شعار الموقع

الحلقة المفقود ما قبل تعارف الحضارات..

هاني ادريس 2004-10-15
عدد القراءات « 549 »

 مأزم الحداثة وبؤس آلية التثاقف

كان من المفترض أن تحظى فكرة «تعارف» الحضارات، كما حاول بلورتها الزميل الاستاذ زكي الميلاد، بمكانة متميزة، لسببين:
أولاً، لأنها جاءت ضمن سياق، لايزال السجال فيه على أشده، بخصوص إحدى أكبر الموضوعات الاشكالية التي ابتلي بها العصر، وهي مسألة الأنوية الغربية، والطابع القلق للعلاقة بين الغرب والآخر المختلف على أطرافه.
والثاني، لأنها وجهة نظر تستدمج موقف الفكر الاسلامي، بما هو أساس الأنا العربية والاسلامية وعنواناً لرؤية تنطلق من الذات في تقييم الآخر، نستطيع أن نضع موقفاً كهذا في إطار وجهة نظر «استغرابية»، تتعالى على أن تمتلك ناصية الغرب، بالمفاهيم والرؤى ذاتها التي اصطنعها لنفسه وحدد بها الفكر والنظر.
والكاتب الذي قدم أطروحته ينتمي إلى جيل حديث من الكتاب ذوي الاهتمام الفائق بقضايا الفكر الاسلامي المعاصر، ومشكلات التجديد والاصلاح. لهذا، ليس غريباً، أن نلمح ذلك التداخل الواضع، بين عنصر التحليل وجوانب النقد، وبين سلسلة الأهداف والطموحات التي يطفح بها مشروع تعارف الحضارات. إنما الميزة التي تميزت بها هذه الدراسة، أنها قدمت عنواناً لإشكالية ظلت لفترة طويلة مثار جدل، وبؤرة أساسية لما سيكون عليه مفهوم صراع الحضارات. وهي إذاً، فضلاً عن ذلك تتميز بجانب التأصيل والبحث الدقيق في مظان الموروث الثقافي العربي والاسلامي.
يحيلنا الكاتب في البداية إلى عدد من المعطيات المعاصرة التي شكلت الشرط الموضوعي الذي يموجبه تحتم نوع من التقارب المفروض بينم الشعوب والحضارات. فالتقدم الذي شهده العالم في مجال الاتصال والمعلوماتية والتكنولوجيا بشكل عام، يسّر عملية التواصل عمق آصرة التقارب على هذا الكوكب. خصوصاً وأن العالم لم يعد يكتف بالاتصال ـ كما وفرته ويسرته أدوات الاتصال السريع ـ بل ارتقى إلى مستوى التواصل الذي فرضته آليات فعل علاقات القوة بين المجتمعات والقطار على جميع الصعد الاقتصادية والعلمية والسياسية.. إن طفرة كهذه في عالم المعرفة والعلوم، دفع بالعالم إلى نمط آخر من العلاقات، ألا وهو «الكونية»، وهذه الأخيرة جاءت نتيجة تطور علمي مشهود في ميادين العلوم التجريبية، كما على صعيد البنيات الاجتماعية والعلاقات السياسية. فقد سهل هذا التواصل ظهور المجتمعات المدنية، التي أصبحت تمثل أشخاصاً في العلاقات الدولية، ضمن عنوان الدولة الحديثة، وما تمثله هذه الأخيرة من معنى علاقات القوة، وفكرة العقد الاجتماعي في المجتمعات الغربية، ولا أقل نظرياً في عدد من الأقطار غير الغربية. إن هذا جميعه يمثل شرطاً ضرورياً وحتمياً لقيام تواصل، ليس فقط بين مجتمعات، بل بين ثقافات مختلفة، وإذا كان ذلك شرطاً موضوعياً لقيام تواصل ثقافي (حضاري) بين الأمم، فإنه من الجانب الآخر، نتج عن تدفق المعرفة والمعلومات والعلوم، اشكال من الأزمات، تتعلق بالانسان في كل أبعاده ومستوياته الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وكما أشار الكاتب، أن هذه الحضارات أخذت «تشكل لنفسها منمظوراً عالمياً، وتنظر إلى ما حولها بهذا المنظور». وإن كان الرأي الذي تتبناه، لا يرى في الغرب سوى حضارة واحدة تنطلق من بنية ثقافية واحدة، فإننا نعتقد أنها إشارة مهمة جداً. إذ أن الغرب، بدأت تظهر شراسته مذ شرع في تكوين رؤية أنوية تستند إلى المفهوم العرقي والتفاضل الحضاري. الأمر الذي انتهى إلى اكتساح العالم الآخر، بدافع البحث عن مقومات التفوق في مخزون الآخر وثرواته القومية. هذه الحالة التي لم يكف عنها الغرب ولو من الناحية الصورية، إلا بعد صدمة «ألمانيا» الهتلرية وتحدي المحور، الذي أوقفه عند حده وجعله يعيد النظر في آليات وأنماط السيطرة.
