنير ـ «هذا الكتاب اصطفيت فيه من العلوم والمعارف والثقافات المستقاة من معين القرآن الكريم الذي لا ينضب, ما هو لصيق الصلة بحاجات العصر. فكان لابد من تقريب ما صار بعيداً, وإيناس ما أصبح غريباً, وتزويد المسلم بزاد من الثقافة بعيدة عن الدخيل كالاسرائيليات في التفسير, ومتفاعلة مع الحياة المعاصرة» (15) وهكذا هو الحال مع بعض التفاسير الأخرى.
مجال الفكر الاسلامي: الكتابات الاسلامية حول تجديد وتطوير واصلاح الفكر الاسلامي قبل الثمانينات كانت قليلة ومحدودة وغير متواترة, وبعد الثمانينات اتسعت وتراكمت وتواترت. ففي عام 1980م أصدر الدكتور «محمد عمارة» كتاب «تجديد الفكر الاسلامي عند محمد عبده ومدرسته» (16) . وفي 1985م نشر الدكتور «محسن عبد الحميد» كتاب «تجديد الفكر الاسلامي» (17) دعا فيه إلى عقلانية اسلامية جديدة. وفي 1989م أصدر «المعهد العالمي للفكر الاسلامي» كتاب «اصلاح الفكر الاسلامي» (18) عبر فيه عن أطروحته في الاصلاح المنهجي للفكر الاسلامي. وفي 1991م أصدر مركز دراسات العالم الاسلامي بمالطا كتاب «الاجتهاد والتجديد في الفكر الاسلامي المعاصر» (19) لمجموعة من الباحثين. وفي 1992م أصدر «جمال سلطان» كتاب «تجديد الفكر الاسلامي» (20) وفي 1994م صدر لي كتاب «الفكر الاسلامي بين التأصيل والتجديد» (21) وفي 1997م صدر للشيخ «محمد مهدي شمس الدين» كتاب «التجديد في الفكر الاسلامي» (22) . وفي سياق هذه القضايا عقدت بعض الندوات الفكرية, منها: ندوة «تجديد الفكر الاسلامي» (23) المغرب 1987م, ندوة «تجديد الفكر الاسلامي» (24) مالطا 1989م, ندوة «إشكاليات الفكر الاسلامي المعاصر» (25) ليبيا 1991م, ندوة «الفكر الاسلامي المعاصر بين البناء والهدم» (26) الكويت 1995م, ندوة «التنمية في إطار تجديد الفكر الاسلامي» (27) الكويت 1996م.
مجال الفكر الحركي الاسلامي: برز واضحاً في الكتابات الاسلامية تأكيدها على التجديد والتطوير والاصلاح في مجالات الفكر الحركي الاسلامي مع دخول الحركات الاسلامية حقبة الثمانينات حيث شهدت أوسع وأخطر الاحتكاكات بالواقع, في ظل أوضاع شديدة السرعة والتغيير, وهي المرحلة التي انتقلت إليها الحركات الاسلامية بعد أن كانت في وضع يختلف عنها بصورة كلية وجذرية, وفي كل أبعادها وملامحها ومكوناتها. ففي 1981م أعد الدكتور «أحمد كمال أبو المجد» بياناً بعنوان «نحو تيار اسلامي جديد» عرضه للتشاور على مائة وخمسين شخصاً من المثقفين والمفكرين والعلماء الاسلاميين في مصر, ومن ثم صدر في كتاب سنة 1991م بعنوان «رؤية اسلامية معاصرة: اعلان مبادىء» (28) وفي البند الأول من هذا الاعلان جاء فيه «إن وجود تيار فكري اسلامي جديد, ينير الطريق أمام جماهير المسلمين على امتداد العالم الاسلامي ويعينها على حل مشاكلها المتراكمة بمواقف واجتهادات وحلول تنبع من الرؤية الأساسية التي يمنحها للفرد المسلم إيمانه بالله ورسوله وبمبادىء الاسلام وقيمه العليا وتعاليمه, هذا الوجود قد أصبح ضرورة تشير إليها ظواهر عديدة, كما أصبح التعجيل باعلانه ضرورة أخرى» (29) . وفي عام 1984م صدر كتاب مشترك للدكتور «حسن الترابي» والاستاذ «راشد الغنوشي» بعنوان «الحركة الاسلامية والتحديث» (30) . وفي 1989م أعد الدكتور «عبد الله النفيسي» كتاباً مهماً جمع فيه أربع عشرة ورقة لمفكرين وقياديين اسلاميين حمل عنوان «الحركة الاسلامية رؤية مستقبلية, أوراق في النقد الذاتي» (31) . وفي 1990م أصدر السيد «محمد حسين فضل الله» كتاب «الحركة الاسلامية قضايا وهموم» (32) دعا فيه إلى ابداع نهج لحركة اسلامية جديدة. وفي ذات العام صدر للسيد «هادي المدرسي» كتاب «رؤى في مسيرة الحركة الاسلامية» (33) . وفي 1991م صدر كتاب «مستقبل العمل الاسلامي: الحركة الاسلامية في ظل التحولات الدولية وأزمة الخليج» (34) . ومما جاء فيه في ورقة الاستاذ «موسى أبو مرزوق» حول هذا الجانب الذي نقصده بالحديث «إن الفكر الاسلامي الحركي في الستينات وأوائل السبعينات قد اتسم بردة فعل أججتها سنوات المحنة والابتلاء, فنضج فكر محنوي لازلنا نعاني منه حتى الآن. لذلك فإن الكثير من معالجات المفكرين وأطروحاتهم الحالية تتجه صوب ذلك الفكر محاولة تغييره أو الدفع في اتجاه تجاوزه, وتبني منطلقات حركية جديدة» (35) . وفي 1993 صدرت أعمال ندوة: «الفكر الحركي الاسلامي وسبل تجديده» (36) حيث أكد البيان الختامي للندوة «على ضرورة إنجاز دراسات علمية موثوقة لمراجعة الفكر الحركي الاسلامي وتقويمه في مختلف المجالات, خاصة على ضوء المتغيرات الاقليمية والعالمية التي تستدعي من الفكر الاسلامي ان يراجع الكثير من مفاهيمه ووسائل وأساليبه». وفي هذا النطاق أيضاً عقدت ندوة «مناهج التغيير في الفكر الاسلامي المعاصر» (37) الكويت 1994م. إلى جانب أعمال أخرى.
