شعار الموقع

مؤتمر القرآن الكريم وفقه المتغيرات

حسن آل حمادة 2007-04-26
عدد القراءات « 627 »

 

السعودية: بين 9 - 10 أكتوبر 2006م

تمهيد

اختتم (ملتقى القرآن الكريم) بمحافظة القطيف، شرق المملكة العربية السعودية، مؤتمره القرآني في دورته الرابعة بحسينية الرميح بمدينة سيهات. إذ عقدت الجلسة الأولى في العاشرة والنصف من يوم الاثنين 16 رمضان 1427هـ، الموافق 9/ 10/ 2006م، وخصص يوم الثلاثاء للجلسة الثانية، وذلك تحت عنوان: (القرآن الكريم... وفقه المتغيرات). وقد حضر الملتقى جمع من علماء الدين والمثقفين وجمهور من المهتمين بالشأن القرآني.

افتتحت الجلسة الأولى بآيات من الذكر الحكيم تلاها القارئ حسين ربعان. ثم افتتح المؤتمر أعماله بكلمة اللجنة التحضيرية ألقاها الشيخ زكريا داوود (رئيس تحرير مجلة البصائر)، وقال فيها: إن جدلية الثابت والمتغير قضية قديمة متجددة بحثها المهتمون بالدين والمعرفة في كل زمن، فالفلاسفة القدماء وتحت عنوان اللامتناهي والمتناهي سعوا بكل جهد لتحديد العلاقة التي تربطهما ببعض، وقد بحثها الفقهاء تحت عنوان الأصول والفروع، وكذلك المثقفون والمفكرون تحت عناوين: الثابت والمتحول، والنسبي والمطلق. وأضاف الداوود قائلاً: إن ما يجعل العقل يشتغل بهذه القضية هي تلك النقلات التي تمر بها كل حضارة مما يدعو المجتمعات والأمم إلى مراجعة العديد من الأسس في تحديد نظرتها وفلسفتها للحياة.

كما أشار إلى أن المقصود بالثابت الشيء الدائم والباقي الذي لا يتغيَّر والذي يكون ثابتاً في كل زمان ومكان، وبخلافه المتغيِّر والذي يطرأ عليه التبدُّل أو التطوّر أو التحول والذي يصلح لزمن دون غيره، ولشخص دون سواه، ولمكان دون غيره. ولعل هذا ما يجعل البحث في مثل هذه القضية له تداعياته الكبيرة في النظم الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.

وقال الداوود: عندما يرى الإنسان التطوُّر السريع في نظم وأساليب حياته، وكذلك يرى التبدل الثقافي والفكري الهائل في مسيرة الحياة فإن من الصعب أن يتصور أن شيئاً ما يكون ثابتاً لا يحكمه الزمان والمكان. وهنا تكمن مسؤولية العلماء في البحث في العديد من الموضوعات التي تُشَكِّل مدخلاً هامًّا لبناء أمة مؤمنة متمسكة بهدي الله العزيز الوهاب.

وفي ختام كلمته دعا إلى البحث والنقاش حول عدة مواضيع كان أبرزها: ما هي الثوابت والمتغيرات؟ وهل يمكننا تحديدها والاتفاق عليها؟ الزمان وتأثيره في الثوابت والمتغيرات. المحكم والمتشابه في القرآن الكريم وعلاقتهما بالثوابت والمتغيرات. الاختلاف في الثوابت أم في المتغيرات؟ وما هي محددات وضوابط كلٍّ منهما؟ ضرورة عرض أفكارنا وثقافتنا على النص القرآني لأنه يمثل الثابت المعصوم. القرآن والسنة هل هي علاقة الثابت بالثابت أم الثابت بالمتغير؟

الجلسة الأولى

الورقة الأولى في هذه الجلسة ألقاها الشيخ جعفر النمر، وجاءت تحت عنوان: «جدلية الثابت والمتغير على ضوء القرآن»، قال في مستهلها: يكثر الحديث في هذه الآونة الأخيرة عن نظرية الثابت والمتغير في إطار الجدل المستمر حول أحقية الأطروحات المختلفة للنهوض بالواقع المعاصر، ويأتي ذلك الحديث ليؤسس نظرية شاملة لما سيكون عليه التشريع الحاكم على مسيرة التطور والنمو في المجتمع.