ولاشك أن متغيرات الواقع الغربي لم تنعكس بصورة ايجابية على طبيعة المنظار الذي حدد به الغرب رؤيته للآخر. فمنذ العصور المبكرة للاحتكاك الغربي بالعالم الاسلامي، كان ثمة موقف محكوماً بالعنف والاقصاء. فما أن استعاد الغرب قوته حتى خاض حرباً صليبية لم يخض أعنف ولا أوسع منها في تاريخه كله. ثم تلتها حركة الاستعمار واستيطان الشعوب في الفترات اللاحقة، التي أعقبت الاكتشافات الجغرافية. ولايزال يواصل حلمه في السيطرة على العالم ثقافياً واقتصادياً وعسكرياً. وعلى الرغم من أن الكاتب لم يتعرض لهذه الخلفية التاريخية لأزمة الحوار الحضاري بين كتلتين لم تشهد تعايشاً إلا في المرحلة التي حكم المسلمون فيها عدداً من الحواضر الأوروبية; فإنه ركز على ثلاث وجهات للنظر معاصرة، تختلف من حيث منطلقاتها وأهدافها، نظرية «نهاية التاريخ» للياباني المتأمرك «فوكوياما»، ونظرية «صدام الحضارات» للأمريكي «هينتنغتون»، وأطروحة «حوار الحضارات» للمفكر الفرنسي المسلم «روجيه غارودي».
إلا أن اللافت للنظر من خلال هذا الثالوث الأيولودي، الباحث في العلاقات وأنماطها، هو أن هذه الأطروحات الثلاث تنطلق من قلق مشترك، يجسده مأزم العلاقة بين (غرب وشرق). فقد ظل الغرب دائماً يصور الشرق كمصدر للتهديد، كيفما كان نوعه: يابان (البوذية) أو الصين (كونفوشيانية) أو الاسلام. من هذا المنطلق، نقول، أن الخلاف بين الأطروحات، هو في وجهة النظر من الآخر، هل هي علاقة احتواء وادماج ونسخ (فوكوياما) أو علاقة تصادم وتنافر وصراع (هينتنغتون) أم انها علاقة اختلاف وتجاور (جارودي). نفهم من الأول أن التاريخ سائر باتجاه نهاية محتومة، يكون فيها الاندماج شرطاً أساسياً للتقدم والنمو، فيما توحي النظرية الثانية بأن الغرب والشرق أو بالأحرى الغرب والاسلام، حضارتان لن تلتقيا، وهما محكومتان بصراع أزلي. وأن على الغرب أن يستمر في حذره من الاسلام، ويعمل على مغالبة هذا الكيان الحضاري، بلاشك، المتهيء لصحوة عارمة في المستقبل. بينما تبقى نظرية حوار الحضارات، دعوة إلى اعادة النظرية في الموقف المنغلق للغرب، وأن من الممكن قيام حوار ما بين مختلف الحضارات والثقافات. وتندرج أطروحة غارودي في اطار التيار النقدي الغربي الذي شرع في اعادة النظر في التصور الغربي للعالم، وفي نمط العلاقة فيما بينه وأقطار الجنوب. فقد تنامى «في داخل الحضارة الغربية نفسها، وعلى مستوى شرائح فنية وعلمية مختلفة من قمة مجتمع النخبة في الغرب هذا التيار الواثق من نفسه ومن آرائه في نقد تجربة الغرب الحضارية وما وصلت إليه من تدهو اجتماعي خطير» (تعارف الحضارات، ص2).