هذه بعض المجالات التي تكشف بوضوح كبير عن تحولات الأفكار الاسلامية وتغيراتها, وتأكيدها على التجديد والتطوير, والاستجابة لمتطلبات العصر. والتي بامكانها أن تؤرخ لمرحلة جديدة في مراحل تطور الفكر الاسلامي.
[3]
ملامح الفكر الاسلامي الجديد
ملامح الفكر الاسلامي الجديد تشكلت من القضايا التي استحوذت على اهتماماته, ومن الوضعيات والسياقات والأرضيات التي تواصل معها وانطلق منها, ومن المراجعات والتقويمات التي نهض بها, ومن المفاهيم والأفكار التي كونها وأسس عليها نظراته للتراث والعصر والمستقبل. من هذه الملامح البارزة:
أولاً: العلاقة مع العصر من الانقطاع إلى التواصل. لم يجرِ على الكتابات الاسلامية خلال القرن الأخير تأكيد وإدراك بالتواصل مع العصر, كالذي نلاحظه على هذه الكتابات في العقدين الأخيرين. فقد تجلت هذه الخاصية في مختلف ميادين وحقول المعارف الاسلامية, بما في ذلك الميادين الأشدّ تأثيراً على الفكر الاسلامي في تكويناتها العقيدية والدينية مثل تفسير القرآن الكريم والفقه وأصول الفقه وعلم الكلام. وهذا من أبرز مظاهر الوعي والإدراك في هذه الكتابات الاسلامية الجديدة التي تحاول اظهار معاصرتها ومواكبتها لروح العصر وجدارتها وكفاءتها على ذلك. وكان للاكاديميين الاسلاميين دور مهم في هذا التطور والتأكيد عليه وفي اقتحامه. فالمسافة التي كانت تفصل الكتابات الاسلامية عن العصر وقضاياه وتحدياته شاسعة وعميقة والاقتراب منه هو الذي كشف عن ذلك, لهذا فأمام الفكر الاسلامي مسار طويل من البناء والانجاز والتقدم, لأن التواصل مع العصر ليست مجرد رغبة أو دعوة وإنما هي فعل متراكم من التطور وتمثل روح التقدم والقدرة على صنع الحضور والاندماج في العالم والمشاركة مع المجتمع الانساني وبناء مستقبلنا المشترك. أما الخشية من العالم والتظاهر بالخوف من التمدن, والتحصن وخلق الحواجز فهذا لا يمكن أن يبني تواصلاً أو يصنع مستقبلاً وينهض بحضارة.
ثانياً: ـ الاندفاع نحو التجديد. هذه الخاصية شديدة التفاعل والتداخل بالخاصية السابقة, فتنامي الإدراك بروح العصر والانفتاح على قضاياه شكلت أرضيات الاندفاع عند الفكر الاسلامي باتجاه التجديد والتطوير, والذي كان مطلباً ملحاً لتجاوز القطيعة المعرفية مع العصر وليكون فاعلاً في حياتنا المعاصرة. ومن غير التجديد لا يمكن للفكر الاسلامي أن يبني معاصرته ويمارسها كفعل وتأثير وحضور. فالتجديد هو تأهيل وتطوير وانتقال من الجمود إلى الحركة ومن الانغلاق إلى الانفتاح ومن الانقطاع إلى التواصل ومن الانشغال بالماضي والتراث إلى الانشغال بالحاضر والمستقبل. وبامكان الفكر الاسلامي أن يظهر قدرة فائقة على التجديد والتطوير لو أحسن الاستفادة بطرائقه ونظمه وقواعده الاجتهادية والمنهاجية والأصولية بصورة فعالة ومتجددة. فالاندفاع نحو التجديد ظاهرة لها تجلياتها الشاخصة على الكتابات الاسلامية الجديدة, وقد خفت كثيراً الأصوات المعارضة لهذه المسارات بعد ان فقدت جزءاً كبيراً من فاعليتها, وتحول بعضها نحو الانتساب لهذا المسار التجديدي. ولقد أوضحت سابقاً ما يبرهن على هذا الاندفاع في كتابات الفكر الاسلامي الجديد.
