مؤتمر هلسنكي
الأطباء في مواجهة الخطر النووي
كان شبح الحرب النووية يؤرق الكثيرين أيام الحرب الباردة بين البلدين النوويتين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، وهم معذورون في خوفهم؛ فالعالم شاهد وسمع ما حل بهيروشيما وناجازاكي في أغسطس عام 1945م أيام الحرب العالمية الثانية نتيجة استخدام السلاح النووي، دمار لا يفرِّق بين صغير وكبير، ذكر أو أنثى، حي أو جماد، دمار كفيل بأن يقضي على مدينة بالذي فيها وبما فيها، وهناك من وصل به التشاؤم أن يتصور أن تكون نهاية هذا العالم إثر حروب نووية بين الدول، فهذا الروائي الإنجليزي الشهير «نيفيل شوت» (Nevil Shute) في رائعته «على الشاطئ» (On the Beach) يصور تلك النهاية المأساوية للعالم وموت الحياة فيه نتيجة لحرب نووية.
وفي هذه الأيام، لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع فيه الأخبار المتعلقة بالطاقة النووية والأسلحة النووية، سمعنا وشاهدنا كيف تصدّر عناوين الصحف والأخبار خبر التجربة النووية الناجحة التي قامت بها كوريا الشمالية، ومن جهة أخرى يتكرر الحديث حول برنامج إيران النووي، وهذه إسرائيل تدعو وتحث العالم على الوقوف ضد برنامج إيران النووي مهما كانت أغراضه متناسية ما يقرب من مائتي رأس نووي تحفل بها ترسانتها العسكرية، ومتناسية أيضاً استخدامها للقنابل العنقودية لتنفيذ أبشع جرائمها في لبنان 2006م.
وطوال هذه السنين التي شغلت أذهان الناس كانت شريحة الأطباء ضمن أكبر الشرائح التي حملت هم الخطر النووي، وفي ديسمبر عام 1980م أثمرت المراسلات بين الطبيبين الأمريكي برنارد لون (Bernard Lown) والسوفييتي إفغويني شازوف (Evgueni Chazov) إبان الحرب الباردة بين بلديهما النوويتين عن تكوين النواة الأولى لمنظمة سميت «الأطباء العالميين لوقاية العالم من الحرب النووية» (International Physicians for the Prevention of Nuclear War) وتكتب اختصاراً IPPNW، وقد حازت هذه المنظمة على جائزة نوبل للسلام عام 1985م وبلغ عدد المنتسبين إليها بعد عشر سنوات من تأسيسها حوالي 200 ألف شخص من أكثر من 60 دولة حول العالم، ولهذه المنظمة الكثير من النشاطات العالمية التي تُعنى بالعمل ضد وجود الأسلحة النووية في العالم وتثقيف الناس عن الخطر النووي.
ينعقد المؤتمر العالمي لمنطمة IPPNW كل عامين، وقد انعقد في بداية سبتمبر 2006م في هلسنكي عاصمة فنلنده، تلك المدينة الجميلة المطلة على بحر البلطيق، وقد استمع المشاركون في هذا المؤتمر إلى آراء الخبراء في هذا المجال، وبلغ عدد المشاركين حوالي 500 شخصية طبية وناشطي سلام وخبراء في مجال الطاقة النووية، تناول المؤتمر بالبحث ثلاثة محاور وتخلله الكثير من ورش العمل الصغيرة واللقاءات الجانبية.
المحور الأول: القضاء على الأسلحة النووية
في الحفل الافتتاحي للمؤتمر قال الدكتور رونالد ماكوي (Ronald McCoy) مساعد رئيس منظمة IPPNW: إن الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس بوش هي السبب في إنهيار معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية على حد تعبيره، فقد رفضت الإدارة الأمريكية الالتزام بالمادة السادسة من المعاهدة والتي تلزم الدول النووية بالتخلص من المخزون الاحتياطي من الأسلحة النووية، كما رفضت الإدارة الأمريكية أن تحال هذه القضية للقانون الدولي في الوقت الذي تطالب فيه بإنزال أشد العقوبات على الدول المخالفة لأنظمة معاهدة حظر الانتشار.
