«قراءة استعراضية»
ﷺ تمهيد
الدلالة والمصطلح
تميَّزت لغتنا العربية بتنوُّع ألفاظها، وتبايُن معانيها، وسهولة اشتقاقاتها، فكان أن تحددت معانيَ كلماتها وفق ما عرّفه علماء فلسفة اللغة بـ(منطوق ومفهوم اللفظ)، الأمر الذي عُدّ من كمال البلاغة والفصاحة المعجزة.
وفي موضوعنا هذا فرَّق اللغويون بين منطوق ومفهوم لفظة «الثقافة»، و«العلم»، و«المعرفة»، وما شاكلها، التي وإن اتفقت جميعها في مفهومها الدلالي، إلا أنها قد تباينت بمفهومها الاصطلاحي (الفلسفي)، كما وبالرغم من اختلافها عن بعضها البعض بمنطوقها اللغوي، إلا أنها قد تقاربت من حيث منطوقها الاصطلاحي (الفلسفي) أيضاً.
فالعلم مثلاً: هو ما تحدد بقواعد وأطر منطقية واضحة متفق عليها؛ في حين تأخذ لفظة المعرفة معنى أبعد، ودلالة أوسع، وحيِّزاً أكبر، لتشمل مختلف الجوانب العلمية، والفنية؛ على أن الثقافة التي هي مجموع التعابير عن كل نشاط المجتمع وتحركه هي الجامع بينهما، حيث يندرج تحت لوائها كل ما سبق، ليتمازج بعد ذلك بالقوالب الحسية والوجدانية الإنسانية، المتمثل في مختلف سلوكاتنا، ومظاهر حياتنا البشرية.
وبحكم أن جوانبنا العلمية والمعرفية غير معزولة عن طبيعة شخصياتنا المادية والوجدانية، التي ولا شك قد لامسها شعاع التلقي الرباني المنزل على سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، والمتسلسل نوره جيلاً بعد جيل عبر خاصية الإسناد أو العنعنة من جانب، علاوة على تأثر هذه الشخصية بروح ومظاهر التعاليم الدينية الحاضة لقيم التسامح والمحبة والخير، فقد آثرتُ أن يكون عنوان هذه الورقة منطلقاً من أطياف هذا النور، وتلك المعرفة، وليس بمعزل عنها، فجاء عنوانها «الدور الثقافي لدولة الأئمة باليمن في العصر الحديث: قراءة استعراضية».
الخلفية التاريخية
وانطلاقاً من ذلك فقد تعددت ملامح النهضة الثقافية في اليمن، وتنوعت أطيافها طوال مختلف الفترات التاريخية، فتعددت مدن إشعاعها المعرفي بشكل عام، كزبيد وبيت الفقيه وغيرهما في تهامة، وتعز وإب وغيرهما في المناطق الوسطى، وذمار وصنعاء وحجة وصعدة وغيرها في المناطق الشمالية، الأمر الذي جعلها مقصداً لطلاب العلم من جهة، وموئلاً لكثير من الحركات العلمية والتيارات الفكرية من جهة أخرى.
وفي عهد دولة الأئمة الممتدة من سنة 284 - 1367هـ الموافق 897 - 1948م نشطت الحركة الثقافية بوجه عام، فكثر التأليف، وتعددت المدارس وحلقات العلم، وتنوعت الأفكار والعلوم، وبرز الكثير من العلماء المجتهدين في ظل ما كفله (بحسب رأي القاضي إسماعيل الأكوع) المذهب الزيدي من حرية التفكير، وعدم التقيد بأقوال ونصوص المذهب، مما «أطلق للعلماء العنان، وترك لهم الخيار، بعد أن جعل باب الاجتهاد مفتوحاً لمن حذق علومه، واستوفى شروطه»[2].
وتبعاً لذلك فقد ازدهرت الجوانب المادية المصاحبة كالوراقة، والنسخ، علاوة على تعدد المصادر المالية من نفقات رسمية، وهبات أهلية، عوضاً عن الوقوفات الخيرية الخاصة التي تمثِّل النواة الرئيسة لما يعرف حاليًّا بمؤسسات المجتمع المدني.
لقد شكَّلت الثقافة بكل أنساقها المتعددة الركيزة الأساسية في تكوين وبنية الفكر الإمامي، إذ لا بد لمن يرغب في تولي أمر وواجبات الإمامة بحسب النظرية الزيدية أن يكون في درجة المجتهد المطلق العارف بمختلف العلوم النقلية والعقلية، الأمر الذي شكَّل الخلفية الذهنية بداية للحالة الثقافية في اليمن، وأغنى الساحة العلمية بالعديد من الأئمة العلماء المصنِّفين، الذين ساهموا في تكوين وتطوير المنحى الثقافي على وجه الخصوص، ابتداء بمؤسس الدولة الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن الإمام القاسم الرسي الحسني المتوفى سنة 298هـ/910م، مروراً بالأئمة العلماء من أمثال: الإمام المنصور بالله القاسم بن علي العياني (389 - 393 هـ/ 999 - 1003م)، والإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان (532-566هـ/ 1138-1171م)، والإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (583-614هـ/1185-1217م)، والإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة (729 - 749هـ/ 1328- 1349م)، والإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى بن المُرتَضَى (793 -840هـ/ 1391 - 1436م)، والإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين (912 -965هـ/ 1507-1558 م) والإمام المنصور بالله القاسم بن محمد (1006 - 1029هـ/ 1597 - 1619م)، وولديه من بعده الإمامين المؤيد بالله محمد، والمتوكل على الله إسماعيل (1029 - 1087هـ/1619 - 1676م)، والإمام الهادي إلى الحق شرف الدين بن محمد الحسيني (1296-1307هـ/ 1876 - 1890م)، والإمام المنصور بالله محمد بن يحيى (1308 - 1322هـ/1890 - 1904م)، وصولاً إلى الإمام المتوكل على الله يحيى حميد الدين مؤسس المملكة المتوكلية اليمنية (1322-1367هـ/1904-1948م) الذي تحولت الدولة في عهده من إمامة شوروية إلى ملكية وراثية، وهو ما أدى إلى إعلان الثورة عليه ومقتله سنة 1367هـ/ 1948م فيما عرف بثورة الدستور[3].