ثالثاً: ـ المراجعة والنقد. كل تفكير بالمعاصرة والتجديد يستتبع معه التفكير بالمراجعة والنقد. ولقد ظهر واضحاً في العقدين الأخيرين هذا الاتجاه في الفكر الاسلامي الذي وجد من الضروري أن يمارس المراجعة والنقد والتقويم في نطاق الأفكار والمفاهيم والاجتهادات التي يتجدد الفهم حولها, وتتطور طرائق النظر لها, وتتغير الأرضيات التي تقف عليها, كما تتبدل قيمتها من حيث التراتب والأهمية والأولوية. ولم تعد هذه المهمة كما كان يحصل في السابق تقابل بقاعدة سد الذريعة, أو بقاعدة دفع المفسدة مقدم على جلب المنفعة, أو بالنزعة الاستصحابية كما يصفها السيد «محمد باقر الصدر» [1353 ـ 1400هـ / 1935 ـ 1980م] فيقيننا بالأحوال السابقة أفضل ومقدم على شكنا بالأحوال اللاحقة. إلى غير ذلك من الهواجس والتخوفات التي انخفض ثقلها وهبط ضغطها المبالغ به. والتغير الذي بعث قدراً من الاطمئنان ان هذه المراجعات والتقويمات لم تصدر هذه المرة كما حصل في الحالات السابقة من أشخاص أو جماعات متحاملة أو متصادمة مع المنظومة الاسلامية والتي يحوم الشك حولها, فقد صدرت من علماء ومفكرين وباحثين من داخل المرجعية الاسلامية وبدافع الحرص والحماية لها. مع ذلك لم يسلم البعض من التجريحات حتى في هذه الحالات, كالذي حصل مع الشيخ «محمد الغزالي» [ ] في كتابه «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (38) لأنه انتصر لطائفة على حساب طائفة أخرى فكان ذلك دافعاً عند البعض للتجريح به. والنقد حسب المنطق العلمي وأخلاقيات الفكر لا يقابل بالتجريح مطلقاً. ومن الكتابات الاسلامية التي تبرز في مجال المراجعات والنقد منها كتاب «أزمة العقل المسلم» (39) للدكتور «عبد الحميد أبو سليمان», «تراثنا الفكري بين ميزان الشرع وميزان العقل» (40) للشيخ «محمد الغزالي», «أزمة الوعي الديني» (41) لـ«فهمي هويدي», «في النقد الذاتي: ضرورة النقد الذاتي للحركة الاسلامية» (42) للدكتور «خالص جلبي», «الصحوة الاسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم» (43) للشيخ «يوسف القرضاوي», «الحركة الاسلامية ثغرات في الطريق» (44) للدكتور «عبد الله النفيسي», «مراجعات في الفكر والدعوة والحركة» (45) «عمر عبيد حسنة»... إلى غير ذلك.
ولاشك ان هذه المراجعات والتقويمات هي من مؤشرات الصحوة المعرفية في الفكر الاسلامي, وجاءت لكي تلبي حاجات هذا الفكر في سعيه للتجديد والتطوير والمعاصرة.
رابعاً: ـ التفكير بالمستقبل. المستقبل في الكتابات الاسلامية قبل الثمانينات كان غائباً وغامضاً ومبهماً, ولم تكن هناك أرضيات تولد بواعث التفكير به. وبعد الثمانينات اختلفت الصورة وعاد التفكير في الكتابات الاسلامية بالمستقبل مع زمن النهوض والانطلاق لأن التفكير بالمستقبل هو تفكير بالنهوض والانطلاق ولا تتشكل بواعثه وأرضياته في زمن التراجع والجمود. ونلمس هذا الاهتمام بالمستقبل من خلال ظاهرة بالامكان القياس عليها, وهي الظاهرة التي عبر عنها كتاب «أسس التقدم عند مفكري الاسلام» (46) للدكتور «فهمي جدعان» بين طبعته الأولى سنة 1979م, وطبعته الثالثة سنة 1988م حيث أضاف إليها فصلاً جديداً بعنوان «الإسلام والمستقبل». ولعل كتاب المفكر الفرنسي المسلم «روجيه غارودي» الذي صدر سنة 1982م بعنوان «الاسلام دين المستقبل» (47) أسبق المؤلفات التي فتحت الحديث عن قضية الاسلام والمستقبل. وفي 1983م نشر الدكتور «أحمد كمال أبو المجد» مقالات في مجلة «العربي» الكويتية, دعا فيها المسلمين لاقتحام المستقبل (48) . وفي 1987م صدر كتاب «آفاق المستقبل في العالم الاسلامي» (49) للدكتور «محسن الموسوي». وفي 1989م نشر الدكتور «عبد الله النفيسي» كتاب «الحركة الاسلامية رؤية مستقبلية» إلى جانب كتابات أخرى. أما في نطاق الندوات فلم يتم التطرق للمستقبل إلا مع بداية التسعينات. ففي سنة 1990م عقدت بالجزائر ندوة «قضايا المستقبل الاسلامي» (50) , وفي 1991م عقدت بالقاهرة ندوة «العالم الاسلامي والمستقبل» (51) , وفي ذات العام عقدت بواشنطن ندوة «مستقبل العمل الاسلامي: الحركة الاسلامية في ظل التحولات الدولية وأزمة الخليج», وفي 1992م عقدت بالكويت ندوة «مستجدات الفكر الاسلامي والمستقبل» (52) . وفي نطاق الدوريات صدرت مجلتان عبرت عن هذه الظاهرة, وهما: مجلة «المستقبل الاسلامي» (53) صدرت من لندن سنة 1991م, ومجلة «مستقبل العالم الاسلامي» (54) صدرت من مالطا في ذات العام. وبينما هدفت الأولى إلى بلورة خطاب اسلامي مستقبلي, هدفت الثانية إلى دراسة قضايا العالم الاسلامي بمنظور يتوخى استشراف المستقبل.