في القسم الذي خصصه الباحث لنقد أطروحة صدام الحضارات لهنتنغتون، والتي رأى فيها نوعاً من التشاؤوم وتكريس للصراع. حاول الباحث مقاربة الأبعاد الموضوعية الثاوية في صميم هذه الأطروحة. فهي أطروحة صحيحة من «حيث الواقع الموضوعي الذي عليه العالم اليوم، فنوعية الرؤية التي تعبر عنها كل حضارة من الحضارات المعاصرة عن نفسها، وعن رؤيتها للآخر، ينتهي بهذه الحضارات إلى التصادم..» (تعارف الحضارات ص3).
إن أطروحة كهذه، تعكس «توجسا» داخل الغرب، من قيام اي حضارة بديلة، قد تزاحم إن لم نقل تقصي الغرب عن الريادة. فهنتغتون، في نظر الكاتب لم يأتي بجديد، طالما هذا التوجس قديم في ذاكرة الغرب، وكل ما هنالك أن الباحث الأمريكي استطاع بلورتها في اطار مقولة نظرية وتحليل مضطرد.
إلا أن الكاتب، وعلى الرغم من أنه نحى باتجاه حوار الحضارات، التي هي الموقف السليم في العلاقة بين حضارات مختلفة. يعتبر أن ذلك حالة متأخرة جداً عما ينبغي أن يكون في هذه المرحلة من عدم توازن الحضارات. فالغرب الذي يرى في نفسه كل معاني التفوق والسيادة لا يجد نفسه في الموقع الذي يسمح له بحوار حضارات مختلفة تقع دونه على شتى المستويات. إن ما ينزع إليه الكاتب هنا، هو أن تستكمل هذه الحضارات، أولاً، امكاناتها، مقوماتها الحضارية حتى تكون مؤهلة لخوض حوار مع الغرب. وهنا تحديداً تأتي محاولة «تعارف الحضارات»، التي سعى الكاتب إلى بلورتها، كمرحلة وسيطة وانتقالية ما بين الوضع الراهن وحوار الحضارات. وهذا الطرح بقدر ما يحمل في طياته مضامين واقعية، إلا أنه يضع الاشكالية كلها على كاهل الحضارات الأخرى. نعم، لعل وضع الثقافات الأخرى، التي تمثل صوراً باهتة، بلغة بروديل، عن حضاراتها، غير مؤهلة لكي تسعى إلى تحقيق حلمها في ظل وضع عالمي تتحكم فيها إرادة. إنما رشحت لكبح جماح أي تطور يجري خارج ميدان اللعبة الاحتكارية الغربية. إن الغرب قد لا يمنع أمة من تقدمها، لكنه قد يخلق مئات الحواجز والتحديات، لتأخير نمو أو اجهاض مشروع تقدم، بما يملكه الآن من تفوق لا يقاس بواقع المجتمعات الأخرى. إن حوار الحضارات، هي أطروحة ترجع مسؤولية الغرب، بما هو رائد التقدم الحضاري على النزول «إنسياً» إلى «الثقافات» الأخرى. بينما تعارف الحضارات هو ترجيح لمسؤولية الحضارات الأخرى على مسؤولية الغرب في حقيقة تعثر هذا الحوار.