وقد نقل الدكتور ماكوي رؤية منظمة IPPNW والكثير من المنظمات الدولية أمثال منظمة عمداء السلام (Mayors of Peace) ومنظمة الشبكة البرلمانية لنزع السلاح النووي (Parliamentary Network for Nuclear Disarment) في مسألة الأسلحة النووية وضرورة نزع السلاح النووي من جميع الدول النووية وعدم الاكتفاء بالحد من انتشار الأسلحة النووية. فالقضاء على الأسلحة النووية ليس شيئاً مستحيلاً، فهو لن يكون أصعب من وضع حد للعنصرية أو إصدار قانون لمنع الإجهاض وذلك لأن غالبية الناس تؤيد نزع السلاح النووي، كما صرح بذلك الياباني تاداتوشي أكيبا عمدة مدينة هيروشيما المدينة التي ضربت بالقنبلة النووية الأولى عام 1945م في الحرب العالمية الثانية.
وفي عام 1997م قامت منظمة IPPNW مع 2000 منظمة عالمية ومحلية بتقديم وثيقة للأمم المتحدة للعمل على نزع السلاح النووي، وفي هذا المجال أعلنت IPPNW هذا العام عن تدشينها للحملة العالمية للقضاء على السلاح النووي (International Campaign to Abolish Nuclear Weapons) واختصاراً (ICAN) واضعة نصب أعينها أن يكون العالم خالياً من السلاح النووي بحلول عام 2027م كما قال الدكتور بيل وليامز (Bill Williams) في محاضرته «التحديات الجديدة في القضاء على السلاح النووي».
المحور الثاني: الأسلحة الخفيفة وآثار الصراعات على الوضع الصحي العام
بالرغم من انخفاض عدد الإصابات في العالم الناتجة من استخدام الأسلحة النارية إذا ما قورنت بتلك المستويات أيام الحرب العالمية الثانية وما تبعها إلى نهاية الحرب الباردة، تظل مشاكل الصراعات المحلية والإقليمية مصدراً للإعاقات الجسدية ولحصد أرواح الآلاف من البشر كل عام، وقد وصف الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان الأسلحة الخفيفة بأنها أسلحة دمار شامل بالحركة البطيئة، وقد اهتم المسؤولون في شؤون الصحة العالمية بالبحث عن حلول لهذه المشكلة من جذورها وذلك بالبحث عن مصدر توريد الأسلحة للمجرمين وللفصائل المتناحرة في العالم وسبل سد الطرق أمام المتاجرين بالأسلحة النارية.
وبسبب هذا التأثير الكبير الذي تقوم به الصراعات بالأسلحة النارية على الوضع الصحي العالمي العام توسعت اهتمامات منظمة IPPNW لتشمل أيضاً الأسلحة الخفيفة وغير النووية وهي المشكلة الرئيسة في نصف الكرة الجنوبي خاصة في دول جنوب القارة الأفريقية ففي 2 أكتوبر 2006م نشرت منظمة العفو الدولية بالتعاون مع منظمتي INASA و Oxfam تقريراً جاء فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا مسؤولة عن حوالي 82% من صفقات التجارة بالأسلحة غير المنظمة وأن حوالي 300 ألف شخص يقتلون سنويًّا بالأسلحة النارية الخفيفة، ما يعني أن كارثة هيروشيما وناجازاكي تتكرر كل عام بصورة مختلفة في أماكن متفرقة.