والتفكير بالمستقبل في الفكر الاسلامي الجديد انما يعبر عن ضرورة الانتقال والتحول من الانغلاق على الماضي, والانشغال بالتراث, والنظر إلى الوراء دائماً, إلى الانتفاح على العصر والتواصل مع العالم والنظر إلى المستقبل واستشراف آفاقه وتحدياته.
خامساً: ـ الوسطية والاعتدال. يحاول الفكر الاسلامي الجديد أن يبرز خاصية الوسطية والاعتدال, ويميز نهجه بها, ويفرز على أساسها خطابه عن الخطابات الاسلامية الأخرى, بعد التنامي الذي شهدته الساحة الاسلامية في العقدين الأخيرين لنزعات العنف والتطرف والغلو والتكفير, ويقدم أطروحته كبديل عن هذه النزعات ومتمدناً عليها ومتجاوزاً لذهنيتها وتكوينها الفكري ونشاطها السلوكي, فهو يؤمن بالحوار بديلاً عن الصدام, وبالانفتاح بديلاً عن الانغلاق, والتواصل بديلاً عن القطيعة, والتدرج بديلاً عن الفورية, وبالشراكة بديلاً عن الانفراد. ولقد جاء مفهوم الوسطية الذي يتفرع عنه مفهوم الاعتدال من قوله تعالى {وكذلك جعلناكم أمّة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً} (55) فالوسطية ينبغي أن تكون نهجاً لأمّة وليس لأفراد فحسب, وهي خاصية الأمّة القائدة أو الشاهدة على الناس. فلا يمكن استيعاب الناس وكسب رضاهم بالتطرف أو القوة والشدّة. والوسطية هي أنضج محاولات الفهم لحركة الواقع ومنهجية التعامل معه في سننه وقوانينه, وهي أيضاً من أبرز مظاهر الرشد وتكويناته.
هذه لعلها من أهم ملامح الفكر الاسلامي الجديد.
[4]
قضايا الفكر الاسلامي الجديد
اختلفت القضايا التي ارتبط بها الفكر الاسلامي وتعددت في كل مراحله وتحقيباته الزمنية والتاريخية, تبعاً لخصوصيات كل مرحلة وشروطها ومقتضياتها. وتتحدد هذه القضايا وفق معيار التراكم الكمي والتطور الكيفي وسعة التفاعل والاشتغال بها, وبمقدار ما تعبر عنه هذه القضايا من قيمة معرفية وفاعلية في الشأن العام, وما تأخذه من أولوية في التراتب القيمي.
ومن القضايا التي نؤرخ لها في نطاق الفكر الاسلامي الجديد, منها:
أولاً: قضايا حقوق الانسان والحريات العامة
لقد ظهر تواتر الكتابات الاسلامية حول قضايا حقوق الانسان والحريات العامة مع بداية الثمانينات, وقبل هذه الفترة كانت هناك كتابات يرجع بعضها إلى سنة 1957م, كالكتاب الذي أصدره «علي عبد الواحد وافي» «حقوق الانسان في الاسلام» (56) . ويرى الدكتور «رضوان السيد» ان التأسيس الاسلامي لحقوق الانسان قد بدأ في أواخر الأربعينات مع العودة لاستخدام المقولة القرآنية حول الاستخلاف الإلهي للانسان على الأرض, في مواجهة مقولة «القانون الطبيعي» التي تأسس عليها الاعلان العالمي, وأول من استخدامها حسب نظره هو الاستاذ «عبد القادرة عودة» في كتابه «الإسلام وأوضاعنا السياسية» (57) . لكن من دون أن يكون بين هذه الكتابات تعاقب وتواتر. ولقد جاء صدور «البيان الاسلامي العالمي لحقوق الانسان» الذي تدارسه خمسون مفكراً وشخصية اسلامية برعاية المجلس الاسلامي الأوروبي بلندن, وأعلن عنه في 1981م من مقر منظمة اليونيسكو في باريس, الحدث الأهم في هذا المجال حيث كشف عن بداية اهتمام بقضايا حقوق الانسان في النطاق الاسلامي. وهذا ما توصل إليه أيضاً «حسنين توفيق ابراهيم» في دراسته المسحية التوصيفية حول «حقوق الانسان في الكتب والرسائل الجامعية وبعض الدوريات العربية مع التركيز على مصر» (58) . فقد توصل إلى أن هناك زيادة نسبية في عدد الكتب التي تحدثت عن حقوق الإنسان في الاسلام مقارنة بكتابات الاتجاهات الأخرى. ولقد اجتمعت أمام الفكر الاسلامي بواعث عديدة دفعت به نحو الاهتمام المتزايد بهذه القضايا, بعضها يرتبط ببواعث سياسية, وأخرى ببواعث فكرية ومعرفية, بالاضافة إلى البواعث القانونية والحقوقية. وجميع الندوات والمؤتمرات التي عالجت قضايا حقوق الانسان في الاسلام عقدت بعد الثمانينات (59) . وقد انجز الفكر الاسلامي الجديد تراكماً معرفياً مهماً في هذا الحقل خلال العقدين الأخيرين.