ونحو هنا قد نخالف نسبياً هذا الرأي، في أن حواراً مع الغرب هو أمر ممكن جداً، ولكن مغ غرب ما بعد الحداثة. غرب مستهجن لأنويته ومستبقح لمركزية الغرب. وهو شرط أولي لتحقيق حوار مع ثقافات تعيش ضمن كيانات سياسية ضعيفة. إنما المشكلة الرئيسية في هذا الجدل ذي الأهمية الكبرى، هي في أن يبقى الغرب أيسر «الحداثة» بالمعنى الأيديولوجي للعبارة. فطالما أن الغرب السياسي لم يمد جسوره مع الغرب الأكاديمي الناضج، والمتجاوز لتمركزه، فإن الفجوة ستظل مستمرة إلى آخر شوط في هذا الصراع. لقد ارتكبت الحداثة أغلاطاً كثيرة تجلت أولى علاماتها في تناولها للإسلام كظاهرة ناسوتية يسرة الإقتلاع، وكإشكالية معاصرة.. مما أضفى الطابع العنفي على فكر الحداثة ومناهجها.. ويمكن محاصرة أهم تلك الأخطاء المنهجية في العلاقة التعسفية التي أقامتها الحداثة بين الإسلام كرسالة دينية وبين فكرýأوروبا الوضعي الذي يمثل حصيلة تطور تاريخي وتشكل ضمن عوامل اجتماعية وسياسية وحضارية ؟؟.. وقد كانت هذه المحاولة استمراراً لتلك الحرب الساخنة التي خاضها الفكر الأوروبي تجاه الدين، الذي أصبح يشكل عدوه اللدود. ونلاحظ طابع المحاربة ساكن في ثنايا خطاب الحداثة الموجه لنقد الأديان بشكل عام ـ مع أنها لم تضبط سوى جوهر النصرانية في إحدى أشكالها التاريخية في أوروباـ ولم تعر الحداثة أي أذن صاغية للنقد الموجه لها من قبل الفكر الديني، في محاولة لتهميش أي فكر آخر لايصدر عن عقل الإنسان، لا بل عقل أوروبا ودغمائيتها.. وقد كان ذلك مخزوناً هائلاً، لكل نقاد الحداثة لولا أو أوروبا كانت قد حاصرته وأمعنت في تهميشه وتشكيل ثقافة معادية له وجاهلة به. كما تتسع المغالطة المنهجية في موقف الحداثة، حينما ربطت بكيفية سحرية عجيبة بين الإسلام والمسيحية، واعتمدت الأسلوب التداولي نفسه، الذي واجهت به خطاب الكنيسة، والطرائق ذاتها، التي كشفت بها عن ثغراته.. مع أن هذا الربط، بكل المقاييس المعرفية المناهجية، يكشف ـ بالأحرى‏ـ عن حس ايديولوجي متلبس، يعتمد التعميم والسرعة وقلة المعلومات في بناء معرفي من شأنه أن يحرف رؤية أجيال لاحقة فيýأوروبا تجاه شعوب كانت بالأمس رافدة لهذا الإنبعاث الأوروبي، وملهماً تاريخياً لإنعتاق أوروبا من سطوة الكنيسة ذاتها.. ولايحتاج الباحث أن يحصي ما هنالك من فروق جوهرية بين الإسلام كملهم لحضارة ثقافية وعلمية، وبين كنيسة وقفت بكل بطشها في وجه أي نسيم تقدمي وتنويري، فكانت تمثل نقيض كل انبعاث ثقاف وحضاري، بل إن أوروبا ما كان لها أن تقوم بما قامت به لولا تخلصها من هذا المارد المتلبس باللاهوت. وقد كان العالم الإسلامي، رغم ما يؤخذ عليه من تناقضات داخلية، ورغم ما شهده هو أيضاً من انقسامات مذهبية وطائفية، كان يمثل حالة متقدمة، ومستوى يكشف عن مستقبل أوروبا الرازحة يومئذ تحت نير الطغيان والإستعباد والجهل.. ومن الممكن أن نقول أن كل مكونات العالم الإسلامي كانت تصلح طريقاً لانعتاق أوروبا. ذلك أن الإطار المشترك لهذه المكونات كان جميعه يناقض فكرة الإستعباد والكهنوتية والتخلف. والتيارات الإسلامية الكبرى سواء أكانت سنة أو شيعية أو خوارجية.. كانت جميعها قادرة على انتشال أوروبا من وهدتها السحيقة. وقد تبين أن الفتوح الإسلامية المتأخرة، رغم أنها لم تجر وفق المعايير النظرية الدقيقة لمفهوم الفتح، كانت تجد نجاحاً كبيراً بالقياس إلى ما تعانيه الشعوب الأخرى، ولوجود القيم الحضارية داخل هذا الكيان الكبير.