وتبقى هذه المسألة معقدة إذا ما علمنا أن أقوى الحكومات في العالم تقف وراء قضية المتاجرة بالأسلحة، فهي كما عبّر عنها الفيلم الأمريكي «سيد الحروب Lord of War» تسلك طريقين: الأول هي الصفقات التي تجري في العلن على مرأى ومسمع من العالم، والثاني بشكل غير مباشر عن طريق غض النظر عن التجار غير الرسميين الذين يمدون الصراعات المحلية والإقليمية بالوقود والتي من غير المناسب سياسيًّا أن تقوم الحكومات بصفقاتها رسميًّا، فتزهق آلاف الأرواح وتضيع الأموال لأسباب سياسية قذرة.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور الكيني والتر أودهيامبو أن تكلفة علاج شخص مصاب بعيار ناري في مستشفى نيروبي الجامعي في كينيا تعادل تكلفة التعليم الابتدائي لمائة طفل كيني في عام واحد أو تكلفة تطعيم 250 طفل كيني ضد أمراض السل والتهاب السحايا والكبد الوبائي.
المحور الثالث: أمن الطاقة
عام 2003م، صدرت دراسة عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ذي الشهرة العالمية عن مستقبل الطاقة النووية خلاصته أن 90% من المبالغ المخصصة لبحوث الطاقة في العالم تصرف على بحوث الطاقة النووية والناتج أن معدل استهلاك الطاقة النووية يبلغ 2.5% فقط من مجموع الطاقات المستهلكة، كما تحدث بذلك البرلماني الألماني ونائب رئيس منظمة يوروسولار (Eurosolar) هانس جوزيف فل (Hans-Josef Fell)، ويضيف قائلاً: إن مخزون اليورانيوم في العالم يكفي فقط لمدة 80 عاماً من الاستهلاك قياساً على معدل استهلاك المفاعلات النووية البالغ 441 في العالم اليوم.
لذلك يرى الكثير من نشطاء السلام ضرورة العمل على منع استخدام الطاقة النووية، هذا بالإضافة إلى أنها مصدر خطر على حياة وصحة الإنسان إذ إن كل مفاعل نووي له القدرة على إنتاج سلاح نووي، فدول تمتلك الطاقة النووية مثل اليابان أو كندا لها القدرة على إنتاج السلاح النووي في مدة زمنية قصيرة، كما أن المخلفات الإشعاعية الناتجة من هذه المفاعلات يمكن استخدامها في إنتاج الأسلحة الكيماوية.
ولايزال الخطر قائماً مادامت المفاعلات النووية تواصل عملها، فأي حادثة في هذه المفاعلات قد تؤدي إلى كوارث إنسانية مأساوية مثل ما حدث في تشرنوبل عام 1986م وما كاد أن يحدث في يوليو 2006م في مفاعل فورسمارك بالسويد نتيجة عطل في التيار الكهربائي.
ويواصل البرلماني الألماني حديثه عن تجربة بلاده الرائدة في إيجاد بديل للطاقة النووية تكون أكثر أمناً وأطول عمراً تعتمد على تطوير استخدام الطاقة الشمسية وسبل الاستفادة منها بشكل أكبر وبطرق حديثة تفوق الطرق التقليدية.
عشرون عاماً هي المدة التي تفصلنا عن عام 2027م، العام الذي افترضت فيه الحملة العالمية للقضاء على السلاح النووي أن يكون نهاية لوجود السلاح النووي، فيا ترى هل ستستطيع الحملة أن تنهي الوجود النووي وتثمر جهودها في أن ينزع السلاح النووي من جميع الدول النووية بلا استثناء؟ ويبقى السؤال قائماً هل للدول حقوق في أن تستخدم الطاقة النووية في الأغراض السلمية على أن تتحمل هي نتائج أخطارها ولا تعرّض دولة أخرى لمخاطر هذا الاستخدام؟ وإذا كان الجواب نعم فهل هذه الحقوق حكر لبعض الدول ومن والاها دون بقية العالم؟
ملتقى: «الثقافة العربية
في العصر الرقمي»
بالتعاون مع اتحاد كتاب الإنترنت وجامعة الدول العربية والإيسيسكو والجمعية اللبنانية لتكنولوجيا المعلومات، نظمت وزارة الثقافة الأردنية الملتقى الثالث عشر «الثقافة العربية في العصر الرقمي»، وذلك في عمان بين 17-18 نيسان (أبريل) 2007م.