مرتكزات وآليات الثقافة اليمنية
ولم تختلف مرتكزات الحركة الثقافية في اليمن خلال مختلف المراحل عن مثيلاتها في العالم الإسلامي، حيث كان الطابع الشرعي وما يتعلق به من مباحث لغوية، وكلامية، وكذلك الطابع الأدبي المتمثل في الشعر والمقامة، هو الغالب بل والمشكل لهوية الثقافة في اليمن.
أما فيما يتعلق بآلية التعليم فلم تختلف اليمن عن مثيلاتها من البلدان الإسلامية التي كان للكتاب أولاً، والمسجد وما استحدث من مدارس علمية مرافقة له ثانياً، دور مهم في تفعيل الحركة المعرفية بشكل عام، وعليه فقد انتشرت معالم تلك المعرفة في مختلف المدن اليمنية، بل إن بعضها قد تميز بطابعها العلمي كمدينة زبيد في تهامة، وتعز في المناطق الوسطى، وذمار، وصنعاء، وصعدة، وغيرها في المناطق الشمالية، عوضاً عن الكثير من الهجر العلمية التي تفردت بها اليمن لتشكل وعبر مختلف المراحل التاريخية منارات استقطاب معرفية مجهزة بمختلف السبل والإمكانات العلمية الرئيسة من أساتذة علماء، ومكتبات، ومسكن، وإعاشة، وغير ذلك مما يحتاجه العالم والمتعلم.
علاوة على ذلك فقد اشتهر عدد من المساجد في مختلف المدن اليمنية بكينونتها العلمية نتيجة لكثرة علمائها، وطلابها، ومكتباتها، ومن هذه المساجد، مسجد الإمام الهادي في صعدة، ومسجد الجامع الكبير، والفليحي، وطلحة وغيرها في صنعاء[4].
وقد ازدهرت مختلف تلك المساجد في عهد الأئمة بحلقات الدرس والمناقشة في مختلف الفنون، ومنذ القرن العاشر الهجري أطلق على بعضها مسمى مدرسة، وذلك بعد أن ألحق بها عدد من المنازل للطلاب، وقُررت لهم الإعاشة، ومن أبرز تلك المدارس، ما بناه الإمام شرف الدين المتوفى سنة 965هـ/ 1557م في كوكبان، وثلا، وصنعاء، وذمار، وغيرها[5].
كما حظيت الحركة العلمية بالتنوع الفكري، والتعايش المنهجي، وإن كان ذلك لم يخلُ من بعض الهَنَات الناتج عن تسيُّد المنحى التشددي في بعض الفترات التاريخية[6].
واتسمت تلك الحركة كذلك بالشيوع والانتشار بين مختلف الأوساط الاجتماعية، بحيث لم تقتصر على فئة محددة منها كالسادة، وهم المنتمون إلى الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كما يقول بذلك بعض المثقفين اليمنيين[7]، حيث وبالنظر إلى كتب الفهارس العلمية (الببلوغرافيا)، وإلى فهارس أسماء العلماء في عدد من الكتب المنشورة، يتضح مدى بُعد مثل هذه المقولات عن مطابقتها للواقع، إذ قد بلغ تعداد العلماء مثلاً من طبقة القضاة أو الفقهاء المنحدرين من أصول قبلية في وادي السر باليمن، وفي القرن العاشر فقط، ما يزيد على (195) عالماً مجتهداً وطالب علم، مقابل (75) عالماً من أهل البيت (السادة)[8].
ﷺ آليات الحركة الثقافية في العصر الحديث
المدارس العلمية
يعتبر الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين (912 - 965هـ/ 1507- 1558م) من أبرز الأئمة الذين كانت لجهودهم العلمية الأثر البارز في إنعاش الحركة الثقافية باليمن، حيث إضافة إلى ما أنتجه من مكنون معرفي تمثَّل في العديد من المصنفات الدينية والتاريخية والأدبية التي زادت على العشرين مؤلَّفاً[9]، فقد حرص على تشييد المدارس العلمية، وتجهيزها بمختلف الوسائل المساعدة من مكتبات، وأدوات مكتبية؛ ومن ذلك مدرسة الإمام شرف الدين في كوكبان المستمرة حتى الوقت الراهن، وقد درّس فيها الإمام المؤيد بالله محمد بن إسحاق بن المهدي أحمد ابن الحسن المتوفى سنة 1167هـ/ 1753م، وكذلك الأمير العالم عبد القادر بن أحمد ابن الناصر شرف الدين المتوفى سنة 1207هـ/ 1792م، وغيرهم.