وبيَّن النمر أن مسألة الثابت والمتغير تجلّت في عصر الوحي حيث كانت بعض التشريعات تأتي تجاوباً مع الحاجات المستجدة، ومثال هذا القسم آيات: يسألونك! التي تعالج مسألة مهمة في نظر الوحي. ولما انقطع الوحي وثبت النص كان هذا منشأ لإشكال خالج نفوس البعض وتطور مع الزمن، وذلك لأن النص الذي يراد تطبيقه على الواقع ثابت بينما الواقع متغير فتطبيق النص كما هو على الواقع المتغير يعني الوقوف أمام حركة التطور والنمو. أضف إلى ذلك أن النص محدود بمقتضى ثباته والواقع متمدد ومتسع فكيف يكون في قدرة النص أن يحكم الواقع؟

وقد كان لهذه الإشكالات -كما يقول- أثرها في الحركات العلمية عند إخواننا من أهل السنة فنشأت نظريات من قبيل: سد الذرائع والمصالح المرسلة وأمثال هذه النظريات التي لم تنشأ لولا الإحساس بقصور الموروث عن تلبية متطلبات الواقع.

وفيما يخص ميدان الثابت والمتغير، قال النمر: إن تحديد الموقف من هذه النظرية يتوقف على تحديد كل من العناصر الثابتة من جهة والمتغيرة من جهة أخرى. وأشار إلى خصوصية -كما يرى- تمتاز بها الحضارة الإسلامية خاصة والسماوية بشكل عام عن الحضارات المادية، وهذه الخصوصية عبارة عن محورية النص الديني ومركزيته حيث كان التطور العلمي في الحقول العلمية انعكاساً بشكل وآخر لتطور النظرة العلمية إلى هذا النص، وهذه الخصوصية تستدعي لا محالة أن تكون دعوى التجديد في هذه الدائرة نفسها لا خارجها.

ثم تطرق النمر في بحثه إلى قسمين، هما: الثابت والمتغير في الجانب التكويني، والثابت والمتغير في الجانب التشريعي.

وعن القسم الأول: (الثابت والمتغير في الجانب التكويني)، خلص النمر إلى أن الأشياء كلها تنقسم إلى قسمين:

1- قسم باقٍ لا يعرض عليه التغير وهو الباري تعالى وجهه.

2- قسم متغير وزائل وهو جهة الأشياء في ذاتها إذا نظر إليها من جهة ذاتها وماهيتها.

وحول القسم الثاني: (الثابت والمتغير في الجانب التشريعي)، أكد النمر أن العقيدة ثابتة والشريعة متغيرة، وقال: ليس المراد بتغير الشريعة إمكان التغيير والتبديل فيها بما يتطلبه الواقع؛ لأن مثل هذا التبديل والتغيير يعتبر تجاوزاً على الحق الإلهي الثابت بقوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلهِ}، بل المقصود به أن الاختلاف بين الأديان إنما هو في جانب الشريعة وأما أصول الدين فهي واحدة في جميع الأديان.

وختم النمر ورقته مؤكداً أن دراسة نظرية التشريع في القرآن الكريم تساعدنا في التغلب على إشكالية الثابت والمتغير؛ لأن النظام التشريعي الذي يطرحه القرآن يشتمل على عناصر قادرة على استيعاب متغيرات الواقع. واستعرض سبعة منها نختصرها على النحو الآتي:

1- التشريع حق إلهي لا يثبت لغيره إلا بإذنه.

2- التشريع الإلهي تام وشامل.

3- التشريع يقوم على قاعدة الحق.

4- المصدر الأساس لمعرفة التشريع هو القرآن الكريم على أساس ولاية النبي وأهل بيته الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين).

5- القرآن الكريم مستوعب لجميع ما تحتاج إليه البشرية في كل عصر.

