(المرأة.. حقوقها وواجباتها وعلاقة التعليم بذلك)
تنفيذاً لتوصيات اللقاء الوطني الثاني للحوار الفكري، التي طالبت بضرورة تعزيز الاهتمام بدور المرأة في المجتمع والالتفات إلى قضاياها وحقوقها، وكذلك التوصية بأن يكون موضوع (حقوق المرأة وواجباتها) من المواضيع التي يجب أن تطرح للنقاش في اللقاء الوطني الثالث، نظم مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في المدينة المنورة هذا اللقاء تحت شعار: (المرأة.. حقوقها وواجباتها وعلاقة التعليم بذلك) بين 24-26 ربيع الثاني 1425هـ، الموافق 12-14 يونيو 2004م.
شارك في هذا اللقاء نخبة من المفكرين والعلماء والباحثين وأساتذة الجامعات من الجنسين (35 مشاركاً و35 مشاركة). وقد قدمت خلال فعاليات اللقاء (18) ورقة، ناقشت أربعة محاور رئيسة هي:
1ـ المرأة والحقوق والواجبات الشرعية.
2ـ المرأة والعمل.
3ـ المرأة والتعليم.
4ـ المرأة والمجتمع.
في المحور الأول قدم الباحث د. يوسف بن عبدالله الجبر ورقة بعنوان: (تطوير النظام القضائي السعودي وأثره في إنصاف المرأة ونيلها حقوقها) تحدث فيها عن أسباب الظلم الذي قد تتعرض له بعض النساء وعزا ذلك إلى الاجتهادات الفردية غير المدروسة، وكذلك عدم وجود محاكم متخصصة مما يجعل قضايا المرأة تضيع في خضم القضايا الاجتماعية الأخرى، بالإضافة إلى الجهل بالأنظمة القانونية.
أما د. نجلاء بنت حمد المبارك فقد تحدثت عن: (واقع الأنظمة واقتراح آليات تمكين المرأة من حقوقها الشرعية والمدنية)، مبرزة في البداية مكانة المرأة في الإسلام، وأنه ساوى بين الرجال والنساء في أصل الخلقة الإنسانية وفي التكاليف، كما قرر مبدأ العدل في التعامل مع الجنسين، كما وأشارت د. المبارك إلى أن تطلع المرأة إلى تحسين مستواها الثقافي والاقتصادي والاجتماعي هو مطلب مشروع وطبيعي وحالة صحية لابد من الاهتمام بها. كما ناقشت قضية التكيف الاقتصادي والاجتماعي للمرأة وآثاره في تطوير المجتمع.
من جهته قدم د. علي بن عمر بادحدح ورقة بعنوان: (المفاهيم المتعلقة بالمرأة بين العادات والتقاليد وتعاليم الدين الحنيف) تحدث فيها في البداية عن مفهوم العادات والتقاليد والأعراف، وعلاقتها بالشريعة، منتقداً النظرة الدونية التي تفضل الذكر على الأنثى، وعَدَّها مخالفة للشرع، كما استعرض عدداً من المفاهيم الاجتماعية المتعلقة بالمرأة والتي فيها إجحاف بحقها، مثل الولاية والقوامة، مؤكداً في الأخير على ضرورة الوسطية التي تجمع بين الأصالة الشرعية والمعاصرة التي تعطي للمرأة حقوقها دون إفراط أو تفريط.
في المحور نفسه قدمت د. فوزية بنت عبد الله أبو خالد ورقة بعنوان: (من العادات والتقاليد إلى أفق الموقف الشرعي)، تحدثت فيها عن تأثير العادات في صياغة الوعي وبالتالي الموقف من المرأة ومكانتها في الأسرة والمجتمع. وقد خلصت الباحثة إلى ضرورة التمييز بين الموقف الشرعي وبين التقاليد والأعراف، وأكدت الباحثة ضرورة النص كتابةً على الحقوق والواجبات المتعلقة بالمرأة وتقنينها وإيجاد ضمانات للتنفيذ والعمل بمقتضاها.