ومن ذلك أيضاً مدرسة الإمام شرف الدين في مدينة ثلا، وفي مدينة حجة، ومدرسته في مدينة صنعاء التي درس فيها العديد من العلماء الفضلاء من أمثال البدر المنير العلامة السيد محمد بن إسماعيل الأمير المتوفى سنة 1182هـ/ 1768م، كما درس فيها العلامة القاضي محمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة 1250هـ/ 1834م، وكذلك العلامة القاضي أحمد بن محمد الجرافي المتوفى سنة 1316هـ/ 1898م، والقاضي علي ابن حسن سُنهوب المتوفى سنة 1366هـ/ 1946م، وغيرهم[10].
ومنها كذلك ما بناه الإمام شرف الدين في مدينة ذمار وتعرف بالشمسية نسبة إلى ابنه شمس الدين الذي ربما أشرف على عمارتها، وقد حظيت هذه المدرسة بمكتبتها النفيسة التي تم تدمير جزء كبير منها عندما تعرضت المدينة لنهب شيخ قبيلة وادعة سنة 1150هـ/ 1737م الذي دخل بحميره إلى المدرسة منتهباً فراشها وكتبها[11].
وقد كانت هذه المدرسة وإلى مدة يسيرة «صرحاً من صروح العلم، فقد كانت (حسب قول القاضي الأكوع) أشبه ما تكون بخلية النحل لكثرة طلبة العلم الدارسين فيها.. من شتى المناطق»، وأضاف لقد «كان طلاب العلم الوافدون إلى ذمار المعروفون بالمهاجرين يقيمون في المنازل (جمع منزلة) الملحقة بالمدرسة الشمسية، والمحيطة بها من جميع جهاتها، وكان بعض هذه المنازل معروفة بأسماء أسر تتوارث الإقامة بها خلفاً عن سلف لطلب العلم، فقد كان لبيت الشامي، وبيت الأشول من خبان، وبيت الشبيبي من آنس، وبيت الجرموزي من عتمة وغيرهم، منازل معروفة بهم»[12].
ومن أشهر من درّس فيها العلامة الفقيه إبراهيم بن يوسف حثيث المتوفى سنة 1041هـ/ 1631م، والفقيه العالم صلاح بن علي المداني الملقب بالشويطر المتوفى سنة 1064هـ/ 1653م، والعديد من فقهاء آل الشبيبي ومنهم: الفقيه العالم مهدي بن علي الشبيبي المتوفى سنة 1107هـ/ 1695م، والعديد من فقهاء آل العنسي ومنهم: الفقيه العالم سعيد بن عبد الله العنسي المتوفى سنة 1136هـ/ 1723م، والفقيه العالم محمد بن عبد الله العنسي المتوفى سنة 1346هـ/1927م، والعديد من فقهاء آل الشماحي ومنهم: القاضي العلامة عبد الله بن أحمد الشماحي المتوفى 1326هـ/ 1908م، والقاضي عبد الوهاب بن محمد الشماحي المتوفى سنة 1357هـ/ 1938م، والسيد العلامة علي بن حسن الديلمي المتوفى سنة 1330هـ/ 1911م، وغيرهم الكثير[13]؛ كما أنشأ المطهر بن الإمام شرف الدين مدرسة علمية بعدن سنة 975هـ/1567م.
واستمر الاهتمام بالحركة العلمية في عهد الأئمة من بعهدهم، وبخاصة في فترات الاستقرار السياسي والعسكري في اليمن، ومن ذلك ما كان على عهد الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم (1029 - 1054هـ/ 1619 - 1644م) الذي انتشرت في عهده المدارس ودور العلم، ونبغ في عهده العديد من العلماء الفطاحل من أمثال العلامة القاضي مطهر الجرموزي وغيره[14]؛ وما كان كذلك على عهد أخيه الإمام المتوكل على الله إسماعيل (1054 - 1087هـ/1644 - 1676م) الذي اهتم باقتناء الكتب العلمية، وقرب العلماء منه، واستضاف العديد من علماء العالم الإسلامي سواء من مصر أو الحجاز والعراق وخراسان والهند[15].
وفي عهد الإمام يحيى حميد الدين (مؤسس المملكة الحديثة باليمن) تأسست المدرسة العلمية (دار العلوم) سنة 1344هـ/ 1925م بصنعاء، والتي خصص لها أوقاف التُّرَب، وأوقاف المساجد الخالية والمندرسة، وكل وقف انقطع مصرفه وجُهِل واقفه، وقد بلغ متوسط حاصلاتها المالية في السنة قرابة 500 ألف ريال فرانصي، فكان يصرف منها على رواتب الأساتذة العلماء، ونفقات الطلاب الذين بلغ عددهم قرابة 700 طالب في السنة، وما فاض يتم شراء بعض الأموال ووقفها عليها[16].
وتتكون المدرسة العلمية من ثلاث صفوف، كل منها ينقسم إلى أربعة شعب بأربع سنوات، وبذلك فيحتاج الطالب ليتخرج في المدرسة إلى 12 سنة دراسية؛ ويطلق على الشعبة الثالثة في الصف الثالث مسمى شعبة «المنهاج» على اسم كتاب في أصول الفقه شرح على كتاب المعيار للإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى بن المرتضى، في حين تسمى الشعبة الرابعة منه بشعبة الاجتهاد أو شعبة الغاية نسبة لكتاب الغاية وشرحها في أصول الفقه للعلامة السيد الحسين بن الإمام القاسم بن محمد.