ولم يكن هذا التمثيل، هو الغلط الوحيد في مناهج التحليل الأوروبي للإسلام، بل إن المشكلةالكبرى هو ذلك القدر الضئيل والمغلوط من المعلومات التي أقامت عليها الحداثة موقفها العلمي. وقد كان الإستشراق، وهو من مثل هذه المحاولة الواسعة لدراسة الإسلام وفهمه يعتمد على تقارير ووثائق رفدته بها البعثات التبشيرية ومؤسسات الإستعمار ذات الطابع العسكري. وكلها لم تكن مؤهلة لفهم موضوعي ونزيه. فضلاً عن أنها انطوت على جوانب كثيرة من الجهل بالإسلام، فكراً وتاريخاً. إن التأويل الذي تولاه المستشرقون للتاريخ الإسلامي وفكره، كان يستمد قوالبه من فكر الحداثة واحلامها. كما يجد مبرراته في اكتساح الآلة الإستعمارية لهذا الجزء من المعمور الذي اعتبرته أوروبا هامشاً للإستغلال والإستثمار والتنافس وأيضاً لنفاياتها البشرية ـ هجرات استيطان، أمريكا مثالاً.
لقد أوجدت الحداثة، إلى جانب ايديولوجيتها، منظومة قيم تحمل في طياتها بذور القيصرية، والتفاضل العرقي والعنف القيمي. ذلك أن الاستعاضة بقيم العقلانية في الموروث التعليمي البطريركي. كان قد نحى بالموروث الثقافي الأوروبي إلى موقف أحادي جعل أوروبا جميعها أسيرة العقل الصناعي، في حين حجّم دور الروح ووظيفة القيم في أطر ضيقة جداً، هذا البعد الواحدي، أو المركزي الذي جعل خطاب العقل رهاناً وحيداً لأوروبا الناهضة، وهو ما يفسر لنا طبيعة التشنج القابعة في اللاشعور الغربي تجاه أي حضارة لاتتمركز حول «العقل» ولاتنحو الإتجاه المادي. إن هينتنغتون قد أقام نظريته على الواقع الموضوعي من جهة، وأيضاً على التراث المفاهيمي والتصوري للحداثة نفسها، التي تتوجس من أي دين أو حضارةýأجنبية عن مسارها التاريخي، من هنا، تعتبر نظرية صدام الحضارات التفسير الواقعي إن لم نقل الوجه الآخر، لطروحة نهاية التاريخ، وقد يطل علينا فكر ما بعد الحداثة أو البنيوية الحديثة التي خرفت هذا النطاق، كي تحاور كل فكر آخر، وتؤمن بالإختلاف، وتقاطع التاريخ من أجل معانقة الإحتمال رغم كل ما يمكن أن ينعث به تيار كهذا جارف للمعنى والثوابت، فإنه لااقل، ردة فعل، يفتح مجالاً للحوار، وفرصة للتثاقف. ويجعل الخطأ الوحيد أو بالأحرى اللامعنى الوحيد الغير مشروع، هو الإستهانة بمكانة الفكر الآخر أو وضع تقسيم امبريالي للثقافات. إنه بتعبير آخر لن يقوم حوار بين الغرب والآخر، إلا غذا تحول النظر من خطاب منهج إلى منهج خطاب. وهي في نظرنا مرحلة سابقة حتى على «تعارف الحضارات» كما رآها الزميل الأستاذ زكي الميلاد.