في محور المرأة والعمل، قدم أ. محمد عبدالله المشوح ورقة بعنوان: (القواعد والأنظمة لعمل المرأة.. عرض وتقويم) حيث قدم بحثاً مفصلاً عن قوانين عمل المرأة في السعودية في القطاعين الحكومي والخاص، واستعرض العوائق التي تقف أمام تطوره وانخراط المرأة أكثر في التنمية، مثل: التضييق الشديد في بعض القواعد الشرعية، النظرة الدونية لعمل المرأة، عدم فسح المجال أمام المرأة السعودية لخوض التجارب الجديدة مع النجاح الذي حققته بعض التجارب في ميادين العمل.
أما د. إلهام بنت منصور الدخيل، فقد تحدثت كذلك عن: (قواعد وأنظمة عمل المرأة) حيث تناولت بالتحليل واقع أنظمة العمل في السعودية على المستويين الداخلي والخارجي، وقد اقترحت الباحثة نموذجاً إصلاحياً يتوافق مع الشريعة ومتطلبات العصر، كما قدمت تحليلاً لدراسة وصفية قامت بها، قسمت نتائجها إلى قسمين: القسم الأول؛ استعرضت فيه النتائج التي توصلت إليها عن طريق وصف الوقائع، والقسم الثاني المقترح الإصلاحي الذي قدمته لعمل المرأة ومساهمتها في الاقتصاد الوطني. والذي يتمثل في وضع خطة وطنية استراتيجية تتضمن الموقف الفقهي من عمل المرأة ووضع أنظمة لضبط العلاقة بين الجنسين في بيئة العمل، والعمل على توعية المجتمع لتغيير موقفه من عمل المرأة.
د. وليد أحمد فتيحي تحدث عن: (المجالات الملائمة لعمل المرأة: الميادين والضوابط) فأثبت في البداية مشروعية عمل المرأة ليؤكد بعد ذلك أن أهم عائق يقف في وجه عمل المرأة هو: المغالاة في مفهوم سد الذرائع، واختلاف هذه المغالاة مع الواقع.
أما د. وفيقة عبد المحسن الدخيل فتحدثت عن الموضوع نفسه أي المجالات الملائمة لعمل المرأة، حيث كشفت عن أهم المجالات التي يمكن للمرأة السعودية أن تساهم فيها بفاعلية في التنمية الاقتصادية.
في المحور الثالث عن المرأة والتعليم قدم د. محمد شحات الخطيب ورقة بعنوان: (كفاية مؤسسات التعليم، وتنوع التخصصات في التعليم الجامعي للفتاة السعودية) تحدث فيها عن وثيقة سياسة التعليم التي أقرّت بحق الفتاة في التعليم، مشيراً إلى أن سبب تأخر التحاق الفتيات بالدراسة كان سببه النظرة الاجتماعية عن: (كفاية مؤسسة التعليم وتنوع التخصصات الجامعية).
أما د. سمير سليمان العمران فتحدث عن: (المرأة في مناهج التعليم) حيث انتقد هذه المناهج لقدمها وعدم تطورها مؤكداً على عدم تمكنها من تحقيق أهدافها لهذه الأسباب.
وأخيراً تحدثت في هذا المحور د. فوز عبد اللطيف كردي عن الموضوع نفسه، حيث ناقشت كفاءة هذه المناهج في تحقيق أهداف السياسة التعليمية.
في المحور الرابع والأخير عن المرأة والمجتمع، تحدث د. يوسف عبد الله مكي عن: (الواقع الاجتماعي للمرأة السعودية) حيث استعرض المشاكل والهموم التي تعاني منها، وأسبابها كما قدم توصيات لمعالجته.
كذلك بحثت د. الجازي محمد الشبيكي مشكلات المرأة الفقيرة في المجتمع السعودي، وما ينجم عنها من آثار سلبية عليها وعلى المجتمع. وكذلك تحدث د. عبد الرزاق حمود الزهراني عن: (المشاركة الاجتماعية للمرأة.. حقوقها وواجباتها نحو الأسرة والمجتمع: الواقع والمأمول) كما تحدثت حول الموضوع نفسه أ. نبيهة محمد الأهدل. أما د. عمر إبراهيم المديفر فقد تحدث عن ظاهرة العنف الأسري في المجتمع السعودي، وذهب إلى أن هذه الظاهرة لا تقتصر على المجتمع السعودي بل ظاهرة عالمية، وكذلك تحدثت د. ليلى جابر آل غالب عن العنف الذي تتعرض له المرأة من طرف زوجها.