وتتراوح مخصصات الأساتذة العلماء من ثلاثة ريالات إلى الخمسين ريالاً في الشهر، كما تولَّى إدارة المدرسة عدد من العلماء منهم القاضي عبدالواسع الواسعي، والسيد عبد الخالق الأمير، والقاضي عبد الرحمن السياغي، وغيرهم، وكان من مشائخها العلامة القاضي علي بن علي اليدومي، والسيد زيد الديلمي، والسيد أحمد بن عبد الله الكبسي، والقاضي المؤرخ عبد الواسع الواسعي، والقاضي يحيى بن محمد الإرياني، وغيرهم[17].
كما أُنشئت في عهده أيضاً المدرسة العلمية بثلا سنة 1349هـ/ 1930م، وافتتح في السنة نفسها مدرسة علمية في تعز، وأخرى في زبيد، علاوة على افتتاح سبع عشرة مدرسة تحضيرية (ابتدائية) في منطقة تهامة.
وكانت الحكومة اليمنية قد أنشأت في سنة 1346هـ/ 1927م نظارة المعارف التي ما لبثت أن تطورت إلى وزارة مستقلة سنة1350هـ/ 1931م تحت إشراف الأمير عبد الله بن الإمام، الذي حرص على تطوير آليات التعليم بتعيينه ألمع خريجي المدرسة العلمية مفتشين ومديري مدارس، كما شكَّل مجلساً لتطوير المناهج مؤلَّفاً من السيد أحمد الوريث، وأحمد المطاع، والقاضي عبد الله العزب، وعلي عبد الوهاب الشماحي، الذين اقترحوا تقسيم التعليم إلى ثلاث مراحل (ابتدائي ومتوسط وثانوي) غير أن اقتراحهم ذلك قد جُوبه بالرفض من قبل الإمام يحيى بالرغم من موافقة ولده وزير المعارف في حينه[18]، ومع كل ذلك وفي سبيل توسيع دائرة العلم والمعرفة فقد وزَّعت الوزارة سنة 1358هـ/ 1939م مرسوماً على جميع الهيئات في أرجاء اليمن والنواحي التسع تدعوهم إلى الالتحاق بمختلف المدارس والمعاهد العلمية.
المكتبات العلمية
تمثِّل المكتبة بما تعكسه من رمز معرفي مثلاً واضحاً لمدى انتشار المعرفة بوعيها الثقافي بين أرجاء المجتمع، ولا شك فقد كان ذلك مما تميَّزت به الحضارة الإسلامية إبان ازدهارها.
وفي اليمن كان للمكتبة شأن عظيم، حيث اهتم كثير من العلماء، وكثير من الأسر العلمية بتأسيس مكتباتهم الخاصة التي أصبح يشار إليها بالبنان في الوقت الراهن، بالرغم من تسرب كثير من المخطوطات العلمية اليمنية إلى مكتبات العالم العالمية، كمكتبة الإمبروزيانا بإيطاليا التي تضم نحو سبعة آلاف مخطوط يمني، إضافة إلى ما هو موجود في مكتبات برلين، وفينا، وباريس، ومدريد، وليدن، وهولندا، ومكتبة المتحف البريطاني وغيرها[19].
ومن أشهر المكتبات الخاصة باليمن مكتبة آل الهاشمي بصعدة، ومكتبة آل شرف الدين بشبام وكوكبان، ومكتبة آل الوزير بالسر، ومكتبة بيت الأهدل بزبيد، وغيرها.
تجدر الإشارة إلى أن عدد ما فهرس له السيد عبد السلام الوجيه في الجزء الأول من مشروعه في فهرسة المكتبات الخاصة قد بلغ قرابة 39 مكتبة، حوت (3190) مجلداً، منها حوالي (1860) مخطوطاً أصليًّا، وقرابة (1330) مخطوطاً مصوراً[20]؛ ومجموع ما فهرسه السيد عبد الله الحبشي في كتابه «فهرس مخطوطات بعض المكتبات الخاصة في اليمن» الصادر سنة 1994م حوالي (959) مخطوطاً؛ هذا إضافة إلى ما تحويه المكتبات العامة مثل مكتبة الأحقاف للمخطوطات بتريم، ودار المخطوطات بصنعاء، والمكتبة الشرقية والغربية بالجامع الكبير بصنعاء.
وتُعَدُّ الأخيرة من أهم ما أنشأه الإمام يحيى في حقل المعرفة والعلم لكونها قد لملمت شتات المخطوطات المهدورة من المساجد، وحمتها من العبث والضياع، حيث قام بجمع تلك المجموعات وضمها مع مجموعته الخاصة مكوِّناً بها النواة الأولى لما يعرف بمكتبة الجامع والتي تأسست سنة 1344هـ/ 1925م، وقد تم تعيين القاضي حسين الواسعي أول أمين لها، ويساعده في ذلك القاضي محمد أحمد الحجري.
وقد ضمت المكتبة الكثير من الكتب الأدبية والثقافية المطبوعة التي كانت تهديها دور الطباعة للإمام وولده وزير المعارف، حيث يقوم الإمام بإيداع كل كتاب يفرغ من قراءته في المكتبة، ومن أبرز تلك المطبوعات مؤلفات د. طه حسين وبخاصة كتابه «الشعر الجاهلي»، ومؤلفات الأستاذ عباس العقاد وبخاصة «عبقرياته»، وبعض مؤلفات الشيخ محمد رشيد رضا، وأغلب مؤلفات جبران خليل جبران، وبعض مؤلفات د. زكي مبارك وبخاصة كتابه «النثر الفني»، وغيرها[21].