ثانياً: قضايا السلطة والدولة والفقه السياسي
تحولات في غاية الأهمية شهدها الفكر الإسلامي حول قضايا السلطة والدولة والفقه السياسي بعد الثمانينات مع انبثاق دولة إسلامية في إيران.. وقبل هذه الفترة كانت الكتابات الإسلامية في تلك القضايا محدودة الأهمية وقليلة الجدوى تنعدم فيها الإجتهادات الفقهية والسياسية الجديدة وتسيطر عليها أدبيات الأحكام السلطانية والموروث السياسي والفقهي القديم.
والتطور البارز والمهم في هذا المجال كان على صعيد الفكر الإسلامي الشيعي بالدولة التي ارتبط بها في إيران مع بداية الثمانينات. ومن المعروف أن الفكر الشيعي تجاربه قليلة في علاقته بالدولة والسلطة خلال التاريخ الإسلامي الحديث والمعاصر, والتجربة القائمة اليوم في إيران هي أبرز وأهم هذه التجارب التي يرتبط بها الفكر الشيعي حيث فتحت أمامه امكانات واسعة وكبيرة باتجاه التجديد والتطوير والإبتكار في قضايا السلطة والدولة والحكم والمؤسسات السياسية وفي الفكر السياسي والنقد السياسي. بعد أن كانت هذه القضايا تصنف على مناطق الفراغ في منظومة الفكر الإسلامي أصبحت اليوم تشهد تراكمات مهمة جعلت من الفكر السياسي والفقه السياسي الإسلامي المعاصر متمايزاً بصورة واضحة وكبيرة عن السابق مع وجود واقع موضوعي وتطبيقي تختبر فيه الأفكار والنظريات والأطروحات السياسية والفقهية والقانونية والدستورية وتتزود بخبرات وتجارب. وموضوع الدولة وشؤونها وقضاياها وعلائقها, الذي أخرج وأقصى من الدراسات الفقهية لقرون طويلة, يعود اليوم لهذه الدراسات وفي أعلى مراحلها العلمية والتي تعرف في نظم التعليم الديني الشيعي ببحث الخارج الذي يعادل مرحلة الدراسات العليا في نظم الجامعات. ويعتبر الشيخ «حسين المنتظري» أبرز من بحث موضوع الدولة الإسلامية في دراسات بحث الخارج بعد الثورة في إيران وصدرت له منها بعض المجلدات بعنوان «فقه الدولة الإسلامية» (60) ومازال هذا الحقل يشهد تطورات وتراكمات في أبعاده الفقهية والتشريعية والدستورية والسياسية والحقوقية.
ثالثاً: إسلامية المعرفة
لعل هذا الحقل من أكثر ما يميز الفكر الإسلامي الجديد, ومن أهم ما يعزز له هذه الخاصية. فهو من الحقول المعرفية الجديدة التي استطاع الفكر الإسلامي إن يقتحمه بكفاءة عالية, حينما نهض لهذه المهمة «المعهد العالمي للفكر الإسلامي» الذي جعل من إسلامية المعرفة قضيته الفكرية والمنهجية الأساسية. وأنجز حولها دراسات وأبحاثاً في غاية الأهمية من حيث الكفاءة العلمية والمنهجية, وهي الدراسات الأبرز في هذا الحقل وعززت معها الثقة بإمكانية التقدم الكبير بهذا الحقل الذي برعت فيه الثقافات الأوروبية وحاولت أن تضفي عليه الصفة الإنسانية والمحتوى العالمي.
وإسلامية المعرفة في التصور المنهجي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي تتحدد في أمرين أساسيين, الأول: التأسيس والتأصيل الإسلامي للعلوم الإجتماعية والإنسانية. الثاني: إصلاح مناهج الفكر الإسلامي. وحسب هذا التصور فإن إسلامية المعرفة تعني «منهجية إسلامية قويمة شاملة تلتزم توجيه الوحي ولاتعطل دور العقل, بل تتمثل مقاصد الوحي وقيمه وغاياته وتدرس وتدرك وتتمثل موضوع اهتمام الوحي وإرشاده وهو الفرد والمجتمع الإنساني والبناء والإعمار الحضاري.. وتفي وتتمثل بالضرورة القدرات والإنجازات العلمية والحضارية الصحيحة كافة, تلك التي توارثتها البشرية وأنتجتها بعد أن تمحضها وتزنها بميزات الإسلام وشمولية قيمه وتوجيهه وغاياته» (61) . ولهذه المهمة أيضاً‏صدرت سنة 1995م مجلة المعهد الدورية «إسلامية المعرفة» وقبلها ومازالت كانت مجلة «المسلم المعاصر» تنهض بهذا الدور. مع ذلك لم تسلم هذه القضية من نقد واعتراض فقد قوبلت حسب الدكتور «طه جابر العلواني» «باستنكار شديد يصل أحياناً إلى الإستهجان والإستهانة, أو يعامل بغفلة تامة تتناسى وجوده رغبة في إدخاله دهاليز التآكل والنسيان, إما لجهل بمحتواه, أو ضعف عن إدراك مضمونه, أو عمى عن أهدافه وغاياته, أو تجاهل لأثره وفعله, أو تربص بأصواته ومنابره, أو مكر به وبالمستجيبين له» (62) .