في الجلسة الافتتاحية أشار وزير الثقافة الأردني إلى أن الثقافة الرقمية أصبحت اليوم واقعاً معاشاً لها تأثيرها في الأمم والشعوب، تأثير تجاوز المؤسسات التعليمية، وهذا يتطلب الاهتمام بهذه الثقافة لخدمة حوار الثقافات. وفي كلمته أشار ممثل أمين عام الجامعة العربية د. محمد الدالي إلى ما تعانيه الثقافة العربية من هجوم شرس يهدد هويتها، وهذا يفرض ضرورة الاستفادة من ثورة وسائل الاتصال والمعلومات، لتصحيح الصورة المزيفة عن الثقافة العربية.
كذلك تحدث في الجلسة الافتتاحية كل من الدكتور مصطفى علي ممثل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة عن جهود المنظمة في تجسير الهوة بين الثقافات، وتفعيل التواصل والحوار بينها. والدكتور يوسف نصير ممثل اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا). أما الدكتورة منى الأشقر عن الجمعية اللبنانية لتكنولوجيا المعلومات فقد حذرت من التحديات الخطيرة التي تواجه الثقافة العربية في الوقت الراهن.
انطلقت بعد ذلك أعمال الملتقى بافتتاح معرض منشورات وزارة الثقافة الأردنية، ثم بدأت أعمال الجلسة الأولى لمناقشة محور: المكونات الثقافية وتكنولوجيا المعلومات: البعد التنموي، حيث قدم د. مصطفى علي ورقة بعنوان: «التنوع الثقافي والصناعات الثقافية في ظل تطور تكنولوجيا المعلومات» أكد فيها تنامي الوعي لدى الحكومات والمنظمات المدنية بالأخطار التي تواجه الهوية الثقافية العربية في العصر الرقمي، كما استعرض المقترحات المقدمة للحفاظ على التنوع الثقافي دون المساس بالثوابت.
أما الدكتور هشام غصيب (من الأردن) فقد قدم ورقة بعنوان: «تملك الحداثة» عرَّف فيها مفهوم الحداثة من خلال تتبع التاريخ الأوروبي والأمريكي، معتبراً العصر الرقمي أحد تجليات الحداثة. أما بالنسبة للخطاب العربي فاعتبره لايزال في مستوى ما قبل العلمي، داعياً إلى مواجهة هذا الواقع لدخول العصر الرقمي.
من جهته قدم الشاعر التونسي د. محجوب المعياري ورقة بعنوان: «تجربة اتحاد كتاب الإنترنت العرب أنموذجاً» فأشار إلى الأسباب التي دعت إلى تأسيس هذا الاتحاد، والإمكانات التي يتيحها العصر الرقمي للإبداع المكتوب، وما يقدمه الاتحاد من فرص للتعريف بالإبداع الشخصي وتبادل الآراء والتحاور بين الكُتَّاب والقُرَّاء مما ينعكس إيجاباً على نشر الثقافة العربية.
عقدت الجلسة الثانية لمتابعة مناقشة المحور الأول، وقد تحدث فيها الناقد المغربي سعيد يقطين (جامعة محمد الخامس) عن «الأدب في العصرالرقمي» حيث أشار إلى الاضطراب والارتباك الذي يتحكم في رؤيتنا للأدب الرقمي وذلك بسبب غياب مراكز التوجيه، بالإضافة إلى تعاطينا مع الثقافة الرقمية بالذهنية التقليدية نفسها، مؤكداً ضرورة الوعي بأهمية الوسيط الرقمي كي نتفاعل مع الأدب الرقمي الذي جاء نتيجة تطور كبير عرفته البشرية.
الورقة الثانية في هذه الجلسة قدمها رئيس اتحاد كتاب الإنترنت محمد سناجلة عن «الواقعية الرقمية: أدب المستقبل» الذي تحدث عن مظاهر ومدلولات هذه الواقعية الرقمية. أما الفنان العراقي أسامة بدر محمد فقدم نماذج للوحات رقمية أنتجت بتقنيات رقمية، كما شرح كيفية رسم الصور الرقمية.