6- شدد القرآن على ذم التقليد، ووصف أتباعه بالانفتاح على الواقع واستجابتهم لمتطلباته بالشكل الذي ينسجم مع مبادئه، يقول تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}.

7- الرجوع إلى القرآن الكريم يستلزم نبذ الظنون والأهواء.

الورقة الثانية في هذه الجلسة قدّمها الشيخ إبراهيم الميلاد، بعنوان: «ملامح المنهج القرآني في التشريع»، وصدّرها بقوله: إن خصوصية هذه الدراسة تتجلى بشكل أعمق في البحث الخاص عن تلك الملامح التي ستتكفل بدورها بتحديد وضبط المنهج القرآني في التشريع باعتباره حقيقة قرآنية واضحة الأسلوب والمضمون من خلال لغة القرآن وأسلوبه ومفرداته وسياقاته.

والمطلوب منا لبلوغ تلك الغاية الشريفة هو التوجه المنهجي بالتدبر في آيات الأحكام باعتبارها الآيات الأكثر تخصصاً ووضوحاً وتحديداً في تناولها للأحكام الشرعية على ضوء الآيات القرآنية، وهو ما دفع الكثير من علمائنا وغيرهم إلى جمعها والتصنيف حولها كتباً هي الغاية في الدقة والعمق والشمول ككتاب (زبدة البيان في براهين أحكام القرآن) للمحقق الأردبيلي (ت 993هـ).

وقال في مكان آخر من ورقته: لا تقف معطيات وأهمية اتضاح المنهجية القرآنية في التشريع على ضرورة فهم آيات الأحكام ضمن سياقاتها القرآنية العامة والخاصة بل إنها تتجاوز ذلك كله لتلعب دوراً آخر لا يقل أهميةً وضرورةً بالنسبة لكل المهتمين بالقرآن والتدبر في آياته ضمن أي إطار علمي كان، أي أنها تتسع لتشمل أيضاً تسهيل عملية الفهم الصحيح للسياق القرآني العام الذي تنتظم من خلاله الآيات القرآنية كلها مشكلة نسيجاً معرفيًّا واحداً هو الغاية في البيان والروعة في الإعجاز والإيجاز.

إن المنهجية القرآنية في التشريع هي حالة موضوعية حقيقية من السياق القرآني العام. ومن دون فهمها وضبط محددات ملامحها العامة -على الأقل- ستتعرض أي محاولة فهم للقرآن وضمن أي موضوع كان إلى التشويش والتعثر وبالتالي السقوط في أخطاء منهجية ومعرفية كبرى؛ لأنها حينئذ ستتحرك منفلتة وبعيداً عن الضابطة العامة للسياق القرآني الذي من دون ملاحظته سيتعذر على أي محاولة فهم للقرآن وآياته من أن تحقق النتيجة المطلوبة من كل الجهود المضنية المبذولة على طريق الفهم.

وأكد الميلاد على أن تحديد المنهجية القرآنية في التشريع على ضوء حقائق الآيات القرآنية وضبط ملامحها العامة يساهم بشكل كبير في تحصيل القدرة على اكتشاف منظومة القيم والمقاصد العليا التي تنطوي عليها النصوص الدينية كتاباً وسنة وأحكاماً شرعية.

وأضاف الميلاد قائلاً: على الرغم من أنه إلى الآن لم تتبلور نظرية علمية كاملة ومنضبطة في القيم والمقاصد العليا يمكن الاستناد إليها في عملية الاستنباط وممارسة الاجتهاد إلا أنه لا خلاف في أهميتها ودورها النسبي في إعطاء المزيد من القدرة على تحسين الفهم لمعاني النصوص الدينية ومعرفة أبعاد وأعماق مداليلها ومن ثم إدراك ما تنطوي عليه من آفاق وأسرار وحكم.

كما حدد الميلاد ستة من الملامح العامة للمنهجية العامة للتشريع، تحدث عنها بالتفصيل، وهي:

الملمح الأول: تحديد وضبط المنابع الأساسية للتشريع الإسلامي.