ومن أكثر خطوات المعهد تدعيماً‏لخطاب «إسلامية المعرفة» هو برمجتها في نظم وهيكيلة التعليم العالي عبر بعض الجامعات التي ساهم في تأسيسها والإشراف عليها بعض رجالات المعهد مثل الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا. والأكاديميون المسلمون هم الذين نهضوا بهذا الحقل وعزز من موقعهم الفكري وكشف عن قيمة عطائهم العلمي وما يمكن أن يقدموه للفكر الإسلامي والمعرفة الإسلامية.
رابعاً: قضايا الإجتهاد في الفقه والتجديد في الثقافة
علاقة الفكر الإسلامي بالدولة وأسلمة الحياة, والإقتراب من الواقع, والتواصل مع العصر, والإنفتاح على العلوم والثقافات الإجتماعية والإنسانية, وبروز قضايا من قبيل تطبيق الشريعة وحاكمية الدين, مفاهيم من نوع الإجتهاد والحياة والدين والعصر, والأصالة والمعاصرة, التراث والحداثة, الثوابت والمتغيرات, علاقة الإجتهاد والفقه بالزمان والمكان. هذه الأفكار والأرضيات حرضت باندفاع على تطوير الإجتهاد في الفقه والتجديد في الثقافة, بعد أن كانت هذه الدعوات تقابل بصدود وتشكيك, أصبحت فيما بعد مطالب ملحة لاتصمد أمامها الإعتراضات التي تراجعت وخفتت حدتها. والفقه كان بحاجة ملحة لأن يعيد صلته بالحياة ليس في نطاق أحكام الفرد والأحوال الشخصية فحسب, وإنما في نطاق أحكام المجتمع وقضايا الدولة, وهذا هو الغرض من تجديد الإجتهاد.‏فالفقه يمثل في الحضارة الإسلامية أحد أهم المنجزات العلمية المذهلة مع ذلك لم يستثمر معرفياً وعلى مستوى العلوم كافة بسبب انقطاع هذا الحقل عن قضايا الحياة والعصر, وجموده على موضوعات قديمة, والأدب القديم الذي دوّن به. كما أن الثقافة فقدت فاعليتها التربوية والإجتماعية والحضارية بسبب الأمية المستشرية والتعليم غير الفاعل ومحدودية الوعي بقيمة الثقافة.
خامساً: قضايا المشروع الحضاري الإسلامي المعاصر.
من المقولات التي ترددت مع الفكر الإسلامي الجديد مقولة «المشروع الحضاري الإسلامي» التي تزايد الحديث حولها على نطاق واسع, بعد أن كانت من المقولات الغائبة واللامفكر فيها في الفترات السابقة, نتيجة الغياب الذي كان عليه الفكر الإسلامي عن قضايا العصر, وهي القضايا التي جاءت مقولة المشروع الحضاري لكي تعبر عنها, وعن حضور الأفكار الإسلامية وفاعليتها المتجددة مع ذلك مازال يكتنف هذه المقولة بعض جوانب الغموض الذي يجعلها تؤول إلى أكثر من معنى, ولايفسر ما يراد منها بشكل واضح ومحدد. وهذا هو حال المقولات والأفكار في بدايات ظهورها وتداولها حيث لايظهر منها إلا تلك الجوانب العمومية والإطلاقية وبصورة مجملة تضفي عليها قدراً‏من الغموض والإبهام, إلى أن تختبر وتجرب, حتى تتبلور ملامحها وتتحدد مكوناتها التفصيلية والأساسية. فبعد مقولة «الحل الإسلامي» التي طرحت في الأدبيات الإسلامية بعد نكسة حزيران 1967م,‏جاءت مقولة «المشروع الحضاري الإسلامي» بعد قيام مشروع الدولة الإسلامية فالمقولة الثانية هي من تأسيسات المقولة الأولى وتطويراًلها ومتعاقبة بعدها. فالمشروع الحضاري هو بلورة لتفصيلات مناهج الحل الإسلامي وتقديم الإسلام كمرجعية بديلة في بناء المجتمع والدولة عن المرجعيات الأخرى الليبرالية العلمانية والإشتراكية الماركسية اللتين تبنتهما الدولة العربية الحديثة. وبهذا التصور طرح الإسلام في النطاق العالمي باعتباره أحد الخيارات الحضارية الذي بإمكانه أن يساهم بتصورات واجتهادات في مواجهة التحديات الحضارية والمشكلات الكبرى عالمياً.
هذه لعلها من أبرز قضايا الفكر الإسلامي الجديد وتتفرع منها قضايا أخرى تفصيلاً عليها ومتأثرة بها.