مؤتمر:
(الترجمة وتفاعل الثقافات)
لمعرفة أسباب تراجع حركة الترجمة في العالم العربي ولمناقشة سبل تفعيلها بما يخدم النهضة الثقافية والعلمية، وجعلها جسراً يصل العالم العربي بالعالم الخارجي، وبمناسبة الاحتفال بصدور العدد (750) من مشروع الترجمة الذي يتضمن الترجمة العربية للإلياذة عن اليونانية، نظم المجلس الأعلى للثقافة في مصر مؤتمراً تحت عنوان: (الترجمة وتفاعل الثقافات) وذلك بين 29 مايو والأول من يونيو 2004م.
حضر المؤتمر أكثر من 50 مترجماً عربياً وغربياً قدم عدد منهم شهادات من وحي التجربة والممارسة.
في كلمته أمام المؤتمر أكد المدير المساعد لليونسكو أحمد الصيداوي، الأهمية التي أصبحت تحتلها الترجمة، لمعرفة العالم وما يزخر به من تيارات فكرية وإيديولوجية، وقدرتها على تعريف الآخر بالذات. أما الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة فقد طالب ببذل المزيد من الجهود في مجال الترجمة وعدم التأثر بالوضع المزري للترجمة، وذلك بإنشاء المزيد من المؤسسات والمعاهد المتخصصة في الترجمة، ومشاركة المجتمع المدني في هذه الأنشطة.
وفي كلمة المترجمين العرب أشار د. عبد القادر المهيري إلى أسباب ضعف المجال المعرفي في العالم العربي، مُعزياً ذلك إلى تراجع دور الترجمة كما أشار إلى إدراك رواد النهضة العرب لأهمية الترجمة في تحقيق النهضة. وفي كلمة المترجمين الأجانب تحدثت إيزابيلا كاميرا عن أهمية الترجمة في إيصال الثقافة العربية إلى الغرب، ومجال تفعيل حوار الثقافات وممارسته.
وفي المشاركات والشهادات قدم د. سعد البازعي ورقة بعنوان: (قابلية الثقافات للترجمة) أشار فيها إلى أن الترجمة تكشف وجوه الاختلاف بين الثقافات، لكن التأمل والتحليل يدفع باتجاه التواصل والتبادل الثقافي. وكذلك قدم د. حسن حنفي ورقة بعنوان: (النقل ترجمة أم إبداع) أكد فيها أن الترجمة إلى العربية في الماضي كانت مواكبة للفتوحات لاستيعاب تراث الحضارات السابقة وتمثله، كما أكد كذلك أن النقل أو التعريب لدى القدماء كان إبداعاً للمعرفة بخلاف الترجمة الحديثة التي هي مجرد نقل للمعرفة.
عاصم المعماري دعا إلى تأسيس بنك عربي للمعلومات حول الأدب العربي تشرف عليه كوكبة من المترجمين، تقوم بنقل هذا الأدب إلى اللغات الأجنبية ونشره.
أما رئيس تحرير مجلة (فكر وفن) التي يصدرها معهد غوته باللغة العربية؛ الألماني شتيفان فايدنر، فقد انتقد واقع الترجمة للأدب الشرقي إلى اللغات الغربية، لتحكم معيار الربح الاقتصادي فيه، مشيراً إلى أن الجهود التعريفية بالأدب العربي هي جهود فردية يقوم بها مترجمون أفراد متحمسون، وهذا ما يجعل هذه الترجمة تخضع للميول الشخصية وللصدفة.
كذلك أشارت الباحثة آناجيل إلى ضعف ما يترجم من التراث العربي إلى اللغات الأجنبية وقدمت مثالاً عما يترجم إلى الإسبانية، فقد أكد السجل الوطني للمؤلفات الصادرة في إسبانيا منذ 1972 وحتى الآن أن (20) كتاباً فقط هي حصيلة ما تُرجم من الأدب العربي.
وحول طبيعة هذه الترجمات قالت الباحثة: إن الترجمات تكون حرفية وتهدف إلى تسهيل قراءة النص العربي وتمزج بين الترجمة والدراسة العلمية للنص، وهي مرتبطة ثانياً بتيار الاستشراق الذي كان قائماً منذ القرن 19، لذلك يصعب القول بوجود تفاعل ثقافي ينتج عن هذه الترجمات، خصوصاً عندما تنتج أفكاراً خاطئة عند القراء غير المتخصصين.