الجلسة الثالثة والأخيرة في هذا اليوم ناقشت محور «تكنولوجيا المعلومات والثقافة القانونية» شاركت فيها د. منى الأشقر جبور بورقة تحت عنوان «القانون وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات»، ود. ذياب البداينة بورقة عن «أمن المعلومات في العصر الرقمي»، ود. خليل خير الله من لبنان عن «الحماية القانونية لمستخدمي الإنترنت» ود. فريد جبور (لبنان) «مكافحة جرائم المعلوماتية عامة وفي العالم العربي خاصة».
في اليوم الثاني استمرت فعاليات الملتقى بثلاثة جلسات، الأولى ناقشت محور: دور وسائل الاتصال الجماهيري في التنمية الثقافية. وقد تحدث فيها د. إدمون صعب (لبنان) عن «ثورة المعرفة والتربية على الإعلام» فأشار إلى الغموض الذي يكتنف الرسالة الإعلامية واختلاط الجودة بالرداءة، كما أشار إلى أهمية تأهيل الإعلاميين.
د. عبير سلامة من مصر قدمت ورقة بعنوان «تواصلية الأدب عبر الإنترنت وبلاغته الصديقة» أشارت فيها إلى الإمكانات التي تتيحها الإنترنت مثل إتاحتها الفرصة لكل مستخدم أن يصبح كاتباً والتمكن من النشر، وهذا يتيح للإنسانية الحفاظ على تراثها المستقبلي.
كذلك شارك في هذه الجلسة د. صالح أبو أصبع من الأردن بورقة تحت عنوان «مستقبل الإعلام في العصر الرقمي».
الجلسة الثانية ناقشت محور: دور وسائل الاتصال الجماهيري في التنمية الثقافية، وشارك فيها د. تيسير أبو عرجة (رئيس قسم الصحافة والإعلام في جامعة البتراء - الأردن) بورقة عن «صناعة الإعلام والتغيرات التي فرضها التطور التكنولوجي» أشار فيها إلى حجم المتغيرات التي عرفتها صناعة الإعلام ما تطلب تأهيلاً مستمراً للإعلاميين والفنيين، كما حذَّر من انفلات الإعلام الفضائي وما تعانيه اللغة الفصحى في هذا الإعلام.
أما د. هناء الحداد (لبنان) فقد شاركت بورقة تحت عنوان «مجتمع المعلومات واقتصاد المعرفة في المجال الثقافي» أشارت فيها إلى التطبيقات العامة لتقنية المعلومات في المجتمع المدني، والاحتياجات المتزايدة لبنوك المعلومات الحالية. كما شارك د. هيثم الزبيدي (رئيس تحرير موقع ميدل إيست أونلاين) من العراق بورقة عن «الإعلام الإلكتروني».
الجلسة الثالثة ناقشت محور: المحتوى الرقمي العربي، وقدم د. نبيل علي ورقة بعنوان «صناعة المحتوى العربي: رؤية ثقافية»، والدكتور منصور فرح «الفجوة الرقمية وتطور اللغة العربية»، ود. محمد مرياتي «المعجم الحاسوبي العربي».
وفي اليوم الثالث وبعد انتهاء فعاليات الملتقى أصدر المشاركون توصيات نذكر منها:
- دعوة المؤسسات المعنية بالحراك الثقافي في العالم العربي إلى التعاون فيما بينها في مجال نشر ثقافة المعلوماتية.
- الدعوة إلى عقد اجتماع للخبراء العاملين في المجالات الثقافية والتقنية في الدول العربية لوضع الخطط الاستراتيجية في مجال الثقافة العربية والعصر الرقمي.
- دعوة المؤسسات التربوية والعلمية والثقافية العربية إلى حوسبة التراث العربي والإسلامي وجعله في متناول الباحثين والدارسين والانطلاق قدماً في تطوير مدخلات هذا التراث ليواكب التطور التقني ويلبي الاحتياجات الراهنة والمستقبلية.