كلمة أخيرة:
إن الفكر الإسلامي الجديد ما هو إلا أحد المسارات الفكرية وليس المسار الوحيد, لكنه الأكثر تطورا ‏ونضجاً‏ وتأكيداً على قيم التجديد والإنفتاح والتواصل مع العصر. فالفكر الإسلامي في كل مراحله وتطوراته التاريخية والزمنية لم يكن متقولباً في مسار وخطاب واحد, بل كان متعدداً ‏ومختلفاً ومتصادماً ‏أحياناً على النمط الذي يحدث بين التقليديين والإصلاحيين. قد يبرز في كل مرحلة زمنية اتجاه معين ويكون الأكثر حضوراً‏ وهيمنة, لكنه قد يتراجع في مراحل أخرى, ويتقدم عليه إتجاه آخر وهكذا هي حركة التاريخ, والبقاء لقاعدة التنوع والتعدد والإختلاف. والشاهد من ذلك أن وصف الجديد لايصدق على كل مسارات واتجاهات وخطابات الفكر الإسلامي. والإشكالية أن المسار الذي يصدق عليه وصف الجديد لايتوجه إليه الإهتمام بصورة كبيرة في شبكات الإعلام العربية والغربية حيث لاتجد فيه الإثارة التي تفتش عنها وتتقوم بها, لهذا فإن التضخيم الإعلامي يتوجه لجماعات العنف بالشكل الذي يفهم كما لو أنها الإتجاه المسيطر على الفكر الإسلامي والحال غير ذلك.
من جهة أخرى أن وصف الفكر الإسلامي بالجديد ليس وصفاً‏نهائياً, بل لأنه الوصف الممكن والأكثر تعبيراً ‏عن توجهات الفكر الإسلامي في هذه المرحلة, فقد يتغير في ظروف أخرى, لأن ما هو جديد في هذا الوقت لايبقى جديداً في أوقات أخرى. كما أن وصف الجديد إنما يعبر عن مرحلة جديدة يحاول الفكر الإسلامي أن يقتحمها ويخوض غمارها ومعتركها, فهل نجح فعلاً أم لا? وهل هو يتقدم نحوها أم لا? وهل أنجز من التطور والتقدم ما يؤهله لذلك أم لا? فالذي نستطيع قوله أن الفكر الإسلامي وضع نفسه على طريق الصواب والتحدي الذي ينتظره في قدرته على أن يقطع هذا الطريق إلى نهايته.
مع ذلك فنحن نراهن على مستقبل الفكر الإسلامي الجديد وفي قدرته على صنع وابتكار مستقبل الأمّة. وهو الفكر الذي بحاجة لأن يصل لكل شرائح الأمّة وفئاتها, ويحافظ على فاعليته وتجدده, وانفتاحه على كل البيئات والعطاءات والمنظومات الإسلامية, وتواصله مع العصر, من غير الإنقطاع عن تجربته التاريخية.

الهوامش
1ـ تحديات لها تاريخ. د. محمد عمارة, بيروت: المؤسسة العربية للدراسات, ط2, 1982م, ص175.
2ـ الإسلام المعاصر: نظرات في الحاضر والمستقبل. د. رضوان السيد, بيروت: دار العلوم العربية, 1986م,‏ص210.
3ـ أنظر كتاب: الفكر الإسلامي المعاصر.. نظرات في مساره وقضاياه, قيس خزعل العزاوي, بيروت: دار الرازي, 1992م.
4ـ سياسات الإسلام المعاصر: مراجعات ومتابعات. د. رضوان السيد, بيروت: دار الكتاب العربي, 1997م, ص251.
5ـ تجديد أصول الفقه الإسلامي. حسن الترابي, بيروت: دار الجيل, 1980م.
6ـ انظر كتاب: ريادة الفقه الإسلامي ومتطلبات العصر. الإمام الخميني, بيروت: دار الهادي, 1992م.
7ـ أنظر كتاب: أولويات الحركة الإسلامية في المرحلة القادمة. د. يوسف القرضاوي,‏القاهرة: مكتبة وهبة, ط4, 1992م.
8ـ أنظر كتاب: مدخل لدراسة الشريعة الإسلامية. د. يوسف القرضاوي, بيروت: مؤسسة الرسالة, 1993م.
9ـ انظر كتاب: التشريع الإسلامي أصوله ومناهجه, السيد محمد تقي المدرسي, طهران: انتشارات المدرسي, ج2, 1411هـ.
10ـ ورقة مقدمة لمؤتمر: علوم الشريعة في الجامعات: الواقع والطموح, الأردن, نظمه المعهد العالمي للفكر الإسلامي, عقد في 23ـ25 آب,‏أغسطس 1994م. انظر مجلة: إسلامية المعرفة, ماليزيا, السنة الأولى, العدد الثالث, يناير 1996م.
11ـ انظر مجلة: قضايا اسلامية, إيران, العدد الرابع والخامس, 1997م, ملف «الإجتهاد والتجديد 1ـ2».
12ـ المصدر نفسه, العدد الخامس, ص50
13ـ انظر مجلة: التوحيد, إيران, السنة العاشرة, العدد 56, يناير 1991م, ص28, حوار مع الشيخ ناصر مكارم الشيرازي.
14ـ الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل. إشراف الشيخ ناصر مكارم الشيرازي, بيروت: مؤسسة البعثة, 1992م, ج1, ص10.
15ـ التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج. د. وهبة الزحيلي, دمشق: دار الفكر, 1991م, ج1, ص5.
16ـ صدر الكتاب ضمن سلسلة كتاب الهلال, القاهرة, العدد 360, 1980م.
17ـ صدر الكتاب في القاهرة: دار الصحوة, 1985م.
18ـ إصلاح الفكر الإسلامي: مدخل إلى نظم خطاب الفكر الإسلامي المعاصر, د. طه جابر العلواني, هيدندن, ط3, 1995م.