الملمح الثاني: بيان التشريع في أصوله العامة

الملمح الثالث: ربط التشريع بالقيم العامة (التعليلات - الحكم - المقاصد العليا)

الملمح الرابع: الدعوة المفتوحة إلى الاجتهاد وممارسة الاستنباط في حدود النص الديني

الملمح الخامس: بيان الأحكام الشرعية من خلال الوقائع الجارية

الملمح السادس: وضع التشريع الإلهي ضمن سياقاته التاريخية (شرع ما قبلنا).

وفيما يخص تنزل الآيات -في مستوى التبليغ- نجوماً بحسب الوقائع المتعددة والأحداث المختلفة والأزمنة المتفرقة، قال الميلاد: إن في هذه المنهجية إلفات نظر إلى جملة الحقائق التالية:

أولاً: إن التشريع الإسلامي من خلال ملاكاته وأحكامه ومعطياته إنما جاء لكي يلبي الحاجات الواقعية والموضوعية التي قد تعترض طريق وحياة المجتمع والأمة. وبهذا تتجلى بوضوح للباحث في التشريع الإسلامي على ضوء الآيات القرآنية سمتا (الواقعية) و(المرونة) اللتان تتميز بهما الشريعة الإسلامية في خطوطها العامة وفي مجمل تفاصيلها.

وعليه فإن التشريع الإسلامي في المنهجية القرآنية يتفاعل مع كل الظروف المستجدة فيستجيب لها ويقومها من خلال المناسب من الأحكام والوظائف كلٍّ في مورده.

ثانياً: إن هذه المنهجية القرآنية في بيان الأحكام ليست حالة أو مرحلة تاريخية قد اقتضتها الظروف الموضوعية للدعوة والرسالة باعتبار أنهما كانا في مرحلة النشوء والانطلاق. بل هي منهجية أصيلة في التشريع نفسه الذي يراد له دائماً وأبداً أن يكون مستجيباً لمتطلبات (الواقع) وحاجات (الزمان) المتجددين. وكم سيكون لهذه الخصوصية في المنهجية القرآنية في بيان الأحكام الشرعية من أثر كبير في الاجتهاد وتطوير مناهجه وقدرته على مواكبة كل جديد.

ثالثاً: إن هذا العنصر في المنهجية القرآنية العامة في التشريع يلفت أنظار المجتهدين والممارسين للاستنباط إلى أن عملية الاجتهاد ينبغي أن تتحرك ضمن إطار منهجية الأولويات في تناول الموضوعات الخارجية التي تشكل بدورها محلاً ومجرى للأحكام الشرعية والوظائف التي يمكن أن تقوم مقامها.

ولا ريب في أن هذا التوجه سيجعل من عملية الاجتهاد ومهمة الفقهاء حقيقة موضوعية تنبثق من صميم الحاجات الضرورية والماسة كموضوع خارجي من جهة، وتعود إلى تلك الحاجات في صورة استنباط حكم شرعي مناسب أو وظيفة شرعية مناسبة من جهة أخرى.

إن حفظ منطق الأولويات في الاهتمام العلمي والعملي في أفق الاجتهاد من شأنه أن يجعل من عملية الاجتهاد عملية أكثر انسجاماً مع طبيعة التطوير والتجديد اللذين يشكلان بدورهما ضمانة الحيوية والنوعية في فاعلية الاستنباط من قبل الفقهاء المثابرين.

الجلسة الثانية

الورقة الأولى في هذه الجلسة ألقاها الشيخ توفيق العامر، وجاءت بعنوان: «الثابت والمتغير في القرآن»، وادَّعى الباحث في مفتتحها أن البحث في الثابت والمتغير في الروايات أسهل منه في القرآن، فقد سبق أن بحث في هذا الموضوع كثيراً، وقال: إن البحث في القرآن فيه الكثير من العناء والصعوبة لقلة من طرق هذا البحث قرآنياً، وإن كانت هناك مجموعة من البحوث فإنها في العموميات دون التفاصيل، وأكثر من ذلك فإن آليات البحث في القرآن أصعب منها في الروايات.