وبهدف المحافظة على مختلف تلك المخطوطات والكتب فقد تم تصنيف المكتبة وفق منهج خاص، حيث قُسِّمت إلى 26 فرعاً معرفيًّا رئيساً، قُسِّم كل منها وفق القوائم الأبجدية إلى عدة أقسام فرعية، وتم فهرستها في كروت محتوية: على اسم المؤلِّف، وعنوان المؤلَّف، وتأريخ التأليف، ووصف نوع الخط المستخدم في النص المنسوخ أو المطبوع، وبيان حجم المجلد بالسنتيمتر، علاوة على اسم الواقف للكتاب[22].
وفي سنة 1357هـ/ 1938م أصدر الإمام لائحة تنظيمية تحدد قواعد دخول المكتبة، ونظام الاستعارة منها، وتشتمل هذه اللوائح على:
1- منع دخول الكتب الخاصة إلى المكتبة مع أي شخص كائناً من كان.
2- منع الكتابة أو التعليق على أي كتاب مستعار حتى ولو كان ذلك بهدف التصحيح، وإن تحتم التصحيح فلا يكون إلا بعد أخذ الإذن من أمين المكتبة.
3- منع إخراج أي كتاب من المكتبة بهدف المطالعة في المسجد الجامع إلا بعد دفع تأمين مالي
4- منع تبادل الأحاديث الجانبية في المكتبة بأي شكل من الأشكال.
5- منع الإعارة لأي شخص غير مؤهل لذلك.
6- منع إعارة المخطوطات الأصلية النادرة، وذلك بحسب مرسوم سنة 1361هـ/ 1942م[23].
نشأة وتطور الطباعة في اليمن
ولا شك في أن الحديث عن المكتبات سيقودنا حتماً للحديث عن نشأة وتطور الطباعة في اليمن بوصفها أداة هامة في توسيع دائرة الثقافي في المجتمع لتشمل مختلف الطبقات الاجتماعية بشكل أوسع، غير أنه وبالرغم من أن العالم قد عرف الطباعة منذ منتصف القرن الخامس عشر الميلادي إلا أن العرب لم يعرفوا ذلك إلا في وقت متأخر (1139هـ/ 1727م) نتيجة لرفض الدولة العثمانية السماح بالطباعة العربية بحجج دينية[24]، ومن ذلك التاريخ بدأت المطبعة في الانتشار في ربوع العالم العربي ابتداءً بالشام ومصر، أما اليمن وبخاصة صنعاء فلم تعرف ظهور المطبعة فيها إلا في سنة 1297هـ/ 1879م[25]، وكان من أوائل ما طبعه العثمانيون فيها نشرة السالناما، كما تم طبع عدد من الأعمال العلمية بعد ذلك فيها مثل: كتاب «الكافل» في الفقه للعلامة القاضي محمد بن يحيى بهران، وكتاب «الغاية» في الأصول، للعلامة الحسين بن القاسم، وآخر في التفسير للعلامة السيد محمد بن الحسين بن القاسم[26]؛ على أن اليمن كانت قبل ذلك قد عرفت الكتب المطبوعة، حيث لاحظ كارستن نيبور خلال تجواله سنة 1177هـ/ 1763م وجود عدد من الأعمال المطبوعة باللغة العربية، والتي لم تلق استحساناً من قبل المثقفين لفصل حروفها عن بعضها البعض حال الطباعة حسب رأيه[27].
وفي هذا الإطار فقد اهتمت المؤسسات الأهلية الفردية والجماعية، وكذلك المؤسسة الحكومية بطبع عدد من الكتب خارج اليمن مثل كتاب «سبل السلام» لابن الأمير الصنعاني الذي تمت طباعته في مدينة دهلي (دلهي) الهندية سنة 1302هـ/1884م، وكتاب متن «الأزهار» للإمام المهدي أحمد بن يحيى سنة 1328هـ/ 1910م، وأعيد طبعه مع شرحه للقاضي ابن مفتاح سنة 1340هـ/ 1921م، وكتاب «نيل الأوطار» للعلامة الشوكاني الذي طبع في القاهرة سنة 1347هـ/ 1928م، وفي سنة 1348هـ/ 1929م تمت طباعة العديد من الكتب منها: كتاب «البدر الطالع» للشوكاني، وتراجم السيد محمد زبارة، وكتاب «الروض النظير» للقاضي أحمد السياغي، وكتاب «البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار» للإمام المهدي أحمد بن يحيى[28].
كما تم طبع وإصدار صحيفة «الإيمان» سنة 1345هـ/ 1926م، لتكون أول صحيفة يمنية تعبِّر عن حال الدولة، وتعكس توجهها بشكل عام، وهي في ذلك شبيهة بصحيفة «الوقائع المصرية» التي صدرت في عهد محمد علي باشا سنة 1244هـ/ 1828م، وقد تطورت الصحيفة التي رأس تحريرها كل من القاضي عبد الكريم مطهر، ثم السيد عبد الكريم الأمير، لتصبح جريدة يومية بعد أن كانت في بداياتها شهرية، وكانت تقدم عرضاً تاريخيًّا مسلسلاً للأحداث السياسية الرئيسة والفرعية، الداخلية منها والخارجية حتى توقفها الأول سنة 1367هـ/ 1948م، كما تم إصدار مجلة الحكمة الشهرية برئاسة السيد أحمد الوريث في الفترة ذاتها لتعبر عن حال الثقافة والمثقفين[29].
المثاقفة
وفي جانب آخر من جوانب الحركة الثقافية فقد حرصت دولة الأئمة وفي مختلف عهودها بشكل عام على تفعيل ما يعرف بالتلاقي المعرفي، والحوار الثقافي المتبادل الذي تشكِّل نتيجته ما يطلق عليه حاليًّا باسم المثاقفة الدال على سريان الحياة داخل المنظومة الفكرية بوجه خاص، واعتماداً على ذلك فقد حرص الإمام شرف الدين بداية على تفعيل التلاقي المعرفي، ومد جسور المثاقفة بين مختلف الفرق الإسلامية، وتمثل ذلك في تكليفه للعالم القاضي محمد بن يحيى بهران بالموائمة بين تفسير الكشاف لجار الله عمر الزمخشري المعتمد لدى الفرق العدلية، وتفسير ابن كثير الذائع الصيت، وكان الاحتفال بالانتهاء منه سنة 945هـ/ 1538م بحضور الإمام والعلماء في حفل بهيج، ضربت فيه الطبول، واصطفت فيه الجنود، وقرأت فيه خطبة الكتاب، وجزءاً منه[30].
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل إن عدداً من العلماء المتميزين بآرائهم العلمية المخالفة لما هو سائد في حينه قد تبوَّؤوا عدداً من المناصب الرسمية العالية في الدولة كالقاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني، وتمتعوا بصيت علمي فائق كالسيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير، والسيد العلامة الحسن الجلال، والقاضي العلامة صالح المقبلي وغيرهم؛ كما لم تعمد الدولة بعد ذلك إلى إقصاء نتاجهم المعرفي حال انتشار الطباعة، فقامت بطباعة أبرز أعمالهم العلمية ككتاب «نيل الأوطار» وكتاب «الدرر المضيئة» وكتاب «البدر الطالع» للشوكاني، وكتاب «العلم الشامخ» للمقبلي، وكتاب «ضوء النهار» للجلال، وكتاب «سبل السلام» لابن الأمير[31].
وفي الإطار نفسه، فقد حافظت المنظومة الفكرية لدولة الأئمة على الكتب التاريخية المخالفة لها والمناصرة للدولة العثمانية باعتبار أنها دولة الحق، وأن ما عارضها يكون في مضمار الباطل، إذ حافظت مكتبة الجامع على تاريخ العيدروس الموسوم بـ«النور السافر في أخبار القرن العاشر»، وتاريخ الموزعي الموسوم بـ«الإحسان في دخول اليمن تحت راية آل عثمان»، وغيرهما[32].
المجالس الثقافية
واهتمت دولة الأئمة إجمالاً بتفعيل المجالس الثقافية حيث تميَّز عهد الإمام شرف الدين بداية بتعدد المجالس العلمية، ومن ذلك ما ذكره مؤلف كتاب مكنون السر القاضي العلامة محمد بن يحيى المقراني المعاصر للإمام شرف الدين، من أنه أخذ في قراءة كتابه «الوابل المغزار المطعم لأثمار الأزهار» وهو شرح كتاب «الأثمار» للإمام شرف الدين بحضور نخبة من العلماء المصاحبين للإمام من أمثال: الفقيه يحيى بن محمد بن حرمل المتوفى سنة 941هـ/ 1534م بوباء الطاعون، والسيد أحمد ابن الإمام عز الدين بن الحسن المتوفى بوباء الطاعون في السنة نفسها، والقاضي محمد بن يحيى بهران المتوفى سنة 957هـ/ 1550م، والقاضي علي بن أحمد حابس، وغيرهم[33].
كما أشار المقراني في كتابه آنف الذكر أيضاً إلى أن السيد العلامة علي بن الإمام شرف الدين قد أحال حصن ذي مرمر الواقع في الشمال الشرقي من مدينة صنعاء إلى مركز علمي رائد، بجمعه لكثير من مشائخ العلم في جميع الفنون، ووصلهم بالعطايا المحفزة، وفي حينه قام بالرواية لهم، والرواية عنهم، واستجاز وأجاز في جميع العلوم ومن كثير من العلماء، مما أدى إلى تفاعل منهج النقاش في جميع أنواع العلوم، وازدهار حركة التأليف واقتناء الكتب، بحيث تكوَّنت بالحصن مكتبة واسعة الأجناس المعرفية[34].
تجدر الإشارة إلى أن عقد مثل هذه المجالس العلمية والأدبية لم يكن حكراً على عهد دون آخر، بل كان ديدن مختلف تلك العهود، لكون الأئمة أولاً على درجة عالية من العلم المعرفي، مما حفَّزهم لعقد مثل هذه المدارسات للإفادة والاستفادة؛ ومن ذلك ما كان على عهد الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم الذي ضم مجلسه إضافة إلى علماء الزيدية علماء الشافعية والمالكية؛ وما كان كذلك على عهد أخيه الإمام المتوكل على الله إسماعيل الذي قرَّب العلماء منه، وعمل على استقطاب بعض منهم من أمثال الطبيب الفارسي محمد بن صالح الجيلاني ذائع الصيت في وقته[35]، كما حرص على عقد المجالس العلمية معهم من جانب، وبينهم وبين العلماء الزيديين من جانب آخر، ومن ذلك ما حدث من حوار بين العالم الحنفي الشيخ جعفر الواعظ والعالم الزيدي القاضي أحمد بن صالح بن أبي الرجال حول مسألة الرجاء والشفاعة[36].
على أن هذه المجالس لم تكن مقصورة على أوقات الدعة والسلم، بل كانت صفة لازمة للأئمة والعلماء في كل وقت وحين، ومن ذلك ما أورده المؤرخ محمد زبارة في حوادث سنة 1306هـ/ 1888م من رسالة العلامة القاضي محمد بن عبدالملك الآنسي الشعرية إلى العلماء والأدباء المتضمنة السؤال في تفضيل رؤية الزهر على الخضرة أو العكس، معللاً ذلك بقوله:
«.. حررت سؤالاً أدبيًّا لقصد مفاكهة الإخوان، ورياضة الأذهان، ليعلم الجهول حين يقف على الجواب أن في الزوايا خبايا، وفي الرجال بقايا، وأن محل الأدب قشيب، وغصن روضه رطيب».