- دعوة المؤسسات التربوية والعلمية والثقافية العربية إلى التعلم الإلكتروني وإدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البرامج التعليمية والوسائل الإعلامية والأنشطة الثقافية ومواكبة التطور العلمي على المستوى العالمي وصولاً إلى محو الأمية الرقمية.
- دعوة المؤسسات الرسمية العربية لإقامة مركز عربي متخصص بالثقافة الرقمية وتكنولوجيا المعلومات تحت اسم المركز العربي لتكنولوجيا المعلومات...
ندوة: «دور وسائل الإعلام
في بناء ثقافة السلام»
للتأكيد على أهمية ما يمكن أن تقوم به وسائل الإعلام المتعددة في نشر ثقافة السلام والتشجيع على ترسيخها، وتحويل السلام إلى واقع، نظمت جمعية «مهارات» بالتعاون مع مؤسسة فريدريتش إيبرت، ندوة في بيروت بعنوان: «دور وسائل الإعلام في بناء ثقافة السلام»، وذلك في 29 آذار (مارس) 2007م.
في الافتتاح تحدثت رلى مخايل المديرة التنفيذية لمؤسسة «مهارات» عن أهمية نشر وترسيخ ثقافة السلام خصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان. مشيرة إلى العوائق المجتمعية وكذلك بنية وسائل الإعلام في عرقلة نشر ثقافة السلام. كما أكدت أهمية دور الإعلاميين في بناء ثقافة تؤسس لمرتكزات النهوض بمقدرات لبنان والمضي به قدماً نحو مستقبل أكثر ازدهاراً.
أما سمير فرح المسؤول في مؤسسة فريدرتش فقد أكد في كلمته أن السلام يتطلب المشاركة الفعلية وتشجيع الحوار. كما أشار إلى أن ثقافة السلام إنما تقوم على احترام الإنسان وهذا يحتاج إلى التربية الحقوقية.
أما وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي فقد تحدث عن أنواع ثقافة السلام الثلاثة: ثقافة السلام مع الذات ومع العدو ومع الشريك. حيث أكد أن السلام الداخلي يحتاج إلى الحرية والواقعية والهدوء والاستقرار، أما السلام مع الشريك فيتطلب الابتعاد عن التخوين، لأن الاختلاف الموجود بين الشركاء داخل الوطن الواحد هو اختلاف على الآليات والأساليب. لذلك فالمطلوب هو الاعتراف بالآخر والتعرف على كيفية التعامل مع بعضنا بعضاً. لأنه في نظره لا يمكن بناء ثقافة سلام بين الشركاء في بلد واحد، إذا كان أي واحد منا لا يتحمل نقد الآخر ولا يمارس النقد الذاتي.
الجلسة الأولى ناقشت المحور الأول: ثقافة السلام في ضوء الواقعين المحلي والإقليمي، حيث تحدَّث د. جيروم شاهين عن المحطات البارزة في إرساء ثقافة السلام، كمرحلة ما بعد الحرب الباردة وسنة 2000م التي أعلنت عاماً للسلام، كما تحدث عن ماهية ثقافة السلام.
كذلك تحدَّث في هذه الجلسة د. جوزيف فاضل عن أسباب النزاعات والحروب وما ترتكز عليه ثقافة السلام. أما الدكتور شارل شرتوني فتساءل عن إمكانية إرساء ثقافة السلام في الواقع اللبناني. كما تحدَّث في هذه الجلسة د. سليمان تقي الدين عن الواقع الإقليمي: المصاعب والمعوقات.
الجلسة الثانية ترأسها الأستاذ عماد بشير مدير كلية الإعلام والتوثيق، وناقشت المشهد الإعلامي اللبناني، وهل هناك إمكانية للالتزام بثقافة السلام، وقد تحدث فيها د. سامي نادر عن «المشاكل البنيوية في المجتمع»، كما تحدَّث د. جان كرم عن: «المشاكل البنيوية في وسائل الإعلام».