وبيَّن العامر أن في الإسلام قابليةً للتجدد المستمر، والتكيُّف مع متغيرات العصر، لأنه في داخله مقومات البناء والاستمرار، فقرآننا -كما أشار- أفضل كتاب وأشمل الكتب السماوية، وفيه تفصيل كل شي، والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أرسله الله -عزّ وجلّ- إلى الناس كافة، إلى كل زمان ومكان، ووعده الله أن يظهر دينه على الدين كله.

وأوضح العامر أن الإسلام يتميز بصفتين، هما:

1- إن الإسلام منهج حركي يستوعب كل متغيرات الحياة، مهما اختلفت العناوين.

2- في حال أعوزنا الدليل، يستطيع المسلم أن يستنبط الحكم من الأصول العامة.

كما أشار العامر إلى أن الأصل في القرآن هو الثابت، والأمور المتغيرة نرجعها إلى الثابت؛ فالمرجع الأساسي للمتغيرات هو الثوابت. إذ أمر الله -عزّ وجلّ- بالرد إليه وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى أولي الأمر في كل صغيرة وكبيرة، وكل حكم مستجد، كما أن قاعدة لا حرج: وهي قاعدة ثابتة تُبنى عليها الكثير من الأحكام.

وختم العامر ورقته بحصر الثوابت في سبع نقاط عرض لها بالتفصيل، وهي:

1- التوحيد.

2- الرسالة والرسول.

3- العقل.

4- الأخلاق.

5- الإنسان هو الإنسان.

6- سنن التاريخ.

7- الأحكام والتشريعات.

الورقة الثانية في هذه الجلسة ألقاها السيد جعفر العلوي، وجاءت تحت عنوان: «قيم الشريعة ومقاربة إشكالية الثابت والمتغير»، قال في مفتتحها: إن تمامية الشريعة تطرح تساؤلاً عن كيفية تلبية نصوص محدودة لوقائع لا تنتهي. والإجابة نظريًّا واضحة، وهي أن النصوص صياغة للقوانين الثابتة التي تندرج تحتها الجزئيات وتستوعب المتغيرات.

وعرض العلوي مقاربة المرجع الديني السيد محمد تقي المدرسي لمعالجة مشكلة الثابت والمتغير ضمن نظريته قي القيم، من خلال موسوعته: (التشريع الإسلامي.. أصوله ومناهجه)، اعتماداً على الجزء الثاني تحديداً.

ولفت العلوي في بحثه إلى أن عُقدة المسلمين في عصور التخلف أنهم عرفوا الحدود والرسوم والشعائر، ولكنهم غفلوا عن جوهر الدين. وزاد المشكلة تعقيداً أن الحدود التي رُسمت لنا كانت متأثرة إلى حدٍّ ما بالظروف التاريخية لحركة الأمة، فلما توارثها الأجيال، وتغيّرت الظروف الموضوعية للحركة داخل المجتمعات الجديدة، زادت الفجوة بينها وبين واقعهم اليوم.

وأضاف قائلاً: إن الخطوة الأولى هي الاعتراف بالمشكلة بعد تحسس عمق الأزمة الحضارية التي نحياها. وكيف يتحسس مشاكل العصر المغترب الساكن في قضايا التاريخ المعرفية.

وأكد أن المسؤولية تتحملها النخبة؛ فجهة الاختصاص تتحمل قسطاً أوفر، خصوصاً أن معالجة الثابت والمتغير موضوع اختصاصي. وانطلاقاً من المسؤولية الملقاة على الحوزة العلمية فإن الحدث يتوجه للمجتمع العلمي بالدرجة الأولى. ورصد العلوي اتجاهين للتحديث الحاصل في الحوزة، هما:

أولاً: التحديث في شكل العملية التعليمية.

ثانياً: تطوير في بنية المادة العلمية، تجلَّى في الانفتاح على معارف العصر وعلومه وتياراته.

كما أبدا العلوي بعض الملاحظات التقويمية، وهي:

أولاً: إعادة الاعتبار إلى القرآن الكريم.

ثانياً: مراجعة في مادة الفقه، ويمكن أن نلاحظ ضرورة الفصل بين الفقه العملي والاستدلالي، فلكل منهما غايته.

ثالثاً: مراجعة في الاجتهاد .