وقد تفاعل مع قصيدته عدد من العلماء والأدباء منهم: القاضي العلامة أحمد الجنداري، والفقيه أحمد رزق السياني، والسيد محمد بن إسماعيل الكبسي، والإمام المنصور بالله محمد بن يحيى، وولده الإمام يحيى وغيرهم[37].
كما لم تكن حكراً على الأئمة وحسب، ولم تكن مقصورة على الجوانب الشرعية فقط كما مرَّ آنفاً، بل كانت صفة لازمة لمختلف المدن العلمية البارزة كزبيد، وتعز، وتريم، وكوكبان، وصعدة وغيرها، وللكثير من البيوتات العلمية المشهورة، وشملت أبعادها المجالات الأدبية المتنوعة، ومن أبرز هذه المجالس الأهلية، إن جاز القول، مجلس الأديب السيد علي بن حسن الحوثي المتوفى سنة 1190هـ/ 1776م الذي خصص غرفة عالية في منزله أسماها «سمرقند» ليجتمع فيها مع الأدباء، وليتجاذب معهم عذب القصائد، والتي جمعها بعدئذ في كتاب أسماه «عصارة القند ونفحة الورد فيما قيل في سمرقند»[38]؛ ومنها أيضاً مجلس الأديب العلامة القاضي يحيى مطهر المتوفى سنة 1268هـ/ 1851م، وغيرهما.
كما تجاوزت حالة هذه المدارسات الأدبية والثقافية أفنية الدور ومقاعدها لتحلق في مدارات الأسواق والحوانيت كما هو الحال في حانوت الأديب إبراهيم بن أحمد اليافعي[39]، ولتتنقل بمواضيعها ومباحثها في مختلف المجالس الثنائية وما زاد عنها، بالصورة التي أصبحت تمثل سمة من سمات المجتمع الثقافي اليمني بمختلف صوره الدينية والأدبية، وفئاته الاجتماعية والاقتصادية[40]؛ ولتخوض في الكثير من الجوانب السياسية والاقتصادية، كالسجال الأدبي الذي احتدم بين أدباء اليمن إبان الحرب العالمية الثانية كما وضَّح ذلك من رسالة الأديب الشاعر القاضي محمد محمود الزبيري لصديقه القاضي محمد عبد الله العمري، إضافة السجال المحتدم حول الجوانب الفنية المتعلقة بالمقارنة بين الشعر والنثر والتي كانت تدور رحاها في مجلس الأمير أحمد حميد الدين بتعز[41].
ﷺ الخاتمة
وهكذا فقد اهتمَّت دولة الأئمة في اليمن بتطوير وتنمية الحركة الثقافية التي تعبِّر عن هويتها بدءاً، وتعكس إجمالاً حالة التطور الفكري الضارب بجذوره إلى فترات زمنية بعيدة، والممتد بإشعاعه إلى أفاق كونية واسعة. والله الموفق.
[1] كاتب سعودي وباحث في الشؤون التاريخية.
[2] إسماعيل الأكوع، أئمة العلم المجتهدون في اليمن، ط1(عمّان: دار البشير، 2002م) 10.
[3] للرجوع إلى تاريخ دولة الأئمة السياسي يمكن الرجوع إلى العديد من المصادر والسير الذاتية التي حُقِّق بعض منها، والعديد من المراجع، ومن ذلك: يحيى بن الحسين، غاية الأماني في أخبار القطر اليماني، تحقيق: سعيد عاشور، مراجعة محمد زيادة (القاهرة: دار الكتاب العربي، 1968م) جزأين؛ وحول مختلف الإسهامات الفكرية للأئمة الزيدية وغيرهم من حكام اليمن، يمكن الرجوع إلى: عبد الله الحبشي، مصادر الفكر الإسلامي في اليمن (بيروت: المكتبة العصرية، 1988م)، وحول ثورة الدستور يمكن الرجوع إلى: أحمد محمد الشامي، رياح التغيير في اليمن (جدة: المطبعة العربية، 1984م).
[4] عبد الله البردوني، الثقافة والثورة في اليمن، (د.م: د.ن، 1992م) 110، 111.
[5] إسماعيل الأكوع، المدارس الإسلامية في اليمن، ط2 (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1986م) 360 - 394؛ وبالنسبة للهجر العلمية فيمكن العودة إلى: إسماعيل الأكوع، هجر العلم ومعاقله في اليمن، ط1 (بيروت ودمشق: دار الفكر المعاصر ودار الفكر، 1995م) خمسة أجزاء.
[6] من ذلك ما حدث بين الإمام عبد الله بن حمزة وفرقة المطرفية، وكذلك ما حدث للعلامة السيد محمد بن إبراهيم الوزير، والعلامة السيد محمد بن إسماعيل الأمير، والعلامة الشيخ صالح المقبلي، والعلامة السيد الحسن الجلال، والعلامة القاضي محمد بن علي الشوكاني، ومعاصره العلامة القاضي يحيى السماوي، وغيرهم من بعض المضايقات والخصومات العلمية.