في اليوم الثاني عقدت جلسة صباحية لمناقشة كيف تعاطت وسائل الإعلام اللبنانية وخصوصاً القنوات الفضائية، مع الحرب الصهيونية العدوانية على لبنان. حيث شارك عدد من الإعلاميين من مختلف وسائل الإعلام، وعدد من طلبة الإعلام لمناقشة هذا التعاطي وتبرير الاستقطاب والانحياز الإيديولوجي والسياسي الذي تحكم في تغطية هذه الحرب العدوانية وتفسير أسبابها وتقييم نتائجها وتداعياتها.
مؤتمر: «مشكلات العالم الإسلامي وعلاجها في ظل العولمة: الأبعاد الثقافية والاجتماعية»
بعد مناقشة الأبعاد السياسية والاقتصادية في ظل العولمة، في السنة الماضية، نظم المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف المصرية مؤتمره التاسع عشر هذه السنة بين 6-8 نيسان (أبريل) 2007م، تحت عنوان: «مشكلات العالم الإسلامي وعلاجها في ظل العولمة: الأبعاد الثقافية والاجتماعية».
شارك في المؤتمر لفيف من المفكرين والعلماء والممثلين للمنظمات الإسلامية العربية والعالمية.
في الكلمات الافتتاحية حذر الرئيس المصري حسني مبارك من الآثار السلبية للعولمة، فيما أكد شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي أهمية التقاء العلماء لمناقشة مشكلات الأمة. أما د. محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري فطالب بضرورة التشخيص الدقيق لما تعانيه الأمة من مشكلات وأزمات. فيما حذر الشيخ عبدالله السالمي في كلمة الوفود المشاركة من اليأس والإحباط الذي بدأت المجتمعات المسلمة تعاني منه.
انطلقت أعمال المؤتمر حيث نوقش خلال أربعة أيام قرابة (90) بحثاً ودراسة، فيما يلي قراءة واستعراض لبعض هذه البحوث والأوراق.
من سلطنة عمان قدم الباحث عبد الله العسيري ورقة بعنوان: «مرجعية القرآن في زمن العولمة: مشروع مقترح» أكد فيها غياب المرجعية التربوية القرآنية لدى المسلمين، لذلك لابد من إعادة الاعتبار للقرآن باعتباره المصدر التربوي الأول لاستنباط واكتشاف الفلسفة التربوية الإسلامية، وقد قدم العسيري مجموعة من الإشارات والمقترحات يقوم عليها مشروع المرجعية التربوية القرآنية.
د. فوزية العشماوي (أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة جنيف) قدمت ورقة بعنوان: «مخاطر العولمة على الهوية الثقافية: اللغة والتعليم والتاريخ»، أشارت فيها إلى حجم المخاطر التي تهدد الهوية العربية والإسلامية بعدما بدأت العولمة الاقتصادية تتحول إلى عولمة ثقافية وسياسية. وهذا ما أثار رد فعل بعض الدول الأوروبية كذلك، والتي شعرت بخطورة العولمة الثقافية الأمريكية على ثقافتها وخصوصياتها. وكذلك ما قامت به منظمة اليونيسكو التي أصدرت عدداً من الاتفاقيات مثل: اتفاقية حماية التراث غير المادي واتفاقية حماية وتدعيم تعددية التعبيرات الثقافية. وقد طالبت الباحثة بضرورة الاهتمام باللغة والدين؛ لأن ذلك من شأنه أن يقوي دعائم مواجهة العولمة الثقافية الغربية والأمريكية.
أما المستشار في دار الفتوى اللبنانية الأستاذ يحيى أحمد الكعكي، فقد تحدث عن: «مخاطر العولمة الإعلامية على الهوية الثقافية للعالم الإسلامي: التحدي والاستجابة» حيث أشار إلى ما يتعرض له الإسلام من هجوم وحملات تضليل ضخمة، خصوصاً بعد أحداث سبتمبر 2001م، منبهاً إلى خطورة ما أسماه بالاستعمار الإعلامي الذي يهدف إلى فرض نموذج ثقافي معين على جميع الشعوب، من أجل الهيمنة على ثروات الشعوب وتهميش باقي الثقافات والحضارات.