19ـ شارك في الكتاب: محمد فتحي الدريني, برهان غليون, طارق البشري, منير شفيق.
20ـ صدر الكتاب في الرياض: دار الوطن, 1412هـ.
21ـ صدر في بيروت: دار الصفوة, 1994م.
22ـ صدر في بيروت: دار المناهل, 1997م. وصدرت منه طبعة مزيدة ومنقحة عن المؤسسة الدولية للنشر في بيروت, 1998م.
23ـ نظم هذه الندوة مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية, الدار البيضاء. عقدت في 3ـ4 نيسان/ ابريل 1987م.
24ـ نظم هذه الندوة: مركز دراسات العالم الإسلامي بمالطا, عقدت في 15ـ18 تشرين الثاني, نوفمبر 1989م.
25ـ نظم هذه الندوة: مركز دراسات العالم الإسلامي بمالطا, عقدت في طرابلس ـ ليبيا, في الفترة 28ـ30 نيسان/ ابريل 1991م.
26ـ نظمت هذه الندوة الأمانة العامة للأوقاف بالكويت, عقدت في 9ـ11 يناير 1995م.
27ـ نظمت هذه الندوة الأمانة العامة للأوقاف بالكويت, عقدت في 11ـ13 آذار/ مارس 1996م.
28ـ صدر الكتاب في القاهرة: دار الشروق, 1991م.
29ـ المصدر نفسه. ص18.
30ـ صدر الكتاب في بيروت: دار الجيل, 1984م.
31ـ صدر الكتاب في الكويت: الناشر المؤلف, 1989م.
32ـ صدر الكتاب في بيروت: دار الملاك, 1990م.
33ـ صدر الكتاب في بيروت: دار المصطفى, 1990م.
34ـ أعمال ندوة نظمتها: المؤسسة المتحدة للدراسات والبحوث بالتعاون مع المعهد العالمي للفكر الإسلامي, واشنطن, عقدت 19ـ21 حزيران/ يونيو 1991م.
35ـ المصدر نفسه, ص421.
36ـ نظمت هذه الندوة: الأمانة العامة للأوقاف بالكويت, عقدت في 8ـ10 شباط/ فبراير 1993م.
37ـ نظمت هذه الندوة: الأمانة العامة للأوقاف بالكويت, عقدت في 24ـ26 كانون الثاني/ يناير 1994م.
38ـ صدرت الطبعة الأولى من الكتاب: يناير 1989م, القاهرة: دار الشروق, ومن يناير 1989م‏إلى مايو 1990 صدرت من الكتاب ثمان طبعات. 39ـ صدر الكتاب عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي, أمريكا, ط3, 1994م.
40ـ صدر الكتاب عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي, أمريكا, ط2, 1991م.
41ـ صدر الكتاب في صنعاء: دار الحكمة, 1988م.
42ـ صدر الكتاب في بيروت: مؤسسة الرسالة, 1985م.
43ـ صدر الكتاب في بيروت: مؤسسة الرسالة, 1991م.
44ـ صدر الكتاب في الكويت: الناشر المؤلف,
45ـ صدر الكتاب عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي, ط2, 1994م.
46ـ صدر الكتاب في الأردن: دار الشروق, 1979م.
47ـ صدر الكتاب في بيروت: دار الإيمان, ترجمة: عبد المجيد بارودي, 1983م.
48ـ أنظر كتاب: حوار لامواجهة, د. أحمد كمال أبو المجد, القاهرة: دار الشروق, 1988م.
49ـ صدر الكتاب في بيروت: دار المنهل, 1987م.
50ـ نظم هذه الندوة: مركز دراسات المستقبل الإسلامي بلندن بالتعاون مع المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة بالجزائر, عقدت في 4ـ7 أيار/ مايو 1990م.
51ـ نظم هذه الندوة: مركز دراسات العالم الإسلامي بمالطا, بمشاركة مركز البحوث والدراسات السياسية بكلية الإقتصاد بجامعة القاهرة, عقدت في 13ـ15 أكتوبر 1991م.
52ـ نظم هذه الندوة الأمانة العامة للأوقاف بالكويت, عقدت في 3ـ6 شباط/ فبراير 1992م.
53ـ صدرت المجلة عن مركز دراسات المستقبل الإسلامي بلندن.
54ـ صدرت المجلة عن مركز دراسات العالم الإسلامي بمالطا.
55ـ سورة ???
56ـ صدر الكتاب في القاهرة: دار النهضة, 1957م.
57ـ صددر الكتاب في القاهرة: الإسلام وأوضاعنا السياسية.
58ـ انظر مجلة: منبر الحوار, بيروت, السنة الثالثة, العدد التاسع, ربيع 1988م/ 1408هـ.
59ـ انظر مجلة: الكلمة بيروت, السنة الخامسة, العدد 20, صيف 1998م/1419هـ, حقوق الإنسان في الإسلام: قائمة ببليوغرافية منتقاة, محمد دكير.
60ـ صدر الكتاب في بيروت: الدار الإسلامية.
61ـ إسلامية المعرفة. المعهد العالمي للفكر الإسلامي, أمريكا, 1986م, ص166.
62ـ إصلاح الفكر الإسلامي. مصدر سابق, ص12.