[7] أشار إلى ذلك عدد من مثقفي ثورة 26 سبتمبر، ومنهم القاضي إسماعيل الأكوع الذي نص في كتابه هجر اليمن على: «أن الجهل الذي كان سائداً بين القبائل (بحسب رأيه) وهم السواد الأعظم في اليمن، هو من صنع الحكم الإمامي، وقد وضع وفق خطة مدروسة ليبقى الشعب جاهلاً فلا يعرف شيئاً في الوجود غير حكم الأئمة ووجوب طاعتهم ديناً وعقيدةً... فلهذا فقد حرص الأئمة على احتكار العلم في أسرهم وفيمن يليهم، ثم فيمن يليهم من الأسر العلوية، لتكون المناصب العليا في الدولة حكراً عليهم وحدهم» انظر: الأكوع، هجر العلم، سبق ذكره، ج3، 1668، 1669.
[8] انظر في ذلك: يحيى محمد المقراني، مكنون السر في تحرير نحارير السر، تحقيق: زيد الوزير، ط1 (د.م: مركز التراث والبحوث اليمني، 2002م)؛ الحبشي، مصادر الفكر الإسلامي في اليمن، سبق ذكره؛ حسين العمري، مصادر التراث اليمني في المتحف البريطاني، (دمشق: دار المختار للطباعة والنشر، 1980م)؛ عبد السلام الوجيه، أعلام المؤلفين الزيديين، ط1 (عمّان: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، 1999م).
[9] الحبشي، سبق ذكره، 655 - 659؛ الوجيه، سبق ذكره، 1134 - 1136.
[10] الأكوع، المدارس الإسلامية، مرجع سابق، 360 - 370.
[11] الأكوع، المدارس الإسلامية، مرجع سابق، 371.
[12] المرجع السابق، 371.
[13] نفسه، 373 - 393.
[14] حياة البسام، الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم في اليمن، ط1 (جدة: الدار السعودية للنشر والتوزيع، 1986م) 27، 139، 140.
[15] سلوى الغالبي، الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم ودوره في توحيد اليمن، ط1 (د.م: د.ن، 1991م) 53.
[16] الأكوع، المدارس الإسلامية، سبق ذكره، 402، 403.
[17] المرجع السابق، 400 - 434، البردوني، مرجع سابق، 417 - 424.
[18] البردوني، مرجع سابق، 114.
[19] عبد السلام الوجيه، مصادر التراث في المكتبات الخاصة في اليمن، ط1 (عمّان: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، 2002م) ج1، 16؛ وانظر: الحبشي، مصادر الفكر الإسلامي في اليمن، مرجع سابق؛ العمري، مصادر التراث اليمني في المتحف البريطاني، مرجع سابق.
[20] الوجيه، مصادر التراث، المرجع السابق، 27.
[21] البردوني مرجع سابق، 441.
[22] برينكلي ميسك، الثقافة المطبوعة في اليمن «رؤية أنثروبولوجية»، في مجلة البحرين الثقافية (المجلد 9، العدد 32، 2002م) 170، 171.
[23] المرجع السابق، 171، 172.
[24] سهيل صابان، إبراهيم متفرقة وجهوده في إنشاء المطبعة العربية ومطبوعاتها، مراجعة: عباس طاشكندي (الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية السلسلة الثانية (23)، 1416هـ = 1995م) 25.
[25] يحيى محمود بن جنيد، الطباعة في شبه الجزيرة العربية في القرن التاسع عشر الميلادي 1297 - 1317هـ، ط1 (الرياض: دار أجا، 1998م) 21.
[26] ميسك، مرجع سابق، 166 (حاشية)، الأكوع، المدارس الإسلامية، سبق ذكره، 288، 289.
[27] ميسك، المرجع السابق، 164.
[28] المرجع السابق، 180.
[29] ميسك، مرجع سابق، 168؛ البردوني، مرجع سابق، 112، 117، 118، 131؛ كما يمكن مراجعة بحث أوبرماير فيما يتعلق بتطور جريدة الإيمان وطبيعة موضوعاتها المنشورة: جيرالد أوبرماير، جريدة الإيمان والإمام يحيى: العقيدة والدولة في اليمن (1900 - 1948م)، في الحياة الفكرية في المشرق العربي 1890 - 1939م، مجموعة مؤلفين، ط1 (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1983م) 197 - 211.
[30] محمد بن إبراهيم شرف الدين، السلوك الذهبية في خلاصة السيرة المتوكلية، تحقيق: زيد علي الفضيل، رسالة ماجستير، جامعة الملك سعود، الرياض، (1418هـ)، غير منشورة، أحداث سنة 945هـ.
[31] البردوني، مرجع سابق، 114.
[32] المرجع السابق، 443.
[33] المقراني، مصدر سابق، 93.
[34] المصدر السابق، 145، 150.
[35] المرجع السابق، 152.
[36] المرجع نفسه، 151.
[37] محمد محمد زبارة، أئمة اليمن بالقرن الرابع عشر الهجري ووفيات أعلام أعوامهم إلى سنة 1375هـ، ([د.م]: الدار اليمنية للنشر والتوزيع، 1984م) 124 - 134.
[38] عبد الله الحبشي، الأدب اليمني عصر خروج الأتراك الأول من اليمن 1045 - 1289هـ، ط1 (صنعاء: الدار اليمنية للنشر والتوزيع، 1986م) 127.
[39] الحبشي، الأدب اليمني، مرجع سابق، 130.
[40] المرجع السابق، 135.
[41] حسين العمري، يمانيات في التاريخ والثقافة والسياسة الجزء الثاني، ط1(دمشق: دار الفكر، 2000م) 36، 38؛ البردوني، مرجع سابق، 113.