من جهتها تحدثت المستعربة الإيطالية إيزابيلا كاميرا عن أسباب سوء الفهم الواقع بين الغرب والثقافة العربية، وعزت ذلك إلى عدد من المستشرقين الذين لا يتكلمون العربية ولكن يترجمون عنها ولا يجدون حرجاً أمام القول الشائع: هل تعرف اللغة العربية؟ فيجيب: لا، أترجمها فقط.
المترجمون العرب بدورهم قدموا شهاداتهم انطلاقاً من تجاربهم مع الترجمة حيث شارك في المؤتمر كل من سعد زهران مترجم (جون شتاينبك)، وفخري لبيب مترجم (لورانس داريل) وصالح علماني مترجم الأدب الأمريكي اللاتيني. الذي أكد إن إتقان المترجم للغته الأصلية يمكنه من نقل روح أي نص والتعبير عنها بدقة. كذلك تحدث المترجم صلاح نيازي عن تجارب طه محمود في ترجمة رواية (عوليس)، وتحدث الناقد المصري المقيم في بريطانيا محمد مصطفى عن تجاربه في ترجمة الكتابات النقدية البريطانية إلى العربية. كذلك تحدث الشاعر المغربي المهدي أخريف عن تجربته في ترجمة شعر الشاعر البرتغالي فرناندو بيسوا. من جهة أخرى تحدث كل من عبد الله العميد وشوقي جلال عن واقع الترجمة في ظل ثورة المعلومات والاتصالات.
وقد حاولت جميع المشاركات أن تركز على أهمية الترجمة في دعم حركة التثاقف والتفاعل بدل الصراع، ودورها في النهضة العربية، مع الإشارة إلى الواقع المتخلف للترجمة، كما أكدت إحصائيات اليونسكو التي أشارت إلى أن العالم العربي ينتج أقل من كتاب واحد مترجم في السنة لكل مليون مواطن. في الوقت الذي تنتج فيه إسبانيا قرابة 920 كتاباً لكل مليون، مقابل 30 مليون صفحة تترجمها اليابان لوحدها سنوياً.
بالتعاون مع مؤسستي (التعارف) و(قرطبة) نُظِّمت خيمة للحوار بين الجالية المسلمة في سويسرا وشخصيات من جنيف لمدة عشرة أيام أواخر شهر حزيران (يونيو) 2004م، وذلك بهدف تغيير الصورة النمطية المشوهة عن الإسلام والمسلمين، خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر، وقد تخلل فعاليات هذا الحوار محاضرات وندوات وعروض فنية وطبخ شرقي، كلها تعرف بالتقاليد والأعراف العربية والإسلامية وبأصالتها وقيمها.
وقد حضر هذه الفعاليات عدد من ممثلي الروابط الإسلامية وممثلي الأديان الأخرى، كما لقيت دعماً من السلطات المحلية في جنيف وبلدية ميران ومن المؤسسة الثقافية السويسرية (بروهيلفيتسيا)، وكذلك من رابطة العالم الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي. وقد أكد عبد الحفيظ الورديري من مؤسسة التعارف والناطق باسم المؤسسة الثقافية الإسلامية في جنيف أن هذه الأنشطة هي بداية مسار لتصحيح الرؤية والموقف من الإسلام والمسلمين، أما لولي بولاي ممثلة مؤسسة قرطبة فقد قالت: إن هناك اهتماماً بعدة شرائح من المجتمع ومن مختلف الطوائف الدينية للاستفادة من روح الانفتاح في جنيف، ولإظهار ما ساهم به الإسلام في نهضة الغرب.
وقد نوقشت خلال هذه الندوة مجموعة من المواضيع المهمة، مثل: حوار الثقافات، وهل يشكل الإسلام خطراً على الديموقراطية؟ وانسجام الإسلام مع مبادئ حقوق الإنسان؟ وقد سجّل حضور لافت للجالية المسلمة التي يبلغ عددها بين 150 و200 ألف يعيش قرابة 40 ألف منهم في جنيف العاصمة.