وقد قدم الباحث بعض الإحصائيات المهمة، فتيار العولمة يسيطر على 65% من التدفقات الإعلامية الحالية، وحوالي 80% من إنتاج الصور السمعية البصرية، كل ذلك في خدمة نشر القيم الغربية وفرضها على باقي الشعوب. وقد طالب الباحث بمواجهة هذه العولمة من طرف المنظمات والمؤسسات العربية الإسلامية، مثل الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والإيسيسكو.
أما الباحث الياباني أمين توكوماس (رئيس جمعية مسلمي اليابان) فقد تحدث عن «تأثير العولمة على الأسرة في اليابان» فأكد أن العولمة استطاعت أن تحطم نواة الأسرة حيث تراجعت معدلات الزواج وانخفضت نسبة المواليد، لذلك يرى الباحث أن القيم الإسلامية تستطيع أن تعالج هذه التحديات والأزمات التي بدأ المجتمع الياباني يعاني منها.
الدكتورة منال ركابي (من مصر) قدمت ورقة بعنوان: «دور المرأة المسلمة في الحركة العلمية المعاصرة» ردت فيها على التهم التي يروج لها الإعلام الغربي واتهامه الإسلام بأنه ينظر إلى المرأة بدونية، أو أن أحكامه تعيق تطور المرأة.
كما أكدت الباحثة مشاركة المرأة المسلمة في الحركة العلمية والفكرية والاقتصادية عبر التاريخ، وأنها لم تكن مهمشة بسبب التعاليم الإسلامية كما يدعي خصوم الإسلام والحضارة الإسلامية.
وقد قدمت بالإضافة إلى هذه البحوث والأوراق أوراق أخرى كثيرة، سلطت الضوء على خطورة العولمة الغربية على الهوية الإسلامية وخصوصيات الثقافة العربية والإسلامية، مع الاقتراحات لتجاوز سلبيات هذه العولمة ومخاطرها الآنية والمستقبلية.
وبعد انتهاء أعمال المؤتمر أصدر المشاركون توصيات نذكر منها:
- مطالبة الدول الإسلامية بالعمل على استصدار قرار من الأمم المتحدة يدين ازدراء الأديان وتجريم فاعلها، وأن يتحرى الإعلام الدولي المصداقية والموضوعية في عرضه لقضايا الأمة الإسلامية.
- يؤكد المؤتمر خصوصية القيم والتقاليد الإسلامية وضرورة المحافظة عليها في مواجهة تيارات العولمة وغيرها.
- إعادة النظر في الأحكام الفقهية والاجتهادية لمواجهة التطورات السياسية والثقافية والاجتماعية في العالم المعاصر.
- يرفض المؤتمر كل المحاولات الظاهرة والمستترة التي تحاول طمس الهوية الإسلامية أو استبدال غيرها بها.
- يهيب المؤتمر بالمرأة المسلمة أن تعرف ما أقرته الشريعة لها من حقوق حتى لا تكون نهباً لثقافات العولمة والتي تخرج بها عن دائرة الفضيلة في بعض الأحيان.
- يناشد المؤتمر الدول الغربية لتصويب ما ورد في المقررات الدراسية من معلومات مغلوطة عن الحضارة الإسلامية، والاستعانة بعلماء المسلمين لتحقيق ذلك.
- يدعو المؤتمر المؤسسات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني للإسهام في حل مشكلات العنوسة والبطالة ونشر ثقافة الوقاية من الأمراض الفتاكة مثل: الإيدز والاكتئاب والانتحار.
- تنشيط جهود المنظمات الإسلامية والتنسيق بين مواقفها في حل المشكلات الثقافية والاجتماعية.
كما أصدر المؤتمر توصيات عامة تتعلق ببعض القضايا السياسية التي هي محل نقاش وجدال: فقد أكد المؤتمر حق كافة الدول في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية.